أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٢٨
حكمُ آحازَ الشريرُ
أولًا. خطية آحاز وعقابه
أ ) الآيات (١-٤): آحاز يرفض الله ويتبنّى الأوثان.
١كَانَ آحَازُ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَلَمْ يَفْعَلِ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، ٢بَلْ سَارَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَعَمِلَ أَيْضًا تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً لِلْبَعْلِيمِ. ٣وَهُوَ أَوْقَدَ فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ وَأَحْرَقَ بَنِيهِ بِالنَّارِ حَسَبَ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٤وَذَبَحَ وَأَوْقَدَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ وَعَلَى التِّلاَلِ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ.
١. وَلَمْ يَفْعَلِ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: يصف هذا بإيجاز فترة حاكم ربما كان أسوأ ملوك يهوذا على الإطلاق. ففي حين أن ملوكًا كثيرين قصّروا في ناحية أو أخرى، يقال عن آحاز هذا إنه لَمْ يَفْعَلِ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ.
٢. كَدَاوُدَ أَبِيهِ: عرف آحاز عن أمثلة صالحة كثيرة، سواء أكان ذلك بشكل مباشر في أبيه، يوثام، أم من التاريخ في سلفه داود. لكنه رفض هذه الأمثلة الصالحة، وسار في طريقه الخاص.
٣. سَارَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ: لم يرفض آحاز تراث داود التقي فحسب، لكنه تبنّى أيضًا الطرق التي سار فيها ملوك إسرائيل الشمالية. وكان في يهوذا خليط من الملوك الأتقياء والأشرار. وقد اتّبع آحاز نموذج الملوك الأشرار.
• “هذه هي أول حالة تتمثل فيها يهوذا بارتداد إسرائيل.” وايزمان (Wiseman)
• تتضمن ميخا ٧: ٢-٧ وصفًا جيدًا لفساد زمن آحاز ورد فعل البقية التقية لذلك.
٤. وَأَحْرَقَ بَنِيهِ بِٱلنَّارِ: يصف هذا مشاركة آحاز في عبادة مولك. كان الإله الوثني (أو الروح الشرير، على نحو أدق) يُعبَد بتسخين معدن يمثّل هذا الإله إلى أن يصبح أحمر من الحرارة. ثم كان يوضع رضيع حي على يدي التمثال الممدودتين بينما كانت طرقات الطبول تُغرق صرخات الطفل حتى الموت.
• أعلن الله في لاويين ٢٠: ١-٥ حكم الموت على كل الذين يعبدون مولك: “وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ، وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لِأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي، وَيُدَنِّسَ ٱسْمِيَ ٱلْقُدُّوسَ” (لاويين ٢٠: ٣).
• من المؤسف أن رجلًا عظيمًا مثل سليمان أجاز عبادة مولك، وبنى معبدًا لهذا الوثن (١ ملوك ١١: ٧). وكانت إحدى أعظم جرائم الأسباط الشمالية عبادتها لمولك، ما أدّى إلى السبي الأشوري (٢ ملوك ١٧: ١٧). وقدّم منسّى، ملك يهوذا، ابنه لمولك (٢ ملوك ٢١: ٦). واستمرت عبادة مولك حتى أيام يوشيا، ملك يهوذا، إلى أن دمّر مكانَ عبادةٍ لذلك الوثن (٢ ملوك ٢٣: ١٠).
• “انحدر ’وادي (ابن) هنوم‘ شرقًا أسفل الحافة الجنوبية لمدينة أورشليم، وصار مشهورًا كموقع لأكثر ممارسات يهوذا الوثنية إثارة للاشمئزاز (٢ أخبار ٣٣: ٦). وخرّب الملك يوشيا هذا المكان وحوّله إلى مكب نفايات لمدينة أورشليم (٢ ملوك ٢٣: ١٠). وهكذا أصبحت النيران الدائمة لهذا الوادي (Gehenna) وصفًا للجحيم نفسه (مرقس ٩: ٤٣).” باين (Payne)
٥. حَسَبَ رَجَاسَاتِ ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: مارست الشعوب الكنعانية التي احتلت كنعان قبل يشوع هذا الشكل الفظيع من التضحية بالبشر والأطفال على نحو خاص. وسيجلب الله دينونة على يهوذا بسبب ممارستها المستمرة لهذه الخطايا.
• يذكّرنا هذا بأن الحرب على الكنعانيين في سفر يشوع، رغم أنها كانت رهيبة وتامّة، لم تكن حربًا عنصرية. فلم تأتِ دينونة الله على الكنعانيين من خلال جيوش إسرائيل بسبب جنسهم، لكن بسبب إثمهم. وإذا أصرت إسرائيل على السير في نفس الخطايا، فستلقى نفس الدينونة.
ب) الآيات (٥-٨): مذبحة عظيمة وسبي كثيرين من يهوذا.
٥فَدَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُهُ لِيَدِ مَلِكِ أَرَامَ، فَضَرَبُوهُ وَسَبَوْا مِنْهُ سَبْيًا عَظِيمًا وَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى دِمَشْقَ. وَدُفِعَ أَيْضًا لِيَدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً عَظِيمَةً. ٦وَقَتَلَ فَقَحُ بْنُ رَمَلْيَا فِي يَهُوذَا مِئَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، الْجَمِيعُ بَنُو بَأْسٍ، لأَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ. ٧وَقَتَلَ زِكْرِي جَبَّارُ أَفْرَايِمَ مَعَسِيَا ابْنَ الْمَلِكِ، وَعَزْرِيقَامَ رَئِيسَ الْبَيْتِ، وَأَلْقَانَةَ ثَانِيَ الْمَلِكِ. ٨وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ إِخْوَتِهِمْ مِئَتَيْ أَلْفٍ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَنَهَبُوا أَيْضًا مِنْهُمْ غَنِيمَةً وَافِرَةً وَأَتَوْا بِالْغَنِيمَةِ إِلَى السَّامِرَةِ.
١. فَدَفَعَهُ ٱلرَّبُّ إِلَهُهُ لِيَدِ مَلِكِ أَرَامَ: تخبرنا ٢ ملوك ١٦: ٥-٦ المزيد عن اتحاد إسرائيل مع آرام في الهجوم على يهوذا. كان هذا جزءًا من سياسة فقح، ملك إسرائيل، في مقاومة أشور. إذ اعتقد أنه بهزيمة يهوذا، ستكون إسرائيل وآرام أكثر فاعلية في مقاومة اندفاع الإمبراطورية الأشورية.
• يوضح إشعياء ٧ أن الهدف من هذا الهجوم هو إطاحة آحاز وتنصيب رجل آرامي (ابن طابيل) ملكًا على يهوذا (إشعياء ٧: ٦).
• ٱلرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ (الرب إلهه): “كان الله إلهه، لكن ليس بموجب العهد، والنعمة، والصلة الخاصة التي تخلّى عنها آحاز، لكن بموجب هيمنته السيادية عليه، لأن الله لم يتنازل عن حقه بسبب إنكار آحاز على هذه الهيمنة.” بوله (Poole)
٢. وَدُفِعَ أَيْضًا لِيَدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً (هزمه بمذبحة) عَظِيمَةً: تعني خسارة ١٢٠.٠٠٠ جندي و١٢٠.٠٠٠ رهين مدني في هذه المعارك مع إسرائيل وآرام أن الوقت كان مظلمًا بالنسبة ليهوذا. وبدا كما لو أن سلالة داود ستنقرض قريبًا، حيث انتهت سلالات كثيرة في إسرائيل الشمالية.
ج) الآيات (٩-١٥): إسرائيل تصغي لتوبيخ النبي.
٩وَكَانَ هُنَاكَ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ اسْمُهُ عُودِيدُ، فَخَرَجَ لِلِقَاءِ الْجَيْشِ الآتِي إِلَى السَّامِرَةِ وَقَالَ لَهُمْ: «هُوَذَا مِنْ أَجْلِ غَضَبِ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِكُمْ عَلَى يَهُوذَا قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِكُمْ وَقَدْ قَتَلْتُمُوهُمْ بِغَضَبٍ بَلَغَ السَّمَاءَ. ١٠وَالآنَ أَنْتُمْ عَازِمُونَ عَلَى إِخْضَاعِ بَنِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ عَبِيدًا وَإِمَاءً لَكُمْ. أَمَا عِنْدَكُمْ أَنْتُمْ آثَامٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ؟ ١١وَالآنَ اسْمَعُوا لِي وَرُدُّوا السَّبْيَ الَّذِي سَبَيْتُمُوهُ مِنْ إِخْوَتِكُمْ لأَنَّ حُمُوَّ غَضَبِ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ». ١٢ثُمَّ قَامَ رِجَالٌ مِنْ رُؤُوسِ بَنِي أَفْرَايِمَ: عَزَرْيَا بْنُ يَهُوحَانَانَ، وَبَرَخْيَا بْنُ مَشُلِّيمُوتَ، وَيَحَزْقِيَا بْنُ شَلُّومَ، وَعَمَاسَا بْنُ حِدْلاَيَ عَلَى الْمُقْبِلِينَ مِنَ الْجَيْشِ، ١٣وَقَالُوا لَهُمْ: «لاَ تَدْخُلُونَ بِالسَّبْيِ إِلَى هُنَا لأَنَّ عَلَيْنَا إِثْمًا لِلرَّبِّ، وَأَنْتُمْ عَازِمُونَ أَنْ تَزِيدُوا عَلَى خَطَايَانَا وَعَلَى إِثْمِنَا، لأَنَّ لَنَا إِثْمًا كَثِيرًا، وَعَلَى إِسْرَائِيلَ حُمُوُّ غَضَبٍ». ١٤فَتَرَكَ الْمُتَجَرِّدُونَ السَّبْيَ وَالنَّهْبَ أَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الْجَمَاعَةِ. ١٥وَقَامَ الرِّجَالُ الْمُعَيَّنَةُ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَخَذُوا الْمَسْبِيِّينَ وَأَلْبَسُوا كُلَّ عُرَاتِهِمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَكَسَوْهُمْ وَحَذَوْهُمْ وَأَطْعَمُوهُمْ وَأَسْقَوْهُمْ وَدَهَّنُوهُمْ، وَحَمَلُوا عَلَى حَمِيرٍ جَمِيعَ الْمُعْيِينَ مِنْهُمْ، وَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى أَرِيحَا، مَدِينَةِ النَّخْلِ، إِلَى إِخْوَتِهِمْ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى السَّامِرَةِ.
١. وَكَانَ هُنَاكَ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ ٱسْمُهُ عُودِيد: ذهب هذا النبي الشجاع مع المئتي ألف أسير من مملكة يهوذا الجنوبية إلى مملكة إسرائيل الشمالية لكي يوعّي قادة إسرائيل بجريمتهم ضد إخوتهم من الأسباط.
٢. لَا تَدْخُلُونَ بِٱلسَّبْيِ إِلَى هُنَا لِأَنَّ عَلَيْنَا إِثْمًا لِلرَّبّ: تجاوب قادة إسرائيل بشكل لافت للنظر مع رسالة النبي عوديد، وأقرّوا بخطيتهم وذنبهم. فرعوا الأسرى وأرجعوهم إلى يهوذا مع الغنيمة.
• “لدينا هنا صورة لواعظ جيد. فعوديد يعلّم، ويوبّخ، ويحث. وهو يحوّل نفسه إلى أشكال متنوعة من الروح والكلام حتى يؤثر في مستمعيه. وقد حصل على مبتغاه.” تراب (Trapp)
• “لا يمكن أن يضاف أي شيء إلى هذا الخطاب الجميل بأفضل تعليق. فهو بسيط، وإنساني، وتقي، ومقْنع بشكل ساحق. فلا عجب أنه أثمر عن التأثير المذكور هنا. وتبرهن ٢ أخبار الأيام ٢٨: ١٥ بشكل كافٍ أنه كانت هنالك إنسانية في رؤوس بني أفرايم الذين انضموا إلى النبي في تلك المناسبة.” كلارك (Clarke)
ثانيًا. انحطاط الملك آحاز وسقوطه
أ ) الآيات (١٦-٢١): آحاز يضع ثقته في ملك أشور بدلًا من الرب.
١٦فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ آحَازُ إِلَى مُلُوكِ أَشُّورَ لِيُسَاعِدُوهُ. ١٧فَإِنَّ الأَدُومِيِّينَ أَتَوْا أَيْضًا وَضَرَبُوا يَهُوذَا وَسَبَوْا سَبْيًا. ١٨وَاقْتَحَمَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ مُدُنَ السَّوَاحِلِ وَجَنُوبِيَّ يَهُوذَا، وَأَخَذُوا بَيْتَ شَمْسٍ وَأَيَّلُونَ وَجَدِيرُوتَ وَسُوكُو وَقُرَاهَا، وَتِمْنَةَ وَقُرَاهَا، وَحِمْزُو وَقُرَاهَا، وَسَكَنُوا هُنَاكَ. ١٩لأَنَّ الرَّبَّ ذَلَّلَ يَهُوذَا بِسَبَبِ آحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ أَجْمَحَ يَهُوذَا وَخَانَ الرَّبَّ خِيَانَةً. ٢٠فَجَاءَ عَلَيْهِ تِلْغَثُ فِلْنَاسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَضَايَقَهُ وَلَمْ يُشَدِّدْهُ. ٢١لأَنَّ آحَازَ أَخَذَ قِسْمًا مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ وَمِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ وَمِنَ الرُّؤَسَاءِ وَأَعْطَاهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ وَلكِنَّهُ لَمْ يُسَاعِدْهُ.
١. فِي ذَلِكَ ٱلْوَقْتِ أَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ إِلَى مُلُوكِ أَشُّورَ لِكَيْ يُسَاعِدُوهُ: تشرح ٢ ملوك ١٦ أن هذا حدث لأن الجيشين الآرامي والإسرائيلي لم يتغلّبا على مدن يهوذا الكثيرة، لكنهما في الوقت نفسه فرضا حصارًا على أورشليم. وتقول ٢ ملوك ١٦: ٥ إنهما حاصرا آحاز، لكنهما لم يستطيعا التغلب عليه. وكان أمرًا مخزيًا أن يقوم آحاز، أثناء تلك الأزمة، بالتطلع إلى عون مُلُوكِ أَشُّور بدلًا من الرب.
• قبل أن يفعل آحاز هذا، قدّم إشعياء له آية لمساعدة الله له في صراعه مع تحالف جيشي آرام وإسرائيل (إشعياء ٧: ١-٢). “فكان هذا عرضًا منصفًا لخاطئ قذر” تراب (Trapp)، لكن آحاز رفض هذا العرض بحجّة أنه لم يكن يريد أن يجرّب الرب. غير أنه في الواقع أراد أن يتكل على ملك أشور.
• جاءت نبوة إشعياء ٧، بما في ذلك آية عمانوئيل، من إشعياء إلى الملك آحاز أثناء هذا الغزو الآرامي الإسرائيلي المشترك (وبمساعدة الأدوميين والفلسطيين على ما يبدو)، لكن الله، من أجل داود، لم يسمح لهذا الهجوم الكارثي على يهوذا بأن يدمرها. إذ لم يكن ليسمح لهذه المؤامرة الشيطانية ضد سلالة داود بالنجاح.
• عدَّ ملكا آرام وإسرائيل نفسيهما مشعلين مشتعلين قادمين لتدمير سلالة داود. وقال الله إنهما مثل العصي المحترقة المدخنة التي لا تسبب ضررًا كبيرًا في نهاية الأمر (إشعياء ٧: ٤).
• طمأن إشعياء الملك الشرير، آحاز، من خلال رسالته إليه (ولكنه لم يستمع): “أنه ستبقى بقية ستعود إلى الأرض، وأن العذراء ستلد ابنًا حتى لا ينقطع ملك على كرسي داود. فلا يمكن أن يُقضَى على هذه السلالة أبدًا، لأن مملكة عمانوئيل لا نهاية لها.” ناب (Knapp)
• “ملوك أشور، أي ملك أشور، حيث تُستخدم صيغة الجمع بدلًا من صيغة المفرد.” بوله (Poole)
٢. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ ذَلَّلَ يَهُوذَا بِسَبَبِ آحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ: كان هذا بسبب كل من فجور آحاز الشخصي ومثاله السيئ للآخرين، حيث شجّع بهذا على الانحطاط الأخلاقي في يهوذا (لأَنَّهُ أَجْمَحَ يَهُوذَا).
• من أمثلة انحطاطه الشخصي مخاطبة ملك أشور في مناشدته له: “أَنَا عَبْدُكَ وَٱبْنُكَ. ٱصْعَدْ وَخَلِّصْنِي” (٢ ملوك ١٦: ٧). وقد استسلم آحاز لعدو لكي يهزم عدوًّا آخر. وأبى أن يتكل على إله إسرائيل، وأخضع نفسه ومملكته لعدو لإسرائيل.
• “يضع آحاز نفسه في مخاطبته لملك أشور في مناشدته له: ’أَنَا عَبْدُكَ وَٱبْنُكَ‘ كتابع ملتمس. ويبيّن هذا أنه اتكل على أشور بدلًا من الله، على خلاف مشورة إشعياء (إشعياء ٧: ١٠-١٦؛ انظر خروج ٢٣: ٢٢.” وايزمان (Wiseman)
٣. لِأَنَّ آحَازَ أَخَذَ قِسْمًا مِنْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ … وَأَعْطَاهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُسَاعِدْهُ: جعل آحاز يهوذا عمليًّا مملكة خاضعة لأشور. وصار الآن يتلقى الأوامر من ملك أشور، مضحيًّا باستقلال مملكته. وأسوأ من ذلك هو أن ملك آشور لم يساعده. فكان الاتكال عليه بلا جدوى.
• لا يسعنا إلا أن نتساءل ما هي البركة التي كان يمكن أن يحصل عليها لو أنه خضع لله مضحيًّا له بنفس القوة والقلب المخلص اللذين خضع بهما لملك أشور.
• “يا لَهذا الاختلاف بينه وبين سلفه داود! ’فِي ضِيقِي دَعَوْتُ ٱلرَّبَّ، وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ‘ (مزمور ١٨: ٦). حتى حفيده الشرير منسّى طلب الرب في ضيقه. لكن آحاز بدا مصممًا على أن يملأ مكيال خطاياه.” ناب (Knapp)
ب) الآيات (٢٢-٢٧): ارتداد الملك آحاز وموته.
٢٢وَفِي ضِيقِهِ زَادَ خِيَانَةً بالرَّبِّ الْمَلِكُ آحَازُ هذَا، ٢٣وَذَبَحَ لآلِهَةِ دِمَشْقَ الَّذِينَ ضَارَبُوهُ وَقَالَ: «لأَنَّ آلِهَةَ مُلُوكِ أَرَامَ تُسَاعِدُهُمْ أَنَا أَذْبَحُ لَهُمْ فَيُسَاعِدُونَنِي». وَأَمَّا هُمْ فَكَانُوا سَبَبَ سُقُوطٍ لَهُ وَلِكُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٢٤وَجَمَعَ آحَازُ آنِيَةَ بَيْتِ اللهِ وَقَطَّعَ آنِيَةَ بَيْتِ اللهِ وَأَغْلَقَ أَبْوَابَ بَيْتِ الرَّبِّ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ مَذَابحَ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي أُورُشَلِيمَ. ٢٥وَفِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ مِنْ يَهُوذَا عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ لِلإِيقَادِ لآلِهَةٍ أُخْرَى، وَأَسْخَطَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ. ٢٦وَبَقِيَّةُ أُمُورِهِ وَكُلُّ طُرُقِهِ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. ٢٧ثُمَّ اضْطَجَعَ آحَازُ مَعَ آبَائِهِ فَدَفَنُوهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا بِهِ إِلَى قُبُورِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. وَمَلَكَ حَزَقِيَّا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. وَفِي ضِيقِهِ زَادَ خِيَانَةً بالرَّبِّ: لا تدفع أوقات الضيق والمحن الناس بالضرورة إلى الاقتراب إلى الله. إذ يسمح الناس أحيانًا للمحن والضيقات بإبعادهم عن الله. وكان آحاز ملحوظًا من هذه الفئة، حتى أن كاتب أخبار الأيام أشار إليه بأنه ٱلْمَلِكُ آحَازُ هَذَا.
• “لم تهوِ مطارق العليّ إلاّ على حديد بارد.” تراب (Trapp)
• “تصرّف آحاز من دون كبح جماحه. وكان خائنًا للرب للغاية. ويعني التعبير الأول حقًّا أنه فضّل الانحلال بدلًا من الحرية الحقيقية، بينما التعبير الثاني نموذجي في أخبار الأيام في الإشارة إلى عدم إعطاء الله ما يستحقه.” سيلمان (Selman)
• “يتجلى معدنه الأخلاقي الشرير بشكل كبير في أن المصائب لم تؤثر فيه، في حين أنها غالبًا ما كانت تثير في أسلافه وعيًا بالخطية.” مورجان (Morgan)
• ٱلْمَلِكُ آحَازُ هَذَا: “هذه علامة سوداء على اسمه تُظهر مدى عِظم مذنوبيته. فأولئك الذين يتمردون على الضوابط الإلهية ويرفضون أن يكونوا تحت سيطرة الرعاية الإلهية يُخطئون ضد عصا التأديب الإلهي.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. وَذَبَحَ لِآلِهَةِ دِمَشْقَ ٱلَّذِينَ ضَارَبُوهُ (هزموه): تخبرنا ٢ ملوك ١٦ أن هذا حدث بعد زيارة قام بها آحاز إلى دمشق. وعندما عاد من تلك الزيارة، صنع مذبحًا على غرار ما رآه في دمشق، والأشكال التي فيه، وأساليبها، وآلهتها. ومن المؤسف أنه تلقّى عونًا من الكاهن الوثني أوريّا.
• يخبرنا ٢ ملوك ١٦ أن آحاز خدم ككاهن عند المذبح الذي بناه. وبما أنه خلق مكانه الخاص للعبادة، كان منطقيًّا أن يتجاهل أمر الرب بمنع الملك من ممارسة وظائف الكاهن (سفر العدد ١٨: ٧).
• تجاسر جده عزريا (عُزيّا) على دخول الهيكل ليخدم الله ككاهن (٢ أخبار الأيام ٢٦)، غير أن عزريا على الأقل عبد الإله الحقيقي لكن بشكل زائف. وأما آحاز عبد بشكل زائف إلهًا زائفًا من صُنعه. “وضُرِب عُزيا بالبرص على فِعلته هذه، لكن مرض آحاز كان أسوأ بكثير، وهو قساوة قلب لا شفاء منها.” تراب (Trapp)
٣. وَقَطَّعَ آنِيَةَ بَيْتِ ٱللهِ وَأَغْلَقَ أَبْوَابَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ: لم يستطع آحاز أن يأتي بهذه البِدع الوثنية من دون أن يزيل ما كان قائمًا في الهيكل من قبل. فكان هذا تبادلًا شريرًا، حيث انتزع ما هو صالح ليضع بدلًا منه ما هو سيئ. وقد أدى كل هذا إلى إحباط الشعب عن عبادة الإله الحقيقي في الهيكل.
• “قام بتعليق عبادة الله بشكل كلي، وبقي الهيكل مغلقًا حتى بداية حكم حزقيا الذي كان من بين أوائل الإجراءات التي اتّخذها إعادة فتح الهيكل، فاسترد بهذا العبادة الإلهية.” كلارك (Clarke)
• لا يبدو أن استيلاء آحاز على الألواح والقواعد من الأثاث المقدس كان بغرض إرسالها هدية إلى تغلث فلاسر، بل لإلغاء توكيد أهميتها في خدمات العبادة. وربما خطّط لإعادة استخدامها بطريقة زخرفية ما. وعلى أية حال، عاجَلَه الموت قبل أن يحوّل انتباهه إليها. وقد ذُكرت هذه بين البنود التي حملها البابليون لاحقًا من أورشليم كغنائم (٢ ملوك ٢٥: ١٣-١٤؛ إرميا ٢٧: ١٩-٢٠؛ ٥٢: ١٧-٢٣).” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
• نتذكر أن كل هذا حدث في الهيكل الذي بناه سليمان للرب. فمجرد الموقع لا يجعل العبادة صحيحة. ففي بعض الأحيان تُعبد الأوثان في بيت كان مكرسًا للإله الحقيقي.
٤. وَفِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ مِنْ يَهُوذَا عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ لِلْإِيقَادِ لِآلِهَةٍ أُخْرَى: أثناء هذه التغييرات، أغلق آحاز عمل الهيكل، ووضع مذابح وثنية صغيرة في جميع أنحاء يهوذا.
• “يبدو كما لو أن نور الحقيقة قد انطفأ تمامًا، لكن الأمر لم يكن كذلك، لأن من المحتمل أن إشعياء كان ينقل رسائله طوال فترتي حكم يوثام وآحاز. ومن المحتمل أيَضًا أن ميخا كان ينقل كلمة الله أيضًا في عهد آحاز.” مورجان (Morgan)
٥. وَبَقِيَّةُ أُمُورِهِ وَكُلُّ طُرُقِهِ ٱلْأُولَى: وهكذا انتهى حكم أسوأ ملك في يهوذا. وقد تحدّث ميخا الذي تنبّأ في عهد آحاز عن رجل يعمل الشر بنجاح بيديه: “اليدان إلى الشر مجتهدتان” (ميخا ٧: ٣). وربما خطر بباله آحاز عندما قال هذا.
• “مات ميتة طبيعية رغم أنه فاسقًا ممقوتًا. ويؤجل الله عقاب أشرار بائسين كثيرين حتى العالم الآخر.” تراب (Trapp)
• “كان آحاز شريرًا باختياره. فثابر على الشر رغم المصائب، وظل متمردًا بتجديف رغم التحذيرات المباشرة من نبي الله. وقد جعلت نظرة الملك هذه الظلمة أكثر كثافة.” مورجان (Morgan)