أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٣٤
يوشيا وسفر الشريعة
أولًا. بداية إصلاحات يوشيا
أ ) الآيات (١-٢): ملخص لحكم يوشيا بن آمون.
١كَانَ يُوشِيَّا ابْنَ ثَمَانِيَ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. ٢وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَحِدْ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً.
١. كَانَ يُوشِيَّا ٱبْنَ ثَمَانِيَ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ: على غير العادة، اعتلى هذا الصبي عرش يهوذا عندما بلغ الثامنة من عمره. وكان هذ بسبب اغتيال أبيه.
• “وأخيرًا، وبعد أكثر من ٣٠٠ سنة، تحقق نبوة رجل الله الذي من يهوذا (١ ملوك ١٣: ٢).” ناب (Knapp)
٢. وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: كان هذا صحيحًا بالنسبة ليوشيا في هذه السن المبكرة، لكن المقصود به هنا هو وصف عام لعهده بدلًا من وصفه كصبي في الثامنة.
ب) الآيات (٣-٧): يوشيا يحارب عبادة الأوثان في يهوذا ومملكة إسرائيل السابقة.
٣وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ مُلْكِهِ إِذْ كَانَ بَعْدُ فَتًى، ابْتَدَأَ يَطْلُبُ إِلهَ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ ابْتَدَأَ يُطَهِّرُ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ مِنَ الْمُرْتَفَعَاتِ وَالسَّوَارِي وَالتَّمَاثِيلِ وَالْمَسْبُوكَاتِ. ٤وَهَدَمُوا أَمَامَهُ مَذَابحَ الْبَعْلِيمِ، وَتَمَاثِيلَ الشَّمْسِ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ قَطَعَهَا، وَكَسَّرَ السَّوَارِيَ وَالتَّمَاثِيلَ وَالْمَسْبُوكَاتِ وَدَقَّهَا وَرَشَّهَا عَلَى قُبُورِ الَّذِينَ ذَبَحُوا لَهَا. ٥وَأَحْرَقَ عِظَامَ الْكَهَنَةِ عَلَى مَذَابِحِهِمْ وَطَهَّرَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. ٦وَفِي مُدُنِ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ وَشِمْعُونَ حَتَّى وَنَفْتَالِي مَعَ خَرَائِبِهَا حَوْلَهَا ٧هَدَمَ الْمَذَابحَ وَالسَّوَارِيَ وَدَقَّ التَّمَاثِيلَ نَاعِمًا، وَقَطَعَ جَمِيعَ تَمَاثِيلِ الشَّمْسِ فِي كُلِّ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
١. ٱبْتَدَأَ يُطَهِّرُ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ مِنَ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ وَٱلسَّوَارِي وَٱلتَّمَاثِيلِ وَٱلْمَسْبُوكَاتِ: ترسّخت عبادة هذا التنوع الكبير من الأوثان بعد حكم آمون. وساعدت إصلاحات منسّى الأخيرة ضد هذا المنحى، لكن كان هنالك الكثير من الوثنية في الأرض منذ عهد آمون القصير والشرير معًا.
• يُظهر تنوع الأوثان المذكورة هنا مدى عمق عبادة الأوثان في يهوذا. فكانت هنالك أوثان مخصصة للبعل ولعشيرة أو السواري (٢ ملوك ٢٣: ٥)، أو لكل جند السماء في هيكل الله نفسه (٢ ملوك ٢٣: ٤). ويبدو من رواية سفر ملوك الثاني أن يوشيا بدأ إصلاحات التطهير في المركز، ثم انطلق نحو الخارج.
• “يشير تعبير ’الطلب‘ في أخبار الأيام عادة إلى التطلع إلى الله في كل موقف. وهو في الوقت نفسه النظرة التي يبحث عنها الله في الذين يصلّون إليه (٢ أخبار الأيام ٧: ١٤؛ ٣٠: ١٩).” سيلمان (Selman)
• وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ عَشَرَةَ: يربط باين هذا “بوقت معيّن من الفوضى التي سادت في الشرق الأدنى القديم، والتي نتجت عن غزو شمالي قام به الفرسان البدو البرابرة المعروفون باسم السكّيثيين (٦٢٨-٦٢٦ ق. م.) … وقد أثارت غاراتهم الرعب بين اليهود الذين كانوا راضين عن أنفسهم (إرميا ٦: ٢٢-٢٤؛ صفنيا ١: ١٢).”
• “هنالك خمس أو ست كلمات تُستخدم هنا لإظهار كيف دقّها وسحقها كالتراب. هكذا كان سخطه المقدس، وحماسته، وانتقامه.” تراب (Trapp)
٢. وَأَحْرَقَ عِظَامَ ٱلْكَهَنَةِ عَلَى مَذَابِحِهِمْ: فعل يوشيا هذا لينفّذ العقوبة المقررة لكهنة الأوثان في إسرائيل، وليدنس مذابحهم في الوقت نفسه.
• لم تُزِل إصلاحات يوشيا الأشياء الآثمة فحسب، بل أيضًا الأشخاص الآثمين الذين سمحوا بها وروّجوا لها. فالأوثان التي ملأت الهيكل لم تصل إلى هناك أو بقيت وحدها. إذ كان هنالك كهنة مسؤولون عن هذه الممارسة الآثمة.
• لا يمكن لأي إصلاح شامل أن يكتفي بالتعامل مع الأشياء الآثمة. إذ يتوجب أن يتعامل أيضًا مع الأشخاص الآثمين. فإذا لم يتم التعامل مع هؤلاء، فسيعودون سريعًا إلى الأشياء الآثمة التي أُزيلت بحق.
٣. وَفِي مُدُنِ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ وَشِمْعُونَ حَتَّى وَنَفْتَالِي: بما أن الإمبراطورية الأشورية قهرت مملكة إسرائيل التي كانت في طريقها إلى إفراغ سكانها نتيجة للسبي، وسّع يوشيا إصلاحاته هناك أيضًا.
• “’حَتَّى َنَفْتَالِي‘ التي كانت في أقصى الحدود الشمالية لمملكة إسرائيل. ويتوجب علينا أن نتذكر أن الأسباط العشرة قد ذهبوا إلى السبي في ذلك الوقت. وكان الباقون في الأرض ضعفاء، وقليلين، وغير قادرين على الصمود أمام قوة يوشيا.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٨-١٣): استرداد الهيكل.
٨وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ مِنْ مُلْكِهِ بَعْدَ أَنْ طَهَّرَ الأَرْضَ وَالْبَيْتَ، أَرْسَلَ شَافَانَ بْنَ أَصَلْيَا وَمَعَسِيَا رَئِيسَ الْمَدِينَةِ وَيُوآخَ بْنَ يُوآحَازَ الْمُسَجِّلَ لأَجْلِ تَرْمِيمِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِهِ. ٩فَجَاءُوا إِلَى حِلْقِيَا الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ، وَأَعْطَوْهُ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ اللهِ الَّتِي جَمَعَهَا اللاَّوِيُّونَ حَارِسُو الْبَابِ مِنْ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ وَمِنْ كُلِّ بَقِيَّةِ إِسْرَائِيلَ وَمِنْ كُلِّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. ١٠وَدَفَعُوهَا لأَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فَدَفَعُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ لأَجْلِ إِصْلاَحِ الْبَيْتِ وَتَرْمِيمِهِ. ١١وَأَعْطَوْهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ لِيَشْتَرُوا حِجَارَةً مَنْحُوتَةً وَأَخْشَابًا لِلْوُصَلِ وَلأَجْلِ تَسْقِيفِ الْبُيُوتِ الَّتِي أَخْرَبَهَا مُلُوكُ يَهُوذَا. ١٢وَكَانَ الرِّجَالُ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ بِأَمَانَةٍ، وَعَلَيْهِمْ وُكَلاَءُ يَحَثُ وَعُوبَدْيَا اللاَّوِيَّانِ مِنْ بَنِي مَرَارِي، وَزَكَرِيَّا وَمَشُلاَّمُ مِنْ بَنِي الْقَهَاتِيِّينَ لأَجْلِ الْمُنَاظَرَةِ، وَمِنَ اللاَّوِيِّينَ كُلُّ مَاهِرٍ بِآلاَتِ الْغِنَاءِ. ١٣وَكَانُوا عَلَى الْحُمَّالِ وَوُكَلاَءَ عَلَى كُلِّ عَامِلِ شُغْل فِي خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ. وَكَانَ مِنَ اللاَّوِيِّينَ كُتَّابٌ وَعُرَفَاءُ وَبَوَّابُونَ.
١. وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّامِنَةَ عَشَرَةَ مِنْ مُلْكِهِ: بعد هذه الحملة النشطة لتطهير أرض يهوذا وإسرائيل من الأوثان وعبادتها، صبّ يوشيا جهوده على ترميم الهيكل المهمل، كما فعل سلفه حزقيا (٢ أخبار الأيام ٢٩).
• “يَظهر أن كاتب أخبار الأيام (٢ أخبار الأيام ٣٤-٣٥) يقدّم مرحلتين من تتابع الأحداث. المرحلة الأولى: تطهير الممارسات الدينية في يهوذا وأورشليم ونفتالي في سنة يوشيا الثانية عشرة. المرحلة الثانية: تطهير مستمر حفزه اكتشاف سفر الشريعة في السنة الثامنة عشرة. لكن ربما يكون هذا عرضًا تقديميًّا لملاءمة النقاط المعينة التي يؤكدها الكاتب.” وايزمان (Wiseman)
• “إن لم يكن يوشيا قد رأى نسخة من هذا السفر بعد (وليس هذا أمرًا مستحيلًا)، إلا أن كثيرًا من الشريعة بقي عالقًا في أذهان الشعب وذكرياتهم، ما يقنعهم بسهولة ويوجههم إلى كل ما فعله حتى هذا الوقت.” بوله (Poole)
• من المحتمل أن يوشيا كان مدفوعًا إلى إعادة بناء الهيكل عند سماعه (أو تَذَكُّره) أن هذا هو ما فعله الملك يهوآش قبل سنوات كثيرة (٢ ملوك ١٢).
٢. وَدَفَعُوهَا لِأَيْدِي عَامِلِي ٱلشُّغْلِ ٱلْمُوَكَّلِينَ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ: فهم يوشيا أن الإصلاح وإعادة بناء الهيكل يحتاجان إلى تنظيم وتمويل. وقد اهتم بهاتين الحاجتين عندما أعطى حِلْقِيَا مسؤولية الإشراف على أعمال ترميم الهيكل. ونتيجة لذلك، كَانَ ٱلرِّجَالُ يَعْمَلُونَ ٱلْعَمَلَ بِأَمَانَةٍ.
• كان النبيّ، حسب إرميا ١: ١-٢، هو ابن الكاهن حِلْقِيَا، وقد بدأ إرميا خدمته أثناء حكم الملك يوشيا.
د ) الآيات (١٤-١٧): اكتشاف سفر الشريعة.
١٤وَعِنْدَ إِخْرَاجِهِمِ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَجَدَ حِلْقِيَا الْكَاهِنُ سِفْرَ شَرِيعَةِ الرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى. ١٥فَأَجَابَ حِلْقِيَا وَقَالَ لِشَافَانَ الْكَاتِبِ: «قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ الشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ». وَسَلَّمَ حِلْقِيَا السِّفْرَ إِلَى شَافَانَ، ١٦فَجَاءَ شَافَانُ بِالسِّفْرِ إِلَى الْمَلِكِ وَرَدَّ إِلَى الْمَلِكِ جَوَابًا قَائِلاً: «كُلُّ مَا أُسْلِمَ لِيَدِ عَبِيدِكَ هُمْ يَفْعَلُونَهُ، ١٧وَقَدْ أَفْرَغُوا الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَدَفَعُوهَا لِيَدِ الْوُكَلاَءِ وَيَدِ عَامِلِي الشُّغْلِ».
١. وَجَدَ حِلْقِيَا ٱلْكَاهِنُ سِفْرَ شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى: حسب تثنية ٣١: ٢٤-٢٧، كانت هنالك نسخة من كتاب الشريعة هذا بجانب تابوت العهد منذ أيام موسى. فكانت كلمة الله مع إسرائيل، لكنها أُهملت كثيرًا في تلك الأيام.
• “غير أن السفر لم يوضع في مكانه الصحيح أثناء إدارة الملكين المرتدين منسّى وآمون اللذين كان يحرَّك في عهدهما التابوت هنا وهناك (في الهيكل) (٢ أخبار الأيام ٣٥: ٣.” باين (Payne)
• “يَبرُز إعلان حلقيا الشخصي، ’قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ ٱلشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ‘ بشكل حاد… ويثبّت شافان الكاتب (السكرتير) أن الاكتشاف تمّ في سياق أمانة العمال.” سيلمان (Selman)
• “رغم أن الصلة الوثيقة بين مخطوطة يوشيا وسفر التثنية قُبِلت لفترة طويلة، إلا أن تضمينات هذا الأمر في ما يتعلق بأصول سفر التثنية غير مؤكدة بدرجة أكبر، حيث إن سفري الملوك وسفري الأخبار لا تقدمان دليلًا مباشرًا على الطرح الذي تم الترويج له على نحو متكرر منذ عام ١٨٠٥ أن المخطوطة تألفت من جزء من حركة إصلاح تثنوي.” سيلمان (Selman)
• “هل كانت هذه مخطوطة أصلية بخط موسى؟ يرجح جدًّا أنها كانت كذلك، لأنه يقال في مكان موازٍ (٢ أخبار الأيام ٣٤: ١٤) إنه كان سِفْرَ شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى. ويفترض أنه كان جزءًا من سفر التثنية (تثنية ٢٨-٣١) الذي يتضمن تجديد العهد في موآب، إضافة إلى أفظع التحذيرات ضد مفسدي كلمة الله وعبادته.” كلارك (Clarke)
٢. فَجَاءَ شَافَانُ بِٱلسِّفْرِ إِلَى ٱلْمَلِكِ: نرى هنا أن كلمة الله تنتشر بينما نُسيت، وأُهملت في الماضي، وعُدَّت مجرد كتاب قديم علاه الغبار. وها قد تم العثور عليه، وقراءته، ونشْره. ويُفترض أن نتوقع أن يتبع ذلك قدر من الانتعاش الروحي.
• على مدى تاريخ شعب الله، عندما كانت كلمة الله تُستعاد وتُنشَر، كان الانتعاش الروحي يتبع ذلك. ويمكن أن يبدأ الأمر ببساطة كما حدث في أيام يوشيا بقيام رجل واحد بالعثور على الكتاب، فيقرؤه، ويؤمن به، وينشره.
• هنالك مثل آخر لهذا في التاريخ في قصة بيتر والدو (Peter Waldo) وأتباعه المعروفين باسم الوادوويين (Waldenses). كان والده تاجرًا ثريًّا، فتخلى عن أعماله التجارية ليتبع يسوع بشكل جذري. واستأجر كاهنين ليترجما له العهد الجديد إلى اللغة الدارجة ليستخدمها، وبدأ يعلّم آخرين. فعلّم في الشوارع وفي أي مكان يمكن أن يجد فيه من يستمع إليه. وجاء كثيرون من عامّة الشعب للاستماع إليه، وبدأوا يتبعون يسوع المسيح بشكل جذري. علّمهم والدو العهد الجديد بلغة دارجة وبّخه مسؤولو الكنيسة على فعل ذلك. فتجاهل توبيخهم وواصل التعليم. وفي نهاية الأمر، كان يرسل أتباعه اثنين اثنين إلى القرى والأسواق لتعليم كلمة الله وتفسيرها. وقام الوالدوويون باستظهار كلمة الله، ولم يكن غريبًا أن يحفظ هؤلاء الخدام العهد الجديد بأكمله مع أجزاء كبيرة من العهد القديم. إذ تتمتع كلمة الله – عند العثور عليها، وقراءتها، والإيمان بها، ونشرها – بهذا النوع من القوة على التغيير.
هـ) الآيات (١٨-٢١): الملك يوشيا يسمع كلمة الله.
١٨وَأَخْبَرَ شَافَانُ الْكَاتِبُ الْمَلِكَ قَائِلاً: «قَدْ أَعْطَانِي حِلْقِيَا الْكَاهِنُ سِفْرًا». وَقَرَأَ فِيهِ شَافَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ. ١٩فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ، ٢٠وَأَمَرَ الْمَلِكُ حِلْقِيَا وَأَخِيقَامَ بْنَ شَافَانَ وَعَبْدُونَ بْنَ مِيخَا وَشَافَانَ الْكَاتِبَ وَعَسَايَا عَبْدَ الْمَلِكِ قَائِلاً: ٢١«اذْهَبُوا اسْأَلُوا الرَّبَّ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ مَنْ بَقِيَ مِنْ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا عَنْ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي وُجِدَ، لأَنَّهُ عَظِيمٌ غَضَبُ الرَّبِّ الَّذِي انْسَكَبَ عَلَيْنَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ آبَاءَنَا لَمْ يَحْفَظُوا كَلاَمَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي هذَا السِّفْرِ».
١. فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ كَلَامَ ٱلشَّرِيعَةِ: أحْدث سماع كلمة الله عملًا روحيًّا في الملك يوشيا. لم يكن الأمر مجرد نقل معلومات. إذ كان للاستماع إلى كلمة الله تأثير روحي قوي في يوشيا.
• “افترض رئيس أساقفة كانتربري في العصور الوسطى أن يوشيا استمع إلى السفر بأكمله في جلسة واحدة: ’يا له من تناقض مع ملوكنا وعظمائنا! فإذا سمعوا مرة واحدة كلمة الله كل عام، فإنهم يجدونها مقزِّزة، ويغادرون الكنيسة قبل نهاية العظة.‘” سيلمان (Selman)
٢. مَزَّقَ ثِيَابَهُ: كان تمزيق الثياب تعبيرًا تقليديًّا عن الرعب والاستهجان. إذ أظهر يوشيا بأقوى طريقة ممكنة حزنه على حالته وحالة الأمة كلها. فكان هذا تعبيرًا عن التبكيت العميق على الخطية، وهو أمر جيد.
• يتسم الانتعاش والنهضة الروحية بمثل هذه التعبيرات عن التبكيت على الخطية. وقد روى الدكتور جي. إدوين أور (J. Edwin Orr) في كتابه ’النهضة الإنجيلية الثانية في بريطانيا‘ بعض الأمثلة من الحركة العظيمة التي أثّرت في بريطانيا والعالم في ١٨٥٩-١٨٦١.
• التبكيت على الخطية هو اختصاص الروح القدس، كما قال يسوع في يوحنا ١٦: ٨ ’وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ ٱلْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.‘
٣. ٱذْهَبُوا ٱسْأَلُوا ٱلرَّبَّ مِنْ أَجْلِي: لم يكن الأمر أن الملك يوشيا لا يعرف شيئًا عن الله أو كيف يطلبه. بل كان تحت تبكيت شديد على الخطية بحيث لم يعرف ما ينبغي أن يفعله بعد ذلك.
٤. لِأَنَّهُ عَظِيمٌ غَضَبُ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي ٱنْسَكَبَ عَلَيْنَا: عرف يوشيا أن مملكة يهوذا تستحق دينونة من الله. ولم يستطع سماع كلمة الله من دون مواجهة خطية مملكته.
و ) الآيات (٢٢-٢٨): الله يكلم الملك يوشيا.
٢٢فَذَهَبَ حِلْقِيَا وَالَّذِينَ أَمَرَهُمُ الْمَلِكُ إِلَى خَلْدَةَ النَّبِيَّةِ امْرَأَةِ شَلُّومَ بْنِ تُوقَهَةَ بْنِ حَسْرَةَ حَارِسِ الثِّيَابِ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي أُورُشَلِيمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَكَلَّمُوهَا هكَذَا. ٢٣فَقَالَتْ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: قُولُوا لِلرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَكُمْ إِلَيَّ: ٢٤هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ، جَمِيعَ اللَّعَنَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِي السِّفْرِ الَّذِي قَرَأُوهُ أَمَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. ٢٥مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَأَوْقَدُوا لآلِهَةٍ أُخْرَى لِكَيْ يَغِيظُونِي بِكُلِّ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، وَيَنْسَكِبُ غَضَبِي عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَلاَ يَنْطَفِئُ. ٢٦وَأَمَّا مَلِكُ يَهُوذَا الَّذِي أَرْسَلَكُمْ لِتَسْأَلُوا مِنَ الرَّبِّ، فَهكَذَا تَقُولُونَ لَهُ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ جِهَةِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَ: ٢٧مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ، وَتَوَاضَعْتَ أَمَامَ اللهِ حِينَ سَمِعْتَ كَلاَمَهُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ، وَتَوَاضَعْتَ أَمَامِي وَمَزَّقْتَ ثِيَابَكَ وَبَكَيْتَ أَمَامِي يَقُولُ الرَّبُّ، قَدْ سَمِعْتُ أَنَا أَيْضًا. ٢٨هأَنَذَا أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ، وَكُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَجْلِبُهُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ لاَ تَرَى عَيْنَاكَ». فَرَدُّوا عَلَى الْمَلِكِ الْجَوَابَ.
١. خَلْدَةَ ٱلنَّبِيَّةِ: لا نعرف إلا القليل عن هذه المرأة بخلاف ما وردَ ذِكره عنها هنا (والرواية المماثلة في ٢ ملوك ٢٢: ١٤). وقد استشار حلقيا هذه المرأة، بموافقة الملك، من أجل الحصول على إرشاد روحي. ولم يكن هذا بسبب حكمتها وروحانيتها، لكن لأنه كان يُعترف بها كنبية يمكن أن تكشف قلب الله وفكره.
• من المؤكد أنه كان هنالك أنبياء آخرون في يهوذا “رغم أن النبي المعاصر إرميا لا يُذكر هنا، إلا أنه امتدح يوشيا (إرميا ٢٢: ١٥-١٦). وقد خدم النبي صفنيا أيضًا (صفنيا ١: ١) أثناء حكمه.” وايزمان (Wiseman) لكن لسبب ما، ربما كان روحيًّا أو عمليًّا، اختارا أن يستشيرا خَلْدَةَ ٱلنَّبِيَّةِ.
• “نجد من هذا – ولدينا حقائق كثيرة في جميع العصور لتؤكد هذا – أن البابا، أو الأسقف، أو الكاهن لا يمتلك معرفة حقيقية بالله، وأن امرأة بسيطة تمتلك حياة الله في روحها قد تملك معرفة أكبر من الشهادات الإلهية من أشخاص كثيرين تخوّلهم مناصبهم بشرح هذه الشهادات وتفسيرها.” كلارك (Clarke)
٢. هَأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ: عرف يوشيا أن يهوذا تستحق الدينونة، وأن هذه الدينونة قادمة لا محالة. فقد عملت يهوذا وقادتها ضد الرب لفترة طويلة جدًّا، ولن يتوبوا توبة أصيلة لكي يتجنبوا الدينونة في نهاية المطاف.
٣. جَمِيعَ ٱللَّعَنَاتِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي ٱلسِّفْرِ: كانت كلمة الله حقَّةً حتى في وعودها بالدينونة. إذ تتجلى أمانة الرب في دينونته للأشرار بقدر ما تتجلى في رحمته على التائبين.
• “واصلّ يوشيا عمله الإصلاحي حتى عندما عرف أن مصير هذا الإصلاح هو الفشل على الصعيد الوطني. فقد أخبرته النبية خلدة بوضوح أنه لن تكون هنالك توبة حقيقية من جانب الشعب، وبالتالي لا مفر من هذه الدينونة. وهنا تجلّت قوة يوشيا البطولية، حيث استمر في عمله. ولا يوجد مسار أصعب للخدمة في الشهادة لله من خلال الكلمة من العمل في وسط ظروف لا تستجيب.” مورجان (Morgan)
٤. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ: كان قلب يوشيا رقيقًا من ناحيتين. أولًا، كان رقيقًا تجاه كلمة الله، حيث كان قادرًا على استقبال صوت تبكيت الروح القدس. ثانيًا، كان رقيقًا تجاه رسالة الدينونة على فم النبية خلدة في الآيات السابقة.
• وَتَوَاضَعْتَ أَمَامَ ٱللهِ حِينَ سَمِعْتَ كَلَامَهُ: “هل سبق أن لاحظت الفرق بيت التواضع والإذلال؟ إن التواضع إذلال طوعي للنفس على مثال يوشيا. إذ يُذَل أشخاص كثيرون غير متواضعين على الإطلاق. فليت الرب يجعلنا راغبين في يوم قوّته في أن نذل أنفسنا عن طيب خاطر أمام الله.” سبيرجن (Spurgeon)
٥. هَأَنَذَا أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلَامٍ: رغم أن يوشيا مات في المعركة، إلا أن هنالك ثلاث طرق تجعل هذا الأمر صحيحًا.
• مات قبل أن تحل الكارثة الروحية العظيمة والسبي على يهوذا.
• لقد ضُمَّ إلى آبائه الذين كانوا في سلام.
• مات في رضا الله، لا على يد عدو (لم يكن موته تعبيرًا عن دينونة الله عليه).
“رغم أن يوشيا مات في ظروف عنيفة (٢ أخبار الأيام ٣٥: ٢٠-٢٤)، إلا أن هذا لا يبطل وعد الله الذي يعني أن السبي لن يحدث في حياته.” سيلمان (Selman)
٦. وَكُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي أَجْلِبُهُ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ لَا تَرَى عَيْنَاكَ: كانت هذه رحمة من الله ليوشيا. لم تستطع تقواه ورقة قلبه أن تمنعا دينونة الله في نهاية المطاف، لكنهما استطاعا أن يؤخراها. إذ يمكن تأخير الدينونة المحتومة أحيانًا بسبب قلوب شعب الله الرقيقة.
• لقد أخّر الله دينونته حتى في حالة أخآب الذي تجاوب مع كلمة تحذير بنوع من التوبة (١ ملوك ٢١: ٢٥-٢٩).
ثانيًا. توبة الملك وشعب يهوذا الصادقة
أ ) الآيات (٢٩-٣٠): يوشيا يقرأ على قادة يهوذا كلمة الله.
٢٩وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ وَجَمَعَ كُلَّ شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، ٣٠وَصَعِدَ الْمَلِكُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ مَعَ كُلِّ رِجَالِ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَالْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَكُلِّ الشَّعْبِ مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ، وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلاَمِ سِفْرِ الْعَهْدِ الَّذِي وُجِدَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ.
١. وَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ وَجَمَعَ كُلَّ شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ: سمع يوشيا الوعد بالدينونة النهائية والتأخير الفوري للدينونة. ولم يستجب بلامبالاة أو بمجرد الرضا بعدم رؤية الدينونة في زمنه. فقد أراد أن تكون المملكة في علاقة سليمة بالله. وعرف أنه لن يقدر على فعل هذا وحده. فاحتاج إلى شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ لينضموا إليه في توبة وانكسار.
٢. وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلَامِ سِفْرِ ٱلْعَهْدِ: فعل الملك هذا بنفسه. إذ كان مهتمًّا جدًّا بأن تسمع الأمة كلمة الله التي قرأها لشيوخ يهوذا وأورشليم بنفسه.
• “من المثير للاهتمام على نحو خاص أن يوشيا اعتبر الشكل المكتوب لكلمة الله أكثر تفوّقًا من التقليد الموروث، وكان على استعداد لدفع تكلفة تصحيح أولوياته.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (٣١-٣٣): تجديد العهد.
٣١وَوَقَفَ الْمَلِكُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَقَطَعَ عَهْدًا أَمَامَ الرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ الرَّبِّ وَلِحِفْظِ وَصَايَاهُ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَكُلِّ نَفْسِهِ، لِيَعْمَلَ كَلاَمَ الْعَهْدِ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا السِّفْرِ. ٣٢وَأَوْقَفَ كُلَّ الْمَوْجُودِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَبَنْيَامِينَ، فَعَمِلَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ حَسَبَ عَهْدِ اللهِ إِلهِ آبَائِهِمْ. ٣٣وَأَزَالَ يُوشِيَّا جَمِيعَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ الأَرَاضِي الَّتِي لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلَ جَمِيعَ الْمَوْجُودِينَ فِي أُورُشَلِيمَ يَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ. كُلَّ أَيَّامِهِ لَمْ يَحِيدُوا مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِهِمْ.
١. وَوَقَفَ ٱلْمَلِكُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَقَطَعَ عَهْدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ ٱلرَّبِّ: وقف الملك أمام الشعب وأعلن على الملأ التزامه بطاعة كلمة الله قدر المستطاع، بِكُلِّ قَلْبِهِ وَكُلِّ نَفْسِهِ.
• وَقَطَعَ عَهْدًا: “يعود هذا التعبير إلى ممارسة قطع جثة ذبيحة حيوانية وفصْل أجزائها لكي يتمكن الطرفان المتعاهدان من إبرام اتفاقهما بالسير بينها (انظر تكوين ١٥: ١٧؛ إرميا ٣٤: ١٨).” ديلداي (Dilday)
٢. وَأَوْقَفَ كُلَّ ٱلْمَوْجُودِينَ: لم يكن كافيًا أن يفعل الملك هذا وحده، وأن يقدّم نفسه مثالًا للشعب. إذ كان عليهم أن يتبعوا ذلك من خلال اتخاذ موقف إلى جانب العهد بأنفسهم أيضًا. وقد أظهر هذا أن عمل الله تجاوز الملك والقادة، حيث امتد إلى الشعب أيضًا.
• “يُحتمل أنه أوقفهم لدى قيامه بقراءة شروط العهد، ليشهدوا بالتالي على موافقتهم على العهد نفسه، وعلى القرار بالالتزام به بأمانة ومثابرة.” كلارك (Clarke)
• “يشبه هذا الاحتفال بالعهد الأساسي في المصفاة (تكوين ٣١: ٤٣-٥٥؛ ١ صموئيل ٧: ٥-١٢)، والاحتفال بتجديد العهد في شكيم (يشوع ٢٤). وقد كان كلاهما نقطة تحول في التاريخ اليهودي.” وايزمان (Wiseman)
٣. كُلَّ أَيَّامِهِ لَمْ يَحِيدُوا مِنْ وَرَاءِ ٱلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِ: كان لعمل الملك يوشيا تأثير دائم بين شعب يهوذا، فظلّوا مخْلِصين للرب أثناء حكمه.