خروج ٢٣
قوانين إضافيَة لِتَوجيه القضاة
أولًا. قوانين وأحكام بالعدالَة
أ ) الآيات (١-٣): أحكامٌ في اعتبار الشَّريعة، ليست للرَّاحة أو الجماعة.
١«لَا تَقْبَلْ خَبَرًا كَاذِبًا، وَلَا تَضَعْ يَدَكَ مَعَ ٱلْمُنَافِقِ لِتَكُونَ شَاهِدَ ظُلْمٍ. ٢ لَا تَتْبَعِ ٱلْكَثِيرِينَ إِلَى فِعْلِ ٱلشَّرِّ، وَلَا تُجِبْ فِي دَعْوَى مَائِلًا وَرَاءَ ٱلْكَثِيرِينَ لِلتَّحْرِيفِ. ٣وَلَا تُحَابِ مَعَ ٱلْمِسْكِينِ فِي دَعْوَاهُ.
- لَا تَقْبَلْ خَبَرًا كَاذِبًا: ترتبطُ هذه الوصيَّة بالوصيَّة التَّالية، بسبب أن تناقُلَ خبَرٍ كاذِب كان وما زالَ طريقةً أساسيَّة في وَضْعِ اليد مَعَ الـمُنافِق واتِّباع ٱلْكَثِيرِينَ إِلَى فِعْلِ ٱلشَّرِّ.
- إنَّ الطَّريقة الوحيدة في إطاعة هذه الوصيَّة تكمن في وَضْعِ حَدٍّ لِقَبول الخبر الكاذِب. إنَّ عدم القيام بأيِّ شيءٍ حيال ذلك، أو البقاء على الحياد، لَهُوَ بمثابة سماحٍ للخبر الكاذِب بالقبول والإنتشار. “إنَّ الـمُخترِع (الـمُنافِق) والـمُتلقِّي خبرًا كاذِبًا وافترائيًّا، كلاهُما تقريبًا مُذنِبَين بالتَّساوي. تبدو الكلِمة وكأنَّها تُشيرُ إلى الإثنين، فحسنًا ما قام به الـمُترجِمون الَّذين حافظوا على الـمعَنيَين.” كلارك (Clarke)
- بما أنَّ القضيَّة كانت تتعلَّقُ بِـ خَبَرٍ كَاذِبٍ، فقد كان من الـمُناسِب السُّؤال واستحواذ الدَّليل من الشَّخص الَّذي نقل الخبَر، بالإضافةِ إلى دليلٍ يطلبهُ الكتاب المقدَّس – على فَمِ شاهِدَين أو ثلاثة (تثنية ١٥:١٩).
- شَاهِدَ ظُلْمٍ: “من الأفضل ترجمتها، ’شاهِدٌ مسؤولٌ عن العنف،‘ من أجل الفكرة بأنَّ الحكم قد يكون مُميتًا بالنِّسبة إلى الـمُدَّعى عليه.” كُول (Cole)
- لَا تَتْبَعِ ٱلْكَثِيرِينَ إِلَى فِعْلِ ٱلشَّرِّ: لقد كان دائمًا في طبيعة الإنسان بأن يَتْبَعَ ٱلْكَثِيرِينَ إِلَى فِعْلِ ٱلشَّرِّ، منذ يومِ تَبِعَ آدَم حوَّاء إلى الخطيَّة.
- من السُّهولة بمكانٍ ما بل وخَطَرٌ بأن تكونَ مَائِلًا وَرَاءَ ٱلْكَثِيرِينَ لِلتَّحْرِيفِ، لاتِّباع أترابِنا ورأي الجماعة. عندما نقومُ بذلك، سيُؤدِّي إلى تَقْبُّلِ خَبَرٍ كَاذِبٍ أو تسيرُ فِي دَعْوَى مَائِلًا وَرَاءَ ٱلْكَثِيرِينَ لِلتَّحْرِيفِ، وهذا خطيَّة.
- من أجلِ هذا السَّبب بالذَّات، من المُهمِّ أن نختار بدقة الأشخاص الذين نتعامل معهم: “لَا تَضِلُّوا: فَإِنَّ ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلْأَخْلَاقَ ٱلْجَيِّدَةَ.” (١ كورنثوس ٣٣:١٥).
- “إنَّ التَّاريخ لكلِّ الحركات الصَّحيحة قد كان في الدَّرجة الأُولَى تاريخ الأرواح الوحيدة، التي عندما سمعت صوتَ الله الأصليّ، وقفت وحيدةً أو في جماعاتٍ أقلِّيَّة.” مورجان (Morgan)
- وَلَا تُحَابِ مَعَ ٱلْمِسْكِينِ فِي دَعْوَاهُ: لا يجبُ إظهار الـمُحاباة لِرَجُلٍ مِسْكِينِ؛ فلا ينبغي تفضيل الفقراء لِمُجرَّد أنَّهُم فقراء، تمامًا كَتفضيلِ الأغنياء كَونَهم أغنياء. فحقائقُ القضيَّة ومبادئ العدالَة يجب أن تُحدِّد الخلاف، وليس المقام الوضيع أو السَّامي أو وَضْع الضَّحيَّة الملموس بالنِّسبة إلى الـمُتورِّطين.
ب) الآيات (٤-٩): قوانينٌ تُعزِّز اللُّطفَ والسُّلوك المدنيّ البار.
٤ إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا، تَرُدُّهُ إِلَيْهِ.٥ إِذَا رَأَيْتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعًا تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَحُلَّ مَعَهُ .٦ لَا تُحَرِّفْ حَقَّ فَقِيرِكَ فِي دَعْوَاهُ .٧ اِبْتَعِدْ عَنْ كَلَامِ ٱلْكَذِبِ، وَلَا تَقْتُلِ ٱلْبَرِيءَ وَٱلْبَارَّ، لِأَنِّي لَا أُبَرِّرُ ٱلْمُذْنِبَ .٨ وَلَا تَأْخُذْ رَشْوَةً، لِأَنَّ ٱلرَّشْوَةَ تُعْمِي ٱلْمُبْصِرِينَ، وَتُعَوِّجُ كَلَامَ ٱلْأَبْرَارِ .٩ وَلَا تُضَايِقِ ٱلْغَرِيبَ فَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ نَفْسَ ٱلْغَرِيبِ، لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ.
- إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا، تَرُدُّهُ إِلَيْهِ: هذه الوصيَّة الـمُتعلِّقة بالإحسان تجاه عَدُوِّكَ كانت مُهمَّة. فهي تُشيرُ إلى أنّ الإحسان واللُّطفَ في إسرائيل هُما ليسا مطلوبَين فقط من أجلِ أُولئك المقبولين والمحبوبين، بل للجميع. قد لا يحتاجُ المرءُ إلى وصيَّةٍ كهذهِ من أجل الصَّديق، لكنَّها كانت ضروريَّة من أجل العدوِّ و المُبغِض.
- لقد كان المبدأُ واضِحًا: إنَّ شعورك بالنِّسبة إلى أحدٍ ما لا يُحدِّدُ أيَّ سلوكٍ صالِحٍ أم خاطئٍ تجاهَهُم. فهذه مبادئ العدالَة التي يجب أن تُؤخَذَ بعين الإعتبار، أبعدَ من المشاعر.
- “العدوُّ في هذا السِّياق من الـمُحتمَل أن يعني ’خصمًا قانونيًّا.‘ تتطلَّب العدالَة أن نُعامِلَهُ مثل أيِّ جارٍ لنا.” كُول (Cole)
- لَا تُحَرِّفْ حَقَّ فَقِيرِكَ فِي دَعْوَاهُ: لقد عرفَ الله أنَّه قد يكون سهلًا بالنِّسبة على الفقير بأن يُهمَلَ في إدارة العدالة. فكَونُ أحدِهِم فقيرًا لا يجعله مُحقًّا في أيِّ نزاع، لكن لا يجب أن يمنعهم ذلك من الحصول على إجراءاتٍ عادِلة.
- اِبْتَعِدْ عَنْ كَلَامِ ٱلْكَذِبِ، وَلَا تَقْتُلِ ٱلْبَرِيءَ وَٱلْبَارَّ: إنَّ تعزيز الحقِّ كان أساسيًّا تحت مظلَّة النَّاموس. لقد عرفَ الله مقدارَ تبْرير الشَّرِّ والظُّلم بين النَّاس بالكَذِب، لذلك أكَّد قَول الحقِّ في حياة إسرائيل اليوميَّة وفي الـمُمارسات القضائيَّة.
- إنَّ الوصيَّة: لَا تَقْتُلِ ٱلْبَرِيءَ وَٱلْبَارَّ، تتكلَّم ليس عن ضرورة الحاجة لحماية الحياة داخل الرَّحَم فقط، بل أيضًا في حالاتٍ عدَّة حيث تتطلَّب العدالَة الموت للـمُذنِب والشِّرِّير.
- وَلَا تَأْخُذْ رَشْوَةً، لِأَنَّ ٱلرَّشْوَةَ تُعْمِي ٱلْمُبْصِرِينَ، وَتُعَوِّجُ كَلَامَ ٱلْأَبْرَارِ: في تعزيز وتوثيق العدالَة، فقد أمرَ الله بما يُعاكِس الرَّشوة. تحديدًا، فقد أوصى ضدَّ أخذِ الرَّشوة؛ فصانِعو الرَّشوة لا يُمكنهم الوجود من دون قابلي الرَّشوة.
- ثَوْرَ عَدُوِّكَ … مُبْغِضِكَ … وَلَا تُضَايِقِ ٱلْغَرِيبَ: لقد أمر الله إسرائيل بأن يُظهِرَ لُطفًا ومُساواةً وإنصافًا تجاه أُولئك الَّذين ليسوا لُطفاء بطبيعتهم. وفي أوقاتٍ أُخرى، علَّم بعضُ الحاخامات بوجودِ التزامٍ – أو على الأقلِّ سماحٍ – بكراهيَّة العدوّ. هُنا، فإنَّ الإنصاف واللُّطفَ أُوصِيَ بهما حتَّى إلى مُبْغِضِكَ – وحتَّى كما أوضَح المسيحُ في مَثَل السَّامريّ الصَّالِح (لوقا ٣٠:١٠-٣٧).
- فَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ نَفْسَ ٱلْغَرِيبِ: “في العبريَّة، هذه ليست الكلِمة الـمُعتادَة لِـ ’النَّفس‘ أو ’القلب،‘ لكن nepes، التي يُمكِن ترجمتها ’حياة‘ أو ’ذات/نفس.‘ يبدو هُنا وكأنَّها تحمل في طيَّاتها معنى ’الشَّوق والحنين‘” (كُول (Cole)
- لقد لخَّص يسوع ببساطة هذه القوانين مُعزِّزًا اللُّطفَ والسُّلوك الـمُنصِف في جماعة إسرائيل: … تُحِبُّ … َقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ (لوقا ٢٧:١٠).
ثانيًا. قوانين تتعلَّق بالتزام الطُّقوس والشَّعائر
أ ) الآيات (١٠-١٣): مبدأ السَّبت.
١٠ «وَسِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ أَرْضَكَ وَتَجْمَعُ غَلَّتَهَا، ١١ وَأَمَّا فِي ٱلسَّابِعَةِ فَتُرِيحُهَا وَتَتْرُكُهَا لِيَأْكُلَ فُقَرَاءُ شَعْبِكَ. وَفَضْلَتُهُمْ تَأْكُلُهَا وُحُوشُ ٱلْبَرِّيَّةِ. كَذَلِكَ تَفْعَلُ بِكَرْمِكَ وَزَيْتُونِكَ .١٢ سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ عَمَلَكَ. وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَفِيهِ تَسْتَرِيحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ، وَيَتَنَفَّسَ ٱبْنُ أَمَتِكَ وَٱلْغَرِيبُ. ١٣ وَكُلُّ مَا قُلْتُ لَكُمُ ٱحْتَفِظُوا بِهِ، وَلَا تَذْكُرُوا ٱسْمَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَا يُسْمَعْ مِنْ فَمِكَ.
- وَسِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ أَرْضَكَ: كان مبدأُ السَّبت مُطبَّقًا في مجالٍ أوسَع من أُسبوع العمل. فقد كان هُناك أيضًا سبتُ سنينٍ، حيث تُرَاحُ وَتُتْرَكُ الأرض سنةً في كلِّ سبعِ سنين.
- “قانون السَّنة السَّبتيَّة. لقد كان فريدًا في العالَم، ومُرتبطًا فقط بإسرائيل.” توماس (Thomas)
- وَأَمَّا فِي ٱلسَّابِعَةِ فَتُرِيحُهَا وَتَتْرُكُهَا: بحسب التَّقليد، قام البعض في إسرائيل بزراعة ستَّة أسباع الأرض في أيِّ وقتٍ، بالإضافة إلى مُمارسة طريقة التَّدوير أو التَّناوب في المحاصيل.
- لِيَأْكُلَ فُقَرَاءُ شَعْبِكَ: إنَّ أحد الأسباب الَّذي حدَت بالله إلى التَّوصية بسنة السَّبت، هو لإعطاء الفقير شيئًا يأكلهُ، وذلك بالسَّماح لهم بحصاد ومُعالجة المحاصيل غير المزروعة في الأرض التي تُرِكَت لِتَرتاح. فقد كانت هذه طريقة لِمُساعدة الفقير وذلك عبرَ أمريَن: يكفُّ المالِكُ يدَه عن الرِّبح الأقصى، ويُحفَّزُ الفقراء على العمل من أجل مُساعدة أنفسِهِم.
- لقد حدَّد فَشَلُ إسرائيل في إعطاءِ الأرض سنتها السَّبتيَّة، حتميَّة و توقيت السَّبي البابليّ (لاويِّين ٣٢:٢٦-٣٥، ٢ أخبار الأيَّام ٢١:٣٦).
- وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَفِيهِ تَسْتَرِيحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ: لقد كان مبدأُ سبت الرَّاحة يشمَل جميع النَّاس، وحتَّى الحيوانات. وعلى نفس النَّمَط، فإنَّ راحةَ السَّبتِ الـمُتمَّمة في يسوع، فهي مُوجَّهة إلى كلِّ النَّاس (٢ بطرس ٩:٣)، وحتَّى إلى كلِّ الخليقة (رومية ٢١:٨).
- وَلَا تَذْكُرُوا ٱسْمَ آلِهَةٍ أُخْرَى: كان يجبُ أن يُكرِّسَ السَّبتُ إلى الرَّبِّ الإلَه، وليس إلى إيِّ إلَهٍ غريبٍ أو كاذِب.
ب) الآيات (١٤-١٧): ثلاثةُ احتفالاتٍ وطنيَّة.
١٤ «ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تُعَيِّدُ لِي فِي ٱلسَّنَةِ .١٥ تَحْفَظُ عِيدَ ٱلْفَطِيرِ. تَأْكُلُ فَطِيرًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرْتُكَ فِي وَقْتِ شَهْرِ أَبِيبَ، لِأَنَّهُ فِيهِ خَرَجْتَ مِنْ مِصْرَ. وَلَا يَظْهَرُوا أَمَامِي فَارِغِينَ .١٦ وَعِيدَ ٱلْحَصَادِ أَبْكَارِ غَلَّاتِكَ ٱلَّتِي تَزْرَعُ فِي ٱلْحَقْلِ. وَعِيدَ ٱلْجَمْعِ فِي نِهَايَةِ ٱلسَّنَةِ عِنْدَمَا تَجْمَعُ غَلَّاتِكَ مِنَ ٱلْحَقْلِ .١٧ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ يَظْهَرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ ٱلسَّيِّدِ ٱلرَّبِّ.
- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تُعَيِّدُ لِي فِي ٱلسَّنَةِ: لقد أمرَ الله بأن يجتمِعَ جميع الشَّعب في إسرائيل ثلاثَ مرَّاتٍ في السَّنة، وذلك لِمُمارسة أهمِّ ثلاثة أعياد. لقد تضمَّنت هذا الأعياد على: عيد الفطير (الـمُرتبِط بالفصح)، وعيد الحصَاد (أبكار الغلَّات)، وعيد الجَمع (يوم الخمسين).
- “لقد استُثني هؤلاء الرِّجال من هذه الأعياد: كبارُ السِّنِّ، المرضَى، الحَمقى، والأولاد تحت سنِّ الثَّالثة عشرة؛ لقد كان الأطبَّاءُ اليهود يَعُونَ تمامًا هذه الوصيَّة” كلارك (Clarke)
- عِيدَ ٱلْفَطِيرِ … عِيدَ ٱلْحَصَادِ … عِيدَ ٱلْجَمْعِ: سَتُعطَى التَّفاصيل الـمُتعلِّقة بهذه الأعياد لاحِقًا في كتاب سفر اللَّاويِّين.
ج) الآيات (١٨-١٩): قوانين وأحكام تتعلَّق بالذَّبيحة وتقدِمات أبكار الغلَّات.
١٨ لَا تَذْبَحْ عَلَى خَمِيرٍ دَمَ ذَبِيحَتِي، وَلَا يَبِتْ شَحْمُ عِيدِي إِلَى ٱلْغَدِ .١٩ أَوَّلَ أَبْكَارِ أَرْضِكَ تُحْضِرُهُ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ. لَا تَطْبُخْ جَدْيًا بِلَبَنِ أُمِّهِ.
- لَا تَذْبَحْ عَلَى خَمِيرٍ دَمَ ذَبِيحَتِي: بما أنَّ الخميرة كانت رمزًا للخطيَّة والفساد، فلا يُمكِن أبدًا تقديم دَمِ الذَّبيحة على فطير.
- “لقد كان يعني هذا بأنَّه لا يجوز للإسرائيليِّين بأن يذبحوا حمَل أو شاةَ الفصحَ، بينما الفطير لا يزالُ في بيوتهم.” كايزر (Kaiser)
- وَلَا يَبِتْ شَحْمُ عِيدِي إِلَى ٱلْغَدِ: إذا كان عملُ الذَّبيحة سوف يُنظَرُ إليه كَعَمَلِ كاملٍ، فيجب أنْ يُقدَّم كاملًا إلى الرَّبِّ – كلُّ شيءٍ سوف يُقدَّم إلى الله، وليس جزءًا يُحفَظُ لِفَترةٍ لاحِقَة. وقد شمَل هذه الأمرُ تحديدًا شَحْمَ عِيدِي، أي الجزء الأفضَل من الحيوان الذَّبيحة.
- أَوَّلَ أَبْكَارِ أَرْضِكَ تُحْضِرُهُ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ: عندما أتى إسرائيل إلى كنعان، كانت أمامهم مسؤوليَّة موضوعة في تحضير أبكار الغلَّات وتقديمها إلى الله، بالإضافةِ إلى تقدماتهم الـمُعتادَة منها (خروج ١٦:٢٣). إنَّ إعطاءَ الله الأوَّل والأفضَل، يُكرِمهُ كَمُعطي كلِّ الأشياء.
- لَا تَطْبُخْ جَدْيًا بِلَبَنِ أُمِّهِ: هذه الوصيَّة التي تبدو غريبةً بعض الشَّيء، كانت بالفعل وصيَّة لِتَجنُّب تقليد طَقْسٍ وثنيّ يتعلَّق بالخصوبة.
- “تُشيرُ الكتابات الكنعانيَّة بأنَّ هذا الأمرَ، كان بمثابة تعويذةِ سحرٍ، لذلك فالوصفة لَهِيَ طقسيَّة أكثرَ منها إنسانيَّة.” كُول (Cole)
- “لقد كانت عادَة في الـمُجتمعات الوثنيَّة القديمة، حيث كانون يجمعون جميع أثمارهم ويطبخون جَديًا بِلَبَنِ أُمِّه؛ ومن ثمَّ، بطريقةٍ سحريَّة ما، يطوفون ويرشُّون بها كلَّ الأشجار والحقول والحدائق والبساتين؛ لقد كانوا يعتقدون بأنَّ هذا الطَّقس يجعلهم أكثر إنتاجًا، الأمر الَّذي يُساعدهم على الإنتاج بوِفرَة في السَّنة القادِمة.” كودورث (Cudworth)، مُقتبَسٌ من كلارك (Clarke)
- لكن، بسببِ تفسيرات الحاخامات الغريبة، يُمكِن الإشارة إلى سبب امتناع مُلتزِمٍ يهوديّ اليوم عن أكلِ فطيرَة كوشر أو كشروت، وهو الطعام الكوثر (الحلال) بحسب الأحكام اليهوديَّة. فاليهودُ الـمُلتزِمون اليوم لا يتناولون الحليب واللَّحم في نفس الغذاء (أو حتَّى في نفس الصَّحن باستخدام ذات أدوات الطَّبخ في الطَّناجر والأقدار)، ذلك لأنَّ الحاخامات قد أصرَّوا على احتمال أن يكون لَحم الفطيرة مأخوذًا من جَدْيٍ من البقر الحَلُوب، فيمتزِج الحليب مع اللَّحم في مَعِدَة الإنسان ويُنجِّسُهُ، في تعدٍّ صارخٍ على الوصيَّة.
- يُشيرُ هذا القانون أيضًا إلى رفض تواطؤ الأُمِّ في موتِ ذُرِّيَّتها. يقول ماير (Meyer) بأنَّ قانون الشَّريعة هذا كان المقصودُ منه، “أن يطبَع في الذِّهنِ تقدير عميق للنِّظام الطَّبيعيّ، وللعلاقةِ التي تجمع الأُم بذُرِّيَّتها. فمن غير الطبيعي إشراك الأم في وفاة طفلها.
ثالثًا. الوعدُ بحضورِ الله وبركاتهِ
أ ) الآيات (٢٠-٢١): الملاك الَّذي يحمِلُ اسمَ الله فيهِ.
٢٠ «هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلَاكًا أَمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي ٱلطَّرِيقِ، وَلِيَجِيءَ بِكَ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي أَعْدَدْتُهُ .٢١ اِحْتَرِزْ مِنْهُ وَٱسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلَا تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ، لِأَنَّ ٱسْمِي فِيهِ.
- هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلَاكًا أَمَامَ وَجْهِكَ: لقد أمر الله إسرائيل بطاعة هذا الملاك الفريد، والَّذي له الحقُّ بدينونةِ الأُمَّة. والأهمُّ من كلِّ هذا، فقد كان اسمُ الله في هذا الملاك (لِأَنَّ ٱسْمِي فِيهِ).
- نحن على عِلمٍ بعددٍ قليلٍ من الملائكة بأسمائها، وبمعنًى ما، فإنَّ كُلًّا من ميخائيل (Michael) وجبرائيل (Gabriel) له اسمُ الله في اسمِهِ. لكن، لا هذا ولا ذاك أمر الله بإطاعتِهما من إسرائيل، كما ولَم يدَّعِ أيٌّ منهما بالجلوس عليهم في الحُكمِ والدَّينونة. لقد كان هذا ملاكَ الرَّبِّ الخاص، يسوع الظَّاهر في العهد القديم، قبل تجسُّدهِ في بيتَ لحم، الَّذي غالِبًا ما يتكلَّمُ مُباشرةً كالرَّبِّ.
- “لَم يكُن هذا الملاك (عدد ٢٠) ملاكًا مخلوقًا، لكن مظهرًا أو ظهورًا إلهيًّا، الأُقنوم الثَّاني في الثَّالوث بشكلِ ملاك.” توماس (Thomas) “تبدو هذه الكلِمات: ’لِأَنَّ ٱسْمِي فِيهِ‘ وكأنَّها تُتَرجَم ’الـمُرسَل‘ إلى عالَمٍ خارقٍ للطَّبيعة، ذلك لأنَّ ’اسمَ‘ الله لَهُوَ مُساوٍ لطبيعته الـمُعلَنة.” كُول (Cole)
- لِأَنَّ ٱسْمِي فِيهِ: بالطَّبع، فإنَّ اسمَ يهوه هو في يسوع. فاسمُهُ هو، حرفيًّا، يشوع. لقد كان يسوع مع إسرائيل في كلِّ اختباراتهم في البرِّيَّة. “لقد كان هذا الملاك بسلطانِ ومقامِ اسمِ الله. وهو دليلٌ كافٍ بأنَّ الله نفسَهُ كان حاضِرًا في ابنهِ.” كايزر (Kaiser)
- وَلِيَجِيءَ بِكَ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي أَعْدَدْتُهُ: سيجيئُ هذا الملاك بهم إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي أَعْدَدْتُهُ. ينطبِق نفس المبدأ في حياتنا مع يسوع اليوم. فليس صحيحًا فقط بأنَّ يسوع يجيءُ أمامنا من أجلِ تحضير مكانٍ لنا في السَّماء (يوحنَّا ٢:١٤-٣)، بل أنَّ المكان الَّذي نمشي فيه اليوم قد حُضِّر من الله، والمكان الَّذي سنمشي فيه غدًا سيكون أيضًا مُحضَّرًا لنا منه.
ب) الآيات (٢٢-٢٦): البركاتُ الموعودَة لإسرائيل الـمُطيع.
٢٢ وَلَكِنْ إِنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، أُعَادِي أَعْدَاءَكَ، وَأُضَايِقُ مُضَايِقِيكَ .٢٣ فَإِنَّ مَلَاكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ وَيَجِيءُ بِكَ إِلَى ٱلْأَمُورِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ، فَأُبِيدُهُمْ .٢٤ لَا تَسْجُدْ لِآلِهَتِهِمْ، وَلَا تَعْبُدْهَا، وَلَا تَعْمَلْ كَأَعْمَالِهِمْ، بَلْ تُبِيدُهُمْ وَتَكْسِرُ أَنْصَابَهُمْ .٢٥ وَتَعْبُدُونَ ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ ٱلْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ .٢٦ لَا تَكُونُ مُسْقِطَةٌ وَلَا عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ، وَأُكَمِّلُ عَدَدَ أَيَّامِكَ.
- وَلَكِنْ إِنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ: لقد كان الأمرُ نموذجيًّا بالنِّسبة إلى العهد الموسويّ أن تكون البركة مبنيَّة، تقريبًا بكلِّ ما في الكلِمة من معنًى، على أداء إسرائيل. فإذا أطاعوا، لَسوفَ يُبارَكون. إذا لَم يُطيعوا، فسوف يُلعَنون.
- تحت مظلَّة العهد الجديد، نحن نعمل على أساس مبدأٍ آخَر. بالرغم من وجودِ تبِعاتٍ حتميَّة للخطيَّة وتقويم الله المحبِّ للعصيان وعدم الطَّاعة، فنحنُ مبارَكون في يسوع، وليس فقط لأنَّنا أطعنا (أفسس ٣:١).
- فَإِنَّ مَلَاكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ: لَم يُخرِج الله إسرائيل من أرض مصرَ لِيَتركهم ويُشتِّتَهُم في البرِّيَّة. لقد كانت ترمي خطَّته بأن يجيء بهم إلى أرض الوعِد، إلى أرضٍ تفيضُ لَبَنًا وعسلًا. وبالرغم من وجود أُمَمٍ عظيمة في كنعان، فإنَّ ملاكَهُ سيجيءُ بأُمَّة إسرائيل الطَّائعة إلى أرض الموعِد.
- لَا تَسْجُدْ لِآلِهَتِهِمْ: لقد كان الشَّعب الكنعانيّ مُنحرِفًا بشدَّة ومُنحطًّا أخلاقيًّا، فقد كان هذا نتيجةً طبيعيَّة لانحرافِ وانحطاطِ الآلِهَة الوثنيَّة التي خدموها. لذلك، كان من الـمُهمِّ بمكانٍ ما عدم تقليدِ أوثانهم وأصنامهم أو السَّماح لها بالإستمرار.
- “بالنِّسبة إلى الشُّعوب الـمَنْوي طَردها، من الـمُفيد الإشارة إلى أنَّ هذه الفقَرَة تُظهِر بأنَّ ’آلِهَتَهُم‘ قد كانت سبب خرابهم وحلِّهم. فكلُّ شيءٍ في حياة الإنسان أو الأُمَّة يعتمِدُ على طبيعة شخصيَّة العابِد.” مورجان (Morgan)
- وَتَعْبُدُونَ ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ: إذا رفضوا بالفعل آلِهةَ الكنعانيِّين واستمرُّوا في أمانتهم لله، فقد وعدَ بالمجيءِ بالبركات طوال حياتهم.
ج) الآيات (٢٧-٣٠): كيف سَيُساعد الله إسرائيل في امتلاك الأرض؟
٢٧ أُرْسِلُ هَيْبَتِي أَمَامَكَ، وَأُزْعِجُ جَمِيعَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ تَأْتِي عَلَيْهِمْ، وَأُعْطِيكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مُدْبِرِينَ .٢٨ وَأُرْسِلُ أَمَامَكَ ٱلزَّنَابِيرَ. فَتَطْرُدُ ٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ مِنْ أَمَامِكَ .٢٩ لَا أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، لِئَلَّا تَصِيرَ ٱلْأَرْضُ خَرِبَةً، فَتَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ ٱلْبَرِّيَّةِ .٣٠ قَلِيلًا قَلِيلًا أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ إِلَى أَنْ تُثْمِرَ وَتَمْلِكَ ٱلْأَرْضَ.
- أُرْسِلُ هَيْبَتِي أَمَامَكَ … وَأُعْطِيكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مُدْبِرِينَ: لقد وعد الله بأن يسيرَ أمام إسرائيل وأمام الأرض من أجلهم، مُستخدِمًا بوضوحٍ طرائقَ وأساليبَ خارقة للطَّبيعة (أُرْسِلُ هَيْبَتِي) وبحسبِ الظَّاهِر ظاهرة طبيعيَّة (وَأُرْسِلُ أَمَامَكَ ٱلزَّنَابِيرَ).
- “’أُرْسِلُ هَيْبَتِي‘ عبارةٌ تشرَح الطريقة التي استخدمها الله في إخضاع الكنعانيِّين أمام إسرائيل: سيتملَّكهُم خوفٌ إلهيّ.” لقد تمَّ ذلك في العديد من المقاطع مثل يشوع ١١:٢ كُول (Cole)
- “إذا اطَّلعنا على يشوع ٢٤: ١٢، نجدُ مَلِكان من الأمُّوريِّين قد أُخرِجا بتلك الزَّنابير، لذلك لَم يتوجَّب على إسرائيل استخدام السَّيف أو القَوس في فَتحِهِم واحتلالهم.” كلارك (Clarke)
- “ذلك الَّذي هو كملاكٍ بالنِّسبة إلى القدِّيسين، فهو كالزَّنابير بالنِّسبة إلى أعدائهم.” ماير (Meyer)
- قَلِيلًا قَلِيلًا: لقد وعد الله بطَردِ أعداء إسرائيل من كنعان، لكنَّه لَن يطردَهُم دفعةً واحِدَة. لَرُبَّما أراد إسرائيل بأن يمتلكوا الأرض بإخلائها من قُدَّامهم، لكنَّ الله قد عرفَ بأنَّ هذا لَن يكون الأفضَل بالنِّسبة إلى الأرضِ أو إليهم.
- بالرغم من أنَّ هذه الأمر قد يُسبِّبُ إحباطًا لنا، فهذه هي الطَّريقة التي غالِبًا يعمل الله من خلالها في حياتنا. فهو يُزيلُ الأشياءَ قليلًا قليلًا، بالرغم من تفضيلنا بأن يكون الأمر دفعةً واحِدَة. لكنَّ الله أراد إسرائيل بأن يُثمِرَ ويتكاثَر خلال عمليَّة استحواذهم على أرضِ الموعِد. لقد أراد لهم أن ينمو. فالله يكترِث لِنُموِّنا، ومن أجلِ ذلك يُنمِّينا غالِبًا قَلِيلًا قَلِيلًا.
- “تنهمر المراحم الإلهيَّة علينا كالفُتات؛ فنحن نحصل على بركاته بالتَّجزِئة. لذلك، لَن تُفرِغ الغيمةُ ماءَها دُفعةً واحِدَة، لكنَّها تنهمِرُ إلى الأرضِ قطرةً قطرة.” ترَاب (Trapp)
- لِئَلَّا تَصِيرَ ٱلْأَرْضُ خَرِبَةً، فَتَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ ٱلْبَرِّيَّةِ: لقد كان هذا سببًا واحِدًا يُفسِّر لماذا كان من الأفضلِ لله بأن يهزِمَ أعداءهم قَلِيلًا قَلِيلًا. فلَو تمَّ القيام بذلك بالطَّريقة السَّهلَة – أي بإخراج جميع أعداءِ إسرائيل دفعةً واحِدَة – لَبَرزت تبِعاتٌ لَم يكُن مُمكِنًا لإسرائيل بأن يراها أو يُقدِّرَها.
د ) الآيات (٣١-٣٣): حدود ميراث إسرائيل.
٣١ وَأَجْعَلُ تُخُومَكَ مِنْ بَحْرِ سُوفٍ إِلَى بَحْرِ فِلِسْطِينَ، وَمِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ إِلَى ٱلنَّهْرِ. فَإِنِّي أَدْفَعُ إِلَى أَيْدِيكُمْ سُكَّانَ ٱلْأَرْضِ، فَتَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ .٣٢ لَا تَقْطَعْ مَعَهُمْ وَلَا مَعَ آلِهَتِهِمْ عَهْدًا .٣٣ لَا يَسْكُنُوا فِي أَرْضِكَ لِئَلَّا يَجْعَلُوكَ تُخْطِئُ إِلَيَّ. إِذَا عَبَدْتَ آلِهَتَهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ فَخًّا».
- مِنْ بَحْرِ سُوفٍ إِلَى بَحْرِ فِلِسْطِينَ، وَمِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ إِلَى ٱلنَّهْرِ: لقد تضمَّن ذلك قسمًا كبيرًا جدًّا من الأرض، تلك الأرض التي لَم يمتلكها إسرائيل بالكامِل. يعتقِد البعض بأنَّ الأقرب الَّذي تمكَّنوا من الوصولِ إليه هو في أيَّام الملِك داود وسُليمان.
- بالرغم من هذا، فقد كانت هذه الأرض في بعض نقاطها تصِلُ إلى مناطق بعيدة حتَّى إلى نهر الفُرات. “إنَّ ’النَّهر‘ في الكتاب المقدَّس لَهُوَ دائمًا ’النَّهر الكبير،‘ أي الفُرات، تمامًا كما أنَّ ’البحر‘ هو بشكلٍ طبيعيٍّ حوض البحر الـمُتوسِّط.” كُول (Cole)
- هُناك مبدأٌ روحيّ هُنا. قد يُعطي الله، لكنَّنا يجبُ أن نمتلِك. فهو يحجبُ امتلاكنا للكثير من البركات إلى أن نتشارك معه في الإيمان الصَّلب والطَّاعة. لقد أُعطينا كُلَّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ فِي ٱلْمَسِيحِ (أفسس ٣:١)؛ لكنَّنا سنمتلك فقط ما سنشاركه معه في الإيمان والطَّاعة كي نحصل عليه.
- ليس الله أبًا مُتسامِحًا ومُتساهِلًا ومُفسِدًا، يُغدِقُ أولادَهُ بمصادره وبركاتهِ وعطاياه وهُم غير مُستعدِّين لِقَبولها أو لِتَحمُّلِّ مسؤوليَّتها. فعندما يكون شعبُهُ مُستعدًّا للإمتلاك بالإيمان، فالَّذي وُعِدَ بهِ يُصبحُ واقعًا حقيقيًّا.
- لَا تَقْطَعْ مَعَهُمْ: بسببِ غياب التَّمييز، انتهى المطافُ بإسرائيل بأن يصنعوا عهدًا مع بعض شعوب الأرض (يشوع ٩). فليسَ هُناك من مساحةٍ في النَّاموس استطاع إسرائيل – أو أيُّ أحَدٍ آخَر – بأن يحفظها أبدًا بشكلٍ كامل.