أمثال 14
المقابلة بين الحكمة والحماقة
أمثال 14: 1
1حِكْمَةُ ٱلْمَرْأَةِ تَبْنِي بَيْتَهَا، وَٱلْحَمَاقَةُ تَهْدِمُهُ بِيَدِهَا.
- حِكْمَةُ ٱلْمَرْأَةِ تَبْنِي بَيْتَهَا: الحكمة تبني. انظر إلى ما هو موجود، وفكّر بحكمة كيف يمكنك أن تحسّنه. لقد بُنيت بيوت كثيرة من قِبل امرأة تقية حكيمة ترعى بيتها وتبنيه.
تستطيع المرأة بحصافتها وإدارتها المُجِدّة أن تزيد الممتلكات في العائلة، والأثاث في البيت، والطعام والكساء لأهل بيتها. هذا هو البناء الحقيقي للبيت. وأما الزوجة الحمقاء فتتصرف على نحو مختلف، والنتيجة هي العكس. كلارك (Clarke)
- وَٱلْحَمَاقَةُ تَهْدِمُهُ بِيَدِهَا: الحماقة تهدم. وبدلًا من أن تدعم وتبني ما هو موجود، فإنها تُظهر طبيعتها الهدامة. وتتمتع المرأة في البيت بقوة هائلة لجعل البيت مكانً أفضل أو أسوأ.
بِيَدِهَا: كما أن الزوج مثل الرأس الذي تتدفق منه جميع الأعصاب، كذلك فإن الزوجة مثل اليدين اللتين تتدفق فيهما الأعصاب وتمكنهما من القيام بوظيفتيهما.” تراب (Trapp)
“لاحظ المرأة الحمقاء، كسلها، وتبديدها، ومحبتها للذة، والافتقار إلى النظر إلى العواقب والاهتمام. نرى بيتها مهدَّمًا في ارتباك. كان من الممكن أن تكون هذه نتيجة محزنة لو أن عدوًّا فعل هذا. لكنه فِعْل يديها، أي تمّ تفكيك البيت على يديها.” بريدجز (Bridges)
أمثال 14: 2
2اَلسَّالِكُ بِٱسْتِقَامَتِهِ يَتَّقِي ٱلرَّبَّ، وَٱلْمُعَوِّجُ طُرُقَهُ يَحْتَقِرُهُ.
- اَلسَّالِكُ بِٱسْتِقَامَتِهِ يَتَّقِي ٱلرَّبَّ: ما زال على ذاك المستقيم من خلال تراثه، وعاداته الماضية، ومجرى حياته العام، أن يسلك باستقامته. وسيدل هذا على مخافته للرب.
يوصل السطر الأول من المثل نظرة العهد الجديد إلى الطاعة المسيحية. ودعوتنا هي أن نكون ما نحن عليه. فقد جعلنا يسوع خليقة جديدة فيه. جعلنا مستقيمين. وواجبنا هو أن نسلك في هذه الاستقامة.
2. وَٱلْمُعَوِّجُ طُرُقَهُ يَحْتَقِرُهُ: يبيّن أنه في الواقع يحتقر الله وسلطته. يقولون: ’لَا نُرِيدُ أَنَّ هَذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا‘ (لوقا 19: 14). ويبيّن هذا مدى إثم الخطية. فغالبًا ما لا تكون مجرد ضعف، بل تكون في الغالب تمردًّا عميقًا متجذرًا ضد الله.
أمثال 14: 3
3فِي فَمِ ٱلْجَاهِلِ قَضِيبٌ لِكِبْرِيَائِهِ، أَمَّا شِفَاهُ ٱلْحُكَمَاءِ فَتَحْفَظُهُمْ.
- فِي فَمِ ٱلْجَاهِلِ قَضِيبٌ لِكِبْرِيَائِهِ: يستحق الأحمق (ٱلْجَاهِلِ) قضيب التقويم (أمثال 10: 13). وفي هذه الصورة الكلامية، يبدو قَضِيبٌ التقويم مصنوعًا من كبرياء الأحمق، وهو يأتي من فمه.
“تجد كبرياء الأحمق قضيبًا في فمه يجلده، وهي أسوأ عدو له وللآخرين.” والتكي (Waltke)
“إنه قضيب كبرياء هنا. وهو يضرب الله أحيانًا، والناس أحيانًا أخرى. ولو حدث أن حكمَ هذا القضيب الأرض، فمن سيحتمله؟” بريدجز (Bridges)
- أَمَّا شِفَاهُ ٱلْحُكَمَاءِ فَتَحْفَظُهُمْ: يجلب فم الأحمق عقابًا له. لكن الإنسان الحكيم يُنقَذ بكلمات فمه.
أمثال 14: 4
4حَيْثُ لَا بَقَرٌ فَٱلْمَعْلَفُ فَارِغٌ، وَكَثْرَةُ ٱلْغَلَّةِ بِقُوَّةِ ٱلثَّوْرِ.
- حَيْثُ لَا بَقَرٌ فَٱلْمَعْلَفُ فَارِغٌ: حيث لا يتم إنجاز عمل، فلا توجد فوضى مصاحبة للتعامل معها. ولهذا، إذا كنت تمتلك ثيرانًا، فستجلب معها مقدارًا من العمل والفوضى.
- وَكَثْرَةُ ٱلْغَلَّةِ بِقُوَّةِ ٱلثَّوْرِ: غير أن الفوضى التي يجلبها الثور تستحق العناء. إذ تأتي كثرة الغلة من قوة الثور المثيرة للإعجاب. وأما الذين يصرّون على ضرورة عدم وجود أية فوضى أو اضطراب، فسيفوّتون كثرة الغلة التي تأتي من الأشياء الجيدة التي يمكن أن تكون فوضوية.
هذا مبدأ مهم عندما يتعلق الأمر بحياة الكنيسة والمجتمع المسيحي. هنالك أشخاص تستحوذ عليهم، بِنِيّة حسنة، فكرة ضرورة أن لا يكون هنالك أي نوع من ‘الفوضى’ للتعامل معه بين المؤمنين. ويرون أنه يتوجب تنظيم كل تعبير عن الحياة الروحية بشكل مفرط ومراقبته بريبة مع توقُّع خطأ جسيم. وليس هذا إهانة للحرية المسيحية فحسب، لكنه يخلق أيضًا بيئة لا توجد فيها كثرة ‘غلّة،’ لأنه لن يتسامح أحد مع أية فوضى في المعلف.
“يمكن أن يصل النظام إلى نقطة العقم. وليست هذه دعوة إلى الإهمال أو عدم العناية ماديًّا أو أخلاقيًّا، لكنها دعوة إلى الاستعداد لقبول الجيشان والاضطراب، والتعامل مع الفوضى كثمن للنمو. ولهذا تطبيقات كثيرة على الحياة الشخصية والمؤسسية والروحية. ويمكن نقش ذلك في محاضر الهيئات الدينية، وتعزيز نظرة المزارع، لا نظرة القيِّم على العمل.” كيدنر (Kidner)
استخدم آدم كلارك (Adam Clarke) هذا المثل في وصف سبعة أسباب تجعل الثيران مفضلة كثيرًا على الخيول كحيوانات مزرعة، وخلص إلى ما يلي: “الثيران مفضّلة كثيرًا على الخيول في المزارع الكبيرة. وما عليك إلا أن تصبر على هذا الحيوان الصبور جدًّا لتجد غلّة كثيرة بقوة الثور وعمله.”
أمثال 14: 5
5اَلشَّاهِدُ ٱلْأَمِينُ لَنْ يَكْذِبَ، وَٱلشَّاهِدُ ٱلزُّورُ يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ.
- اَلشَّاهِدُ ٱلْأَمِينُ لَنْ يَكْذِبَ: تحتوي هذه العبارة البسيطة المباشرة تعليمًا روحيًّا كثيرًا. فقد دعا يسوع أتباعه ليكونوا شهودًا له (أعمال الرسل 1: 8). ومن المسؤوليات الرئيسية للشاهد أن يقول الحق ولا يكذب. وعندما يكون لدينا إيمان أصيل وخبرة في شخص يسوع المسيح وعمله، يمكننا أن نقدم شهادة صحيحة بسيطة عنه.
- وَٱلشَّاهِدُ ٱلزُّورُ يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ: ومرة أخرى، تشير هذه العبارة البسيطة إلى حقيقة روحية عظيمة. فلا ينبغي أن نكون شهود زور له فنتفوّه بالأكاذيب حول هويته، وطبيعته، وما فعله في حياتنا.
يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ: “هو شاهد زور، أو مستعد لأن يكون كذلك عندما يتطلب الأمر ذلك. فبعد أن أفسد ضميره بكذبه اليومي، فإنه مستعد وميّال إلى تقديم شهادة زور.” بولي (Poole)
أمثال 14: 6
6الْمُسْتَهْزِئُ يَطْلُبُ ٱلْحِكْمَةَ وَلَا يَجِدُهَا، وَٱلْمَعْرِفَةُ هَيِّنَةٌ لِلْفَهِيمِ.
- الْمُسْتَهْزِئُ يَطْلُبُ ٱلْحِكْمَةَ وَلَا يَجِدُهَا: عندما يطلب أحدهم الحكمة ولا يجدها، فإن هذا دليل على أنه على الأرجح شخص مستهزئ، شخص سعيه إلى الحكمة والحق متشكك وساخر وسطحي.
“قد يطلب مثل هؤلاء الحكمة، لكنهم لا يستطيعون أن يجدوها، لأنهم لا يطلبونها حيث توجد، ولا في تعليم روح الله، ولا في إعلان إرادته.” كلارك (Clarke)
- وَٱلْمَعْرِفَةُ هَيِّنَةٌ لِلْفَهِيمِ: وعد يسوع: ‘اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ’ (متى 7: 7). وهذا وعد للساعي المخْلص، للفهيم.
أمثال 14: 7
7اِذْهَبْ مِنْ قُدَّامِ رَجُلٍ جَاهِلٍ إِذْ لَا تَشْعُرُ بِشَفَتَيْ مَعْرِفَةٍ.
- اِذْهَبْ مِنْ قُدَّامِ رَجُلٍ جَاهِلٍ: سبق أن تحدَّث سفر الأمثال (كما في أمثال 13: 20) عن خطر الأصدقاء الحمقى. وهنا يشجع على تجنّبهم وعدم الوجود في حضورهم تمامًا.
“لا يستطيع المرء أن يزداد معرفة من خلال معاشرة الأحمق. فلا شيء يأتي منه، وهو أمر يؤكده كثيرون.” روس (Ross)
2. إِذْ لَا تَشْعُرُ بِشَفَتَيْ مَعْرِفَةٍ: يمكن أن يُعرف الحكيم والأحمق من كلامهما. وهذه طريقة رائعة، وغالبًا مهملة، لتمييز الحكيم من الأحمق.
أمثال 14: 8
8حِكْمَةُ ٱلذَّكِيِّ فَهْمُ طَرِيقِهِ، وَغَبَاوَةُ ٱلْجُهَّالِ غِشٌّ.
- حِكْمَةُ ٱلذَّكِيِّ فَهْمُ طَرِيقِهِ: يتفكر الإنسان الحصيف (الذكي) طريقه بعناية ويفهمه. وهو يعرف السبيل الذي يسلك فيه، وأين وصل، ومدى تقدُّمه على طول الطريق.
حِكْمَةُ ٱلذَّكِيِّ: “لا تتمثل في تكهنات عبثية، ولا في تَحَسُّس فضولي لأمور الآخرين، ولا في فنون خداع الناس، لكن في دراسة جادة لواجبه الخاص، وللطريق إلى السعادة الأبدية الحقيقية.” بولي (Poole)
- وَغَبَاوَةُ ٱلْجُهَّالِ غِشٌّ: يفسّر هذا أحد أسباب تفشّي الحماقة والحمقى. إذ تعتمد جاذبيّتهم على الغش بنفس الطريقة التي يخدع بها الطُّعْم السمك لتتجاهل الخطّاف.
أمثال 14: 9
9اَلْجُهَّالُ يَسْتَهْزِئُونَ بِٱلْإِثْمِ، وَبَيْنَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ رِضًى.
- اَلْجُهَّالُ يَسْتَهْزِئُونَ بِٱلْإِثْمِ: هذه طبيعة الحمقى وحماقتهم. يعتقدون أن الخطية أمر هين يستحق الاستهزاء به. ويرتبط استهزاؤهم بالخطية بافتقارهم إلى تقوى الرب (أمثال 1: 29 و8: 13).
“لكن من يجعل من ارتكاب الخطية رياضة (تسلية)، لن يجد أية رياضة في معاناة انتقام النار الأبدية.” كلارك (Clarke)
- وَبَيْنَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ رِضًى: يجد المستقيمون أمام الله والإنسان رضًا بينهما.
“يخطئ الحمقى ويسخرون من تقديم التعويضات، لكنهم لا يجدون رضًا أو قبولًا إلهيًّا متبادلًا.” والتكي (Waltke)
أمثال 14: 10
10اَلْقَلْبُ يَعْرِفُ مَرَارَةَ نَفْسِهِ، وَبِفَرَحِهِ لَا يُشَارِكُهُ غَرِيبٌ.
- اَلْقَلْبُ يَعْرِفُ مَرَارَةَ نَفْسِهِ: هنالك ألم ومرارة تكفي لكل قلب. لكن رغم أن قلب المرء يعرف مرارته، إلا أنه يصعب على أي شخص آخر أن يعرف ألم قلب شخص آخر ومرارته.
“لا يجوز أن نحكم على إخوتنا كما لو أننا نفهمهم وأننا مؤهلون لإصدار حكم عليهم. لا تجلسوا مثل أصحاب أيوب وتدينوا الأبرياء.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَبِفَرَحِهِ لَا يُشَارِكُهُ غَرِيبٌ: وما صحّ عن مرارة الحياة في السطر الأول من هذا المثل، فإنه يصح في الغالب على فرح الحياة. إذ يمكن أن يكون أمرًا صعبًا أن يشارك شخص فرح قلب آخر حقًّا.
“فرح القلب شخصي تمامًا، وهو يكمن عميقًا فيه. كان بمقدور ميكال أن تفهم شجاعة داود، لكن لا فرحه. عرفته كرجل حرب، لا كرجل الله.” بريدجز (Bridges)
أدرك سبيرجن (Spurgeon) أفراحًا كثيرة شخصية في طبيعتها لا يستطيع الغريب أن يشاركها.
ü فرح غفران الخطية
ü فرح الانتصار على الخطية
ü فرح استعادة العلاقة بالله
ü فرح الخدمة المقبولة
ü فرح الصلاة المستجابة
ü فرح كوننا مفيدين لله
ü فرح السلام في وقت الضيق
ü وأسمى فوق هذا كله: فرح الشركة مع الله
أمثال 14: 11
11بَيْتُ ٱلْأَشْرَارِ يُخْرَبُ، وَخَيْمَةُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ تُزْهِرُ.
- بَيْتُ ٱلْأَشْرَارِ يُخْرَبُ (يُقْلَب): لا يمكن أن يصمد ما يُبنى على أساس سيئ، وبشكل خاص ضد عواصف دينونة الله القادمة.
- وَخَيْمَةُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ تُزْهِرُ: يتفاخر الشرير ببيته العظيم، ويحتقر جاره المستقيم الذي يعيش في خيمة بسيطة. غير أن خيمة المستقيمين أكثر أمانًا من بيت الأشرار.
“لا يُقصد أن تكون الخيمة بأي حال من الأحوال نوعًا من المسكن الدائم، لكنها تشير إلى خيمة البدوي الذي ينتقل من مكان إلى آخر، وهي مثلثة الشكل، مدعومة في الوسط بعامود خشبي، ومؤلفة من عدة ستائر داكنة اللون من جلد الماعز. وكانت تُثبَّت بأوتاد وحبال.” والتكي (Waltke)
أمثال 14: 12
12تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ ٱلْمَوْتِ.
- تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً: غالبًا ما يتحدث سفر الأمثال عن الطريق، ذاك الذي يسلكه الرجل أو المرأة. ولاحظَ سليمان أن هذه الطريق تبدو في الغالب مستقيمة للإنسان، حيث تّظهر سبيل حياته جيدًا بالنسبة له. وربما يتساءل لماذا يمكن أن يكون لله أو لشخص آخر رأي مختلف.
“فالفكرة هنا هي خداع الشر. قد يَعِد الشر بالسعادة، والنفوذ، والحياة الطيبة، ويفي بوعده. لكنه لا يستطيع أن يحافظ على ما يقدّمه.” روس (Ross)
- وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ ٱلْمَوْتِ: رغم أن هذه الطريق تبدو مستقيمة، إلا أنها تؤدي إلى الموت. إذ تفهم الحكمة أن ما قد يبدو مستقيمًا لإنسان ليس كذلك بالضرورة. إذ يمكن أن يبدو طريق الموت.
يذكّرنا المثل بأن طريق الموت نادرًا ما يميَّز بوضوح. “ليست سلامة الطريق ومصيرها دائمًا كما يَظهران (متى 7: 13-14). فمن المؤكد أن الطريق المخادعة تؤدي إلى الموت، مثل الطريق المعلَّمة بوضوح.” والتكي (Waltke)
يوضح هذا احتياجنا إلى إعلان من الله. فلا نستطيع أن نتكل بشكل كامل على فحصنا للأمور وحُكمنا عليها. فلكي نعرف حقًّا أننا نسير في طريق الحياة (بدلًا من الموت)، ينبغي أن نخاف الرب ونحصل على حكمته، وبشكل خاص كما هي معلنة في كلمته.
مبدأ هذا المثل مهم جدًّا حتى إنه يتكرر ثانية في أمثال 16: 25.
أمثال 14: 13
13أَيْضًا فِي ٱلضِّحِكِ يَكْتَئِبُ ٱلْقَلْبُ، وَعَاقِبَةُ ٱلْفَرَحِ حُزْنٌ.
- أَيْضًا (حتى) فِي ٱلضِّحِكِ يَكْتَئِبُ ٱلْقَلْبُ: ليس الإنسان الذي يضحكُ كثيرًا دائمًا سعيدًا. فقد يُستخدم التعبير الخارجي (الضحك) لإخفاء حزن عظيم في القلب.
“يهدف المثل إلى إعلان غرور الأفراح والتعزيات الدنيوية، وتعليم الناس الاعتدال، وإقناعنا بالسعي وراء أفراح أكثر متانة وديمومة.” بولي (Poole)
2. وَعَاقِبَةُ ٱلْفَرَحِ (المرح) حُزْنٌ: يمكن أن يكون الضحك والمرح أكثر من مجرد قناعين للحزن. إذ قد ينتهيان بالفعل إلى أسى وحزن. ونحن ممتنون للضحك والمرح التقيين، ما داما لا يبعداننا عن مخافة الرب والحكمة المرتبطة بها.
أمثال 14: 14
14اَلْمُرْتَدُّ فِي ٱلْقَلْبِ يَشْبَعُ مِنْ طُرُقِهِ، وَٱلرَّجُلُ ٱلصَّالِحُ مِمَّا عِنْدَهُ.
- اَلْمُرْتَدُّ فِي ٱلْقَلْبِ يَشْبَعُ (ممتلئ) مِنْ طُرُقِهِ: من المؤكد أن الذين يتراجعون في علاقتهم بالله وطاعته سيعانون من وراء ذلك، حتى لو كان هذا التراجع (الارتداد) في القلب فقط. إذ سينعكس هذا التراجع عليهم.
المرتد: “القسم الأول من اسمه هو ‘مرتد.’ وهو لا يعدو إلى الخلف، ولا يقفز إلى الوراء، لكنه مرتد بمعنى أنه ينزلق بحركة سهلة لا جهد فيها، وبنعومة وهدوء بطريقة ربما لا يلحظها هو نفسه أو آخرون.” سبيرجن (Spurgeon)
“لا تعني بقعة على جلدك أنك مصاب بالبرص. ولا تشير كل خطية إلى أنك مرتد.” بريدجز (Bridges)
“ما هو المتضمَّن في القول إنه ‘يَشْبَعُ مِنْ طُرُقِهِ؟’ يتضمن ذلك أن نفسه مشبعة بالحماقة والخطية وخيبة الأمل.” كلارك (Clarke)
“كُتبتْ قصة يهوذا مرارًا وتكرارًا في حياة خونة آخرين. فقد سمعنا عن يهوذا كشمّاس وشيخ. ورأينا يهوذا يعظ. وقرأنا مؤلفات يهوذا الأسقف. ورأينا يهوذا المرسَل. ويستمر يهوذا في مهنته أحيانًا لسنوات كثيرة. لكن عاجلًا أم آجلًا، سيُكتشف المعدن الأخلاقي الحقيقي للرجل.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَٱلرَّجُلُ ٱلصَّالِحُ مِمَّا عِنْدَهُ: يتمتع الحكماء الذين يفعلون الخير ببركة الله ورضاه.
“ويعني هذا ببساطة أن كل ما يمكن أن يوجد داخل الإنسان في أعماق شخصيته سيظهر عاجلًا أم آجلًا، وسيتحول هذا إلى خبرة فعلية قابلة للرؤية.” مورجان (Morgan)
أمثال 14: 15
15اَلْغَبِيُّ يُصَدِّقُ كُلَّ كَلِمَةٍ، وَٱلذَّكِيُّ يَنْتَبِهُ إِلَى خَطَوَاتِهِ.
- اَلْغَبِيُّ يُصَدِّقُ كُلَّ كَلِمَةٍ: ليس لدى الإنسان المفتقر إلى الحكمة قدرة كبيرة على تمييز الحق من الكذب. فهو يصدّق الجميع، وبشكل خاص إذا بدوا صادقين في نبرتهم.
“تصديق كل كلمة من كلام الله يعني الإيمان. وأما تصديق كل كلمة من بشر سذاجة … إيمان عشوائي، وهو لهذا محفوف بالأذى. وقد دُمِّر العالم بسبب هذا الضعف (تكوين 3: 1-6).” بريدجز (Bridges)
- وَٱلذَّكِيُّ يَنْتَبِهُ إِلَى خَطَوَاتِهِ: لا يصدّق الإنسان الحكيم كل شيء كما يبدو لأول مرة. فبينما يفكر في الآخرين بعناية، فإنه يعطي مزيدًا من التفكير في خطواته.
أمثال 14: 16
16اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ، وَٱلْجَاهِلُ يَتَصَلَّفُ وَيَثِقُ.
- اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ: يقدّر الحكيم الشر كما هو في حقيقته، ويحيد عنه. وهو لا يبالغ في قدرته الخاصة على مقاومته أو فحص تلك القوة. بل يبتعد عنه فحسب.
2. وَٱلْجَاهِلُ يَتَصَلَّفُ وَيَثِقُ: بدلًا من أن يُظهر الأحمق خوفًا تقيًّا، فإنه يتصلف ويحتدّ بمزاجه غير المنضبط وانفجار انفعالاته. ورغم مزاجه السيئ، فإنه واثق بنفسه (يثق). وثقة الحمقى بأنفسهم سرٌّ ومدعاة للعجب.
أمثال 14: 17
17اَلسَّرِيعُ ٱلْغَضَبِ يَعْمَلُ بِٱلْحَمَقِ، وَذُو ٱلْمَكَايِدِ يُشْنَأُ.
- اَلسَّرِيعُ الْغَضَبِ يَعْمَلُ بِالْحَمَقِ: في المثل السابق، كان الأحمق ينفّس عن غضبه؛ أما هنا، فإن انفعاله السريع يدفعه إلى إظهار حماقته علنًا. وعلى النقيض من ذلك، يمارس الشخص الحكيم ضبط النفس، ويختار عدم الرد بتسرع أو بدافع الإحباط.
سرِيعُ ٱلْغَضَبِ: بالعبرية Kestar appayim أي قصير المنخرين، لأنه عندما يغضب الإنسان ينقبض أنفه وينجذب نحو عينيه. كلارك (Clarke)
2. وَذُو ٱلْمَكَايِدِ يُشْنَأُ (يُبغَض): المحبة التي يتمتع بها الحمقى والأشرار بعضهم تجاه بعض محدودة. ويُفهم أن الشخص ذا النيّات الشريرة (ذا المكايد) على أنه غير جدير بالثقة، وهو لهذا مكروه (يُشْنَأُ).
أمثال 14: 18
18اَلْأَغْبِيَاءُ يَرِثُونَ ٱلْحَمَاقَةَ، وَٱلْأَذْكِيَاءُ يُتَوَّجُونَ بِٱلْمَعْرِفَةِ.
- اَلْأَغْبِيَاءُ يَرِثُونَ ٱلْحَمَاقَةَ: كما يحصل إنسان على إرث مستحق له، كذلك يرث الأغبياء (الجهّال) الحماقة. فبالنسبة للذين يرفضون الحكمة عن عمد، فإن الحماقة مستحَقَّة لهم.
2. وَٱلْأَذْكِيَاءُ يُتَوَّجُونَ بِٱلْمَعْرِفَةِ: يتمتع الإنسان الحكيم بفوائد حكمته. وتجلس المعرفة كتاج رشيق نبيل عليها.
أمثال 14: 19
19ٱلْأَشْرَارُ يَنْحَنُونَ أَمَامَ ٱلْأَخْيَارِ، وَٱلْأَثَمَةُ لَدَى أَبْوَابِ ٱلصِّدِّيقِ.
- ٱلْأَشْرَارُ يَنْحَنُونَ أَمَامَ ٱلْأَخْيَارِ: غالبًا ما يبدو في هذا الدهر الحالي أن الشر في نهاية الأمر يفوز أحيانًا وينتصر على الخير. ولكن مع الحكمة الحقيقية، يذكرنا سليمان أن ٱلْأَشْرَارُ في النهاية يَنْحَنُونَ أَمَامَ ٱلْأَخْيَارِ.
“في نهاية المطاف، سيقر الأشرار بهزيمتهم، وسيخدمون الأبرار. والصورة المستخدمة هنا هي لشعب مهزوم أمام غازيه، منتظرًا أوامره.” روس (Ross)
“انحنى المصريون وإخوة يوسف له. وانحنى فرعون المتكبر وشعبه أمام موسى. وسيدين القديسون العالم (1 كورنثوس 6: 2).” بريدجز (Bridges)
2. وَٱلْأَثَمَةُ لَدَى أَبْوَابِ ٱلصِّدِّيقِ: يأتي الأشرار، وكأنهم مستسلمون في تواضع، لقادة المدينة، وينحنون عند أبواب الأبرار.
أمثال 14: 20
20أَيْضًا مِنْ قَرِيبِهِ يُبْغَضُ ٱلْفَقِيرُ، وَمُحِبُّو ٱلْغَنِيِّ كَثِيرُونَ.
- أَيْضًا مِنْ قَرِيبِهِ يُبْغَضُ ٱلْفَقِيرُ: هذا مثل آخر يصف بصدق فوائد الغنى. فعندما يكون المرء فقيرًا، يكون أصدقاؤه قليلين، وربما يبغضه قريبه.
“هذا توضيح شائع للأنانية الطبيعية. لكن يسوع تَعَمَّد أن يكون صديقًا للفقراء. فما أروع محبة يسوع الملهِمة!” بريدجز (Bridges)
2. وَمُحِبُّو ٱلْغَنِيِّ كَثِيرُونَ: هذه حقيقة بسيطة من حقائق الحياة. قد يكون أصدقاء الأغنياء غير مخْلصين في صداقتهم، لكنهم كثيرون.
أمثال 14: 21
21مَنْ يَحْتَقِرُ قَرِيبَهُ يُخْطِئُ، وَمَنْ يَرْحَمُ ٱلْمَسَاكِينَ فَطُوبَى لَهُ.
- مَنْ يَحْتَقِرُ قَرِيبَهُ يُخْطِئُ: البشر، رجالًا ونساء، مخلوقون على صورة الله، ولهذا فإننا مأمورون بأن نحب قريبنا (لاويين 19: 18؛ متى 22: 39). والاحتقار شكل من أشكال البُغض، ولهذ فإنك ترتكب خطية عندما تحتقر قريبك.
2. وَمَنْ يَرْحَمُ ٱلْمَسَاكِينَ فَطُوبَى لَهُ: القلب السخي قلب سعيد. ويبيّن الارتباط بين السطرين الأول والثاني أنه لا ينبغي لكل من يرحم المساكين أن يفعل هذا بروح استعلائية تُظهر احتقاره للمساكين الذي يقول إنه يساعدهم.
أمثال 14: 22
22أَمَا يَضِلُّ مُخْتَرِعُو ٱلشَّرِّ؟ أَمَّا ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ فَيَهْدِيَانِ مُخْتَرِعِي ٱلْخَيْرِ.
- أَمَا يَضِلُّ مُخْتَرِعُو ٱلشَّرِّ؟: فِعل الشر خطية واحدة، لكن حتى التخطيط للمؤامرات واختراع الشر يؤدي إلى إلى الضلال. والله مهتم بأمر قلوبنا وأفكارنا، إضافة إلى تصرفاتنا (متى 5: 21: 32).
مُخْتَرِعُو ٱلشَّرِّ: “بالعبرية ‘يحرثونه’ ويخططون له، أي يحفرون ويتعمقون فيه حتى إن دهاءهم يضرب عقولهم حول هذا الأمر – ألا يرتكبون خطأ؟” تراب (Trapp)
- أَمَّا ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ فَيَهْدِيَانِ مُخْتَرِعِي ٱلْخَيْرِ: يخطط الأشرار للشر، لكن الحكمة تقودنا إلى اختراع الخير للآخرين ولأنفسنا. ومن شأن هذا أن يجلب بركات الرحمة والحق في حياتنا.
“بما أن فعل الشر أمر شرير، فإن التخطيط للشر شرٌّ أكبر. يا أبناء الله، هل تُظهرون نفس الجِد والتصميم في التخطيط للخير؟” بريدجز (Bridges)
أمثال 14: 23
23فِي كُلِّ تَعَبٍ مَنْفَعَةٌ، وَكَلَامُ ٱلشَّفَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى ٱلْفَقْرِ.
- فِي كُلِّ تَعَبٍ مَنْفَعَةٌ: من حيث المبدأ، فإن العمل الجاد يكافأ. وحتى لو لم تكن المنفعة فورية، فإن هنالك مكافأة من الله، وفي بناء المعدن الأخلاقي وإظهاره.
- وَكَلَامُ ٱلشَّفَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى ٱلْفَقْرِ: إن كان العمل يقود إلى المنفعة، فإن أي شيء يُلهي عن العمل، مثل الثرثرة الفارغة (كلام الشفتين)، سيُبقي المنفعة بعيدًا ويؤدي إلى الفقر. ويمكننا أن نتخيل مجموعة من الموظفين مجتمعين معًا في ثرثرة فارغة ومحادثات مسلّية لا تؤدي إلى منفعة صاحب العمل.
يفترض أن يخشى الناس الثرثرة الفارغة أكثر من العمل الجاد. وبعبارة أخرى، لا تتحدث عنه، بل افعله!” روس (Ross)
“لا ينجز الثرثارون العظام كثيرًا في أغلب الأحيان. فلماذا نقف لينظر بعضنا بعضًا؟ قال يعقوب لأبنائه: ’انزلوا إلى مصر‘ (تك 42: 1).” تراب (Trapp)
أمثال 14: 24
24تَاجُ ٱلْحُكَمَاءِ غِنَاهُمْ. تَقَدُّمُ ٱلْجُهَّالِ حَمَاقَةٌ.
- تَاجُ ٱلْحُكَمَاءِ غِنَاهُمْ: كان سليمان حكيمًا بما يكفي ليعرف أن الغنى يأتي بطرق متعددة. وعرف أن إحدى الطرق التي يأتي بها هي بالحكمة والعمل الجاد. وعندها يمثّل الغنى تاجًا للحكماء كدليل على حكمتهم وكمكافأة عليها في الوقت نفسه.
2. تَقَدُّمُ ٱلْجُهَّالِ حَمَاقَةٌ: بالنسبة للذين يرفضون الحكمة، فإن التاج الوحيد الذي يحصلون عليه هو مزيد من الحماقة. فحماقتهم تتضاعف.
أمثال 14: 25
25اَلشَّاهِدُ ٱلْأَمِينُ مُنَجِّي ٱلنُّفُوسِ، وَمَنْ يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ فَغِشٌّ.
- اَلشَّاهِدُ ٱلْأَمِينُ مُنَجِّي ٱلنُّفُوسِ: يصح هذا على كل مستوى حياتيّ، حيث يجلب الحق النور والبركة والحرية. وحيث تهيمن الأكاذيب والتقارير الزائفة، تكون النفوس في ظلمة وعبودية. وينطبق هذا المستوى الروحي أو مستوى الخدمة، حيث يستخدم الله شهادة الواعظ الأمين في إنقاذ النفوس.
“إن من يزخرف المعطيات فإنما يزخرفها بسهولة ضد نفسه. وقد تتوقف مهنة أو حياة على كلمة.” كيدنر (Kidner)
- وَمَنْ يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ فَغِشٌّ (الخدّاع يَتَفَوَّهُ بِٱلْأَكَاذِيبِ): إن الذين ينشرون مثل هذه الأكاذيب والتقارير الزائفة لا يفعلون الخير الذي يفعله الشاهد الأمين. وهم يمارسون شر أكاذيبهم.
“يظهر أن هذا المثل يشير إلى مرافعات قانونية. فالصدق في المحكمة ليس مجرد أمر جيد في القانون. فحياة الناس تتعلق به.” جاريت (Garrett)
أمثال 14: 26
26فِي مَخَافَةِ ٱلرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ، وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلْجَأٌ.
- فِي مَخَافَةِ ٱلرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ: قد يعتقد المرء أن الخوف يؤدي دائمًا إلى فقدان الثقة. لكن هذا لا ينطبق على مخافة الرب. إذ ينقلنا إكرامنا له وتوقيره وخشوعنا أمامه من الثقة بالنفس إلى ثقة قوية بمحبة الرب وعظمته.
2. وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلْجَأٌ: يقدّم الرب نفسه ملجأ لأبنائه. ‘اللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي ٱلضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا’ (مزمور 46: 1).
أمثال 14: 27
27مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ.
- مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ: قد يعتقد المرء أن الخوف يؤدي دائمًا إلى حياة أقل لا أكثر. لكن هذا لا ينطبق على مخافة الرب. فالفهم الصحيح متجذر في فهم طبيعة الله وعلاقتنا به. وهذا في حد ذاته ينبوع حياة.
2. لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ: هنالك فوائد أخرى تأتي من الخوف السليم من الرب، ويشمل ذلك قدرًا أكبر من رعاية الله الساهرة وحمايته.
أمثال 14: 28
28فِي كَثْرَةِ ٱلشَّعْبِ زِينَةُ ٱلْمَلِكِ، وَفِي عَدَمِ ٱلْقَوْمِ هَلَاكُ ٱلْأَمِيرِ.
- فِي كَثْرَةِ ٱلشَّعْبِ زِينَةُ ٱلْمَلِكِ: يركز الملوك على المجد (الزينة) والقوة المفيدين والظاهرين في هذا العالم. ومع هذا التركيز، كلما زاد الناس عددًا، كان ذلك أفضل. فعِظَم عدد الشعب يعني عظمة الملك وكرامته.
“تتنوع قوة الأمر مع حجم الإمبراطورية. وتصح هذه العبارة على الإمبراطوريات بشكل عام. ومن وجهة نظر بشرية، ترتكز القوة السياسية على عدد الأشخاص في الحزب.” روس (Ross)
وفي ما يتعلق بالأمور الروحية والخدمة المسيحية، يبيّن هذا المثل ضعف النظرة الدنيوية والإنسانية إلى الخدمة، حيث يفهم الملوك بحكمتهم الجسدية والدنيوية أن الجماهير الغفيرة هي المقياس الحقيقي للنجاح. ونحن نتخيل الرسول بولس وهو يعيد صياغة هذا السطر هكذا: في كثرة الشعب زينة الملك، لكن في المحبة والأمانة والخدمة المُضَحّية زينة (كرامة) للرسول. وكثرة الشعب في الخدمة أمر لا يُحتقر، لكن يُفترض أن يصاحبه قدر أكبر من النجاح.
- وَفِي عَدَمِ ٱلْقَوْمِ هَلَاكُ ٱلْأَمِيرِ: إن لم يكن هنالك شعب ليُحكَم، فلن يكون هنالك حُكم. وفي العالم القديم، فكّر الحكام كثيرًا في زيادة عدد سكان منطقتهم المحكومة.
“غير أنه ينبغي أن يؤخذ المثل في تناقض مع التعليم الكتابي أن الأعداد ذات قيمة قليلة في حضور الله (مثلًا، مزمور 33: 16-17).” والتكي (Waltke)
أمثال 14: 29
29بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ كَثِيرُ ٱلْفَهْمِ، وَقَصِيرُ ٱلرُّوحِ مُعَلِّي ٱلْحَمَقِ.
- بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ كَثِيرُ ٱلْفَهْمِ: هنالك حكمة عظيمة في السيطرة على استجابة المرء على المواقف المستفزة. ويجلب الغضب الشديد ندمًا كثيرًا.
2. وَقَصِيرُ ٱلرُّوحِ مُعَلِّي ٱلْحَمَقِ: يعيش الشخص المندفع، وغير المنضبط، والذي يُبدي ردود فعل سريعة بطريقة تعلّي الحماقة.
أمثال 14: 30
30حَيَاةُ ٱلْجَسَدِ هُدُوءُ ٱلْقَلْبِ، وَنَخْرُ ٱلْعِظَامِ ٱلْحَسَدُ.
- حَيَاةُ ٱلْجَسَدِ هُدُوءُ ٱلْقَلْبِ: إن كان القلب المقصود هنا هو العضو المادي الذي ينبض في الصدر، فسيوافق كل طبيب على هذا الكلام. . لكن سليمان استخدم القلب كاستعارة لأعماق كينونة المرء. فعندما نكون سليمين في الداخل، فإن هذا يجلب الصحة والحياة للجسد كله.
- وَنَخْرُ ٱلْعِظَامِ ٱلْحَسَدُ: يقدَّم وجود الحسد كنقيض للقلب السليم. فالحسد يفسدنا من الداخل، ويمكن أن يسمم أشياء جيدة فينا.
“يعلّم المثل أن تغذية الاستياء مُضِر للجسد والروح معًا. ولهذ، فإن التخلي عن الحسد ليس تضحية منا.” كيدنر (Kidner)
أمثال 14: 31
31ظَالِمُ ٱلْفَقِيرِ يُعَيِّرُ خَالِقَهُ، وَيُمَجِّدُهُ رَاحِمُ ٱلْمِسْكِينِ.
- ظَالِمُ ٱلْفَقِيرِ يُعَيِّرُ خَالِقَهُ: عندما تظلم الفقراء، فإنك تخطئ إليهم. لكن هذه خطية إلى الله أيضًا، وإهانة له. فمن يقمع الفقير فإنه يحتقر خالقه الذي خلق البشر على صورته.
- وَيُمَجِّدُهُ رَاحِمُ ٱلْمِسْكِينِ: إن كان أحد يكرم الله ويحبه، فسينعكس هذا على رحمته بالمساكين. وأما القلب البارد نحو المساكين فسيبيّن افتقاره إلى إكرام الله.
“تمثل الآية 31 في الشرق الأدنى القديم تحذيرًا للحكام من دوس حقوق المساكين. وسيجد أي ملك يتجاهل هذه النصيحة أنه بلا شعب.” جاريت (Garrett)
أمثال 14: 32
32اَلشِّرِّيرُ يُطْرَدُ بِشَرِّهِ، أَمَّا ٱلصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ.
- اَلشِّرِّيرُ يُطْرَدُ بِشَرِّهِ: التقوى والحكمة مفيدتان لأشياء كثيرة منها صُنع مجتمع صالح. لكن الأشرار يُطردون (يُنفَون)، لأنهم بلا فائدة، إضافة إلى أنهم يشكلون خطرًا محتملًا على المجتمع.
- أَمَّا ٱلصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ: يتمتع الصدّيق بملجأ في المجتمع، حتى إلى موته. وسيُظهر الله اهتمامه بالصدّيقين.
لا يتضمن العهد القديم بشكل عام وسفر الأمثال على نحو خاص معلومات حول الثقة بالحياة القادمة. وتوجد ومضات نادرة من هذه الثقة. ووجود ملجأ في موت الصدّيق واحدة منها. “يبيّن سفر أيوب وسفر المزامير لمحات عرضية مثل هذه لما يكمن عادة خارج نظرتها.” كيدنر (Kidner)
أمثال 14: 33
33فِي قَلْبِ ٱلْفَهِيمِ تَسْتَقِرُّ ٱلْحِكْمَةُ، وَمَا فِي دَاخِلِ ٱلْجُهَّالِ يُعْرَفُ.
- فِي قَلْبِ ٱلْفَهِيمِ تَسْتَقِرُّ ٱلْحِكْمَةُ: الفكرة هنا هي أن الحكمة تجد بيتًا ملائمًا في قلب الذين يمتلكون الحكمة (الفهم). فليست الحكمة زائرة مؤقتة، بل تأتي لترتاح في القلب.
- “تجعل الحكمة الحقيقية عرشها في القلب.” بريدجز (Bridges)
2. وَمَا فِي دَاخِلِ ٱلْجُهَّالِ يُعْرَفُ: ستُكتشف حكمة قلب الحكيم. وبنفس الطريقة، سيُكتشف (يُعْرَفُ) قلب الأحمق. إذ ستَظهر في نهاية الأمر حقيقتنا وطبيعتنا.
أمثال 14: 34
34اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ ٱلْأُمَّةِ، وَعَارُ ٱلشُّعُوبِ ٱلْخَطِيَّةُ.
- اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ ٱلْأُمَّة: لأن البر يعني اتّباع الرب وطريقه، فإنه يعلّي الفرد، والعائلة، والحي، والمدينة، والدولة، وحتى أمة كاملة. ويُعْزى هذا إلى أن هذا الإعلاء نتيجة طبيعية للبر، وإلى بركة الله النشطة معًا.
من منظور بشري، هنالك أشياء كثيرة قد تعلّي أمّة. فالقوة العسكرية، والرخاء الاقتصادي، والمنزلة بين الشعوب، والتأثير السياسي، والانتصارات الرياضية يمكن أن تُظهر منزلة الأمة العالية. لكن في نهاية المطاف، لا تضاهي هذه الأمور البر كطريقة لإعلاء الأمة حقًّا. ويمكن أن يقول المرء إن أكثر شيء وطنيةً يمكن أن يقوم به مواطن هو أن يتوب عن خطاياه، ويقبل بر الله في حياته، ويسلك فيه.
- وَعَارُ ٱلشُّعُوبِ ٱلْخَطِيَّةُ: عندما يرفض شعب ما البر ويختارون الخطية، سيجلب هذا نارًا عليهم. فنحن لا نكسب أبدًا من خلال رفضنا لله واحتضاننا للخطية.
“لا توجد أمة وضيعة جدًّا بحيث لا يمكن أن تغرق في حالة أكثر وضاعة تحت الخطية. وتعطى أقوى الأمم وصمة عار لا تُمحى عندما تتغلب الخطية عليها. والإنسان الفاجر عدو لبلده. قد يتحدث بفصاحة عن الوطنية، لكن حتى لو رفعه الله في عمله، فإنه سيجلب عارًا على شعبه.” بريدجز (Bridges)
أمثال 14: 35
35رِضْوَانُ ٱلْمَلِكِ عَلَى ٱلْعَبْدِ ٱلْفَطِنِ، وَسَخَطُهُ يَكُونُ عَلَى ٱلْمُخْزِي.
- رِضْوَانُ ٱلْمَلِكِ عَلَى ٱلْعَبْدِ ٱلْفَطِنِ: على المستوى البشري، لا يوجد ما هو أعظم من رضا (رضوان) أصحاب مراكز القوة والمنزلة، مثل الملوك. والحصول على رضاهم واحدة من مكافآت الحكمة.
“ماذا سيجلب لي يوم تصفية الحساب المهيب؟ ليت أننا نوجد جميعًا أفضل الخدام لأفضل الملوك.” بريدجز (Bridges)
- وَسَخَطُهُ يَكُونُ عَلَى ٱلْمُخْزِي: لدى الملوك حساسية تجاه الخزي. إذ ترتكز قوتهم وحضورهم على صورة النجاح والجلالة. ولهذا، فإن التسبب في الخزي يجلب غضب ملوك هذا العالم.
المخزي: “إنه يجلب الخزي لنفسه بإدارته الحمقاء لشؤون الملك التي عهد بها إليه، وللملك الذي ظهر في صورة الأحمق باختياره كخادم.” بولي (Poole)
“هذا المثل تذكير قوي بعدم إلقاء اللوم على الحظ أو المحاباة، بل على عيوب المرء ونقائصه على عدم وجود اعتراف به. ويقدّم موفات المعنى بشكل جيد: ‘يفضّل الملك خادمًا مقتدرًا. وينصب غضبه على غير الكفؤ.’” كيدنر (Kidner)
- نحن ممتنون دائمًا لملك الملوك (1 تيموثاوس 6: 15؛ رؤيا 19: 16) الذي لم يحتقر خزي خطيتنا، بل حملها في نفسه على الصليب.