أمثال 7
قصة الإغواء
أولًا. أهمية تثمين الحكمة
أ ) الآيات (1-4): إبقاء كلمة الله وحكمة الأب قريبة.
1يَا ٱبْنِي، ٱحْفَظْ كَلَامِي وَٱذْخَرْ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. 2ٱحْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا، وَشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. 3اُرْبُطْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ. ٱكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ. 4قُلْ لِلْحِكْمَةِ: «أَنْتِ أُخْتِي» وَٱدْعُ ٱلْفَهْمَ ذَا قَرَابَةٍ.
1. يَا ٱبْنِي، ٱحْفَظْ كَلَامِي: كما في القسمين السابقين المحذِّرين من الانحلال الجنسي (أمثال 5: 1-2؛ 6: 20-24)، كذلك يبدأ أمثال 7 بتوكيد حفظ كلمة الله، وفهمها، وحفظ حكمة الأب وفهمها.
2. ٱحْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا: لا يعني هذا أن قراءة الكتاب المقدس تقدم حماية سحرية من الانحلال الجنسي. ومع ذلك، إذا حفظ شخص وصايا الله المدوّنة، فلن يرتكب هذه الخطية. ويبدأ حفظ الوصايا بمعرفتها وتثمينها والتأمل فيها.
كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ: “يشير تعبير ’حَدَقَةِ عَيْنِكَ‘ (الآية 2) إلى بؤبؤ العين الذي اعتقد القدماء أنه كرة كالتفاحة. ونحن نحمي عيوننا لأنها ثمينة لنا، ولهذا ينبغي أن نكرم ونحمي كلمة الله من خلال طاعتنا لها.” ويرزبي (Wiersbe)
3. ٱكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ: نصح سليمان بأن تكون له علاقة حية نابضة بكلمة الله. فلا ينبغي أن تكون في عقله فحسب، بل في قلبه أيضًا. إذ ينبغي أن يحب الكلمة كأخته وأقرب أقربائه.
تحدَّث مورجان (Morgan) عن قوة اعتبار الحكمة أختًا أو أقرب الأقرباء. “يُحفظ آلاف الرجال من دورات الشر من خلال محبتهم وصداقاتهم للأخوات والصديقات. ولأن الأب أدرك ذلك، فقد ابنه بأن يجد قوة ضد إغواءات الشر، من خلال تنمية هذا النوع من الأُلفة الدفاعية بحكمة، والتي نرى صورة لها في محبة الأخت وصداقة النساء التقيات.”
ب) الآية (5): فائدة حفظ كلمة الله وإبقاء حكمة الأب قريبة.
5لِتَحْفَظَكَ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ ٱلْغَرِيبَةِ ٱلْمَلِقَةِ بِكَلَامِهَا.
1. لِتَحْفَظَكَ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَجْنَبِيَّةِ (المنحلة): تساعد حكمة الله وقوة كلمته على أن تحفظنا من المرأة (أو الرجل) المنحلة. فنحن نتعلم من كلمة الله خداع الخطية وإستراتيجية التجربة. ونتعلم النتيجة النهائية للخطية وفوائد الطاعة الرائعة. وتمنحنا كلمة الله نورًا روحيًّا وقوة نحتاج إليها لنطيع الله في هذه الناحية الصعبة.
يبدو أن مهمة حفظ الرجال والنساء من الانحلال الجنسي مستحيلة أحيانًا. ويرجع هذا إلى عوامل كثيرة منها:
ü الثقافة العلمانية المشبعة بالجنس والمتساهلة
ü انتشار المواد الإباحية على نطاق واسع
ü فصل الجنس عن الحبل والتناسل
ü القوانين التي تجعل الطلاق سهلًا وغير قابل للطعن فيه
ü تقنية وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل اللقاءات المجهولة أكثر سهولة
ü الازدهار واسع النطاق الذي يقلل من التأثير المالي للتفكك العائلي
ü الفجوة الواسعة المتنامية بين سن البلوغ ومتوسط سن الزواج
ليست هذه العوامل مقصورة على يومنا الحالي. فقد أُسِّست المسيحية في ثقافة متساهلة جنسيًّا للغاية. غير أن هذه العوامل تبرز الحاجة الكبيرة إلى أن يعتمد الرجال والنساء المؤمنون بالمسيح على قوة الله وحكمته في البقاء طاهرين. ويعني هذا أن هذه الطهارة، حتى بمعنى إعادة التكريس لها، تضحية عظيمة وهبة لإكرام الله ومجده.
2. مِنَ ٱلْغَرِيبَةِ ٱلْمَلِقَةِ بِكَلَامِهَا: يتكلم الانحلال الأخلاقي، ولديه كلام يهدف إلى أن يجرنا إلى الخطية. ونحن محتاجون إلى قوة مقابلة وأعظم نابعة من كلام الله لتحفظنا من المرأة (الرجل) المنحلة.
ثانيًا. قصة الإغواء
أ ) الآيات (6-9): يسعى الشاب الأحمق وراء المرأة المنحلة.
6لِأَنِّي مِنْ كُوَّةِ بَيْتِي، مِنْ وَرَاءِ شُبَّاكِي تَطَلَّعْتُ، 7فَرَأَيْتُ بَيْنَ ٱلْجُهَّالِ، لَاحَظْتُ بَيْنَ ٱلْبَنِينَ غُلَامًا عَدِيمَ ٱلْفَهْمِ، 8عَابِرًا فِي ٱلشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا، وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. 9فِي ٱلْعِشَاءِ، فِي مَسَاءِ ٱلْيَوْمِ، فِي حَدَقَةِ ٱللَّيْلِ وَٱلظَّلَامِ.
1. مِنْ كُوَّةِ بَيْتِي: شرح سليمان بصفته حكواتيًّا ماهرًا كيف أنه نظر من شباكه، ورأى رجلًا مارًّا في الشارع. كان الرجل شابًّا (غلامًا) جاهلًا (بسيطًا) وعديم الفهم.
2. ٱلْجُهَّالِ: كما في أمثال 1: 4 و1: 22 إلى الغباء، بل إلى قلّة الخبرة والسذاجة. إنه غير متعلّم في طرق الحكمة ومحتاج إلى إرشاد. وكما علّق فيلبس على أمثال 1: 4، فإن الرجل الجاهل (البسيط) ذو عقل منفتح لكن بطريقة ساذجة وخطرة.
3. لَاحَظْتُ بَيْنَ ٱلْبَنِينَ غُلَامًا: تتكرر الفكرة من أجل التوكيد. ليس لدى هذا الغلام خبرة السنوات لتساعده في طريق الحكمة. إذ لديه كل الرغبات القوية، والطاقة، والثقة الزائدة التي يتمتع بها الشباب، ولا شيء من الحكمة التي تأتي بها العقود.
وبطبيعة الحال، ليس الشاب وحده هو الذي يواجه تحدّي الطهارة. غذ كان لكبار السن من الرجال والنساء تحدياتهم في حياة الطهارة. ومع ذلك، فإن هذا التحدي يُدرك بقسوة في حياة الشباب.
وحتى عندما يرغب الشاب في الطهارة الأخلاقية، فإن عوامل كثيرة تصعّب عليه الأمر في قبول حكمة الله وعيشها. ومن بينها:
ü الطاقة الشبابية والإحساس باللامبالاة
ü الافتقار إلى حياة الحكمة
ü الرغبة في الاستقلال واكتسابه
- النضج الجسمي والجسمي الذي ربما يسبق النضج الروحي والأخلاقي
- المال والحرية التي يجلبها
ü الشابات اللواتي قد يشجعن النجاسة عن علم أو بغير علم
ü روح العصر الذي يتوقع ويعزز معًا القذارة الأخلاقية للشباب
ü الرغبة في القبول من الأقران الذين يواجهون نفس التحديات
يخبرنا العالم: ’استمتع بوقتك وأنت شاب. أَخرجْ كل ما لديك في نظامك. وعندما تكبر، يمكنك أن تستقر وتكون متدينًا ولائقًا.‘ غير أن حكمة الله يمكن أن تصنع فرقًا هائلًا في حياة الشاب، بل يُفترض هذا.
يريد الله أن يجنب الشاب (والرجل الأكبر سنًّا) عبودية الخطية. وينعكس هذا على قوة الخبرة في تشكيل العادات. فإذا استسلمتَ لأية تجربة، ونقلتَها من عالم التأمل الذهني إلى خبرة حياتية، تصبح هذه التجربة فورًا أكثر فأكثر صعوبة في مقاومتها في المستقبل. وتعمل كل خبرة متتالية من الاستسلام للتجربة على بناء عادة لا تتعزز روحيًّا فحسب، بل أيضًا بكيمياء الدماغ. وتزداد صعوبة كسر هذه العادات المغروسة كلما اختبرها المرء. ويكاد يكون مستحيلًا كسر هذه العادات من دون استبدالها بعادات أخرى.
4. عَدِيمَ ٱلْفَهْمِ: ولأنه جاهل (بسيط) وشاب، فإن مخزونه من الحكمة والفهم فارغ. وهو الذي يتوجب عليه أن يحصل على الحكمة بأي ثمن (أمثال 4: 5-7).
“ولأنه شاب، وعديم الخبرة، وفارغ العقل، فإنه من النوع الذي يحتاج إلى التسلح بحكمة مستعارة.” كيدنر (Kidner)
يقدم المزمور 119: 9، حكمة رائعة للشاب: بِمَ يُزَكِّي الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ.
5. وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا: مع افتقاره إلى الحكمة والخبرة، كان هذا الرجل هدفًا سهلًا للمرأة المنحلة. وتحت ستر الليل المظلم (فِي حَدَقَةِ ٱللَّيْلِ وَٱلظَّلَامِ)، كان أحمق بما يكفي للسير فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا، وأحمق بما يكفي للاقتراب لزاويتها. وسرعان ما أخذ الطريق إلى بيتها.
وفي ظل هذه الظروف، ليس من الصعب أن ننهي القصة. فنحن نعلم كيف تنتهي القصة عندما يسعى شخص بإصرار وراء التجربة هكذا. ونحن نصلي صلاة التلاميذ أن لا يُدخلنا الله في تجربة (متى 6: 13). لكن هذا الشاب يقود نفسه إلى التجربة مع نتائج مؤسفة مألوفة.
فِي حَدَقَةِ ٱللَّيْلِ وَٱلظَّلَامِ: “يعتقد الحمقى أنهم يستطيعون أن يختبئوا من الله بإخفاء الله عنهم.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (10-12): لقاء المرأة المنحلة.
10وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ ٱسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ، وَخَبِيثَةِ ٱلْقَلْبِ. 11صَخَّابَةٌ هِيَ وَجَامِحَةٌ. فِي بَيْتِهَا لَا تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا. 12تَارَةً فِي ٱلْخَارِجِ، وَأُخْرَى فِي ٱلشَّوَارِعِ، وَعِنْدَ كُلِّ زَاوِيَةٍ تَكْمُنُ.
1. وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ ٱسْتَقْبَلَتْهُ: قبل أن يتمكن الشاب من الوصول إلى بيت المرأة المنحلة، استقبلته. لم تكن عاهرة (زانية)، لكنها ارتدت زِيَّ عاهرة. وكان لها قلب العاهرة (خَبِيثَة ٱلْقَلْبِ)، لأن اللقاء الجنسي كان صفقة بالنسبة لها، لا خبرة حميمة في الزواج.
“يتناسب زيّها الجريء مع نهجها الجريء، لأن العاهرة لا تعرف الخزي والخجل (أمثال 30: 20). ويخفي فستانها الخارجي – الذي يبدو بأنه يَعِد ضحيتها بجسدها – نيّتها السرية في استخدامه لإشباع شهواتها الخاصة.” والتكي (Waltke)
“في الظاهر، لا تمنع عن الشاب شيئًا. وهي لابسة لتقتل، كما نقول. وفي الباطن، فإنها لا تهب شيئًا (10ب حرفيًا ’محروسة القلب،‘ بمعنى أنها قاسية، أو مقفولة أو متحفّظة.” كيدنر (Kidner)
2. صَخَّابَةٌ هِيَ وَجَامِحَةٌ: يستطيع حتى الشخص البسيط، لو انتبه قليلًا، أن يلاحظ أنها ليست ذات معدن أخلاقي جيد أو مبجّل. فلا يرضى قلبها أو جسدها أن يبقى في البيت (فِي بَيْتِهَا لَا تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا)، بل يبحث عن الإشباع خارجه.
جامحة (متمردة): “يشير جموحها أو تمردها ضد اللياقة من أجل حياة الخلاعة والفسق. وما يزال ممكنًا معرفة المعنى الأصلي لجذر الفعل في صورة الثور العنيد (هوشع 4: 16). فهي تغتاظ من كبح جماحها، وتثور ضد قواعد المجتمع السليم.” والتكي (Waltke)
3. وَعِنْدَ كُلِّ زَاوِيَةٍ تَكْمُنُ: أثارت مُتاحيتها واستعدادها للجنس شهوة الشاب. ولم يكن صعبًا عليه أن يجدها أو يرتب لقاء معها. ويمكن أن تُختبر حكمته وقدرته على مقاومة التجربة من خلال وجود امرأة مستعدة مُتاحة.
إنها تعرض نفسها باستمرار. وتُظهر من مشيتها وإيماءاتها طبيعتها وما تريده.” كلارك (Clarke)
عندما يتعلق الأمر بالطهارة الجنسية، فإن بعض الأشخاص أنقياء خارجيًّا لأنهم افتقروا، في تصورهم، إلى فرص منخفضة المخاطر. فإذا فشل شخص بسرعة عندما واجه شريكًا مستعدًا متاحًا للانحلال الجنسي، فإن هذا يبيّن أنه كان مستعدًّا للسقوط، وأنه كان هنالك عيب فيه حتى عندما كان طاهرًا أخلاقيًّا لفترة.
ج) الآيات (13-18): الوعود المغرية للمرأة المنحلة.
13فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: 14«عَلَيَّ ذَبَائِحُ ٱلسَّلَامَةِ. ٱلْيَوْمَ أَوْفَيْتُ نُذُورِي. 15فَلِذَلِكَ خَرَجْتُ لِلِقَائِكَ، لِأَطْلُبَ وَجْهَكَ حَتَّى أَجِدَكَ. 16بِٱلدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي، بِمُوَشَّى كَتَّانٍ مِنْ مِصْرَ. 17عَطَّرْتُ فِرَاشِي بِمُرٍّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ. 18هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إِلَى ٱلصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِٱلْحُبِّ.
1. فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ: الفكرة هنا هي أنها أوقعته في شركها. وهذا وصف دقيق لأشخاص كثيرين متورطين في علاقات جنسية منحلة. فهم سعداء لوقوعهم في هذا الشرك. وعما قريب سيحسّون بأنهم وقعوا في الشرك حقًا.
2. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: يُظهر الشخص المنحل جنسيًّا تحدّيًا ووقاحة. فهو يصر على طرقه وإشباع رغباته. وبهذا الإحساس من التحدي المتغطرس، نطقت بهذه الكلمات.
3. عَلَيَّ ذَبَائِحُ ٱلسَّلَامَةِ: لم تكن المرأة المنحلة جنسيًّا التي وصفها سليمان ضد الدين، بل كانت ضد القانون الأخلاقي لإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقط. فقد فضّلت إلهًا يمكن أن يقبل ذبائح سلامتها بينما تحيا كما تهوى في ما يتعلق الأمر برغبتها الجنسية.
“تتظاهر بالدين من أجل ممارساتها القذرة. وكذلك فعلت عاهرة الملك إدوارد الرابع “المقدسة،” كما كان يدعوها، والتي كانت تأتي إليه من دير للراهبات عندما كان يدعوها.” تراب (Trapp)
“لم تجرؤ أن تلعب دور العاهرة مع الرجل إلى أن لعبت دور المنافقة مع الله وسدّت فم ضميرها بذبائح السلامة التي قدّمتها.” يريدجز (Bridges) نقلًا عن جورنال (Gurnall)
“يلقي هذا ضوءًا كثيرًا على هذا الموضع من خلال حقيقة أن الآلهة في أجزاء كثيرة من الشرق كانت تُعبد في بيوت الدعارة. وكانت توزّع شظايا من تلك الذبائح على التعساء الذين وقعوا في فخ البغايا.” كلارك (Clarke)
يوحي ذكر ذبائح السلامة بأن الطعام الذي سيقدَّم في بيتها سيكون جيدًا، ’وأن لديها مؤونة وفيرة وممتازة في بيتها للترفيه عنه. إذ كان مفترضًا أن تكون ذبائح السلامة من أفضل أنواع اللحوم (لاويين 22: 21). وكان جزء لا بأس به من هذه التقدمات من نصيب مقدميها، حيث كانوا يشاركونها مع أصحابهم.‘ بولي (Poole)
4. فَلِذَلِكَ خَرَجْتُ لِلِقَائِكَ، لِأَطْلُبَ وَجْهَكَ حَتَّى أَجِدَكَ: عرفت المرأة المُغوية بالغريزة أم بالخبرة قوة جعل هذا الشاب يشعر بأنه مرغوب فيه. فتمكنت من الإمساك به لتظهر أنها كانت تريده. وبالنسبة لكثيرين، فإن هذا هو كل الإغواء الذين يحتاجون إليه.
“إنها تدغدغ غرور الشاب في تملّقها له، فتجعله يعتقد أنه مميز جدًّا بالنسبة لها، وأن ما تعرضه عليه شيء لا تعرضه على أي شخص آخر.” ويرزبي (Wiersbe)
5. بِٱلدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي: ومضت في إغرائه بتوقُّع خبرة حسية مرتبطة بشكل مباشر بسريرها. فأخبرت الشاب البسيط أنه سيختبر لمسات وروائح ولذّات.
“تهدف إلى تأجيج شهوته بذكر السرير وزخارفه وعطوره.” بولي (Poole)
بِمُرٍّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ: “وهي الآن تثيره بروائح مثيرة لشهوة الجنسية. وجميع الأسماء الثلاثة للعطور في هذه الآية موجودة أيضًا في نشيد الأنشاد 4: 14 كصور مشبعة بالروائح للحب الجنسي.” والتكي (Waltke)
بِمُرٍّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ: “ربما ذكّر هذا الشاب بأنه ذاهب إلى القبر، لأن الجثث كانت تعطّر هكذا. ومن شأن التأمل في هذه الفكرة أن يخفف من رغبته ويهدّئ همّته.” تراب (Trapp)
6. هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إِلَى ٱلصَّبَاحِ: صارت دعواتها أكثر فأكثر وضوحًا رغم أنها ما زالت مغلّفة بكلمة ’حب‘ أُسيء استخدامها هنا. لقد عرضت عليه نوعًا من الحب، لكن من المؤكد أنه ليس الحب الأفضل أو الحب الدائم. إذ سيقضي معها وقتًا مُبهجًا ربما حتى الصباح، لكن هذا سيجلب الألم والتعاسة والموت في النهاية.
علّق آدم كلارك (Adam Clarke) على الآية 18 قائلًا: “التعبير الأصلي فاضح بحيث لا يمكن ترجمته حرفيًّا، لكنه منسجم مع ما يمكن أن يخرج من فم امرأة متروكة.”
د ) الآيات (19-21): الإغواء الناجح.
19لِأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَيْسَ فِي ٱلْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ بَعِيدَةٍ. 20أَخَذَ صُرَّةَ ٱلْفِضَّةِ بِيَدِهِ. يَوْمَ ٱلْهِلَالِ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ». 21أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ.
1. لِأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَيْسَ فِي ٱلْبَيْتِ: يوضح هذا ما سبق التلميح إليه. فلم تكن المرأة عاهرة، بل زانية. كانت تخون زوجها، وشرفها، ونذور الزواج، وأمانتها لله.
كانت حريصة على الإشارة إلى زوجها بطريقة لا توقظ ضمير الشاب المستهدف. فلم تذكر اسم زوجها. بل قدّمته على أنه ’الرجل‘ لا على أنه ’زوجي‘ والتكي (Waltke)
2. ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ بَعِيدَةٍ: كان الجزء الأخير من خطتها للإغواء هو إقناع الشاب البسيط أن هذا أمر آمِن، ولن تكون له عواقب. فكثيرون مستعدون لارتكاب الفجور الجنسي عندما يحسون بأن خطر افتضاح أمرهم منخفض أو معدوم، ما يبيّن أن تكريسهما للطهارة متجذر في دوافع خارجية، لا داخلية.
3. جعلته بكلامها المغري يستسلم: وفي نهاية المطاف، نجحت في إغوائه. إذ أقنعته بكلامها الجذاب وبشفتيها الملقتين بأن يخطئ معها جنسيًّا. استخدمت كلمات وتصرفات لكي تمشّي ضحيتها عبر خطوات الإغواء هذه.
هدف مختار جيدًا (بَيْنَ ٱلْجُهَّالِ، عَدِيمُ ٱلْفَهْمِ، 7: 7).
متاحة للقاء (فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا، وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ ٱسْتَقْبَلَتْهُ، 7: 8، 7: 10).
ترتدي ملابس استفزازية (فِي زِيِّ زَانِيَةٍ، 7: 10).
ذات طبيعة أخلاقية سيئة (صَخَّابَةٌ هِيَ وَجَامِحَةٌ، 7: 11).
التطلع إلى إيقاعه في الفخ، والقيام بإغوائه (فَأَمْسَكَتْهُ، 7: 13).
كريمة بالعاطقة الجسدية (وَقَبَّلَتْهُ، 7: 13).
قدّمت اعترافًا بالدين (ذَبَائِحُ ٱلسَّلَامَةِ… أَوْفَيْتُ نُذُورِي، 7: 14).
السعي إلى جعل الشاب يشعر بأنه مرغوب فيه (خَرَجْتُ لِلِقَائِكَ، لِأَطْلُبَ وَجْهَكَ حَتَّى أَجِدَكَ، 7: 15).
وعدت بإشباع حواسّه (فَرَشْتُ سَرِيرِي…عَطَّرْتُ فِرَاشِي، 7: 16-17).
الدعوة إلى سريرها (فَرَشْتُ سَرِيرِي…عَطَّرْتُ فِرَاشِي، 7: 16-17).
تَعِد بالحب والبهجة والمتعة الحسّيّة (هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إِلَى ٱلصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِٱلْحُبِّ، 7: 18).
الإقناع بأن مخاطر الافتضاح منخفضة للغاية (لِأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَيْسَ فِي ٱلْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ بَعِيدَةٍ، 7: 19).
هـ) الآيات (22-23): الثمن المؤلم للمرأة المنحلة.
22ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، أَوْ كَٱلْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ ٱلْقِصَاصِ، 23حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى ٱلْفَخِّ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ.
1. ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ: المرأة التي يصوّرها سليمان لنا في أمثال 7 صعبة المقاومة جدًّا. ولهذا بمجرد بدء الشاب في سيره في طريقه، أسرع إلى بيتها (أمثال 7: 8). ويمكن التغلب على هذه التجربة بقوة يسوع وحضوره في المؤمن، لكن أفضل له أن يحمي نفسه من التجربة نفسها.
2. لِوَقْتِهِ: لم يكن هنالك أي تأخير. ونحن نحس بأنه كان يريد أن يجرَّب بهذه الطريقة، ولهذا لم تكن لديه القوة للوقوف ضدها.
’يحدد تعبير “بغتةً‘ (أمثال 3: 25؛ 6: 15) لحظة القرار، ويوحي بأن الشاب الساذج تصرّف من دون تفكير، لكنه سمح لغُدَدِه (غرائزه) بأن تفكر عنه.” والتكي (Waltke)
3. كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى ٱلذَّبْحِ: كان وعد المرأة المنحلة جنسيًّا، وتوقٌّع الشاب الساذج، هو اللذة والبهجة الحسّيّة. لكن ما كان ينتظره في الواقع هو الذبح، كحيوان نَضج للذبح، أَوْ كَٱلْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ ٱلْقِصَاصِ.
- “كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، غير واعٍ لمصيره… ربما يذهب حالمًا بمراعٍ خصيبة، أَوْ كَٱلْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ ٱلْقِصَاصِ، غير مهتم ومن دون شعور، هكذا تندفع الضحية المسكينة إلى مصيرها بفرح مثير للشفقة أو بلامبالاة.” بريدجز (Bridges)
حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ: ربما يشير السهم الذي يخترق الكبد إلى آلام الضمير التي يجب على المذنب جنيها مع الخراب الروحي والجسدي.” روس (Ross)
كَثَوْرٍ … كَطَيْرٍ: “البشر هم المخلوقات الوحيدة بين خليقة الله التي يمكنها اختيار أي نوع من المخلوقات تريد أن تكون. يريدنا الله أن نكون غنمًا (خرافًا) (مزمور 23: 1؛ يوحنا 10؛ 1 بطرس 2: 25)، لكن هنالك خيارات أخرى مثل الخيول والبغال (مزمور 32: 9)، أو حتى الخنازير والكلاب (2 بطرس 2: 22).” ويرزبي (Wiersbe)
4. وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ (لم يدرِ أن هذا سيكلفه حياته نفسها): اختار الشاب البسيط ألاّ يرى ويتوقع الإثارة الحسية والمتعة التي تنتظره مع المرأة الفاسقة. فلم يأخذ في الحسبان التكلفة المتضمنة، أو افترض أن التكلفة الوحيدة لا تأتي إلا من افتضاح أمره.
“تَعِد المُغوية بالمحبة الجنسية من دون قيود. لكنها ترفض أن تكرس نفسها له، وهذا أمر يتطلبه الحب الحقيقي. ويؤدي هذا النوع من الإثارة الجنسية إلى مضاعفات، حتى الموت، ولهذا يتوجب رفضه.” والتكي (Waltke)
و ) الآيات (24-27): التعلم من المرأة الفاسقة.
24وَٱلْآنَ أَيُّهَا ٱلْأَبْنَاءُ ٱسْمَعُوا لِي وَأَصْغُوا لِكَلِمَاتِ فَمِي: 25لَا يَمِلْ قَلْبُكَ إِلَى طُرُقِهَا، وَلَا تَشْرُدْ فِي مَسَالِكِهَا. 26لِأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلَاهَا أَقْوِيَاءُ. 27طُرُقُ ٱلْهَاوِيَةِ بَيْتُهَا، هَابِطَةٌ إِلَى خُدُورِ ٱلْمَوْتِ.
1. وَٱلْآنَ أَيُّهَا ٱلْأَبْنَاءُ ٱسْمَعُوا لِي: قُدِّمَ الدرس، وهو يحتاج إلى خاتمة ملائمة لتعزيز المبدأ. ومرة أخرى، يطلب الأب من أبنائه أن ينتبهوا إلى هذا الأمر المهم.
2. لَا يَمِلْ قَلْبُكَ إِلَى طُرُقِهَا (طرقك): فهِم سليمان أن الزنا والفجور الجنسي يبدأ في القلب. فهو لا يبدأ بالهرمونات أو بالغُدد. ولا يبدأ بالقلب بمعنى رومانسي. وبمعنى أن القلب يصف أعمق أنواع محبتنا ورغباتنا، فإن القلب الذي لا يحب الله بشكل صحيح ويشتهيه، لكنه يحب ويشتهي اللذة، سيتحول إلى الفجور الجنسي.
3. وَلَا تَشْرُدْ (تضل) فِي مَسَالِكِهَا: إذا تَحوَّل القلب إلى الفجور الجنسي، فستجد القدمان سهولة في الشرود في هذا الاتجاه. وإنه لأفضل بكثير أن يُرسَم خط التقوى في القلب، وإلا فإنه سيُرسم في طريق المغوية.
4. لِأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى: لقد دمّر الفجور الجنسي سمعة كثيرين، وصحتهم، وأموالهم، وحتى حياتهم. وكان كثيرون منهم أقوياء. وتعلّمنا كلمة الله وحكمة الأب أن نتعلّم من كوارثهم، فلا نكررها بأنفسنا.
“لغة الآية 26 عسكرية في نغمتها. فالسيدة التي كانت مرغوبة جدًّا ذبحت جيوشًا كاملة.” جاريت (Garrett)
أَقْوِيَاءُ: “وهي بالعبرية Astumim ويمكن أن تترجم إلى ’أبطال.‘ تميَّز كثيرون في ميادين المعارك وفي الإدارة الحكومية، لكنهم غُلِبوا ودُمِّروا من عشيقاتهم. والتاريخ زاخر بمثل هذه الأمثلة.” كلارك (Clarke)
“كثيرًا ما استُعبدت بسالة الرجل بحِيَل امرأة. فقد رأينا أن كثيرين من أعظم العسكريين الذين غزوا البلدان هُزِموا من رذائلهم.” تراب (Trapp)
5. طُرُقُ ٱلْهَاوِيَةِ بَيْتُهَا: ليست هذه الطريقة التي نظرت بها المرأة الفاسقة إلى بيتها (أمثال 7: 16-18)، لكن هذا كان صحيحًا. وتعلّمنا الحكمة أن الأشياء ليست في الغالب كما تُقدَّم أو تُدرَك. ونادرًا ما يوجد شخص يأخذ الطريق إلى الجحيم، عن معرفة وطيب خاطر، هَابِطًا إِلَى خُدُورِ (حجرات) ٱلْمَوْتِ. إذ تكمن قوة التجربة والمجرّب في إخفاء هذه النتيجة. وترى الحكمة ما هو مُخفى.
“ليست غرفة نومها قاعة رقص، لكنها ميدان معركة، حيث ترتمي الجثث هنا وهناك، من حيث تُرسل إلى العالم السفلي.” والتكي (Waltke) نقلًا عن جسمر (Gemser)
“في ساعة بريق الخطية الخاطف، من الجيد للنفس أن تنظر إلى النهاية، والتي هي الهاوية وخُدُور (حجرات) ٱلْمَوْتِ. فعندما يُسمع صوت صفارات الإنذار، فإن من الجيد أن نتوقف برهة ونستمع إلى الأمواج المتكسرة على شاطئ الظلمة والموت، لأن طريق النجاسة يشير إلى ذلك بشكل مؤكد.” مورجان (Morgan)