سفر حزقيال – الإصحاح ٣٢
مصر، تِمْسَاح البحار، مصيرها الجحيم
أولًا. فرعون ومصر كتمساح البحر
أ ) الآيات (١-٢): فرعون كشِبْل أو تِمْسَاح في البحر.
١وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَقُلْ لَهُ: أَشْبَهْتَ شِبْلَ الأُمَمِ وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ. انْدَفَقْتَ بِأَنْهَارِكَ، وَكَدَّرْتَ الْمَاءَ بِرِجْلَيْكَ، وَعَكَّرْتَ أَنْهَارَهُمْ.
١. وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ: جاءت هذه النبوءة بعد أكثر من عام من سقوط أورشليم. أعطيت هذه المَرْثَاةً عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ بعد أن زال أي أمل لدى يهوذا في الحصول على المساعدة من مصر.
• في هذه النقطة من تاريخ اليهود، “ربما تساءلوا عما إذا كان الله سيكون وفيًّا في معاقبة الأمم الوثنية كما أعلن. وعلى الجانب المقابل، فقد رأت مصر انهيار أورشليم ويهوذا، وربما بدأت مصر تتباهى بكبرياء بسبب نجاتها وقوتها الخاصة.” ألكسندر (Alexander)
٢. وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ: كان فرعون ومملكته يمثّلان قوى عظمى في العالم. فمصر جاءت في المرتبة الثانية بعد بابل – وكانت بابل قد سيطرت على مصر مؤخرًا في معركة كركميش عام ٦٠٥ ق.م، وكانت مصر لا تزال حتى ذلك الوقت قوى عظمى ولها قدرة على التأثير وإثارة الاضطرابات في الدول الأخرى.
• أَشْبَهْتَ شِبْلَ الأُمَمِ وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ: “هنا فرعون رأى نفسه كأسد، في حين أنه ليس أكثر من تمساح يثير الطين والقذارة. لذلك سيقوم الله بسحبه خارج المياه وإلقاءه على البر لتأكله الطيور والحيوانات.” رايت (Wright)
• وَكَدَّرْتَ الْمَاءَ بِرِجْلَيْكَ: “تمايل فرعون في الماء وأحدث ضجة كبيرة، ولكن كل ما فعله هو أنه عكّر المياه وخلق مشاكل عن طريق عدم طاعته للرب.” ويرزبي (Wiersbe)
ب) الآيات (٣-٨): سيذبح الله ويأتي بالعار على الوحش البحري الذي يمثل فرعون.
٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي مَعَ جَمَاعَةِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ، وَهُمْ يُصْعِدُونَكَ فِي مِجْزَفَتِي. ٤وَأَتْرُكُكَ عَلَى الأَرْضِ، وَأَطْرَحُكَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ، وَأُقِرُّ عَلَيْكَ كُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَأُشْبعُ مِنْكَ وُحُوشَ الأَرْضِ كُلَّهَا. ٥وَأُلْقِي لَحْمَكَ عَلَى الْجِبَالِ، وَأَمْلأُ الأَوْدِيَةَ مِنْ جِيَفِكَ. ٦وَأُسْقِي أَرْضَ فَيَضَانِكَ مِنْ دَمِكَ إِلَى الْجِبَالِ، وَتَمْتَلِئُ مِنْكَ الآفَاقُ. ٧وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ أَحْجُبُ السَّمَاوَاتِ، وَأُظْلِمُ نُجُومَهَا، وَأُغْشِي الشَّمْسَ بِسَحَابٍ، وَالْقَمَرُ لاَ يُضِيءُ ضَوْءَهُ. ٨وَأُظْلِمُ فَوْقَكَ كُلَّ أَنْوَارِ السَّمَاءِ الْمُنِيرَةِ، وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. إِنِّي أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي: فيما يخص فرعون باعتباره وحش بحري عظيم (حزقيال ٣٢: ٢)، وعد الله بإمساكه في شبكة كبيرة وسحبه إلى البر (وَأَتْرُكُكَ عَلَى الأَرْضِ). هناك سيصبح غذاءً للطُيُورِ والوُحُوشَ.
• أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي: “إنها شبكة الرب التي يمكن بها الإمساك بكلٍ من الأسود والتماسيح، وعليها بالتأكيد يجب أن يمسك هذا الأسد والتمساح، لأن الله، الذي لا تخطئ يدُه، سوف يبسط الشبكة.” بوله (Poole)
• وَأَطْرَحُكَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ: “تم تحقيق ذلك حرفيًا في صحاري ليبيا، حيث تُرك قتلى جيش حفرع ليفترسهم الطيور والحيوانات. وبمعنى مجازي، فإنه يجمع مزيجًا من الناس والجنود، كالطيور والحيوانات المفترسة، من جميع الأجزاء لنهب مصر.” بوله (Poole)
٢. وَأُسْقِي أَرْضَ فَيَضَانِكَ مِنْ دَمِكَ: الفكرة هنا هي أن هزيمة وموت فرعون سيكون شيئًا جيدًا للعالم. سيكون بمثابة الْمَاءَ للأَرْضِ. إن هذا يذكرنا أيضًا بالضربة الأولى التي حلّت على مصر في عهد موسى (خروج ٧: ١٩).
• “صوّر النبي صورة مقززة وحيّة للأرض تتشرب المخلفات والدم وغيرها من السوائل التي يتم تصريفها عند ذبح الحيوان. من الصعب تخيّل موتًا أكثر عارًا من ذلك.” بلوك (Block)
٣. وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ: يذكرنا هذا بالضربة التاسعة التي حلّت على مصر في عهد موسى، فقد حل الظلام لمدة ثلاثة أيام على كافة الأرض (خروج ١٠: ٢١-٢٩). قد حكم الله على مصر من قبل وسيفعل ذلك مرة أخرى. وقد رفع الله نفسه فوق أصنام مصر وسيفعل ذلك مرة أخرى.
• وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ: “يتم استخدام مصطلح ’كابا‘ (kaba) الذي يُستخدم بشكل ملموس لإطفاء الشمعة أو المصباح، يتم استخدامه بشكل مجازي أحيانًا لوصف الموت.” بلوك (Block)
• “سيكون كما لو أن ’ظلامًا عظيمًا غطى الأرض‘ (الآيات ٧-٨)، مما يدل على عجز آلهة الشمس العظيمة في مصر عن المساعدة.” ألكسندر (Alexander)
ج) الآيات (٩-١٠): الخوف والدهشة بين الأمم بسبب سقوط فرعون.
٩وَأَغُمُّ قُلُوبَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ عِنْدَ إِتْيَانِي بِكَسْرِكَ بَيْنَ الأُمَمِ فِي أَرَاضٍ لَمْ تَعْرِفْهَا. ١٠وَأُحَيِّرُ مِنْكَ شُعُوبًا كَثِيرِينَ، مُلُوكُهُمْ يَقْشَعِرُّونَ عَلَيْكَ اقْشِعْرَارًا عِنْدَمَا أَخْطِرُ بِسَيْفِي قُدَّامَ وُجُوهِهِمْ، فَيَرْجِفُونَ كُلَّ لَحْظَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكَ.
١. وَأَغُمُّ قُلُوبَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ: عندما جاء الله بالدينونة على فرعون ومصر، سيتعرض كثيرون آخرون للاضطراب.
• “سيكون تأثير هذا الانهيار واسع النطاق، حيث يجلب الخراب إلى أرضه، معطيًا الغنائم للأراضي الأخرى، ويجعل الناس يرتجفون في كل مكان أمام دينونة الرب.” مورجان (Morgan)
٢. مُلُوكُهُمْ يَقْشَعِرُّونَ عَلَيْكَ اقْشِعْرَارًا: شُعُوبٍ كَثِيرِينَ والمُلُوكُ المشاهدين سيكونون مذهولين وخائفين. لقد رأوا أنه إذا كان يمكن لدينونة الله أن يأتي على مصر العظيمة، فإنه يمكن أن يأتي عليهم هم أيضًا.
د ) الآيات (١١-١٦): دينونة بسيف بابل.
١١لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: سَيْفُ مَلِكِ بَابِلَ يَأْتِي عَلَيْكَ. ١٢بِسُيُوفِ الْجَبَابِرَةِ أُسْقِطُ جُمْهُورَكَ. كُلُّهُمْ عُتَاةُ الأُمَمِ، فَيَسْلُبُونَ كِبْرِيَاءَ مِصْرَ، وَيَهْلِكُ كُلُّ جُمْهُورِهَا. ١٣وَأُبِيدُ جَمِيعَ بَهَائِمِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، فَلاَ تُكَدِّرُهَا مِنْ بَعْدُ رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تُعَكِّرُهَا أَظْلاَفُ بَهِيمَةٍ. ١٤حِينَئِذٍ أُنْضِبُ مِيَاهَهُمْ وَأُجْرِي أَنْهَارَهُمْ كَالزَّيْتِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ١٥حِينَ أَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خَرَابًا، وَتَخْلُو الأَرْضُ مِنْ مِلْئِهَا. عِنْدَ ضَرْبِي جَمِيعَ سُكَّانِهَا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. ١٦هذِهِ مَرْثَاةٌ يَرْثُونَ بِهَا. بَنَاتُ الأُمَمِ تَرْثُو بِهَا. عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ جُمْهُورِهَا تَرْثُو بِهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. سَيْفُ مَلِكِ بَابِلَ يَأْتِي عَلَيْكَ: نظرًا لأن صورة السيف عادة ما ترمز إلى الحرب، فإن هذا كان تصريحًا آخرًا يجعل من الواضح أن الله سيجلب الدينونة على مصر من خلال الحرب التي يشنّها عليهم مَلِكِ بَابِلَ. فَسيَسْلُب البابليون كِبْرِيَاءَ مِصْرَ ويدمرون جُمْهُورهاِ.
• بما أن مصر إمبراطورية غنية وعظيمة لعدة قرون، فقد كانت تملك الكثير من الكِبْرِيَاءَ والثراء ليَسْلُبُ.
• “فَيَسْلُبُونَ كِبْرِيَاءَ: لتنكسر قوتها، ولتُنهب كنوزها، وتُسلب مدنها، ويؤسر شعبها، ولتُخضع المملكة، وهكذا يتم تشويه كل مجدها.” بوله (Poole)
• “يجادل بعض المشككين في أن هذه كانت نبوءة كاذبة لأن هناك القليل من التأكيدات التاريخية العلمانية على أن مَلِكِ بَابِلَ غزا مصر. يرد فاينبرغ (Feinberg) على هذه الاعتراضات بشكل جيد: “كما ذُكر بالفعل، تم غزو مصر من قِبل نبوخذنصر. إن صمت اليوناني هيرودوت بعيد كل البعد عن حسم هذه المسألة، لأنه لم يكن قادرًا على قراءة المصادر المصرية وحصل على معلوماته من خلال مصادر ثانوية. علاوة على ذلك، كان المصريون ماهرين في تغطية الكوارث التي يتعرضون لها. على سبيل المثال، لم يذكر هيرودوت حتى المعركة الهامة في كركميش. يعتبر البعض أن النبوءة محققة بالكامل.”
٢. وَأُبِيدُ جَمِيعَ بَهَائِمِهَا: ستجتاح الحرب أيضًا مواشي مصر. ستصبح الأرض وضفاف النهر خَرَابًا ليس بها لا رِجْلُ إِنْسَانٍ ولا أَظْلاَفُ بَهِيمَةٍ.
• “سيكون الذبح والدمار كبيرًا لدرجة أن مصر لن تكون قابلة للسكن بواسطة الإنسان أو الحيوان.” تايلور (Taylor)
• جَمِيعَ بَهَائِمِهَا: “مصر، أكثر بلد رطبة، ودسمة، فقد كانت مليئة بالماشية.” تراب (Trapp)
• وَأُجْرِي أَنْهَارَهُمْ كَالزَّيْتِ: “بدون وجود أشخاص وحيوانات متاحة للعمل بالأرض وسحب الماء، لن تتعكر المياه في الأنهار والقنوات وستجري المياه ’كالزيت‘ بلا عوائق لتدفقها.” ويرزبي (Wiersbe)
• يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: “الآن نتعلم الهدف النهائي للرب في إذلال مصر: إنه الاعتراف الكوني بشخصه وبتدخله في شئون البشرية.” بلوك (Block)
٣. هذِهِ مَرْثَاةٌ يَرْثُونَ بِهَا… عَلَى مِصْرَ: كل الناجين ومن يلاحظون من الدول الأخرى يَرْثُون بحزن على الدينونة القاسية الذي أتت على مصر.
• هذِهِ مَرْثَاةٌ: “خطاب الجنازة لهذه المملكة؛ فهذا الخطاب كخطاب الجنازة، يخبرنا بمجد أيامهم القديمة، وبما هو الآن من عار وخسارة مؤلمة.” بوله (Poole)
ثانيًا. النبوة السابعة ضد مصر
أ) الآيات (١٧-٢١): نزول مصر لجب القبر.
١٧وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا: ١٨يَا ابْنَ آدَمَ، وَلْوِلْ عَلَى جُمْهُورِ مِصْرَ، وَأَحْدِرْهُ هُوَ وَبَنَاتِ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. ١٩مِمَّنْ نَعِمْتَ أَكْثَرَ؟ انْزِلْ وَاضْطَجعْ مَعَ الْغُلْفِ. ٢٠يَسْقُطُونَ فِي وَسْطِ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. قَدْ أُسْلِمَ السَّيْفُ. اُمْسُكُوُهَا مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. ٢١يُكَلِّمُهُ أَقْوِيَاءُ الْجَبَابِرَةِ مِنْ وَسْطِ الْهَاوِيَةِ مَعَ أَعْوَانِهِ. قَدْ نَزَلُوا، اضْطَجَعُوا غُلْفًا قَتْلَى بِالسَّيْفِ.
١. وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ: هذه النبوءة الأخيرة من سبع نبوءات ضد مصر حدثت أيضًا في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، أي بعد سقوط أورشليم بعام. يتفق معظم الناس على أنه حيث لا يُحدد أو يُذكر الشهر فإن هذه النبوءة قد حدثت في ذات لشهر مثل النبوة السابقة (حزقيال ٣٢: ١). وهذا سيكون بعد حوالي أسبوعين.
• قدم ف. ب. ماير (F.B. Meyer) تطبيقًا روحيًا معاصرًا لفكرة أن حزقيال يكتب نبواته التي تلقّاها من الله بتواريخها: “نحن نبلى حسنًا إذا لاحظنا الأيام الخاصة في يومياتنا السنوية. يوم اهتدائنا للرب أو يوم تكريسنا؛ يوم الخلاص من مشكلة كبيرة؛ اليوم الذي دعانا فيه لأداء مهمة جديدة؛ واليوم الذي تألقت فيه الجنة بلونها الذهبي.”
٢. وَأَحْدِرْهُ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى: كما في حزقيال ٣١: ١٤-١٧، كان مصير مصر أن تذهب إلى الهاوية، فِي الْجُبِّ، إلى الأَرْضِ السُّفْلَى. على الرغم من أن مصر تفوقت على الكثيرين في الجمال (نَعِمْتَ أَكْثَرَ)، فإن مصيرهم سيكون المعاناة والعار، وَسيضْطَجعْون مَعَ الْغُلْفِ.
• وَلْوِلْ عَلَى جُمْهُورِ مِصْرَ: “لقد قُتلوا بالسيف، ولكن ذلك لم يكن إلا بداية لآلامهم، فهو عبارة عن بابٌ لفخ نحو العذاب الأبدي. وبمثل هذه الرمزية، يُدخِل فيرجيل، جالبًا معه أينياس إلى الجحيم، حيث يرون أجاممنون وديدون والتيتان وصقلوب كيكلوباس وغيرهم من الطغاة.” تراب (Trapp)
• “مهما كان التميّيز الذي تتصوره مصر في نفسها، فإن جسدها سيوضع في القبر مثل بقية البشر.” فاينبرغ (Feinberg)
• الأَرْضِ السُّفْلَى: “إلى الجحيم، كما ذهب الغني الشَرِه في لوقا ١٦: ٢٣، حيث يبدو أن مخلصنا يشير إلى هذا المكان.” تراب (Trapp)
• مِمَّنْ نَعِمْتَ أَكْثَرَ (هَلْ شابَهَكَ أَحَدٌ فِي الجَمالِ؟): “كم هو أمر قليل الأهمية، ما إذا كانت المومياء مُحنّطة بشكل جيد، ومُغطّاة بأقمشة ثمينة، ومرسومة بشكل جميل من الخارج، أم لا. انزلوا إلى القبور، استكشفوا تلك الأماكن، فهل توجد جثة ميتة أفضل من غيرها؟” كلارك (Clarke)
• مَعَ الْغُلْفِ (اللامَخْتُونِينَ): “بين الجثث الدنسة والمكروهة. هكذا كان رأي المختونين في غير المختونين، ويقول هيرودت في كتاب “يوتيربي” أن المصريين كانوا مختونين. إلا أنه في الكتاب المقدس، يعد الدفن مع الغير مختونين إشارة على الإهانة والازدراء؛ وهذا ما حدث للملك والرؤساء.” بوله (Poole)
٣. يُكَلِّمُهُ أَقْوِيَاءُ الْجَبَابِرَةِ مِنْ وَسْطِ الْهَاوِيَةِ: في الْهَاوِيَةِ، سيكون فرعون ومصر بين أَقْوِيَاءُ جَبَابِرَةِ كثيرين. سيشهدون عذاب وخزي مصر، إذ اضْطَجَعُوا غُلْفًا قَتْلَى بِالسَّيْفِ.
• “تُعدّ كلمات التحية الفعلية كلمات مستهزئة وقاسية، تتحدى كرامة مصر كأجمل أمة على الأرض.” بلوك (Block)
• على الرغم من أن هذا الوصف شعري ومحجوب بفهم العهد القديم الغامض فيما يخص الحياة الآتية، إلا أننا لا نزال نتعلّم هنا أن الروح في الهاوية تكون واعية (يُكَلِّمُهُ).
• “سكان الهاوية ليسوا نائمين، ولكنهم واعيين تمامًا. إنهم يدركون بعضهم البعض ومواقعهم النسبية؛ كما أنهم يعلمون أن مهمتهم تم تحديدها بناءً على سلوكهم خلال فترتهم ’في أرض الأحياء.‘” بلوك (Block)
ب) الآيات (٢٢-٣٠): مصر ستنضم إلى الأمم الأخرى في جب القبر.
٢٢هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ. ٢٣اَلَّذِينَ جُعِلَتْ قُبُورُهُمْ فِي أَسَافِلِ الْجُبِّ، وَجَمَاعَتُهَا حَوْلَ قَبْرِهَا، كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ، الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبًا فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. ٢٤هُنَاكَ عِيلاَمُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا حَوْلَ قَبْرِهَا، كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ، الَّذِينَ هَبَطُوا غُلْفًا إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. فَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. ٢٥قَدْ جَعَلُوا لَهَا مَضْجَعًا بَيْنَ الْقَتْلَى، مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهُمْ كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ جُعِلَ رُعْبُهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. قَدْ حَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. قَدْ جُعِلَ فِي وَسْطِ الْقَتْلَى. ٢٦هُنَاكَ مَاشِكُ وَتُوبَالُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا، حَوْلَهُ قُبُورُهَا. كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ، مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. ٢٧وَلاَ يَضْطَجِعُونَ مَعَ الْجَبَابِرَةِ السَّاقِطِينَ مِنَ الْغُلْفِ النَّازِلِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِمْ، وَقَدْ وُضِعَتْ سُيُوفُهُمْ تَحْتَ رُؤُوسِهِمْ، فَتَكُونُ آثَامُهُمْ عَلَى عِظَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ رُعْبُ الْجَبَابِرَةِ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. ٢٨أَمَّا أَنْتَ فَفِي وَسْطِ الْغُلْفِ تَنْكَسِرُ وَتَضْطَجعُ مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. ٢٩هُنَاكَ أَدُومُ وَمُلُوكُهَا وَكُلُّ رُؤَسَائِهَا الَّذِينَ مَعَ جَبَرُوتِهِمْ قَدْ أُلْقُوا مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ، فَيَضْطَجِعُونَ مَعَ الْغُلْفِ وَمَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. ٣٠هُنَاكَ أُمَرَاءُ الشِّمَالِ كُلُّهُمْ وَجَمِيعُ الصَّيْدُونِيِّينَ الْهَابِطِينَ مَعَ الْقَتْلَى بِرُعْبِهِمْ، خَزُوا مِنْ جَبَرُوتِهِمْ وَاضْطَجَعُوا غُلْفًا مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ، وَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ إِلَى الْجُبِّ.
١. هُنَاكَ أَشُّورُ: في شِعرِه، وصف حزقيال الأقوياء من الجبابرة في الجحيم (حزقيال ٣٢: ٢١)، وكل واحد منهم يلاحظ مصر وهي تحت دينونة الله وهي تنضم إليهم في الخزي واللعنة.
• “تتصور كل إمبراطورية، مع حاكمها، أنها وجدت سر الخلود، ولكن كل واحدة تتبع الأخرى إلى الموت.” رايت (Wright)
• “بعض المذكورين لم يختفوا بعد من صفحات التاريخ، ولكن هلاكهم الذي أخبر به الله كان مؤكدًا وكان يُنظر إليه على أنه قد حدث.” فاينبرغ (Feinberg)
• أَشُّورُ: “من الأزمنة القديمة، كانت الإمبراطورية الأشورية الحديثة يتباهون بوحشيتهم القاسية.” بلوك (Block)
٢. هُنَاكَ أَشُّورُ… هُنَاكَ عِيلاَمُ… هُنَاكَ مَاشِكُ وَتُوبَالُ… هُنَاكَ أَدُومُ… هُنَاكَ أُمَرَاءُ الشِّمَالِ… وَجَمِيعُ الصَّيْدُونِيِّينَ: كل هذه الشعوب الجبارة سترى مصر تنضم إليهم في الجحيم، وتشاركهم مكانها مَعَ الْقَتْلَى، جميعهم بِرُعْبِهِمْ، خَزُوا مِنْ جَبَرُوتِهِمْ. كان مصير مصر هو مشاركة العار والخزي مع الأمم الأخرى المدانة.
• مَاشِكُ وَتُوبَالُ: “لا يتفق المترجمون على هوية الشعب المسمى ماشك وتوبال. فالبعض يعتبرهم بقايا للشعب الحثّي القديم الذي تم طرده إلى المناطق الجبلية في المنطقة الشرقية من آسيا الصغرى. في حين يطابقهم البعض الآخر مع السكوثيون، ويعتبرونهم شعبًا واحدًا معهم.” فاينبرغ (Feinberg)
• “تعرض كلٍ من ماشك وتوبال لمصير أكثر ذلًا لأنهما كانا أكثر وحشية. ’إنَّهُمْ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ.‘ لذلك استراح ماشك وتوبال مع أولئك الذين تم تجريدهم من أسلحتهم.” سميث (Smith)
ج) الآيات (٣١-٣٢): سيف الدينونة على مصر.
٣١يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى عَنْ كُلِّ جُمْهُورِهِ. قَتْلَى بِالسَّيْفِ فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ٣٢لأَنِّي جَعَلْتُ رُعْبَهُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَيُضْجَعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ، فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى: ذكر حزقيال بسخرية بعض الراحة الصغيرة التي سيحظى بها فرعون في اليوم الذي سيطأ فيه الجحيم. ستأتي التَعَزَّية من معرفة أنه لم يكن هو الوحيد الذي سيعاني مثل هذا العار والخزي في الدينونة.
• “هذه هي التعزية الوحيدة التي يمكن لفرعون أن يجدها. إنه في رفقة كل نوع من العظمة الساقطة.” رايت (Wright)
• “فرعون أيضًا، الذي قال إنه إله، سيتم العثور عليه بين الأموات البسطاء.” كلارك (Clarke)
• “إن إعلان النبي بأن ’يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى‘ هو إعلان صادم ومروع، حيث يكشف أن الراحة الوحيدة التي يمكن أن تأتي له هي الشعور العميق بعمل العدالة اللانهائية في معاقبة جميع الذين ارتكبوا الرجس الذي أدى إلى دينونة الرب، بما في ذلك نفسه.” مورجان (Morgan)
٢. لأَنِّي جَعَلْتُ رُعْبَهُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ: أنهى الله كلماته الخاصة بدينونته على مصر بواسطة حزقيال بتحذير قضائي مهيب آخر. إنه الرُعْبَ الذي بالتأكيد سيجلبه الرب.
• “تؤكد النبوءة أن يهوه هو الرب ليس فقط للأفراد ولكن أيضًا للتاريخ. قد يبدو أن صعود وسقوط الأمم مرتبطًا بزعماء موهوبين وذوي شخصيات قوية، لكن يجب أن نقر أنه خلف جميع الحركات الدولية هناك اليد العليا ليهوه، الذي هو وحده يحدد الأوقات والأزمنة لحياتهم، ويحدد حدود سلوكهم، ويحدد طبيعة سقوطهم، ويعين وكلاء القضاء، ووسط وأثناء كل هذا هو يحقق هدفه الذي هو: الاعتراف والإدراك الكوني بقوته وبشخصه.” بلوك (Block)