سفر إرميا – الإصحاح ٣٥
درس من الركابيين
أولًا. امتحان الركابيين
أ ) الآيات (١-٢): الله يطلب من إرميا أن يكلم الركابيين
١ٱلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلَةً: ٢”اِذْهَبْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ وَكَلِّمْهُمْ، وَٱدْخُلْ بِهِمْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلَى أَحَدِ ٱلْمَخَادِعِ وَٱسْقِهِمْ خَمْرًا.”
١. فِي أَيَّامِ يَهُويَاقِيمَ: يصعُب تتبُّع التسلسل الزمني. وربما لم يكن إرميا مهتمًّا كثيرًا بهذا التسلسل. فقد حكم يهوياقيم قبل صدقيا. ويعتقد بعضهم مثل مورجان (Morgan) أن هذه النبوة أُعلنت أثناء حكم صدقيا، لكن النبي تذكّر هذا الإعلان من أيام يهوياقيم.
• “لا يعطينا النص تاريخًا محددًا. لكن الإشارة إلى هجوم القوات الكلدانية والآرامية على يهوذا تلائم على ما يبدو ٢ ملوك ٢٤: ٢-٤، عندما أُرسِلت فِرق من الكلدانيين، والآراميين، وفرق تابعة لبلدان أخرى على يهوياقيم.” ثومبسون (Thompson)
٢. اِذْهَبْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ: لا نعرف الكثير عن الركابيين. لكنهم كانوا طائفة من الإسرائيليين ملتزمة [دينيًا] بشكل جذري ومتشددة في اتِّباع أسلوب حياة البداوة عندما كانت إسرائيل في البرية.
• تعود أصولهم إلى يثرون القيني، حمي موسى. وتخبرنا قضاة ١: ١٦ كيف أن القينيين – نسل يثرون، حمي موسى – جاءوا من منطقة أريحا وعاشوا في برية يهوذا جنوبًا (قضاة ٤: ١٧؛ ١ صموئيل ١٥: ٦). فكان هؤلاء البدو أسلاف بيت الركابيين (١ أخبار الأيام ٢: ٥٥).
• كان أبو الركابيين الملهِم هو يوناداب (يهوناداب). وكان أحد مساعدي ياهو في التطهير العنيف والجذري لبيت أخآب في ٢ ملوك ١٠: ١٥-٢٨. وقد علّم وجوب العيش بحرية من عبادة الأوثان وارتباطاتها، ومن فساد حياة المدينة.
• من المحتمل أن الركابيين لم يكونوا مرتبطين بروابط عائلية، بل كانوا يرحبون بانضمام أشخاص يشاركونهم الالتزام البسيط نحو الله، والمتسم بالزهد وحياة البداوة. وحسب المصطلحات الحديثة، كانوا عبارة عن توليفة من الهيبيين الذين يدعون إلى الرجوع إلى الطبيعة، وإلى النقاء في تقاليدهم الشبيهة بتقاليد الأميش.
• رأى الركابيون، هؤلاء الأشخاص الزاهدون المتقشّفون مثل أهل إسبارطة، على أنهم شهود أحياء على أصول ترحال إسرائيل في البرية، نابذين حياة الاستقرار في المزارع والكروم مفضّلين بساطة الخيام وقطعان المواشي.” كيدنر (Kidner)
• “من المحتمل أن تكون المجموعة انتقلت إلى يهوذا الأكثر تحفُّظًا إما قبل سقوط السامرة أو بعدها في ٧٢١ ق. م. ويرجح أنهم كانوا طائفة طوعية لا حرفية من نسل يوناداب. ويفترض أن يُفهم تعبير ’ابينا‘ (إرميا ٢٥: ٨) على هذا النحو.” كندال (Cundall)
٣. وَٱسْقِهِمْ خَمْرًا: أوعز الله إلى إرميا بجلب الركابيين إلى الهيكل لحضور ما تصفه الآيات التالية بأنه احتفال رسمي عام.
ب) الآيات (٣-٥): إرميا ينصاع لأمر الرب
٣فَأَخَذْتُ يَازَنْيَا بْنَ إِرْمِيَا بْنِ حَبْصِينِيَا وَإِخْوَتَهُ وَكُلَّ بَنِيهِ وَكُلَّ بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ، ٤وَدَخَلْتُ بِهِمْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلَى مِخْدَعِ بَنِي حَانَانَ بْنِ يَجَدْلِيَا رَجُلِ ٱللهِ، ٱلَّذِي بِجَانِبِ مِخْدَعِ ٱلرُّؤَسَاءِ، ٱلَّذِي فَوْقَ مِخْدَعِ مَعْسِيَّا بْنِ شَلُّومَ حَارِسِ ٱلْبَابِ. ٥وَجَعَلْتُ أَمَامَ بَنِي بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ طَاسَاتٍ مَلآنَةً خَمْرًا وَأَقْدَاحًا، وَقُلْتُ لَهُمُ: “ٱشْرَبُوا خَمْرًا.”
١. وَكُلَّ بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ: أحضرهم إرميا جميعًا إلى الهيكل من أجل هذا الاحتفال العام الذي سيكون محور الاهتمام.
• “لأنه كان مثلًا يتطلب تمثيلًا، كان الهدف منه هو نشر دعاية لهذا الفصل الدرامي من خلال تقديمه في الهيكل.” هاريسون (Harrison)
٢. مِخْدَعِ بَنِي حَانَانَ: على ما يبدو في زمن إرميا، كان لدى بعض الأفراد حق إشغال بعض المخادع (الغرف) في الهيكل. ويبدو أن حانان كان من داعمي إرميا.
• حَانَانَ بْنِ يَجَدْلِيَا: “يدعى هنا ’رجل الله.‘ وفي فترات سابقة، كان يُطلق لقب ’رجل الله‘ أي نبي، لا على الأنبياء العظام فقط مثل صموئيل (١ صموئيل ١٠: ٦-١٠)، وإيليا (٢ ملوك ١: ٩-١٣، إلخ)، وأليشع (٢ ملوك ٤: ١٣). إذ كان يُطلق أيضًا على أنبياء مجهولي الأسماء (١ صموئيل ٢: ٢٧؛ ٩: ٦، ٨، ١٠؛ ١ ملوك ١٢: ٢٢؛ ١٣: ١، ١١، ١٢، ٢١، ٢٦؛ ١٧: ٢٤؛ ٢٠: ٢٨، إلخ.).” ثومبسون (Thompson)
• “إذا كانت لكلمة ’بنيه‘ في هذه الآية نفس القوة العامة لتعبير ’بني الأنبياء‘ المستخدم في القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، يبدو أن حانان كان على رأس جماعة من التلاميذ.” هاريسون (Harrison)
٣. وَجَعَلْتُ أَمَامَ بَنِي بَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ طَاسَاتٍ مَلآنَةً خَمْرًا وَأَقْدَاحًا: امتحن إرميا الركابيين بالكيفية التي أمره الرب بها. فدعاهم إرميا إلى أن يشربوا خمرًا، لكنه لم يأمرهم بهذا باسم الرب. فبما أنه عرف التزامهم بعدم شرب الخمر، لم يكن الهدف من هذا الامتحان هو إقناعهم بعمل ذلك، بل إظهار طاعتهم لعاداتهم علنًا.
• “لكن لو قال إرميا، ’هكذا يقول الرب: ينبغي أن تشربوها،‘ [لكان الأمر مختلفًا]. لكنه لم يفعل ذلك.” تراب (Trapp)
• “وبطبيعة الحال، نحن نفهم أنه كان معروفًا أنهم سيرفضون. فقد قُدِّم العرض من أجل استثارة هذا الرفض.” مورجان (Morgan)
ج) الآيات (٦-١١): الركابيون يرفضون شرب الخمر
٦فَقَالُوا: «لَا نَشْرَبُ خَمْرًا، لِأَنَّ يُونَادَابَ بْنَ رَكَابَ أَبَانَا أَوْصَانَا قَائِلًا: لَا تَشْرَبُوا خَمْرًا أَنْتُمْ وَلَا بَنُوكُمْ إِلَى ٱلْأَبَدِ. ٧وَلَا تَبْنُوا بَيْتًا، وَلَا تَزْرَعُوا زَرْعًا، وَلَا تَغْرِسُوا كَرْمًا، وَلَا تَكُنْ لَكُمْ، بَلِ ٱسْكُنُوا فِي ٱلْخِيَامِ كُلَّ أَيَّامِكُمْ، لِكَيْ تَحْيَوْا أَيَّامًا كَثِيرَةً عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ مُتَغَرِّبُونَ فِيهَا. ٨فَسَمِعْنَا لِصَوْتِ يُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ أَبِينَا فِي كُلِّ مَا أَوْصَانَا بِهِ، أَنْ لَا نَشْرَبَ خَمْرًا كُلَّ أَيَّامِنَا، نَحْنُ وَنِسَاؤُنَا وَبَنُونَا وَبَنَاتُنَا، ٩وَأَنْ لَا نَبْنِيَ بُيُوتًا لِسُكْنَانَا، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَنَا كَرْمٌ وَلَا حَقْلٌ وَلَا زَرْعٌ. ١٠فَسَكَنَّا فِي ٱلْخِيَامِ، وَسَمِعْنَا وَعَمِلْنَا حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَانَا بِهِ يُونَادَابُ أَبُونَا. ١١وَلَكِنْ كَانَ لَمَّا صَعِدَ نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى ٱلْأَرْضِ، أَنَّنَا قُلْنَا: هَلُمَّ فَنَدْخُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنْ وَجْهِ جَيْشِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ وَمِنْ وَجْهِ جَيْشِ ٱلْأَرَامِيِّينَ. فَسَكَنَّا فِي أُورُشَلِيمَ.
١. لَا نَشْرَبُ خَمْرًا: اجتاز أبناء يوناداب الامتحان، رافضين شرب الخمر. وقد أدت الطبيعة العلنية للاحتفال، ووجود العشيرة بأكملها، وبروز النبي، وقرب الهيكل إلى زيادة الضغط في اتجاه شرب الخمر. كما كان لديهم استثناء سابق متمثل في دخول المدينة، تاركين حياة البداوة لفترة. فإن كان هذا استثناء، فسيكون أسهل لهم أن يقوموا باستثناء آخر. غير أنهم لم يفعلوا ذلك. فكانوا أمناء.
• لم تكن الفكرة هنا شرب الخمر أو عدم شربها. بل كانت هي الطاعة لتعليم أبيهم الروحي يوناداب. ولم يستخدم هذا المثل للحديث عن وجهة نظره حول الخمر، بل عن الطاعة. غير أن الله أكرم الركابيين على ثباتهم في رفضهم شرب الخمر طاعة لأبيهم، ولم يهزأ بهم أو ينتقدهم على ذلك.
• حسب كيدنر (Kidner)، ازدهرت حركة اعتدالية في القرن التاسع عشر في بريطانيا اتخذت اسم الركابيين.
٢. لَا تَشْرَبُوا خَمْرًا أَنْتُمْ وَلَا بَنُوكُمْ إِلَى ٱلْأَبَدِ: أوصى يوناداب بنيه ألّا يشربوا الخمر كجزء من نمط أكبر من حياة التضحية وإنكار الذات، والذي يشمل أيضًا رفض بناء بيوت واقتناء حقول وغرس كروم. فكان بمقدورهم أن يقولوا: فَسَمِعْنَا لِصَوْتِ يُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ أَبِينَا.
• “نجد رجالًا متحمسين جدًّا وموالين لعادات عائلاتهم وتقاليدها، بغض النظر عن تحمسهم لمطالبات الله الأسمى.” ماير (Meyer)
٣. هَلُمَّ فَنَدْخُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنْ وَجْهِ جَيْشِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ: كان الركابيون ملتزمين بالعيش عيش البداوة، متجنبين السكنى في بيوت ومدن، بدلًا من خيامهم. غير أنهم صاروا لاجئين بسبب خوفهم من الجيش الكلداني، ولهذا جاءوا على مضض إلى أورشليم للعيش فيها.
• “إذا بدا أننا نتصرف في الوقت الحالي على نحو مخالف لأي من نظامنا وعاداتنا وتقاليدنا – في وجودنا في هذه المدينة – فقد دفعتنا الضرورة وحدها إلى اتخاذ هذه الخطوة المؤقتة. فقد سعينا إلى مأوى في هذه المدينة من أجل الحفاظ على حياتنا، ولهذا نقيم حاليًّا في أورشليم.” كلارك (Clarke)
ثانيًا. درس الركابيين ومكافأة أبناء يوناداب
أ ) الآيات (١٢-١٦): التباين بين الركابيين وأهل أورشليم ويهوذا
١٢ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا قَائِلَةً: ١٣”هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ٱذْهَبْ وَقُلْ لِرِجَالِ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ: أَمَا تَقْبَلُونَ تَأْدِيبًا لِتَسْمَعُوا كَلَامِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ؟ ١٤قَدْ أُقِيمَ كَلَامُ يُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ ٱلَّذِي أَوْصَى بِهِ بَنِيهِ أَنْ لَا يَشْرَبُوا خَمْرًا، فَلَمْ يَشْرَبُوا إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوا وَصِيَّةَ أَبِيهِمْ. وَأَنَا قَدْ كَلَّمْتُكُمْ مُبَكِّرًا وَمُكَلِّمًا وَلَمْ تَسْمَعُوا لِي. ١٥وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِي ٱلْأَنْبِيَاءِ مُبَكِّرًا وَمُرْسِلًا قَائِلًا: ٱرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ ٱلرَّدِيئَةِ، وَأَصْلِحُوا أَعْمَالَكُمْ، وَلَا تَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدُوهَا، فَتَسْكُنُوا فِي ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ. فَلَمْ تُمِيلُوا أُذُنَكُمْ، وَلَا سَمِعْتُمْ لِي. ١٦لِأَنَّ بَنِي يُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ قَدْ أَقَامُوا وَصِيَّةَ أَبِيهِمِ ٱلَّتِي أَوْصَاهُمْ بِهَا. أَمَّا هَذَا ٱلشَّعْبُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِي.”
١. أَمَا تَقْبَلُونَ تَأْدِيبًا لِتَسْمَعُوا كَلَامِي: أعلن الله السبب الذي دفعه إلى الطلب من إرميا تقديم العرض غير العادي على الركابيين. كانت طاعتهم اللافتة للنظر تناقضًا قويًّا مع رفض أهل أورشليم ويهوذا للتأديب.
• وبمعنى ما، لا يطلب منا الله إلا ما نرغب في تقديمه للآخرين. فكان الركابيون على استعداد لطاعة أبي أسلافهم. ولم يكن من الخطأ أن يتوقع الله نفس قلب الطاعة من يهوذا.
٢. أَمَّا هَذَا ٱلشَّعْبُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِي: كان هنالك تناقض واضح آخر في التناقض التي أطاع بها الركابيون أباهم، بينما عصى أهل أورشليم ويهوذا أوامر الله نفسه، رغم أنه أوصلها إليهم مرارًا وتكرارًا من خلال أنبيائه.
• أطاع الركابيون قائدًا غير معصوم، بينما عصى شعب يهوذا الإله السرمدي.
• تَسَلَّم الركابيون أمرهم مرة واحدة فقط من قائدهم فأطاعوه، بينما تلقّى أهل يهوذا وصاياهم من الله مرارًا وتكرارًا، وما زالوا يعصون.
• أطاع الركابيون بشأن أمور دنيوية، بينما عصى أهل يهوذا بشأن أمور أبدية.
• أطاع الركابيون أوامر قائدهم على مدى ٣٠٠ سنة، بينما عصى شعب يهوذا الله باستمرار.
• سيكافأ الركابيون، بينما سيدان أهل يهوذا.
ب) الآية (١٧): تطبيق درس الركابيين
١٧لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلَهُ ٱلْجُنُودِ، إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، لِأَنِّي كَلَّمْتُهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا، وَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يُجِيبُوا.
١. هَأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ: كان التناقض بين الركابيين وأهل أورشليم ويهوذا إشارة أخرى إلى ذنبهم ودينونتهم الوشيكة.
٢. كَلَّمْتُهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا: ومرة أخرى، فإن التباين واضح. فقد سمع الركابيون لأبيهم يوناداب، بينما أبى أهل يهوذا أن يسمعوا لإلههم.
ج) الآيات (١٨-١٩): مكافأة بني يوناداب
١٨وَقَالَ إِرْمِيَا لِبَيْتِ ٱلرَّكَابِيِّينَ: “هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ لِوَصِيَّةِ يُونَادَابَ أَبِيكُمْ، وَحَفِظْتُمْ كُلَّ وَصَايَاهُ وَعَمِلْتُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاكُمْ بِهِ، ١٩لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: لَا يَنْقَطِعُ لِيُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ إِنْسَانٌ يَقِفُ أَمَامِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ.”
١. مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ لِوَصِيَّةِ يُونَادَابَ أَبِيكُمْ: أكرم الله طاعة بني يوناداب وإكرامهم لأبيهم.
٢. لَا يَنْقَطِعُ لِيُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ إِنْسَانٌ يَقِفُ أَمَامِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ: وعد الله بأن يكون لبني يوناداب خدمة ومنزلة خاصتان أمامه إلى الأبد.
• “إن تعبير ’الوقوف أمام‘ اصطلاحي، وهو يشمل امتيازًا في عمل الخدمة نفسها. وهو يستخدم للإشارة إلى الأنبياء ((مثلًا ١ ملوك ١٧: ١)، والكهنة (عدد ١٦: ٩؛ تثنية ١٠: ٨، إلخ.) والملوك (١ ملوك ١٠: ٨).” كندال (Cundall)
• “إنه تعبير اصطلاحي يشير إلى امتياز الخدمة. ويعتقد بعض الباحثين أن الوعد في الآية ١٨ قد تحقق حرفيًّا في دمجهم بطريقة ما في سبط لاوي.” فينبيرج (Feinberg)
• “بحسب المشنا، كان لأبناء يوناداب بن ركاب يوم محدد في السنة لجلب الحطب لمذبح الهيكل.” ثومبسون (Thompson)
• “ليكونوا محبوبين مني، وليتمتعوا برضا وحظوة لديّ، رافعين أيادي طاهرة في كل مساكنهم. لقد حُملوا أسرى بين اليهود، لكنهم رجعوا معهم (كما يظهر في ١ أخبار الأيام ٢: ٥٥).” تراب (Trapp)
• “يمكن اعتبار المؤمنين الحقيقيين بالمسيح الخلفاء الحقيقيين للركابيين القدماء. ويعتقد بعضهم أن الأسينيين في زمن ربنا يسوع المسيح كانوا نسلهم حرفيًّا، وأن هؤلاء تبعوا ربنا بدقة، واهتدوا برسالة الإنجيل. فإن كان الأمر كذلك، فقد تحققت النبوة حرفيًّا: ’لَا يَنْقَطِعُ لِيُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ إِنْسَانٌ يَقِفُ أَمَامِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ،‘ ليعلن خلاصه، ويخدم آخرين ويبنيهم ما دامت الأرض قائمة.” كلارك (Clarke)