سفر إرميا – الإصحاح ٤٩
كلمات دينونة على الشعوب
أولًا. دينونة على عمّون
أ ) الآية (١)” العمّونيون في ميراث إسرائيل
١عَنْ بَنِي عَمُّونَ: «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَلَيْسَ لِإِسْرَائِيلَ بَنُونَ، أَوْ لَا وَارِثٌ لَهُ؟ لِمَاذَا يَرِثُ مَلِكُهُمْ جَادَ، وَشَعْبُهُ يَسْكُنُ فِي مُدُنِهِ؟”
١. عَنْ بَنِي عَمُّونَ: عاش العمّونيون في المنطقة الواقعة على الجانب الشرقي من نهر الأردن، شمال الموآبيين. وتشمل أراضيهم ما يسمّى اليوم الأردن. وسٌمِّيت عمّون هكذا بسبب هذا الارتباط.
• غالبًا ما كان العمّونيون في صراع مع إسرائيل. إذ قاوموا يهوذا أثناء حكم يهوياقيم (انظر ٢ ملوك ٢٤: ٢)، وساعدوا على سقوط البقية بعد سقوط أورشليم (انظر إرميا ٤٠: ١١-١٤)، وانضموا إلى غزو يهوذا في ٦٠٢ ق. م. (انظر ٢ ملوك ٢٤: ٢).” فينبيرغ (Feinberg)
٢. أَلَيْسَ لِإِسْرَائِيلَ بَنُونَ، أَوْ لَا وَارِثٌ لَهُ؟ لِمَاذَا يَرِثُ مَلِكُهُمْ جَادَ: تكلم الله من خلال إرميا عن حقيقة أن العمونيين احتلوا أرضًا كانت مخصصة لأسباط جاد ورأوبين ومنسّى، وعاشوا في تلك الأرض باسم إلههم ملكوم كما لو أن ميراث إسرائيل لم يكن مشروعًا.
• كانت هذه الأرض في تقدير الله تخص إسرائيل، لا عمون. “رغم أن أسباط الشمال حُملوا من قبل تغلث فلاسر الثالث، إلا أن أرضهم كانت ما زالت تخصهم. وكان من المقرر أن يرثها أبناؤهم.” فينبيرغ (Feinberg)
• “يَظهر أن العمونيين استغلوا حالة إسرائيل المحبِطة، وغزوا أراضيهم في سبط جاد، آملين أن يجعلوها لهم إلى الأبد. لكن النبي يلمح إلى أن الله سيحفظ نسل إبراهيم، وسيجلبهم ثانية إلى ميراثهم المفقود.” كلارك (Clarke)
• يمكننا القول إن هنالك عجبًا مشابهًا اليوم عندما يتخلى شعب الله عن ميراثهم ولا يمتلكونه. فبموجب العهد الجديد، يمتلك المؤمن ميراث السلام والقوة والمحبة في يسوع، وهو ميراث للامتلاك بالفعل.
• ملكوم: “وهو معروف على نحو أفضل باسم مولك. وقد كان يُعبد بطقوس التضحية بالأطفال منذ ما قبل أيام موسى. ومن شأن ذكر هذا الإله باعتباره الغازي على رأس شعبه (إرميا ٤٩: ١) أن يضع المسألة على مستوى يتجاوز السياسة.” كيدنر (Kidner)
ب) الآيات (٢-٣): أيام الدينونة القادمة
٢لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَأُسْمِعُ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ جَلَبَةَ حَرْبٍ، وَتَصِيرُ تَّلًا خَرِبًا، وَتُحْرَقُ بَنَاتُهَا بِٱلنَّارِ، فَيَرِثُ إِسْرَائِيلُ ٱلَّذِينَ وَرِثُوهُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٣وَلْوِلِي يَاحَشْبُونُ لِأَنَّ عَايَ قَدْ خَرِبَتْ. اُصْرُخْنَ يَا بَنَاتِ رَبَّةَ. تَنَطَّقْنَ بِمُسُوحٍ. ٱنْدُبْنَ وَطَوِّفْنَ بَيْنَ ٱلْجُدْرَانِ، لِأَنَّ مَلِكَهُمْ يَذْهَبُ إِلَى ٱلسَّبْيِ هُوَ وَكَهَنَتُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ مَعًا.
١. وَأُسْمِعُ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ جَلَبَةَ حَرْبٍ: وعد الله بأن نفس دمار الحرب الذي جاء على يهوذا سيجيء على العمونيين أيضًا. وَستَصِيرُ مدنهم الرئيسية، مثل رَبّة، تَّلًا خَرِبًا.
• “ليست عاي هي نفس عاي التي استولى عليها يشوع (انظر يشوع ٨: ١-٢٩)، لكنها عاي العمونية المذكورة هنا فقط.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. فَيَرِثُ إِسْرَائِيلُ ٱلَّذِينَ وَرِثُوهُ: وعد الله بيوم ستمتلك فيه إسرائيل هذه الأراضي على الجانب الآخر من نهر الأردن. ويمكن القول إن هذه النبوة لم تتحقق.
• “ليس واضحًا كيف ستمتلك إسرائيل هذه المناطق. فلم يحدث هذا في التاريخ.” ثومبسون (Thompson)
٣. لِأَنَّ مَلِكَهُمْ (ملكوم) يَذْهَبُ إِلَى ٱلسَّبْيِ: لن يغزو البابليون أرض عمون وشعبها فحسب، بل إلههم الوطني، ملكوم هُوَ وَكَهَنَتُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ مَعًا.
• في العالم القديم، عندما كانت تغزو أمّة أخرى، كان يُنظر إلى هذا على أنه انتصار لإله الأمّة الغازية وانكسار للأمة المهزومة. ويوجد الكثير من كتابات الأنبياء والأسفار العبرية مما يبيّن بشكل عام أن الرب يهوه، إله عهد إسرائيل، ليس إلهًا محليًّا لها. بل كان وما يزال إله الأرض كلها. وعندما غزت بابل يهوذا، كان يمكن لأحدهم أن يقول إن الأوثان البابلية كانت متفوقة على الرب، إله إسرائيل. لكن عندما غزت بابل يهوذا، كان هذا بسماح وتوجيه من الرب الذي خدم البابليون قصده.
ج) الآيات (٤-٦): السبي القادم ووعد الرحمة
٤مَا بَالُكِ تَفْتَخِرِينَ بِٱلْأَوْطِيَةِ؟ قَدْ فَاضَ وَطَاؤُكِ دَمًا أَيَّتُهَا ٱلْبِنْتُ ٱلْمُرْتَدَّةُ وَٱلْمُتَوَكِّلَةُ عَلَى خَزَائِنِهَا، قَائِلَةً: مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ؟ ٥هَأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكِ خَوْفًا، يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، مِنْ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ حَوَالَيْكِ، وَتُطْرَدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا أَمَامَهُ، وَلَيْسَ مَنْ يَجْمَعُ ٱلتَّائِهِينَ. ٦ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرُدُّ سَبْيَ بَنِي عَمُّونَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. مَا بَالُكِ تَفْتَخِرِينَ بِٱلْأَوْطِيَةِ؟: اعتقد العمّونيون أن جغرافيتهم ستساعدهم في الدفاع عنهم ضد البابليين. لكنها كانت ثقة ليست في محلها. ويمكن القول نفسه عن اتكالهم على كنوزهم. لكنها ستخذلهم في يوم الدينونة.
٢. هَأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكِ خَوْفًا: سيتّسم يوم دينونتهم بالخوف والسبي (وَتُطْرَدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا أَمَامَهُ).
• “في غضون قرن، اجتاحت القبائل العربية موآب وعمون، وطردت الأدوميين من أرضهم إلى جنوب يهوذا. وستحل مملكة الأنباط القوية محل هؤلاء الغزاة.” كيدنر (Kidner)
٣. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرُدُّ سَبْيَ بَنِي عَمُّونَ: في وسط الدينونة، وعد الله بالرحمة وبالاسترداد حتى بالنسبة للعمونيين.
• “يفترض أن العمونيين رجعوا مع الموآبيين والإسرائيليين بإذن بموجب مرسوم كورش.” كلارك (Clarke)
• يبيّن وجود وعد بنوع من الاسترداد لشعوب أخرى أن رحمة الله وخطته تمتدان إلى ما بعد إسرائيل. كما يبيّن أن القصد النهائي وراء نشاط الغضب هو الاسترداد، لا في حالة إسرائيل وحدها، بل في حالة جميع الشعوب. وتكشف حقيقة أنه لا يوجد مثل هذا الاسترداد بالنسبة لبعض الشعوب الاحتمال الرهيب لكونهم يقاومون لا رحمة الله فحسب، بل أحكامه أيضًا بشكل عام، بحيث لا يوجد أي احتمال للاسترداد.” مورجان (Morgan)
ثانيًا. الدينونة على أدوم
أ ) الآيات (٧-٨): زمن عقاب أدوم
٧عَنْ أَدُومَ: «هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَلَا حِكْمَةَ بَعْدُ فِي تِيْمَانَ؟ هَلْ بَادَتِ ٱلْمَشُورَةُ مِنَ ٱلْفُهَمَاءِ؟ هَلْ فَرَغَتْ حِكْمَتُهُمْ؟ ٨اُهْرُبُوا. ٱلْتَفِتُوا. تَعَمَّقُوا فِي ٱلسَّكَنِ يَا سُكَّانَ دَدَانَ، لِأَنِّي قَدْ جَلَبْتُ عَلَيْهِ بَلِيَّةَ عِيسُو حِينَ عَاقَبْتُهُ.
١. عَنْ أَدُومَ: كان الأدوميون أبناء عم لإسرائيل. إذ كان مؤسسهم عيسو بن إسحاق، وأخا يعقوب. كما سكنوا في الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن والبحر الميت في اتجاه الجبال الجنوبية والصحارى.
• “كانت خطية أدوم الكبرى هي كبرياءها التي تجلت في بغضها العنيف الذي لا هوادة فيه لإسرائيل، وفي ابتهاجها بمحنها وكوارثها (عوبديا ٣، ١٠-١٤). ولا توجد أية نبوة باسترداد مستقبلي لأدوم.” فينبيرغ (Feinberg)
• “عندما أحست يهوذا بثقل نبوخذنصّر في ٥٨٩-٥٨٧ ق. م. لم تكتفِ أدوم بعدم مساعدتها، بل يبدو أنها تعاونت مع البابليين ضدها (حزقيال ٢٥: ١٢-١٤؛ مزمور ١٣٧: ٧؛ عوبديا؛ مراثي ٤: ٢١).” ثومبسون (Thompson)
٢. أَلَا حِكْمَةَ بَعْدُ فِي تِيْمَانَ؟: “تَمَثَّل جزء من دينونة الله على الأدوميين في جلب قيادة حمقاء وغير كفؤة لها. وهذه هي الطريقة التي يُظهر بها الله عدم رضاه عن أية أُمة حتى اليوم.
• “كانت تيمان (حرفيًّا ’جنوب‘) إما مقاطعة أو مدينة من أدوم، لكنها تُستخدم هنا كاسم شعري لأدوم.” ثومبسون (Thompson)
• “قد تكون الإشارة إلى الحكمة في تيمان إشارة أدبية ساخرة إلى حقيقة كونها مسقط رأس أليفاز، مستشار أيوب.” مورجان (Morgan)
٣. تَعَمَّقُوا فِي ٱلسَّكَنِ: تُستخدم هذه الآية أحيانًا كآية للوعاظ كما في صيغتها المترجمة إلى العربية هنا: تَعَمَّقُوا فِي ٱلسَّكَنِ. فوجد الوعاظ فيها تشجيعًا للسكن بعمق في الله. وهذا تشجيع جيد ومشروع دائمًا، لكن لم يكن هذا هو ما كان يدور في بال إرميا. فقد طلب من الأدوميين أن يحفروا عميقًا كما يفعل الجندي في خندق أو حفرة محاولًا أن يجد حماية من الدينونة القادمة.
• “اختبئوا في حفر الأرض، وفي أخاديدها، وفي شقوق الصخور، حيث يمكنكم تأمين حياتكم على أفضل وجه من العدو المطارد لكم.” تراب (Trapp)
قد يُؤخذ هذا بشكل ساخر، حيث يتحدى إرميا ددان أن تكون قادرة على عمق كافٍ لتجنُّب دينونة الله. فلا يوجد عمق كافٍ لهذا.
يمكن أن يؤخذ هذا كتوجيه لددان إلى الانتباه إلى ضرورة الهروب من الدينونة القادمة على أدوم.
• “لقد دعت هذه الكلمات، كما قيلت في الأصل، أهل ددان إلى البحث عن ظلال الغابات التي يتعذر اختراقها، والاعتزال في سرية الكهوف والجحور بين الصخور. وكلما كان مخبأهم أعمق، كان أفضل لهم عندما تجتاح عاصفة الغزو تلك الأرض.” ماير (Meyer)
• قدم ف. ب. ماير (F.B. Meyer) تطبيقًا روحيًّا للمؤمن من هذه الآية:
تَعَمّقْ في السكن في سلام الله.
تَعَمّقْ في السكن في الشركة مع الله.
تَعَمّقْ في السكن في هدوء النفس.
• يَا سُكَّانَ دَدَانَ: “كانت ددان (إرميا ٤٩: ٨)، وهي قبيلة سكنت جنوب أدوم، مشهورة بتجارتها (إرميا ٢٥: ٢٣؛ حزقيال ٢٥: ١٣). ويحذَّر أهلها من اتصالاتهم العادية مع أدوم لئلا يصيبهم الدمار.”
٤. قَدْ جَلَبْتُ عَلَيْهِ بَلِيَّةَ عِيسُو: تشير بليّة عيسو إلى إحساسه بأنه فقد كل شيء عندما مُنِحت البكورية إلى يعقوب. فقد وعد الله الأدوميين بأنهم سيشعرون بأنهم فقدوا كل شيء عندما تأتي عليهم الدينونة.
ب) الآيات (٩-١١): دعوة إلى الثقة رغم فقدان كل شيء
٩لَوْ أَتَاكَ ٱلْقَاطِفُونَ، أَفَمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ عُلَالَةً؟ أَوِ ٱللُّصُوصُ لَيْلًا، أَفَمَا كَانُوا يُهْلِكُونَ مَا يَكْفِيهِمْ؟ ١٠وَلَكِنَّنِي جَرَّدْتُ عِيسُوَ، وَكَشَفْتُ مُسْتَتَرَاتِهِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْتَبِئَ. هَلَكَ نَسْلُهُ وَإِخْوَتُهُ وَجِيرَانُهُ، فَلَا يُوجَدُ. ١١اُتْرُكْ أَيْتَامَكَ أَنَا أُحْيِيهِمْ، وَأَرَامِلُكَ عَلَيَّ لِيَتَوَكَّلْنَ.
١. أَفَمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ عُلَالَةً (بقية من العنب): في الأوقات العادية، من الشائع أن يترك الناس بعض الأشياء وراءهم، ولا يأخذون كل شيء. وكان هذا ينطبق بشكل عام على محصول العنب، وحتى عند التعرض للسرقة. لكن عندما يأتي الله على أدوم في دينونة، فإنه سيجرد عيسو من كل شيء. إذ سيؤخذ كل شيء.
• “على نقيض ممارسة قاطفي الكروم الذين كانوا يتركون شيئًا للفقراء، فإن أعداء أدوم لن يتركوا شيئًا، بل سينهبون كل شيء.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. اُتْرُكْ أَيْتَامَكَ أَنَا أُحْيِيهِمْ: نجد هنا بصيص أمل لأدوم حتى مع الدمار القادم. فقد وعد الله البقية الباقية – والتي تتألف من الأيتام والأرامل – أن تثق به.
ج) الآيات (١٢-١٦): كأس الدينونة لأدوم المتكبرة
١٢لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَا إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا ٱلْكَأْسَ قَدْ شَرِبُوا، فَهَلْ أَنْتَ تَتَبَرَّأُ تَبَرُّؤًا؟ لَا تَتَبَرَّأُ! بَلْ إِنَّمَا تَشْرَبُ شُرْبًا. ١٣لِأَنِّي بِذَاتِي حَلَفْتُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، إِنَّ بُصْرَةَ تَكُونُ دَهَشًا وَعَارًا وَخَرَابًا وَلَعْنَةً، وَكُلُّ مُدُنِهَا تَكُونُ خِرَبًا أَبَدِيَّةً. ١٤قَدْ سَمِعْتُ خَبَرًا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ، وَأُرْسِلَ رَسُولٌ إِلَى ٱلْأُمَمِ قَائِلًا: تَجَمَّعُوا وَتَعَالَوْا عَلَيْهَا، وَقُومُوا لِلْحَرْبِ. ١٥لِأَنِّي هَا قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيرًا بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ، وَمُحْتَقَرًا بَيْنَ ٱلنَّاسِ. ١٦قَدْ غَرَّكَ تَخْوِيفُكَ، كِبْرِيَاءُ قَلْبِكَ، يَاسَاكِنُ فِي مَحَاجِئِ ٱلصَّخْرِ، ٱلْمَاسِكَ مُرْتَفَعِ ٱلْأَكَمَةِ. وَإِنْ رَفَعْتَ كَنَسْرٍ عُشَّكَ، فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. إِنَّمَا تَشْرَبُ شُرْبًا: أعطت تضاريس أدوم الجبلية والسهلية مزايا طبيعية كثيرة لها. واعتقد أهلها بفخر أنهم سينجون من الدينونة التي ستحل بالشعوب المجاورة. فأكد لهم الله أنهم سيشربون من نفس كأس دينونته، وأن َكُلَّ مُدُنِهَا ستَكُونُ خِرَبًا أَبَدِيَّةً.
• “لطالما اشتهر الأدوميون بقوتهم العسكرية الخشنة، لكن ثقتهم ببراعتهم الجسدية ستخذلهم في اللحظة الحرجة. هاريسون (Harrison)
• إِنَّ بُصْرَةَ تَكُونُ دَهَشًا وَعَارًا وَخَرَابًا وَلَعْنَةً: “يشار إلى بُصرة هنا لأنها كانت عاصمة أدوم في زمن إرميا. وكانت في منتصف الطريق بين البتراء والبحر الميت. وهي تمثّل جميع المدن الأدومية (انظر إشعياء ٦٣: ١).” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَأُرْسِلَ رَسُولٌ إِلَى ٱلْأُمَمِ قَائِلًا: كان إرميا وأنبياء آخرون أنبياء للشعوب بشكل واعٍ، لا لشعب الله في يهوذا وإسرائيل فقط.
٣. قَدْ غَرَّكَ تَخْوِيفُكَ، كِبْرِيَاءُ قَلْبِكَ، يَاسَاكِنُ فِي مَحَاجِئِ ٱلصَّخْرِ: ستُكسر ثقة أدوم بشجاعة جنودها وأراضيها القابلة للدفاع عنها. لقد اعتقدوا أنهم مرتفعون وآمنون مثل النسر. غير أن الله وعد بأن ينزلهم من هناك (فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ).
• قَدْ غَرَّكَ تَخْوِيفُكَ (شراستك): “يمكن أن يكون الاسم غير المعتاد الذي يرد في إرميا ٤٩: ١٦ Tipleset بديلًا مهينًا لأحد آلهة أدوم.” ثومبسون (Thompson)
• فِي مَحَاجِئِ ٱلصَّخْرِ: “دُعيت الصخرة Sela المشار إليها هنا في ما بعد سيلا (بتراء-باليونانية)، وهي عاصمة أدوم وقلعتها الرئيسية.” فينبيرغ (Feinberg)
د ) الآيات (١٧-٢٢): الدينونة المذهلة القادمة على أدوم
١٧وَتَصِيرُ أَدُومُ عَجَبًا. كُلُّ مَارٍّ بِهَا يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا!١٨ كَٱنْقِلَابِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهِمَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لَا يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ وَلَا يَتَغَرَّبُ فِيهَا ٱبْنُ آدَمَ. ١٩هُوَذَا يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ ٱلْأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لِأَنِّي أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُ يَرْكُضُ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ، فَأُقِيمَهُ عَلَيْهِ؟ لِأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي؟ وَمَنْ يُحَاكِمُنِي؟ وَمَنْ هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ ٢٠لِذَلِكَ ٱسْمَعُوا مَشُورَةَ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي قَضَى بِهَا عَلَى أَدُومَ، وَأَفْكَارَهُ ٱلَّتِي ٱفْتَكَرَ بِهَا عَلَى سُكَّانِ تِيمَانَ: إِنَّ صِغَارَ ٱلْغَنَمِ تَسْحَبُهُمْ. إِنَّهُ يَخْرِبُ مَسْكَنَهُمْ عَلَيْهِمْ. ٢١مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِمْ رَجَفَتِ ٱلْأَرْضُ. صَرْخَةٌ سُمِعَ صَوْتُهَا فِي بَحْرِ سُوفَ. ٢٢هُوَذَا كَنَسْرٍ يَرْتَفِعُ وَيَطِيرُ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ عَلَى بُصْرَةَ، وَيَكُونُ قَلْبُ جَبَابِرَةِ أَدُومَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ كَقَلْبِ ٱمْرَأَةٍ مَاخِضٍ.
١. وَتَصِيرُ أَدُومُ عَجَبًا: لاحظت شعوب أخرى مزايا أدوم الكثيرة في الدفاع عن نفسها، وتعجبوا منها. وسيَعجَبون أيضًا من الدينونة التي ستأتي على أولئك الذين اعتقدوا أنهم كانوا آمنين.
٢. كَٱنْقِلَابِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ: اختيرت هذه التحذيرات، لا من أجل الطبيعة الكاملة للدمار الذي حل بهاتين المدينتين، سدوم وعمورة، فحسب، بل لأنهما كانتا في منطقة أدوم اللاحقة.
• “كان دمار سدوم وعمورة رهيبًا جدًا لدرجة أنه عندما كان يعلن الله دينونات على خطاة غير قابلين للإصلاح، كان يقول لهم إنهم سيكونون مثل سدوم وعمورة.” كلارك (Clarke)
٣. هُوَذَا يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ (غور) ٱلْأُرْدُنِّ: هذا وصف لنبوخذنصر الذي سيهاجم أدوم، مسكن الأقوياء. كان نبوخذنصر حسب تدبير الله العظيم وخطته أداة لدينونته. وبهذا المعنى، يمكن لله أن يعد مقاومة أحد لنبوخذنصر أمرًا أحمق مثل مقاومة الله نفسه (وَمَنْ هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟)
٤. هُوَذَا كَنَسْرٍ يَرْتَفِعُ وَيَطِيرُ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ: ظن أهل أدوم أنفسهم آمنين كنسر (إرميا ٤٩: ١٦)، فوعدهم الله بأنه سيغزوهم مثل نسر جبار، وأنهم سيستجيبون بألم وخوف كَقَلْبِ ٱمْرَأَةٍ مَاخِضٍ.
ثالثًا. دينونة على دمشق
أ ) الآيات (٢٣-٢٤): دمشق الضعيفة جاهزة للدينونة
٢٣عَنْ دِمَشْقَ: «خَزِيَتْ حَمَاةُ وَأَرْفَادُ. قَدْ ذَابُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا خَبَرًا رَدِيئًا. فِي ٱلْبَحْرِ ٱضْطِرَابٌ لَا يَسْتَطِيعُ ٱلْهُدُوءَ. ٢٤ٱرْتَخَتْ دِمَشْقُ وَٱلْتَفَتَتْ لِلْهَرَبِ. أَمْسَكَتْهَا ٱلرِّعْدَةُ، وَأَخَذَهَا ٱلضِّيقُ وَٱلْأَوْجَاعُ كَمَاخِضٍ.
١. عَنْ دِمَشْقَ: هذه هي مدينة سورية الشهيرة، إحدى جارات إسرائيل إلى الشمال. كانت دمشق واحدة من أقدم مدن العالم المأهولة.
• فِي ٱلْبَحْرِ ٱضْطِرَابٌ: “لا بد أن الإشارة إلى ’البحر‘ في إرميا ٤٩: ٢٣ مجازية، لأنه لم يكن لسورية ساحل بحري في الأزمنة القديمة. ويوحي هذا بمعنى ’القلق‘ أو ’الضيق،‘ حسب فريدمان (Freedman).” فينبيرغ (Feinberg)
٢. ٱرْتَخَتْ دِمَشْقُ: كانت دمشق بالمقارنة مع جبروت الإمبراطورية البابلية الصاعدة ضعيفة وواهنة. فلم تكن قادرة على الصمود أمام الدينونة القادمة. وستستجيب بألم وخوف.
ب) الآيات (٢٥-٢٧): دمشق تُهزم لكن لا تُفرَغ من سكانها
٢٥كَيْفَ لَمْ تُتْرَكِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلشَّهِيرَةُ، قَرْيَةُ فَرَحِي؟ ٢٦لِذَلِكَ تَسْقُطُ شُبَّانُهَا فِي شَوَارِعِهَا، وَتَهْلِكُ كُلُّ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. ٢٧وَأُشْعِلُ نَارًا فِي سُورِ دِمَشْقَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ بَنْهَدَدَ.
١. كَيْفَ لَمْ تُتْرَكِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلشَّهِيرَةُ؟: كرّم الله هذه المدينة القديمة حتى إنه دعاها مدينة فرحه (قَرْيَةُ فَرَحِي). وقال إنها لن تُهجر مثل المدن الكبرى الأخرى في الدول المجاورة.
٢. وَتَهْلِكُ كُلُّ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ: سيواجهون هزيمة كبيرة وموتًا. وستُحرق حتى قصور بنهدد، لكن المدينة لن تُسبى مثل مدن يهوذا وبعض الأمم الأخرى.
• “الشبّان هم نفسهم رجال الحرب. وسيسقطون في شوارع المدينة، وسيضطجعون في صمت في يوم الدينونة.” ثومبسون (Thompson)
• “لعل أعظم تحقيق لهذه النبوة لم يتحقق بعد. “يجد المفسرون صعوبة في تطبيق هذه النبوة على أي حدث مدوّن مرتبط بدمشق.” فينبيرغ (Feinberg)
رابعًا. دينونة قيدار وحاصور
أ ) الآية (٢٨): كلمة على قيدار وحاصور
٢٨عَنْ قِيدَارَ وَعَنْ مَمَالِكِ حَاصُورَ ٱلَّتِي ضَرَبَهَا نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ: «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: قُومُوا ٱصْعَدُوا إِلَى قِيدَارَ. ٱخْرِبُوا بَنِي ٱلْمَشْرِقِ.”
١. عَنْ قِيدَارَ: قيدار قبيلة من الشعوب العربية المنحدرة من إسماعيل (تكوين ٢٥: ١٣). وتنبّأ إشعياء عن قيدار بصفتها بين الشعوب العربية (إشعياء ٢١: ١٣-١٧).
• “كانت قيدار قبيلة إسماعيلية صحراوية (انظر تكوين ٢٥: ١٣؛ إشعياء ٢١: ١٣، ١٦؛ حزقيال ٢٧: ٢١).” فينبيرغ (Feinberg)
• وَعَنْ مَمَالِكِ حَاصُورَ: “تقدم بعض الترجمات الإنجليزية ترجمة أفضل لتعبير ’ممالك حاصور،‘ وهي ’زعماء القرى.‘” هاريسون (Harrison)
٢. وَعَنْ مَمَالكِ حَاصُورَ: على الأرجح أن هذه ليست المدينة الكنعانية التي غزاها يشوع. فهنالك صلة أفضل بقضاة ٤، حيث نجد وصفًا لكيفية قيام دبورة بهزيمة سيسرا، قائد جيوش يابين، ملك حاصور (قضاة ٤).
• يعتقد بعض المفسرين مثل كاولز (Cowles) أنها كانت مستوطنة عربية في جنوب فلسطين. ويرى آخرون أنه اسم جماعي لقرى عاش فيها عرب شِبه رُحّل (انظر إشعياء ٤٢: ١١).” فينبيرغ (Feinberg)
• “تمثل قيدار وحاصور الشعوب العربية، حيث كانت الأولى (قيدار) من البدو الرّحَّل، بينما سكنت الثانية (حاصور) في مراكز مستقرة، لكن ليس في مدن مسوَّرة.” مورجان (Morgan)
• “يعتقد بعضهم أن بَنِي ٱلْمَشْرِقِ مجموعة إضافية. وتُعرَف مجموعة ثالثة باسم شعب المشرق في أجزاء أخرى من العهد القديم. وهؤلاء الناس مرتبطون بالمديانيين والعماليق في قضاة ٦: ٣، وهي مجموعات بدوية كانت تشن غارات على حدود إسرائيل في أيام القضاة.” ثومبسون (Thompson)
ب) الآيات (٢٩-٣٣): غزو ونهب
٢٩يَأْخُذُونَ خِيَامَهُمْ وَغَنَمَهُمْ، وَيَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ شُقَقَهُمْ وَكُلَّ آنِيَتِهِمْ وَجِمَالَهُمْ، وَيُنَادُونَ إِلَيْهِمِ: ٱلْخَوْفَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. ٣٠اُهْرُبُوا. ٱنْهَزِمُوا جِدًّا. تَعَمَّقُوا فِي ٱلسَّكَنِ يَا سُكَّانَ حَاصُورَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لِأَنَّ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ أَشَارَ عَلَيْكُمْ مَشُورَةً، وَفَكَّرَ عَلَيْكُمْ فِكْرًا. ٣١قُومُوا ٱصْعَدُوا إِلَى أُمَّةٍ مُطْمَئِنَّةٍ سَاكِنَةٍ آمِنَةٍ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لَا مَصَارِيعَ وَلَا عَوَارِضَ لَهَا. تَسْكُنُ وَحْدَهَا. ٣٢وَتَكُونُ جِمَالُهُمْ نَهْبًا، وَكَثْرَةُ مَاشِيَتِهِمْ غَنِيمَةً، وَأُذْرِي لِكُلِّ رِيحٍ مَقْصُوصِي ٱلشَّعْرِ مُسْتَدِيرًا، وَآتِي بِهَلَاكِهِمْ مِنْ كُلِّ جِهَاتِهِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٣٣وَتَكُونُ حَاصُورُ مَسْكَنَ بَنَاتِ آوَى، وَخَرِبَةً إِلَى ٱلْأَبَدِ. لَا يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ، وَلَا يَتَغَرَّبُ فِيهَا ٱبْنُ آدَمَ.
١. يَأْخُذُونَ خِيَامَهُمْ وَغَنَمَهُمْ: في خطة الله، سيغزو نبوخذنصّر قيدار. وسيأخذ كل الثروات التي يمتلكونها الرعاة الرّحَّل: خِيَامَهُمْ وَغَنَمَهُمْ، وشُقَقَهُمْ وَكُلَّ آنِيَتِهِمْ وَجِمَالَهُمْ.
• “يدل هذا الوصف للممتلكات على أنهم كانوا من سكان سيناء أو عرب من البدو الرّحّل. كانوا أشخاصًا يسكنون في الخيام، وكانت ممتلكاتهم الرئيسية هي الماشية، ولاسيما الجِمال التي سينهبها كلها الكلدانيون.” كلارك (Clarke)
٢. لِأَنَّ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ أَشَارَ عَلَيْكُمْ مَشُورَةً: أعطى الله تحذيرًا مشابهًا لحاصور التي كانت أمة غنية، غير أنها ستُغزى وتُترَك خَرِبَةً إِلَى ٱلْأَبَدِ.
خامسًا. دينونة على عيلام
أ ) الآيات (٣٤-٣٦): غزو عيلام وتشتيتها
٣٤كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا ٱلنَّبِيِّ عَلَى عِيلَامَ، فِي ٱبْتِدَاءِ مُلْكِ صِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلَةً: ٣٥”هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: هَأَنَذَا أُحَطِّمُ قَوْسَ عِيلَامَ أَوَّلَ قُوَّتِهِمْ. ٣٦وَأَجْلِبُ عَلَى عِيلَامَ أَرْبَعَ رِيَاحٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ ٱلسَّمَاءِ، وَأُذْرِيهِمْ لِكُلِّ هَذِهِ ٱلرِّيَاحِ وَلَا تَكُونُ أُمَّةٌ إِلَّا وَيَأْتِي إِلَيْهَا مَنْفِيُّو عِيلَامَ.”
١. إِرْمِيَا ٱلنَّبِيِّ عَلَى عِيلَامَ: عيلام هي الاسم القديم لبعض شعوب فارس، وهي إيران اليوم. كان الفُرس حلفاء للبابليين في أول الأمر، لكنهم قاموا في وقت لاحق بغزو الإمبراطورية البابلية. وتتحدث هذه النبوة عن غزوهم النهائي وسقوطهم.
• “كانت عيلام (إرميا ٤٩: ٣٤-٣٩) مملكة قوية تبعد ما يزيد عن مئتي ميل إلى الشرق من بابل. وكانت الأمة الأبعد التي أشار إليها إرميا.” كندال (Cundall)
• “عاش العيلاميون بعيدًا عن إسرائيل، لكنهم لم يعيشوا خارج سيادته.” رايكن (Ryken)
• “قد يشير نص مكسور (مشَظَّى) في السجلات التاريخية البابلية إلى صدام بين نبوخذنصّر وعيلام في ٥٩٦/٤ لمنع عيلام من التوغل في بابل. فإذا كان التفسير للنص المشظّى صحيحًا، فإن تاريخ إرميا لعام ٥٩٧ ق. م. لتولّي صدقيا الحكم (فِي ٱبْتِدَاءِ مُلْكِ صِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا) يسبق هذا الحدث.” ثومبسون (Thompson)
٢. هَأَنَذَا أُحَطِّمُ قَوْسَ عِيلَامَ: تشير إشعيا ٢٢: ٦ إلى دور رعاة عيلام في غزو أورشليم عندما كانوا حلفاء للبابليين. ووعد الله بيوم سيكسر فيه قوس عيلام (هَأَنَذَا أُحَطِّمُ قَوْسَ عِيلَامَ).
• “كانوا رماة بارزين. وقد اكتسبوا قوتهم من براعتهم اليدوية في استخدام القوس (انظر إشعياء ٢٢: ٦). ويتحدث سترابو وليفي عن مهارتهم في رماية القوس.” كلارك (Clarke)
٣. وَأُذْرِيهِمْ لِكُلِّ هَذِهِ ٱلرِّيَاحِ: وعد الله لا بغزو عيلام فحسب، بل بتشتيت شعوبها في جميع أنحاء العالم أيضًا.
• “قد يكون الغرض من هذه النبوة إظهار عدم قدرة عيلام على كبح القوة البابلية.” فينبيرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٣٧-٣٩): عيلام تحت الكارثة، وتحت رحمة الله في الأيام الأخيرة
٣٧وَأَجْعَلُ ٱلْعِيلَامِيِّينَ يَرْتَعِبُونَ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ وَأَمَامَ طَالِبِي نُفُوسِهِمْ، وَأَجْلِبُ عَلَيْهِمْ شَرًّا، حُمُوَّ غَضَبِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. وَأُرْسِلُ وَرَاءَهُمُ ٱلسَّيْفَ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. ٣٨وَأَضَعُ كُرْسِيِّي فِي عِيلَامَ، وَأُبِيدُ مِنْ هُنَاكَ ٱلْمَلِكَ وَٱلرُّؤَسَاءَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٣٩وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلْأَيَّامِ أَنِّي أَرُدُّ سَبْيَ عِيلَامَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. وَأَجْلِبُ عَلَيْهِمْ شَرًّا، حُمُوَّ غَضَبِي: عندما تأتي الدينونة على الفرس من خلال الجيوش اليونانية، ستكون شرًّا على إمبراطوريتهم. وسيؤكد الله حُكمه وعرشه عليهم.
• لم يغزُ البابليون عيلام قط، لكن إرميا لم يقل على وجه محدد أن نبوخذنصّر سيفعل هذا. “لدى مقارنة هذه النبوة بنبوات إرميا الأخرى ضد الشعوب الأجنبية، نجد أن هذه النبوة عن عيلام لا تذكر نبوخذنصّر، بل أعداء بشكل عام (إرميا ٤٩: ٣٧).” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلْأَيَّامِ أَنِّي أَرُدُّ سَبْيَ عِيلَامَ: وعد الله برحمة لشعب عيلام فِي آخِرِ ٱلْأَيَّامِ. ولتحقيق ذلك، جاءت رسالة الإنجيل والعهد الجديد إلى شعب عيلام، فاحتضنوها. إذ كانوا بين الجمهور الذي استمع إلى بطرس في يوم الخمسين (أعمال الرسل ٢: ٩).
• “ثم اخترقت النعمة عيلام (إرميا ٤٩: ٣٩)، كما حدث مع شعوب أخرى. لكن تحركات الشعوب على مدى آلاف السنين تصعِّب علينا تتبُّع مصائرها. لكن الستارة رُفِعت بوصة أو بوصتين في يوم الخمسين عندما وجدنا عيلاميين بين الجموع التي سمعت بعجائب الله بلغتهم.” كيدنر (Kidner)
يقدم رايكن (Ryken) تلخيصًا جيدًا لهذا الإصحاح وما يعلمه عن دينونة الله. “لم تُنقِذ الثروة العمونيين. فلم يكونوا قادرين على شراء طريقهم للخروج من الدينونة. ولم تنقذ الحكمة الأدوميين ولم تُجْدِ قدرتهم العسكرية نفعًا في ذلك. ولم تنقذ الشهرة الآراميين، لأن الله لا يحابي الوجوه. ولم ينقذ الاستقلال البدو. فقد وجدهم الله في البرية، وقضى عليهم، كما فعل مع آخرين. ولم تنقذ الأسلحة العيلاميين.”