سفر أيوب – الإصحاح ٥
يشرح أَلِيفَاز سبب مشاكل أيوب
أولًا. مصير الرجل الجاهل.
أ ) الآيات (١-٢): يستأنف أَلِيفَاز المفهوم الشائع.
١اُدْعُ الآنَ. فَهَلْ لَكَ مِنْ مُجِيبٍ؟ وَإِلَى أَيِّ الْقِدِّيسِينَ تَلْتَفِتُ؟ ٢لأَنَّ الْغَيْظَ يَقْتُلُ الْغَبِيَّ، وَالْغَيْرَةَ تُمِيتُ الأَحْمَقَ.
١. اُدْعُ الآنَ. فَهَلْ لَكَ مِنْ مُجِيبٍ؟: توسل أليفاز إلى صديقه أيوب أن يستمع إلى العقل وأن يتفق مع المفهوم الشائع فيما يتعلق بمشكلته. إن كان سيستشير أي شخص تقي، فسيقول له كما قال أليفاز (وَإِلَى أَيِّ الْقِدِّيسِينَ تَلْتَفِتُ).
٢. لأَنَّ الْغَيْظَ يَقْتُلُ الْغَبِيَّ: لم يتهم أليفاز أيوب مباشرة. لكنه اقترح أن يفعل أيوب كل ما في وسعه حتى لا يكون مثل رَجُلٍ غَبِيٍّ سيقتله الغَيْظ.
ب) الآيات (٣-٧): مصير الْغَبِيّ.
٣إِنِّي رَأَيْتُ الْغَبِيَّ يَتَأَصَّلُ وَبَغْتَةً لَعَنْتُ مَرْبِضَهُ. ٤بَنُوهُ بَعِيدُونَ عَنِ الأَمْنِ، وَقَدْ تَحَطَّمُوا فِي الْبَابِ وَلاَ مُنْقِذَ. ٥الَّذِينَ يَأْكُلُ الْجَوْعَانُ حَصِيدَهُمْ، وَيَأْخُذُهُ حَتَّى مِنَ الشَّوْكِ، وَيَشْتَفُّ الظَّمْآنُ ثَرْوَتَهُمْ. ٦إِنَّ الْبَلِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالشَّقَاوَةَ لاَ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ، ٧وَلكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ.
١. بَنُوهُ بَعِيدُونَ عَنِ الأَمْنِ: كانت هذه إشارات غير مباشرة عن أيوب وأبنائه. جادل أليفاز بأن حقيقة وقوع مثل هذه الكارثة العظيمة عليهم تثبت أنهم كانوا أغبياء ويعيشون في الخطية.
• مرة أخرى، نلاحظ الإطار المرجعي لأليفاز: إنّي رَأَيْتُ. يتحدث من تجربته الخاصة وملاحظاته عن الحياة.
• بَنُوهُ بَعِيدُونَ عَنِ الأَمْنِ، وَقَدْ تَحَطَّمُوا فِي الْبَابِ وَلاَ مُنْقِذَ: “نرى إشارة هنا إلى عادة اجتماعية كانت قائمة حينها، وغالبًا ما أتيحت لي الفرصة لملاحظتها، وهي أن المحكمة في البلدان الشرقية أو محكمة العدل، كانت على بوابة المدينة. كان يجتمع قضاة الصلح والمدعي والمدعى عليه من أجل تحقيق العدالة.” كلارك (Clarke)
٢. إِنَّ الْبَلِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالشَّقَاوَةَ لاَ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ: اعتقد أَلِيفَاز أن هذه الشَّقَاوَةَ لم تأت إلى أيوب من العدم؛ لم تنبع فقط مِنَ الأَرْضِ. والمعنى الضمني واضح: هذه الْبَلِيَّةَ جاءت على أيوب من الله.
• “فالمشاكل لا تنبت مثل الأعشاب الضارة في الحقل. كان يلمح إلى أنه لا بد أن المرء يبذر ويزرع المتاعب.” سميك (Smick)
٣. وَلكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ: ترتبط هذه النقطة بالنقطة التي قالها أَلِيفَاز للتو. المتاعب لا تأتي للإنسان من العدم؛ إنها تأتي كدينونة من الله، أو على الأقل لأن الإنسان قد زرع المتاعب لذلك فهو الآن يحصدها. وكما هو صحيح أنه كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ، كذلك صحيح أيضًا أن الإِنْسَانَ يُوْلَدُ لِلْمَشَقَّةِ، فيمكن القول أيضًا أن جميع البشر يخطئون ويستحقون البلية والمشقات التي تأتي عليهم.
• كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ: تعني كلمة ’الجوارح‘ حرفيًا في العبرية ’بنو رشف يطيرون عاليًا‘ وهي عبارة تصف كل حركة تشبه لهيب النار. ترجمتها بعض الترجمات العربية كالتالي: تَمَامًا كَمَا تُرفَعُ ألسِنَةُ اللَّهَبِ إلَى الأعْلَى. “لا يمكننا أن نحرز أي تقدم من دون أن نفهم من هم ’الْجَوَارِحَ‘ أو ’بنو رشف.‘ وبما أن رشف هو إله كنعاني نعرف عنه الآن الكثير، فالاحتمال الوارد هنا أننا نتعامل مع مزيد من الصور من الأساطير القديمة.” أندرسن (Andersen)
ثانيًا. أَلِيفَاز يدافع عن الله
أ ) الآيات (٨-١٦): يشيد أَلِيفَاز بقوة الله المطلقة وعدله.
٨« لكِنْ كُنْتُ أَطْلُبُ إِلَى اللهِ، وَعَلَى اللهِ أَجْعَلُ أَمْرِي. ٩الْفَاعِلِ عَظَائِمَ لاَ تُفْحَصُ وَعَجَائِبَ لاَ تُعَدُّ. ١٠الْمُنْزِلِ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَالْمُرْسِلِ الْمِيَاهَ عَلَى الْبَرَارِيِّ. ١١الْجَاعِلِ الْمُتَوَاضِعِينَ فِي الْعُلَى، فَيَرْتَفِعُ الْمَحْزُونُونَ إِلَى أَمْنٍ. ١٢الْمُبْطِلِ أَفْكَارَ الْمُحْتَالِينَ، فَلاَ تُجْرِي أَيْدِيهِمْ قَصْدًا. ١٣الآخِذِ الْحُكَمَاءَ بِحِيلَتِهِمْ، فَتَتَهَوَّرُ مَشُورَةُ الْمَاكِرِينَ. ١٤فِي النَّهَارِ يَصْدِمُونَ ظَلاَمًا، وَيَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّهِيرَةِ كَمَا فِي اللَّيْلِ. ١٥الْمُنَجِّيَ الْبَائِسَ مِنَ السَّيْفِ، مِنْ فَمِهِمْ وَمِنْ يَدِ الْقَوِيِّ. ١٦فَيَكُونُ لِلذَّلِيلِ رَجَاءٌ وَتَسُدُّ الْخَطِيَّةُ فَاهَا.
١. لكِنْ كُنْتُ أَطْلُبُ إِلَى اللهِ، وَعَلَى اللهِ أَجْعَلُ أَمْرِي: قالها أَلِيفَاز بلباقة، ومع ذلك لا يزال يقول إن أيوب لم يكن يطلب الله ولم يكن يسلم أمره لله في بليته.
٢. الْفَاعِلِ عَظَائِمَ لاَ تُفْحَصُ وَعَجَائِبَ لاَ تُعَدُّ: وفقًا لمشورة أَلِيفَاز، على أيوب أن يطلب الله ويسلم أمره له، لأنه إله عظيم؛ عظيم بسبب سلطانه على الخليقة (الْمُنْزِلِ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) وبسبب عدله الأخلاقي (الْمُبْطِلِ أَفْكَارَ الْمُحْتَالِينَ… وَتَسُدُّ الْخَطِيَّةُ فَاهَا).
• مرة أخرى، فإن المعنى الضمني واضح. اعتقد أَلِيفَاز أن عدالة الله، في هذا الوقت، عملت ضد أيوب لأن أيوب كان في الخطية ورفض رؤيتها. ومع ذلك، فلو رأى أيوب هذا فقط وتاب، فلربما استفاد من عدالة الله مرة أخرى.
• “هذه السطور هي مثال جيد على نوع الترنيم في شعر العهد القديم. وهناك ترنيمة عقائدية مماثلة في إشعياء ٤٤: ٢٤-٢٨. لهذا السبب استطاع الرسول بولس أن يستشهد بسطر من أيوب ٥: ١٣ في ١ كورنثوس ٣: ١٩ ’يأخُذُ الْحُكَمَاءَ بِحِيلَتِهِمْ.‘ ولكن في حالة أَلِيفَاز، ما هو صحيح تمامًا قد يساء تطبيقه – فالمنتدى السيء ليس مكانًا للقيود اللاهوتية التي قد يتضح أنها تضر أكثر مما تنفع… فالحقائق العظيمة التي يساء تطبيقها تؤذي أكثر أولئك الذين يتألمون بالفعل.” سميك (Smick)
• الْمُنَجِّيَ الْبَائِسَ مِنَ السَّيْفِ، مِنْ فَمِهِمْ وَمِنْ يَدِ الْقَوِيِّ: “المعنى هو نفسه كما في مزمور ٥٧: ٤، ٥٥ :٢١، ٦٤: ٣. تعني كلمة ’فَمِهِمْ‘ أن كلامهم قاطع كحد السيف.” بولينجر (Bullinger)
ب) الآيات (١٧-٢٦): يعزو أَلِيفَاز معاناة أيوب إلى تأديب الله على الخطية في حياته.
١٧« هُوَذَا طُوبَى لِرَجُل يُؤَدِّبُهُ اللهُ. فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ. ١٨لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ. ١٩فِي سِتِّ شَدَائِدَ يُنَجِّيكَ، وَفِي سَبْعٍ لاَ يَمَسُّكَ سُوءٌ. ٢٠فِي الْجُوعِ يَفْدِيكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْحَرْبِ مِنْ حَدِّ السَّيْفِ. ٢١مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ، فَلاَ تَخَافُ مِنَ الْخَرَابِ إِذَا جَاءَ. ٢٢تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ، وَلاَ تَخْشَى وُحُوشَ الأَرْضِ. ٢٣لأَنَّهُ مَعَ حِجَارَةِ الْحَقْلِ عَهْدُكَ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ تُسَالِمُكَ. ٢٤فَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ، وَتَتَعَهَّدُ مَرْبِضَكَ وَلاَ تَفْقِدُ شَيْئًا. ٢٥وَتَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَكَ كَثِيرٌ وَذُرِّيَّتَكَ كَعُشْبِ الأَرْضِ. ٢٦تَدْخُلُ الْمَدْفَنَ فِي شَيْخُوخَةٍ، كَرَفْعِ الْكُدْسِ فِي أَوَانِهِ.
١. هُوَذَا طُوبَى لِرَجُل يُؤَدِّبُهُ اللهُ: بقوة شعرية، أكد أَلِيفَاز على وجهة نظره بأن مشاكل أيوب هي لأن الله يُؤَدِّبُ أولاده الخطاة، وأيوب هو واحد من هؤلاء الأولاد الخطاة.
٢. فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ: لم يرغب أَلِيفَاز في دفع أيوب إلى اليأس. لقد اعتقد أن أيوب لا ينبغي أن يَرْفُضُ هذا العمل التأديبي في حياته، بل كان عليه بدلًا من ذلك أن يتواضع تحته، ويتخلى عن خطيته، ويتعلم منها.
٣. لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ… فِي سِتِّ شَدَائِدَ يُنَجِّيكَ: أراد أَلِيفَاز أن يشجع أيوب أكثر. “أيوب، سوف يشفي الله جراحك وينجيك إذا اعترفت بخطيتك ولجأت إليه.” تابع أَلِيفَاز ووصف بالتفصيل كل بركات الاستعادة التي ستأتي إلى حياة أيوب إذا تاب فقط ولجأ إلى الله (مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ… تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ… فَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ، إلى آخره).
• مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ: “ربما لا يوجد شر أكثر فظاعة من سَوْطِ اللسان: الكلام الشرير، والانتقاص، والغيبة، والافتراء، والنميمة، ونشر الاشاعة، والهمس، والفضيحة، هي بعض المصطلحات التي نستخدمها عند محاولة التعبير عن التأثير والآثار الخبيثة لذلك العضو، وهو عالم من النار، أوقد من الجحيم السفلي.” كلارك (Clarke)
• قدم سبيرجن (Spurgeon) عظة عن الآية: “تَدْخُلُ الْمَدْفَنَ فِي شَيْخُوخَةٍ، كَرَفْعِ الْكُدْسِ فِي أَوَانِهِ.” هكذا تسلسل في أفكاره بشأن موت المؤمن:
الموت حَتمِيّ – (تَدْخُلُ) (ستواجه الموت لا محالة).
الموت مَقبُول – (تَدْخُلُ) (لن تعترض على الموت).
الموت في أوَانِهِ – (فِي شَيْخُوخَةٍ): ستعيش حياتك كاملة.
الموت مُكَرَّم – (كَرَفْعِ الْكُدْسِ فِي أَوَانِهِ): ككومة من الحُبوب الناضجة وقت حصادها.
• “حتى لو كان لون القمح ذهبيًا، فإنه يبدو أكثر جمالًا من خُضرته. هكذا الرجل ذو الرأس الرمادي لديه تاج مجد على رأسه. إنه مجيد في ضعفه، أكثر من الشاب في قوته أو العذراء في جمالها. أليست صدمة الذرة (ربطها في أكداس لتجف) صورة جميلة لحالة الإنسان، لأنه سيؤخذ في القريب العاجل إلى بيته؟ فالحاصد قادم.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآية (٢٧): يعلن أَلِيفَاز ثقته بكلامه.
٢٧هَا إِنَّ ذَا قَدْ بَحَثْنَا عَنْهُ. كَذَا هُوَ. فَاسْمَعْهُ وَاعْلَمْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ.
١. هَا إِنَّ ذَا قَدْ بَحَثْنَا عَنْهُ (هَذَا هُوَ الأمْرُ الَّذِي تَفَحَّصنَاهُ): أراد أَلِيفَاز إقناع أيوب، فأعطى بيانه سلطة المعرفة الجماعية (قَدْ بَحَثْنَا). “أيوب، كلنا هنا – أصدقاؤك والمشيرين – حققنا في هذا بعناية ونعرف ما نتحدث عنه.”
• من الجدير بالذكر أن الرب خص أَلِيفَاز في نهاية السفر بتوبيخ خاص: قَالَ لأَلِيفَازَ التَّيْمَانِيِّ: «قَدِ احْتَمَى غَضَبِي عَلَيْكَ وَعَلَى كِلاَ صَاحِبَيْكَ، لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ الصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ». (أيوب٤٢: ٧). “فخطأ أليفاز ليس أن عقيدته غير سليمة. ولكن في عدم كفاءته كمشير. قد تكون الكلمات الحقيقية دواء خفيفًا لرجل ساقط في الأعماق.” أندرسن (Andersen)
• “هناك شيء واحد واضح. فكلمات أليفاز، مهما كانت حسنة النية، إلا أنها لم تحقق النتيجة المرجوة. لقد قال حقيقة تلو الأخرى. لكن هذه الحقائق لا تجلب التعزية أو الاقتناع لصديقه المنكوب. بالنسبة له فهذا الطعام الصحي يبدو سما.” برادلي (Bradley)
٢. كَذَا هُوَ (إنها الحقيقة): قال أَلِيفَاز هذا بثقة مطلقة. “أيوب، مبدأ الله في السبب والنتيجة جنبًا إلى جنب مع رد فعلك على مصيبتك يثبت أنك كنت وما زلت في الخطية ويجب أن تتوب لينصلح حالك.” بالنسبة لأَلِيفَاز وبقية أصدقاء أيوب، كان هذا واضحًا لدرجة أنه لم يكن بحاجة إلى إثبات. لقد أوضح ببساطة وبثقة إنها الحقيقة (كَذَا هُوَ).
• “ليس ما عرفه أَلِيفَاز كان خطأ. بل ما كان يجهله – قصد الله الخفي – هو الذي جعل كل شِعْرِهِ الجميل وحقيقته الكبرى مجرد فخ لأيوب.” سميك (Smick)
• “فالأسبرين دواء جيد وفعال. لكنه غير مجدٍ ضد السرطان. وبالمثل، فإن الكثير من النصائح التي يقدمها أَلِيفَاز والأصدقاء الآخرون هي، في حد ذاتها، صحيحة وجيدة وحقيقية. ولكن ولأنه يتم تطبيقها بشكل خاطئ تصبح عديمة الفائدة. والأكثر من كونها عديمة الفائدة، إنها كذبة.” ماسون (Mason)
• يبشر أَلِيفَاز بإله يمكن فهمه. وبالنسبة لأَلِيفَاز، لا يوجد مجهولون وراء الكواليس. لا توجد دراما أو هدف في السماء يُحفّز ما يفعله الله وما يسمح به. لكن، نحن نعرف هذه الدراما السماوية من الفصلين الأولين، ونرى مدى ضحالة مشورة أَلِيفَاز وجهالتها. لم يكن أيوب يعرف ما نعرفه نحن، لكن بإمكانه أن يشعر أن مشورة أليفاز كانت غير صحيحة في حالته.
• “التصورات المسبقة تملأ أذهاننا. إذا بدأنا بتصور مسبق بأن الله لن يسمح أبدًا للأبرياء بالهلاك ثم رأينا رجلًا بارًا يهلك، فسيتَعيّن علينا أن نقول، “لا يمكنك أن تكون رجلًا بارًا، لأن تصوري المسبق يخبرني أنه إن كنت كذلك، فلن يسمح لك الله بالمعاناة. لذلك ثبت أنك رجل سيء.” شامبرز (Chambers). استخدمت السلطات الدينية نفس هذا المنطق تمامًا مما دفعهم إلى رفع يسوع على الصليب، والسخرية منه عند صلبه.
• قال الملحد الشهير هاكسلي (Huxley): “أنا أعترض على المسيحيين – فهم يعرفون الكثير عن الله.” وكذلك فعل أَلِيفَاز وأصدقاؤه. “إن جعلتنا دراسة سفر أيوب نحترم أكثر ما لا نفهمه، فإننا نكتسب بصيرة. ستواجه بمعاناة لا يمكنك أن تقول كلمة واحدة أمامها… كل ما يمكنك فعله هو أن تظل أبكمًا وتترك مجالًا لله أن يتدخل وقتما يشاء.” (Chambers)
٣. فَاسْمَعْهُ وَاعْلَمْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ: في ذهن أَلِيفَاز، احتاج أيوب فقط إلى قبول هذه الحقائق الواضحة من أجل العثور على إجابات لأزْمَته الحالية.
• “كان خطأهم الدائم هو محاولة شرح كل شيء من خلال معرفتهم التي كانت ضيقة للغاية، على الرغم من اتساعها.” مورغان (Morgan)
• “ينتهي الخطاب إلى حد ما بنصيحة لهذا لرجل الفقير المعذب: ’لقد فحصنا الأمر، ونؤكد لك إن ما نقوله هو الحقيقية.‘ نحن الحكماء ونتعهد بحكمتنا وسمعتنا بأن هذا صحيح. كم هي عظيمة السلطة! القليل من التعاطف سيفعل أكثر للإشادة بالعقيدة من طن من عقيدة الثقة بالنفس.” ماكلارين (Maclaren)
• “إنها إحدى المفارقات الكبرى في هذا السفر أنه فقط بعد مثول هؤلاء الأصدقاء الثلاثة أمامه، يفقد أيوب السيطرة على نفسه ويسقط من الحافة إلى اليأس. إن لاهوتهم المتحذلق، وحماسهم الإصلاحي، وإهاناتهم الخفية هي أكثر مما يمكن أن يحتمله هذا الرجل المسكين، ومما لا شك فيه أن خيانة أصدقائه له غير المباشرة كانت آخر وأشد تجربة لأيوب.” ماسون (Mason)