سفر نحميا – الإصحاح ٦
اكتمال الأسوار
أولًا. نحميا يتعرض للهجوم على ثلاث مراحل
أ ) الآيات (١-٤): فخ صداقة العدو.
١وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ وَطُوبِيَّا وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ وَبَقِيَّةُ أَعْدَائِنَا أَنِّي قَدْ بَنَيْتُ السُّورَ وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ ثُغْرَةٌ، عَلَى أَنِّي لَمْ أَكُنْ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ قَدْ أَقَمْتُ مَصَارِيعَ لِلأَبْوَابِ، ٢أَرْسَلَ سَنْبَلَّطُ وَجَشَمٌ إِلَيَّ قَائِلَيْنِ: «هَلُمَّ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي الْقُرَى فِي بُقْعَةِ أُونُو». وَكَانَا يُفَكِّرَانِ أَنْ يَعْمَلاَ بِي شَرًّا. ٣فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمَا رُسُلًا قَائِلًا: «إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلًا عَظِيمًا فَلاَ أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِلَ. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟» ٤وَأَرْسَلاَ إِلَيَّ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَجَاوَبْتُهُمَا بِمِثْلِ هذَا الْجَوَابِ.
١. وَلَمَّا سَمِعَ… أَعْدَائِنَا أَنِّي قَدْ بَنَيْتُ السُّورَ: كان السور على وشك الانتهاء – فقد تم سد الثغرات، غير أن الأبواب لم تعلق بعد. وبالنسبة لأعداء نحميا من جهة عمل الله، فقد كان الأمر هكذا “إما الآن أو لن يكون أبدًا.” فإذا لم يقوموا بشيء على الفور لإيقاف العمل، فسيتم إكمال الأسوار بشكل كامل.
٢. هَلُمَّ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي الْقُرَى فِي بُقْعَةِ أُونُو: في هذا الوقت، حاول سنبلط وطوبيا وجشم ترتيب اجتماع مع نحميا – وبكل مظاهره كان يبدو وكأنه اجتماع ودي، ربما يكون للمصالحة أو حتى كعطلة. وكانت دعوتهم قد تحمل معنى التمتع بفترة للراحة والاستجمام لبضعة أيام فِي بُقْعَةِ أُونُو.
٣. وَكَانَا يُفَكِّرَانِ أَنْ يَعْمَلاَ بِي شَرًّا: استطاع نحميا أن يرى من خلال الموقف الظاهري، وأن يفهم ما كان وراء عرض سنبلط الودي.
• “سواء كنت قسيسًا أو معلمًا أو مبشرًا أو قائدًا في مدارس الأحد، أو أيًا كان منصبك في القيادة المسيحية، دعني أقول لك إنه سيكون هناك دائمًا من هم ودودون في وجهك، لكنهم يخططون لسقوطك خلف ظهرك. لتحذر من المؤمن المتملق، والمصفق لك الذي يحوم دائمًا حولك، ومن خلف ظهرك سيكون أول من يفرح بسقوطك.” ريدباث (Redpath)
٤. وَكَانَا يُفَكِّرَانِ أَنْ يَعْمَلاَ بِي شَرًّا: كان نحميا مُعدَّا بموهبة التمييز.
• التمييز هو القدرة على الحكم على الأمور وفقًا لرؤية الله لها، وليس وفقًا لمظهرها الخارجي. فغالبًا ما نُخدع بالمظاهر الخارجية؛ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ (١ صموئيل ١٦: ٧).
• يخلط الكثير من الناس بين أن يكون لديهم التمييز وكونهم سلبيين أو متشائمين. إن التمييز قادر بنفس القدر على رؤية الخير حيث قد يفوت الآخرون رؤيته كما هو قادر على رؤية ما هو سيئ حيث ينخدع الآخرون بالمظاهر.
• يعاني المؤمنون اليوم كثيرًا بسبب نقص التمييز لديهم. فهم يتبعون قادة ومعلمين لهم مظهر جيد، بينما هم لا يسلكون في نفس طبيعة يسوع. يقبل المؤمنون أشياء بشكل أعمى لمجرد أنها تبدو جيدة دون الحكم عليه بعناية في ضوء مشورة كلمة الله الكاملة. يمكننا أن نتصور أن نحميا ذهب إلى كلمة الله وجهز نفسه بالتمييز الإلهي. ربما يكون قد قرأ أمثال ٢٧: ٦ “أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ، وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ.” فهذا المقطع وحده كان سيذكره بعدم النظر إلى المظاهر الخارجية، ولكن عليه الحكم على الأمور بتعقل.
• كيف يمكننا أن ننمو في التمييز؟ أولًا، إذا كنت تريد أن ترى الأشياء كما يراها الله، فعليك التعرّف على كلمته. ثانيًا، أسع نحو النضج الروحي؛ تقول الرسالة إلى العبرانيين ٥: ١٢-١٤ إن التمييز شيء لا يمتلكه الأطفال الروحيون (فالطفل سيضع أي شيء في فمه). ثالثًا، يمكن أن يُعطى التمييز كموهبة من مواهب الروح القدس (١ كورنثوس ١٢: ١٠)، فلتطلب الموهبة من الله.
• بدون التمييز، يمكننا الاعتقاد بأن دعوة العدو الخطيرة هي في الواقع عرض للمصالحة. ويمكننا أن نعتقد أن الافتراض هو إيمان. ويمكننا أن نعتقد أن رغباتنا الشخصية النبيلة هي وعود من الله لنا. كما يمكننا أن نعتقد أن الله يقول “الآن” عندما يقول “لاحقًا” أو أنه يقول “لاحقًا” عندما يقول “الآن.” ويمكننا أن نعتقد أن شخصًا ما هو شخص ذو شخصية أو قائد روحي عندما يكونون هم في الحقيقة من يلحقون الضرر بشعب الله.
٥. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟ وبممارسة التمييز، لم يكن ليتمكن نحميا فقط من الإفلات من فخهم؛ بل أن يبقى بتركيزه الكامل في عمله دون تشتيت.
• إذا استطاع العدو تشتيت شعب الله، فقد فاز؛ إذا بدأنا نعطي أهمية للأمور الثانوية ونقلل من شأن الأمور الرئيسية، فقد فقدنا فعاليتنا في عمل الرب.
• كان نحميا مثابرًا في تمييزه إذا قد تكرر الطلب أربع مرات، وفي كل مرة كان نحميا ثابتًا ولم يقع في الفخ.
٦. إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلًا عَظِيمًا فَلاَ أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِلَ. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟ لقد منح التمييز نحميا تركيزًا؛ فقد عرف ما يريد الله منه أن يفعله وقد قام به. لم يكن ليتشتت بأشياء تبدو جيدة لكنها لم تكن من الرب بالنسبة له.
• يجب على أي شخص يقوم بعمل لله أن يتعامل مع مئات الأسباب النبيلة والعظيمة المختلفة، ومئات الأشياء التي قد تبدو جيدة – أو هي بالفعل جيدة – لكنها ليست ما دعاهم الرب للقيام به في ذلك الوقت. إن التمييز يعطينا تركيزًا.
ب) الآيات (٥-٩): حدة تشهير العدو.
٥فَأَرْسَلَ إِلَيَّ سَنْبَلَّطُ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ مَرَّةً خَامِسَةً مَعَ غُلاَمِهِ بِرِسَالَةٍ مَنْشُورَةٍ بِيَدِهِ مَكْتُوبٌ فِيهَا: ٦«قَدْ سُمِعَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَجَشَمٌ يَقُولُ: إِنَّكَ أَنْتَ وَالْيَهُودُ تُفَكِّرُونَ أَنْ تَتَمَرَّدُوا، لِذلِكَ أَنْتَ تَبْنِي السُّورَ لِتَكُونَ لَهُمْ مَلِكًا حَسَبَ هذِهِ الأُمُورِ. ٧وَقَدْ أَقَمْتَ أَيْضًا أَنْبِيَاءَ لِيُنَادُوا بِكَ فِي أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: فِي يَهُوذَا مَلِكٌ. وَالآنَ يُخْبَرُ الْمَلِكُ بِهذَا الْكَلاَمِ. فَهَلُمَّ الآنَ نَتَشَاوَرُ مَعًا». ٨فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ قَائِلًا: «لاَ يَكُونُ مِثْلُ هذَا الْكَلاَمِ الَّذِي تَقُولُهُ، بَلْ إِنَّمَا أَنْتَ مُخْتَلِقُهُ مِنْ قَلْبِكَ». ٩لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: «قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ». « فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ».
١. قَدْ سُمِعَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَجَشَمٌ يَقُولُ: لقد بدأ تشهير سنبلط بالطريقة التي تبدأ بها العديد من الهجمات اللفظية؛ أي بطرح تقرير بما قاله الآخرين.
• اتهامات غامضة، وهي غالبًا ما تبدو مثل “الجميع يتحدثون عن…” أو “هناك عدد من الأشخاص يقولون…” ويمكن لمثل هذه الكلمات الغامضة أن تُعطي انطباعًا خاطئًا بسهولة.
• إن ما اتهم سنبلط نحميا به كان كاذبًا. وحتى إذا رددته ألف أمة، فلن يجعله هذا أمرًا حقيقيًا. إن الكذبة الشعبية قد تكون أكثر خطورة، لكنها لا تصبح صحيحة لمجرد أنها شعبية أو منتشرة.
٢. أَنْتَ وَالْيَهُودُ تُفَكِّرُونَ أَنْ تَتَمَرَّدُوا… لِتَكُونَ لَهُمْ مَلِكًا… وَقَدْ أَقَمْتَ أَيْضًا أَنْبِيَاءَ لِيُنَادُوا بِكَ: ربما أغضبت هذه الأكاذيب نحميا. لقد عمل بجد ووثق بالله كثيرًا، حتى يتم هذا العمل بمباركة الملك. وقد قبل نحميا تضحيات شخصية كبيرة ليوضح أنه لم يفعل هذا من أجل نفسه. إن فكرة إقامة ’أَنْبِيَاءَ‘ لِيُنَادُوا بما يريد القائد سماعه؛ فكرة مسيئة لنحميا. لقد كانوا يتهمونه بالأشياء نفسها التي كان قد ضحى بها حتى يكون بلا لوم من نحوها.
• إن عدو نفوسنا وأرواحنا يعرف أي اتهامات يمكن أن تزعجنا وتؤذينا أكثر. ونحن، غالبًا، لا نستطيع إيقاف مثل هذه الهجمات، ولكن يمكننا أن نتعلم كيفية الدفاع ضدها والتعامل معها.
٣. وَالآنَ يُخْبَرُ الْمَلِكُ بِهذَا الْكَلاَمِ. فَهَلُمَّ الآنَ نَتَشَاوَرُ مَعًا: الآن قام سنبلط بتهديد واضح. لكن لم يكن نحميا ليُخدع بحضور هذا الاجتماع (كان لديه تمييز كبير من جهة هذا الأمر). والآن هو يحاول التشهير بنحميا.
٤. إِنَّمَا أَنْتَ مُخْتَلِقُهُ مِنْ قَلْبِكَ: رد نحميا بهدوء وبشكل مباشر على سنبلط وأخبره بأنه كاذب، واستمر في العمل.
• لم يقم نحميا بدفاع معقد، يحاول به إثبات خطأ سنبلط في نقطة تلو الأخرى. لم يكن سيضيع وقته في هذا. فلا يمكنك إرضاء أشخاص مثل سنبلط بالحقائق والتفسيرات والأدلة. لن يمكنك إرضائهم إلا من خلال الاستسلام لمطالبهم، وهذا ما رفض نحميا القيام به.
• لن يُهزم سنبلط من خلال إخباره بأنه كاذب. لم يكن يهمه إذا اعتقد العالم كله أنه كاذب مقابل أن يتمكن فقط من إيقاف العمل. وشكرًا للرب، كان نحميا ثابتًا.
٦. لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا: كان لدى نحميا التمييز ليرى أن استراتيجية التشهير كانت كلها في اتجاه الخوف، ولم يستسلم لها. لا يمكن لأي عدو أن يجعلنا خائفين؛ كل ما يمكنهم فعله هو محاولة جعلنا نختار الخوف – لكن الأمر متروك لنا لرفضه.
• يعيش الكثير من الناس مشلولين بالخوف مما يقوله الآخرون عنهم، أو ما قد يقولونه عنهم. وبدلًا من ذلك، يجب أن ننسى ما يعتقدونه الآخرون من نحونا. في مثل هذه الحالات، سيتحدث الناس على أي حال وهناك القليل الذي يمكنك القيام به حيال ذلك، بخلاف أن تكون عازمًا مصممًا على ألا يجعلوك خائفًا.
• هناك مثل من أمثال بنيامين فرانكلين الحكيمة مأخوذًا من ’تقويم ريتشارد المسكين‘ يقول: “بما أنني لا أستطيع السيطرة على لساني، على الرغم من أنه بين أسناني، فكيف يمكنني أن أأمل في التحكم في ألسنة الآخرين؟”
• “لا يمكن لأي رجل أن يقود عمل الله إذا سمح لنفسه أن يحكمه ما يفكر فيه الناس. من المفترض أن يحصل على المساعدة والشركة والصلاة والمشورة، ويكون أحمق إذا لم ينل كل هذا؛ ولكن إذا كانت قراراته النهائية تعتمد على الرأي العام من حوله فحتمًا سيفشل.” ريدباث (Redpath)
٧. فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ: يجب علينا أن نفعل ما فعله نحميا – نصلي من أجل قوة الله، وإعلان قدرته في حياتنا. لا يمكننا التغلب على التشهير وخوفنا من أعدائنا بقوتنا الخاصة، وسيُقال لنا لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِ الرب.
ج) الآيات (١٠-١٤): فضيحة ديانة العدو.
١٠وَدَخَلْتُ بَيْتَ شَمْعِيَا بْنِ دَلاَيَا بْنِ مَهِيطَبْئِيلَ وَهُوَ مُغْلَقٌ، فَقَالَ: «لِنَجْتَمِعْ إِلَى بَيْتِ اللهِ إِلَى وَسَطِ الْهَيْكَلِ وَنُقْفِلْ أَبْوَابَ الْهَيْكَلِ، لأَنَّهُمْ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ. فِي اللَّيْلِ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ». ١١فَقُلْتُ: «أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟ وَمَنْ مِثْلِي يَدْخُلُ الْهَيْكَلَ فَيَحْيَا؟ لاَ أَدْخُلُ!». ١٢فَتَحَقَّقْتُ وَهُوَذَا لَمْ يُرْسِلْهُ اللهُ لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ عَلَيَّ، وَطُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطُ قَدِ اسْتَأْجَرَاهُ. ١٣لأَجْلِ هذَا قَدِ اسْتُؤْجِرَ لِكَيْ أَخَافَ وَأَفْعَلَ هكَذَا وَأُخْطِئَ، فَيَكُونَ لَهُمَا خَبَرٌ رَدِيءٌ لِكَيْ يُعَيِّرَانِي. ١٤اذْكُرْ يَا إِلهِي طُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطَ حَسَبَ أَعْمَالِهِمَا هذِهِ، وَنُوعَدْيَةَ النَّبِيَّةَ وَبَاقِيَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُخِيفُونَنِي.
١. وَدَخَلْتُ بَيْتَ شَمْعِيَا: قيل إن هذا الرجل شَمْعِيَا كان نبيًا (لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ عَلَيَّ)، ولكنه لم يكن نبيًا للرب. لقد عرض شَمْعِيَا على نحميا مكانًا يكون فيه محميًا، وهذا المكان هو الهيكل. لقد كانت فكرة النبوة هي أن نحميا الذي قيل عنه إنه مهدد يمكنه أن يجد ملجأ في الهيكل.
• قد يبدو الأمر مقبولًا – وقد يأخذ البعض بعض الآيات الكتابية لدعم هذا الفعل: يقول المزمور ٦١: ٤، لأسْكُنَنَّ فِي مَسْكَنِكَ إِلَى الدُّهُورِ. أَحْتَمِي بِسِتْرِ جَنَاحَيْكَ. ها هو نحميا يحتاج إلى التمييز الآن أكثر من أي وقت مضى.
٢. أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟ كان نحميا يعرف قلب الله كما هو موضح في مشورة كلمة الله الكاملة، فكان لديه تمييز. لقد حاول شَمْعِيَا خلق الخوف بداخل قلب نحميا، كما حاول أن يجعله يعصي الله بسبب هذا الخوف.
• لقد كان الدخول إلى الهيكل مسموحًا فقط للكهنة، ولم يكن نحميا كاهنًا. وكان سيعصي الله لو فعل ما اقترحه شَمْعِيَا. في سفر أخبار الأيام الثاني ٢٦، دخل الملك عزيا – الذي لم يكن كاهنًا – إلى الهيكل، وضربه الله على الفور بالبرص.
• “كان شَمْعِيَا يسعى لإقناع نحميا بديانة متساهلة، مساومة تتجنب الاضطهاد، والتي لا تحمل صليبًا، والتي يحكمها الخوف من آراء الآخرين.” ريدباث (Redpath)
٣. لِنَجْتَمِعْ إِلَى بَيْتِ اللهِ: كان شَمْعِيَا يعرف كيف يستخدم الكلام الديني، ولكن مثل هذا الكلام كان لا يزال فخًا. لو كان نحميا قد صدق كلام شَمْعِيَا الديني، لكان قد أخطأ وأعطى الآخرين شيئًا لإيجاد العيب به وتشويه سمعته.
٤. وَمَنْ مِثْلِي يَدْخُلُ الْهَيْكَلَ فَيَحْيَا؟ لاَ أَدْخُلُ! وقف نحميا بشجاعة ضد هذا الخداع الديني. ففي التزامه بطاعة الرب ووصاياه، أظهر الله له قلب شَمْعِيَا – الذي لم يكن نبيًا حقيقيًا. بل بدلًا من ذلك، كان يتقاضى أجره من سنبلط.
٥. اذْكُرْ يَا إِلهِي طُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطَ: إن أفضل من ذلك كله، وبدلًا من الهجوم على شَمْعِيَا وزملائه من أصحاب الديانة الزائفة، أسلم نحميا كل هؤلاء الرجال الأشرار – وكل الموقف – إلى الله. فإذا كان الله يعتني بنحميا بشكل جيد، فيمكن أنه أيضًا يعتني بشَمْعِيَا بحسب الحكمة الإلهية.
• إن رد فعل نحميا على الهجوم الثلاثي المتمثل في الصداقة المزعومة والتشهير والديانة الزائفة يجعلنا نحترمه كقائد. ولكن يمكننا أن نحب ونُعجب بيسوع أكثر بكثير.
• لقد قالوا لنحميا “هَلُمَّ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي… بُقْعَةِ أُونُو.” وقالوا أيضًا ليسوع: “انْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ.” لكن يسوع كان يقوم بعمل عظيم – أعظم عمل – على الصليب ولن يوقفه.
• لقد تم التشهير بنحميا، لكنه لم يدافع عن نفسه، بل تحدث بالحقيقة ووثق في الله. وهكذا أيضًا تم التشهير بيسوع ولم يتحد من انتقدوه – وتحدث بالحقيقة ووثق في أبيه السماوي.
• قام نبي كاذب بتقديم عرض على نحميا، طريقًا سهلًا للخروج من التحدي الذي يواجهه – ولكنها كانت طريقة مؤسسة على الخوف وعصيان الرب. ولم يرض نحميا بها. وأيضًا عُرض على يسوع طريقة للخروج من الصلب – فإذا سجد يسوع للشيطان فقط فستُسلم له كل ممالك العالم. ورفض يسوع هذا الطريق الذي يبدو الأسهل.
ثانيًا. اكتمال السور
أ ) الآيات (١٥-١٦): اكتمال السور في ٥٢ يومًا.
١٥وَكَمِلَ السُّورُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ، فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا. ١٦وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ أَعْدَائِنَا وَرَأَى جَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوَالَيْنَا، سَقَطُوا كَثِيرًا فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ إِلهِنَا عُمِلَ هذَا الْعَمَلُ.
١. وَكَمِلَ السُّورُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ، فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا: كانت مدة الوقت اللازم لإنهاء العمل قصيرة بشكل ملحوظ. ظلت الأسوار في حالة خراب لأكثر من ١٠٠ عام، ومن ثم تم ترميمها في فترة لا تتجاوز ٥٢ يومًا.
• لماذا لم يتم العمل في أكثر من ١٠٠ عام الماضية إذًا؟ لم يكمن الأمر في أنه لم يلاحظ أحد المشكلة؛ ولا أن الأسوار لم تكن مرغوبة. لقد رأى العديد من الأشخاص الأسوار المنهدمة وعرفوا كيف تسببت في إفساد حياة أهل أورشليم، ولكن لم يتجاوز أحد مرحلة الرغبة في وجود أسوار لأورشليم.
• أخيرًا، جاء رجل وفعل أكثر من مجرد “الرغبة” في أن تكون لأورشليم أسوار. لقد حزن وتألم، وصلّى، وخطط، وطلب بجرأة، وذهب، وقاتل، وشجّع، وثبّت، وأكمل العمل حتى النهاية. لكنه كان أيضًا يحظى بأشخاص من حوله لهم نفس القلب.
• لدينا أفكار صغيرة عن كيف يمكن لله أن يستخدمنا. لقد استخدم الله رجلًا يُدعى نحميا لتصحيح مشكلة عمرها ١٠٠ عام في أقل من شهرين – وذات الرب يجلس على عرشه في السماء ويعمل من خلالك اليوم.
٢. فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا: في البداية، عندما رأى نحميا الاحتياج صلى لمدة أربعة أشهر (هذا هو الفرق في الوقت بين نحميا ١: ١ و٢: ١). لكن العمل نفسه استغرق أقل من شهرين. عمل نحميا لوقت أطول في الصلاة من الوقت الذي احتاجوه لإنجاز العمل.
• وهذا يظهر أن المعركة الروحية كانت أكبر من المعركة المادية. وغالبًا ما يُقال لنا هذا، لكن ربما يكون من الصعب تصديقه.
٣. وَرَأَى جَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوَالَيْنَا، سَقَطُوا كَثِيرًا فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ: عندما تم الانتهاء من السور، أصبح أعداؤهم محبطين للغاية. إنه أمر رائع أن تُحبط أعداء شعب الله وتجعلهم يشعرون بالإحباط لفترة.
• لقد كانت المعارك صعبة؛ وكان العمل كبيرًا؛ وكانت هناك تحديات من الداخل والخارج. لكن العمل الآن قد اكتمل، وكان النصر حلوًا.
٤. وَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ إِلهِنَا عُمِلَ هذَا الْعَمَلُ: لم يكن أعداؤهم محبطين فقط لأن السور اكتمل، ولكن بشكل خاص لأنه كان واضحًا أن الله هو من قام بالعمل. عندما يكون هناك شيء يحمل بصمات الله، يلاحظه جميع أعداؤنا أيضًا.
• يصبح العدو محبطًا فقط عندما يقوم الله بالعمل. إذا كان المنتج هو نتيجة جهود الإنسان، فإنهم يضحكون فقط. قد ينخدع الرجال ويرون عمل الإنسان وينبهرون، ولكن الملائكة في السماء (وكل شيطان في الجحيم) يعرفون ما الأشياء التي تمت بواسطة الإنسان وما الأشياء التي تمت بواسطة الله.
• صار شعب أورشليم القوي والآمن شهادة للأمم المحيطة. والكثيرون منا يعيشون حياة مسيحية لا يلاحظها أحد، لأن أسوارنا منهدمة. دع الرب يقوم بعمل البناء، وسيلاحظه الآخرون.
ب) الآيات (١٧-١٩): تم الانتهاء من العمل على الرغم من وجود بعض الأشخاص الذين كانوا أصدقاء مع العدو طوبيا.
١٧وَأَيْضًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَكْثَرَ عُظَمَاءُ يَهُوذَا تَوَارُدَ رَسَائِلِهِمْ عَلَى طُوبِيَّا، وَمِنْ عِنْدِ طُوبِيَّا أَتَتِ الرَّسَائِلُ إِلَيْهِمْ. ١٨لأَنَّ كَثِيرِينَ فِي يَهُوذَا كَانُوا أَصْحَابَ حِلْفٍ لَهُ، لأَنَّهُ صِهْرُ شَكَنْيَا بْنِ آرَحَ، وَيَهُوحَانَانُ ابْنُهُ أَخَذَ بِنْتَ مَشُلاَّمَ بْنِ بَرَخْيَا. ١٩وَكَانُوا أَيْضًا يُخْبِرُونَ أَمَامِي بِحَسَنَاتِهِ، وَكَانُوا يُبَلِّغُونَ كَلاَمِي إِلَيْهِ. وَأَرْسَلَ طُوبِيَّا رَسَائِلَ لِيُخَوِّفَنِي.
١. وَأَيْضًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَكْثَرَ عُظَمَاءُ يَهُوذَا تَوَارُدَ رَسَائِلِهِمْ عَلَى طُوبِيَّا: كان طوبيا هو الرجل الذي عارض عمل إعادة البناء مع سنبلط. وفي نحميا ٢: ١٠، قد انزعج بقدوم نحميا لإعادة بناء الأسوار. وفي نحميا ٢: ١٩ و٤: ٣، سخر من عمل نحميا. وفي نحميا ٤: ٧، كان غاضبًا لأن العمل كان يتم. وفي نحميا ٦: ١-٢، كان هو أحد الرجال الذين حاولوا إيقاف نحميا عن العمل ودعوه إلى بقعة أونو ليتمكنوا من مهاجمته.
٢. لأَنَّ كَثِيرِينَ فِي يَهُوذَا كَانُوا أَصْحَابَ حِلْفٍ لَهُ: ومع ذلك، لم يكن لدى عظماء يهوذا أي مشكلة في كونهم أصدقاء لمثل هذا الرجل – لأن له صلات عائلية مع الكثيرين في سبط يهوذا. وفي الواقع، حاولوا تقديم توصيه بشأنه إلى نحميا (وَكَانُوا أَيْضًا يُخْبِرُونَ أَمَامِي بِحَسَنَاتِهِ).
• لم يستطع هؤلاء اليهود، أخوة نحميا، أن يروا ويميزوا ما كان واضحًا لنحميا. ربما لم يروا الكثير من عمل طوبيا الشرير بشكل مباشر، فكان من الصعب عليهم تصديق نحميا. ويمكننا أن نتخيلهم يقولون: “لطالما كان لطيفًا معنا؛ انظر إلى كل الخير الذي فعله.”
• ومن الممكن أيضًا أنهم لم يمتلكوا قلب الراعي، وعيون الراعي التي كان يمتلكها نحميا. كان نحميا مدعوًا من الله لحماية شعب الله وعمل الله؛ فكان يراقب الأمور وكان على حذر بطريقة لم يكن الآخرون عليها.
• أيضًا، في حالة هؤلاء العظماء، كان هناك مصلحة خاصة في العمل. لقد كان لديهم تعاملات مالية مع طوبيا وهم يرغبون في حمايتها. “كانت اتفاقياته العديدة والملزمة (أَصْحَابَ حِلْفٍ لَهُ) داخل المجتمع اليهودي على الأرجح هي عقودًا تجارية، وكانت تسهلها العلاقات الصهرية (نسب بالزواج).” كيدنر (Kidner)
٣. وَكَانُوا أَيْضًا يُخْبِرُونَ أَمَامِي بِحَسَنَاتِهِ، وَكَانُوا يُبَلِّغُونَ كَلاَمِي إِلَيْهِ: بلا شك، أنهم رأوا نحميا على أنه الطرف المذنب. اعتقدوا أن أعمال طوبيا كانت جيدة، وأن نحميا تكلم ضد طوبيا دون سبب. على سبيل المثال، في نحميا ٤: ٤، صلى نحميا أن يُرد الشر الذي خطط له طوبيا عليه، وأن يُؤخذ طوبيا ويُنقل بعيدًا.
• كان على نحميا أن يكون على استعداد أن يراه البعض على أنه الطرف المذنب من أجل فعل ما هو صحيح من أجل شعب الله. كان يستطيع أن يرى ما لم يستطع عظماء يهوذا رؤيته. وكان يعرف أن أعمال طوبيا الجيدة لم تكن كل القصة – فطوال الوقت، كان طوبيا يرسل رسائل مخيفة إلى نحميا. ولم تكن تلك الرسائل من أعمال طوبيا الجيدة.
• “تصرف أصدقاء طوبيا كجبهة خامسة. حاولوا الترويج لطوبيا وأيضًا العمل كنظام استخباراتي لحسابه. وظل طوبيا نفسه يحاول تخويف نحميا.” ياماوتشي (Yamauchi)
٤. وَأَرْسَلَ طُوبِيَّا رَسَائِلَ لِيُخَوِّفَنِي: لم يكتب نحميا المزيد عن هذا الموقف. لم يكن سيطالب العظماء بتغيير رأيهم عن طوبيا ولكنه لم ينكر أيضًا ما كان يعرفه عن طوبيا. يبدو أنه كان على استعداد لترك الأمر ووضعه في رعاية الله.
• كان لدى نحميا عمل يجب القيام به، وهذا العمل لم يكن حقًا الخروج لمهاجمة أشخاص مثل طوبيا. لذا كان يمكنه ترك طوبيا وشأنه، طالما أنهم لم يهاجموا عمل الله.