الرجل الذي سَارَ مَعَ ٱلله
وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ… وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.
تقدم هذه الآيات من تكوين ٥ رجلين رائعين. يُشار إلى مَتُوشَالَح على أنه الرجل الذي عاش أطول حياة مسجلة في الكتاب المقدس، إذ بلغ عمره ٩٦٩ عامًا (تكوين ٥: ٢٧). ويُشار إلى أَخْنُوخ على أنه الرجل الذي سار مع الله بطريقة خاصة حتى أن الله أخذه – على الأرجح، إلى عرش الله في السماء.
ربما من الصعب تصديق ذلك بدون السجل الكتابي، لكن الأمر لا لبس فيه. أُخِذ أخنوخ، ابن يارد، بطريقةٍ عجائبيَّة إلى الله. تتكرر جملة ’وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ‘ للتأكد من أننا نفهم الفكرة. فالسير مع الله، بهذا المعنى، تتكلَّم عن علاقةٍ حقيقيَّة وعميقة.
لا يمكنك أن تمشي بوعيٍ مع شخص لا تعرف وجوده. عندما نسير مع شخصٍ ما، نعلم أنَّه موجود، نسمع وقْعَ أقدامه إذا لم نتمكَّن من رؤية وجهه. عندما يسير الأصدقاء معًا، فإنهم يتواصلون، ويستمتعون برابطة تتجاوز الكلمات. كان هذا هو نوع العلاقة العميقة التي تمتع بها أخنوخ مع الله، والتي تمتع بها الله مع أخنوخ.
وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ ٱللهِ: والسير مع الله يعني السير بالإيمان (٢ كورنثوس ٧:٥) والسير في النور (١ يوحنا ٥:١-٧) والسير في انسجامٍ مع الله (عاموس ٣:٣). يُخبرنا عبرانيِّين ٥:١١ عن أساس سير أخنوخ مع الله: بِٱلْإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لَا يَرَى ٱلْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ ٱللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى ٱللهَ؛ لا يمكنك أن تمشي مع الله وتُكرِم الله بعيدًا عن الإيمان.
بعد أن سار مع الله هكذا، وكأنَّه في يومٍ من الأيَّام أخبر الله أخنوخ، ’ليس من الضروري أن تعود إلى منزلك، لما لا تأتي معي إلى البيت؟‘ يقول النص ببساطة: وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ. تساءل تشارلز سبيرجن عما إذا كان بعض الآباء العظماء قد رأوا أخنوخ يصعد إلى السماء كما فعل يسوع بعد عدة سنوات.
يبدو أنَّ أخنوخ بدأ بالسير مع الله بطريقةٍ خاصَّة بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَح. ربما يعني الاسم متوشالح، عندما يموت، سيأتي. فعندما ولِد متوشالح، أصبح لأخنوخ وعيٌ يرتبط بدينونة الله القادمة، وكان هذا الأمر من أبرز العوامل التي قادته للسير مع الله.
يخبرنا يهوذا ١٤، ١٥ أنَّ أخنوخ كان نبيًّا؛ حتَّى من منظوره البعيد نسبيًّا، استطاع أن يرى مجيء المسيح الثاني (هُوَذَا قَدْ جَاءَ ٱلرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ، لِيَصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ).
لا أعرف أيهما يأتي أولًا: السير مع الله أم ترقب مجيء المسيح بشوق. لا يهم أيهما سيحدث أولًا، فهما مرتبطان. الشيء المهم هو تنمية كليهما: السير مع الله وترقب مجيء المسيح بصبر . ربما يأتي الله ويأخذك بعيدًا.