حَقّق إمكَاناتك

حَقّق إمكَاناتك

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِيهِ شَيًّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». (تكوين ٣:١١-٤)

بعد الطوفان، بدأت البشرية في التكاثر. قال الله لنوح ونسله أن يثمروا ويتكاثروا (تكوين ١:٩)، وقد فعلوا ذلك بالفعل. ولكن بدلًا من أن ينتشروا بأنحاء الأرض، تجمَّعت الأنسال المتكاثرة في منطقة واحدة: جنوب بلاد ما بين النهرين بالقرب من نهري دجلة والفرات. سُميت تلك المنطقة شِنْعَار (١:١١)، والمعروفة أيضًا باسم بابل (تكوين ١٠:١٠). وكان هذا تمرُّد واضح ضدَّ وصيَّة الله في تكوين ١:٩ – بالانتشار وملء الأرض، لا التمركز في بقعة بذاتها.

حَقّق إمكَاناتك

ويمكننا القول إن البشريَّة كانت عازمة ومستعدة للبناء وتحقيق الكثير من الأشياء، ولكنهم مع الأسف، لم يطلبوا مشورة الله ولم يسلموه هذه العزيمة. إن تكلم البشريَّة لُغَّةً واحدة (تكوين ١:١١)، منح الإنسان القدرة على التقدم السريع في التكنولوجيا والتنظيم. ومع ذلك، استخدموا تلك العزيمة والإمكانات والتقنيات والتنظيم للتمرد على الله ومشيئته.

ولأننا مخلوقون على صورة الله، يتمتع الناس بالكثير من الإمكانات – خاصة عندما يعملون جنبًا إلى جنب في وئام. أولًا، بنوا لأنفسهم مدينة. ثم قاموا ببناء برج. وباستخدامهم لِبنًا مشويًّا وحُمرًا، بدأوا في بناء برج يصل إلى السماء.

اسمحوا لي أن أقترح عليكم فكرة. إنها ليست فكرتي، وليس لدينا معلومات كافية لنتأكد. ومع ذلك، اعتقد أنهم بنو برجًا عاليًا مستخدمين هذا النوع من اللِّبنِ (الطِّين) والحُمر لجعله قويًا ومُقاومًا للمياه. وهذا الطِّين نفسه استخدمهُ نوح في طلي الفُلك (تكوين ١٤:٦). ولاحقًا، استَخدمت أُمُّ موسى نفس المادَّة لطلي السلَّة التي وضعت فيها موسى (خروج ٣:٢).

إنَّ الموقف القلبيّ والمواد المتعلِّقة ببناء برج بابل تُشير ليس إلى عصيان وصيَّة الله لملء الأرض فحسب (تكوين ١:٩)، بل تُشير أيضًا إلى أنَّ الإنسان لم يُصدِّق وعد الله أنَّه لن يجلب الطوفان مرَّةً أخرى على الأرض. فقد بنى بُرجًا عاليًا مُقاوِمًا للمياه كي يحميَ البشرية من أيِّ طوفانٍ مستقبليّ.

كان رأس البرج مقصودًا منه أن يكون بِالسَّمَاءِ. نشكُّ بأنَّهم فكَّروا أنَّه بإمكانهم أن يبنوا برجًا يصل إلى السماء. على الأغلب بنوا برجًا لكي يستطيعوا من خلاله معاينة السماء. فمعظم ممارسات التَّنجيم والسحر اليوم لها تاريخٌ قديم يعود إلى بابل. كان البرج حقيقيًّا. يقول المؤرِّخ اليونانيّ القديم هيرودوت أنَّ برج بابل كان ما زال قائمًا في أيَّامه وأنَّه رآه شخصيًّا.

لم يستفيدوا شيئًا من عصيانهم المنظَّم ضدَّ الله وعدم ثقتهم بوعده. لقد أحبط الرب خطتهم بكل سهولة عندما بَلْبَلَ لِسَانَهم، وبَدَّدَهُم على وجه كل الأرض.

أنت مخلوقٌ على صورة الله وقادرٌ على تحقيق أمور عظيمة. فلا تضيع كل هذه الإمكانات والقدرات في العصيان وعدم الإيمان.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ١١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك