الجزء الأهمّ من الصلاة

وَقَالَ يَعْقُوبُ: «يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ لِلْكَثْرَةِ». (تكوين ٩:٣٢-٢١)

قال أحدهم ذات مرّة: ’لا يسعكَ العودة إلى الديار مُجددًا،‘ والمقصود بذلك أننا لا نستطيع أبدًا العودة حقًا إلى الطريقة التي كانت عليها الأمور في الماضي. ومع ذلك، بعد ٢٠ عامًا، حاول يعقوب العودة إلى منزله، وهو يعلم أن أخاه عيسو تعهد بقتله، مما أجبر يعقوب على الفرار للنّجاة بحياته. ومع ذلك، لم يستطع يعقوب البقاء بعيدًا عن أرض الموعد إلى أجل غير مسمى، لذلك في سفر التكوين ٣٢، عاد إلى كنعان لمواجهة ماضيه ومستقبله.

لم يستجب يعقوب جيدًا في البداية لضغط العودة إلى وطنه. وبعد ردَّة فعله الأوَّليَّة المملوءة بالخوف وعدم الإيمان، قام يعقوب بفعل الصواب. مَثُلَ أمام الرَّبِّ وصلَّى صلاة مملوءة بالإيمان وبالشكر وبكلِمة الله.

أولًا، لاحظ كيف احتوت صلاة يعقوب على كلمة الله: ’الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ٣:٣١)؛ ’وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ١٣:٢٨-١٥). إن استخدام كلمة الله في الصلاة أمر في غاية الأهمية، والعديد من صلواتنا تفشل لأنها تفتقر إلى كلمة الله. وغالبًا ما تفتقر صلواتنا من كلمة الله لأن كلمة الله غير ساكنة فينا. لقد أحسن يعقوب فعلًا بتذكَّر ما قالَهُ له الله.

ثانيًا، كانت صلاة يعقوب مُمتلِئة بالشكر. قال: ’صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ.‘ عرف يعقوب أنَّه لا يستحقُّ ما عمِله الله من أجله أو ما طلبهُ الله منه أن يعملَهُ، لكنَّه اعتمد على وعد الله وليس على استحقاقه.

ثالثًا وأخيرًا، كانت صلاة يعقوب مليئة بالإيمان. فصلى قائلًا: ’نَجِّنِي.‘ لقد طلب يعقوب بجرأةٍ من الله أن يفعل شيئًا بناءً على وعد الله نفسه.

بغض النظر عن مدى روعة صلاة يعقوب، فإن حقيقتها ستظهر بعد الصلاة. فالصلاة الحقيقية، الصلاة القوية، تغيرنا بالكامل. وبالتالي، نستطيع أن نخرج بعد الصلاة مستعدين لمواجهة ظروفنا بعقلية متجددة. سُئِل جورج مولر (George Mueller)، رجُل الإيمان والصلاة العظيم، ذات مرَّةٍ عن الجزء الأهمّ من الصلاة. فأجاب: ’خمسَ عشرةَ دقيقة بعد كلمة آمين.‘

صلِّ اليوم مستخدمًا كلمة الله، صلِّ بشكر، وصلِّ بإيمان. والأهم من ذلك كله، تمسك بإيمانك بعد الانتهاء من الصلاة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك