خُدام الله المُمْتَنين

خُدام الله المُمْتَنين

فَقَالُوا: «أَحْيَيْتَنَا. لَيْتَنَا نَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي فَنَكُونَ عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ». (تكوين 25:47)

بفضل حكمة يوسف وقراراته الجريئة، تمكن فرعون مصر من تجميع كميات هائلة من القمح خلال السنوات السبع من المجاعة الشديدة. وفي السنوات الأولى، باع الناس كل ما يملكونه لشراء القمح. وقبل أن تنتهي المجاعة، تنازلوا عن أراضيهم وقبلوا أن تفرض عليهم ضرائب باهظة في المستقبل مقابل القمح الذي يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة (تكوين 47: 23-24).

خُدام الله المُمْتَنين

في تلك الأيام، كان معدل الضريبة بمقدار الخُمس (20٪) يعتبر  عبئًا ثقيلًا. وقد شعر الأشخاص اليائسون الذين قبلوا هذه الضرائب أن هذه النسبة جعلتهم في الواقع خدمًا أو عَبِيدًا لفرعون. ومن المثير للاهتمام أن الكثيرين في العالم الغربي الحديث سيرحبون بفرض ضريبة بمعدل 20% فقط. ووفقًا لبعض المصادر، فإن الشخص العادي في الولايات المتحدة يدفع أكثر من 33% من دخله كضرائب  طيلة حياته، مع كون أغلب معدلات الضرائب الأوروبية أعلى من ذلك.

ومع ذلك، في أيام يوسف ومصر القديمة، اعتقد الناس أن دفع 20% ضرائب لبقية حياتهم هو صفقة جيدة. لماذا اعتقدوا أنها صفقة جيدة؟ لأنهم أدركوا أن فرعون وقمحه قد أنقذ حياتهم.

لماذا كانوا على استعداد لأن يصبحوا عَبِيدًا لفرعون؟ لأنه كان مخلصهم من وجهة نظر بشرية. لقد أنقذهم قمحه وحافظ على حياتهم. ولولا القمح الذي خزنه يوسف بحكمة مسترشدًا بتفسير الله لحلم فرعون، لكانت شوارع مصر قد امتلأت بجثث الجياع والموتى. وفي زمن المجاعة الشديدة، لم يكن هناك مصدر آخر للطعام متاح. فكان أخذ القمح من فرعون هو الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة. وبعد أن أنقذهم عطاؤه، قادهم الامتنان إلى خدمة ذلك الذي أنقذ حياتهم بتواضع.

أخي المؤمن أو أختي المؤمنة، هل ترى تشابهًا بين هذه الحادثة وعلاقتك بالله؟

بموته الكفاري وقيامته المنتصرة، خلص يسوع المسيح كل من آمن به. فبدون يسوع كنا ضائعين ومقدرين للانفصال الأبدي عن الله. لا يوجد طريق آخر للمصالحة مع الله: “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ” (1 تيموثاوس 2: 5).

بالنظر إلى كل ما فعله يسوع من أجلنا، فمن المنطقي أن نخدمه بامتنان.

وافق الشعب على مثل هذا الترتيب مع يوسف ليجدوا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ يوسف وفرعون. وهذا يعكس حقيقة روحية رائعة لكل من يؤمن بيسوع المسيح. فهو لا يخلصنا فحسب (أَحْيَيْتَنَا)، بل إنه يمنحنا أيضًا فضله الإلهي.

بفضل نعمة الله الوفيرة، لا يخلص المؤمن فحسب، بل يرفعه أيضًا من خلال عمل المسيح، إلى مكان النعمة الإلهية والبركة.

لا عجب أننا خُدام الله المُمْتَنين!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

رُؤَى اللَّيْلِ

فَارْتَحَلَ إِسْرَائِيلُ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ وَأَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، وَذَبَحَ ذَبَائِحَ لإِلَهِ أَبِيهِ إِسْحَاقَ. فَكَلَّمَ اللهُ إِسْرَائِيلَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَقَالَ: «يَعْقُوبُ، يَعْقُوبُ!». فَقَالَ: «هَأَنَذَا». فَقَالَ: «أَنَا اللهُ، إِلَهُ أَبِيكَ. لَا تَخَفْ مِنَ النُّزُولِ إِلَى مِصْرَ، لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلَى مِصْرَ، وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا. وَيَضَعُ يُوسُفُ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْكَ». (تكوين ١:٤٦-٤)

لقد خطط الله لكل شيء. فقد وجد إسرائيل (يعقوب) وعائلته الكبيرة ملجأ من المجاعة الشديدة عندما أخذ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ وسافر جنوبًا. وعندما أَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، وهي بُقعةٍ في كنعان واقعة في أقصى الجنوب في طريقه إلى مصر، توقف لتكريم الله وَذَبَحَ ذَبَائِح

كانت بِئْرِ سَبْعٍ ذات أهمية كبيرة. فقد عاش فيها كلٌّ من إبراهيم (تكوين ١٩:٢٢) وإسحاق (تكوين ٢٣:٢٦). زرع إبراهيم شجرة الأثْلِ (الطَّرفاء) في بئر سَبع قبل سنينٍ طويلة ودعا هناك باسمِ الرَّبِّ (تكوين ٣٣:٢١). تلقَّى إسحاق وعدًا خاصًّا من الله وبنى مذبحًا هناك، داعيًا باسمِ الرَّبِّ (تكوين ٢٤:٢٦-٢٥). وهو المكان حيث قدَّم إسرائيل الذبيحة، مُتذكِّرًا ما قام الله بعمله قبلًا. والآن، بينما كان إسرائيل يقدم الذبائح في بئر سبع، لم يكرم الله فحسب، بل تأمل أيضًا في أمانته في الماضي، ووجد الطمأنينة في خطته للمستقبل.

في ذلك الوقت، كَلَّمَ اللهُ إِسْرَائِيلَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ. منذ أكثر من ٤٠ سنةٍ، عندما كان يعقوب على وشك أن يترُكَ أرض الموعِد، تكلَّم الله إليه في حُلُم (تكوين ١٢:٢٨-١٧). والآن، عندما كان على وشك أن يترُكَ الأرض مرَّةً ثانية، أعطاه الله مرَّةً أُخرى عهدًا وتوكيدًا من خلال رُؤَى اللَّيْلِ.

عندما قاد يعقوب عائلته إلى هذه الأرض الغريبة، لم يكن يعلم ما يخبئه المستقبل، ومع ذلك كان يثق أن المستقبل في يد الله. وقد أعطى الله إسرائيل وعدًا: لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. أخبرَ الله إسرائيل بما قصدَهُ بالإتيان بعائلته أو عشيرته الكبيرة إلى مصرَ. فبسبب طبيعة المجتمع المصري الحصري والمنعزل، سينمو نسلُ إسرائيل هناك ليصبحوا أُمَّةٍ كبيرة ومُتميِّزة. أصبحت مصر كَرَحمِ أُمٍّ وُلِدَت منه الأُمَّة الإسرائيليَّة حيث نَشأت من شيءٍ صغيرٍ إلى شيءٍ كاملِ الحجم.

وأكد الله ليعقوب أيضًا قائلًا: وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا. إنَّ السبب الرئيسي وراء عدم خوف يعقوب من رحلته إلى مصرَ هو وعد الله بإصعاده ثانيةً إلى أرض الموعِد. وعلى الرغم من أن هذا الوعد سيتحقَّق بعد موت يعقوب، لكنَّه سيتحقَّق بالفعل – فَلَن تكون مصر مقرًّا دائمًا لإسرائيل وأولاده.

يمكننا أن نتعلم درسًا من هذا. تأمل في ما فعله الله في الماضي، وخاصة من خلال صليب يسوع. ثم احتضن تأكيدات الله للحاضر والمستقبل. لست بحاجة إلى رؤية خاصة في الليل – فقط ثق فيما أنجزه الله بالفعل.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٦

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

خُطَّة الله الصَّالِحة

فَقَدْ أَرْسَلَنِي اللهُ قُدَّامَكُمْ لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي ٱلْأَرْضِ وَلِيَسْتَبْقِيَ لَكُمْ نَجَاةً عَظِيمَةً. فَالْآنَ لَيْسَ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى هُنَا بَلِ اللهُ. وَهُوَ قَدْ جَعَلَنِي أَبًا لِفِرْعَوْنَ وَسَيِّدًا لِكُلِّ بَيْتِهِ وَمُتَسَلِّطًا عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. (تكوين ٧:٤٥-٨)

لقد تحمل يوسف إساءات قاسية من كثيرين: إخوته، والمديانيين، وزوجة فوطيفار، وساقي فرعون، وغيرهم. ومع ذلك، رفض أن ينظر إلى نفسه كضحية. وبدلًا من ذلك، أدرك أن مقاصد الله الصالحة كانت أعظم بكثير من الأخطاء التي ارتكبت ضده.

نرى هذا بوضوح في التفسير الذي قدمه يوسف لإخوته بعد أن كشف عن هويته، فقد وصف كيف كانت يد الله تعمل، فتأتي بالخير على الرغم من الأفعال الشريرة التي ارتكبت ضده.

لقد فسّر يوسف بيعه كعبد في مصر بقوله: فَقَدْ أَرْسَلَنِي اللهُ قُدَّامَكُمْ لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي ٱلْأَرْضِ. ورغم أنه لم يقلل من شأن ما اقترَفَهُ الإخوة، إلا أنه أدرك أن قصد الله كان أعظم من أفعالهم الشريرة.

عندما يُخطئُ أحدٌ ما تجاهنا، فنحن مُعرَّضون لأن نفشل في واحدةٍ أو اثنَتَين من هذه الأمور: فإمَّا نتعرَّض لإغراء التَّظاهُر بأنَّ الجهَّة المعتدِيَة لم ترتكِب أيَّ خطأٍ، أو نتعرَّض لإغراء تجاهُل أنَّ يدَ الله الممدودَة تعمَل في كلِّ الظروف.

من العدل أن نسأل، “لماذا كان يوسُف في مصرَ؟ هل كان هذا بسبب خطيَّة إخوته أو بسبب خُطَّة الله الصَّالِحة؟” إنَّ الجواب يحمِل في طيَّاتهِ جانِبًا صحيحًا من الإثنَين. كانت جميع مآسي يوسُف لِغرَضٍ ما. لقد استخدمها الله كي يحفظ عائلتهُ ويُؤمِّن الظروف المناسب لها لِتُصبِح أُمَّةً. كان يوسُف ضحيَّة الآخرين، لكنَّ الله حوَّل تلك المآسي لِمَجدهِ. لم يضيع أي شيء منها.

لَو لَم تذهب هذه العائلة إلى مصرَ، فقد كان من الممكِن انصهارُهم مع القبائل الوثنيَّة في كنعان.  لقد أحضرهم الله إلى مصر ليتمكنوا من النمو وفي نفس الوقت يُحافِظون على خصوصيَّتهم وتميُّزهِم.

منذ سنين مضت، كتب المعلم اليهودي هارولد كوشنير (Harold Kushner) كتابًا حقق أعلى المبيعات بعنوان: ’عندما تحدُث أمورٌ سيِّئة لِأُناسٍ صالحين.‘ كانت النقطة الأساسيَّة في الكتاب تتمحوَر حولَ فكرة أنَّ الله كُليِّ المحبَّة، لكنَّه ليس كُليِّ القوَّة؛ أنَّ الله صالِح، لكنَّه ليس ذُو سِيَادَة. لذلك، عندما تحدُثُ أمورٌ سيِّئة لِأُناسٍ صالحين، فهذا يعني أنَّ مثل هذه الأحداث والظروف خارجة عن سيطرة الله. وقد نصح كوشنير قُرَّاءهُ بأن ’يتعلَّموا أن يُحبُّوا (الله) ويُسامحونه بالرغم من محدوديَّتهِ.‘ بغضِّ النظر عمَّا وصفهُ كوشنير، لم يكُن هذا هو الله الَّذي يتكلَّم عنه الكتاب المقدَّس، الإله الظَّاهِر في حياة يوسُف.

بقوله، لَيْسَ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى هُنَا بَلِ الله، أدرك يوسف أنَّ الله كان مُسيطِرًا على حياته، وليس أُناسٌ صالحون أو أشرار، وليس الظروف أو القَدَر. كان الله يُسيطر على كلِّ شيءٍ، ولأنَّ الله هو المسيطر على كلَّ الأشياء، فكلُّ الأشياء باتت تعمل معًا للخير.

هل ظلمك الآخرون؟ لا داعي لتجاهل ما حدث أو التقليل من أهميته، بل اعترف به بصدق. ومع ذلك، اختر أن ترى كيف تعمل خطة الله الصالحة حتى من خلال تلك التجارب الصعبة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٥

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

رجال متغيرون

رجال متغيرون

فَالْآنَ لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضًا عَنِ الْغُلَامِ، عَبْدًا لِسَيِّدِي، وَيَصْعَدِ الْغُلَامُ مَعَ إِخْوَتِهِ. لِأَنِّي كَيْفَ أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَالْغُلَامُ لَيْسَ مَعِي؟ لِئَلَّا أَنْظُرَ الشَّرَّ الَّذِي يُصِيبُ أَبِي. (تكوين ٣٣:٤٤-٣٤)

هل يمكن للناس أن يتغيروا حقًا؟ إن الكتاب المقدس وقصص الحياة الواقعية تثبت أن الله قادر على عمل تغيير جذري في قلوب أولئك الذين يخضعون بالكامل له. تجد هذه الحقيقة تعبيرها النهائي في إنجيل يسوع المسيح، الذي يعلن الطريق إلى علاقة حقيقية مع الله. فمن خلال يسوع المسيح، صرنا خليقة جديدة: ’إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا‘ (كورنثوس الثانية ١٧:٥).

رجال متغيرون

إن قصة أبناء يعقوب، إخوة يوسف، تقدم لنا مثالًا قويًا على قدرة الله على تغيير الحياة من خلال توجيههم نحو الندم الحقيقي والتوبة عن الأخطاء التي ارتكبوها ضد يوسف.

عندما سافر إخوة يوسف إلى مصر لشراء الحبوب أثناء المجاعة، لم يكن لديهم أي فكرة أنهم يتعاملون مع الأخ نفسه الذي باعوه للعبودية قبل سنوات. وبينما تعرف عليهم يوسف على الفور، فشلوا هم في التعرف عليه.

ثم وجه الله تصرفات يوسف غير العادية تجاه إخوته ليقودهم إلى التوبة ويكشف عن صدق تحولهم. وهذا واضح بشكل خاص في توسلات يهوذا: لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضًا عَنِ الْغُلَامِ، عَبْدًا لِسَيِّدِي. إن استعداد يهوذا للتضحية بنفسه من أجل بنيامين كان بمثابة تغيير كبير مقارنة مع موقفهم قبل 22 سنة عندما لم يكترِث أحدٌ منهم لِيوسُف أو بنيامين أو حتَّى أبيهم يعقوب.

لقد برز يهوذا باعتباره الشخص الذي كان مستعدًا لأن يصبح ذبيحة بديلة، مدفوعًا بمحبته لأبيه وإخوته. هذا العمل يجسد المحبة الحقيقية – تضحية ذاتيَّة بطوليَّة.

إن المحبَّة المضحيَّة هي دليل على التَّغيير الحقيقي في الحياة (يوحنا ٣٤:١٣). وهذا ما نراه في موسى (خروج ٣١:٣٢-٣٢) وبولس (رومية ١:٩-٤).

رأينا من خلال هذا الإصحاح دليلًا رائعًا على تغيُّر قلوب إخوة يوسُف:

– لم يستاؤوا عندما أُعطيَ بنيامين الحُصَّة الفُضلَى (تكوين ٣٤:٤٣).

– وَثِقوا ببعضهم البعض، غيرَ مُتَّهِمين بعضهم الآخَر بأيِّ خطأٍ عندما اتُّهِموا بسرقة الكأس (تكوين ٩:٤٤).

– لازَموا بعضهم البعض عندما اكتُشِفَت الكأس الفضِّيَّة. لم يتركوا الابن المفضَّل كي يعودَ وحيدًا إلى مصرَ (تكوين ١٣:٤٤).

– تواضَعوا بشكلٍ كاملٍ من أجل الابن المفضَّل (تكوين ١٤:٤٤).

– علِموا أنَّ مصيبتهم كانت نتيجةً لِخطيَّتهم الموجَّهة ضدَّ يوسُف (تكوين ١٦:٤٤).

– قدَّموا أنفسهم كعبيدٍ في مصرَ غير تاركين أخيهم بنيامين، الابن المفضَّل (تكوين ١٦:٤٤).

– أظهروا قلقًا بَيِّنًا بالنسبة إلى تأثير مجريات الأحداث على أبيهم (تكوين ٢٩:٤٤-٣١).

إن الدليل الأوضح على التغيير في الإخوة كان عمل يهوذا المتمثل في التضحية بالنفس من أجل أخيه (تكوين ٣٣:٤٤). هل يستطيع أي شخص أن ينظر إلى حياتك ويقول إن التضحية بالنفس هي دليل على أنك قد تغيرت فعلًا؟

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

حكمة الله العظيمة

فَقَدَّمُوا لَهُ وَحْدَهُ، وَلَهُمْ وَحْدَهُمْ، وَلِلْمِصْرِيِّينَ الآكِلِينَ عِنْدَهُ وَحْدَهُمْ، لأَنَّ الْمِصْرِيِّينَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَأْكُلُوا طَعَامًا مَعَ الْعِبْرَانِيِّينَ، لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ. (تكوين 32:43)

ليس هناك من ينكر أن يوسف، أحد أبناء يعقوب (إسرائيل) الاثني عشر، قد تعرض للإيذاء والاستغلال من قِبَل العديد من الناس. ومن بين هؤلاء إخوته، والمديانيين الذين اشتروه وباعوه كعبد، وسيده فوطيفار، زوجة فوطيفار، والخباز والجزار في السجن. كل منهم بطريقته الخاصة، أخطأ في حق يوسف، وربما كان هناك العديد من الأشياء الأخرى التي لم تذكرها الرواية الكتابية أبدًا.

لماذا سمح الله بحدوث مثل هذه الأحداث الرهيبة ليوسف؟ حتى لو اعترفنا بأن الله لم يكن السبب المباشر لهذه الأحداث، فمن الصحيح أنه سمح بحدوثها. ونحن نفترض أن الله كان له غرض وراء ذلك، ولكن ما هو هذا الغرض؟

نرى جزء من الإجابة موجود في تكوين ٣٢:٤٣، وهي آية تشرح بعض عادات تناول الطعام عند المصريين القدماء. فعندما دعا يوسف إخوته لتناول العشاء، تناول عشاءه في مكان منفصل. كان المصريون يعرفون أن يوسف كان غريبًا، فأعدوا ثلاث موائد في حفل العشاء هذا، واحدة للمصريين وواحدة للإخوة العبرانيين وواحدة ليوسف وَحْدَهُ.

لم يكن المصريون يأكلون على نفس المائدة مع غيرهم لأن ذلك كان يعتبر رجسًا في نظرهم. وتشير المصادر التاريخية إلى أن مصر القديمة كانت من بين أكثر المجتمعات انقسامًا عنصريًا في عصرها. ويقال إن المصريين كانوا يعتقدون أنهم ينحدرون من الآلهة، في حين أن الشعوب الأخرى انحدرت من أصول أقل. ونتيجة لذلك، كان التفاعل الاجتماعي أو التكامل مع الأجانب ضئيلًا.

ويظهر هذا خصوصًا في حقيقة أن المصريين أيضًا كانوا يأكلون بمفردهم. لم يكن المصريون ليأكلوا مع يوسف، ناهيك عن الغرباء الآتين من كنعان (أبناء يعقوب). وبالرغم من مقامه وسلطته، لم يكُن يوسُف يقدِر أن يأكل مع المصريِّين الأصليِّين.

نرى هُنا حكمة الله. فَقَبل ختام سجلِّ التَّكوين، أتى الله بعائلة يعقوب بأكملها إلى مصرَ حيث فُصِلوا عن الشعوب المحيطة لِمُدَّة ٤٠٠ سنة. تكاثر العبرانيُّون بشكلٍ كبيرٍ خلال هذه الحقبة وغَدَوا بالملايين.

لَو سمح الله ببقائهم في أرض كنعان، فقد كان من الممكِن انصهارهم مع الشعوب الكنعانيَّة الفاسدة وغير التَّقيَّة. لَم يأتِ الله بعائلة إسرائيل من بيئةٍ كنعانيَّة فاسِدة فحسب، بل وضعهم أيضًا في وسط شعبٍ عنصريّ لا يتزوَّج من الغرباء أو يختلط بهم. بكلِّ بساطةٍ، أرسل الله يوسُف أمامهم كي يُهيِّئ الأمور.

لم يتمكنوا من فهم الأمر حينها، ولكن كان لله هدف أعمق وراء إرسال إسرائيل إلى مصر. وعلى نفس المنوال، لدى الله خطة هادفة لحياتك، حتى في المواسم الصعبة التي يسمح بها. ورغم أن أسبابه قد لا تكون واضحة دائمًا، إلا أنها دائمًا جيدة وحكيمة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

يَسُوعَ الْمَسِيحِ – كَوْكَبٌ وَقَضِيبٌ

أَرَاهُ وَلكِنْ لَيْسَ الآنَ. أُبْصِرُهُ وَلكِنْ لَيْسَ قَرِيبًا. يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ، وَيَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَيُحَطِّمُ طَرَفَيْ مُوآبَ، وَيُهْلِكُ كُلَّ بَنِي الْوَغَى. (سفر العدد ١٧:٢٤)

كان بلعام نبي يهوه العجيب والمستبعَد من أن يكون نبيًّا، ومع ذلك فإن الكلمات التي نطق بها في سفر العدد ٢٣ و٢٤ كانت بوحي من الروح القدس. أعلن بلعام رسالة الله قائلًا: يَبْرُزُ كَوْكَبٌ (نَجْم) مِنْ يَعْقُوبَ، وَيَقُومُ قَضِيبٌ (عَصَا أو صَوْلجان الْمَلِك) مِنْ إِسْرَائِيلَ. ومن خلال هذه الكلمات، وصف شخصية ذات مجد عظيم (مثل كَوْكَبٌ) يتمتَّع بالسلطان الذي يؤهِّله للحُكم (صورة  قَضِيبٌ).

تنبَّأ بَلْعَام قبل ذلك عن جمال إسرائيل، وقوتها، والبركات التي لها. لكن الآن، استخدمه الله ليتكلم عن ذروة جمال إسرائيل، وقوتها، وبركاتها، أي عن المسيا، يسوع المسيح. فإن بركة إسرائيل الكبرى تأتي من يسوع، الذي هو مَسِيَّاهم.

فهم الكُتَّاب اليهود القدماء وعلماء اللاهوت الأوائل أن هذه كانت إشارة إلى المسيا. ومن المعقول أن المجوس الذين وصلوا إلى بيت لحم بعد عام أو أكثر من ولادة يسوع كانوا يسترشدون بنجم أو كوكب عجيب ظهر فجأة في السماء. ولعل نبوة بلعام عن الكوكب والقضيب القادمين أعطاهم سببًا كتابيًا لاتباع كوكب عجيب.

ربما عندما لاحظ المجوس النجم الاستثنائي، تذكروا نبوة بلعام وربطوا النجم بصَوْلجان الملك. ربما قادهم هذا الارتباط إلى اتباع النجم والبحث عن المولود ملك اليهود (متى ٢:٢). إن نجم بيت لحم، الذي يُحتفل به في موسم عيد الميلاد، يستحق الاهتمام حقًا. فهذا النجم لم يرشد الآخرين إلى يسوع المسيح فحسب، بل أعلن أيضًا رمزيًا عن هويته ورسالته.

يؤكد العهد الجديد نبوة بلعام بطريقتين مهمتين على الأقل. أولًا، يسلط الضوء على الدور المركزي للنجم (الكوكب) في قصة ميلاد يسوع وسنواته الأولى (متى ١:٢-١٠). ثانيًا، عندما يُشار إلى يسوع باسم كَوْكَبَ الصُّبْحِ الساطع، فمن المحتمل أن يكون ذلك صدى لكلمات بلعام النبوية (رؤيا ٢٦:٢-٢٨، ١٦:٢٢).

من الجميل أن يرمز إلى يسوع بالنجم. فالنجوم تسكن السماء، كما يفعل يسوع. والنجوم تنير الظلام، تمامًا كما يجلب يسوع النور إلى حياتنا. والنجوم تمنحنا شعورًا بالرهبة والدهشة، تمامًا كما يفعل يسوع. والنجوم ترشدنا وتبين لنا الطريق، ويسوع هو مرشدنا. هل ترى يسوع كالنجم الساطع في حياتك؟

من اللافت للنظر أن يسوع يرمز إليه أيضًا بصولجان الملك (قَضِيبٌ). فالصولجان هو رمز الملك، ويدل على السلطة والقوة والحق في الحكم. وباعتباره ملك الملوك، يتمتع يسوع بالسلطة المطلقة وله كل الحق في استخدام أي صولجان في العالم.

وليسوع الحق في امتلاك هذا الصولجان الملكي لسببين على الأقل. أولًا، مثل العديد من الملوك، أصبح ملكًا بالميلاد – فقد ولد يسوع ملكًا. ثانيًا، لقد استحق صولجان السلطة بحق من خلال حياته الكاملة، وموته الكفاري، وقيامته المنتصرة.

هل تعترف بالصولجان الملكي الذي يحمله يسوع على حياتك؟

في هذا العيد، تأمل في يسوع باعتباره: كَوْكَبٌ وقَضِيبٌ.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر العدد الإصحاح ٢٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

وضع الكثير في مهد بسيط

وضع الكثير في مهد بسيط

وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. (متى ١١:٢)

كلنا نحب القصص التقليدية التي تدور حول ميلاد المسيح، ولكن بعض هذه القصص ليست دقيقة من الناحية الكتابية. وهذا ينطبق بشكل خاص على المجوس الذين أتوا مِن الْمَشْرِقِ.

وضع الكثير في مهد بسيط

لا يذكر الكتاب المقدس أن عددهم كان ثلاثة، ولكننا نرنم ترانيم تفترض هذا العدد. ولا يذكر الكتاب المقدس أبدًا أنهم كانوا ملوكًا، بل كانوا حكماء من بلاد فارس – أو مَجُوس. والأمر الأكثر أهمية هو أن الكتاب المقدس لا يشير إلى أنهم وصلوا في ليلة ميلاد يسوع، ولكن في وقت لاحق، ربما عندما كان يسوع في عامه الأول. عندما رأى المجوس النجم، ومن المرجح أن هذا حدث في الليلة التي ولد فيها يسوع، بدأوا في الاستعداد لرحلتهم الطويلة، واستغرق وصولهم عدة أشهر.

ما نعرفه من السجل الكتابي هو أن المجوس أحضروا على الأقل ثلاث هدايا مهمة للطفل – هدايا كانت مناسبة أيضًا للرجل الذي سيصبحه يومًا ما.

كان الذَّهَبِ هدية مناسبة للملك. ففي بلاد فارس القديمة، كان من الشائع ألا يظهر أحد أمام الملك دون تقديم هدية من الذهب. وقد كرّم هؤلاء الحكماء الطفل باعتباره ملكًا. وهذا أمر غريب، نظرًا لأن الأطفال يولدون عادةً كأمراء ولا يصبحون ملوكًا إلا في وقت لاحق. ومع ذلك، كان هذا الطفل فريدًا من نوعه – فهو ملك الملوك ورب الأرباب، وسوف يملك من كرسي داود إلى أبد الآبدين.

كان اللُبَان هدية مناسبة للكاهن. اللُبَان عبارة عن مادة صمغية عطرة تستخرج من الأشجار، وقد استخدمه كهنة إسرائيل عادة كبخور. وفي الكتاب المقدس، يرمز البخور إلى الصلاة والشفاعة، مما يجعله هدية ذات مغزى ليسوع، رئيس كهنتنا وشفيعنا أمام الله. وباعتباره رئيس كهنتنا، فقد مثل يسوع الله أمام الناس والشعب أمام الله. وقد فعل يسوع الأمرين على أكمل وجه. ويخبرنا الكتاب المقدس أنه يعيش إلى الأبد ليشفع لشعبه.

كان المُرّ  هدية مناسبة لمن كان مقدرًا له أن يموت. المُرّ هو تابل عطري يستخدم في المقام الأول في التحنيط. لقد كان هدية مناسبة ليسوع، الذي جاء ليموت. ومنذ البداية، ألقى ظل الصليب الشاحب صورته المظلمة على مهد يسوع؛ وُلد يسوع ليعيش بيننا، ليُظهر طبيعة الله، ويُشفي، ويُعلِّم. ولكن أكثر من أي شيء آخر، وُلد ليموت. وعلى الصليب تحمل الدينونة التي نستحقها، وأخذ مكان كل من يقبله بالإيمان.

لقد وضع الله الكثير في مهد بسيط! ونحن مدعوون إلى قبول يسوع المسيح كملكنا، ورئيس كهنتنا، والشخص الذي دفع ثمن الخطية التي نستحق أن ندفعها بأنفسنا.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

عِمَّانُوئِيل

وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». زُبْدًا وَعَسَلًا يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ. لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا. (إشعياء ١٤:٧-١٦)

وبَّخ إشعياء حُكام يهوذا لأنهم عاملوا الشعب معاملة سيئة، والأهم من ذلك، عاملوا الرب بشكل أسوأ. ولتوبيخ عدم إيمانهم، وعدهم إشعياء بآيَة. أصبحت هذه النبوة واحدة من أشهر النبوات في الكتاب المقدس: وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». لم تكتسب هذه النبوّة من إشعياء ٧ شهرة فحسب، بل إنها توضح أيضًا مبدأ أساسي من مبادئ النبوّة، وهو أنه قد يكون للنبوّة تحقيق قريب وتحقيق بعيد.

تمحور التحقيق القريب لهذه النبوّة على آحاز وأورشليم والهجوم عليها من كل من إسرائيل وآرام. فبالنسبة لآحاز، كانت الآية تتعلق بفترة زمنية – لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا. وببساطة، سيعطي الله آحاز آية في غضون عدة سنوات، وهي أن إسرائيل وآرام معًا ستُسحقان. فكانت هذه آية لخلاص لآحاز.

يتجاوز التحقيق البعيد أو النهائي لهذه النبوّة آحاز وزمنه للإعلان عن ولادة عذراوية معجزية ليسوع المسيح.

نحن نعلم أن هذا النص يتحدث عن يسوع المسيح لأن الروح القدس قال ذلك بوضوح (متى ٢٣:١).

نحن نعلم أن هذا النص يتحدث عن يسوع المسيح لأن النبوّة لا توجَّه إلى آحاز فقط، بل إلى كل بيت داود أيضًا – اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُد.

نحن نعلم أن هذا النص يتحدث عن يسوع المسيح لأنه يقول إن الْعَذْرَاء ستَحْبَل، وأنّ حبَلها سيكون آيَة لكل بيت داود. وفي حين أن التحقيق القريب قد يشير إلى امرأة شابة، فإن التحقيق النهائي يشير بوضوح إلى حبَل وولادة خارقتين. وبمعجزة إلهية، جاء يسوع من عذراء.

نحن نعلم أن هذا النص يتحدث عن يسوع المسيح لأنه يقول إنه سيُعرف بأنه عِمَّانُوئِيل الذي تفسيره ’اللهُ مَعَنَا.‘ وقد صحَّ هذا عن يسوع، لا كلقب فحسب. فالاسم عِمَّانُوئِيل يتحدث عن ألوهة يسوع (اللهُ مَعَنَا)، وتوحُّده مع الإنسان والقرب منه (اللهُ مَعَنَا).

يسوع هو حقًا عِمَّانُوئِيل، أي اللهُ مَعَنَا. هذا هو جوهر رسالة الميلاد: أن الله الابن أضاف إلى لاهوته ناسوتًا وسار معنا. لقد شارك بشكل كامل في تجربتنا الإنسانية لأنه كان إنسانًا كاملًا.  وعلى الرغم من أن يسوع لم يُدعَ صراحةً باسم ’عمانوئيل،‘ إلا أنه حقق معناه تمامًا من خلال حياته وخدمته.

عندما تضع إيمانك بالمسيح، يمكنك أن تجد السلام في هذه الحقيقة المُعزية: يسوع هو الله مَعَك.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإشعياء الإصحاح ٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مِن الجُبّ إِلَى الْقِمَّة

فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟» ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «بَعْدَ مَا أَعْلَمَكَ اللهُ كُلَّ هذَا، لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ. (تكوين ٣٨:٤١-٣٩)

غالبًا ما يُقال إن المدير الناجح هو الشخص الذي يستطيع تفويض المسؤوليات، والتنصل من اللوم، وأخذ كامل الفضل. يتبنى كثير من الناس هذا النهج على أمل تحقيق النجاح. ولكنها هذه الاستراتيجية هشة، وتشبه بيتًا من ورق. على النقيض من ذلك، يُظهر مثال يوسف طريقة الله في تحقيق النجاح وإدارته.

إن التوقيت أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح الذي يعطيه الله. ففي سفر التكوين ٤١، وصل يوسف أخيرًا إلى ذروة نجاحه، لكن الأمر استغرق سنوات للوصول إلى هناك. ورغم أن وقته في السجن ربما بدا وكأنه “مضيعة” للوقت، إلا أنه كان بعيدًا كل البعد عن ذلك – فقد كان جزءًا من توقيت الله المثالي لنجاح يوسف النهائي. فمنذ صغره، عرف يوسف أن الله قد أعده لأشياء عظيمة، لكنه لم يكن ليتوقع المدة التي سيستغرقها تحقيق ذلك.

يقول مزمور ١٤:٣١-١٥ “أَمَّا أَنَا فَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ يَا رَبُّ. قُلْتُ: «إِلهِي أَنْتَ». فِي يَدِكَ آجَالِي (أحوالي أو ظُروفي).” هل يمكنك أن تعلن هذا أيضًا؟ قد نشعر بأننا مستعدون تمامًا لما نعتقد أنها خطة الله لنا، ولكن من الضروري أن نثق به تمامًا، ونستريح في توقيته، ونستسلم له قائلين: ’فِي يَدِكَ آجَالِي.‘

قام فرعون في النهاية بترقية يوسف، ورفعه مِن أعماق الجُبّ إِلَى القِمَّة. ولكن فرعون لم يكن هو المسؤول عن صعود يوسف إلى القمة – بل الله. لم ينتظر يوسف أن يطلق فرعون سراحه، بل كان ينتظر توقيت الله المثالي. يذكّرنا كاتب المزمور: “لأَنَّهُ لاَ (يأتي الارتفاع) مِنَ الْمَشْرِقِ وَلاَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَلاَ مِنْ بَرِّيَّةِ الْجِبَالِ. وَلكِنَّ اللهَ هُوَ الْقَاضِي. هذَا يَضَعُهُ وَهذَا يَرْفَعُهُ” (مزمور ٦:٧٥-٧). لم يكن صعود يوسف الاستثنائي نتيجة لأفعال فرعون أو يوسف أو مجرد صدفة، بل كان تحقيقًا لخطة الله السيادية.

يخبرنا تكوين ٥٠:٤١-٥٢ أنه كان ليوسف ابنان: مَنَسَّى وأَفْرَايِم. ورغم أن يوسف عاش في مصر، وتزوج من امرأة مصرية، وخدم فرعون – إلا أنه اختار  أن يعطي ابنيه أسماء عبرية. ويكشف هذا أن يوسف ظل أمينًا لله ولم ينساه حتى في خضم نجاحه. يشعر البعض أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الله بعد وصولهم القمة. ولا يرون فيه إلا ملجأ في أوقات الشدة والسجن، لا القصر (أو الرخاء). علينا أن نتعلم من مثال يوسف ونبقى أمناء لله سواء في السراء أو الضراء.

أشجعك على أن تصلي هذه الكلمات اليوم: “يا رب، أعطني قلبًا ينتظرك ويخدمك بأمانة حتى وإن كنت ناجحًا في نظر العالم.”

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

الرجل البريء يُخلصه

الرجل البريء يُخلصه

وَرَدَّ رَئِيسَ السُّقَاةِ إِلَى سَقْيِهِ، فَأَعْطَى الْكَأْسَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ. وَأَمَّا رَئِيسُ الْخَبَّازِينَ فَعَلَّقَهُ، كَمَا عَبَّرَ لَهُمَا يُوسُفُ. وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ. (تكوين ٢١:٤٠-٢٣)

تمسُك يوسف بالبر، أدى إلى دخوله السجن. في أغلب الحالات، كان الموت الفوري هو الجزاء الوحيد لكل متهم بالاعتداء على زوجة فوطيفار. ولكن فوطيفار عرف أيّ نوع من الرجال كان يوسف، وعرف أيضًا أيّ نوع من النساء كانت امرأته، واختار بدلًا من ذلك سجن يوسف.

الرجل البريء يُخلصه

أثناء وجوده في السجن، كان من السهل أن يستسلم يوسف للشفقة على الذات، نظرًا للظلم الذي عانى منه. مع ذلك، ومن خلال عمل نعمة الله، أظهر يوسف اهتمامه بالآخرين. فعندما انزعج ساقي فرعون وخبازه من أحلام مفجعة، أظهر يوسف تعاطفه واهتم بما يكفي لمساعدتهما.

فسر يوسف أن حلم رئيس السُّقاة يعني أنه سيُبرر ويعود إلى خدمة فرعون – وهي بشرى سارة له. وعلى النقيض من ذلك، كشف أيضًا عن معنى حلم الخباز، حيث تنبأ بإدانته وإعدامه – وهي بشرى سيئة. وبعد ثلاثة أيام، تكشفت الأحداث تمامًا كما قال يوسف، مؤكدة أنه كان مُرسَلًا أمينًا لله.

ولكن، مع الأسف، لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ رُغم المساعدة الكبيرة التي قدمها له. ومرة ​​أخرى، تعرض يوسف للظُلم. ربما كان يأمل أن يؤدي امتنان رئيس السقاة إلى إطلاق سراحه، لكن هذا لم يحدث. ومع ذلك، كان لله قصد آخر.

كل من يستخدمه الله بقوة، يعده أولًا بتحديات صعبة. ومع ذلك، فإن قِلة هم الذين يتحمَّلوا ثقل تحضيرات الله. كان الله مع يوسف في كل خطوة يخطوها وفي كل لحظات انتظاره، وهذا مثال قوي لكيفية عمل الله في حياة المؤمن اليوم.

عندما نقرأ الكتاب المقدس، نرى أنفسنا غالبًا في شخصياته. فعندما نقرأ تكوين ٤٠ مثلًا، من المغري أن نرى أنفسنا كَيوسُف – شخص يستخدمه الله لإعلان كلمته أو أسراره للآخَرين، رغم الظلم في حياتي. قد يكون هناك مكانٌ ما لهذا التَّفسير، لكنَّه ليس المكان الأمثل لرؤية أنفسنا. إليك طريقة أفضل لقراءة تكوين 40.

بدلًا من النظر إلى أنفسنا على أننا مثل يوسف، فإننا نشبه الساقي والخباز إلى حد كبير. وفي هذه المقارنة، يجسد يسوع دور يوسف بالنسبة لنا ـ

– يسوع هو الرجُل البريء الذي أتى إلى سجننا وعاش ظروفنا.

– وبينما كان يسوع يعيش بيننا، أظهر رسالة الله لنا.

– ومثل يوسف، أثبت يسوع بأنَّ رسالته صادقة بعد ثلاثة أيَّامٍ.

– أظهر يوسُف لنا يسوع حاملًا رسالة موتٍ وحياةٍ من الله.

– فإن كنت تبحثُ عن رسالةٍ من الله، فَانْظُر إلى يسوع.

يُمكننا أيضًا أن نرى تباينًا مباركًا، أو فرقًا بين يوسُف ويسوع: كلمة يوسُف خلَّصت فقط السجين البريء؛ وليس المذنِب. ولكن الخبر السَّار – بل الخبر الأعظَم – هو أن خلاص يسوع هو لكل مذنب يتوب ويؤمن به.

لقد عاش يسوع ظروفنا وقدم لنا رسالة الحياة. فتجاوب معه بالإيمان والامتنان وتذكر صنيعه.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٠

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك