الجزء الأهمّ من الصلاة

وَقَالَ يَعْقُوبُ: «يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ لِلْكَثْرَةِ». (تكوين ٩:٣٢-٢١)

قال أحدهم ذات مرّة: ’لا يسعكَ العودة إلى الديار مُجددًا،‘ والمقصود بذلك أننا لا نستطيع أبدًا العودة حقًا إلى الطريقة التي كانت عليها الأمور في الماضي. ومع ذلك، بعد ٢٠ عامًا، حاول يعقوب العودة إلى منزله، وهو يعلم أن أخاه عيسو تعهد بقتله، مما أجبر يعقوب على الفرار للنّجاة بحياته. ومع ذلك، لم يستطع يعقوب البقاء بعيدًا عن أرض الموعد إلى أجل غير مسمى، لذلك في سفر التكوين ٣٢، عاد إلى كنعان لمواجهة ماضيه ومستقبله.

لم يستجب يعقوب جيدًا في البداية لضغط العودة إلى وطنه. وبعد ردَّة فعله الأوَّليَّة المملوءة بالخوف وعدم الإيمان، قام يعقوب بفعل الصواب. مَثُلَ أمام الرَّبِّ وصلَّى صلاة مملوءة بالإيمان وبالشكر وبكلِمة الله.

أولًا، لاحظ كيف احتوت صلاة يعقوب على كلمة الله: ’الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ٣:٣١)؛ ’وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ١٣:٢٨-١٥). إن استخدام كلمة الله في الصلاة أمر في غاية الأهمية، والعديد من صلواتنا تفشل لأنها تفتقر إلى كلمة الله. وغالبًا ما تفتقر صلواتنا من كلمة الله لأن كلمة الله غير ساكنة فينا. لقد أحسن يعقوب فعلًا بتذكَّر ما قالَهُ له الله.

ثانيًا، كانت صلاة يعقوب مُمتلِئة بالشكر. قال: ’صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ.‘ عرف يعقوب أنَّه لا يستحقُّ ما عمِله الله من أجله أو ما طلبهُ الله منه أن يعملَهُ، لكنَّه اعتمد على وعد الله وليس على استحقاقه.

ثالثًا وأخيرًا، كانت صلاة يعقوب مليئة بالإيمان. فصلى قائلًا: ’نَجِّنِي.‘ لقد طلب يعقوب بجرأةٍ من الله أن يفعل شيئًا بناءً على وعد الله نفسه.

بغض النظر عن مدى روعة صلاة يعقوب، فإن حقيقتها ستظهر بعد الصلاة. فالصلاة الحقيقية، الصلاة القوية، تغيرنا بالكامل. وبالتالي، نستطيع أن نخرج بعد الصلاة مستعدين لمواجهة ظروفنا بعقلية متجددة. سُئِل جورج مولر (George Mueller)، رجُل الإيمان والصلاة العظيم، ذات مرَّةٍ عن الجزء الأهمّ من الصلاة. فأجاب: ’خمسَ عشرةَ دقيقة بعد كلمة آمين.‘

صلِّ اليوم مستخدمًا كلمة الله، صلِّ بشكر، وصلِّ بإيمان. والأهم من ذلك كله، تمسك بإيمانك بعد الانتهاء من الصلاة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

فَسَمِعَ كَلاَمَ بَنِي لاَبَانَ قَائِلِينَ: «أَخَذَ يَعْقُوبُ كُلَّ مَا كَانَ لأَبِينَا، وَمِمَّا لأَبِينَا صَنَعَ كُلَّ هذَا الْمَجْدِ». وَنَظَرَ يَعْقُوبُ وَجْهَ لاَبَانَ وَإِذَا هُوَ لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. (تكوين ١:٣١-٢)

تكشف الآية الأخيرة من سفر التكوين ٣٠ أن يَعْقُوب أصبح رجلًا ناجحًا وثريًا بفضل نعمة الله. ومع ذلك، فإن الرخاء غالبًا ما يثير الْحَسَد لدى الآخرين، وهذا ما حدث بالضبط مع يعقوب. فمع ازدياد ثروته، بدأ أبناء لاَبَان يغارون منه.

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

بدافع الْحَسَد، نشر أبناء لاَبَان أكاذيب عن يَعْقُوب ومصدر ثروته. وزعموا أن يَعْقُوب أخذ كل ما كان لأبيهم. في الواقع، لم يأخذ يعقوب شيئًا من لاَبَان، بل كانت ثروته ببساطة تنمو بسرعة أكبر من ثروة لاَبَان. لم تكن القضية الحقيقية هي السرقة، بل الْحَسَد الذي يكنيه أبناء لاَبَان.

الْحَسَد خطية ضارة وخبيثة وتشوه الحقّ. ورغم أن يَعْقُوب لم يأخذ شيئًا من لاَبَان، إلا أن الْحَسَد يمكن أن يدفع الناس إلى اختلاق الأكاذيب، وبالتالي، ادعى أبناء لاَبَان كذبًا أن يَعْقُوب ’أَخَذَ كُلَّ مَا كَانَ لِأَبِينَا.‘

والأسوأ من ذلك أن حَسَد أبناء لاَبَان بدأ يسمّم قلبَ لاَبَان وحوَّلوه ضدَّ يَعْقُوب. وبمرور الوقت، تغير موقف لاَبَان تمامًا، وأصبح مستاءً من يَعْقُوب. في السابق، كان لاَبَان راضيًا عن اتفاقه مع يعقوب (تكوين ٣٠: ٣٤). الآن، وبسبب سُمّ الْحَسَد، أصبح غير راضٍ بترتيبهما.

الْحَسَد ضار ليس فقط في حد ذاته، بل أيضًا بسبب تأثيراته الضارة المصاحبة. وكما هو مذكور في ١ كورنثوس ٣:٣، غالبًا ما يكون الْحَسَد مصحوبًا بالخِصَام والانشِقَاقات والسلوك بحسب الجسد وليس الروح. ويوضح يعقوب ١٦:٣ أيضًا أن الْحَسَد يولد الأنانية والتَّشْوِيش وكل أنواع الشرور. وعلى النقيض من ذلك، فإن الْمَحَبَّة لاَ تَحْسِد (كورنثوس الأولى ٤:١٣)، ويريد الله أن يحرر شعبه من الْحَسَد، واعتباره جزءًا من ماضيهم، وليس حاضرهم (تيطس ٣:٣).

الْحَسَد ليس خطيَّة بسيطة. في الواقع، لقد لعب الْحَسَد دورًا في إرسال يَسُوع إلى الصليب. فعندما أحضر القادة اليهود يَسُوع أمام بِيلاَطُس الْبُنْطِيّ طالبين إعدامه، أدرك بِيلاَطُس أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا (متى ١٨:٢٧).

أخي/أختي العزيزة في المسيح، افحص قلبك وانظر إن كان فيه أي أثر لخطيَّة الْحَسَد؟ وسأل نفسك: هل تستاء من نجاح الآخرين؟ هل تشتهي ما لغيرك؟ هل تستمتع بفشل الآخرين؟

الْحَسَد ليس خطيَّة يمكن الاستخفاف بها أو الانغماس فيها بأي شكل من الأشكال. وبإدراكنا لقوة هذه الخطية المدمرة، يتعين علينا أن نطلب معونة الروح القدس للتعامل بصرامة معها. إن العيش بدون حَسَد هو الحرية الحقيقية، لأنك حينها ستكون قادرًا على الابتهاج بـنجاح الآخرين وازدهارهم، وستكون قادرًا أيضًا على التعامل مع مواسمك الخاصة من الصراعات.

اجعل هذه الكلمات صلاتك اليوم: “يا رب، افحص قلبي، وحررني دومًا من قبضة خطيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة.”

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مَبَادِئ الرَخَاء

مَبَادِئ الرَخَاء

فَاتَّسَعَ الرَّجُلُ كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ لَهُ غَنَمٌ كَثِيرٌ وَجَوَارٍ وَعَبِيدٌ وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ. (تكوين ٤٣:٣٠)

الرَّجُلُ الذي تتكلم عنه الآية هنا هو يَعْقُوب الذي ترك بيته مُعدم فقير، وسافر إلى الشرق البعيد إلى موَطِّن وَالِدته، وتمكن من خلال عمله الجاد، أن يؤمن ضِعف المهر المطلوب للزواج. وبعد أن تمكن من خِداع أخيه وأبيه، تعرض يَعْقُوب نفسه للخِداع من قبل خَالِه.

مَبَادِئ الرَخَاء

ورغم كل شيء، أصبح يَعْقُوب مزدهرًا بشكل غير عادي (اتَّسَعَ الرَّجُلُ كَثِيرًا جِدًّا). ووفقًا لليوبولد (Leupold)، فإن الجملة الأصلية تُرجمت إلى: “انفجر الرجل بشكل مفرط للغاية.” لقد بارك الله يَعْقُوب وأصبح ناجحًا جدًا لدرجة أن وفرته بدت وكأنها فيضان. كان الدليل على الغِنى في ذلك الوقت والزمان هو: غَنَمٌ كَثِيرٌ وَجَوَارٍ وَعَبِيدٌ وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ. وهكذا، أصبح يَعْقُوب، الذي غادر منزله دون أي مال، رجلًا ثريًا بشكل ملحوظ.

كان هذا الغِنى تعبيرًا عن بركة الله في حياة يَعْقُوب. لقد بارك الله يَعْقُوب، ليس بسبب بِرّه وصلاحه، بل بسبب الوعود التي قطعها الله له (تكوين ٢٨: ١٣-١٥) والعهد الذي أقامه مع إِبْرَاهِيم.

وبنفس الطريقة تأتي البركات من الرَّبِّ ليس لأنَّنا عظماء أو صالحون، لكن بسبب العهد الَّذي قطعه الله معنا من خلال يسوع المسيح ووعوده التي أعطانا إيَّاها في كلمته.

ومع ذلك، يمكننا أن نستخلص بعض مَبَادِئ الرَخَاء من يَعْقُوب.

لا تجعل الغِنى هدفك. يوضح تكوين ٣٠: ٢٥-٢٦ أن يَعْقُوب كان راضيًا بترك لَابَان والعودة إلى كَنْعَان مع أسرته. ولأن هدفه الأولي لم يكن جمع الثروة، فقد تجنب الوقوع فِي تَجْرِبَة وفَخّ وَشَهَوَات كَثِيرَةٍ غَبِيَّة التي تصيب أولئك الذين يرغبون في الثراء (١ تيموثاوس ٦: ٩).

لا تخَف من أن تعمل للآخرين بل حاول أن تزيد من غناهم مع أو قبل أن تزيد من غناك. في تكوين ٢٧:٣٠، أعلن لَابَان، حَمُو يَعْقُوب وصاحب عمله، أن الله بارك يَعْقُوب بسبب أمانته وعمله الجاد.

اعمَل بجهدٍ، مُكرِّسًا نفسك لنجاح ربِّ عملك. يُظهر تكوين ٣٠: ٢٦ و٣١: ٣٨-٤٢ أن رحلة يَعْقُوب نحو الثراء بدأت بالعمل المخلص من أجل حميه. وبدلًا من أن يكون أنانيًا ويعمل فقط على نجاحه الشخصي، اختار يَعْقُوب أن يكون سبب بركة لصاحب عمله، حتى عندما كان الأمر صعبًا.

ثِق بالله. يصف تكوين ٣٠: ٣١-٣٣ خطة غريبة اقترحها يَعْقُوب لفصل القُطْعَان التي كانت له ولِلَابَان. من الصعب معرفة ما إذا كانت الخطة فكرة يَعْقُوب أم الله، ولكن في كلتا الحالتين كان على يَعْقُوب أن يثق بالله، واستجابة لإيمانه، بارك الله يَعْقُوب برخاء عظيم.

لم يَعِد الله أبدًا بأن يكون كل شعبه غنيًا في جميع الأوقات وفي كل مواسم الحياة. ومع ذلك، تظل هذه المبادئ ذات قيمة: لا تجعل الثروة هدفك النهائي. لا تخَف من مُسَاعَدَة الآخرين. اِعمل بجد، وثِق بالله. عندما نتبع هذه المبادئ فإننا نُكرم الله ونضع أنفسنا في المكان المناسب لاستقبال كل ما يريدنا أن نحظى به.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٠

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مَحَبَّة الرَّبّ المُنعِمة للمَكْرُوهَة

مَحَبَّة الرَّبّ المُنعِمة للمَكْرُوهَة

وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ فَفَتَحَ رَحِمَهَا، وَأَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِرًا. (تكوين ٣١:٢٩)

إن للحياة الأسرية تحدياتها، ولكن الصعوبات والتعقيدات تتضاعف عندما يقرر الناس تجاهل طرق الله ومشيئته وعمل ما يبدو مرضيًا مقبولًا ثقافيًا.

منذ البداية، قصد الله أن يكون الزواج اتحادًا مدى الحياة بين رجل واحد وامرأة واحدة (متى ٤:١٩-٦). ومع ذلك، بسبب مأساة ما أو ضعف أو حتى تمرد، ينحرف الناس أحيانًا عن هذا المسار، وتكون النتيجة وَجَع ومَشَقّة

مَحَبَّة الرَّبّ المُنعِمة للمَكْرُوهَة

إن زواج يَعْقُوب ورَاحِيل في تكوين ٢٩ يشكل مثالًا على ذلك. فبينما كان يواصل رحلته إلى موطن أمه، التقى يَعْقُوب بِرَاحِيل عند بئر ووقع في حبها على الفور. ولأنه لم يملك المال ليقدمه كمهر، وافق على أن يخدم والدها (لاَبَان) لمدة 7 سنوات ليتمكن من الزواج منها. وبسبب حُبّهُ الشديد لها، بدت السنوات السبع أيامًا قليلة جدًا (تكوين ٢٠:٢٩). ولكن لاَبَان خدع يَعْقُوب، وتحت طرحة العروس وظلمة الليل، أعطاه لَيْئَة، أخت رَاحِيل الكبرى.

أحب يَعْقُوب رَاحِيل، لكنه خُدع بالزواج من رَاحِيل ولَيْئَة. وفي ظل هذه الظروف الأسرية الغريبة، ليس مستغربًا أن تشعر لَيْئَة بأنها مُهملة ومكروهة.

إنَّ حنان الله على لَيْئَة لَمُؤثِّر: إذ رَأَى أنّها كانت مَكْرُوهَة. لقد كانت حقًا الطرف البريء في كل هذه الفوضى، لكن الله جلب لها التعزية والبركة، وبمعنى ما، كان يُسدِّد احتياجاتها حتى عندما تصرف زوجها معها بطريقةٍ شرِّيرة.

كتب مارتن لوثر عن محنة لَيْئَة: “تجلس لَيئَة المسكينة في خيمتها مع خادمتها وتَمضي وقتها في الحياكة والبكاء. ذلك لأنَّ بقيَّة أفراد الأسرة، ولا سيَّما رَاحِيل، يكرهونها بسبب استهزاء زوجها بها الَّذي يُفضِّل رَاحِيل إذ هو مجنونٌ بحبِّها. هي ليست جميلة أو جذَّابة. كلَّا، هي مكروهة ومبغوضة… هناك تجلس الفتاة المسكينة؛ ولا يُعرِها أحدٌ أيَّ انتباه. تتصرف رَاحِيل معها بغطرسة؛ ولا تُكلِّف نفسها حتى عناء النظر إليها. وتفكر قائلة: ’أنا سيِّدةُ البيت، ولَيئَة مجرد جارية فيه.‘ هذه بالحقيقة أمورٌ جسديِّة توجد حتى بين الآباء والأمَّهات القدِّيسين، وتشبه الصراعات التي تحدث في بيوتنا.”

ثم منح الله لَيئَة المَكْرُوهَة بركة خاصة: فَتَحَ رَحِمَهَا. أظهر الله صلاحه للَيئَة، حتى عندما لم يفعل زوجها وأختها ذلك.

ربما تستطيع أن تتعاطف مع لَيئَة، وتشعر بأنك مُهمل أو مكروه. إن كنت تشعر هكذا، فثق بأن الله يراك أيضًا وسيجلب البركة لحياتك. في حين أن الله لم يُجبر زَوج لَيئَة على أن يحبها أكثر من منافستها، إلا أنه قدم لها البركات والراحة بطرق أخرى. وبالمثل، لدى الله طرق لإظهار محبته، حتى لأولئك الذين يشعرون بأنهم مكروهين من الآخرين أو متروكين.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٩

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

السُلَّم إِلَى السَّمَاء

السُلَّم إِلَى السَّمَاء

وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلَائِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. (تكوين ١٢:٢٨)

ساهمت الخطايا التي ارتكبها كل من إِسْحَاق ورِفْقَة وعِيسُو ويَعْقُوب في نشوب صراع كبير، مما أجبر يَعْقُوب على الفرار من أخيه التوأم الذي هدد بقتله. فارتحل شرقًا مُتَّجِهًا إلَى حَارَان، أرض آباء جده إِبْرَاهِيم (تكوين ٣١:١١-٣٢) وأُمِّه رِفْقَة (تكوين ٣:٢٤-٤).

في هذه البريَّة المُقفِرة، رأى يَعْقُوب حُلُمًا مُهمًّا بينما كان يستخدم الحجر كوِسادة. لا يسع المرء إلَّا وأن يتخيَّل فيضًا غريبًا من المشاعر داخِل يَعْقُوب في تلك اللَّحظة: الخوف والوِحدة والعُزلة والتَّوقُّع. كانت هذه فترة محورية في حياة يَعْقُوب.

السُلَّم إِلَى السَّمَاء

قَدم حُلم يَعْقُوب صورة مثيرة للاهتمام. رأى سُلَّمًا عَلَى الْأَرْض وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاء. ورأى أيضًا مَلَائِكَةُ اللهِ تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ عَلَيهَا.

من خلال هذا الحلم، كشف الله ليَعْقُوب بأن هناك طريقة للوصول إلى السماء، موضحًا أن الأرض والسماء لم يكونا منفصلين تمامًا. أدرك يَعْقُوب الآن أنَّ الله أقرب مما كان يتصور، وأنَّه يوجد دخولٌ وتواصُلٌ حقيقيَّين بين السماء والأرض. فالسماء لم تُغلق على نفسها، والله يُعنَى بأمور الأرض. هذا الإعلان غيَّر حياة يَعْقُوب، الذي أظهر سابقًا القليل من الاهتمام بالله.

في العهد الجديد، أشار يَسُوع تحديدًا إلى حُلم يَعْقُوب عندما قال لنَثَنَائِيل: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الْآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلَائِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الْإِنْسَانِ” (يوحنَّا ٥١:١). وضَّح يَسُوع هنا أنَّه هو السُلَّم الذي رآه يَعْقُوب في الحُلم. يَسُوع المسيح هو وَسِيلَة الإنسان الوحيدة للوصول إلى السماء. فهو الواسطة التي من خلالها تأتي السماء إلينا ونأتي نحن إلى السماء. يَسُوع المسيَّا هو السُلُّم، الطَّرِيق إِلى السماء.

تَذَكَّر الكلمات الرائعة التي قالها يَسُوع لتلاميذه قبل الصليب: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الْآبِ إِلَّا بِي” (يوحنا ٦:١٤). لم يقل يَسُوع أنه يعرف الطَّرِيق، بل قال إنه هو الطَّرِيق. وهو لم يُظهِر لنا الطَّرِيق؛ إنَّه الطَّرِيق.

إنَّ يَسُوع هو السُلَّم، الطَّرِيق إلى السماء – لا يوجد سُلَّم أو طَرِيق آخر. إنه الجسر الوحيد الذي يربط بين السماء والأرض، وقد أصبح ذلك ممكنًا عندما أَسْلَمَ نَفْسَهُ كذَبِيحَة. وبهذا المعنى استطاع يَسُوع أن يقول: وَمَلَائِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الْإِنْسَانِ” (يوحنَّا ٥١:١). لقد صنع يَسُوع هذا الطَّرِيق بنفسه، عندما مات على الصليب لأجلنا.

ففي يسوع، يمكنك الوصول إلى السماء (رومية ١:٥-٢، أفسس ٦:٢).

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٨

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْدًا وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ، وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا». (تكوين ٣٣:٢٧)

يا لها من فوضى!

قبل ولادة التَّوأمين عِيسُو ويَعْقُوب، أعلن الله (تكوين ٢٣:٢٥) أن الكَبِير (عِيسُو) يُسْتَعْبَد للصَغِير (يَعْقُوب). وهذا كان مخالفًا تمامًا للعُرف المتَّبَع. فالابن الأكبر في العادة هو المُفضل، خصوصًا إن كان الْبِكْر.

كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

ورغم ذلك، ولأسباب غير معروفة، اختار إِسْحَاق، والد التَّوأم وابن ابْرَاهِيم، أن يمنح بركة العائلة والعهد لعِيسُو بدلًا من يَعْقُوب. وفي الوقت نفسه، خططت رِفْقَة، أُم التَّوأم، لخداع زوجها المُسن الأعمى تقريبًا، فخدعته ليبارك يَعْقُوب بدلًا من عِيسُو.

تصرَّف كلُّ شخصٍ في هذه القصة – إِسْحَاق، رِفْقَة، عِيسُو، يَعْقُوب – بحكمةٍ وجُهدٍ بشريَّتَين بدلًا من الاعتماد على الحكمة والجُهد الإلهيَّتين أو الروحيَّتين. حتَّى عِيسُو، في قبوله لِخطَّة يَعْقُوب للحصول على الْبَكُورِيَّة، تجاهل تمامًا وعدَه السابق بإعطاء الْبَكُورِيَّة ليَعْقُوب (تكوين ٢٩:٢٥-٣٤). في هذه القصة، لم يثق أي منهم في الآخر، ولم يثقوا حتى في الله.

إنَّ الجزء الأسوأ من كلِّ هذا هو اعتبارهم أنَّ البركة سحريَّة، كأمرٍ مُنفصِلٍ عن حكمة الله وإرادته. ولكن في إعطائهِ البركة، إنَّ أكثر ما استطاع إِسْحَاق فعله هو مُلاحظة دعوة الله وبركته لحياة يَعْقُوب. وحده الله يستطيع أن يمنح البركة. قد يحصل عِيسُو على البركة من إِسْحَاق مئة مرَّةٍ، لكنها لن تكون ذات أهمية إلا إذا كرمها الله في السماء.

عندما أدرك إِسْحَاق أنه قد بارك يَعْقُوب بدلًا من عِيسُو على الرغم من نواياه، ارْتَعَدَ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا. يشير استخدام هذه العبارة القوية إلى أن إِسْحَاق بدأ يرتجف بشكلٍ مُتشنِّج. فقد أُخِذ إِسْحَاق بهذا الشعور العميق بأنَّ خطأً ما قد حدث في خطَّته.

ارْتَعَد إِسْحَاق واضطرب بشدة لأنه أدرك أنه أخطأ بمحاولته العمل ضدَّ خطَّة الله المعلَنة في تكوين ٢٣:٢٥ – ولكن أحبط الله محاولته. أدرك إِسْحَاق في تلك اللَّحظة، أنَّه سيخسر دائمًا عند الوقوف ضد مشيئة الله. وأدرك أيضًا أنَّه وبالرغم من كبريائه الموجَّه ضدَّ مشيئة الله، إلا أن خطة الله دائمًا صالحة، بل ورائعة.

ويوضح العهد الجديد لاحقًا أن إِسْحَاق بارك يَعْقُوب وعِيسُو بالإيمان (عبرانيِّين ٢٠:١١). تجلى إيمان إِسْحَاق بعد فشل محاولته لتغيير مشيئة الله، فقال في النهاية عن يَعْقُوب: ’نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا.‘

هل اختبرت حقيقة أن مقاومة مشيئة الله وخطته أمر لا جدوى منه؟ من المدهش كيف ننسى بسهولة هذه الحقيقة البسيطة، مما يتطلب من الله أن يقودنا إلى النقطة التي ندرك فيها ما تعلمه إِسْحَاق عندما ارْتَعَد بشدة – أن الله هو صاحِبُ الأمْر، وعلينا أن نختار الخضوع لخطته بقدر ما نفهمها، حينها فقط سنكون مباركين حقًا!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

فَعَادَ إِسْحَاقُ وَنَبَشَ آبَارَ الْمَاءِ الَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ، وَطَمَّهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَدَعَاهَا بِأَسْمَاءٍ كَالأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَاهَا بِهَا أَبُوهُ. وَحَفَرَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ فِي الْوَادِي فَوَجَدُوا هُنَاكَ بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. (تكوين ١٨:٢٦-١٩)

بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى الإصحاح ٢٦ مِن سِفر التكوين، نرى أن إِبْرَاهِيم قد رَحَلَ عن المَشهَد، وابْنِه إِسْحَاق قد أخذ مكانه. ولطالما كانت هذه هي الطريقة التي يتقدم بها عمل الله عبر الزمن: جيل يمضي، ويأخذ آخر مكانه، والله يواصل عمله. إن الديناميكيات بين هذه الأجيال مهمة للغاية، وتصرفات إِسْحَاق في تكوين ٢٦ تقدم نموذجًا عمليًا وروحيًا لكيفية تفاعل الجيل الأصغر مع الجيل الأكبر سنًا.

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

نقرأ في الآية ١٨ أن إِسْحَاق عَادَ “وَنَبَشَ آبَارَ الْمَاءِ الَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيه.” وبمعنى آخر، رجع إِسْحَاق إلى نفس المصادر التي أمَّنت حياة أبيه وامتلكها (تكوين ٢٥:٢١-٣١). تطلَّب نبش الآبار مرَّةً ثانيةً إيمانًا وعملًا والتزامًا وكانت النعمة التي طلبها إسحاق بجدِّيَّةٍ وإصرار موجودة.

كانت المياه ضرورية للحياة بالنسبة للبَدو. ففي بعض فصول السنة، لا يُمكِن أن تستمرَّ الحياة البشريَّة أو الحيوانيَّة من دون مياه الآبار. لم تكُن هذه الآبار ترَفًا، بل حاجةً مُلِحَّة.

تتواجد هنا صورةٌ قويَّة عن الحياة الروحيَّة. إنَّ المصادر الروحيَّة التي أمَّنت استمراريَّة الأجيال السَّالفة متوفرة لنا اليوم إذا بحثنا عنها بالإيمان وبالعمل وبالالتزام. وباستخدامنا لهذا المشهد كصورةٍ روحيَّة، يُمكِننا القول بأنَّ آبار السلام و القوَّة و النعمة و الحكمة و التَّغيير جميعها مُؤمَّنة للمؤمن اليوم كما كانت في الأجيال السَّابقة. أمَّا السؤال المطروح حاليًّا فهو التالي: هل تمتلك أجيال الحاضر الإيمان والعمل والالتزام لِتَحفُر آبارًا مرَّةً أخرى؟

في عصرنا الحديث، من السهل أن نعتقد أننا بحاجة إلى مصادر جديدة أو مختلفة مقارنة بأسلافنا الروحيين. وكثيرًا ما نجد أنفسنا منجذبين إلى أحدث الابتكارات وما يبدو أكثر لمعانًا. ولكن هذه الأفكار خطيرة وهدامة. فهناك طرق قديمة يجب علينا أن نسير فيها، وآبار قديمة نحن مدعوون لإعادة فتحها.

أخي العزيز، فكّر بالأمر قليلًا. إن الإِيمَان الذي حَفِظَ أثناسيوس، وهوس، ويكليف، وويسلي، وغراهام متاح لك اليوم. إنه كبئر قديم مسدود يمكن أن يَمُدّك بمَاءٍ حَيّ إذا بحثت عنه وحفرته ثانية. يُعلمنا هذا التشبيه الروحي أن نكون مثل إِسْحَاق ونعود للآبار القديمة ونحفرها من جديد.

ثم نقرأ عن هذه البركة الخاصة: وَجَد إِسْحَاق بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. يبدو أن إِسْحَاق وجد شيئًا لم يجده أبوه إِبْرَاهِيم – بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. وكان هذا النوع من الآبار هو الأكثر قيمة وأكثرها رزقًا، وقد حصل عليه إِسْحَاق عندما استعاد الموارد التي كان يتمتع بها أبوه إِبْرَاهِيم.

بينما تُعيد اكتشاف الآبار القديمة وتسير في الطرق القديمة، سيرشدك الله إلى جداول جديدة من الإمداد الروحي – وهي بركة إضافية من نعمته!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٦

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

عِندَمَا يَخْتَار الله

عِندَمَا يَخْتَار الله

فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: «فِي بَطْنِكِ أُمَّتَانِ، وَمِنْ أَحْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ». (تكوين ٢٣:٢٥)

لقد وعد الله بأن يكون لإِبْرَاهِيم نَسْلًا من خلال إِسْحَاق، لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. كان الوعد أكيدًا لكنه لم يأتِ بسرعة أو بسهولة. إذ كانت رِفْقَة زوجة إِسْحَاق، عَاقِرًا منذ ما يقارب العشرين عامًا (تكوين ٢٠:٢٥، ٢٦). ولكن عندما صَلَّى إِسْحَاق لأَجْلِ امْرَأَتِهِ استجاب الرَّب، فَحَبِلَتْ رِفْقَة.

عِندَمَا يَخْتَار الله

يبدو أنَّ الصراع أو التَّزاحم الَّذي كان يحدث في بطن رِفْقَة جعلها تسأل الرَّب. وعندما سألته، تكلَّم الرَّبُّ إليها عن عدد الأولاد في بطنها وجنسهم ومصيرهم. وحينها قال الله أنها ستلِد توأمَين. وكلُّ توأمٍ سيصيرُ شعبًا. شعبٌ يقوى على شعب، والصغير يكون أعظم من الكبير.

بإعلانه أن كَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِير، اختار الله أن يكسُرَ العُرف المتَّبَع في ذلك الوقت والمكان الذي يقضي بتفضيل الأكبر على الأصغر. في رومية ١٠:٩-١٣، استخدم الرَّسُول بولس اختيار يَعْقُوب وعِيسُو قبل ولادتهما كنموذجٍ على سلطان الله في الاختيار.

كتب بولس أنَّ اختيار الله لم يكن مبنيًّا على أداء يَعْقُوب أو عِيسُو. فقد أعلن الله هذه النيَّة لرِفْقَة قبل ولادة التَّوأمين (وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ)، وكرَّر حُكمَه بعد فترةٍ طويلة من موتهما (أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُو، ملاخي ٢:١-٣).

يعترض البعض على عدالة الله في هذا الاختيار بين يَعْقُوب وعِيسُو حتَّى قبل الولادة. لكن يجب أن ننظر إلى المحبَّة والكراهيَّة التي تكلَّم الله عنهما في ملاخي ٢:١-٣ ورومية رومية ١٠:٩-١٣ في ضوء قصده في الاختيار – اختيار أولئك الَّذين سيُصبحون ورثة للعهد الَّذي بحسب الوعد الَّذي أُعطيَ لإبراهيم. لم يكره الله عِيسُو بمعنى أنَّه لعنه لحياةٍ مُحتَّمة في هذا العالَم أو الآتي. وللإنصاف، كان عِيسُو رجُلًا مُباركًا وفي بعض الحالات أكثر تأقلُمًا مع بيئته من يَعْقُوب (تكوين ٤:٣٣-٩). ولكن، بالنسبة إلى ميراث العهد، لسنا مُخطئين إن اعتبرنا أنَّ الله ’أحبَّ‘ يَعْقُوب و ’أبغض‘ عِيسُو.

إنَّ الخطأ الجسيم الَّذي نقع فيه جميعنا هو ظنُّنا أنَّ اختيار الله هو اعتباطيّ أو تعسُّفيّ، وكأنَّ اختياراته كانت عشوائيَّة وبلا معنًى. لكن الأمر ليس كذلك. فالله يختار بناءً على حكمتهِ الإلهيَّة ومحبَّتهِ وصلاحهِ. قد لا نفهم أحيانًا كثيرة أسباب الله في الاختيار، فهذه الأسباب هو وحده يعلمها ويفهمها. إلَّا أنَّ اختيارات الله ليست عشوائيَّة أو مُتقلِّبة.

يمكنك أن تطمئن من حقيقة أن اختيار الله يكون دائمًا لسبب وجيه – ولخير كل الذين يحبونه والمدعوون حسب قصده (رومية ٨: ٢٨).

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٥

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي». (تكوين ٢٧:٢٤)

يروي تكوين ٢٤ قصة خادم إبراهيم المميز الذي كُلِّف بالسفر بعيدًا ليجد زَوْجَةً لابن سيده والعودة معها. ورغم أن الخادم لم يُذّكر اسمه في تكوين ٢٤، فمن المحتمل أنه كان أَلِيعَازَر الدِّمَشْقِيّ المذكور في تكوين ٢:١٥. لا نعرف أي شخص آخر شغل هذا المنصب في بيت إبراهيم.

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

كانت مسؤولية الخادم كبيرة جدًا. فزوجة إِسحَاق، ابنُ إِبْرَاهِيم، ستلعب دورًا حاسمًا في إعلان وعود عهد الله لإبراهيم ونسله. كان من الطبيعي أن يفكر أَلِيعَازَر قائلًا: “أنا بحاجة لإرشاد الرّب للعثور على الفتاة المناسبة. واحتاج أيضًا إلى أن يحرك الرّب قلبها حتى توافق. لا بد أن تكون الفتاة التي اختارها الرّب.”

يوضح تكوين ٢٤ أن أَلِيعَازَر فعل شيئًا ضروريًا لأي مؤمن يسعى لمعرفة مشيئة الله والعمل بها: صَلَّى (تكوين ١٢:٢٤-١٤). لقد سلم الأمر بالكامل إلى الرّب، وطلب بالإيمان أن يرشده ويحرك الظروف لإيجاد هذه الفتاة المعينة. استجاب الرّب لصلاته، فوجد رِفْقَة عند بئر في الأرض البعيدة التي سافر إليها. وقد أظهرت رِفْقَة قلب الخادم الحقيقي عندما تطوعت بسقي جِمَال أَلِيعَازَر، على الرغم من أنه كان غريبًا عنها. بالإضافة إلى ذلك، عرف أَلِيعَازَر أن رِفْقَة كانت مثالية لأنها من أقرباء إبراهيم وجاءت من نفس أرضه.

عندما شرح أَلِيعَازَر الأمر لعائلة رِفْقَة، قال: ’إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي.‘ تحمل هذه الكلمات معنىً كبيرًا. فقد أكد أَلِيعَازَر أن الرّب أرشده عندما كان في طريقه بالفعل. بمعنى آخر، لم ينتظر أَلِيعَازَر مكتوف الأيدي حتى يكشف الرّب عن كل التفاصيل قبل أن يتخذ أي إجراء. بل سعى بنشاط إلى ما يمكنه فعله – انطلق في رحلته – وبينما هو في الطريق، أرشده الرّب.

أخي العزيز أو أختي العزيزة، إذا كنت تريد فعلًا أن تعرف مشيئة الرّب في حياتك، فابدأ في التحرك. كن مبادرًا. اتخذ خطوات في اتجاه ما، وسترى الرّب يقودك وأنت على الطريق. في حين قد يطلب الرّب منا أحيانًا أن نتوقف وننتظر توجيهاته قبل اتخاذ أي إجراء، إلا أن هذه ليست الطريقة المعتادة التي يرشدنا بها. عادةً، يريد الرّب منا أن نبدأ رحلتنا ونتوقع إرشاده بينما نحن فِي الطَّرِيقِ.

وبشكل عام، من واجبنا أن نسير في طريقنا وفقًا لما أعلنه الرّب ونثق أنه سيرشدنا.

من الصعب توجيه سيارة متوقفة. فابدأ رحلتك، ودع الرّب يقودك.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَكَلَّمَ بَنِي حِثَّ قَائِلاً: «أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي». (تكوين ٣:٢٣-٤)

هناك شخصان عظيمان في الإيمان مشار إليهما في تكوين 23: 3. الشخص الأول هو إبراهيم، الذي أظهر للتو أحد أبرز أعمال الإيمان في الكتاب المقدس: استعداده لتقديم ابنه إسحاق كذبيحة لله (تكوين ٢٢). ويُشار إلى الشخص الثاني بكلمة “مَيْتِي” متحدثًا عن سارة زوجة إبراهيم المُتَوَفّاة. كانت سارة امرأة عظيمة في الإيمان، آمنت بوعد الله بأنها ستلد ابنًا رغم تجاوزها للسن الطبيعي لتصبح أمًا.

هذه الآية تخبرنا الكثير عن رجال ونساء الإيمان العظماء.

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

تَحَمَّل رجال ونساء الإيمان العظماء الكثير من الصعاب. تَحَمَّلت سارة مشقة الموت، وتَحَمَّل إبراهيم مشقة التَرْك. نعتقد أحيانًا أن رجال الإيمان العظماء يعيشون في عالم مختلف، بمنأى عن آلام الحياة الطبيعية وهمومها. بينما ذلك لَيسَ حقيقي. فحتى يسوع تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ (عبرانيين ٨:٥).

عَاشَ رجال ونساء الإيمان العظماء كغرباء ونزلاء. عندما بدأ إبراهيم في التفاوض مع بَنِي حِثَّ على مكان لدفن سارة، بدأ كلامه قائلًا: أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. فعلى الرغم من أن إبراهيم عاش في كنعان لأكثر من 30 عامًا، إلا أنه كان لا يزال يعتبر نفسه غريبًا ونزيلًا في تلك الأرض.

لم يمتلِك إبراهيم هذا الشعور لأنَّه أتى من أور الكلدانيِّين. كان ذلك لأنَّه عرف أنَّ بيته الحقيقيّ كان السماء (عبرانيين ٩:١١-١٠). أدرك موسى الأمر نفسه، وعلّم إسرائيل هذا المبدأ (لاويِّين ٢٣:٢٥). عرف داود أيضًا هذه الحقيقة (١ أخبار الأيَّام ١٤:٢٩-١٥ ومزمور ١٢:٣٩).

كرجل إيمان، عاش إبراهيم في كنعان وترك إرثًا لنسله، لكنه كان يعلم أن موطنه الأخير هو السماء، وهو مجرد زائر في هذه الحياة. فموطنه الحقيقي كان أبديًا.

قَبِل رجال ونساء الإيمان العظماء الجزء باعتباره الكل. يوضح تكوين ٢٣ أن إبراهيم اشترى هذا العقار لدفن موتاه. في رحلاته حول كنعان، عاش إبراهيم قبلًا في هذه المنطقة وهنا بنى مذبحًا لله (تكوين ١٨:١٣). عرف هذه المغارة وكان مُستعدًّا أن يدفع سعرها بالكامل.

لقد وعد الله إبراهيم ونسله بأن يعطيهم تلك الأرض (كنعان) كميراث لهم (تكوين ١٥: ١٨-٢١). ومع ذلك، كانت هذه قطعة الأرض الوحيدة التي امتلكها إبراهيم. لقد قَبِل إبراهيم بالجزء، لكنه تمسك بوعد الله بالكل.

يا صديقي المؤمن، نحن الآن نعرف بَعْضَ الْمَعْرِفَة (١١ كورنثوس ١٢:١٣). ومع ذلك، يمكننا أن نثق في وعد الله ونقبل الجزء كدليل على الكل. ويومًا ما، سيتحقق كل شيء في يسوع المسيح.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك