نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

فَقَالَ: «مَاذَا مِنْكَ كُلُّ هذَا الْجَيْشِ الَّذِي صَادَفْتُهُ؟» فَقَالَ: «لأَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي». فَقَالَ عِيسُو: «لِي كَثِيرٌ، يَا أَخِي. لِيَكُنْ لَكَ الَّذِي لَكَ».

في المرة الأخيرة التي كان يعقوب فيها مع أخيه عيسو، سمع توأمه يتوعد بقتله في أقرب فرصة ممكنة. وكان هذا التهديد كافيًا لدفع يعقوب إلى الفرار شرقًا، حيث التقى في النهاية بعائلة والدته وتزوج منها.

الآن، وبعد مرور عشرين عامًا، عاد يعقوب إلى كنعان، مدركًا أنه سيواجه عيسو. فامتلأ خوفًا، متذكرًا تهديدات عيسو، ومدركًا أن أخاه كان من النوع الذي يمكنه بسهولة تنفيذ أي وعد يقطعه مهما كان عنيفًا.

نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

كان يعقوب يأمل في استرضاء عيسو بالهدايا. ووفقًا لتكوين ١٣:٣٢-٢٠، تضمنت هدية يعقوب ٢٢٠ عَنْزَة، و٦٠ جملًا، و٤٠ بقرة، و١٠ ثيران، و٣٠ حمارًا. وبعد أن تلقى عيسو الهدايا والتقى أخيرًا بيعقوب، سأله قائلًا: «مَاذَا مِنْكَ كُلُّ هذَا الْجَيْشِ الَّذِي صَادَفْتُهُ؟» أربكت عطايا يعقوب السخيَّة عيسو. لم يتوقَّع عيسو ذلك، وهذا يشير إلى أن عيسو لم يشعر بتفوق على يعقوب ولم يعتقد أن يعقوب كان مدينًا له بأي شيء.

إن الجمال الحقيقي لشخصية عيسو يتجلى في رده على يعقوب: «لِي كَثِيرٌ» (عندي ما يكفي). لقد رفض عيسو في البداية هدية أخيه السخية لأنه كان راضيًا بما يملك. لم يكن عيسو مهووسًا برغبته في المزيد؛ بل كان يشعر حقاً بالرضا عما يملك.

إنه لأمر رائع أن يقول كل مؤمن: «لِي كَثِيرٌ». وهذا يعكس جوهر ما وصفه بولس في ١ تيموثاوس ٦:٦ وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ. ورغم أن هذا الرضا الإلهي أمر حيوي، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيقه لأسباب مختلفة.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» لا يكون ممكنًا حقًا إلا عندما يكون القلب راسخًا في الأمور الأبدية؛ والرضا أمر حيوي لأنه يثبت أننا نعيش في منظور أبدي، بدلًا من السعي وراء بناء حياة مريحة على الأرض.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» أمر صعب، لأن ثقافتنا الاستهلاكية تعمل على تعزيز شعورنا بعدم الرضا، من خلال مكافأتنا عندما نكون غير راضين، ومن خلال الإعلانات التي تحاول أن تجعلنا نشعر بعدم الرضا ما لم نقم بشراء منتج أو تجربة معينة.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» أمر صعب، لأننا نرغب دائمًا في الحصول على أكثر بكثير مما نحتاجه.

قد يزعم العديد من المؤمنين بسهولة أنهم يتمتعون بهذا الرضا، لكن حقيقة رضاهم تنعكس غالبًا بشكل أكثر دقة في عاداتهم في الإنفاق والتسوق. فكر في هذه الأسئلة: ما مدى أهمية الدور الذي يلعبه التسوق والشراء في حياتك؟ كيف يؤثر فقدان الممتلكات المادية على سعادتك؟ ما مقدار الفرح الذي تستمده من اقتناء الأشياء المادية؟

أظهر السلام والاكتفاء اللَّذَان تمتَّع بهما عيسو بأنَّه رجلٌ مُبارَكٌ بشكلٍ ملحوظ، بالرغم من عدم حصوله على الوعد في العهد الإبراهيميّ كما كان يتمنَّى.

أصلي أن تنعم بالهبة الرائعة المتمثلة في قدرتك على القول: «لِي كَثِيرٌ».

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك