الرجل البريء يُخلصه

الرجل البريء يُخلصه

وَرَدَّ رَئِيسَ السُّقَاةِ إِلَى سَقْيِهِ، فَأَعْطَى الْكَأْسَ فِي يَدِ فِرْعَوْنَ. وَأَمَّا رَئِيسُ الْخَبَّازِينَ فَعَلَّقَهُ، كَمَا عَبَّرَ لَهُمَا يُوسُفُ. وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ. (تكوين ٢١:٤٠-٢٣)

تمسُك يوسف بالبر، أدى إلى دخوله السجن. في أغلب الحالات، كان الموت الفوري هو الجزاء الوحيد لكل متهم بالاعتداء على زوجة فوطيفار. ولكن فوطيفار عرف أيّ نوع من الرجال كان يوسف، وعرف أيضًا أيّ نوع من النساء كانت امرأته، واختار بدلًا من ذلك سجن يوسف.

الرجل البريء يُخلصه

أثناء وجوده في السجن، كان من السهل أن يستسلم يوسف للشفقة على الذات، نظرًا للظلم الذي عانى منه. مع ذلك، ومن خلال عمل نعمة الله، أظهر يوسف اهتمامه بالآخرين. فعندما انزعج ساقي فرعون وخبازه من أحلام مفجعة، أظهر يوسف تعاطفه واهتم بما يكفي لمساعدتهما.

فسر يوسف أن حلم رئيس السُّقاة يعني أنه سيُبرر ويعود إلى خدمة فرعون – وهي بشرى سارة له. وعلى النقيض من ذلك، كشف أيضًا عن معنى حلم الخباز، حيث تنبأ بإدانته وإعدامه – وهي بشرى سيئة. وبعد ثلاثة أيام، تكشفت الأحداث تمامًا كما قال يوسف، مؤكدة أنه كان مُرسَلًا أمينًا لله.

ولكن، مع الأسف، لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ رُغم المساعدة الكبيرة التي قدمها له. ومرة ​​أخرى، تعرض يوسف للظُلم. ربما كان يأمل أن يؤدي امتنان رئيس السقاة إلى إطلاق سراحه، لكن هذا لم يحدث. ومع ذلك، كان لله قصد آخر.

كل من يستخدمه الله بقوة، يعده أولًا بتحديات صعبة. ومع ذلك، فإن قِلة هم الذين يتحمَّلوا ثقل تحضيرات الله. كان الله مع يوسف في كل خطوة يخطوها وفي كل لحظات انتظاره، وهذا مثال قوي لكيفية عمل الله في حياة المؤمن اليوم.

عندما نقرأ الكتاب المقدس، نرى أنفسنا غالبًا في شخصياته. فعندما نقرأ تكوين ٤٠ مثلًا، من المغري أن نرى أنفسنا كَيوسُف – شخص يستخدمه الله لإعلان كلمته أو أسراره للآخَرين، رغم الظلم في حياتي. قد يكون هناك مكانٌ ما لهذا التَّفسير، لكنَّه ليس المكان الأمثل لرؤية أنفسنا. إليك طريقة أفضل لقراءة تكوين 40.

بدلًا من النظر إلى أنفسنا على أننا مثل يوسف، فإننا نشبه الساقي والخباز إلى حد كبير. وفي هذه المقارنة، يجسد يسوع دور يوسف بالنسبة لنا ـ

– يسوع هو الرجُل البريء الذي أتى إلى سجننا وعاش ظروفنا.

– وبينما كان يسوع يعيش بيننا، أظهر رسالة الله لنا.

– ومثل يوسف، أثبت يسوع بأنَّ رسالته صادقة بعد ثلاثة أيَّامٍ.

– أظهر يوسُف لنا يسوع حاملًا رسالة موتٍ وحياةٍ من الله.

– فإن كنت تبحثُ عن رسالةٍ من الله، فَانْظُر إلى يسوع.

يُمكننا أيضًا أن نرى تباينًا مباركًا، أو فرقًا بين يوسُف ويسوع: كلمة يوسُف خلَّصت فقط السجين البريء؛ وليس المذنِب. ولكن الخبر السَّار – بل الخبر الأعظَم – هو أن خلاص يسوع هو لكل مذنب يتوب ويؤمن به.

لقد عاش يسوع ظروفنا وقدم لنا رسالة الحياة. فتجاوب معه بالإيمان والامتنان وتذكر صنيعه.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٠

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلاً نَاجِحًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ الْمِصْرِيِّ. وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ. (تكوين ٢:٣٩-٣)

عندما نفكر في كل ما عايشه يوسف قبل بلوغه الخامسة والعشرين، نجد أنه تحمل ما يكفي من المشقة ليدوم مدى الحياة. فبعد أن رفضته عائلته وأساءت معاملته، بيع كعبد لشعب غريب. ثم أعيد بيعه مرة أخرى لرئيس شرط فرعون ليعمل كخادم في بيته.

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ

كانت محنةُ يوسُف ربَّما أسوأ ممَّا مرَّ فيه أيٌّ منَّا. وبالرغم من ذلك، كَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُف، ولم يتخلَّ عنه حتَّى في أصغر الأمور. غالبًا ما يتذمَّر المؤمنون لأنَّ الله سمح لهم بأن يمروا بظروف صعبة. إلَّا أنَّ إرادة الله لشعبه هي أن يثقوا بأنَّه سيباركهم ويجعلهم ناجحين (وفقًا لمعاييره للنجاح) أينما كانوا.

يعتقد البعض أنهم لا يستطيعون أن يختبروا البركة الحقيقية إن خرجت الأمور عن سيطرتهم. ومع ذلك، أظهر يسوع وعلّم طريقًا أفضل – العيش كخادم.

– قال يسوع، إن كنت تُريد أن تكون عظيمًا في ملكوت الله، تعلَّم أن تكون خَادِمًا للكلِّ. (متى 26:20)

– عاش يسوع هذا المبدأ وعلمه: ابْنَ الْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ. (متى 28:20)

– هناك الكثير من الألقاب الرَّائعة ليسوع المسيح، إلا أن أكثرها دلالة هو: عبدُ أو خَادم الرب (متى 18:12، إشعياء 1:42). وبينما هو أسد سبط يهوذا وملك الملوك، فإن يسوع هو أيضًا الخادم الأسمى.

على كل مؤمن أن يختبر بركة أن يكون خادمًا، وإن لم تسنح له الفرصة ليكون خادمًا، فعليه أن يختار هذا الدور طواعية.

حتَّى في هذه الفترة المبكِّرة عندما بدا يوسُف وكأنَّه لا يملك أيّ نوع من السيطرة على ظروفه – وبالفعل كان عاجزًا تمامًا – نقض الله خيارات الإنسان الشرِّيرة والمتقلِّبة كي يُتمِّم قصدَهُ الأبديّ. وجعل الرب يوسف رَجُلًا نَاجِحًا.

فمن خلال تمسكه بإيمانه، وعمله الدؤوب، وبَرَكَةُ الرَّبِّ الواضحة على كل ما كان له، أظهر يوسف لفوطيفار أن الله كان حقيقيًا، وهو مَعَهُ دائمًا. ينبغي على كل المؤمنين أن يعيشوا حياتهم بنفس المبدأ اليوم؛ فيرى الآخَرون تأثير يسوع والفرق الذي يحدثه في حياتهم وسلوكهم.

إنها لبركة عظيمة أن يُقال عن أحدهم: كَانَ الرَّبُّ مَعَهُ. تأملوا التباين بين يوسف وإخوته. لم يُبع الإخوة كعبيد وكانوا ينامون في أسرتهم الخاصة بين عائلاتهم. وفي الوقت نفسه كان يوسف عبدًا، ولكنه كان حرًا لأن الرَّبَّ كان مَعَهُ. كان الإخوة أحرارًا، ولكنهم كانوا عبيدًا للأسرار والعار والذنب.

في يسوع المسيح، عبد الرب، هذا أمر مؤكد وحقيقي: الرَّبُّ مَعَك.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٩

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

من سيء لأسوأ

من سيء لأسوأ

فَتَحَقَّقَهَا يَهُوذَا وَقَالَ: «هِيَ أَبَرُّ مِنِّي، لأَنِّي لَمْ أُعْطِهَا لِشِيلَةَ ابْنِي». فَلَمْ يَعُدْ يَعْرِفُهَا أَيْضًا. (تكوين ٢٦:٣٨)

إن أحد الجوانب الرائعة حقًا في الكتاب المقدس هو تصويره الصادق لشعب الله، بما في ذلك أبطاله.

من سيء لأسوأ

نوح، رجل الإيمان والأفعال العظيم – سكير ومُهان. إبراهيم، أبو المؤمنين – مختبئًا وراء زوجته ووراء الأكاذيب. إسحاق، الابن المُختار، تجاهل كلمة الله وركز على الأمور الأرضية. يعقوب، أبو إسرائيل – خدع الآخرين ليحقق مكاسب شخصية. موسى، المُشَرِّع الموقر – أساء تمثيل الله بطريقة ملحوظة. داود، الرجل الذي كان بحسب قلب الله – قاتل وزاني.

يروي لنا سفر التكوين الإصحاح 38 قصة من حياة يهوذا، أحد أبناء يعقوب وأب سبط يهوذا البارز. فشل أبناء يهوذا في أن ينجبوا نسلًا لثامار، أرملة ابن يهوذا الأكبر. لم يهمل يهوذا واجبه تجاهها فحسب، بل تورط معها دون معرفة هويتها الحقيقية، واستأجرها كزانية. وعندما حملت ثَامَار، أمر يهوذا بقتلها، فقط لتكشف لاحقًا أنه والد طفلها.

وفي النهاية، اعترف يهوذا بأن ثَامَار كانت أَبَرّ منه، لأنه لم يفعل ما كان لائقًا ومألوفًا في تلك الثقافة – أن يأمر ابنه الأصغر بالزواج منها ليوفر لها ذرية ويواصل نسل ابنه الأكبر المتوفى.

توضح قصة يهوذا وثَامَار الموجعة والمقززة مدى تأثير فساد الكنعانيين السيء على بني إسرائيل وعائلاتهم. فكلما طالت مدة بقائهم في كنعان، كلما بدأوا في تبني أساليب الكنعانيين.

كانت العائلة معرضة لخطر الفساد الأخلاقي والانغماس في ثقافة الكنعانيين الفاسدة. وإذا لم يتم التحكم في المسار الذي تم عرضه في سفر التكوين 38، فلن يمر وقت طويل قبل أن تتلاشى الهوية المميزة لـ “إسرائيل” وتندمج في مجتمع أوسع وأكثر فسادًا من الناحية الأخلاقية.

كيف يمكن إنقاذ إسرائيل من هذه الطريق المؤدية إلى الهلاك؟ لقد عمل الله بطريقتين رئيسيتين. الأولى، من خلال يوسف والظُلم العظيم الذي وقع عليه. والثانية، من خلال المجاعة العظيمة التي أصابت المنطقة بأكملها.

فمن خلال يوسف، سينفذ الله خطة لينقل هذه العائلة من كنعان، ويضعهم في ثقافة من شأنها أن تعزلهم، وتسمح لهم بالنمو ليصبحوا أمة كبيرة على مدى عدة أجيال. وتكوين 38 هو دليل آخر على أن  خطة الله كانت ضرورية لبقاء إسرائيل كشعب عهد الله.

وبصفتنا أولاد الله، نواجه مواسم صعبة وأزمات في حياتنا. ويبدو أحيانًا أن ضعفنا ونقائصنا تدمر كل شيء. وكثيرًا ما نضطر إلى مواجهة عواقب خطايانا، لكن، ورغم كل ذلك، يمكننا أن نثق في أن الله لا يزال يعمل على تحقيق مقاصده. فإخفاقاتنا لا تفاجئه ولا تعرقل خططه لحياتنا. حتى عندما تسير الأمور من سيء لأسوأ، الله هو المسيطر.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٨

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

عَائِلات مُضْطَرِبَة

عَائِلات مُضْطَرِبَة

وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَأَحَبَّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ بَنِيهِ لأَنَّهُ ابْنُ شَيْخُوخَتِهِ، فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصًا مُلَوَّنًا. 4  فَلَمَّا رَأَى إِخْوَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَحَبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ أَبْغَضُوهُ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلاَمٍ. (تكوين ٣:٣٧-٤)

تبدأ قصة يوسف بتسليط الضوء على أسرته المضطربة والمفككة. فقد كان يعقوب (المعروف أيضًا باسم إِسْرَائِيل) أبًا لعائلة مُبَعْثَرة ومُضطَربة، مليئة بالغيرة والتنافس. وتفاقم حالهم عندما فضّل إسرائيل أو أحب يُوسُف أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ بَنِيهِ لأَنَّهُ ابْنُ شَيْخُوخَتِهِ.

عَائِلات مُضْطَرِبَة

لدينا جميعًا أفكارٌ وأحلامٌ حول ما يجب أن تكون عليه الأسرة المثاليَّة. وبتقدير أيٍّ كان، عائلة يوسُف كانت تعاني من مشاكل كثيرة.

كَرجُلٍ شابٍّ، حاول أبوه يعقوب خداع جدِّه إسحاق كي يأخذ ثروة العائلة بدلًا من أخيهِ التَّوأم الأكبَر. لكن الخطة انهارت تمامًا، فاضطر يعقوب أبو يوسُف أن يهرب للنجاة بحياته عندما تعهَّد أخوه التَّوأم بقتله.

ذهب يعقوب بعيدًا لأكثر من ٢٠٠ ميلٍ (حوالي ٣٢٢ كلم) سيرًا على الأقدام. لم يرَ أباهُ إسحاق لأكثر من ٢٠ عامًا، ولم يجتمعا إلا عندما شارف إسحاق على الموت. لا يوجد سجلٌّ يؤكِّد أنَّه رأى أُمَّه رفقة ثانيةً.

وجد يعقوب مكانًا مع أقارِب أُمِّه، لكنَّ خالَه خدعهُ وعامَلَهُ كعبدٍ. تزوَّج يعقوب بِبَنات خالِهِ وأخذ سُرِّيَّتَين إضافيَّتَين (عشيقتان قانونيَّتان).

وبين جميعهنَّ، أصبح ليعقوب اثنَا عشر ابنًا وابنة واحدة. اتسمت أسرته بالمُنافسة والخلاف بين الأولاد والأُمَّهات، وكان معظم التوتر متأصلًا في المنافسة بين الأختين راحيل وليئة.

وعلى الرغم من كونها عائلة مضطربة تمامًا، إلا أنها أنتجت في نهاية المطاف يوسف وعززت خطَّة الله للفداء عبر الأجيال.

من المفيد أن نتذكَّر أيضًا أنَّ يسوع المسيح نفسه جاء من عائلةٍ كانت ظروفها صعبة. بمعجزة إلهية، حَبِلَت أُمُّه قبل الزواج. فتزوَّج أبواه بسرعةٍ، قبل تحديد موعد العُرس بفترةٍ طويلة. وعندما كان يسوع طفلًا، كان عليهم الهروب كَلَاجئين للنجاة بحياتهم.

أسَّسَ أبواه منزلًا في الناصرة حيث عرف الجميع بالحَبَل الغريب والزيجة السريعة. يسوع نفسه لم يتزوَّج قطٌّ – وهو أمر غير اعتياديٍّ وربَّما فاضِحًا لمُعلم يهودي في الثلاثين من عمره.

لا نعلَم ماذا حدث لأب يسوع بالتبني يوسف، أمَّا أُمُّه فكانت متواجدة باستمرار. لم يؤمِن به إخوته واتَّهموه بالجنون. وأكد يسوع أنَّ الانتماء إلى عائلة الله كان أكثر أهمية بالنسبة له من الانتماء إلى عائلته البيولوجيَّة. في الواقع، لقد عهد برعاية أمه إلى أحد تلاميذه وليس إلى أحد إخوته.

إنَّ رسالة الله لكلِّ واحدٍ منا اليوم هي: بغض النظر عن مدى انكسار أو اضطراب عائلتك – سواء في الماضي أو الحاضر أو ​​المستقبل – فهذا لا يعني أنَّ الله قد تخلَّى عنك وبأن ظروفك الصعبة لن تنتهي يومًا. يمكننا أن نثق في أن الله يعمل في ومن خلال العائلات المضطربة والصعبة وغير الكاملة. لذا، لا تفقد الأمل!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

صُعُود الأَدُومِيِّين وَسُقُوطَهُم

صُعُود الأَدُومِيِّين وَسُقُوطَهُم

وَهذِهِ مَوَالِيدُ عِيسُو أَبِي أَدُومَ فِي جَبَلِ سَعِير. (تكوين ٩:٣٦)

إن سفر التكوين ٣٦ غني بأسماء الشخصيات البارزة من نسل عِيسُو، أَبِي أَدُوم، الذين نشأوا ليصبحوا أمة مجاورة مهمة لإسرائيل. ويشار إلى الأدوميين وأرضهم أدوم، حوالي ١٣٠ مرَّة في الكتاب المقدَّس.

عندما عبرَ الإسرائيليُّون البريَّة إلى أرض كنعان في أيَّام موسى، رفض الأدوميُّون السَّماح لهم بالعبور في أرضهم (سفر العدد ٢١:٢٠). وكان هذا مصدرًا لإحباطٍ كبير للأُمَّة (سفر العدد ٤:٢١).

صُعُود الأَدُومِيِّين وَسُقُوطَهُم

أنجبت راحيل، زوجة يعقوب الحبيبة، ابنهما الثاني عشر في أرض كنعان، ولكن الولادة كانت صعبة،

وعلى الرغم من ذلك، أمر الله بمراعاةٍ خاصَّة للأدوميِّين بين الإسرائيليِّين: لَا تَكْرَهْ أَدُومِيًّا لِأَنَّهُ أَخُوكَ (تثنية ٧:٢٣). وفي أيَّام الملك شاول، أُخضِع الأدوميُّون لإسرائيل (١ صموئيل ٤٧:١٤)، وبنى داود حامياتٍ هناك (٢ صموئيل ١٤:٨). ولكن، فيما بعد، في أيَّام يورام ابن أَخْآب، استقلَّ الأدوميُّون عن إسرائيل (٢ ملوك ١٦:٨-٢٢).

تكلَّم العديد من الأنبياء عن أَدُوم وضدَّهم، بِمَن فيهم النبيَّان إرميا (إرميا ١٧:٤٩-١٨) وحزقيال (حزقيال ١٢:٢٥-١٤). ومنذ ذلك الوقت الَّذي فيه سيطر المسلِمون على منطقة الشرق الأوسط، كانت هذه المنطقة تقريبًا غير مأهولة، باستثناء بعض البَدو والمراكز العسكريَّة. انتهى بها الأمر إلى لا شيء، كما تنبَّأَ عوبديا. يُسطِّر سفر عوبديا بأكمله نبوَّةً مُطوَّلة ضدَّ أدوم.

فماذا حدث للأدوميِّين؟ وقعت عليهم دينونة الله، تمامًا كما قال الأنبياء (مثل عوبديا وإرميا). قام الأنباط العرب في وقت مبكر من عام ٥٠٠ ق.م. بغزو أراضي الأدوميِّين، فذهب العديد من الناجين منهم إلى منطقة جنوب يهوذا (الأرض الواقعة على الجانب الغربي من البحر الميت) وأصبحوا معروفين باسم الأدوميِّين، واختلطوا بالسكان القاطنين هناك.

وبحلول أواخر ربيع عام ٦٨م، اجتاح الرومان أدوم، مما أدى إلى زوال الشعب بأكمله. وبعد أجيال من الانحدار والاختلاط بالشعوب المجاورة، اختفى أحفاد عيسو باعتبارهم مجموعة عرقية مميزة. وفي حين أن الحمض النووي الخاص بهم قد لا يزال موجودًا، إلا أنه مختلط تمامًا مع شعوب أخرى لدرجة أنه لا توجد مجموعة تُعرف باسم ’الأدوميين‘ اليوم.

يا لها من فكرة غريبة وفي نفس الوقت مُثيرة للانْتِباه. كان الأدوميون شعبًا بارزًا لدرجة أن الله خصص إصحاحًا كاملًا في سفر موسى الأول لسرد أسماء رؤسائهم وأعيانهم.

ومع ذلك، نتيجةً لخطاياهم العديدة – ومنها فرحهم بمصيبة بني إسرائيل (أقربائهم) وعدم تقديم المعونة لهم أثناء تعرضهم للهجوم – أنزل الله عليهم دينونة شديدة لدرجة أن وجودهم كشعب انتهى تمامًا

من الجدير بالملاحظة أيضًا أن الله قد حفظ شعب إسرائيل، في حين كان من الممكن أن يلقوا نفس مصير أدوم. وهذا يظهر حقيقة أساسية: كم هو جيد أن نحظى ببركة الله (من خلال نعمة يسوع المسيح)، وكم هو فظيع أن نكون موضوع دينونته.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٦

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

يد المهارة والقوة

ثُمَّ رَحَلُوا مِنْ بَيْتِ إِيلَ. وَلَمَّا كَانَ مَسَافَةٌ مِنَ الأَرْضِ بَعْدُ حَتَّى يَأْتُوا إِلَى أَفْرَاتَةَ، وَلَدَتْ رَاحِيلُ وَتَعَسَّرَتْ وِلاَدَتُهَا. وَحَدَثَ حِينَ تَعسَّرَتْ وِلاَدَتُهِا أَنَّ الْقَابِلَةَ قَالَتِ لَهَا: «لاَ تَخَافِي، لأَنَّ هذَا أَيْضًا ابْنٌ لَكِ». وَكَانَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهَا، لأَنَّهَا مَاتَتْ، أَنَّهَا دَعَتِ اسْمَهُ «بَنْ أُونِي». وَأَمَّا أَبُوهُ فَدَعَاهُ «بَنْيَامِينَ». (تكوين ١٦:٣٥-١٨)

استقر يعقوب وعائلته في أرض كنعان، وبحلول ذلك الوقت كان لديهم ١٢ طفلًا – ١١ ابنًا وبنتًا واحدة. في الماضي، كان يُنظر إلى ولادة الابن ليعقوب على أنها انتصار للأم على اختها المنافسة. وكان كل ابن سببًا لاحتفال الأم وعلامة على نصرتها في المنافسة مع نظيرتها.

أنجبت راحيل، زوجة يعقوب الحبيبة، ابنهما الثاني عشر في أرض كنعان، ولكن الولادة كانت صعبة، وَتَعَسَّرَتْ وِلاَدَتُهَا. وبينما كانت ضعيفة وعلى وشك الموت، أطلقت على ابنها المولود اسم «بَنْ أُونِي»، أي ابن حزني.

ولكن يعقوب رفض قبول هذا الاسم، فَدَعَاهُ «بَنْيَامِينَ». وقد غيّر يعقوب بحكمة اسم الطفل إلى بَنْيَامِين، – الذي يعني ’ابنُ ذراعي اليُمنَى‘ – ربَّما لأنه شعر بالمكانة الخاصَّة التي لهذا الطفل من الله، أو ربَّما ميز بَنْيَامِين ببساطة لأنّه كان حلقة الوَصْل الأخيرة بينه وبين المرأة التي أحبَّها كثيرًا.

كان لاسم ’ابنُ ذراعي اليُمنَى‘ (بَنْيَامِين) أهمية خاصة، لأن الذراع اليُمنى كانت مُرتبِطة بالقوة والكرامة، نظرًا لأن معظم الناس يستخدمون اليد اليُمنَى. لذلك، فإنَّ بَنْيَامِينَ (ابنُ ذراعي اليُمنَى) يحملُ مفهوم ’ابنُ قوَّتي‘ أو ’ابنُ كرامتي.‘

ظهرت هذه الفكرة في العديد من المقاطع الكتابيَّة مثل خروج ٦:١٥ “يَمِينُكَ يَا رَبُّ مُعْتَزَّةٌ بِالْقُدْرَةِ. يَمِينُكَ يَا رَبُّ تُحَطِّمُ الْعَدُوَّ.”

الرَّبُّ قوَّتي وعزِّي، كما في مزمور ٨:١٦ “جَعَلْتُ ٱلرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلَا أَتَزَعْزَعُ.” والأمر الرائع والعجيب أن قوَّة الله وعزُّهُ لشعبه: “اِلْتَصَقَتْ نَفْسِي بِكَ. يَمِينُكَ تَعْضُدُنِي” (مزمور ٨:٦٣). “إِنْ سَلَكْتُ فِي وَسَطِ الضِّيْقِ تُحْيِنِي… وَتُخَلِّصُنِي يَمِينُكَ” (مزمور ٧:١٣٨).

وعندما يتعلق الأمر بإنقاذنا وخلاصنا وفدائنا، فإن الله لن يقوم بعمل ناقص أو بجزء بسيط من قوته. وإن كانت يده ستخلصنا، فستكون يده اليمنى، التي تمثل ملء مهارته وقوته. اليوم، يمكنك أن تشكر الله لأنه لم يتردد لحظة أو يتراجع في جهوده لإنقاذك.

والأفضل من ذلك كله أننا نعلم أن يسوع يجلِس عن يمين الآب، مقام القوَّة والعزَّة، ونحن أيضًا نجلس هناك معه: “فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ” (كولوسي ١:٣).

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٥

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

بَرَكَة أَم لَعنَة؟

بَرَكَة أَم لَعنَة؟

فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشَمْعُونَ وَلَاوِي: «كَدَّرْتُمَانِي بِتَكْرِيهِكُمَا إِيَّايَ عِنْدَ سُكَّانِ ٱلْأَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِيِّينَ، وَأَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ. فَيَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ وَيَضْرِبُونَنِي، فَأَبِيدُ أَنَا وَبَيْتِي». (تكوين ٣٠:٣٤)

يحتوي هذا الإصحاح على واحدة من أكثر الأحداث المخزية والعنيفة في سِفر التكوين. غضب شمعون ولاوي من حقيقة أن أميرًا كنعانيًا اعتدى على أختهما، فاستخدما الخِداع والخيانة والعنف لإبادة مدينة بأكملها من الكنعانيين.

بَرَكَة أَم لَعنَة؟

لقد فعلا كل ذلك دون إذن أبيهما يعقوب أو علمه. ولما علم يعقوب بالأمر أخيرًا، واجه شمعون ولاوي، وإن كان بأسلوب ضعيف، وقال: «كَدَّرْتُمَانِي بِتَكْرِيهِكُمَا إِيَّايَ عِنْدَ سُكَّانِ ٱلْأَرْضِ». وفي ردَّة فعلِهِ على هذه الجريمة الرَّهيبة ونَهبِ شَكيم، بدا يعقوب وكأنَّه قَلِقٌ فقط على نفسه وخطر الانتقام من عائلته الصغيرة (وَأَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ). لم يُظهر يعقوب أي اهتمام بالخطأِ والصواب، أو ببِرَّ الله، أو بموت الأبرياء ونَهب ممتلكاتهم.

لاحظ بارنهاوس (Barnhouse) أن الخِداع الذي أظهره شمعون ولاوي كان متجذرًا في شهادة يعقوب السيئة وتنازلاته. لقد شهدا استخدام والدهما للخداع عندما كان ذلك مفيدًا له، وقلدا سلوكه. وأضاف بارنهاوس: “كان من الأفضل لك يا يعقوب أن تتكلَّم مع الله عن خطيَّتك قبل أن تتكلَّم مع أبنائك عن خطاياهم.”

كانا صائبَين في موقفهما بأنَّ دِينة قد نُجِّسَت وعُومِلَت بشكلٍ رهيب. على الرغم من ذلك، لَن يُبرِّر هذا الموقف شرورهما الشَّنيعة في القتل الجماعيّ واستعباد النساء والأولاد والسرقة والنهب.

عندما شارف يعقوب على الموت، تنبَّأ عن كلِّ واحدٍ من أبنائه الإثني عشَر. هذا ما قاله عن شمعون ولاوي: “شِمْعُونُ وَلَاوِي أَخَوَانِ، آلَاتُ ظُلْمٍ سُيُوفُهُمَا. فِي مَجْلِسِهِمَا لَا تَدْخُلُ نَفْسِي. بِمَجْمَعِهِمَا لَا تَتَّحِدُ كَرَامَتِي. لِأَنَّهُمَا فِي غَضَبِهِمَا قَتَلَا إِنْسَانًا، وَفِي رِضَاهُمَا عَرْقَبَا ثَوْرًا. مَلْعُونٌ غَضَبُهُمَا فَإِنَّهُ شَدِيدٌ، وَسَخَطُهُمَا فَإِنَّهُ قَاسٍ. أُقَسِّمُهُمَا فِي يَعْقُوبَ، وَأُفَرِّقُهُمَا فِي إِسْرَائِيل” (تكوين ٥:٤٩-٧). لقد رأى يعقوب شمعون ولاوي على حقيقتهما، ولكنَّه وبَّخهما بعد فوات الأوان.

تحققت كلمة الله النبويَّة التي تنبَّأَ بها يعقوب بالكامل. فقد قسم الله بالفعل سبطَي شمعون ولاوي وشتَّتهما بين الإسرائيليِّين. ولكن الجدير بالملاحظة أن هذا التقسيم والتشتت حدثا بطريقةٍ مُختلِفة لكلِّ سبطٍ.

انحل سِبطُ شمعون تدريجيًا بسبب عدم أمانتهم، وأُدمِج في النهاية في أراضي سبط يهوذا.

شُتِّت سِبطُ لاوي، لكن بسبب أمانتهم حينما صُنِعَ ذلك العجل الذهبيّ (خروج ٢٦:٣٢-٢٨)، انتشر بين جميع الأسباط كبركةٍ لجماعة إسرائيل.

تشتَّت كلاهما، إلَّا أنَّ واحدًا كان بركة والآخَر لعنة.

يمكننا استقبال تأديب الرب إما كبركة أو لعنة. إذا تواضعنا بأمانة تحت يد الله القديرة، فإن تأديبه يمكن أن يصبح مصدرًا للبركة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

فَقَالَ: «مَاذَا مِنْكَ كُلُّ هذَا الْجَيْشِ الَّذِي صَادَفْتُهُ؟» فَقَالَ: «لأَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي». فَقَالَ عِيسُو: «لِي كَثِيرٌ، يَا أَخِي. لِيَكُنْ لَكَ الَّذِي لَكَ».

في المرة الأخيرة التي كان يعقوب فيها مع أخيه عيسو، سمع توأمه يتوعد بقتله في أقرب فرصة ممكنة. وكان هذا التهديد كافيًا لدفع يعقوب إلى الفرار شرقًا، حيث التقى في النهاية بعائلة والدته وتزوج منها.

الآن، وبعد مرور عشرين عامًا، عاد يعقوب إلى كنعان، مدركًا أنه سيواجه عيسو. فامتلأ خوفًا، متذكرًا تهديدات عيسو، ومدركًا أن أخاه كان من النوع الذي يمكنه بسهولة تنفيذ أي وعد يقطعه مهما كان عنيفًا.

نِعْمَة الْقَوْل: عِندِي مَا يَكْفِي!

كان يعقوب يأمل في استرضاء عيسو بالهدايا. ووفقًا لتكوين ١٣:٣٢-٢٠، تضمنت هدية يعقوب ٢٢٠ عَنْزَة، و٦٠ جملًا، و٤٠ بقرة، و١٠ ثيران، و٣٠ حمارًا. وبعد أن تلقى عيسو الهدايا والتقى أخيرًا بيعقوب، سأله قائلًا: «مَاذَا مِنْكَ كُلُّ هذَا الْجَيْشِ الَّذِي صَادَفْتُهُ؟» أربكت عطايا يعقوب السخيَّة عيسو. لم يتوقَّع عيسو ذلك، وهذا يشير إلى أن عيسو لم يشعر بتفوق على يعقوب ولم يعتقد أن يعقوب كان مدينًا له بأي شيء.

إن الجمال الحقيقي لشخصية عيسو يتجلى في رده على يعقوب: «لِي كَثِيرٌ» (عندي ما يكفي). لقد رفض عيسو في البداية هدية أخيه السخية لأنه كان راضيًا بما يملك. لم يكن عيسو مهووسًا برغبته في المزيد؛ بل كان يشعر حقاً بالرضا عما يملك.

إنه لأمر رائع أن يقول كل مؤمن: «لِي كَثِيرٌ». وهذا يعكس جوهر ما وصفه بولس في ١ تيموثاوس ٦:٦ وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ. ورغم أن هذا الرضا الإلهي أمر حيوي، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيقه لأسباب مختلفة.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» لا يكون ممكنًا حقًا إلا عندما يكون القلب راسخًا في الأمور الأبدية؛ والرضا أمر حيوي لأنه يثبت أننا نعيش في منظور أبدي، بدلًا من السعي وراء بناء حياة مريحة على الأرض.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» أمر صعب، لأن ثقافتنا الاستهلاكية تعمل على تعزيز شعورنا بعدم الرضا، من خلال مكافأتنا عندما نكون غير راضين، ومن خلال الإعلانات التي تحاول أن تجعلنا نشعر بعدم الرضا ما لم نقم بشراء منتج أو تجربة معينة.

إن قول عبارة «لِي كَثِيرٌ» أمر صعب، لأننا نرغب دائمًا في الحصول على أكثر بكثير مما نحتاجه.

قد يزعم العديد من المؤمنين بسهولة أنهم يتمتعون بهذا الرضا، لكن حقيقة رضاهم تنعكس غالبًا بشكل أكثر دقة في عاداتهم في الإنفاق والتسوق. فكر في هذه الأسئلة: ما مدى أهمية الدور الذي يلعبه التسوق والشراء في حياتك؟ كيف يؤثر فقدان الممتلكات المادية على سعادتك؟ ما مقدار الفرح الذي تستمده من اقتناء الأشياء المادية؟

أظهر السلام والاكتفاء اللَّذَان تمتَّع بهما عيسو بأنَّه رجلٌ مُبارَكٌ بشكلٍ ملحوظ، بالرغم من عدم حصوله على الوعد في العهد الإبراهيميّ كما كان يتمنَّى.

أصلي أن تنعم بالهبة الرائعة المتمثلة في قدرتك على القول: «لِي كَثِيرٌ».

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

الجزء الأهمّ من الصلاة

وَقَالَ يَعْقُوبُ: «يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي الأُمَّ مَعَ الْبَنِينَ. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ لِلْكَثْرَةِ». (تكوين ٩:٣٢-٢١)

قال أحدهم ذات مرّة: ’لا يسعكَ العودة إلى الديار مُجددًا،‘ والمقصود بذلك أننا لا نستطيع أبدًا العودة حقًا إلى الطريقة التي كانت عليها الأمور في الماضي. ومع ذلك، بعد ٢٠ عامًا، حاول يعقوب العودة إلى منزله، وهو يعلم أن أخاه عيسو تعهد بقتله، مما أجبر يعقوب على الفرار للنّجاة بحياته. ومع ذلك، لم يستطع يعقوب البقاء بعيدًا عن أرض الموعد إلى أجل غير مسمى، لذلك في سفر التكوين ٣٢، عاد إلى كنعان لمواجهة ماضيه ومستقبله.

لم يستجب يعقوب جيدًا في البداية لضغط العودة إلى وطنه. وبعد ردَّة فعله الأوَّليَّة المملوءة بالخوف وعدم الإيمان، قام يعقوب بفعل الصواب. مَثُلَ أمام الرَّبِّ وصلَّى صلاة مملوءة بالإيمان وبالشكر وبكلِمة الله.

أولًا، لاحظ كيف احتوت صلاة يعقوب على كلمة الله: ’الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ٣:٣١)؛ ’وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ‘ (ما قالَهُ له الله في تكوين ١٣:٢٨-١٥). إن استخدام كلمة الله في الصلاة أمر في غاية الأهمية، والعديد من صلواتنا تفشل لأنها تفتقر إلى كلمة الله. وغالبًا ما تفتقر صلواتنا من كلمة الله لأن كلمة الله غير ساكنة فينا. لقد أحسن يعقوب فعلًا بتذكَّر ما قالَهُ له الله.

ثانيًا، كانت صلاة يعقوب مُمتلِئة بالشكر. قال: ’صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ.‘ عرف يعقوب أنَّه لا يستحقُّ ما عمِله الله من أجله أو ما طلبهُ الله منه أن يعملَهُ، لكنَّه اعتمد على وعد الله وليس على استحقاقه.

ثالثًا وأخيرًا، كانت صلاة يعقوب مليئة بالإيمان. فصلى قائلًا: ’نَجِّنِي.‘ لقد طلب يعقوب بجرأةٍ من الله أن يفعل شيئًا بناءً على وعد الله نفسه.

بغض النظر عن مدى روعة صلاة يعقوب، فإن حقيقتها ستظهر بعد الصلاة. فالصلاة الحقيقية، الصلاة القوية، تغيرنا بالكامل. وبالتالي، نستطيع أن نخرج بعد الصلاة مستعدين لمواجهة ظروفنا بعقلية متجددة. سُئِل جورج مولر (George Mueller)، رجُل الإيمان والصلاة العظيم، ذات مرَّةٍ عن الجزء الأهمّ من الصلاة. فأجاب: ’خمسَ عشرةَ دقيقة بعد كلمة آمين.‘

صلِّ اليوم مستخدمًا كلمة الله، صلِّ بشكر، وصلِّ بإيمان. والأهم من ذلك كله، تمسك بإيمانك بعد الانتهاء من الصلاة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

فَسَمِعَ كَلاَمَ بَنِي لاَبَانَ قَائِلِينَ: «أَخَذَ يَعْقُوبُ كُلَّ مَا كَانَ لأَبِينَا، وَمِمَّا لأَبِينَا صَنَعَ كُلَّ هذَا الْمَجْدِ». وَنَظَرَ يَعْقُوبُ وَجْهَ لاَبَانَ وَإِذَا هُوَ لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. (تكوين ١:٣١-٢)

تكشف الآية الأخيرة من سفر التكوين ٣٠ أن يَعْقُوب أصبح رجلًا ناجحًا وثريًا بفضل نعمة الله. ومع ذلك، فإن الرخاء غالبًا ما يثير الْحَسَد لدى الآخرين، وهذا ما حدث بالضبط مع يعقوب. فمع ازدياد ثروته، بدأ أبناء لاَبَان يغارون منه.

خَطِيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة

بدافع الْحَسَد، نشر أبناء لاَبَان أكاذيب عن يَعْقُوب ومصدر ثروته. وزعموا أن يَعْقُوب أخذ كل ما كان لأبيهم. في الواقع، لم يأخذ يعقوب شيئًا من لاَبَان، بل كانت ثروته ببساطة تنمو بسرعة أكبر من ثروة لاَبَان. لم تكن القضية الحقيقية هي السرقة، بل الْحَسَد الذي يكنيه أبناء لاَبَان.

الْحَسَد خطية ضارة وخبيثة وتشوه الحقّ. ورغم أن يَعْقُوب لم يأخذ شيئًا من لاَبَان، إلا أن الْحَسَد يمكن أن يدفع الناس إلى اختلاق الأكاذيب، وبالتالي، ادعى أبناء لاَبَان كذبًا أن يَعْقُوب ’أَخَذَ كُلَّ مَا كَانَ لِأَبِينَا.‘

والأسوأ من ذلك أن حَسَد أبناء لاَبَان بدأ يسمّم قلبَ لاَبَان وحوَّلوه ضدَّ يَعْقُوب. وبمرور الوقت، تغير موقف لاَبَان تمامًا، وأصبح مستاءً من يَعْقُوب. في السابق، كان لاَبَان راضيًا عن اتفاقه مع يعقوب (تكوين ٣٠: ٣٤). الآن، وبسبب سُمّ الْحَسَد، أصبح غير راضٍ بترتيبهما.

الْحَسَد ضار ليس فقط في حد ذاته، بل أيضًا بسبب تأثيراته الضارة المصاحبة. وكما هو مذكور في ١ كورنثوس ٣:٣، غالبًا ما يكون الْحَسَد مصحوبًا بالخِصَام والانشِقَاقات والسلوك بحسب الجسد وليس الروح. ويوضح يعقوب ١٦:٣ أيضًا أن الْحَسَد يولد الأنانية والتَّشْوِيش وكل أنواع الشرور. وعلى النقيض من ذلك، فإن الْمَحَبَّة لاَ تَحْسِد (كورنثوس الأولى ٤:١٣)، ويريد الله أن يحرر شعبه من الْحَسَد، واعتباره جزءًا من ماضيهم، وليس حاضرهم (تيطس ٣:٣).

الْحَسَد ليس خطيَّة بسيطة. في الواقع، لقد لعب الْحَسَد دورًا في إرسال يَسُوع إلى الصليب. فعندما أحضر القادة اليهود يَسُوع أمام بِيلاَطُس الْبُنْطِيّ طالبين إعدامه، أدرك بِيلاَطُس أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا (متى ١٨:٢٧).

أخي/أختي العزيزة في المسيح، افحص قلبك وانظر إن كان فيه أي أثر لخطيَّة الْحَسَد؟ وسأل نفسك: هل تستاء من نجاح الآخرين؟ هل تشتهي ما لغيرك؟ هل تستمتع بفشل الآخرين؟

الْحَسَد ليس خطيَّة يمكن الاستخفاف بها أو الانغماس فيها بأي شكل من الأشكال. وبإدراكنا لقوة هذه الخطية المدمرة، يتعين علينا أن نطلب معونة الروح القدس للتعامل بصرامة معها. إن العيش بدون حَسَد هو الحرية الحقيقية، لأنك حينها ستكون قادرًا على الابتهاج بـنجاح الآخرين وازدهارهم، وستكون قادرًا أيضًا على التعامل مع مواسمك الخاصة من الصراعات.

اجعل هذه الكلمات صلاتك اليوم: “يا رب، افحص قلبي، وحررني دومًا من قبضة خطيَّة الْحَسَد الْخَبِيثَة.”

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك