مِنْ مَلْعُون إِلَى مُبَارَك

طُوبَى (متى ٣:٥)

القسم الافتتاحي من الموعظة على الجبل يسمى التطويبات، أي البركات. في هذا المقطع، يكشف يسوع صفات ورغبات أولئك الذين ينتمون إلى ملكوته. إن تلاميذه يتعلمون ويستمرون في تطوير السمات الشخصية التي يصفها يسوع.

بدأ يسوع هذه التعاليم الشهيرة قائلًا ببساطة: طُوبَى. لقد وعد تلاميذه بالبركة؛ وأعلن أولًا أن الْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ هم مباركون. الكلمة اليونانية التي تعني ’مبارك‘ تنقل فرحًا إلهيًا عميقًا – إشباعًا حقيقيًا يتجاوز الراحة المؤقتة أو الترفيه العابر.

تُستخدم الكلمة اليونانية نفسها التي تعني ’مُبَارَك‘ لوصف الله في رسالة تيموثاوس الأولى ١١:١ ’حَسَبَ إِنْجِيلِ مَجْدِ اللهِ الْمُبَارَك.‘ أوضح ويليام باركلي أن هذه الكلمة تعني فرحًا عميقًا، ثابتًا، ومستمرًا بذاته – فرحًا يبقى ثابتًا، لا يتأثر بظروف الحياة وتقلباتها.

اعتقد أن الجميع يتمنى هذا النوع من السعادة. لقد تحدث يسوع عن فرح يتجاوز الإثارة العابرة أو هروب مؤقت من الملل. تصف التطويبات حياةً مليئةً بالبركة الحقيقية – سعادةً دائمةً بغض النظر عن الاضطرابات السياسية، أو عدم الاستقرار الاقتصادي، أو المصاعب الشخصية. هذا النوع من السعادة يتجذر في علاقةٍ صحيحة مع الله والآخرين، لا في السلطة أو الممتلكات.

عرف يسوع الكثير عن هذا النوع من البركة. يتحدث متى ٣٤:٢٥ عن يوم الدينونة، عندما يرحب يسوع بشعبه قائلًا: “تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.” في ذلك اليوم، سيميز يسوع بين المبارك والملعون. ويمكننا القول أيضًا أنه لم يختبر أحد نعمة أعظم من يسوع نفسه، وهو وحده يعلم تمامًا معنى أن يعيش المرء حياة مباركة حقًا.

نرى أيضًا أن يسوع قال: “طُوبَى” (بصيغة المضارع) وليس “طُوبَى” (بصيغة المستقبل). وهذا يدل على أن الفرح والاكتمال اللذين يصفهما ليسا مجرد وعود للمستقبل، بل بركات نختبرها الآن. ومع أن هذه البركات ستتحقق بالكامل في الأبدية، إلا أنها ستكون جزءًا من حياتنا اليوم.

هل لاحظتَ يومًا الكلمات الأخيرة في العهد القديم؟ آخر فكرة قدمها العهد القديم كانت لعنة – ينتهي ملاخي 6:4 بـهذه الكلمات: “لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ.” في المقابل، ما أجمل أن تكون الكلمة الأولى في عظة يسوع التأسيسية في العهد الجديد هي ’طُوبَى‘ (أو مُبَارَك).

لقد ألقت الخطية لعنةً على الأرض، طالت كل شيء – الناس، والطبيعة، والسياسة، والاقتصاد. حتى أفكارنا وأحلامنا تحمل بصماتها. ومع ذلك، يُقدّم لنا يسوع طريقًا أفضل – حياةً مباركةً. إذا أصغينا إليه، يُمكننا أن نعيش كمواطنين في ملكوته بدلًا من أن نكون مقيدين بلعنة هذا العالم. الآن هو الوقت المناسب لسماع صوته، واتباعه، واختبار حياة البركة التي يُقدّمها.

 اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ٥ 

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيس

ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيس. (متى ١:٤)

في ختام متى ٣، اتّحد يسوع مع الخطاة بخضوعه للمعمودية، رغم عدم حاجته الشخصية إليها. والآن، في متى ٤، سوف يتحد المخلص الكامل مجددًا مع البشرية الساقطة، ولكن هذه المرة من خلال تجربة صعبة. كانت هذه التجربة جزءًا ضروريًا من خدمته، لذلك أصعده الرُّوحِ ليُجَرَّبَ فِي الْبَرِّيَّة.

كان هناك تباينًا ملحوظًا بين المجد الذي أعقبَ معمودية يسوع، والتحدي بأن يُجَرَّب مِنْ إِبْلِيس.

  • من مياه الأردن العذبة إلى البرية القاحلة
  • من صُحبة الجموع الغفيرة إلى سكون الوحدة
  • من نزول الروح اللطيفة كالحمامة إلى الاندفاع المُلحّ نحو البرية
  • من صوت الآب مُعلنًا ’ابْني الْحَبِيب‘ إلى همسات الشيطان المُجَرِّب
  • من مسحة الروح إلى هجوم العدو
  • من مياه المعمودية إلى نار التجربة
  • من السماوات المُنفتحة فوقه إلى أبواب الجحيم التي تبدو وكأنها مفتوحة ضده

ولكن كل ذلك كان ضروريًا وبتوجيه من الروح. لم يكن يسوع بحاجة لأن يُجرَّب لينمو روحيًا، لأنه كامل. بدلاً من ذلك، فقد تحمل التجربة حتى يتحد معنا (عبرانيين ١٨:٢و ١٥:٤)، وليكشف عن طبيعته الخالية من العيوب والخطية.

الروح القدس لا يُجَرِّبنا (يعقوب ١٣:١)، ولكنه قد يقودنا إلى مواقف لنُجرَّبَ فيها. وهذا ليس لإعلام الله – فهو يعرف كل شيء – بل لنكون شهادة لأنفسنا وللكائنات الروحية التي تراقبنا.

إن التجربة أمر لا مفر منه بالنسبة لنا جميعًا. ولكن تجربة يسوع كانت أشد وطأة، لأنه دخل في مواجهة مباشرة مع الشيطان نفسه، في حين نشتبك نحن بشكل أساسي ضد شياطين أقل مرتبة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يشعر الشخص بالراحة عندما يستسلم للتجربة – لكن يسوع لم يفعل ذلك أبدًا. ونتيجة لذلك، فقد تحمَّل ثقل التجربة بالكامل بما يتجاوز بكثير ما سنختبره على الإطلاق.

يُشار إلى هذا الحدث غالبًا باسم ’تجربة يسوع،‘ لكن العديد من المفسرين يرون أن ’اختبار يسوع‘ قد يكون أدق. فالكلمة اليونانية المترجمة ’تجربة‘ هنا تُفهم بشكل أفضل على أنها ’اختبار أو امتحان.‘ وفي حين أن كل تجربة هي نوع من الاختبار أو الامتحان، ولكن ليس كل اختبار بالضرورة هو تجربة. في هذه الحالة، اختبر يسوع كلا الأمرين – فقد اختُبر من خلال صيامه الطويل في البرية، وجُرب من الشيطان لفعل الشر.

أيها الأخ (الأخت) العزيز في يسوع المسيح، سوف تتعرض للتجربة والاختبار – ومن المرجح أن تختبرها حتى تُدعى إلى المجد. إذا كان مخلصنا قد احتمل هذه التجارب لمجد الله، فلا ينبغي أن نستغرب عندما نضطر نحن أيضًا إلى اجتيازها.

بينما تُواصل قراءة متى ٤، سترى كيف استجاب يسوع عندما جرّبه إبليس – بالثبات في قوة وحكمة كلمة الله. عندما تواجه التجربة، يمكنك أنت أيضًا مقاومتها بالاعتماد على الحق والقوة الموجودين في الكتاب المقدس!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

الكلمة الأولى في الإنجيل

وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ قَائِلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. (متى ١:٣-٢)

يقدم متى واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام في العهد الجديد: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان. ويروي لوقا ١ ميلاد يوحنا المعجزي لزكريا وأليصابات، وهما زوجان تجاوزا سن الإنجاب بفترة طويلة. وحتى قبل ولادته، تم اختيار يوحنا ليكون نَذير المسيح، كما هو موضح في لوقا ١.

كان يوحنا يَكْرِزُ … قَائِلًا: تُوبُوا، مؤكدًا على رسالة التوبة. يربط كثير من الناس التوبة بالعواطف، وخاصة الشعور بالأسف على خطاياهم. وفي حين أن الحزن على الخطية أمر مهم، فإن كلمة التوبة تتعلق بالعمل أكثر من العاطفة. كانت دعوة يوحنا للناس لتغيير عقليتهم واتجاههم، وليس مجرد الشعور بالندم. تتضمن التوبة الحقيقية تحولًا في السلوك، وليس مجرد شعور بالندم.

هل التوبة أمر لابد أن نقوم به قبل أن نأتي إلى الله؟ الإجابة هي نعم ولا. فالتوبة لا تصف شرطًا مسبقًا للقدوم إلى الله؛ بل تصف طبيعة القدوم إلى الله. إذا طلبت منك أن تذهب من نيويورك إلى لوس أنجلوس، فلا داعي أن أقول لك: “اترك نيويورك واذهب إلى لوس أنجلوس.” فالذهاب إلى لوس أنجلوس يعني بالضرورة مغادرة نيويورك. وبالمثل، لا يمكننا دخول مَلَكُوتُ السَّماوَات دون أن نبتعد عن الخطية والحياة الأنانية.

إن الدعوة إلى التوبة أمر أساسي ويجب عدم إغفاله. في الواقع، يمكن اعتبارها الكلمة الأولى في رسالة الإنجيل.

  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى في بشارة يوحنا المعمدان (متى ١:٣-٢).
  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى في الإنجيل الذي بشّر به يسوع (متى ١٤:٤ ومرقس ١٤:١-١٥).
  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى في خدمة التلاميذ الاثني عشر (مرقس ١٢:٦).
  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى في المأمورية التي أعطاها يسوع لتلاميذه بعد القيامة (لوقا ٤٦:٢٤-٤٧).
  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى في أول عظة للكنيسة (أعمال الرسل ٣٨:٢).
  • تُوبُوا كانت الكلمة الأولى التي أكد عليها بولس في خدمته (أعمال الرسل ١٩:٢٦-٢٠).

أراد يوحنا أن يُعّرف الناس أن مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ كان قريبًا جدًا؛ لم يكن بعيدًا أو من ثمر خيالهم. ولهذا السبب كان يوحنا مُلّحًا في دعوته إلى التوبة. فإذا كان مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ قريبًا جدًا، فيجب علينا الاستعداد فورًا.

رسالة يوحنا الأساسية لم تكن: ’أنت خاطئ وبحاجة إلى التوبة.‘ كانت رسالته الأساسية هي: ’المسيا المَلك آتٍ.‘ فكانت الدعوة إلى التوبة بمثابة الرد على خبر اقتراب الملك ومملكته.

لا توجد طريقة أفضل للاستعداد لمجيء المسيح من العيش في حالة من التوبة المستمرة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

يَسُوع النَّاصِرِيّ

وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا». (متى ٢٣:٢)

تصف هذه الآية طفولة يسوع، وتسلط الضوء على القرار غير المتوقع الذي اتخذه يوسف بعد أن أخذ ومريم يسوع إلى مصر هربًا من غيرة هيرودس القاتلة – أَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَة، مسقط رأسهما. وكان هذا ملفتًا للنظر لأن الناصرة كانت مدينة غير ملفتة للنظر، وكانت المكان الذي عرف فيه الجميع مريم ويوسف والظروف الغريبة التي احاطت بميلاد ابنهما.

كانت الناصرة مدينة غير محاطة بأسوارٍ وغير محصنة، وذات سمعة سيئة إلى حد ما، حتى أن نَثَنَائِيل تساءل: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» (يوحنا ٤٦:١). هناك دائمًا مدينة أو قرية ينظر إليها الناس باستخفاف – مكان يسخر منه الآخرون ويحتقرونه. وغالبًا ما يتم تصنيف الناس من مثل هذه الأماكن على أنهم غير مثقفين، وعفا عليهم الزمن، ويفتقرون إلى الذكاء. كانت الناصرة على وجه التحديد هذا النوع من الأماكن.

ألا يبدو من المناسب أكثر أن ينشأ المسيح في أورشليم، بالقرب من الهيكل، محاطًا بأهل العلم والنفوذ في عصره؟ ومع ذلك، ووفقًا لخطة الله، جاء يسوع من مكان صغير لا أهمية له، مكان ليس ذائع الصيت، بل سمعته سيئة. هذا هو المكان الذي نشأ فيه يسوع ونضج حتى بلغ سن الرشد.

فكر في الأمر: سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا. في خطة الله، نشأ المسيح في هذه البلدة المُحتقرة إلى حدٍ ما. وفي الواقع، سيُعرف يسوع باسم ’يسوع الناصري‘ وسيُطلق على أتباعه اسم ’الناصريين.‘

عندما ظهر يسوع لبولس في طريقه إلى دمشق – بعد قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الله الآب في المجد – قدَّم نفسه إلى بولس قائلًا: ’أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ‘ (أعمال الرسل ٨:٢٢). كان لا يزال نَاصِرِيًّا.

في أعمال الرسل ٥:٢٤، قال متهمي بولس للقاضي: ’فَإِنَّنَا إِذْ وَجَدْنَا هذَا الرَّجُلَ مُفْسِدًا وَمُهَيِّجَ فِتْنَةٍ بَيْنَ جَمِيعِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي الْمَسْكُونَةِ، وَمِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ.‘ “وكان المؤمنون لا يزالون يُعرفون بارتباطهم بيَسُوع النَّاصِرِيّ.

نشأ يسوع في الناصرة، ونضج في مرحلة الصبا وأصبح شابًا بالغًا. وباعتباره الابن الأكبر، قام بمسؤولياته العائلية. ثم في وقت ما اختفى يوسف من المشهد وأصبح يسوع ’رجل البيت.‘ ففي الناصرة، عَمِل في تجارته، ودعَّم عائلته، وأحب إلهه، وأثبّت أنه أمين في ألفٍ من الأمور الصغيرة قبل أن ينخرط رسميًا في خدمته المعينة.

ومع ذلك، لن يشعر أحد بالخوف من مقابلة رجل من الناصرة. بل سيكون الميل الطبيعي هو افتراض التفوق على شخص من هذه المدينة المحتقرة.

ولكي نستطيع أنا وأنت وكل الناس أن نأتي إليه بحرية، أخذ يسوع لقبًا محتقرًا وحوله إلى شيء مجيد من خلال تواضعه: إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مُخَلَّصُون مِنْ الْخَطِيَّة

فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ. (متى ٢١:١)

’هل نلت الخلاص؟‘ يُطرح هذا السؤال مرات لا حصر لها يوميًا، ومع ذلك فإن السائل والمجيب غالبًا ما يفشلان في التفكير في معناه الحقيقي. إن ’الخلاص‘ يعني الحاجة إلى الإنقاذ من خطر حقيقي أو خطر محدق – إنه ليس مفهومًا بلا معنى. وكما أنه من المنطقي أن يقدم منقذ المساعدة لسبّاح يغرق، فإن سؤال الخلاص لا يكون ذا صلة إلا إذا كان هناك شيء يجب إنقاذه. ومع ذلك، إذا سأل منقذ سبّاحًا غير مصاب عما إذا كان بحاجة إلى الإنقاذ، فسيبدو السؤال غير ضروري.

عندما نتحدث عن الخلاص الروحي، ما الذي يخلص منه الناس بالضبط؟ ما الذي يهدد البشرية إلى هذا الحد حتى يرسل الله ابنه ليخلصها؟

إن إحدى الحقائق الرئيسية في الكتاب المقدس هي أن شعب الله قد خَلُص من الخطية. عندما أخبر الملاك جبرائيل يوسف أن الله اختار مريم لكي تحبل وتلد المسيح بطريقة معجزية، أعطاه الملاك تعليمات محددة فيما يتعلق باسمه: فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم. وتوضح رسالة يوحنا الأولى ٥:٣ “وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا.” لقد جاء يسوع ليخلصنا من الخطية.

نحن بحاجة إلى الخلاص من خطايانا. تضعنا الخطية في خطر جسيم – فهي تفصلنا عن الله، وتشوه صورته فينا، وتجعلنا مذنبين أمام عدالته الكاملة. كما تدمر الخطية علاقاتنا مع الآخرين. فمن ناحية، فإن جوهر الخطية هو الأنانية – وهي رغبة أنانية وعنيدة تفسد كل جزء من كياننا وتؤثر على العالم من حولنا.

قبل أن يخوض أبراهام لينكولن غمار السياسة، كان مواطنًا بارزًا في سبرينغفيلد، إلينوي. ذات يوم، امتلأ الشارع بأصوات صراخ أطفاله العالية، مما لفت انتباه أحد الجيران القلقين. فهرع إلى الخارج للتحقق من الأمر، فوجد لينكولن واقفًا مع ولديه، وكلاهما يبكيان بلا توقف. فسأل: “ما الذي حدث للأولاد يا سيد لينكولن؟” فأجابه لينكولن بنبرة من الحزن في صوته: “ما الذي حدث للعالم أجمع؟ لدي ثلاث حبات جوز، وكل ولد يريد حبتين.”

إن تصريح لينكولن يحمل في طياته حقيقة لا يمكن تجاهلها. فأصل كل شر في العالم تقريبًا هو الرغبة الأنانية. إن خطة الله هي تغيير قلوبنا، وإبعادنا عن رغباتنا الأنانية، وتزويدنا بالقوة اللازمة للتغلب على الخطية. لقد جاء يسوع ليخلصنا من الخطية ومن طغيان إرادتنا من خلال نعمته.

هل قبلت اليوم نعمة الله التي تساعدك على الابتعاد عن شهواتك الأنانية؟ حول عينيك إلى يسوع وأطلب نعمته. على الرغم من أنك قد لا تستحقها، إلا أن النعمة تُمنح مجانًا، وليس على أساس استحقاقنا. الَّذِي بِهِ، لأَجْلِ اسْمِهِ، قَبِلْنَا نِعْمَةً (رومية ٥:١). يستطيع المسيح أن يخلصك من عقوبة الخطية، ويكسر قوة الخطية، وفي يوم ما، يحررك من حضورها بالكامل.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لإنجيل متى الإصحاح ١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

اللهُ قَصَدَ بِهِ خَيْرًا

أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا. (تكوين ٢٠:٥٠)

بعد موت يعقوب، خاف إخوة يوسف من أن يستغل سلطته ومكانته في مصر لينتقم منهم بعد أن باعوه كعبد وتركوه للموت.

بحسب المنظور البشريّ، كان لِيوسُف الحقَّ والقُدرة على الانتقام من إخوته، لكنَّه كان مُوقِنًا بأنَّ الله وحده هو صاحب السيادة، وأن العدالة هي من حقه هو، وليس من حق يوسف.

ومع ذلك، لم يقلل يوسف من شأن الخطأ الذي ارتكبه إخوته. بل قال ببساطة: ’أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا.‘ ورُغم صحَّة هذا الكلام، إلا أنه لَم يكُن يُمثِّل الحقيقة الأعظَم. فالحقيقةُ العُظمى كانت أنَّ ’اللهُ قَصَدَ بِهِ خَيْرًا.‘

ينبغي على كلِّ مؤمن أن يرى ويُدرِك يدَ الله القادِرة والـمُسيطِرة في حياته؛ وأن يعلَم أيضًا أنَّهُ مهما جاءَ الإنسان بالشرِّ ضدَّه، سيستخدِمَه الله للخير. لَم يكُن يوسُف يمتلِك النصَّ في رسالة رومية ٢٨:٨، لكنَّه امتلك الحقَّ الَّذي يعنيه: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. للأسَف، هناك الكثيرون مِمَّن يمتلِكون النصَّ الكتابيّ لكنَّهم لا يعرفون الحقَّ.

في نهاية المطاف، حياتنا ليست في أيدي الناس، بل في يدَي الله الَّذي يفرِض سلطانَهُ ويتحكَّم بكلِّ الأشياء لِمَجده.

يُحكى عن خادم مُتقدِّمٍ في السنِّ يمتلِك موهبة خاصة لتعزية المحزونين والـمُحبطين. كان يحمِل في كتابه المقدَّس علامة مرجعية متهالكة من خيوط الحرير مكتوب عليها عبارة. كانت الخيوط على خلفيتها مُتشابكة وفوضوية وبلا معنى. فكان غالِبًا ما يحمل العلامة ويُريه للشخص الَّذي يُعاني من مشاكِل عدَّة ويسأله إن كانت تعني أيَّ شيءٍ بالنسبة له. لَم يستطِع أحدٌ فَهمَ معناها طبعًا. ولكن عندما يقوم الخادم بقلبها، تظهر أحرف بيضاء على خلفيَّةٍ سوداء تقول: ’الله محبَّة.‘ عندما تبدو الأحداث في حياتنا مُتشابكة وبلا معنى، فذلك لأنَّنا نرى فقط جزءًا من هذا النَّسيج في هذه الحياة المتشابِكة.

كان هناك نَّتيجة فوريَّة صَّالِحة لهذه الحالَة: لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا. لَو لَم تأتِ هذه العائلة الكبيرة إلى مصرَ وتعيشَ هُناك، لهلكوا في المجاعة. ولَو استطاعت العائلة أن تنجو بالكاد من المجاعة، لَكان من الـمُمكِن انصهارهم بين عشائر الكنعانيِّين المحيطين بهم. لذلك نرى أنَّ نزولَهُم إلى مصرَ كان المخرجَ الوحيد الَّذي يؤمِّن حِفظَهُم واستمراريَّتهُم ونموَّهُم إلى أُمَّةٍ مُنفصِلة.

لقد أدى الشر الذي فعله إخوة يوسف إلى سلسلة من الأحداث التي أدت في نهاية المطاف إلى نجاة وصمود الشعب اليهودي، وبالتالي مجيء يسوع المسيح وفقًا لخطة الله.

أشكر الله أن الخطية التي يرتكبها الآخرون ضدنا ليست هي الكلمة الأخيرة أبدًا. فالله هو صاحب الكلمة الأخيرة، وبالتالي يمكن للمؤمنين أن يغفروا لمن أخطأوا إليهم. هل يمكنك أن تقول ذلك؟ ’اللهُ قَصَدَ بِهِ خَيْرًا.‘

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٥٠

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

كيف تُصَوِّب بثبات

وَلَكِنْ ثَبَتَتْ بِمَتَانَةٍ قَوْسُهُ، وَتَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ. مِنْ يَدَيْ عَزِيزِ يَعْقُوبَ، مِنْ هُنَاكَ، مِنَ الرَّاعِي صَخْرِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ إِلَهِ أَبِيكَ الَّذِي يُعِينُكَ، وَمِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي يُبَارِكُكَ. (تكوين ٢٤:٤٩-٢٥أ)

يسجل تكوين ٤٩ بركة يعقوب النبويّة الرائعة على بني إسرائيل. وفي الجزء الموجه إلى يوسف، يبرز جانبان رائعان.

نرى الجانب الأول في الصورة وراء العبارة: وَتَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ. مِنْ يَدَيْ عَزِيزِ يَعْقُوبَ. في وقت سابق، صوّر يعقوب أعداء يوسف شعريًا على أنهم رماة يهاجمونه بلا هوادة (تكوين ٢٣:٤٩). ومع ذلك، لم يُهزم يوسف، فقد ظلت قَوسُه قوية وثابتة (وَلَكِنْ ثَبَتَتْ بِمَتَانَةٍ قَوْسُهُ). ما هو مصدر قوته؟ إنها يد إله يعقوب القوي (تَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ. مِنْ يَدَيْ عَزِيزِ يَعْقُوبَ).

تخيل هذه الصورة: أب يساعد ابنه في رمي القوس والسهم. يفتقر الطفل إلى القوة والمهارة اللازمة للتعامل معهما بشكل صحيح، لذا يضع الأب يديه بلطف على ابنه، ويثبت قبضته ويشددها. بنفس الطريقة، كانت يدا الله على يوسف، فمنحته القوة والمهارة حتى عندما لم يكن مدركًا لذلك. تنطبق هذه الحقيقة عليك أيضًا.

نرى الجانب الثاني في الألقاب الخمسة الرائعة التي استخدمها يعقوب لوصف الله هنا. تكشف هذه الأسماء عن فهم أعمق لطبيعة الله. وبينما تتأملها، فكر في هذا السؤال: “هل اختبرت الله بهذه الطريقة؟”

– عَزِيزِ يَعْقُوبَ: إنه إله القوة والجبروت الحقيقي، وَهُوَ قَرِيبٌ جدًا.

– الرَّاعِي: إنه الإله الذي يرعى شعبه بأمانة وبكل حنان.

– صَخْرُ إِسْرَائِيل: إنه الأساس الذي لا يتزعزع لشعبه، بشكل فردي ومجتمعي.

– إِلَهُ أَبِيكَ: إنه الإله الذي يتمتع بتاريخ رائع من الأمانة عبر الأجيال.

– الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ: إنه الإله الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ويسود على الجميع. إنه الإله القدير العجيب الَّذِي سوف يُبَارِكُكَ، ويجلب صلاحه ونعمته إلى حياتك.

إن هذه الألقاب مجتمعة تعكس فهمًا أعمق وأكثر شخصية لله من الإشارات السابقة ليعقوب، الذي قال في تكوين ٥٣:٣١ “إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أو هَيْبَةِ (مَخَافَة) أَبِيهِ إِسْحَاق.” ركزت تلك الألقاب على علاقة الله بأسلاف يعقوب، إبراهيم وإسحاق، وليس بيعقوب نفسه. ولكن الآن، في تكوين ٤٩، تكشف هذه الألقاب الخمسة الرائعة أن يعقوب عَلِمَ الآن بالفعل من هو الله بالنسبة إليه.

نفس الإله الذي أعلن يعقوب أنه سيعطي يوسف القوة والمهارة هو الإله الذي كشف عنه من خلال هذه الألقاب الخمسة الرائعة. فالله يريدك أن تختبره بهذه الطريقة، من خلال حق كلمته واختباراتك اليومية الشخصية. فهل تعرفه حقًا؟

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٩

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

أربع مراحل للنمو الروحي

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «هَا أَنَا أَمُوتُ، وَلكِنَّ اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ. (تكوين ٢١:٤٨)

عندما قال إِسْرَائِيل (يعقوب) ليوسف، هَا أَنَا أَمُوت، أدرك أن هناك تحولًا يحدث. فالمسؤولية التي حملها لفترة طويلة انتقلت الآن إلى يوسف وإخوته. وباعتباره آخر الآباء الثلاثة العِظام، كان زمن إسرائيل على وشك الانتهاء، لكن عمل الله سيستمر.

فهم تشارلز سبيرجن، الواعظ الإنجليزي العظيم، هذا المبدأ: “إذا مات إبراهيم، فهُناك إسحاق؛ وإذا مات إسحاق، فهُناك يعقوب؛ وإذا مات يعقوب، فهُناك يوسُف؛ وإذا مات يوسُف، سيعيش أفرايم ومنسَّى. لَن يَعدِمَ الرَّبُّ بطلًا يحمِل الـمُثُل العُليا بين الناس… الله سيحفظ خِلافة وإرثِ الرُّسُل، فلا نخاف البتَّة. عندما كان استفانوس يلفظُ أنفاسه الأخيرة، لم يكُن بولس بعيدًا. وعندما أُخِذَ إيليَّا إلى السَّماء، ترك عباءَتَهُ وراءَهُ.” سبيرجن  (Spurgeon)

صحيح أنه عندما يرحل رجال ونساء الله العظماء أرضنا، نشعر باليأس. ونتساءل عمن سيواصل عمل الله؟ لكن الإجابة بسيطة: الله نفسه سيواصل عمله. وسوف يختار ويدعو ويدرب خُدامه حسبما يشاء.

أعطى إسرائيل ليوسف أملًا بالمستقبل، مزروعًا في وعد ثمين: اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ. ورغم أن الآباء لم يعودوا على الأرض، فإن حضور الله سيظل قائمًا مع شعبه. وسيستمر في الوفاء بوعده بإعطاء أرض كنعان (أَرْضِ آبَائِكُمْ) لنسل إسرائيل.

إعلان إسرائيل، اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ يشكل جزءًا من سلسلة من العبارات التي تعكس مراحل مختلفة من النضج الروحي في حياة المؤمن.

الآية، وَهَا أَنَا مَعَك (تكوين ١٥:٢٨) كانت وعد الله بأن يكون مع يعقوب الشاب (إسرائيل) في هذه اللحظة، الآن. وهذا يبين أن الله يعطي المؤمن الشاب كلَّ تأكيدٍ مُمكِنٍ لِحضورهِ ونعمته.

الآية، فَأَكُونَ مَعَكَ (تكوين ٣:٣١) كانت وعد الله ليعقوب بأمانته المستقبلية التي سوف تتكشف في الأيام القادمة. وهذا يبين أن الله يتوقع من المؤمِن النَّامي أن يثِق في حضوره، حتَّى عندما يكون لديه الوعدُ بحضورَه فقط.

الآية، وَلَكِنْ إِلَهُ أَبِي كَانَ مَعِي (تكوين ٥:٣١) كانت شهادة يعقوب الرائعة عن كيفية تحقيق الله لوعده بالحضور. يمكن للمؤمن الناضج أن يشارك مثل هذه الشهادة بثقة، ويروي كيف كان الله معه في الأوقات الصعبة والتجارب.

وأخيرًا، الآية: اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ (تكوين ٢١:٤٨) تُظهر أن الله يمنح المؤمن الناضج الفرصة لتشجيع الآخرين بوعد حضور الله. وكأن إسرائيل يقول: “يا يوسف، الله لم يتخلّ عني لحظة. الله معي طوال حياتي، وأستطيع أن أقول بكل ثقة أنه سَيَكُونُ مَعَكُمْ.

أي من هذه المراحل الأربع تصف حالتك الروحية على أفضل وجه؟

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٨

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

خُدام الله المُمْتَنين

خُدام الله المُمْتَنين

فَقَالُوا: «أَحْيَيْتَنَا. لَيْتَنَا نَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ سَيِّدِي فَنَكُونَ عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ». (تكوين 25:47)

بفضل حكمة يوسف وقراراته الجريئة، تمكن فرعون مصر من تجميع كميات هائلة من القمح خلال السنوات السبع من المجاعة الشديدة. وفي السنوات الأولى، باع الناس كل ما يملكونه لشراء القمح. وقبل أن تنتهي المجاعة، تنازلوا عن أراضيهم وقبلوا أن تفرض عليهم ضرائب باهظة في المستقبل مقابل القمح الذي يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة (تكوين 47: 23-24).

خُدام الله المُمْتَنين

في تلك الأيام، كان معدل الضريبة بمقدار الخُمس (20٪) يعتبر  عبئًا ثقيلًا. وقد شعر الأشخاص اليائسون الذين قبلوا هذه الضرائب أن هذه النسبة جعلتهم في الواقع خدمًا أو عَبِيدًا لفرعون. ومن المثير للاهتمام أن الكثيرين في العالم الغربي الحديث سيرحبون بفرض ضريبة بمعدل 20% فقط. ووفقًا لبعض المصادر، فإن الشخص العادي في الولايات المتحدة يدفع أكثر من 33% من دخله كضرائب  طيلة حياته، مع كون أغلب معدلات الضرائب الأوروبية أعلى من ذلك.

ومع ذلك، في أيام يوسف ومصر القديمة، اعتقد الناس أن دفع 20% ضرائب لبقية حياتهم هو صفقة جيدة. لماذا اعتقدوا أنها صفقة جيدة؟ لأنهم أدركوا أن فرعون وقمحه قد أنقذ حياتهم.

لماذا كانوا على استعداد لأن يصبحوا عَبِيدًا لفرعون؟ لأنه كان مخلصهم من وجهة نظر بشرية. لقد أنقذهم قمحه وحافظ على حياتهم. ولولا القمح الذي خزنه يوسف بحكمة مسترشدًا بتفسير الله لحلم فرعون، لكانت شوارع مصر قد امتلأت بجثث الجياع والموتى. وفي زمن المجاعة الشديدة، لم يكن هناك مصدر آخر للطعام متاح. فكان أخذ القمح من فرعون هو الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة. وبعد أن أنقذهم عطاؤه، قادهم الامتنان إلى خدمة ذلك الذي أنقذ حياتهم بتواضع.

أخي المؤمن أو أختي المؤمنة، هل ترى تشابهًا بين هذه الحادثة وعلاقتك بالله؟

بموته الكفاري وقيامته المنتصرة، خلص يسوع المسيح كل من آمن به. فبدون يسوع كنا ضائعين ومقدرين للانفصال الأبدي عن الله. لا يوجد طريق آخر للمصالحة مع الله: “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ” (1 تيموثاوس 2: 5).

بالنظر إلى كل ما فعله يسوع من أجلنا، فمن المنطقي أن نخدمه بامتنان.

وافق الشعب على مثل هذا الترتيب مع يوسف ليجدوا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ يوسف وفرعون. وهذا يعكس حقيقة روحية رائعة لكل من يؤمن بيسوع المسيح. فهو لا يخلصنا فحسب (أَحْيَيْتَنَا)، بل إنه يمنحنا أيضًا فضله الإلهي.

بفضل نعمة الله الوفيرة، لا يخلص المؤمن فحسب، بل يرفعه أيضًا من خلال عمل المسيح، إلى مكان النعمة الإلهية والبركة.

لا عجب أننا خُدام الله المُمْتَنين!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

رُؤَى اللَّيْلِ

فَارْتَحَلَ إِسْرَائِيلُ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ وَأَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، وَذَبَحَ ذَبَائِحَ لإِلَهِ أَبِيهِ إِسْحَاقَ. فَكَلَّمَ اللهُ إِسْرَائِيلَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَقَالَ: «يَعْقُوبُ، يَعْقُوبُ!». فَقَالَ: «هَأَنَذَا». فَقَالَ: «أَنَا اللهُ، إِلَهُ أَبِيكَ. لَا تَخَفْ مِنَ النُّزُولِ إِلَى مِصْرَ، لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلَى مِصْرَ، وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا. وَيَضَعُ يُوسُفُ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْكَ». (تكوين ١:٤٦-٤)

لقد خطط الله لكل شيء. فقد وجد إسرائيل (يعقوب) وعائلته الكبيرة ملجأ من المجاعة الشديدة عندما أخذ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ وسافر جنوبًا. وعندما أَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، وهي بُقعةٍ في كنعان واقعة في أقصى الجنوب في طريقه إلى مصر، توقف لتكريم الله وَذَبَحَ ذَبَائِح

كانت بِئْرِ سَبْعٍ ذات أهمية كبيرة. فقد عاش فيها كلٌّ من إبراهيم (تكوين ١٩:٢٢) وإسحاق (تكوين ٢٣:٢٦). زرع إبراهيم شجرة الأثْلِ (الطَّرفاء) في بئر سَبع قبل سنينٍ طويلة ودعا هناك باسمِ الرَّبِّ (تكوين ٣٣:٢١). تلقَّى إسحاق وعدًا خاصًّا من الله وبنى مذبحًا هناك، داعيًا باسمِ الرَّبِّ (تكوين ٢٤:٢٦-٢٥). وهو المكان حيث قدَّم إسرائيل الذبيحة، مُتذكِّرًا ما قام الله بعمله قبلًا. والآن، بينما كان إسرائيل يقدم الذبائح في بئر سبع، لم يكرم الله فحسب، بل تأمل أيضًا في أمانته في الماضي، ووجد الطمأنينة في خطته للمستقبل.

في ذلك الوقت، كَلَّمَ اللهُ إِسْرَائِيلَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ. منذ أكثر من ٤٠ سنةٍ، عندما كان يعقوب على وشك أن يترُكَ أرض الموعِد، تكلَّم الله إليه في حُلُم (تكوين ١٢:٢٨-١٧). والآن، عندما كان على وشك أن يترُكَ الأرض مرَّةً ثانية، أعطاه الله مرَّةً أُخرى عهدًا وتوكيدًا من خلال رُؤَى اللَّيْلِ.

عندما قاد يعقوب عائلته إلى هذه الأرض الغريبة، لم يكن يعلم ما يخبئه المستقبل، ومع ذلك كان يثق أن المستقبل في يد الله. وقد أعطى الله إسرائيل وعدًا: لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. أخبرَ الله إسرائيل بما قصدَهُ بالإتيان بعائلته أو عشيرته الكبيرة إلى مصرَ. فبسبب طبيعة المجتمع المصري الحصري والمنعزل، سينمو نسلُ إسرائيل هناك ليصبحوا أُمَّةٍ كبيرة ومُتميِّزة. أصبحت مصر كَرَحمِ أُمٍّ وُلِدَت منه الأُمَّة الإسرائيليَّة حيث نَشأت من شيءٍ صغيرٍ إلى شيءٍ كاملِ الحجم.

وأكد الله ليعقوب أيضًا قائلًا: وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا. إنَّ السبب الرئيسي وراء عدم خوف يعقوب من رحلته إلى مصرَ هو وعد الله بإصعاده ثانيةً إلى أرض الموعِد. وعلى الرغم من أن هذا الوعد سيتحقَّق بعد موت يعقوب، لكنَّه سيتحقَّق بالفعل – فَلَن تكون مصر مقرًّا دائمًا لإسرائيل وأولاده.

يمكننا أن نتعلم درسًا من هذا. تأمل في ما فعله الله في الماضي، وخاصة من خلال صليب يسوع. ثم احتضن تأكيدات الله للحاضر والمستقبل. لست بحاجة إلى رؤية خاصة في الليل – فقط ثق فيما أنجزه الله بالفعل.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤٦

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك