كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْدًا وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ، وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا». (تكوين ٣٣:٢٧)

يا لها من فوضى!

قبل ولادة التَّوأمين عِيسُو ويَعْقُوب، أعلن الله (تكوين ٢٣:٢٥) أن الكَبِير (عِيسُو) يُسْتَعْبَد للصَغِير (يَعْقُوب). وهذا كان مخالفًا تمامًا للعُرف المتَّبَع. فالابن الأكبر في العادة هو المُفضل، خصوصًا إن كان الْبِكْر.

كَيْف تَكُونَ مُبَارَكًا حَقًّا

ورغم ذلك، ولأسباب غير معروفة، اختار إِسْحَاق، والد التَّوأم وابن ابْرَاهِيم، أن يمنح بركة العائلة والعهد لعِيسُو بدلًا من يَعْقُوب. وفي الوقت نفسه، خططت رِفْقَة، أُم التَّوأم، لخداع زوجها المُسن الأعمى تقريبًا، فخدعته ليبارك يَعْقُوب بدلًا من عِيسُو.

تصرَّف كلُّ شخصٍ في هذه القصة – إِسْحَاق، رِفْقَة، عِيسُو، يَعْقُوب – بحكمةٍ وجُهدٍ بشريَّتَين بدلًا من الاعتماد على الحكمة والجُهد الإلهيَّتين أو الروحيَّتين. حتَّى عِيسُو، في قبوله لِخطَّة يَعْقُوب للحصول على الْبَكُورِيَّة، تجاهل تمامًا وعدَه السابق بإعطاء الْبَكُورِيَّة ليَعْقُوب (تكوين ٢٩:٢٥-٣٤). في هذه القصة، لم يثق أي منهم في الآخر، ولم يثقوا حتى في الله.

إنَّ الجزء الأسوأ من كلِّ هذا هو اعتبارهم أنَّ البركة سحريَّة، كأمرٍ مُنفصِلٍ عن حكمة الله وإرادته. ولكن في إعطائهِ البركة، إنَّ أكثر ما استطاع إِسْحَاق فعله هو مُلاحظة دعوة الله وبركته لحياة يَعْقُوب. وحده الله يستطيع أن يمنح البركة. قد يحصل عِيسُو على البركة من إِسْحَاق مئة مرَّةٍ، لكنها لن تكون ذات أهمية إلا إذا كرمها الله في السماء.

عندما أدرك إِسْحَاق أنه قد بارك يَعْقُوب بدلًا من عِيسُو على الرغم من نواياه، ارْتَعَدَ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا. يشير استخدام هذه العبارة القوية إلى أن إِسْحَاق بدأ يرتجف بشكلٍ مُتشنِّج. فقد أُخِذ إِسْحَاق بهذا الشعور العميق بأنَّ خطأً ما قد حدث في خطَّته.

ارْتَعَد إِسْحَاق واضطرب بشدة لأنه أدرك أنه أخطأ بمحاولته العمل ضدَّ خطَّة الله المعلَنة في تكوين ٢٣:٢٥ – ولكن أحبط الله محاولته. أدرك إِسْحَاق في تلك اللَّحظة، أنَّه سيخسر دائمًا عند الوقوف ضد مشيئة الله. وأدرك أيضًا أنَّه وبالرغم من كبريائه الموجَّه ضدَّ مشيئة الله، إلا أن خطة الله دائمًا صالحة، بل ورائعة.

ويوضح العهد الجديد لاحقًا أن إِسْحَاق بارك يَعْقُوب وعِيسُو بالإيمان (عبرانيِّين ٢٠:١١). تجلى إيمان إِسْحَاق بعد فشل محاولته لتغيير مشيئة الله، فقال في النهاية عن يَعْقُوب: ’نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا.‘

هل اختبرت حقيقة أن مقاومة مشيئة الله وخطته أمر لا جدوى منه؟ من المدهش كيف ننسى بسهولة هذه الحقيقة البسيطة، مما يتطلب من الله أن يقودنا إلى النقطة التي ندرك فيها ما تعلمه إِسْحَاق عندما ارْتَعَد بشدة – أن الله هو صاحِبُ الأمْر، وعلينا أن نختار الخضوع لخطته بقدر ما نفهمها، حينها فقط سنكون مباركين حقًا!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

فَعَادَ إِسْحَاقُ وَنَبَشَ آبَارَ الْمَاءِ الَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ، وَطَمَّهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَدَعَاهَا بِأَسْمَاءٍ كَالأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَاهَا بِهَا أَبُوهُ. وَحَفَرَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ فِي الْوَادِي فَوَجَدُوا هُنَاكَ بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. (تكوين ١٨:٢٦-١٩)

بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى الإصحاح ٢٦ مِن سِفر التكوين، نرى أن إِبْرَاهِيم قد رَحَلَ عن المَشهَد، وابْنِه إِسْحَاق قد أخذ مكانه. ولطالما كانت هذه هي الطريقة التي يتقدم بها عمل الله عبر الزمن: جيل يمضي، ويأخذ آخر مكانه، والله يواصل عمله. إن الديناميكيات بين هذه الأجيال مهمة للغاية، وتصرفات إِسْحَاق في تكوين ٢٦ تقدم نموذجًا عمليًا وروحيًا لكيفية تفاعل الجيل الأصغر مع الجيل الأكبر سنًا.

نَبْش الآبَار ثَانِيَةً

نقرأ في الآية ١٨ أن إِسْحَاق عَادَ “وَنَبَشَ آبَارَ الْمَاءِ الَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيه.” وبمعنى آخر، رجع إِسْحَاق إلى نفس المصادر التي أمَّنت حياة أبيه وامتلكها (تكوين ٢٥:٢١-٣١). تطلَّب نبش الآبار مرَّةً ثانيةً إيمانًا وعملًا والتزامًا وكانت النعمة التي طلبها إسحاق بجدِّيَّةٍ وإصرار موجودة.

كانت المياه ضرورية للحياة بالنسبة للبَدو. ففي بعض فصول السنة، لا يُمكِن أن تستمرَّ الحياة البشريَّة أو الحيوانيَّة من دون مياه الآبار. لم تكُن هذه الآبار ترَفًا، بل حاجةً مُلِحَّة.

تتواجد هنا صورةٌ قويَّة عن الحياة الروحيَّة. إنَّ المصادر الروحيَّة التي أمَّنت استمراريَّة الأجيال السَّالفة متوفرة لنا اليوم إذا بحثنا عنها بالإيمان وبالعمل وبالالتزام. وباستخدامنا لهذا المشهد كصورةٍ روحيَّة، يُمكِننا القول بأنَّ آبار السلام و القوَّة و النعمة و الحكمة و التَّغيير جميعها مُؤمَّنة للمؤمن اليوم كما كانت في الأجيال السَّابقة. أمَّا السؤال المطروح حاليًّا فهو التالي: هل تمتلك أجيال الحاضر الإيمان والعمل والالتزام لِتَحفُر آبارًا مرَّةً أخرى؟

في عصرنا الحديث، من السهل أن نعتقد أننا بحاجة إلى مصادر جديدة أو مختلفة مقارنة بأسلافنا الروحيين. وكثيرًا ما نجد أنفسنا منجذبين إلى أحدث الابتكارات وما يبدو أكثر لمعانًا. ولكن هذه الأفكار خطيرة وهدامة. فهناك طرق قديمة يجب علينا أن نسير فيها، وآبار قديمة نحن مدعوون لإعادة فتحها.

أخي العزيز، فكّر بالأمر قليلًا. إن الإِيمَان الذي حَفِظَ أثناسيوس، وهوس، ويكليف، وويسلي، وغراهام متاح لك اليوم. إنه كبئر قديم مسدود يمكن أن يَمُدّك بمَاءٍ حَيّ إذا بحثت عنه وحفرته ثانية. يُعلمنا هذا التشبيه الروحي أن نكون مثل إِسْحَاق ونعود للآبار القديمة ونحفرها من جديد.

ثم نقرأ عن هذه البركة الخاصة: وَجَد إِسْحَاق بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. يبدو أن إِسْحَاق وجد شيئًا لم يجده أبوه إِبْرَاهِيم – بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. وكان هذا النوع من الآبار هو الأكثر قيمة وأكثرها رزقًا، وقد حصل عليه إِسْحَاق عندما استعاد الموارد التي كان يتمتع بها أبوه إِبْرَاهِيم.

بينما تُعيد اكتشاف الآبار القديمة وتسير في الطرق القديمة، سيرشدك الله إلى جداول جديدة من الإمداد الروحي – وهي بركة إضافية من نعمته!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٦

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

عِندَمَا يَخْتَار الله

عِندَمَا يَخْتَار الله

فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: «فِي بَطْنِكِ أُمَّتَانِ، وَمِنْ أَحْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ». (تكوين ٢٣:٢٥)

لقد وعد الله بأن يكون لإِبْرَاهِيم نَسْلًا من خلال إِسْحَاق، لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. كان الوعد أكيدًا لكنه لم يأتِ بسرعة أو بسهولة. إذ كانت رِفْقَة زوجة إِسْحَاق، عَاقِرًا منذ ما يقارب العشرين عامًا (تكوين ٢٠:٢٥، ٢٦). ولكن عندما صَلَّى إِسْحَاق لأَجْلِ امْرَأَتِهِ استجاب الرَّب، فَحَبِلَتْ رِفْقَة.

عِندَمَا يَخْتَار الله

يبدو أنَّ الصراع أو التَّزاحم الَّذي كان يحدث في بطن رِفْقَة جعلها تسأل الرَّب. وعندما سألته، تكلَّم الرَّبُّ إليها عن عدد الأولاد في بطنها وجنسهم ومصيرهم. وحينها قال الله أنها ستلِد توأمَين. وكلُّ توأمٍ سيصيرُ شعبًا. شعبٌ يقوى على شعب، والصغير يكون أعظم من الكبير.

بإعلانه أن كَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِير، اختار الله أن يكسُرَ العُرف المتَّبَع في ذلك الوقت والمكان الذي يقضي بتفضيل الأكبر على الأصغر. في رومية ١٠:٩-١٣، استخدم الرَّسُول بولس اختيار يَعْقُوب وعِيسُو قبل ولادتهما كنموذجٍ على سلطان الله في الاختيار.

كتب بولس أنَّ اختيار الله لم يكن مبنيًّا على أداء يَعْقُوب أو عِيسُو. فقد أعلن الله هذه النيَّة لرِفْقَة قبل ولادة التَّوأمين (وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ)، وكرَّر حُكمَه بعد فترةٍ طويلة من موتهما (أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُو، ملاخي ٢:١-٣).

يعترض البعض على عدالة الله في هذا الاختيار بين يَعْقُوب وعِيسُو حتَّى قبل الولادة. لكن يجب أن ننظر إلى المحبَّة والكراهيَّة التي تكلَّم الله عنهما في ملاخي ٢:١-٣ ورومية رومية ١٠:٩-١٣ في ضوء قصده في الاختيار – اختيار أولئك الَّذين سيُصبحون ورثة للعهد الَّذي بحسب الوعد الَّذي أُعطيَ لإبراهيم. لم يكره الله عِيسُو بمعنى أنَّه لعنه لحياةٍ مُحتَّمة في هذا العالَم أو الآتي. وللإنصاف، كان عِيسُو رجُلًا مُباركًا وفي بعض الحالات أكثر تأقلُمًا مع بيئته من يَعْقُوب (تكوين ٤:٣٣-٩). ولكن، بالنسبة إلى ميراث العهد، لسنا مُخطئين إن اعتبرنا أنَّ الله ’أحبَّ‘ يَعْقُوب و ’أبغض‘ عِيسُو.

إنَّ الخطأ الجسيم الَّذي نقع فيه جميعنا هو ظنُّنا أنَّ اختيار الله هو اعتباطيّ أو تعسُّفيّ، وكأنَّ اختياراته كانت عشوائيَّة وبلا معنًى. لكن الأمر ليس كذلك. فالله يختار بناءً على حكمتهِ الإلهيَّة ومحبَّتهِ وصلاحهِ. قد لا نفهم أحيانًا كثيرة أسباب الله في الاختيار، فهذه الأسباب هو وحده يعلمها ويفهمها. إلَّا أنَّ اختيارات الله ليست عشوائيَّة أو مُتقلِّبة.

يمكنك أن تطمئن من حقيقة أن اختيار الله يكون دائمًا لسبب وجيه – ولخير كل الذين يحبونه والمدعوون حسب قصده (رومية ٨: ٢٨).

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٥

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي». (تكوين ٢٧:٢٤)

يروي تكوين ٢٤ قصة خادم إبراهيم المميز الذي كُلِّف بالسفر بعيدًا ليجد زَوْجَةً لابن سيده والعودة معها. ورغم أن الخادم لم يُذّكر اسمه في تكوين ٢٤، فمن المحتمل أنه كان أَلِيعَازَر الدِّمَشْقِيّ المذكور في تكوين ٢:١٥. لا نعرف أي شخص آخر شغل هذا المنصب في بيت إبراهيم.

مَعْرِفَة مَشِيئَة الرَّب

كانت مسؤولية الخادم كبيرة جدًا. فزوجة إِسحَاق، ابنُ إِبْرَاهِيم، ستلعب دورًا حاسمًا في إعلان وعود عهد الله لإبراهيم ونسله. كان من الطبيعي أن يفكر أَلِيعَازَر قائلًا: “أنا بحاجة لإرشاد الرّب للعثور على الفتاة المناسبة. واحتاج أيضًا إلى أن يحرك الرّب قلبها حتى توافق. لا بد أن تكون الفتاة التي اختارها الرّب.”

يوضح تكوين ٢٤ أن أَلِيعَازَر فعل شيئًا ضروريًا لأي مؤمن يسعى لمعرفة مشيئة الله والعمل بها: صَلَّى (تكوين ١٢:٢٤-١٤). لقد سلم الأمر بالكامل إلى الرّب، وطلب بالإيمان أن يرشده ويحرك الظروف لإيجاد هذه الفتاة المعينة. استجاب الرّب لصلاته، فوجد رِفْقَة عند بئر في الأرض البعيدة التي سافر إليها. وقد أظهرت رِفْقَة قلب الخادم الحقيقي عندما تطوعت بسقي جِمَال أَلِيعَازَر، على الرغم من أنه كان غريبًا عنها. بالإضافة إلى ذلك، عرف أَلِيعَازَر أن رِفْقَة كانت مثالية لأنها من أقرباء إبراهيم وجاءت من نفس أرضه.

عندما شرح أَلِيعَازَر الأمر لعائلة رِفْقَة، قال: ’إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي.‘ تحمل هذه الكلمات معنىً كبيرًا. فقد أكد أَلِيعَازَر أن الرّب أرشده عندما كان في طريقه بالفعل. بمعنى آخر، لم ينتظر أَلِيعَازَر مكتوف الأيدي حتى يكشف الرّب عن كل التفاصيل قبل أن يتخذ أي إجراء. بل سعى بنشاط إلى ما يمكنه فعله – انطلق في رحلته – وبينما هو في الطريق، أرشده الرّب.

أخي العزيز أو أختي العزيزة، إذا كنت تريد فعلًا أن تعرف مشيئة الرّب في حياتك، فابدأ في التحرك. كن مبادرًا. اتخذ خطوات في اتجاه ما، وسترى الرّب يقودك وأنت على الطريق. في حين قد يطلب الرّب منا أحيانًا أن نتوقف وننتظر توجيهاته قبل اتخاذ أي إجراء، إلا أن هذه ليست الطريقة المعتادة التي يرشدنا بها. عادةً، يريد الرّب منا أن نبدأ رحلتنا ونتوقع إرشاده بينما نحن فِي الطَّرِيقِ.

وبشكل عام، من واجبنا أن نسير في طريقنا وفقًا لما أعلنه الرّب ونثق أنه سيرشدنا.

من الصعب توجيه سيارة متوقفة. فابدأ رحلتك، ودع الرّب يقودك.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٤

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَكَلَّمَ بَنِي حِثَّ قَائِلاً: «أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي». (تكوين ٣:٢٣-٤)

هناك شخصان عظيمان في الإيمان مشار إليهما في تكوين 23: 3. الشخص الأول هو إبراهيم، الذي أظهر للتو أحد أبرز أعمال الإيمان في الكتاب المقدس: استعداده لتقديم ابنه إسحاق كذبيحة لله (تكوين ٢٢). ويُشار إلى الشخص الثاني بكلمة “مَيْتِي” متحدثًا عن سارة زوجة إبراهيم المُتَوَفّاة. كانت سارة امرأة عظيمة في الإيمان، آمنت بوعد الله بأنها ستلد ابنًا رغم تجاوزها للسن الطبيعي لتصبح أمًا.

هذه الآية تخبرنا الكثير عن رجال ونساء الإيمان العظماء.

ثَلاث عَلامَات للإِيمَان

تَحَمَّل رجال ونساء الإيمان العظماء الكثير من الصعاب. تَحَمَّلت سارة مشقة الموت، وتَحَمَّل إبراهيم مشقة التَرْك. نعتقد أحيانًا أن رجال الإيمان العظماء يعيشون في عالم مختلف، بمنأى عن آلام الحياة الطبيعية وهمومها. بينما ذلك لَيسَ حقيقي. فحتى يسوع تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ (عبرانيين ٨:٥).

عَاشَ رجال ونساء الإيمان العظماء كغرباء ونزلاء. عندما بدأ إبراهيم في التفاوض مع بَنِي حِثَّ على مكان لدفن سارة، بدأ كلامه قائلًا: أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. فعلى الرغم من أن إبراهيم عاش في كنعان لأكثر من 30 عامًا، إلا أنه كان لا يزال يعتبر نفسه غريبًا ونزيلًا في تلك الأرض.

لم يمتلِك إبراهيم هذا الشعور لأنَّه أتى من أور الكلدانيِّين. كان ذلك لأنَّه عرف أنَّ بيته الحقيقيّ كان السماء (عبرانيين ٩:١١-١٠). أدرك موسى الأمر نفسه، وعلّم إسرائيل هذا المبدأ (لاويِّين ٢٣:٢٥). عرف داود أيضًا هذه الحقيقة (١ أخبار الأيَّام ١٤:٢٩-١٥ ومزمور ١٢:٣٩).

كرجل إيمان، عاش إبراهيم في كنعان وترك إرثًا لنسله، لكنه كان يعلم أن موطنه الأخير هو السماء، وهو مجرد زائر في هذه الحياة. فموطنه الحقيقي كان أبديًا.

قَبِل رجال ونساء الإيمان العظماء الجزء باعتباره الكل. يوضح تكوين ٢٣ أن إبراهيم اشترى هذا العقار لدفن موتاه. في رحلاته حول كنعان، عاش إبراهيم قبلًا في هذه المنطقة وهنا بنى مذبحًا لله (تكوين ١٨:١٣). عرف هذه المغارة وكان مُستعدًّا أن يدفع سعرها بالكامل.

لقد وعد الله إبراهيم ونسله بأن يعطيهم تلك الأرض (كنعان) كميراث لهم (تكوين ١٥: ١٨-٢١). ومع ذلك، كانت هذه قطعة الأرض الوحيدة التي امتلكها إبراهيم. لقد قَبِل إبراهيم بالجزء، لكنه تمسك بوعد الله بالكل.

يا صديقي المؤمن، نحن الآن نعرف بَعْضَ الْمَعْرِفَة (١١ كورنثوس ١٢:١٣). ومع ذلك، يمكننا أن نثق في وعد الله ونقبل الجزء كدليل على الكل. ويومًا ما، سيتحقق كل شيء في يسوع المسيح.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٣

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

كَلِمَات الإِيمَان

كَلِمَات الإِيمَان

فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا». (تكوين ٥:٢٢)

طلب الله مِن إِبرَاهِيم أن يفعل شيئًا غريبًا: أن يُقدم ابنه إِسحَاق، ابْنُ الْمَوْعِد، كذَبِيحَة مُحْرَقَة. عاش إِبرَاهِيم كغريب، كمُرتحِل، في أرض كنعان. ولأنَّ كهنة آلهة الكنعانيِّين قالوا أنَّ آلهتهم أمرت بتقديم ذبائح بشريَّة، فلم يجد شعب كنعان أيَّ أمر غريب بشأن تقديم ذبائح بشريَّة، لكنَّ إِبرَاهِيم آمن أنَّ يهوه كان مُختلِفًا.

كَلِمَات الإِيمَان

وبطاعةٍ رائعة وواثقة، استعد إِبرَاهِيم للرحلة وانطلق مع إِسحَاق واثنين من غِلمَانِه إلى المكان الذي عينه الرب، أَرْضِ الْمُرِيَّا. وصلوا في اليوم الثالث، ومما لا شك فيه أن إِبرَاهِيم كان يفكر يوميًا بما أمره الرب أن يفعل. وعندما وصلوا إِلى أَرْضِ الْمُرِيَّا، قال إِبرَاهِيم لِغُلاَمَيْه أن ينتظروا بينما يذهب هو وإِسحَاق ليَسجُدا للرب.

ثُمَّ نَطَقَ إِبرَاهِيم بكلمات تعكس إيمانه الظافِر: ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا. آمن إِبرَاهِيم أنَّ كليهما، هو وإِسحَاق، سيعودان بكل تأكيد. كان إِبرَاهِيم، خَلِيلَ اللهِ، عازِمًا تمامًا على تنفيذ أمر الرب بتقديم ابنه إِسحَاق كذَبِيحَة مُحْرَقَة. وفي الوقت نفسه، كان واثقًا من أنهما سيعودان. ولكن، كيف حدث ذلك؟

لم يحدث ذلك لأن إِبرَاهِيم عرف بطريقةٍ ما أن هذا كان امتحانًا وأنَّ الله لم يطلب منه حقًا أن يُقدم إِسحَاق كذَبِيحَة. وبدلًا من ذلك، آمن إِبرَاهِيم أنَّه إذا تحتم عليه أن يقتل إِسحَاق فعلًا، فإن الله قادر أن يقيمه من بين الأموات، لأنَّه وعد أنَّ إِسحَاق سيحمل نسل البركة والعهد.

عَرَف إِبرَاهِيم وعد الرب جيدًا: أَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ (تكوين ١٢:٢١)، وعرف أيضًا أن إِسحَاق لم يكن له نَسْلٌ بعد. أدرك إيمان إِبرَاهِيم أن الله حتمًا سيسمح لإِسحَاق بأن يعيش، لفترة كافية على الأقل، لإنجاب نَسْل، وأنه إذا مات إِسحَاق قبل أن يكون له نَسْل، فإن النَسْل الذي وعده به الرب سيُقطع، وسيُنسى اسمه إلى الأبد، وسيثبت موته أن وعد الله كان وعدًا كاذبًا أو خيالًا.

وضِّح سفر العبرانيِّين ١٧:١١-١٩ هذا المبدأ بشكل جميل: “بِالْإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ الَّذِي قِيلَ لَهُ: ’إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ.‘ إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الْإِقَامَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ أَيْضًا، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضًا فِي مِثَالٍ.”

عَرف إِبرَاهِيم أنَّ كل شيء كان مُمكِنًا، لكن من المستحيل أن يكسر الله وعده. عَرَف أنَّ الله ليس كاذبًا. وإلى تلك اللَّحظة في التَّاريخ الكتابيّ، لا نمتلك أيَّ سجلِّ لأيِّ شخصٍ أُقيم من بين الأموات، من أجل ذلك لم تكُن لإِبرَاهِيم سابقة لهذا الإيمان، بعيدًا عن وعد الله. وبالرغم من ذلك، عَرَفَ إِبرَاهِيم أنَّ الله قادر أن يصنع المستحيل.

يُظهر تكوين ٢٢ جَوهريًّا، أنَّ الله ليس كالآلهة الوثنيَّة التي تُطالِب بذبائح بشريَّة، ولن يطلب ذلك أبدًا. ومع ذلك، يريد الله أن يثق شعبه به وأن يتمسكوا بحقيقة أن وعوده ثابتة ولا ولن تتغير أبدًا. يمكنك أخي/اختي المؤمن أن تثق بوعوده اليوم.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٢

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل

إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل

وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ، فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». (تكوين ٩:٢١-١٠)

تمّم الله وعده لإبراهيم وسارة بأعجوبة، فأنجبا ابنًا في شيخوختهما أسموه إسحاق. كان اسمُ إِسْحَاق يعني في الأصل نوعًا من التوبيخ لضَحِك إبراهيم وسارة (تكوين ١٧:١٧-١٩ ١٢:١٨-١٥)، لكنَّ الله حوَّل توبيخًا دَمث إلى مناسبة للفرح.

إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل

عندما كبر إسحاق، تعرض لمعاملة فَظّة وقَاسية من أخيه الأكبر غير الشقيق إسماعيل. كان لإسحاق وإسماعيل نفس الأب، إبراهيم، ولكن كان لهما أمهات مختلفات. والدة إسحاق كانت سارة، بينما كانت والدة إسماعيل هاجر، جارية من مصر. رغم وجود فارقٍ كبير في السن بين إسماعيل وإسحاق – ١٣ سنةً تقريبًا – كان إسماعيل يسخر من أخيه الأصغر غير الشقيق.

سارة، والدة إسحاق، لم تكن راضية عن هذا الوضع. ودفاعًا عن ابنها مثل أي أم عادية، طالبت إبراهيم بطرد هاجر وابنها إسماعيل من البيت. ما قد يبدو قاسيًا أو مُبالغًا فيه للبعض، كان منطقيًا لأم تدافع عن ابنها.

والأهم من ذلك، كان لدى الله خطة في هذا. وبتشجيع من الله (وسارة)، صَرَفَ إبراهيم هاجر وإسماعيل. ونتيجة لذلك، لن يكبر ابنا إبراهيم، الأخوين غير الأشقاء، معًا. ومع ذلك، حفظ الله إسماعيل ونسله وحماهم، وصاروا أمة عظيمة. كان لدى الله قصد لنسل إبراهيم من خلال إسماعيل.

هذه أكثر من مجرد قصة عن الاضطهاد، والطاعة، وأمانة الله. في غلاطية ٢٢:٤-٢٩، استخدم بولس هذا النزاع كصورة عن النزاع بين المولودين بالوعد وأولئك المولودين بالجسد.

في غلاطية ٤، اعترض اليهود الناموسيُّون الَّذين كانوا يُزعجون الغلاطيِّين قائلين أنَّهم أولاد إبراهيم وبالتالي مباركين. اعترف بولس بأنَّهم أولاد إبراهيم، لكنَّهم كانوا مثل إسماعيل وليس إسحاق! ادَّعى الناموسيُّون بأنَّ إبراهيم أبوهم. فسألهم بولس عن مَن كانت أُمّهم، هاجر أم سارة؟

وُلِد إسماعيل من جارية وَوُلِد بحسب الجسد بعيدًا عن وعد الله. وُلِد إسحاق من امرأةٍ حُرَّة وَوُلِد بحسب وعد الله الكريم.

وقد استخدم بولس هذا التشبيه لأن الناموسيين بين المؤمنين في غلاطية روَّجوا لعلاقةٍ مع الله مبنيَّة على العبوديَّة وبحسب الجسد وليس حسب وعد الله. إنَّ إنجيل النعمة الحقيقيّ يهبُ الحريَّة في يسوع المسيح وهو وعدٌ نناله بالإيمان.

إن الدرس المستفاد هنا ليس أن الله كان يكره إسماعيل. بل على العكس تمامًا، فقد بارك الله إسماعيل، وكان له دور مهم في خطة الله المُعلنة. الدرس الحقيقي هو أن وعد الله أعظم بكثير من جهود الإنسان. فعش اليوم بحسب قوة وعده.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢١

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

أُمْسِك عَنِ ارتِكابِ الإِثْم

أُمْسِك عَنِ ارتِكابِ الإِثْم

فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ، لِذلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا». (تكوين ٦:٢٠)

كلَّم الله الحاكم الوثني أبِيمالِك فِي حُلْم، وطلب منه أن يبتعد عن السيدة المُتَمَيِّزة والمَرْمُوقة التي دخلت مدينته جَرَار. اسم السيدة سَارَة، وهي امْرَأَة إِبْرَاهِيم رَجُل الله وحَامِلِ عَهْدَهُ.

أُمْسِك عَنِ ارتِكابِ الإِثْم

حدث هذا لأن إبراهيم فشل في التصرف كرَجُل الله وحَامِلِ عَهْدَه. فعند وصوله إلى جَرَار، لم يثق إبراهيم في الله كما ينبغي، بل اعتمد على الأكاذيب والخداع. خاف إبراهيم أن يقتله ملك جَرَار ويأخذ سارة امرأته، لأنها كانت ثرية وذات مكانة. فطلب إبراهيم من سارة أن تكذب وتقول إنها أُختَه وليس زوجته. كذبت سَارَة، وعلى الرغم من أن أَبِيمَالِك لم يقتل إبراهيم، إلا أنه أَخَذَ سَارَة لتصبح من نساء قصره.

تدخل الله في هذه الفوضى وتكلم مع أَبِيمَالِك فِي حُلْمِ اللَّيْل. وفي الحلم، حذره الله وأخبره أن سارة كانت في الواقع زوجة إبراهيم، وليست مجرد أخته. وهدد الله بقتل أَبِيمَالِك إذا لم يعيد سارة إلى إبراهيم. احتج أَبِيمَالِك في حلمه، وأوضح لله أنه تصرف على أساس أنها كانت غير متزوجة.

أعرب الله عن اتفاقه مع أَبِيمَالِك وقال: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هذَا». وكشف أيضًا أنه أَمْسَكْ أَبِيمَالِك عَنْ أَنْ يُخْطِئَ إِلَيَّه.

ألا تشعر بالامتنان لله على الأوقات التي أُمْسِكتَّ فيها عَنِ ارتِكابِ الإِثْم؟

لا تعني هذه الأحداث أن الله يمنع شعبه من مواجهة التجربة. فعلى الرغم من أنه قد لا يقودنا إليها، إلا أنه يسمح بها في حياتنا.

ولا تعني أيضًا أن الله لن يسمح أبدًا بالظروف التي قد يكون من السهل فيها ارتكاب الخطية. فقد وجد أبيمالك أنه كان من السهل إحضار سارة إلى قصره، لكن الله تدخل قبل أن يتمكن من معاملتها كزوجة.

لكنها تعني تحديدًا ما جاء في رسالة كورنثوس الأولى ١٠: ١٣ “لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا.”

فقد يتدخل الله أحيانًا ليقطع الطريق أمام أولئك الذين ينوون ارتكاب الخطية. مثل هؤلاء الأفراد لا يستحقون هذا التدخل الكريم من الله، لكنه يختار أن يمد نعمته كما يراه مناسبًا.

فكر في الأوقات التي قد تكون خططت فيها لارتكاب خطية، أو حتى رغبت في ارتكابها، فتدخل الله. لا تفترض أن الله سيفعل هذا دائمًا، ولكن كن شاكرًا عندما يفعل ذلك واطلب نعمته لكي تزيد كراهيتك للخطية.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢٠

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

نموذجًا صارخًا للكِرازة

نموذجًا صارخًا للكِرازة

وَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْمَلاَكَانِ يُعَجِّلاَنِ لُوطًا قَائِلَيْنِ: «قُمْ خُذِ امْرَأَتَكَ وَابْنَتَيْكَ الْمَوْجُودَتَيْنِ لِئَلاَّ تَهْلِكَ بِإِثْمِ الْمَدِينَةِ». (تكوين ١٥:١٩)

أرسل الرب ملاكين إلى سدوم لتفقد أوضاع المدينة وإنقاذ لوط ابن أخي إبراهيم وعائلته قبل أن تقع عليها الدينونة الإلهية.

نموذجًا صارخًا للكِرازة

الدينونة الوشيكة على سدوم وعمورة كانت إلى حد كبير بسبب انتشار الفجور الجنسي، بما في ذلك المثليَّة الجنسيَّة (تكوين ١٩: ٤-٥). في حزقيال ١٦، أدان الله فيما بعد خطيَّة يهوذا الكبرى ووبَّخها في الأيَّام الأخيرة من النظام الملكيِ المنقسم. شبَّه أورشليم بمدينة سدوم القديمة، قائلًا أنَّهما مثل الأخوات.

يصف حزقيال ١٦: ٤٨-٥٠ بعضًا من تلك الخطايا المشتركة: الكبرياء والكسل وظُلم الفقراء. ولكن لم تكن تلك خطايا سدوم الوحيدة التي جعلت منهم أهدافًا للدينونة. بل كانت تلك هي الخطايا التي تشاركت فيها سدوم لاحقًا مع ’أختها‘ أورشليم. ويُوضِّح نصُّ سفر التكوين بصراحة أنَّ الله أُحزِن بسبب عنفهم الجنسيّ واللَّاأخلاقيّ، الَّذي من المرجَّح أن يكون ضمن لائحة حزقيال للخطايا المدرَجة تحت الكلمات عَمِلْنَ ٱلرِّجْسَ. (حزقيال ٥٠:١٦) بالإضافة إلى ذلك، تنص رسالة يهوذا ٧:١ بوضوح على أن الزنا كان أحد الخطايا التي ذكرها الله في سدوم وعمورة، والمرتبطة بالذهاب “وَرَاءَ جَسَدٍ آخَر.” إن ممارسة المثلية الجنسية العلنية والمقبولة كانت واحدة من خطايا سدوم وعمورة والمدن المجاورة لهما.

وَلَمَّا طَلَعَ فَجْرُ يوم الدينونة، كان على الملاكين أن يتوسلا لوط وعائلته تقريبًا لمغادرة المدينة التي كان مصيرها الدمار. ولم ينج إلا لوط وزوجته وابنتاه. لا نجد هنا أيَّ ذكرٍ لِصهرَيه الإثنين. سوف يُتركان وراءهم كما كَانَ الْمَلَاكَانِ يُعَجِّلَانِ لُوطًا للهرب من الدمار والدينونة الآتيَين على سدوم.

باستعجالهما لوط، نرى أنَّ هذَين الملاكَين يمكنهما أن يخدِما بمثابة نموذجٍ للكرازة.

ذهبا وراء لوط، دخلا إليه وإلى بيته. وبينما يأمل المؤمنون أن يأتي الخطاة إليهم، وبعضهم سيفعل ذلك فعلًا، إلا أن يسوع لم يقل: “اجلس في الكنيسة، ودع الخطاة يأتون إليك،” بل طلب من تلاميذه أن يذهبوا ويكرزوا ويتلمذوا جميع الأمم. (متى ٢٨: ١٨-٢٠)

حذَّراه ممَّا سوف يأتي، وبكلماتٍ واضحة. من الشائع اليوم السخرية ممن يتكلم عن “النار والدينونة،” ولكن هناك مكان مناسب لتحذير الناس من غَضَبُ اللهِ القادم (كولوسي ٦:٣). إن الكرازة يمكن، بل وينبغي، أن تتضمن التحذير.

عجَّلا لوط، حاثَّين إيَّاه على الهروب من الدمار. لم يقدما مناشدة سلبية، غير مبالين بما إذا كان لوط وعائلته سيتجاوبون معهما أم لا. بدلًا من ذلك، بإلحاح وشغف كبيرين، بذل الملاكان كل ما في وسعهما لإقناعهم. بالمثل، يجب أن تتميز كرازتنا بالاستِعجال والإلحاح والحَرَارَة، وأن نسعى جاهدين لإقناع الناس بيسوع المسيح (كورنثوس الثانية ١١:٥).

عزيزي المؤمن، اسمح لكرازتك أن تتميز بهذه الأمور الثلاثة. وعندما تجد وعاظًا يتكلمون عن هذه الأمور، ادعمهم وشجعهم.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ١٩

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

الضَحِك على وعد الله

الضَحِك على وعد الله

َقَالَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟ هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». (تكوين ١٣:١٨-١٤)

في لقاء ملفت للنظر، ظَهَرَ الربّ لإبراهيم عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا (تكوين ١:١٨). وبينما تتكشف القصة، نعلم أنه من بين زوار إبراهيم الثلاثة، اثنان منهم كانا فعلًا الملاكَين، بهيئةٍ إنسانيَّة، اللَّذَين زارا سدوم لاحقًا. وكان الزائر الثالث هو الرب نفسه.

الضَحِك على وعد الله

لقد ظهر الله بطريقة خاصة ليخبر إبراهيم أن الوعد الذي طال انتظاره سيتحقق قريبًا. سيكون لإبراهيم وسارة ابن بعد نحو سنة (تكوين ١٠:١٨). عندما سمعت سارة الحديث الذي دار بين الرب وإبراهيم، ضحكت في قلبها عند سماع الخبر المُفرح (تكوين ١٢:١٨). أدركت سارة أنها تجاوزت سن الإنجاب، وبدت فكرة قيام الله بمعجزة لتمكينها من الحمل غير قابلة للتصديق تقريبًا.

كانت ضحكة سارة بدون صوت، صامتة. تقول الآية ١٢: “فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا.” ومع ذلك، سمع الله ضحِكة سارة، وسأل إبراهيم: لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ؟ الله يسمع ويعرف أفكارنا وانفعالاتنا الداخلية، حتى لو كانت مخفية عن الآخرين. خافت سارة وأنكرت أنها ضحكت (تكوين ١٥:١٨)، لكن الله عرف الحقيقة. يمكننا أن نعيش بشكلٍ مختلِف إذا تذكَّرنا أنَّ الله يسمع ويعرف كلَّ ما نُفكِّر فيه ونقوله.

أتساءل كيف استجاب إبراهيم عندما سأل الله: لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ؟ ربما فكر قائلًا: “حتمًا سيتراجع الرب الآن عن وعده بأن يعطينا ولد لأننا لم نستجب لوعده بإيمان قوي.

ومع ذلك، لم يكن ذلك ما حدث إطلاقًا. فقد أكد الله وعده قائلًا: فِي الْمِيعَادِ أَرْجعُ إِلَيْكَ. عندما ضحكت سارة على وعد الله المعطى مرَّتَين، قد نفكِّر بأنَّ الله سيسحب الوعد بعيدًا. ولكن العكس هو الصحيح، فقد تفاعل الله بتعامله مع خطيَّة عدم الإيمان، وليس بأخذه للوعد. إن إيمان سارة غير الكامل لم يحرمها من وعد الله الصالح. نشكر الله على ما جاء في رسالة تيموثاوس الثانية ١٣:٢ “إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ.

وبعد أن أكد الله وعده، أعطى المؤمنين مبدأ ثابتًا: هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَيْءٌ؟ يُظهِر الرب من خلال إبراهيم وسارة أنه لا يعسر عليه أمر، وأنه يستطيع أن يتغلَّب على إيمان شعبه الضعيف.

يمكن لأي شخص أن يضحك على وعد الله لأنه يعتقد أنه سخيف، أو يمكن أن يضحك عليه لأنه يبدو أروع من أن يصدّق. ضحكة سارة تبدو من النوع الثاني، لكن الله يطمئننا جميعًا ويسأل: هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَيْءٌ؟ فاسترح إذًا في وعود الله لك، حتى الرائعة منها.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ١٨

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك