سفر التكوين – الإصحاح ٢٤
زوجةٌ لإسحاق
أولًا. وصيَّة إبراهيم لخادمه
أ ) الآيات (١-٤): يُرسِل إبراهيم خادمه ليبحث عن زوجةٍ لإسحاق.
١وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي ٱلْأَيَّامِ. وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. ٢وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ ٱلْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، ٣فَأَسْتَحْلِفَكَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِ ٱلسَّمَاءِ وَإِلَهِ ٱلْأَرْضِ أَنْ لَا تَأْخُذَ زَوْجَةً لِٱبْنِي مِنْ بَنَاتِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، ٤بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِٱبْنِي إِسْحَاقَ».
- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ ٱلْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: تبوَّأَ هذا الخادم المدعوّ أليعازر هذا الموقع سابقًا (تكوين ٢:١٥). بما أنَّه وُصِفَ كَـ كَبِيرِ بَيْتِهِ، فمن المحتمل أن يكون أليعازر. كان مُتبوِّأً لمركزٍ ذي كرامةٍ عظيمة ومسؤوليَّة، مُستوليًا على كلِّ ما كان لإبراهيم.
- “كان هذا تاريخًا مختصَرًا لحياةٍ طويلة؛ قال له الله أنَّه سيباركه، وفعل هكذا. ‘بارك الله إبراهيم في كلِّ شيء.’ ماذا! هل عندما أمره بذبح ابنه؟ نعم؛ لقد ’باركَه في كلِّ شيء‘. ربَّما، لو كانت حياته خالية من المشاكل، لن تكون هذه العبارة صحيحة” سبيرجن (Spurgeon)
- ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي: بحسب عادةٍ قديمة، يصِف هذا المشهد حِلفًا رزينًا وجدِّيًّا. كان إبراهيم قلقًا للغاية من احتمال زواج إسحاق من عروسٍ كنعانيَّة، جاعلًا خادمه يستحلف بالرَّبِّ، إِلَهِ ٱلسَّمَاءِ وَإِلَهِ ٱلْأَرْضِ.
- “يضع الشخص الَّذي يحلف ويتعهَّد يده تحت فخذ الشخص المتعهَّد إليه؛ بمعنًى آخَر، يضعُ يده تحت ذلك الجزء الَّذي يُعتبَر علامة لـ الختان، لكن، عندما نأخذ بعَين الاعتبار طبيعة العهد، الَّذي يحمل علامة الختان، نفهم أنَّ هذه العادة لم تُستخدَم من دون أن تُنتِج مشاعر الخشوع وخوف الله، إذ أنَّ الفريق الَّذي يختِم على هذا يعلَم أنَّ إله العهد هو نارٌ آكِلَة” كلارك (Clarke)
- وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِٱبْنِي: كان إبراهيم واضحًا لجهَّة عدم رضاه على أن يأخذ إسحاق زوجةً كنعانيَّة، وأن توجَد الزوجة من بين أجداد إبراهيم في أور الكلدانيِّين (بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ).
ب) الآيات (٥-٩): تحديد طبيعة المهمَّة بدقَّة.
٥فَقَالَ لَهُ ٱلْعَبْدُ: «رُبَّمَا لَا تَشَاءُ ٱلْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَنِي إِلَى هَذِهِ ٱلْأَرْضِ. هَلْ أَرْجِعُ بِٱبْنِكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا؟» ٦فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: «ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِٱبْنِي إِلَى هُنَاكَ. ٧اَلرَّبُّ إِلَهُ ٱلسَّمَاءِ ٱلَّذِي أَخَذَنِي مِنْ بَيْتِ أَبِي وَمِنْ أَرْضِ مِيلَادِي، وَٱلَّذِي كَلَّمَنِي وَٱلَّذِي أَقْسَمَ لِي قَائِلًا: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ ٱلْأَرْضَ، هُوَ يُرْسِلُ مَلَاكَهُ أَمَامَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِٱبْنِي مِنْ هُنَاكَ. ٨وَإِنْ لَمْ تَشَإِ ٱلْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَكَ، تَبَرَّأْتَ مِنْ حَلْفِي هَذَا. أَمَّا ٱبْنِي فَلَا تَرْجِعْ بِهِ إِلَى هُنَاكَ». ٩فَوَضَعَ ٱلْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَاهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هَذَا ٱلْأَمْرِ.
- فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: على ما يبدو، توقَّع إبراهيم أن يموت خلال غياب خادمه، من أجل ذلك وُضِعت التَّعليمات بوضوحٍ كامل.
- ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِٱبْنِي إِلَى هُنَاكَ: لم يترك إسحاق، ابن الموعد، أرض الموعد بتاتًا. كان يجب على زوجته أن تأتيَ إليه، كما أقام اسحاق في أرض كنعان. كان هذا المبدأ مُهمًّا حتَّى أنَّه إذا لم تأتِ المرأة مع الخادم، يُفضَّل ألَّا يأخذ إسحاق امرأةً (ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِٱبْنِي إِلَى هُنَاكَ).
- لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ ٱلْأَرْضَ: أصرَّ إبراهيم على هذا الأمر، لأنَّ الله صنع وعدًا بالعهد لإبراهيم ونسلهِ أن تكون أرض كنعان لهم. فهِمَ إبراهيم أنَّ وعد العهد أُعطيَ لإسحاق وليس لإسماعيل.
ثانيًا. إتمام مهمَّة الخادم
أ ) الآيات (١٠-١٤): صلاة أليعازر إلى الله.
١٠ثُمَّ أَخَذَ ٱلْعَبْدُ عَشْرَةَ جِمَالٍ مِنْ جِمَالِ مَوْلَاهُ، وَمَضَى وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلَاهُ فِي يَدِهِ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَرَامِ ٱلنَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. ١١وَأَنَاخَ ٱلْجِمَالَ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ ٱلْمَاءِ وَقْتَ ٱلْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ ٱلْمُسْتَقِيَاتِ. ١٢وَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، يَسِّرْ لِي ٱلْيَوْمَ وَٱصْنَعْ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. ١٣هَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ، وَبَنَاتُ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ خَارِجَاتٌ لِيَسْتَقِينَ مَاءً. ١٤فَلْيَكُنْ أَنَّ ٱلْفَتَاةَ ٱلَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لِأَشْرَبَ، فَتَقُولَ: ٱشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا، هِيَ ٱلَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ. وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي».
- ثُمَّ أَخَذَ ٱلْعَبْدُ عَشْرَةَ جِمَالٍ مِنْ جِمَالِ مَوْلَاهُ، وَمَضَى: قاد عبد إبراهيم (احتمال أن يكون أليعازر) موكبًا كبيرًا ومُؤثِّرًا. حملوا معهم غنًى وافِرًا حتَّى أنَّه يمكن القول بلغةٍ شعريَّة، وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلَاهُ فِي يَدِهِ. كانت الرحلة طويلة. إذا رسمنا خطًّا مستقيمًا من كنعان إلى أور الكلدانيِّين تصبح المسافة حوالي ٥٠٠ ميل (٨٠٠ كلم)، لكنَّ الطريق المتَّبَع غالبًا كان حوالي ٩٠٠ ميل (١٤٥٠ كلم).
- إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ: هذا يُشير ربَّما إلى المكان المعروف بـ أور الكلدانيِّين. هناك رجلان مُسمَّان ناحور مُرتبطَان بهذا المكان: جدُّ إبراهيم (تكوين ٢٤:١١-٢٦) وأخُ إبراهيم (تكوين ٢٦:١١-٢٩). كانت مَدِينَة نَاحُور بهذا المعنى.
- أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، يَسِّرْ لِي ٱلْيَوْمَ: عند وصول خادم إبراهيم إلى مدينة أجداد سيِّده، كان لديه في البداية اهتمامٌ عمليّ، وهو أن يسقيَ جِماله. ثمَّ كان له اهتمامٌ روحيّ، وهو أن يطلُبَ إرشاد العناية الله في ظروفٍ كهذه.
- قد تكون هذه أحيانًا طريقة خاطئة لتمييز مشيئة الله. متكلِّمين بشكلٍ عام، قد تكون الظروف وحدها طريقًا خطرًا لتمييز مشيئة الله. لنا عادة تجاهل الظروف التي لا تناسب تطلُّعاتنا (أو أنَّنا ننسِب هذه الظروف للشيطان)، في حين أنَّنا نُركِّز على الظروف التي تتماهى مع أهدافنا وتطلُّعاتنا.
- لكن في هذه الحالة، حدَّد أليعازر رؤيته قبل حدوث أيِّ شيء. لم يكن يُحدِّد المقياس كلَّما تكشَّفت أمامه العمليَّة.
- ٱشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا: طلب خادم إبراهيم من الله أن يُرشده إلى المرأة المعيَّنة أن تكون زوجة إسحاق من خلال عرضها أن تسقيَ جماله العشرة. كان أليعازر حكيمًا بما فيه الكفاية ليطلُبَ علامةً بارزة، لكن (من الناحية البشريَّة) ممكنة. لم يُجرِّب الله بسؤاله نارًا تنزل من السماء ولا حمايةً إذا قفز من ارتفاعٍ غير آمِن.
- هِيَ ٱلَّتِي عَيَّنْتَهَا: في صلاتهِ هذه الصلاة عينها، وكأنَّ أليعازر يُحدِّد المقاييس (وإمكانيَّة حدوثها) التي على أساسها سيجد شخصًا ما. سيتطلَّب الأمر امرأةً استثنائيَّة للقيام بهذه المهمَّة الشاقَّة.
- آخذين بعَين الاعتبار أنَّ الجمَل يحتاج تقريبًا إلى ٢٠ غالون من الماء، سيتطلَّب سقي عشرة جمال ساعةً من العمل المضني على الأقلِّ.
- وَبِهَا أَعْلَمُ: لم يكترث خادم إبراهيم إطلاقًا لمظهر المرأة الخارجيّ. أراد امرأةً ذات شخصيَّة، امرأةً قد اختارها الله.
ب) الآية (١٥): يستجيب الله لصلاة الخادم قبل الانتهاء منها.
١٥وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ ٱلْكَلَامِ، إِذَا رِفْقَةُ ٱلَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ٱبْنِ مِلْكَةَ ٱمْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا.
- وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ ٱلْكَلَامِ: يتكلَّم إشعياء ٢٤:٦٥ عن هذا النوع من جواب النعمة للصلاة: وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ.
- رِفْقَةُ … خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا: لم يُدرِك الخادم بعد أنَّ صلاته استُجيبت؛ فقط الوقت سيُبرهن ذلك. كانت المرأة رِفْقَةُ حفيدة أخي إبراهيم ناحور.
ج) الآيات (١٦-٢١): بالرغم من تعجُّبه، ينتظر الخادم تأكيدًا كاملًا لصلاته.
١٦وَكَانَتِ ٱلْفَتَاةُ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْعَيْنِ وَمَلَأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ. ١٧فَرَكَضَ ٱلْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: «ٱسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ». ١٨فَقَالَتِ: «ٱشْرَبْ يَا سَيِّدِي». وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ. ١٩وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: «أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ ٱلشُّرْبِ». ٢٠فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي ٱلْمَسْقَاةِ، وَرَكَضَتْ أَيْضًا إِلَى ٱلْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ، فَٱسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ. ٢١وَٱلرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتًا لِيَعْلَمَ: أَأَنْجَحَ ٱلرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لَا.
- وَكَانَتِ ٱلْفَتَاةُ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدًّا: غالبًا ما نُقلِّل من شأن العبارات التي خطَّها الكتاب المقدَّس. عندما نقرأ أنَّ رفقة كَانَتِ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدًّا، يجب أن نفهم أنَّ رفقة كانت بالفعل امرأةً جميلةً جدًّا.
- كانت رفقة واحدةً من النساء اللَّواتي قال الكتاب المقدَّس عنهُنَّ أنَّهُنَّ كُنَّ جميلات. فالأُخريات كُنَّ سارة (تكوين ١١:١٢-١٤) وراحيل (تكوين ١٧:٢٩) وأبيجايل (١ صموئيل ٣:٢٥) وبثشبع (٢ صموئيل ٢:١١) وثامار (٢ صموئيل ٢٧:١٤) والملكة وشتي الفارسيَّة (أستير ١١:١) وأستير (أستير ٧:٢) وبنات أيوب (أيوب ١٥:٤٢).
- فَرَكَضَ ٱلْعَبْدُ لِلِقَائِهَا: لم يعتقد الخادم أنَّه من غير المناسب روحيًّا أن يُعرِّف رفقة عن نفسه؛ بالرغم من ذلك، لم يقُم بأيِّ شيءٍ ليترك انطباعًا عندها يجعلها تسقي الجمال. الصلاة ليست بديلًا عن العمل.
- فَٱسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ: عندما بدأت رفقة بهذا العمل المضني بسقي كلِّ جماله، لم يمنعها الخادم. أراد امرأةً لا تقول فقط أنَّها تريد أن تروي الجمال، بل امرأةً تقوم بالعمل المضني. كان مُتعجِّبًا وهو ينظر ما تفعله (وَٱلرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتًا).
- ربَّما عرف أليعازر أنَّه بالنسبة إلى البعض، إنَّ التَّحدُّث كخادم أسهل بكثير من الخدمة الفعليَّة. أراد أن يرى إذا ما كان لها قلبُ الخادم وليس فقط كلام الخادم.
د ) الآيات (٢٢-٢٨): عندما تمَّ اختيار العروس، أعطاها الخادم هدايا قيِّمة قبل الزواج من الابن.
٢٢وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ ٱلْجِمَالُ مِنَ ٱلشُّرْبِ أَنَّ ٱلرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِلٍ وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشْرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ. ٢٣وَقَالَ: «بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي: هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟» ٢٤فَقَالَتْ لَهُ: «أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ٱبْنِ مِلْكَةَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ». ٢٥وَقَالَتْ لَهُ: «عِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا». ٢٦فَخَرَّ ٱلرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ، ٢٧وَقَالَ: «مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلَهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي ٱلطَّرِيقِ، هَدَانِي ٱلرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي». ٢٨فَرَكَضَتِ ٱلْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ.
- عِنْدَمَا فَرَغَتِ ٱلْجِمَالُ: سمح خادم إبراهيم لرفقة بإكمال العمل الصعب ألا وهو تأمين المياه لجماله العشرة.
- خِزَامَةَ ذَهَبٍ … وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشْرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ: عندما تمَّمت رفقة علامة خادم إبراهيم التي صلَّى من أجلها، كشف عن هدايا ثمينة لها على الفور. كان هذا علامةً على كرَمهِ وغِنى مولاه الَّذي يُمثِّله.
- بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟: كاشفًا هداياه الثمينة للإشارة إلى أنَّ رفقة كانت استجابةً لصلاة الخادم، سألها عن عائلتها. مجَّد الله عندما عرف أنَّها قرابَة لِعائلة إبراهيم.
- إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي ٱلطَّرِيقِ، هَدَانِي ٱلرَّبُّ: يُظهِر هذا عقليَّة الخادم. شعرَ أنَّه من واجبه أن يكون في الطريق، ويثق بالله أنَّه سيرشده طوال الطريق.
- من الصعب بمكانٍ ما قيادة سيَّارةٍ مُتوقِّفة. إذا كنَّا نريد إرشادًا من الرَّبِّ، يجب أن نكون على الطريق.
- فَرَكَضَتِ ٱلْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ: من السهل تصوير حماسة رفقة. ففي يومٍ بدا وكأنَّه كسائر الأيَّام، اتَّضح أنَّه يومٌ رائع ومُغيِّرٌ للحياة.
هـ) الآيات (٢٩-٣٣): يُرحِّب لابان بالخادم.
٢٩وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ ٱسْمُهُ لَابَانُ، فَرَكَضَ لَابَانُ إِلَى ٱلرَّجُلِ خَارِجًا إِلَى ٱلْعَيْنِ. ٣٠وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى ٱلْخِزَامَةَ وَٱلسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ، وَإِذْ سَمِعَ كَلَامَ رِفْقَةَ أُخْتِهِ قَائِلَةً: «هَكَذَا كَلَّمَنِي ٱلرَّجُلُ»، جَاءَ إِلَى ٱلرَّجُلِ، وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ ٱلْجِمَالِ عَلَى ٱلْعَيْنِ. ٣١فَقَالَ: «ٱدْخُلْ يَا مُبَارَكَ ٱلرَّبِّ، لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجًا وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ ٱلْبَيْتَ وَمَكَانًا لِلْجِمَالِ؟». ٣٢فَدَخَلَ ٱلرَّجُلُ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ ٱلْجِمَالِ، فَأَعْطَى تِبْنًا وَعَلَفًا لِلْجِمَالِ، وَمَاءً لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَأَرْجُلِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. ٣٣وَوُضِعَ قُدَّامَهُ لِيَأْكُلَ. فَقَالَ: «لَا آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلَامِي». فَقَالَ: «تَكَلَّمْ».
- وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ ٱسْمُهُ لَابَانُ: كان بتوئيل أبا الفتاة، وهو كان ما زال حيًّا (تكوين ٥٠:٢٤). بالرغم من ذلك، يبدو أنَّ لابان اعتمر القيادة في تمثيله لعائلته. ربَّما كان لابان معروفًا بقُدرته على إبرامِ صفقةٍ لصالحه.
- وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى ٱلْخِزَامَةَ وَٱلسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ: كانت عينا لابان نحو الغنى الَّذي جلبه الخادم. كان يمتلك الحافز لإظهار ضيافةٍ لائقة بالزائر الغريب والتَّرحيب به بحرارة: ’ٱدْخُلْ يَا مُبَارَكَ ٱلرَّبِّ!‘
- لَا آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلَامِي: كان خادم إبراهيم مُركِّزًا على مهمَّته ولا يُمكِن له أن يتزعزع عن إتمامها.
- “ككلِّ خادمٍ حقيقيّ للمسيح، وضع عمل سيِّده قبل راحته؛ حتَّى قبل السؤال عن الطعام الضروريّ لتأمين معيشته. عندما يبدأ الإنسان بالتفكير بمعيشته أكثر من عمَل مشيئة الله، يتوقَّف عن أن يكون خادمًا ذي قلبٍ حقيقيّ.” سبيرجن (Spurgeon)
و ) الآيات (٣٤-٤٩): يُفصِح الخادم عن قصَّته والهدف من زيارته.
٣٤فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ، ٣٥وَٱلرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلَايَ جِدًّا فَصَارَ عَظِيمًا، وَأَعْطَاهُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَفِضَّةً وَذَهَبًا وَعَبِيدًا وَإِمَاءً وَجِمَالًا وَحَمِيرًا. ٣٦وَوَلَدَتْ سَارَةُ ٱمْرَأَةُ سَيِّدِي ٱبْنًا لِسَيِّدِي بَعْدَمَا شَاخَتْ، فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ. ٣٧وَٱسْتَحْلَفَنِي سَيِّدِي قَائِلًا: لَا تَأْخُذْ زَوْجَةً لِٱبْنِي مِنْ بَنَاتِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ فِي أَرْضِهِمْ، ٣٨بَلْ إِلَى بَيْتِ أَبِي تَذْهَبُ وَإِلَى عَشِيرَتِي، وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِٱبْنِي. ٣٩فَقُلْتُ لِسَيِّدِي: رُبَّمَا لَا تَتْبَعُنِي ٱلْمَرْأَةُ. ٤٠فَقَالَ لِي: إِنَّ ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلَاكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِٱبْنِي مِنْ عَشِيرَتِي وَمِنْ بَيْتِ أَبِي. ٤١حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ مِنْ حَلْفِي حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى عَشِيرَتِي. وَإِنْ لَمْ يُعْطُوكَ فَتَكُونُ بَرِيئًا مِنْ حَلْفِي. ٤٢فَجِئْتُ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْعَيْنِ، وَقُلْتُ: أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي ٱلَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ، ٤٣فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ ٱلْفَتَاةَ ٱلَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: ٱسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ، ٤٤فَتَقُولَ لِيَ: ٱشْرَبْ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا، هِيَ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي عَيَّنَهَا ٱلرَّبُّ لِٱبْنِ سَيِّدِي. ٤٥وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ ٱلْكَلَامِ فِي قَلْبِي، إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا، فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْعَيْنِ وَٱسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: ٱسْقِينِي. ٤٦فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: ٱشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا. فَشَرِبْتُ، وَسَقَتِ ٱلْجِمَالَ أَيْضًا. ٤٧فَسَأَلْتُهَا وَقُلتُ: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ ٱلْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَٱلسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. ٤٨وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ، وَبَارَكْتُ ٱلرَّبَّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيقٍ أَمِينٍ لِآخُذَ ٱبْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لِٱبْنِهِ. ٤٩وَٱلْآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي، وَإِلَا فَأَخْبِرُونِي لِأَنْصَرِفَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا».
- أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ: لقد غادر إبراهيم أور الكلدانيِّين منذ عدَّة عقود، ولَربَّما كانت عائلته تتساءل عن أحواله. هنا، عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ، يشرح كيف أنَّ َٱلرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلَايَ جِدًّا. واستمرَّ في شرح البركات من الناحية المادِّيَّة.
- “إنَّ كلمة، ’مَوْلَايَ‘ هي الأساس في هذا الأصحاح؛ فكلمة ‘سيِّدي’ تكرَّرت اثنتَي وعشرين مرَّة. لم يطمح أليعازر بالاستقلاليَّة عن إبراهيم، أو ابن إبراهيم. كانت أفكاره أفكر سيِّده؛ كانت كلماته تُمجِّد سيِّده؛ كانت أعماله بالنيابة عن سيِّده. لم يكُن يحيا لذاته، لكنَّه كان خادِمًا مُقيَّدًا من أجل آخَر. وهذا هو موقفنا أيضًا” سبيرجن (Spurgeon)
- فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ: شرح خادم إبراهيم أنَّ سيِّده له وريثٌ واحِد، وأنَّ هذا الابن سيرث كلَّ غِنى مولاه.
- إِنَّ ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلَاكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ: شرح أليعازر إيمان مولاه إبراهيم القويّ بالله. لم يشكُّ إبراهيم أبدًا بأنَّ الله سيقود خادمه إلى المرأة المناسبة لإسحاق.
- وَٱلْآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفًا وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي: فَهِمَ خادم إبراهيم أنَّهم سيجيبون بالنفي أو بالإيجاب لمولاه، وليس له. فقد مثَّل سيِّده بالفعل، لا نفسه.
- نعتبر أليعازر نموذجًا رائعًا للمرسَل الأمين:
- أخبرهم أنَّ مولاه كان عظيمًا.
- أخبرهم أنَّ ابن سيِّده كان الوريث.
- أراد امرأةً مُستعدَّة لأن تترك بيتها القديم وتعيش مع ابن سيِّده.
- ألحَّ على أخذ الجواب.
- “إذًا، يقول أحدهم، ’أنا سعيد أنَّك تكلَّمت إلينا؛ سأُفكِّر بالأمر.‘ كلَّا، صديقي، لا أقصد ذلك. لا أريدك أن تُفكِّر بالأمر. لقد كان لك وقتٌ كافٍ للتفكير؛ أُصلِّي أن يقودك روح الله لأخذ قرارٍ فوريّ.” سبيرجن (Spurgeon)
- نعتبر أليعازر نموذجًا رائعًا للمرسَل الأمين:
ثالثًا. أُوتيَ برفقة إلى إسحاق
ز ) الآيات (٥٠-٥٣): تُوافق العائلة على إعطاء رفقة لإسحاق وخادم إبراهيم يُقدِّم المزيد من الهدايا.
٥٠فَأَجَابَ لَابَانُ وَبَتُوئِيلُ وَقَالَا: «مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ خَرَجَ ٱلْأَمْرُ. لَا نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرٍّ أَوْ خَيْرٍ. ٥١هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَٱذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لِٱبْنِ سَيِّدِكَ، كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ». ٥٢وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلَامَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى ٱلْأَرْضِ. ٥٣وَأَخْرَجَ ٱلْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ، وَأَعْطَى تُحَفًا لِأَخِيهَا وَلِأُمِّهَا.
- فَأَجَابَ لَابَانُ وَبَتُوئِيلُ: في ضوء اليدِ الجليَّة لتدبير الله وغنى سيِّد الخادم، بدا الجواب واضحًا بالنسبة إلى أبي رفقة وأخيها. فقد قرَّرا وبسرعةٍ أنَّه مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ خَرَجَ ٱلْأَمْرُ وأنَّ ٱلرَّبّ تَكَلَّمَ.
- وَأَخْرَجَ ٱلْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا: إنَّ الهدايا المقدَّمة إلى رفقة عند البئر كانت فقط البداية. ومع موافقة رفقة وعائلتها على الزواج من إسحاق، أخذت هدايا أعظم كعلامةٍ أنَّها ستصبح مع الَّذي سيرث كلَّ غنى إبراهيم شخصًا واحِدًا.
- وَأَعْطَى تُحَفًا لِأَخِيهَا وَلِأُمِّهَا: عندما أُبرِم اتِّفاق الزواج، كانت العادة أنَّ العريس (أو مَن يُمثِّله) يُقدِّم لعائلة العروس هدايا كمَهرٍ يُعبِّر عن القدرة الماليَّة للعريس.
ح) الآيات (٥٤-٦٠) ينوي الخادم الرجوع بسرعة؛ توافِق رفقة.
٥٤فَأَكَلَ وَشَرِبَ هُوَ وَٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَبَاتُوا. ثُمَّ قَامُوا صَبَاحًا فَقَالَ: «ٱصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي». ٥٥فَقَالَ أَخُوهَا وَأُمُّهَا: «لِتَمْكُثِ ٱلْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّامًا أَوْ عَشْرَةً، بَعْدَ ذَلِكَ تَمْضِي». ٥٦فَقَالَ لَهُمْ: «لَا تُعَوِّقُونِي وَٱلرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي. اِصْرِفُونِي لِأَذْهَبَ إِلَى سَيِّدِي». ٥٧فَقَالُوا: «نَدْعُو ٱلْفَتَاةَ وَنَسْأَلُهَا شِفَاهًا». ٥٨فَدَعَوْا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هَذَا ٱلرَّجُلِ؟» فَقَالَتْ: «أَذْهَبُ». ٥٩فَصَرَفُوا رِفْقَةَ أُخْتَهُمْ وَمُرْضِعَتَهَا وَعَبْدَ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالَهُ. ٦٠وَبَارَكُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ أُخْتُنَا. صِيرِي أُلُوفَ رِبْوَاتٍ، وَلْيَرِثْ نَسْلُكِ بَابَ مُبْغِضِيهِ».
- ٱصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي: كان خادم إبراهيم مُركِّزًا ولَجوجًا بالنسبة إلى مهمَّته. فبعد رحلةٍ مسافتها ٩٠٠ ميل (١٤٥٠ كلم)، مكَث ليلةً واحدة في وجهتهِ ثم أراد العودة إلى مكانه عابرًا تلك المسافة الكبيرة.
- لِتَمْكُثِ ٱلْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّامًا أَوْ عَشْرَةً: أرادت عائلة رفقة تأخير رجوعهم حوالي عشرة أيَّام. استمرَّ أليعازر مُركِّزًا على مهمَّته وأجاب، لَا تُعَوِّقُونِي وَٱلرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي.
- “لَربَّما ظنَّ أنَّ هناك المزيد من أَساوِر الذهب، فلَن يدع أخته تذهب رخيصة حتَّى يتمكَّن من أن يضع يده على النفائس الثمينة.” سبيرجن (Spurgeon)
- أَذْهَبُ: أظهرت رفقة رغبةً ملحوظة في ترك كلِّ ما عرفته كي تكون مع عريسٍ لم ترَه البتَّة. كانت كلمتها ‘أَذْهَبُ’ جديرة بكلمات الإيمان.
- لَا تُعَوِّقُونِي … لِأَذْهَبَ: كان الخادم مُصمِّمًا أن يترك للتوِّ، وكانت رفقة مُصمِّمة على بناء بيتها مع زوجها الجديد. فهِمت أنَّ ولاءَها الآن ينتمي إلى عائلتها الجديدة.
- “إذا لم ينجح العالَم في إقناع المؤمن بالعيش في العالَم، سيعمل على تأخير خروجه … عندما تُصمِّم أن تسيرَ مع الرَّبِّ، سيُصفِّق العالَم لتفانيك لكنَّه يقول، ‘لا تستعجل. إبقَ بضعة أيَّام، على الأقلِّ عشرة، ثمَّ اذهب’” بارنهاوس (Barnhouse)
ط) الآيات (٦١-٦٧): جُلِبت رفقة إلى إسحاق وتزوَّجا.
٦١فَقَامَتْ رِفْقَةُ وَفَتَيَاتُهَا وَرَكِبْنَ عَلَى ٱلْجِمَالِ وَتَبِعْنَ ٱلرَّجُلَ. فَأَخَذَ ٱلْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى. ٦٢وَكَانَ إِسْحَاقُ قَدْ أَتَى مِنْ وُرُودِ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي، إِذْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَرْضِ ٱلْجَنُوبِ. ٦٣وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي ٱلْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ ٱلْمَسَاءِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. ٦٤وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْجَمَلِ. ٦٥وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمَاشِي فِي ٱلْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ ٱلْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ ٱلْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. ٦٦ثُمَّ حَدَّثَ ٱلْعَبْدُ إِسْحَاقَ بِكُلِّ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي صَنَعَ، ٦٧فَأَدْخَلَهَا إِسْحَاقُ إِلَى خِبَاءِ سَارَةَ أُمِّهِ، وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا. فَتَعَزَّى إِسْحَاقُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ.
- فَأَخَذَ ٱلْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى: يمكننا بسهولة التفكير بالأحاديث التي دارت بين الخادم ورفقة في طريق العودة. أرادت أن تعرف كلّ ما يمكن عن إسحاق الَّذي أحبَّته دون أن تراه، فكان مسرورًا بأن يُخبرها.
- فَأَخَذَتِ ٱلْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ: عبَّر البرقع عن العفَّة والتواضع والخضوع. هكذا أرادت أن تلتقي رفقة بالرجل الَّذي ستتزوّجه.
- وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي ٱلْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ ٱلْمَسَاءِ: كان هذا أوَّلَ ذكرٍ لإسحاق منذ أن تُرِك على قمَّة جبل المريَّا (تكوين ١٩:٢٢). لا نرى أيَّ أثرٍ لإسحاق منذ نجاته من الموت (الأمر الَّذي يمكن تشبيهه بالقيامة) حتَّى اتِّحاده مع عروسه.
- في كلِّ هذا، نرى اتِّحاد إسحاق ورفقة كصورةٍ رائعة عن اتِّحاد المسيح مع شعبه.
- اشتهى الأبُ زوجةً لابنه.
- اعتُبِر الابن ميِّتًا وأُقيم من الموت.
- أُرسِل خادمٌ لا اسمَ له كي يأتي بالعروس للابن.
- كان اسمُ الخادم بالفعل أليعازر، الَّذي يعني ‘إله العون’ أو ‘المعين.’
- لقد تمَّ استقبال العروس الجميلة واختيارها واستدعائها بعملِ إلهيّ، ثمَّ إغداقها بالهدايا.
- اؤتِمنت على الاهتمام بالخادم قبل لقائها مع عريسها.
- إنَّ الطريقة التي التقى بها إسحاق ورفقة مع بعضهما البعض مفيدة أيضًا. لقد خدما وفتَّشا عن الله (وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ) وجمعهما الله مع بعضهما البعض. من الواضح أنَّهما كانا أكثر اهتمامًا بمعرفة مشيئة الله من معرفة طريق الفكر الحديث القائل بأنَّ الحبَّ هو مُجرَّد مشاعر.
- “ماذا يمكنني أن أقول عن هذا الأصحاح؟ يُسجِّل ما قيل ونُفِّذ فعلًا؛ ولكن في نفس الوقت، يحتوي في داخله على تعليماتٍ مجازيَّة تتعلَّق بالسماويَّات. يُشبه خادم المسيح الحقيقيّ أليعازر الدمشقيّ الَّذي أُرسِل كي يجد زوجةً لابن سيِّده. كان شوق الخادِم الكبير أن يرجع الكثيرون إلى المسيح في يوم ظهور العروس، امرأةُ الحمَل” سبيرجن (Spurgeon)
- في كلِّ هذا، نرى اتِّحاد إسحاق ورفقة كصورةٍ رائعة عن اتِّحاد المسيح مع شعبه.
- وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا: أحبَّ إسحاق عروسه، وأحبَّ يسوع كنيسته. يمكننا اختصار صُوَرٍ لإسحاق ورفقة ويسوع والكنيسة.
- كلاهما رفقة والكنيسة:
- اختيرتا للزواج قبل علمهما (أفسس ٣:١-٤).
- كانتا ضروريَّتَين لتحقيق قصد الله الأبديّ (أفسس ١٠:٣-١١).
- كان مصيرهما أن تُشاركا في مجد الابن (يوحنَّا ٢٢:١٧-٢٣).
- عَلِمتا عن الابن من خلال ممثِّله.
- تركتا بفرحٍ كي تكونا مع الابن.
- أُحبِبَتا واهتُمَّ بهما من قِبَل الابن.
- كلاهما إسحاق ويسوع:
- وُعِدا قبل مجيئهما.
- ظهرا أخيرًا في الوقت المعيَّن.
- حُبِل بهما وَوُلِدا بشكلٍ عجائبيّ.
- أُعطيا اسمًا خاصًّا قبل الولادة.
- قُدِّما كذبيحتَين بواسطة الآب.
- أُقيما من الموت.
- كانا رأسَين لشركةٍ كبيرة كانت بركة لكلِّ الشعوب.
- حضَّرا مكانًا لعروسيهما.
- مارسا خدمة الصلاة حتَّى اتِّحادهما مع عروسيهما.
- كلاهما رفقة والكنيسة: