سفر التكوين – الإصحاح ٣٧
يُباع يوسُف إلى العبوديَّة
أولًا. أحلام يوسُف
أ ) الآيات (١-٤): تفضيل يعقوب لِيوسُف.
١وَسَكَنَ يَعْقُوبُ فِي أَرْضِ غُرْبَةِ أَبِيهِ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. ٢هَذِهِ مَوَالِيدُ يَعْقُوبَ: يُوسُفُ إِذْ كَانَ ٱبْنَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً، كَانَ يَرْعَى مَعَ إِخْوَتِهِ ٱلْغَنَمَ وَهُوَ غُلَامٌ عِنْدَ بَنِي بِلْهَةَ وَبَنِي زِلْفَةَ ٱمْرَأَتَيْ أَبِيهِ، وَأَتَى يُوسُفُ بِنَمِيمَتِهِمِ ٱلرَّدِيئَةِ إِلَى أَبِيهِمْ. ٣وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَأَحَبَّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ بَنِيهِ لِأَنَّهُ ٱبْنُ شَيْخُوخَتِهِ، فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصًا مُلَوَّنًا. ٤فَلَمَّا رَأَى إِخْوَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَحَبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ أَبْغَضُوهُ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلَامٍ.
- يُوسُفُ إِذْ كَانَ ٱبْنَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً: تبدأ هُنا واحدةٌ من أروع قِصَص الحياة وأهمُّها في الكتاب المقدَّس وكلِّ الانتاج الأدبيّ.
- يُشير أخنوخ إلى السُّلوك في الإيمان.
- يُشير نوح إلى الاحتمال في الإيمان.
- يُشير إبراهيم إلى الطاعة في الإيمان.
- يُشير إسحاق إلى القدرة في الإيمان.
- يُشير يعقوب إلى الانضباط في الإيمان.
- وفي سياق هذه الأعداد أيضًا يُمكننا القَول بأنَّ يوسُف يُشير إلى الإنتصار في الإيمان. لم يتذمَّر يوسُف بتاتًا كما أنَّه لم يُساوِم.
- “كان محبوبًا ومكروهًا، مُفضَّلًا ومُستغَلًّا، مُجرَّبًا ومحطَّ ثقةٍ، مُعظَّمًا ومذلولًا. على الرغم من ذلك، لم يُحِد نظرَهُ عن الله أو توقَّف عن الثقة به خلال مئةٍ وعشرين عامًا من حياته. لم تُغيِّر المِحَن من صلابة شخصيَّته. لم يُدمِّرهُ الغنى. لم يكن مُرائيًا، فقد كان ذا وجهٍ واحدٍ داخليّ وخارجيّ. كان بالحقِّ رجُلًا عظيمًا” بويس (Boice)
- والأهمّ من كلِّ هذا، كان يوسُف صورةً قويَّة ورائعة عن يسوع المسيح.
- وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَأَحَبَّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ بَنِيهِ: كان يعقوب (إِسْرَائِيل) أبًا لعائلةٍ مُضطرِبة. فمع أبناءٍ من أربعة نساء، جميعهم يعيشون ويعملون تحت سقفٍ واحدٍ، تواجَدت مساحةٌ كبيرة من التَّنافُس والنزاع. ومع ذلك، فقد كان واضحًا أنَّ ليعقوب ابنًا مُفضَّلًا – يوسُف الَّذي كان ٱبْنُ شَيْخُوخَتِهِ.
- لدينا جميعًا أفكارٌ وأحلامٌ حول ما يجب أن تكون عليه الأسرة المثاليَّة. وبتقدير أيٍّ كان، كان لعائلة يوسُف الكثير من المشاكل.
- كَرجُلٍ شابٍّ، حاول أبوه يعقوب خداع جدِّه إسحاق كي يأخذ ثروة العائلة بدلًا من أخيهِ التَّوأم الأكبَر.
- لقد انهار كلُّ شيءٍ، فحاول يعقوب أبو يوسُف أن يهرب لنجاة حياته عندما تعهَّد أخوه التَّوأم بأن يقتُلَه.
- ذهب يعقوب بعيدًا لأكثر من ٢٠٠ ميلٍ (حوالي ٣٢٢ كلم) سيرًا على الأقدام. لم يرَ أباهُ إسحاق لأكثر من ٢٠ عامًا حيثُ شارف على الموت. لا يوجد سجلٌّ يؤكِّد أنَّه رأى أُمَّه ثانيةً.
- وجد يعقوب مكانًا مع أقارِب أُمِّه، لكنَّ خالَه خدعهُ وعامَلَهُ كعبدٍ.
- تزوَّج يعقوب بِبَنات خالِهِ وأخذ سُرِّيَّتَين إضافيَّتَين (عشيقتان قانونيَّتان).
- وبين جميعهنَّ، أصبح ليعقوب اثنَا عشر ابنًا وابنة واحدة.
- كان هناك مُنافسة وخلاف مُستمرَّان بين الأولاد والأُمَّهات.
- لقد كانت إحدى العائلات الفوضويَّة والمخطِئة؛ بالرغم من ذلك فقد أنجبَت يوسُف وساهمت في تعزيز خطَّة الله للفداء عبر الأجيال.
- من المفيد أن نتذكَّر أنَّ يسوع المسيح نفسه جاء من عائلةٍ كانت ظروفها صعبة.
- بشكلٍ مُفاجئٍ وفي ظروفٍ غريبة حَبِلَت أُمُّه بعدَ الزواج.
- تزوَّج أبواه بسرعةٍ، قبل موعد زواجهما بفترةٍ طويلة.
- لم تكُن الأمور في محلِّها من جهَّة عائلة والده في بيتَ لحم.
- عندما كان يسوع طفلًا، كان على أفراد العائلة الهروب كَلَاجئين من أجل حياتهم.
- أسَّسَ أبواه منزلًا في الناصرة حيث كان الجميع يعلَم بالحَبَل الغريب والزواج السريع.
- لم يتزوَّج يسوع قطٌّ – فقد كان هذا يُعتبَر أمرًا غير اعتياديٍّ وربَّما أمرًا فاضِحًا لِحاخامٍ في الثلاثين من عمره.
- لا نعلَم ماذا أصاب يوسُف، أمَّا أُمُّه فكانت إلى حدٍّ ما انتهازيَّة.
- لم يؤمِن به إخوته واتَّهموه بالجنون.
- قال يسوع أنَّ الانتماء لعائلة الله أهمّ بكثير من الانتماء إلى العائلة البيولوجيَّة.
- وضع يسوع أُمَّه بعهدة أحد تلاميذه ليعتني بها، وليس مع أحد إخوته.
- إنَّ كلمة الله لكلِّ واحدٍ هي التالية: إنَّ عائلتك المفكَّكة – في الماضي والحاضر والمستقبل – لا تعني أنَّ الله تخلَّى عنك وأنَّ غيمةً سوداء تمرُّ عليك ولن تختفي. يعمل الله في ومن خلال العائلات التي أخطأت.
- لدينا جميعًا أفكارٌ وأحلامٌ حول ما يجب أن تكون عليه الأسرة المثاليَّة. وبتقدير أيٍّ كان، كان لعائلة يوسُف الكثير من المشاكل.
- وَأَتَى يُوسُفُ بِنَمِيمَتِهِمِ ٱلرَّدِيئَةِ إِلَى أَبِيهِمْ: أبلغ يوسُف أباه عن سلوك إخوته السيِّئ. وهذا بشكلٍ طبيعيّ جعله غير شعبيٍّ أو محبوبٍ بين إخوته.
- فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصًا مُلَوَّنًا: إنَّ تفضيل يعقوب ليوسُف كان جليًّا للجميع، بِمَن فيهم يوسُف. وكَتعبيرٍ عن تفضيله هذا، قدَّم ليوسُف قَمِيصًا مُلَوَّنًا. يدلُّ هذا على موقفٍ تفضيليٍّ ومقامٍ أميريٍّ واعترافٍ بحقِّ البكوريَّة. كان هذا أُسلوبًا دراماتيكيًّا للقول بأنَّه الابن الَّذي سيحظى بالبكوريَّة.
- بحسب بويس (Boice)، إنَّ الفكرة الأساسيَّة وراء العبارة العبريَّة قَمِيصًا مُلَوَّنًا هي أنَّ هذا القميص كان يمتدُّ إلى الرَّسغَين والكاحِلَين إذا ما قُورِن بقميصٍ قصير. لم يكُن قميصًا يرتديه أيُّ عاملٍ. كان قميصًا يرتديه مَن له امتيازًا ومقامًا. فقد كان الرجُل الَّذي يلبس قَمِيصًا مُلَوَّنًا مُشرِفًا على الَّذين يقومون بأعمالٍ جسديَّة شاقَّة.
- أَبْغَضُوهُ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلَامٍ: كان تفضيل يعقوب ليوسُف مصدرًا واضحًا للنزاع والخلاف في العائلة. فقد أبغضَهُ إخوته بشكلٍ تلقائيّ بسبب تفضيل أبيهم وأيضًا بسبب أنَّ يوسُف أتى بنميمتهم الرَّديئة إلى أبيه.
ب) الآيات (٥-٨): حُلُم يوسُف الأوَّل.
٥وَحَلُمَ يُوسُفُ حُلْمًا وَأَخْبَرَ إِخْوَتَهُ، فَٱزْدَادُوا أَيْضًا بُغْضًا لَهُ. ٦فَقَالَ لَهُمُ: «ٱسْمَعُوا هَذَا ٱلْحُلْمَ ٱلَّذِي حَلُمْتُ: ٧فَهَا نَحْنُ حَازِمُونَ حُزَمًا فِي ٱلْحَقْلِ، وَإِذَا حُزْمَتِي قَامَتْ وَٱنْتَصَبَتْ، فَٱحْتَاطَتْ حُزَمُكُمْ وَسَجَدَتْ لِحُزْمَتِي». ٨فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «أَلَعَلَّكَ تَمْلِكُ عَلَيْنَا مُلْكًا أَمْ تَتَسَلَّطُ عَلَيْنَا تَسَلُّطًا؟» وَٱزْدَادُوا أَيْضًا بُغْضًا لَهُ مِنْ أَجْلِ أَحْلَامِهِ وَمِنْ أَجْلِ كَلَامِهِ.
- وَحَلُمَ يُوسُفُ حُلْمًا وَأَخْبَرَ إِخْوَتَهُ، فَٱزْدَادُوا أَيْضًا بُغْضًا لَهُ: في أفضل الحالات، أظهر يوسُف نقصًا كبيرًا في البراعة والتَّكتيك. فقد عرف بالفعل مقدار كراهيَّة إخوته لِسماع هذا الحُلُم الَّذي ميَّزه عنهم.
- يُخبِرنا الكتاب المقدَّس بأنَّ الله يتكلَّم من خلال الأحلام، لكنَّه لا يُعطينا إرشاداتٍ لتفسير الأحلام. إنَّ الأهمَّ من ذلك هو أن نعرِف الكتاب المقدَّس كي نُميِّز صوت الله. يجب أن نتوقَّع بأن يُكلِّمنا الله في الكتاب المقدَّس، وإذا تكلَّم من خلال الأحلام، فسيكون ذلك أمرًا غير مُتوقَّعًا.
- ٱسْمَعُوا هَذَا ٱلْحُلْمَ: حَلُمَ يوسُف عن وجودِ إخوته في حقلٍ من القمح في أيَّام الحصاد، وكلُّ واحدٍ منهم يحمل حُفنةً من سيقان القمح (حُزَمًا). أحاطت حُزَمُ إخوته بيوسُف وانحنت أمامَهُ.
- أَلَعَلَّكَ تَمْلِكُ عَلَيْنَا مُلْكًا: فَهِمَ إخوته تمامًا مغزى الحُلم – ففي يومٍ من الأيَّام سيملك ويتسلَّط عليهم.
- كما كانت من تلك الأمور الـمُرتبِطة بهذا الحلم حقيقةَ أنَّه يشمل حُزَم القمح. سيكون موقِع ومقام يوسُف بالنسبة إلى إخوته مُرتبِطًا بالقمح والغذاء.
ج) الآيات (٩-١١): حُلُم يوسُف الثاني.
٩ثُمَّ حَلُمَ أَيْضًا حُلْمًا آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ حُلْمًا أَيْضًا، وَإِذَا ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي». ١٠وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، فَٱنْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هَذَا ٱلْحُلْمُ ٱلَّذِي حَلُمْتَ؟ هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ؟» ١١فَحَسَدَهُ إِخْوَتُهُ، وَأَمَّا أَبُوهُ فَحَفِظَ ٱلْأَمْرَ.
- ثُمَّ حَلُمَ أَيْضًا حُلْمًا آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ: إذا كان يوسُف غير حكيمٍ في قَصِّ الحُلُم الأوَّل (وهو عالِمٌ كم كان سيكون مُزعِجًا لإخوته)، فقد كان قَصُّه لِحُلُمهِ الثاني أمرًا سيِّئًا للغاية. فقد كان مُرجَّحًا أن يتسبَّب الحلم الثاني بمزيدٍ من الاستياء، لأنَّه جعلهُ ليس فقط فوق إخوته، بل فوق أبيهِ وأُمِّه أيضًا.
- كان لِيوسُف هذا النوع من الفخر والاعتزاز المتواجِدَين في الشخص المفضَّل والمبارَك. كان مُركِّزًا جُلَّ اهتمامه على مدى عظمة أحلامه بالنسبة إليه، لكنَّه لم يأخذ بعَين الاعتبار مدى تأثير أحلامه في مسامع الآخَرين.
- كان يوسُف مُعاكِسًا ليسوع في هذه الحالة. يُريدنا يسوع أن نكون مثلما كان على الأرض – شخصًا يُركِّز اهتمامه على الآخَرين. يبدو أن يوسف قد قصَّر في هذا المجال.
- بالرغم من أنَّ يوسُف كان مُخطِئًا بقَصِّه أحلامِهِ، فقد تحقَّقت هذه الأحلام بالفعل. قد يحصُل أحدٌ ما على رسالةٍ من الله لا يُريدها أن تُنشَر للآخَرين. أظهر يوسُف غياب الحكمة هُنا، ذلك بسبب تجذُّرِه بالفخر.
- هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ: من الممكِن أن يكون حتَّى يعقوب قد استُفزَّ بهذه النقطة. لم يستطِع أن يستوعِب كيف يمكِن لِيوسُف أن يُعظِّم نفسه على أبيه وأُمِّه.
- ربَّما لم يكن هذا الجزء من سفر التكوين ضمن ترتيبٍ زمنيٍّ صارم. إذا رجعنا إلى تكوين ١٦:٣٥-٢٠، نشهد على موت راحيل أُمِّ يوسُف. يبدو هذا القسم من سفر التكوين وكأنَّه خارج سياق هذا الترتيب الزمنيّ.
- من الممكِن أن تكون نقطة التَّحوُّل قد بدأت في تكوين ٢:٣٧: هَذِهِ مَوَالِيدُ يَعْقُوبَ. فَمِن المحتمل أن ينتهي هُنا هذا السجلّ الَّذي احتفظ به يعقوب بنفسه (السجلّ الَّذي يُسطِّر موت راحيل)، وفي العدد التالي يبدأ السجلّ الَّذي احتفظ به يوسُف بنفسه. نرى هذا النوع من المقاطع الانتقاليَّة في تكوين ١:٥، ٩:٦ و١٩:٢٥.
- وَإِذَا ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي: تكرَّرت فكرة النجوم والقمر والشمس مُمثِّلةً عائلة إسرائيل في سفر الرؤيا ١:١٢. تتحدَّث تلك الفقرة عن يسوع الَّذي من أُمَّة إسرائيل.
ثانيًا. يبيعَهُ إخوته إلى العبوديَّة
أ ) الآيات (١٢-١٧): يُرسِل يعقوب يوسُف لِيَجِد إخوته الَّذين يرعون الماشية.
١٢وَمَضَى إِخْوَتُهُ لِيَرْعَوْا غَنَمَ أَبِيهِمْ عِنْدَ شَكِيمَ. ١٣فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «أَلَيْسَ إِخْوَتُكَ يَرْعَوْنَ عِنْدَ شَكِيمَ؟ تَعَالَ فَأُرْسِلَكَ إِلَيْهِمْ». فَقَالَ لَهُ: «هَأَنَذَا». ١٤فَقَالَ لَهُ: «ٱذْهَبِ ٱنْظُرْ سَلَامَةَ إِخْوَتِكَ وَسَلَامَةَ ٱلْغَنَمِ وَرُدَّ لِي خَبَرًا». فَأَرْسَلَهُ مِنْ وَطَاءِ حَبْرُونَ فَأَتَى إِلَى شَكِيمَ. ١٥فَوَجَدَهُ رَجُلٌ وَإِذَا هُوَ ضَالٌّ فِي ٱلْحَقْلِ. فَسَأَلَهُ ٱلرَّجُلُ قَائِلًا: «مَاذَا تَطْلُبُ؟» ١٦فَقَالَ: «أَنَا طَالِبٌ إِخْوَتِي. أَخْبِرْنِي «أَيْنَ يَرْعَوْنَ؟». ١٧فَقَالَ ٱلرَّجُلُ: «قَدِ ٱرْتَحَلُوا مِنْ هُنَا، لِأَنِّي سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: لِنَذْهَبْ إِلَى دُوثَانَ». فَذَهَبَ يُوسُفُ وَرَاءَ إِخْوَتِهِ فَوَجَدَهُمْ فِي دُوثَانَ.
- وَمَضَى إِخْوَتُهُ لِيَرْعَوْا غَنَمَ أَبِيهِمْ عِنْدَ شَكِيمَ: كان على إخوة يوسُف القيام بالعمل الشاقِّ وغير المريح وذلك برعايتهم لِقُطعان أبيهم المتجوِّلة. بقيَ يوسُف في البيت ونام قَريرَ العينَين على فراشه إلى أن أرسله يعقوب كي ينظُرَ سلامتهم.
- لا يبدو أيُّ شيءٍ غريبٍ في هذه المهمَّة، باستثناء أنَّ إخوة يوسُف كانوا في شَكِيم، ذلك المكان الَّذي تأثَّرت فيه العائلة وتأذَّت من التَّأثيرات الدُّنيويَّة (تكوين ٣٤).
- ٱذْهَبِ ٱنْظُرْ سَلَامَةَ إِخْوَتِكَ وَسَلَامَةَ ٱلْغَنَمِ وَرُدَّ لِي خَبَرًا: هُنا نرى يوسُف لابسًا قميصًا مُلوَّنًا بأكمامٍ طويلة وهو لا يقوم بأيِّ عملٍ شاقٍّ. كان يوسُف المشرِف وإخوته العاملين.
- بحسب نسخة الملك جايمس الجديدة للكتاب المقدَّس، عندما أرسل يعقوب يوسُف قال بما معناه: من فضلِكَ!
- فَوَجَدَهُمْ فِي دُوثَانَ: تطلَّب الأمر بعض الإصرار، لكنَّ يوسُف وجدَ إخوته في دوثان. كانت تقع هذه البقعة ربَّما على مسافة ١٠ – ١٥ ميلًا مشيًا على الأقدام (١٦-٢٤ كلم)، إلى الغرب من شَكيم.
- وفي مرحلةٍ لاحِقة ومُتقدِّمة من التَّاريخ الإسرائيليّ، كانت منطقة دوثان ذلك المكان الَّذي رأى فيه النبيُّ أليشع جيشًا من الملائكة يُحيط به، حافظًا إيَّاه حتَّى عندما أتى السوريُّون لإلقاء القَبْضِ عليه (٢ ملوك ١٣:٦-١٧).
ب) الآية (١٨): المؤامَرة لِقَتلِ يوسُف.
١٨فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ مِنْ بَعِيدٍ، قَبْلَمَا ٱقْتَرَبَ إِلَيْهِمِ، ٱحْتَالُوا لَهُ لِيُمِيتُوهُ.
- فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ مِنْ بَعِيدٍ: يُمكننا تخيُّل مدى خوف إخوة يوسُف من وصولِهِ. فقد جاء لِيَمتحِن عملهم ولن يتأخَّر في تقديم تقريرٍ لأبيهِ عن أيِّ خطأٍ ارتكبوه.
- ٱحْتَالُوا لَهُ لِيُمِيتُوهُ: هذا أمرٌ مُروِّعٌ، ويجب ألا نفقد إحساسنا بهذه الصدمة حيال ذلك. لم يتآمروا على الاستهزاء والمضايقة والتَّنمُّر على يوسُف قليلًا؛ فقد تآمروا أو ٱحْتَالُوا لَهُ لِيُمِيتُوهُ.
- كانت الخطيَّة رابضة في قلوبهم قبل أن يقوموا بفعلها. إنَّ مُشكلة الخطيَّة عندنا تبدأ في القلب ويجب التَّعامل معها على مستوى القلب. فإنَّ هدفنا ليس تغيير سلوكنا فحسب، بل أن نسمح لله بأن يُغيِّر قلوبنا بشكلٍ خاص. فالتَّغيُّر المسيحيّ يعمل من الداخل إلى الخارج.
ج) الآيات (١٩-٢٠): الخُطَّة لِقتل صاحب الأحلام.
١٩فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هُوَذَا هَذَا صَاحِبُ ٱلْأَحْلَامِ قَادِمٌ. ٢٠فَٱلْآنَ هَلُمَّ نَقْتُلْهُ وَنَطْرَحْهُ فِي إِحْدَى ٱلْآبَارِ وَنَقُولُ: وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ. فَنَرَى مَاذَا تَكُونُ أَحْلَامُهُ».
- هُوَذَا هَذَا صَاحِبُ ٱلْأَحْلَامِ قَادِمٌ: سَخِرَ إخوة يوسُف منه كـ صَاحِبِ ٱلْأَحْلَامِ. وبطريقةٍ ما، جلب يوسُف هذا الأمر على نفسه عندما تكلَّم بغباء لإخوته عن الأحلام المعطاة له من الله.
- وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ: بدأت تتكشَّف وتتطوَّر خُطَّتهم لِقَتل يوسُف. كانوا جدِّيِّين بشأنها إلى حدِّ تقديم تبريرٍ لها لأبيهم، عالمين بشكلٍ جيِّد كيف سيُدمِّر هذا يعقوب.
- فَنَرَى مَاذَا تَكُونُ أَحْلَامُهُ: لم يُقاوِموا خُطط يوسُف وآماله وطموحاته وأحلامه للمُستقبل. فقد قاوموا تلك ٱلْأَحْلَامِ التي أُعلِنت من الله. أرادوا التَّأكُّد أنَّه بإمكانهم هزيمة كلمة الله، أي قصد الله الـمُعلَن.
- إنَّ حياة يوسُف لا تخبرنا حقًّا بأيِّ شيءٍ عن تحقيق أحلام الحياة.
- لم يحلُم يوسُف أبدًا بأن يكون عبدًا.
- لم يحلُم يوسُف أبدًا بأن يُتَّهمَ زورًا بالاغتصاب.
- لم يحلُم يوسُف أبدًا بأن يكون منسيًّا في السجن.
- لم يحلُم يوسُف أبدًا بأن يكون ثاني أقوى رجُلٍ في مصر.
- لم يحلُم يوسُف أبدًا بأن يُخلِّص العالَم من المجاعة.
- كان حُلُم الله لِيوسُف أفضل وأعظم من أيِّ حُلُمٍ كان من الممكِن أن يأتي به يوسُف.
- إنَّ التَّركيز على أحلام الحياة قد يكون خطيرًا، ذلك لأنَّنا نجعل من تحقيق الحُلم أهمَّ شيءٍ في حياتنا – نجعله صنَمًا. نُفكِّر بيسوع بطريقةٍ يستطيع من خلالها تحقيقَ أحلامنا نحنُ؛ نجعله اللَّاعِب الرئيسيّ في قصَّة حياتنا. وبدلًا من ذلك، نريد أن نلعب دورًا ما في قصَّة الله التي تتكشَّف أمامنا.
- تُخبِرنا حياة يوسُف الكثير عن كيف يُتمِّم الله كَلِمته. فقد كان الأخوة مُصمِّمين على هزيمة كَلِمة الله. أمَّا كَلِمة الله فَلَن تسقط أو تزول أبدًا.
- ما قالَه الله عن يوسُف هو حقٌّ وسيحدُث ويتحقَّق.
- ما قالَه الله عن يسوع هو حقٌّ وسيحدُث ويتحقَّق.
- إنَّ حياة يوسُف لا تخبرنا حقًّا بأيِّ شيءٍ عن تحقيق أحلام الحياة.
د ) الآيات (٢١-٢٢): خُطَّة رأوبين لإنقاذ يوسُف.
٢١فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: «لَا نَقْتُلُهُ». ٢٢وَقَالَ لَهُمْ رَأُوبَيْنُ: «لَا تَسْفِكُوا دَمًا. اِطْرَحُوهُ فِي هَذِهِ ٱلْبِئْرِ ٱلَّتِي فِي ٱلْبَرِّيَّةِ وَلَا تَمُدُّوا إِلَيْهِ يَدًا». لِكَيْ يُنْقِذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ لِيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ.
- فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ: نُفكِّر بجميع الإخوة العشرة (إذا تركنا جانبًا بنيامين الصَّغير) ونتعجَّب كيف كان بإمكانهم أن يكونوا أشرارًا إلى هذه الدرجة. وكان هناك من بين العشرة رجلٌ صالحٌ. أرادوا أن يقتلوا يوسُف ومن ثمَّ يطرحوهُ في حفرةٍ أو بئر؛ أمَّا رأوبين فقد اقترح رَمْيَهُ في البئر أوَّلًا بدلًا من ذلك، وجعلَ الإخوة يوافقون على ذلك.
- هناك شيءٌ ما رائع جدًّا نراه في رَأُوبَيْن في هذا الأمر، وخصوصًا إذا رجعنا إلى الأصحاحات السَّابقة (تكوين ٣٥) نرى قيامَهُ بأمرٍ رهيب – فقد مارس الجنس مع واحدةٍ من زوجات/سُرِّيَّات أبيه (بِلهَة). لا يُمكننا أن نُصوِّر رَأُوبَيْن فقط ضمن إطار الأمر السيِّئ الَّذي قام به.
- لِكَيْ يُنْقِذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ لِيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ: كان للإخوة الآخَرين خُطَّتهم وكان لِرأوبين خُطَّته. لم يُحاوِل رأوبين أن يمنع إخوته؛ فقد حاول أن يتذاكى عليهم.
- كان من الممكِن لِرأوبين أن يقف ويقول، ‘هذا الأمر خطأ! لا يُمكننا فعل ذلك!’ أراد رأوبين أن يكون رحيمًا مع يوسُف، لكنَّه أراد أيضًا أن يُرضيَ إخوته الآخَرين الَّذين كَرِهوا يوسُف. نعتبِر أنَّ هذا الفشل في فعل الصواب يعني أنَّ الصلاح أو فعل الخير الَّذي أراد رأوبين أن يقوم به (لِيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ) لَن يحدُث.
هـ) الآيات (٢٣-٢٥أ): طُرِح يوسُف في البئر.
٢٣فَكَانَ لَمَّا جَاءَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ أَنَّهُمْ خَلَعُوا عَنْ يُوسُفَ قَمِيصَهُ، ٱلْقَمِيصَ ٱلْمُلَوَّنَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ، ٢٤وَأَخَذُوهُ وَطَرَحُوهُ فِي ٱلْبِئْرِ. وَأَمَّا ٱلْبِئْرُ فَكَانَتْ فَارِغَةً لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ. ٢٥ ثُمَّ جَلَسُوا لِيَأْكُلُوا طَعَامًا.
- أَنَّهُمْ خَلَعُوا عَنْ يُوسُفَ قَمِيصَهُ، ٱلْقَمِيصَ ٱلْمُلَوَّنَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ: وبلذَّةٍ وحشيَّة، تنمَّروا على يوسُف وخلعوا عنه علامة تفضيل والده، ذلك القميصَ الـمُلوَّن.
- نستطيع أن نُصوِّر هذا المشهد ونفتكِر كيف خُلِعَ كلُّ شيءٍ عن يسوع قبل صَلبهِ. عُلِّق يسوع على خشبة الصليب وأُلقيَ يوسُف في بئرٍ عميقة، لكنَّهما كلاهُما جُرِّدا وأُعلِنا أنَّهما لعنة وَوُضِعا في مكانٍ لا أمل في النجاة منه.
- نفتكِر أوَّلًا في يسوع، لكنَّنا نفتكِر أيضًا بِبِرِّ الله الَّذي يُلبِس كلَّ مؤمن، وكيف يتمنَّى عدوُّ أرواحنا أن نشعر بالعُري واللَّعنة والعجز. ولا واحدةٌ من هذه جميعها تنطبِق على يوسُف أو يسوع أو المؤمن اليوم.
- ثُمَّ جَلَسُوا لِيَأْكُلُوا طَعَامًا: كانت شخصيَّة الإخوة القُساة القلوب واضِحة – كانوا يأكلون طعامًا ويوسُف قريبًا منهم في بئر. كانوا يجلسون على الأرض. ويتمتَّعون بالطعام قبل إنجاز جريمتهم بحقِّ يوسُف.
- لاحقًا، يصِف تكوين ٢١:٤٢ إدانة الخطيَّة التي تجاهلوها في تلك اللَّحظة. في تلك الفقرة، يقول الإخوة: حَقًّا إِنَّنَا مُذْنِبُونَ إِلَى أَخِينَا ٱلَّذِي رَأَيْنَا ضِيقَةَ نَفْسِهِ لَمَّا ٱسْتَرْحَمَنَا وَلَمْ نَسْمَعْ. لِذَلِكَ جَاءَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ ٱلضِّيقَةُ. عندما أُلقيَ يوسُف في البئر، ترجَّى إخوته، لكنَّهم تجاهلوا بكاءه بينما كانوا يأكلون طعامهم.
- “يُمكِن للفيزيائيّ المتخصِّص أن يُحصيَ المدَّة المطلوبة لكي تنتقل الصيحات مسافة ٢٥ ياردًا إلى طبلات آذان الإخوة. لكنَّها استغرقت اثنَتَين وعشرين عامًا كي تصِل هذه الصرخات إلى طبلات قلوبهم” بارنهاوس (Barnhouse)
و ) الآيات (٢٥ب-٢٧): خُطَّة بيع يوسُف.
فَرَفَعُوا عُيُونَهُمْ وَنَظَرُوا وَإِذَا قَافِلَةُ إِسْمَاعِيلِيِّينَ مُقْبِلَةٌ مِنْ جِلْعَادَ، وَجِمَالُهُمْ حَامِلَةٌ كَثِيرَاءَ وَبَلَسَانًا وَلَاذَنًا، ذَاهِبِينَ لِيَنْزِلُوا بِهَا إِلَى مِصْرَ. ٢٦فَقَالَ يَهُوذَا لِإِخْوَتِهِ: «مَا ٱلْفَائِدَةُ أَنْ نَقْتُلَ أَخَانَا وَنُخْفِيَ دَمَهُ؟ ٢٧تَعَالَوْا فَنَبِيعَهُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ، وَلَا تَكُنْ أَيْدِينَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخُونَا وَلَحْمُنَا». فَسَمِعَ لَهُ إِخْوَتُهُ.
- وَإِذَا قَافِلَةُ إِسْمَاعِيلِيِّينَ: نُسمِّي هؤلاء بالتُّجار العرَب، تلك العائلة التي انحدرت من عمِّهم الأكبَر إسماعيل، الابن الآخَر لإبراهيم.
- مَا ٱلْفَائِدَةُ أَنْ نَقْتُلَ أَخَانَا وَنُخْفِيَ دَمَهُ: إنَّ الطريقة الوحيدة التي يُوصَف بها هؤلاء الإخوة هي بتسميتهم قُساةً و باردين. كانوا قُساة القلوب على يوسُف وأبيه ووضعوا أنفسهم ضدَّ خطَّة الله. وقرَّروا أنَّه إذا كانوا سيُدمِّرون حياةَ إنسانٍ، فَبإمكانهم أن يجنوا بعضًا من المال.
- أتت هذه الفكرة من يَهُوذَا الَّذي من بين جميع إخوته غدَا جَدًّا للمسيَّا. وكُلَّما أُميط اللِّثامُ عن فصولٍ جديدة من قصَّة حياة يوسُف، نلاحظ أنَّ يَهُوذَا كان أكثر الإخوةِ مُتغيِّرًا في القلب وفي الشخصيَّة.
- لِأَنَّهُ أَخُونَا وَلَحْمُنَا: “لِأَنَّهُ أَخُونَا، دعونا فقط نَبِيعهُ إلى حياة العبوديَّة ونُخبِرُ أبانا أنَّه قد مات” يا لهؤلاء الإخوة!
ز ) الآية (٢٨): بِيعَ يوسُف إلى العبوديَّة.
٢٨وَٱجْتَازَ رِجَالٌ مِدْيَانِيُّونَ تُجَّارٌ، فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ ٱلْبِئْرِ، وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ ٱلْفِضَّةِ. فَأَتَوْا بِيُوسُفَ إِلَى مِصْرَ.
- فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ ٱلْبِئْرِ: وكما أصعدوه من البئر، شعر يوسُف ربَّما بأنَّ هذه هي مَزحَةٌ عمليَّةٍ كبيرة ووحشيَّة. ربَّما أخبر إخوته كم كان نادِمًا وأنَّه تعلَّم الدرس ولَن يتصرَّف بشكلٍ فوقيٍّ أو امتيازيّ معهم بعد الآن.
- لا ندري بماذا نُفكِّر عن إخوة يوسُف: هل نُفكِّر إيجابيًّا لأنَّهم قرَّروا الإبقاء على حياته أو سلبيًّا لأنَّهم قرَّروا الاستغناء عنه والاستفادة من بعض المال في نفس الوقت. يبدو واضحًا أنَّهم كانوا يظنُّون بأنَّ أخاهُم يُساوي عِشْرِينَ مِنَ ٱلْفِضَّةِ.
- وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ ٱلْفِضَّةِ: إذا كان هناك من بصيص أملٍ بالنجاة لِيوسُف عندما أُصعِد من البئر، فقد انتفى كلُّ أملٍ عندما رأى الْإِسْمَاعِيلِيِّينَ وتبادُل المال.
- ربَّما ضحِك الإخوة بينما كان الإسماعيليُّون في طريقهم إلى مصر، وَهُم يشعرون شعورًا جيِّدًا أنَّهم لم يقتلوا يوسُف بل جنَوا بعضًا من المال خلال هذه العمليَّة. والأهمّ من ذلك، فقد اعتقدوا أنَّهم هزموا الحُلُم، ذلك الإعلان من الله.
- ثَبُتَ أنَّ كلمة الله المتعلِّقة بيوسُف هي صحيحة – بغضِّ النظر عمَّا فعله إخوته به.
- ثَبُتَ أنَّ كلمة الله المتعلِّقة بيسوع هي صحيحة – بغضِّ النظر عمَّا فعله الآخَرون به.
- ستثبُتُ كلمة الله المتعلِّقة بك وفيك أنَّها صحيحة – بغضِّ النظر عمَّا فعله أو سيفعله الآخَرون.
- ربَّما ضحِك الإخوة بينما كان الإسماعيليُّون في طريقهم إلى مصر، وَهُم يشعرون شعورًا جيِّدًا أنَّهم لم يقتلوا يوسُف بل جنَوا بعضًا من المال خلال هذه العمليَّة. والأهمّ من ذلك، فقد اعتقدوا أنَّهم هزموا الحُلُم، ذلك الإعلان من الله.
ح) الآيات (٢٩-٣٢): يُخفي الإخوة خطيَّتهم ويكذبون على يعقوب بشأن مصير يوسُف.
٢٩وَرَجَعَ رَأُوبَيْنُ إِلَى ٱلْبِئْرِ، وَإِذَا يُوسُفُ لَيْسَ فِي ٱلْبِئْرِ، فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ. ٣٠ثُمَّ رَجَعَ إِلَى إِخْوَتِهِ وَقَالَ: «ٱلْوَلَدُ لَيْسَ مَوْجُودًا، وَأَنَا إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ؟». ٣١فَأَخَذُوا قَمِيصَ يُوسُفَ وَذَبَحُوا تَيْسًا مِنَ ٱلْمِعْزَى وَغَمَسُوا ٱلْقَمِيصَ فِي ٱلدَّمِ. ٣٢وَأَرْسَلُوا ٱلْقَمِيصَ ٱلْمُلَوَّنَ وَأَحْضَرُوهُ إِلَى أَبِيهِمْ وَقَالُوا: «وَجَدْنَا هَذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ٱبْنِكَ هُوَ أَمْ لَا؟».
- وَرَجَعَ رَأُوبَيْنُ إِلَى ٱلْبِئْرِ، وَإِذَا يُوسُفُ لَيْسَ فِي ٱلْبِئْرِ، فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ: مزَّق رأوبين ثيابه كعلامةٍ على الرعب المطلَق والحِداد، ذلك لأنَّ موقفه البار الضَّعيف لن يُنجِز أيَّ شيءٍ. قد يكون يوسف ميِّتًا بسبب أنَّ والدَه الَّذي أحبَّه لن يرى وجهَهُ مرَّةً أُخرى.
- وَجَدْنَا هَذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ٱبْنِكَ هُوَ أَمْ لَا: يُظهِر هذا أنَّ وحشيَّة أبناء إسرائيل لم تكن مُوجَّهة ضدَّ الابن المفضَّل فحسب بل أيضًا ضدَّ الأبِ الَّذي ميَّزَهُ. كان هذا الفعلُ أُسلوبًا قاسيًا للإتيان بالخبَر وكِذبةً شرِّيرة.
ط) الآيات (٣٣-٣٥): حُزن يعقوب.
٣٣فَتَحَقَّقَهُ وَقَالَ: «قَمِيصُ ٱبْنِي! وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ، ٱفْتُرِسَ يُوسُفُ ٱفْتِرَاسًا». ٣٤فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ، وَوَضَعَ مِسْحًا عَلَى حَقَوَيْهِ، وَنَاحَ عَلَى ٱبْنِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً ٣٥فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ، فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ٱبْنِي نَائِحًا إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ.
- قَمِيصُ ٱبْنِي: يُمكننا فقط تخيُّل ألم الأب الَّذي يخسر ابنه المحبوب، وكذلك أيضًا لذَّة الإخوة بإخفائهم للجريمة. قرَّر إخوة يوسُف أن يُعايشوا هذا السرَّ الرهيب طوال أيَّام حياتهم.
- فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ: كان هذا علامةً للرعب المطلَق والحداد بسبب موت ابنه المحبوب. كان حزنهُ مفهومًا، لكنَّ فشله في فهم حقيقة الحياة الأبديَّة لم يكن كذلك.
- هذا أيضًا تصويرٌ قويٌّ للمبدأ القائل بأنَّه إذا آمنَّا بأمرٍ ما بأنَّه حصل، فسيحصل. لم يكن يوسُف ميِّتًا، لكن طالما أنَّ يعقوب اعتقد بأنَّه كذلك، فبالنسبة لِيعقوب كان يوسُف ميِّتًا. وبنفس الطريقة، نرى أنَّ المسيحيّ أُعتِق من الخطيَّة بالحقِّ، لكن إذا أقنعه الشيطان بأنَّه لا يزال تحت هيمنة الخطيَّة، فقد يكون كذلك بالفعل.
- فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ: إنَّ ادِّعاء العزاءِ من أولئك الَّذين ارتكبوا الجريمة وأخفَوا معالِمها لم يكُن مُساعِدًا ليعقوب.
ي) الآية (٣٦): يحطُّ يوسُف في بلاط مسؤولٍ مصريٍّ رسميٍّ رفيع المستوى.
٣٦وَأَمَّا ٱلْمِدْيَانِيُّونَ فَبَاعُوهُ فِي مِصْرَ لِفُوطِيفَارَ خَصِيِّ فِرْعَوْنَ، رَئِيسِ ٱلشُّرَطِ.
- وَأَمَّا ٱلْمِدْيَانِيُّونَ فَبَاعُوهُ فِي مِصْرَ: كانت مصر مملكة كبيرة ومُزدهِرة على الأقلِّ لمدَّة ألف سنةٍ قبل مجيء يوسُف. كان المصريُّون أغنياء وكانت لديهم مصادر طبيعيَّة هائلة. كانوا مُثقَّفين ولم يكن لهم أيُّ أعداءٍ يُذكَرون في تلك الأيَّام. عندما أتى يوسُف إلى مصر، بدت بعض الأهرام قديمة وأبو الهَولِ محفورًا.
- لكن في عينيّ الله، فإنَّ الشيء الأكثر إثارة للإعجاب بالنسبة إلى مصر هو وجود يوسُف هناك الآن. “بالرغم من خَلْعِ قميصه، لم يتمّ تجريده من شخصيَّته” ماير (Meyer)
- “هذا الولد الرقيق لأبٍ مُتسامح هو الَّذي أُلبِس ثيابًا أميريَّة مُلوَّنة، لكنَّه الآن سيلبس ثوب العبوديَّة ويمشي على الرمال تحت أشعَّة الشمس الملتهبة؛ بالرغم من ذلك لم يكن مأسورًا أو خاضعًا للمعاملة الوحشيَّة التي احتملها بل ناظرًا إلى ما لا يُرى؛ ثُبِّت قلبه بثقةٍ عميقة بالله إله أبيه يعقوب، لأنَّ ‘يهوه كان معه’” سبيرجن (Spurgeon)
- فَبَاعُوهُ فِي مِصْرَ لِفُوطِيفَارَ خَصِيِّ فِرْعَوْنَ، رَئِيسِ ٱلشُّرَطِ: حتَّى في وسط هذا الرعب لم يترك الله يوسُف. ففي بعض النواحي نرى أنَّ احداث القصَّة هذه ستُصبح أسوأ، وعندما تسوء الأمور، سيبقى الله مع يوسُف. يعمل الله ليس من أجل يوسُف فحسب بل أيضًا من أجل إتمام قصده الأسمى في خطَّة الفداء.
- يمكننا أن نشكر الله على خُطَّته العظيمة.
- لو لم تكُن عائلة يوسُف فوضويَّة وغريبة، لما باع إخوة يوسُف أخاهم كعبدٍ.
- لو لم يَبِع إخوة يوسُف أخاهم كعبدٍ، لما ذهب يوسُف إلى مصر أبدًا.
- لو لم يذهب يوسُف إلى مصر، لما بيعَ إلى فوطيفار.
- لو لم يُبَع يوسُف إلى فوطيفار، لما اتَّهمته كذبًا امرأة فوطيفار بالاغتصاب.
- لو لم تتَّهِمُه امرأة فوطيفار زورًا بالاغتصاب، لما وُضِع يوسُف في السجن.
- لو لم يُوضَع يوسُف في السجن، لما التقى بالساقي وبخبَّاز فرعون.
- لو لم يلتقي بالساقي والخبَّاز، لما فسَّر لهما حِلمَيهما.
- لو لم يُفسِّر يوسُف الأحلام، لما فسَّر حُلُم فرعون.
- لو لم يُفسِّر يوسُف حُلُم فرعون، لما أصبح رئيسًا للوزراء وثاني شخصيَّة بعد فرعون.
- لو لم يُصبِح يوسُف رئيسًا للوزراء، لما حضَّر بحكمةٍ لمواجهة المجاعة الرهيبة الآتية.
- لو لم يُحضِّر بحكمةٍ لمواجهة المجاعة الرهيبة الآتية، عندها كانت ستموت عائلته في كنعان بسبب المجاعة.
- لو ماتت عائلة يوسُف في كنعان بسبب المجاعة، عندها لم يكن بإمكان المسيَّا أن يأتي من عائلةٍ ميِّتة.
- لو لم يأتي المسيَّا، لما أتى يسوع أبدًا.
- لو لم يأتي يسوع أبدًا، سنكون جميعنا موتى في الآثام والخطايا لا رجاء لنا في هذا العالَم.
- نحن مُمتنُّون لِعظمة وحكمة خُطَّته.
- يمكننا أن نشكر الله على خُطَّته العظيمة.