سفر أَسْتِير – الإصحاح ١
عزَل الملكة من منصبها
إن سِفر أستير هو آخر الأسفار التاريخية في الكتاب المقدس. وشخصية الرئيسية هي أستير. يعني اسم أستير كوكب الزهرة، كوكب الصباح، الذي يشع نوره بعد أن يختفي بريق كل النجوم الأخرى، وقبل شروق الشمس. هكذا ألقت أعمال الملكة أستير شعاع من النور على تاريخ إسرائيل في زمن مُظلم. “لويس جينزبرج (Louis Ginzberg)
أولًا. الملك أحَشْوِيرُوش (خشایارشا الأول/اكزركسيس) يقيم وليمة عظيمة
أ ) الآيات (١-٢): الملك أحَشْوِيرُوش ومُلْكِهِ.
١وَحَدَثَ فِي أَيَّامِ أَحَشْوِيرُوشَ، هُوَ أَحَشْوِيرُوشُ الَّذِي مَلَكَ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى كُوشٍ عَلَى مِئَةٍ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ كُورَةً، ٢أَنَّهُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ حِينَ جَلَسَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ الَّذِي فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ.
١. وَحَدَثَ فِي أَيَّامِ أَحَشْوِيرُوشَ: هذا الملك أحَشْوِيرُوش من الأسماء المعروفة جدًا في التاريخ، ولكن تحت مُسمى خشایارشا الأول/اكزركسيس. لقد ورث أَحَشْوِيرُوش مملكة فارس الشاسعة والممتدة من والده دَارِيُوسَ الأول (المذكور في مقاطع بالكتاب المقدس مثل عزرا ٤: ٢٤، ٥: ٥-٧، ٦: ١-١٥؛ دانيال ٦: ١ و٦: ٢٥؛ حجي ١: ١٥ و٢: ١٠).
• إن حقيقة وجود هذا الملك وهذه الأحداث نجدها موثّقة على نطاق واسع. وقد اكتشف علماء الآثار أنقاض القصر الذي وقعت فيه هذه الأحداث.
٢. أَنَّهُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ حِينَ جَلَسَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ: في ذلك الوقت، (أي حوالي عام ٤٨٣ قبل الميلاد)، كان أَحَشْوِيرُوش يخطط لغزو محكوم عليه بالفشل لليونان، وهو الذي كان من المفترض أن يحدث بعد عدة سنوات. وفي تلك الفترة، كانت مدينة أثينا مزدهرة في مجدها الكلاسيكي، وكانت اليونان تحتفل بالدورة الأولمبية التاسعة والسبعين.
• في ذلك الوقت، كانت المملكة الفارسية أكبر إمبراطورية عرفها العالم، وقد شملت ما نسميه اليوم بتركيا، والعراق، وإيران، وباكستان، والأردن، ولبنان، وإسرائيل؛ وكذلك أجزاء من مصر الحديثة، والسودان، وليبيا، والجزيرة العربية.
• فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، عاد عَزْرَا إلى أورشليم بعد أن كان قد غزاها البابليون. وكان الهيكل قد أعيد بناؤه قبل حوالي ثلاثين عامًا، وإن كان بشكل أبسط وبدون عظمة هيكل سليمان الأصلي.
• في غضون ٤٠ عامًا، في عهد خليفة أَحَشْوِيرُوش الملك (أَرْتَحْشَسْتَا الأول)، سيعود نحميا إلى أورشليم لإعادة بناء أسوار المدينة التي تم غزوها سابقًا.
ب) الآيات (٣-٩): ثلاث ولائم ملكية.
٣فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ مُلْكِهِ، عَمِلَ وَلِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ جَيْشِ فَارِسَ وَمَادِي، وَأَمَامَهُ شُرَفَاءُ الْبُلْدَانِ وَرُؤَسَاؤُهَا، ٤حِينَ أَظْهَرَ غِنَى مَجْدِ مُلْكِهِ وَوَقَارَ جَلاَلِ عَظَمَتِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً، مِئَةً وَثَمَانِينَ يَوْمًا. ٥وَعِنْدَ انْقِضَاءِ هذِهِ الأَيَّامِ، عَمِلَ الْمَلِكُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ، وَلِيمَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي دَارِ جَنَّةِ قَصْرِ الْمَلِكِ. ٦بِأَنْسِجَةٍ بَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ بِحِبَال مِنْ بَزّ وَأُرْجُوانٍ، فِي حَلَقَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَعْمِدَةٍ مِنْ رُخَامٍ، وَأَسِرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، عَلَى مُجَزَّعٍ مِنْ بَهْتٍ وَمَرْمَرٍ وَدُرّ وَرُخَامٍ أَسْوَدَ. ٧وَكَانَ السِّقَاءُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالآنِيَةُ مُخْتَلِفَةُ الأَشْكَالِ، وَالْخَمْرُ الْمَلِكِيُّ بِكَثْرَةٍ حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ. ٨وَكَانَ الشُّرْبُ حَسَبَ الأَمْرِ. لَمْ يَكُنْ غَاصِبٌ، لأَنَّهُ هكَذَا رَسَمَ الْمَلِكُ عَلَى كُلِّ عَظِيمٍ فِي بَيْتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ رِضَا كُلِّ وَاحِدٍ. ٩وَوَشْتِي الْمَلِكَةُ عَمِلَتْ أَيْضًا وَلِيمَةً لِلنِّسَاءِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ الَّذِي لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ.
١. عَمِلَ وَلِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ: أقيمت الوليمة الأولى لجميع رؤساء الحكومة، حيث أظهر أَحَشْوِيرُوش غِنَى مَجْدِ مُلْكِهِ. واستمرت الوليمة ١٨٠ يومًا.
٢. عَمِلَ الْمَلِكُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ، وَلِيمَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ: كانت الوليمة الثانية لمواطني العاصمة شُوشَن، واستمرت لمدة سبعة أيام.
• بالطبع، كان الغرض الرئيسي لمثل هذه الولائم هو التبَاهِي. أراد الملك أن يُبهر رعاياه من خلال إظهار ثروته وسلطته وجلاله وكرمه. وهذا أمر معتاد أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ (متى ٢٠: ٢٥). ومما لا شك فيه أن أَحَشْوِيرُوش قام بتمويل هذه الولائم من الخزانة العامة.
٣. بِأَنْسِجَةٍ بَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٍ: إن الوصف الحرفي للأنسجة البيضاء في اللغة العبرية القديمة هو: “بأشياء بيضاء.” وربما يكون هذا دليل على أن سِفر أستير سجل التفاصيل الزخرفية بعين رجل وليس بعين امرأة.
٤. وَكَانَ الشُّرْبُ حَسَبَ الأَمْرِ، لَمْ يَكُنْ غَاصِبٌ: من بين بعض العادات القديمة، كان كل ضيف مُلزَم بأن يحتسي مشروبًا مرة واحدة فقط في الوليمة الأولى، وإلا سيُطلب منهم مغادرة الحفلة. أما في هذه الوليمة الثانية، فقد أمر الملك بأن يُقدم للضيوف كل ما يريدونه وبلا قيود.
٥. وَشْتِي الْمَلِكَةُ عَمِلَتْ أَيْضًا وَلِيمَةً: أُقيمت الوليمة الثالثة للنساء في القصر، والتي أقامتها هي وَشْتِي الْمَلِكَةُ، زوجة الملك أَحَشْوِيرُوش.
ثانيًا. طَرد الْمَلِكَةُ وَشْتِي
أ ) الآيات (١٠-١١): الملك أَحَشْوِيرُوش يطلب من زوجته وَشْتِي أن تستعرض جَمالها أمام ضيوف الوليمة.
١٠فِي الْيَوْمِ السَّابعِ لَمَّا طَابَ قَلْبُ الْمَلِكِ بِالْخَمْرِ، قَالَ لِمَهُومَانَ وَبِزْثَا وَحَرْبُونَا وَبِغْثَا وَأَبَغْثَا وَزِيثَارَ وَكَرْكَسَ، الْخِصْيَانِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، ١١أَنْ يَأْتُوا بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ بِتَاجِ الْمُلْكِ، لِيُرِيَ الشُّعُوبَ وَالرُّؤَسَاءَ جَمَالَهَا، لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ.
١. لَمَّا طَابَ قَلْبُ الْمَلِكِ بِالْخَمْرِ: من الواضح أن المعنى المتضمن هو أن أَحَشْوِيرُوش كان ثملًا.
٢. أَنْ يَأْتُوا بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ بِتَاجِ الْمُلْكِ: وفقًا للتقاليد اليهودية، يقول اليهود أن هذا الطلب نتج عن جدال بين الرجال في الوليمة حول أي بلد يوجد فيه أجمل النساء. فقرر أَحَشْوِيرُوش تسوية النزاع من خلال عرض زوجته الملكة أمام الجميع.
٣. لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ: رُغم عدم ذكر ذلك بشكل صريح، إلا أن المعنى الضمني هو أنه كان من المتوقع أن تستعرض وَشْتِي نفسها بطريقة غير محتشمة.
ب) الآية (١٢): الملكة وَشْتِي ترفض الظهور أمام الضيوف السكارى.
١٢فَأَبَتِ الْمَلِكَةُ وَشْتِي أَنْ تَأْتِيَ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ، فَاغْتَاظَ الْمَلِكُ جِدًّا وَاشْتَعَلَ غَضَبُهُ فِيهِ.
١. فَأَبَتِ الْمَلِكَةُ وَشْتِي أَنْ تَأْتِيَ: على الرغم من عدم اتباع وَشْتِي للإله الحقيقي، إلا أن لديها ما يكفي من الحكمة والحشمة لتدرك أنها لا ينبغي أن تفعل مثل هذا التصرف.
• يعلن الكتاب المقدس أنه على الزوجات مسؤولية الخضوع لأزواجهن (أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، أفسس ٥: ٢٢)، ولكن هذا لا يعني أنه على الزوجة أن تطيع زوجها حتى إذا أمرها أن تخطئ للرب. إن كل وصية بالخضوع على المستوى الإنساني مشروطة بالالتزام الأعلى، الذي هو الطاعة لله قبل الطاعة للبشر.
• ومع ذلك، من المهم بالنسبة للمؤمن في مثل هذه الظروف أن يحافظ على موقف يتسم بالخضوع والاحترام تجاه من هو في سلطة أعلى. فيمكن للمؤمن أن يرفض الانصياع للأوامر، ولكن عليه القيام بذلك بكل وداعة. ومن المستحيل معرفة ما إذا كانت الملكة وَشْتِي قد أظهرت هذا الاتجاه في ذلك الموقف أم لا.
• تقول التقاليد اليهودية أن رفضها لأمر الملك لم يكن له علاقة بالحشمة. إذ تقول هذه القصص إنها كانت مستعدة للظهور أمام الضيوف وهي عارية تمامًا، إلا أن الله ضربها بالبرص عندما تلقت الأوامر (وهو تقليد خيالي واضح).
٢. فَاغْتَاظَ الْمَلِكُ جِدًّا وَاشْتَعَلَ غَضَبُهُ فِيهِ: كانت الملكة وَشْتِي في وضع بالغ الخطورة. من الواضح أنها ليست هي من وضعت نفسها في هذا الموقف لأنها لم تكن حتى في الوليمة.
• من المؤسف أن العديد من النساء اليوم يضعن أنفسهن في مواقف محفوفة بالمخاطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالكحول، مما يظهر افتقارهن الملحوظ للحكمة. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال تصرفات الرجال الشريرة ضد امرأة غير حكيمة في مثل هذا الموقف.
• “أية امرأة هذه التي تملك نصيب من الحكمة والتواضع، يمكنها أن توافق على عرض نفسها أمام هؤلاء المُعربدين السكارى؟ إن شجاعتها كانت تعادل حشمتها: لقد كانت ستتحدى المرسوم الملكي بدلًا من انتهاكها لقواعد اللياقة والحشمة… تحية لك أيتها المرأة النبيلة! ليتك تكونين قُدوَة تحتذي بها كل النساء في ظروف مماثلة!” كلارك (Clarke)
ج) الآيات (١٣-٢٢): نَفي وَشْتِي.
١٣وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْحُكَمَاءِ الْعَارِفِينَ بِالأَزْمِنَةِ، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ أَمْرُ الْمَلِكِ نَحْوَ جَمِيعِ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ، ١٤وَكَانَ الْمُقَرِّبُونَ إِلَيْهِ كَرْشَنَا وَشِيثَارَ وَأَدْمَاثَا وَتَرْشِيشَ وَمَرَسَ وَمَرْسَنَا وَمَمُوكَانَ، سَبْعَةَ رُؤَسَاءِ فَارِسَ وَمَادِي الَّذِينَ يَرَوْنَ وَجْهَ الْمَلِكِ وَيَجْلِسُونَ أَوَّلاً فِي الْمُلْكِ: ١٥«حَسَبَ السُّنَّةِ، مَاذَا يُعْمَلُ بِالْمَلِكَةِ وَشْتِي لأَنَّهَا لَمْ تَعْمَلْ كَقَوْلِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ؟» ١٦فَقَالَ مَمُوكَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ: «لَيْسَ إِلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ أَذْنَبَتْ وَشْتِي الْمَلِكَةُ، بَلْ إِلَى جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ فِي كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. ١٧لأَنَّهُ سَوْفَ يَبْلُغُ خَبَرُ الْمَلِكَةِ إِلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ، حَتَّى يُحْتَقَرَ أَزْوَاجُهُنَّ فِي أَعْيُنِهِنَّ عِنْدَمَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَلِكَ أَحَشْوِيرُوشَ أَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِهِ فَلَمْ تَأْتِ. ١٨وَفِي هذَا الْيَوْمِ تَقُولُهُ رَئِيسَاتُ فَارِسَ وَمَادِي اللَّوَاتِي سَمِعْنَ خَبَرَ الْمَلِكَةِ لِجَمِيعِ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ. وَمِثْلُ ذلِكَ احْتِقَارٌ وَغَضَبٌ. ١٩فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ، فَلْيَخْرُجْ أَمْرٌ مَلِكِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَلْيُكْتَبْ فِي سُنَنِ فَارِسَ وَمَادِي فَلاَ يَتَغَيَّرَ، أَنْ لاَ تَأْتِ وَشْتِي إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، وَلْيُعْطِ الْمَلِكُ مُلْكَهَا لِمَنْ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا. ٢٠فَيُسْمَعُ أَمْرُ الْمَلِكِ الَّذِي يُخْرِجُهُ فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ لأَنَّهَا عَظِيمَةٌ، فَتُعْطِي جَمِيعُ النِّسَاءِ الْوَقَارَ لأَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ». ٢١فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي أَعْيُنِ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ، وَعَمِلَ الْمَلِكُ حَسَبَ قَوْلِ مَمُوكَانَ. ٢٢وَأَرْسَلَ كُتُبًا إِلَى كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ، إِلَى كُلِّ بِلاَدٍ حَسَبَ كِتَابَتِهَا، وَإِلَى كُلِّ شَعْبٍ حَسَبَ لِسَانِهِ، لِيَكُونَ كُلُّ رَجُل مُتَسَلِّطًا فِي بَيْتِهِ، وَيُتَكَلَّمَ بِذلِكَ بِلِسَانِ شَعْبِهِ.
١. أَنْ لاَ تَأْتِ وَشْتِي إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، وَلْيُعْطِ الْمَلِكُ مُلْكَهَا لِمَنْ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا: أظهر الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوش بأخذه لنصيحة مَمُوكَان، أنه غير متعقل ومُخطِئ. كان عليه أن يُقدّر كرامة زوجته المَلِكَة. ومع ذلك، تبين الروايات التاريخية أن أَحَشْوِيرُوش كثيرًا ما أتسم بعدم التعقّل والغباء.
• ففي إحدى المناسبات، أمر أَحَشْوِيرُوش بإعدام بناة أحد الجسور بعد أن دمرته أعاصير المحيط. ثم أمر بمعاقبة البحر نفسه بضرب مياهه وتقييد أمواجه.
٢. لِيَكُونَ كُلُّ رَجُل مُتَسَلِّطًا فِي بَيْتِهِ: كان الغرض من العقوبة القاسية للملكة وَشْتِي هو ألا تكون قدوة سيئة للنساء في مملكة فارس. لقد أراد أَحَشْوِيرُوش تعزيز فكرة قيادة الرجل في بيته.
• لقد كانوا يخشون أنه عندما يصل خَبَر ما فعلته الملكة إلى كل النساء، سوف يحتقرن أَزْوَاجُهُنَّ فِي أَعْيُنِهِنَّ، أي أن يكون هناك احْتِقَارٌ وَغَضَبٌ. وبالتالي أرادوا أن يضمنوا أن يَكُونَ كُلُّ رَجُل مُتَسَلِّطًا فِي بَيْتِهِ.
• كان الهدف المُقدم هنا جديرًا بالثناء ويؤكد الحاجة الأساسية لكل رجل ليشعر بالاحترام والتكريم من زوجته. ويمكن تلخيص توجيهات بولس للزوجات على النحو التالي: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا – أي أن تُعامِلِ الزَّوجَة زَوجَها باحتِرامٍ شَدِيدٍ (أفسس ٥: ٣٣). فاحترام الزوجة لزوجها هو من أثمن الهدايا التي يمكن أن تقدمها له.
• ومع ذلك، فإن الأساليب المستخدمة هنا لاكتساب هذا الاحترام والحفاظ عليه كانت غبية. فلا يمكن للرجل أن يأمر زوجته بالاحترام أو يجبرها عليه – فإذا لم تُقدم الزوجة هذا الاحترام بحريتها، فهو لا يحمل أي قيمة حقيقية.