سفر أستير – الإصحاح ٧
نِهَايَة هَامَان
أولًا. الْوَلِيمَة الْثَّانِيَة
أ ) الآيات (١-٤): وأخيرًا، تقدم أَسْتِير طلبها: أرجوك أنقذ حياتي!
١فَجَاءَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ لِيَشْرَبَا عِنْدَ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةِ. ٢فَقَالَ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَيْضًا عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ: «مَا هُوَ سُؤْلُكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ فَيُعْطَى لَكِ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ وَلَوْ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُقْضَى». ٣فَأَجَابَتْ أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ وَقَالَتْ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ، فَلْتُعْطَ لِي نَفْسِي بِسُؤْلِي، وَشَعْبِي بِطِلْبَتِي. ٤لأَنَّنَا قَدْ بِعْنَا أَنَا وَشَعْبِي لِلْهَلاَكِ وَالْقَتْلِ وَالإِبَادَةِ. وَلَوْ بِعْنَا عَبِيدًا وَإِمَاءً لَكُنْتُ سَكَتُّ، مَعَ أَنَّ الْعَدُوَّ لاَ يُعَوِّضُ عَنْ خَسَارَةِ الْمَلِكِ».
١. فَلْتُعْطَ لِي نَفْسِي بِسُؤْلِي، وَشَعْبِي بِطِلْبَتِي: أظهرت أَسْتِير كِيَاسة ملحوظة حتى عندما قدمت طلبها. ولم تكشف على الفور عن هويتها كيهودية، أي ضمن المجموعة المستهدفة للذبح – مثلما فعل هَامَان حينما أخفى هوية المجموعة التي كان ينوي إيذاءها عندما قدم التماسه (أستير ٣: ٨).
٢. فَلْتُعْطَ لِي نَفْسِي بِسُؤْلِي: أظهرت أَسْتِير أيضًا حكمة في طريقة صياغة طلبها، فقدمت التماسها على أساس شخصي، وهي تعلم أنها لم تفعل شيئًا أبدًا من قبل سوى إرضاء الملك.
ب) الآية (٥): رد فعل الملك: من هذا الرجل الشرير؟
٥فَتَكَلمَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ وَقَالَ لأَسْتِيرَ الْمَلِكَةِ: «مَنْ هُوَ؟ وَأَيْنَ هُوَ هذَا الَّذِي يَتَجَاسَرُ بِقَلْبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هكَذَا؟»
١. مَنْ هُوَ؟ وَأَيْنَ هُوَ هذَا الَّذِي يَتَجَاسَرُ بِقَلْبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هكَذَا؟: كان ينبغي أن يعرف أَحَشْوِيرُوش أنه هو من اعتمد مثل هذه الخطة. فعلى الرغم من أن أَحَشْوِيرُوش فعل ذلك عن جهل، إلا أنه هو من أعطى الإذن لهَامَان لتنفيذ هذه المؤامرة (أستير ٣: ١٠-١١).
ج) الآية (٦): أَسْتِير تعيِّن هوية المُذنب.
٦فَقَالَتْ أَسْتِيرُ: «هُوَ رَجُلٌ خَصْمٌ وَعَدُوٌّ، هذَا هَامَانُ الرَّدِيءُ». فَارْتَاعَ هَامَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالْمَلِكَةِ.
١. هُوَ رَجُلٌ خَصْمٌ وَعَدُوٌّ، هذَا هَامَانُ الرَّدِيء: كشفت أَسْتِير عن حقيقة هَامَان – أنه هُوَ رَجُلٌ خَصْمٌ وَعَدُوٌّ وليس خادمًا أمينًا للملك. لقد كان شغوفًا أكثر بشهرته الخاصة وبمكانته أكثر مما هو في صالح الملك.
٢. فَارْتَاعَ هَامَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالْمَلِكَةِ: لم يتخيل هَامَان أبدًا أن أَسْتِير كانت يهودية؛ وهو الآن يقف أمام الملك بتهمة التخطيط لقتل زوجة الملك.
• والآن تتضح حكمة طلب أَسْتِير الغريب بدعوة هَامَان إلى هذه الولائم؛ لقد أدى ذلك إلى تعظيم الأثر إلى أقصى حد على الملك وعلى هَامَان نفسه.
ثانيًا. نِهَايَة هَامَان التَعِيسة
أ ) الآيات (٧-٨): هلاك هَامَان المؤكد.
٧فَقَامَ الْمَلِكُ بِغَيْظِهِ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ إِلَى جَنَّةِ الْقَصْرِ. وَوَقَفَ هَامَانُ لِيَتَوَسَّلَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى أَسْتِيرَ الْمَلِكَة، لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ. ٨وَلَمَّا رَجَعَ الْمَلِكُ مِنْ جَنَّةِ الْقَصْرِ إِلَى بَيْتِ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَهَامَانُ مُتَوَاقِعٌ عَلَى السَّرِيرِ الَّذِي كَانَتْ أَسْتِيرُ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَلِكُ: «هَلْ أَيْضًا يَكْبِسُ الْمَلِكَةَ مَعي فِي الْبَيْتِ؟» وَلَمَّا خَرَجَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ فَمِ الْمَلِكِ غَطَّوْا وَجْهَ هَامَانَ.
١. فَقَامَ الْمَلِكُ بِغَيْظِهِ: امتلأ الملك بِغَيْظِهِ، ربما لأنه أدرك أخيرًا أن هَامَان قد خدعه حتى يُفعّل مرسوم قتل اليهود، وكأنه أحمق.
٢. هَلْ أَيْضًا يَكْبِسُ الْمَلِكَةَ مَعي فِي الْبَيْتِ؟: رغم كل توسلات هَامَان، إلا أنه أوقع نفسه في مشكلة أكبر – والآن ها هو متّهم بالاعتداء على أَسْتِير!
• تقول إحدى الكتابات اليهودية أن الملاك جبرائيل دفع هَامَان، فسقط على الأريكة الخاصة بأَسْتِير حال دخول الملك أَحَشْوِيرُوش الغرفة.
٣. غَطَّوْا وَجْهَ هَامَان: تم تغطية رأس هَامَان إعدادًا للإعدام.
ب) الآيات (٩-١٠): إِعْدام هَامَان.
٩فَقَالَ حَرْبُونَا، وَاحِدٌ مِنَ الْخِصْيَانِ الَّذِينَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ: «هُوَذَا الْخَشَبَةُ أَيْضًا الَّتِي عَمِلَهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ نَحْوَ الْمَلِكِ قَائِمَةٌ فِي بَيْتِ هَامَانَ، ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا». فَقَالَ الْمَلِكُ: «اصْلِبُوهُ عَلَيْهَا». ١٠فَصَلَبُوا هَامَانَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمُرْدَخَايَ. ثُمَّ سَكَنَ غَضَبُ الْمَلِكِ.
١. هُوَذَا الْخَشَبَةُ… ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا: من المحتمل أن هامان لم يُشنق، كما حدث مع أولئك الذين تم إعدامهم في أستير ٢: ٢٣، بل غُرِز فيه وتد كبير وهو شكل قديم من أشكال الصلب.
٢. الْخَشَبَةُ الَّتِي عَمِلَهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ: لقى هَامَان حتفه على نفس الأداة التي كان ينوي استخدامها على مُرْدَخَاي. لقد سقط هو في الفخ الذي نصبه لِمُرْدَخَاي.
• غالبًا ما يعمل الله بهذه الطريقة، وعلينا أن نصلي كما صلّى كاتب المزمور: هُوَذَا يَمْخَضُ بِالإِثْمِ. حَمَلَ تَعَبًا وَوَلَدَ كَذِبًا. كَرَا جُبًّا. حَفَرَهُ، فَسَقَطَ فِي الْهُوَّةِ الَّتِي صَنَعَ. يَرْجعُ تَعَبُهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَعَلَى هَامَتِهِ يَهْبِطُ ظُلْمُهُ. (مزمور ١٤:٧-١٦)
• ولعل أعظم مثال على ما حدث هنا هو عندما ظن الشيطان أنه انتصر عن طريق تحريض الْجَمْع على صلب يسوع، ولكن تحول الأمر ليصبح الصليب هو نفس أداة هزيمة الشيطان.
٣. فَصَلَبُوا هَامَانَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمُرْدَخَايَ. ثُمَّ سَكَنَ غَضَبُ الْمَلِكِ: إن موت البديل أشبع وسَكَنَ غَضَبُ الْمَلِك. وفي حالة مُرْدَخَاي وهَامَان، مات المذنب عوضًا عن البريء؛ أما في حالة يسوع معنا، فقد مات البريء عوضًا عن المذنب.