ملوك الأول ١
سليمان يتوج ملكًا
كان سفرا الملوك الأول والثاني في الأصل سفرًا واحدًا. لا نعرف هوية كاتب هذا السفر، ولكن يقول التقليد اليهودي إن إرميا ربما يكون الكاتب المرجح. يقدم وايزمان (Wiseman) تلخيصًا جيدًا لسفري الملوك الأول والثاني: “يغطي السرد ما يقرب من خمسمئة عام من بدء الملكية إلى كسوفها. إنها قصة صعود الممالك وسقوطها، قصة وعد سامٍ وفشل ذريع، قصة مأساة ومع ذلك رجاء.”
أولًا. عرض أَدُونِيَّا لاستلام العرش
أ ) الآيات (١-٤): ضعف حالة الملك داود
١وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُدَثِّرُونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. ٢فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ». ٣فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ، فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. ٤وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدًّا، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ، وَلكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا.
١. وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ: كانت هذه آخر أيام عهد مجيد. تقدم داود في السن كثيرًا حتى تعذّر عليه أن يحس بالدفء، ناهيك عن قيادة الأمة.
• كان داود قد بلغ سنَّ السبعين في هذا الوقت. وكان يبدو أكبر جدًا من عمره الحقيقي، ولكن بالنسبة لداود، لم يكن الأمر متعلقًا بعدد السنوات – بل بما أنجز أثناءها. بدا وكأنه عاش حياة أربعة أو خمسة رجال في حياته.
٢. وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ: قد يبدو هذا غريبًا – وربما غير أخلاقي – بالنسبة لنا، لكنه كان تصرفًا لائقًا ليسمح به داود. ولم يُعد هذا غيمة أخلاقية فوق أيام داود الأخيرة.
• كانت هذه ممارسة تنسجم تمامًا مع العادات الطبية المتبعة في ذلك العصر، وقد ذكر هذه الممارسة الطبيب الإغريقي غالن. وعندما وصف يوسيفوس هذا في كتابه ’آثار اليهود‘ قال إن هذا علاج طبي، ودعا العبيد المذكورين في ١ ملوك ٢:١ “أطباء.”
• كانت هذه ممارسة سليمة لأن من المؤكد تقريبًا أن داود ضم هذه الفتاة إلى مجموعة حريم الملك لترعاه. بينما لم يكن من الحكمة أن يتزوج داود بغير زوجة، إلا أن تعدد الزوجات لم يكن غير شرعي في ذلك الوقت أو محظورًا من قبل الله. سيحكم أدونيا على نفسه بالموت لاحقًا بطلبه الزواج من أَبِيشَج. سيُعد طلبه شائنًا جدًا إن كانت أَبِيشَج خليلة داود.
• لذلك اختاروا شابة مؤهلة للزواج أو محظية (عذراء) وفاتنة جدًا. “سيشغل جمالها عواطفه، وينعش روحه، ويدعوه إلى العناق المتواصل لتنقل له حرارة جسمها، وهذا هو المقصود.” بوله (Poole).
٣. أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ: منذ العصور القديمة، أراد الكثيرون أن يربطوا هذه الشابة الجميلة بشولمّيت التي ورد ذكرها في سفر نشيد الأنشاد (نشيد الأنشاد ٦: ١٣).
• “تقول إحدى النظريات، أنه بينما كانت تخدم داود، بدأت علاقة عاطفية مع ابنه سليمان وأصبحت في ما بعد موضوع قصيدة حبه.” ديلداي (Dilday)
• ومع ذلك، يجب أن نقول إن هذا في أحسن الأحوال تخمين – وإن أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّة (Shumen) ليس هي شولميث (Shulam). “تقع قرية شونم، المسماة اليوم ’سولم‘، ١١ كلم جنوب شرقي مدينة الناصرة و٥ كلم شمال يزرعيل في تخوم يساكر. وقد زارها النبي أليشع (٢ ملوك ٤: ٨). ليست هناك حاجة إلى ربط هوية أبيشج بهوية شولميث المذكورة في نشيد الأنشاد ٦:١٣.” وايزمان (Wiseman)
٤. فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ: يظهر هذا المشهد ضعف داود في معالجة مسألة تحديد خليفته. لم يستطع الملك داود الصمود لفترة أطول، وقد اتسم تاريخ عائلته بالخيانة والقتل. لهذا يستحق أن نتساءل في هذه المرحلة، إن كانت عملية انتقال الحكم من داود إلى الملك التالي ستكون غير دموية.
ب) الآية (٥): تجاسُر أَدُونِيَّا
٥ثُمَّ إِنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ تَرَفَّعَ قَائِلاً: «أَنَا أَمْلِكُ». وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ أَمَامَهُ.
١. تَرَفَّعَ قَائِلًا: تذكر الآيات في ٢ صموئيل ٣: ٢-٥ أبناء داود، ومن بينهم أدونيا الابن الرابع. نعلم أن اثنين من الأبناء الثلاثة الأكبر سنًا من أدونيا قد ماتا (أمنون وأبشالوم)، ونعتقد أن الابن الأكبر الثالث (كيلآب) إما مات أو لم يكن لائقًا للحكم لأنه لم يذكر عنه شيء بعد ٢ صموئيل ٣: ٣. وبصفة أدونيا أكبر أبناء داود الأحياء، سيُعَد وفقًا للتقاليد وريثًا للعرش. ولكن لم يترك عرش إسرائيل للقواعد الوراثية فقط؛ فالله هو الذي يعين الملك القادم.
• لقد خالف أدونيا مبدًأ أساسيًا في الكتاب المقدس وهو أننا يجب أن ندع الله يرفعنا لا أنفسنا.
“لأَنَّهُ لاَ مِنَ الْمَشْرِقِ
وَلاَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَلاَ مِنْ بَرِّيَّةِ الْجِبَالِ.
وَلكِنَّ اللهَ هُوَ الْقَاضِي. هذَا يَضَعُهُ،
وَهذَا يَرْفَعُهُ.” (مزمور ٧٥: ٦-٧)
“اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.” (يعقوب ٤: ١٠)
٢. وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ أَمَامَهُ: قام أدونيا بحملة تسويقية جيدة، وعرف كيف يقدم نفسه كملك. فكان يأمل أنه إن ظهر بمظهر الملك، سيصبح ملكًا في الواقع.
• “كانت هذه في الواقع قوة عسكرية شخصية تهدف إلى استباق مطالبة سليمان بالعرش بالقيام بانقلاب عسكري. وكان الانقلاب بقيادة حارس شخصي مقرب من العائلة المالكة.” وايزمان (Wiseman)
• كان أدونيا أخا أبشالوم، ومن شأن إلقاء نظرة سريعة على ٢ صموئيل ١٥: ١ أن يبيّن أنه “حذا حذو أخيه أبشالوم تمامًا.” كلارك (Clarke)
ج) الآية (٦): سمات أدونيا
٦وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ قَائِلاً: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هكَذَا؟» وَهُوَ أَيْضًا جَمِيلُ الصُّورَةِ جِدًّا، وَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ أَبْشَالُومَ.
١. وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ: من المؤسف أن داود لم يحْسن تربية أولاده. فشل داود في كبح جماح عواطفه في بعض مجالات حياته، وأظهر أبناؤه عدم قدرتهم على كبح جماح عواطفهم أيضًا. يعود ذلك جزئيًا إلى أن داود لم يؤدب أبناءه جيدًا.
• يبدو أن علاقة داود بأبيه لم تكن جيدة جدًا (صموئيل الأول ١٦: ١١). ويبدو أن التأثير الإلهي في حياته أتى من أمه أكثر منه من والده. فقد أشار مرتين في المزامير إلى أمه كجارية للرب (مزمور ٨٦: ١٦ و١١٦: ١٦). فمن المحتمل إذًا أن داود لم يحظَ بمثال جيد للأبوة من والده.
• لكن هذا لا يعفيه من تقصيره كأب. لقد عرف كيف عامله أبيه السماوي – كيف تعزَّى وكيف ساعدته وأدبته عصا الراعي (مزمور ٢٣: ٤). وكان من الممكن أن يتعلم كيف يكون أبًا صالحًا من أبيه السماوي. حتى قبل أن يكتب هذا في سفر، كان بإمكان داود أن يعرف مشورة سفر الأمثال ٢٩: ١٧ “أَدِّبِ ابْنَكَ فَيُرِيحَكَ وَيُعْطِيَ نَفْسَكَ لَذَّاتٍ.”
• “لم يكن داود صارمًا بما فيه الكفاية مع أبنائه، ما سبّب الألم في حياته.” تراب (Trapp)
٢. وَهُوَ أَيْضًا جَمِيلُ الصُّورَةِ جِدًّا: كان داود وسيمًا وكان مفتونًا بالجميلات. ولا يفاجئنا أبدًا أن يكون أولاد داود وسيمين أيضًا. وقد أعطاهم هذا ميزة غير عادلة ومؤسفة.
د ) الآيات (٧-١٠): مأدبة أَدُونِيَّا
٧وَكَانَ كَلاَمُهُ مَعَ يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ، وَمَعَ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ، فَأَعَانَا أَدُونِيَّا. ٨وَأَمَّا صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَشِمْعِي وَرِيعِي وَالْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ لِدَاوُدَ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ أَدُونِيَّا. ٩فَذَبَحَ أَدُونِيَّا غَنَمًا وَبَقَرًا وَمَعْلُوفَاتٍ عِنْدَ حَجَرِ الزَّاحِفَةِ الَّذِي بِجَانِبِ عَيْنِ رُوجَلَ، وَدَعَا جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْمَلِكِ وَجَمِيعَ رِجَالِ يَهُوذَا عَبِيدِ الْمَلِكِ، ١٠وَأَمَّا نَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو وَالْجَبَابِرَةُ وَسُلَيْمَانُ أَخُوهُ فَلَمْ يَدْعُهُمْ.
١. فَأَعَانَا أَدُونِيَّا: من المحزن أن كلًّا من يُوآب (قائد الجيش) وأَبِيَاثَار (رئيس الكهنة) دعما أدونيا. لم يستشيروا الرب أو داود في دعمهم لابن داود الذي لا يستحق.
• إنه لأمر محزن أن نرى هؤلاء المقربين من داود ينقلبون ضده في آخر أيامه. ربما سعى يُوآب إلى الانتقام من اختيار داود لِعَمَاسَا بدلًا منه (٢ صموئيل ١٩: ١٣)، ولأنه صار لبَنَايَاهُو سلطة أكبر في الجيش. ربما شعر أَبِيَاثَار بالغيرة من صَادُوقُ رئيس الكهنة (٢ صموئيل ٨ :١٧). “تحول التنافس المهني إلى كراهية مريرة.” ماكلارين (Maclaren)
• “كان يُوآب، أقوى أنصار أدونيا، مخلصًا دائمًا لداود، لكن ليس لرغبات داود. ففي دعم يوآب لتولي أدونيا العرش، كان يتصرف على طبيعته.” باترسون وأوستل (Patterson and Austel)
• “لطخ كل من يوآب وأبياثار حياة متسمة بالإخلاص وكسروا روابط مقدسة، لأنهما فكرا في أنفسهما بدلًا من التفكير في إرادة الله.” ماكلارين (Maclaren)
٢. وَأَمَّا صَادُوقُ… وَنَاثَانُ… وَالْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ لِدَاوُدَ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ أَدُونِيَّا: لحسن الحظ، كانت هناك بعض الشخصيات البارزة في إسرائيل لم تدعم أدونيا.
٣. فَذَبَحَ أَدُونِيَّا غَنَمًا وَبَقَرًا وَمَعْلُوفَاتٍ: الفكرة هنا أن أدونيا أحرق شحم هذه الحيوانات وقدمها كذبيحة للرب، واستخدم اللحم لإقامة حفل عشاء تكريمًا لأنصاره.
• ومع ذلك، كان من المهم أن تكون هذه ذبيحة ووليمة في نفس الوقت. “لم يقم وليمة رائعة فحسب، بل قدم ذبيحة عظيمة أيضًا؛ وبعمله هذا أوحى للجميع بأنه حصل على سلطانه من الله.” كلارك (Clarke)
ثانيًا. ناثان وبثشبع يتشفعان لسليمان.
أ ) الآيات (١١-١٤): يشارك ناثان خطته مع بثشبع.
١١فَكَلَّمَ نَاثَانُ بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ قَائِلاً: «أَمَا سَمِعْتِ أَنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ قَدْ مَلَكَ، وَسَيِّدُنَا دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ؟ ١٢فَالآنَ تَعَالَيْ أُشِيرُ عَلَيْكِ مَشُورَةً فَتُنَجِّي نَفْسَكِ وَنَفْسَ ابْنِكِ سُلَيْمَانَ. ١٣اِذْهَبِي وَادْخُلِي إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ وَقُولِي لَهُ: أَمَا حَلَفْتَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لأَمَتِكَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ فَلِمَاذَا مَلَكَ أَدُونِيَّا؟ ١٤وَفِيمَا أَنْتِ مُتَكَلِّمَةٌ هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ، أَدْخُلُ أَنَا وَرَاءَكِ وَأُكَمِّلُ كَلاَمَكِ».
١. وَسَيِّدُنَا دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ: يُظهر هذا خطأ محاولة أدونيا الاستيلاء على العرش وإلى أي مدى كان داود ضعيفًا كملك. إذ لم يكن يعلم ما يدور حوله في المملكة.
٢. فَتُنَجِّي نَفْسَكِ وَنَفْسَ ابْنِكِ سُلَيْمَانَ: علم ناثان أنه إذا أصبح أدونيا ملكًا، فإنه سيقتل على الفور أي منافس له على العرش، بما في ذلك بثشبع وسليمان.
٣. إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي: كان هذا وعد داود الذي قطعه لبتشبع. لم يُسجل هذا الوعد في الأسفار المقدسة، لكننا نعلم من أخبار الأيام الأول ٢٢: ٥-٩ أن داود قصد أن يكون سليمان ملكًا بعده.
• كان هذا عرضًا رائعًا للنعمة – أن يصبح الابن الذي كان ثمر أسوأ فضيحة في حياة داود (علاقة زنا وقتل) وريثًا للعرش.
٤. وَفِيمَا أَنْتِ مُتَكَلِّمَةٌ هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ، أَدْخُلُ أَنَا وَرَاءَكِ وَأُكَمِّلُ كَلاَمَكِ: علم ناثان أن داود كان متساهلًا بشكل عام مع أبنائه وسيجد صعوبة في تصديق أن أدونيا سيفعل مثل هذا الشيء. فرتب الأمر بحيث تعرض الرسالة بطريقة مقنعة.
ب) الآيات (١٥-٢٧): بثشبع وناثان يخبران داود عن مطالبة أدونيا بالعرش.
١٥فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الْمِخْدَعِ. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدًّا وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ. ١٦فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟» ١٧فَقَالَتْ لَهُ «أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلهِكَ لأَمَتِكَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. ١٨وَالآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَالآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لاَ تَعْلَمُ ذلِكَ. ١٩وَقَدْ ذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ وَيُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ، وَلَمْ يَدْعُ سُلَيْمَانَ عَبْدَكَ. ٢٠وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ أَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِكَيْ تُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ. ٢١فَيَكُونُ إِذَا اضْطَجَعَ سَيِّدِي الْمَلِكُ مَعَ آبَائِهِ أَنِّي أَنَا وَابْنِي سُلَيْمَانَ نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ». ٢٢وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. ٢٣فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ». فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. ٢٤وَقَالَ نَاثَانُ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، أَأَنْتَ قُلْتَ إِنَّ أَدُونِيَّا يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ ٢٥لأَنَّهُ نَزَلَ الْيَوْمَ وَذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ وَرُؤَسَاءَ الْجَيْشِ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ، وَهَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ أَمَامَهُ وَيَقُولُونَ: لِيَحْيَ الْمَلِكُ أَدُونِيَّا. ٢٦وَأَمَّا أَنَا عَبْدُكَ وَصَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَسُلَيْمَانُ عَبْدُكَ فَلَمْ يَدْعُنَا. ٢٧هَلْ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَانَ هذَا الأَمْرُ، وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ؟».
١. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدًّا وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ: تم تضمين هذا لتذكيرنا بقدرات داود المحدودة كملك. فقد احتاج إلى مساعدة بثشبع وهذا ما وضحه ناثان في الآيات التالية.
٢. أَنَا وَابْنِي سُلَيْمَانَ نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ: بدأت بثشبع بإخبار داود عن تصرفات أدونيا. ثم استخدمت هذا النداء اللطيف، مذكّرة داود بأن حياتها وحياة سليمان كانت في خطر شديد إذا أصبح أدونيا ملكًا.
٣. إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ: آخر مكان رأينا فيه ناثان كان في ٢ صموئيل ١٢، حيث وبخ صديقه داود على الفضيحة مع بثشبع وقتل أوريا. ولكن الآن، في نهاية أيامه، استقبل داود ناثان؛ ما يؤكد أنه ظل صديقًا موثوقًا به. ولم يعامل داود ناثان كعدو عندما واجهه بحقيقة مؤلمة.
• “كان داود بعيدًا كل البعد عن الحقد والكراهية، فقد أحب ناثان كثيرًا وعاملة معاملة جيدة، وأعطاه الحرية للدخول إلى غرفة نومه، والآن يفوضه ليعلن خليفته.” تراب (Trapp)
٢. هَلْ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَانَ هذَا الأَمْرُ، وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ: شارك ناثان أيضًا ببعض الحقائق حول أدونيا، ثم قدم استئنافًا شخصيًا. سأل داود – الذي كان صديقه العزيز والموثوق به – “هل من الممكن أنك اخترت أدونيا ملكًا ولم تخبرني؟”
ثالثًا. سليمان يصبح ملكًا
أ ) الآيات (٢٨-٣٠): تعهد داود أن يصحح أمور خلافته
٢٨فَأَجَابَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَقَالَ: «اُدْعُ لِي بَثْشَبَعَ». فَدَخَلَتْ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. ٢٩فَحَلَفَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ، ٣٠إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضًا عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ».
١. حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ: كانت هذه الكلمات هي المقدمة لقسم رسمي. سيثبت داود الوعد السابق الذي قطعه لبثشبع، بأن يصبح ابنها سليمان الملك القادم.
٢. إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي: وعد داود بتسوية المسألة في نفس النهار. سوف يتنازل عن العرش ويعطي التاج لسليمان.
ب) الآيات (٣١-٣٧): تتخذ الترتيبات لمسح سليمان ملكًا
٣١فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ وَقَالَتْ: «لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ». ٣٢وَقَالَ الْمَلِكُ دَاوُدُ: «اُدْعُ لِي صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ». فَدَخَلُوا إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ. ٣٣فَقَالَ الْمَلِكُ لَهُمْ: «خُذُوا مَعَكُمْ عَبِيدَ سَيِّدِكُمْ، وَأَرْكِبُوا سُلَيْمَانَ ابْنِي عَلَى الْبَغْلَةِ الَّتِي لِي، وَانْزِلُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ، ٣٤وَلْيَمْسَحْهُ هُنَاكَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَاضْرِبُوا بِالْبُوقِ وَقُولُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ. ٣٥وَتَصْعَدُونَ وَرَاءَهُ، فَيَأْتِي وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَهُوَ يَمْلِكُ عِوَضًا عَنِّي، وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا». ٣٦فَأَجَابَ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ الْمَلِكَ وَقَالَ: «آمِينَ. هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي الْمَلِكِ. ٣٧كَمَا كَانَ الرَّبُّ مَعَ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَذلِكَ لِيَكُنْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَجْعَلْ كُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ دَاوُدَ».
١. «لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ»: كان هذا الأسلوب التقليدي للتعبير عن الشكر والتعظيم. وبما أن داود علم أن موته قريب، فلا بد أن هذه الكلمات بدت غريبة بالنسبة له.
٢. اُدْعُ لِي صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ: كان هؤلاء ثلاثة قادة بارزين في إسرائيل الذين لم يدعموا أدونيا كملك. عرف داود من كان مواليًا له ومن لم يكن مواليًا له.
٣. وَلْيَمْسَحْهُ هُنَاكَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا: هذه لحظة نادرة تعكس تعاون المناصب الثلاثة معًا – نبي وكاهن وملك. وقد تحققت كل هذه المناصب بشكل مجيد في شخص يسوع المسيح.
• أراد داود أن يكون الإعلان عن مُلك سليمان مقنعًا. تكونت خطته من خمس نقاط:
الركوب عَلَى الْبَغْلَةِ الَّتِي لِي.
لْيَمْسَحْهُ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ.
اضْرِبُوا بِالْبُوقِ.
وَقُولُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ.
فَيَأْتِي وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي.
• يمكننا القول إن الله مهتم جدًا بأن نعرف أنه مقدَّر لنا الحصول على عرش. فنحن أبناؤه وورثته وسنملك مع الملك يسوع.
٤. آمِينَ! هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي الْمَلِكِ: فهم بَنَايَاهُو مبدأ مهمًّا – إن لم يقل الله ’آمين‘ على اختيار سليمان، فلن يصمد كملك. عرف بناياهو بأن هذه كانت مشيئة الرب، فقدم الصلاة التي تؤكد تأييد الله.
٥. لِيَكُنْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَجْعَلْ كُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ دَاوُدَ: تحققت رغبة بناياهو الصالحة بطريقة مثيرة للاهتمام. فعلى المستوى البشري، كان حكم سليمان حقًا أعظم من حكم داود. ولكن على المستوى الروحي الأبدي، اختلف الأمر تمامًا.
ج) الآيات (٣٨-٤٠): يُمسَح سليمان وينادى به ملكًا
٣٨فَنَزَلَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدُونَ وَالسُّعَاةُ، وَأَرْكَبُوا سُلَيْمَانَ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ. ٣٩فَأَخَذَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ قَرْنَ الدُّهْنِ مِنَ الْخَيْمَةِ وَمَسَحَ سُلَيْمَانَ. وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ، وَقَالَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ». ٤٠وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ.
١. وَأَرْكَبُوا سُلَيْمَانَ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ: يبدو أن هذا كان يعادل الموكب الرئاسي في العهد القديم.
• كان البغل شيئًا مميزًا في إسرائيل القديمة. “بما أن القانون العبري يحظر التهجين (لاويين ١٩:١٩)، كان لا بد من استيراد البغال وبالتالي كانت باهظة الثمن. لذا بينما ركب عامة الناس على الحمير، كان البغل مخصصًا للملوك.” ديلداي (Dilday)
• “لا يمكن لأي شخص أن يستخدم أي شيء يخص الأمير من دون أن يفقد حياته. عندما عرض داود على سليمان أن يركب بغله، كان هذا دليلًا كاملاً على أنه عيّنه خليفة له.” كلارك (Clarke)
• وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ: “كانت جِيحُونَ، موقع المسحة، خارج المدينة في وادي قدرون، على الضفة الشرقية من الأكمة. وكانت في ذلك الوقت المصدر الرئيسي للمياه في أورشليم، وبالتالي كانت مكانًا طبيعيًا لتجمع السكان.” باترسون واوستيل (Patterson and Austel)
٢. قَرْنَ الدُّهْنِ مِنَ الْخَيْمَةِ: أي قرن الزيت حرفيًا. كان هذا وعاءً خاصًا فيه زيت مقدس محفوظ في الخيمة للاحتفالات الخاصة بالمسحة.
٢. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ: رغم أن أدونيا قدّم أفضل حملاته التسويقية، إلا أنه لم يستطع كسب قلوب الناس. لقد أحس الشعب بأن سليمان هو الملك المناسب وليس أدونيا.
رابعًا. رحمة سليمان نحو أدونيا
أ ) الآيات (٤١-٤٩): سمع أدونيا أن سليمان توجَّ ملكًا.
٤١فَسَمِعَ أَدُونِيَّا وَجَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ الّذِينَ عِنْدهُ بَعْدَمَا انْتَهَوْا مِنَ الأَكْلِ. وَسَمِعَ يُوآبُ صَوْتَ الْبُوقِ فَقَالَ: «لِمَاذَا صَوْتُ الْقَرْيَةِ مُضْطَرِبٌ؟» ٤٢وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا بِيُونَاثَانَ بْنِ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ أَدُونِيَّا: «تَعَالَ، لأَنَّكَ ذُو بَأْسٍ وَتُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ». ٤٣فَأَجَابَ يُونَاثَانُ وَقَالَ لأَدُنِيَّا: «بَلْ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ دَاوُدُ قَدْ مَلَّكَ سُلَيْمَانَ. ٤٤وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ مَعَهُ صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ، وَقَدْ أَرْكَبُوهُ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ، ٤٥وَمَسَحَهُ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا فِي جِيحُونَ، وَصَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ فَرِحِينَ حَتَّى اضْطَرَبَتِ الْقَرْيَةُ. هذَا هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ. ٤٦وَأَيْضًا قَدْ جَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الْمَمْلَكَةِ. ٤٧وَأَيْضًا جَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا الْمَلِكَ دَاوُدَ قَائِلِينَ: يَجْعَلُ إِلهُكَ اسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ اسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. ٤٨وَأَيْضًا هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ». ٤٩فَارْتَعَدَ وَقَامَ جَمِيعُ مَدْعُوِّي أَدُونِيَّا، وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ.
١. بَعْدَمَا انْتَهَوْا مِنَ الأَكْلِ: أُعلن سليمان ملكًا قبل انتهاء المأدبة. تحرَّك بثشبع وناثان بسرعة، فجاء هذا بنتيجة إيجابية.
• “انتهت مأدبة أدونيا، كمأدبة باقي الأشرار، بطريقة مرعبة؛ فالطبق الأخير هو عبارة عن دهشة وخوف من الانتقام العادل.” تراب (Trapp)
٢. حَتَّى اضْطَرَبَتِ الْقَرْيَةُ: كانت هذه مأساة بالنسبة لأدونيا. كان يحظى بدعم بعض الرجال الأقوياء المهمين (الذين حضروا مأدبته)، لكنه يعلم الآن أن قلب الشعب ينتمي إلى سليمان.
٣. وأيضًا قال الملك: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ»: أكد هذا لأدونيا أنه حتى الملك داود كان مؤيدًا لسليمان بالكامل. لم يكن هناك أمل ليكون ملكًا يومًا.
٤. فَارْتَعَدَ وَقَامَ جَمِيعُ مَدْعُوِّي أَدُونِيَّا، وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ: جاؤوا لتناول عشاء جميل، ولدعم أدونيا. لكنهم غادروا بسرعة لمجرد معرفتهم أنه لن يكون ملكًا ولا يمكن أن يكون. كان من الخطر الآن أن يعلن أي شخص ولاءه لأدونيا.
ب) الآيات (٥٠-٥٣): الرحمة التي أظهرها سليمان نحو أدونيا
٥٠وَخَافَ أَدُونِيَّا مِنْ قِبَلِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ. ٥١فَأُخْبِرَ سُلَيْمَانُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا أَدُونِيَّا خَائِفٌ مِنَ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا قَدْ تَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: لِيَحْلِفْ لِي الْيَوْمَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ عَبْدَهُ بِالسَّيْفِ». ٥٢فَقَالَ سُلَيْمَانُ: «إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ». ٥٣ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْمَذْبَحِ، فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ».
١. وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ: وفقًا للعرف السائد في كل العالم القديم تقريبًا، كان المذبح مكانًا للحماية من العدالة أو الانتقام. اعتقد المتهم أنه ريما يجد الأمان إذا تمكن من الفرار إلى مذبح قبل القبض عليه. لهذا تمسك أدونيا بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ.
• من المهم أن نفهم أن هذه العادة القديمة لم تستخدم في إسرائيل لحماية رجل مذنب. “وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِغَدْرٍ فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ” (خروج ٢١: ١٤).
٢. إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ: أعفى سليمان أدونيا من العقوبة ولكن بشروط. وكان هذا يتعارض مع كل العرف في العالم القديم. فكان من الشائع، بل كان متوقعًا، أنه عندما يتولى ملك جديد العرش، فإنه سيقتل كل منافس محتمل. لم يسمح سليمان بأن يعيش خصمه فحسب، ولكنه حاول علانية تقويض حكمه أيضًا. كان هذا قدرًا كبيرًا من النعمة والرحمة من جانب سليمان، وبداية جيدة لملكه.
• أراد سليمان في الوقت نفسه أن يعرف أدونيا أنه إذا حاول أن يتمرد ثانية، فسوف يُقتل فورًا. ستُسحب الرحمة وتطبَّق العدالة بسرعة.
٣. فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ: علم أدونيا أنه نال رحمة عظيمة من سليمان، وأراد أن يظهر امتنانه واعتماده على رحمة سليمان.