ملوك الأول ٨
تكريس الهيكل
أولًا. إحضَار تابوت العهد إلى الهيكل
أ ) الآيات (١-٢): اجتمع الشعب في أورشليم.
١حِينَئِذٍ جَمَعَ سُلَيْمَانُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤُوسِ الأَسْبَاطِ، رُؤَسَاءَ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ فِي أُورُشَلِيمَ، لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ، هِيَ صِهْيَوْنُ. ٢فَاجْتَمَعَ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعِيدِ فِي شَهْرِ أَيْثَانِيمَ، هُوَ الشَّهْرُ السَّابعُ.
١. حِينَئِذٍ جَمَعَ سُلَيْمَانُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤُوسِ الأَسْبَاطِ، رُؤَسَاءَ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أراد سليمان أن يكون هذا حفل افتتاح مذهلًا للهيكل. وربما يشبه الأمر ليلة افتتاح الألعاب الأولمبية في أيامنا.
٢. لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ: لن يكن الهيكل ’مفتوحًا‘ إلى أن وُضع تابوت العهد في قدس الأقداس. كان التابوت أهم بند في الهيكل.
٣. هُوَ الشَّهْرُ السَّابعُ: أكمل سليمان تشييد الهيكل في الشهر الثامن (١ ملوك ٦ :٣٨)، لكن اختار سليمان الشهر السابع لتكريس الهيكل، أي بعد أحد عشر شهرًا.
• “اختار الوقت مراعيًا ما يناسب شعبه. فالشعب كان قد جمع كل الحصاد، وهو مستعد الآن ليصعد إلى أورشليم للاحتفال بعيد المظال.” بوله (Poole)
• وربما كان هناك سبب آخر. “لقد لوحظ بالفعل أن سليمان أرجأ تكريس الهيكل للسنة التالية بعد الانتهاء منه، لأن تلك السنة، وفقًا لرئيس الأساقفة أوشر، كانت أيضًا سنة اليوبيل.” كلارك (Clarke)
ب) الآيات (٣-٩): وضع تابوت العهد في قدس الأقداس.
٣وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَحَمَلَ الْكَهَنَةُ التَّابُوتَ. ٤وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ وَخَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ مَعَ جَمِيعِ آنِيَةِ الْقُدْسِ الَّتِي فِي الْخَيْمَةِ، فَأَصْعَدَهَا الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ. ٥وَالْمَلِكُ سُلَيْمَانُ وَكُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ الْمُجْتَمِعِينَ إِلَيْهِ مَعَهُ أَمَامَ التَّابُوتِ، كَانُوا يَذْبَحُونَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ مَا لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. ٦وَأَدْخَلَ الْكَهَنَةُ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ فِي مِحْرَابِ الْبَيْتِ فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ، إِلَى تَحْتِ جَنَاحَيِ الْكَرُوبَيْنِ، ٧لأَنَّ الْكَرُوبَيْنِ بَسَطَا أَجْنِحَتَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ التَّابُوتِ، وَظَلَّلَ الْكَرُوبَانِ التَّابُوتَ وَعِصِيَّهُ مِنْ فَوْقُ. ٨وَجَذَبُوا الْعِصِيَّ فَتَرَاءَتْ رُؤُوسُ الْعِصِيِّ مِنَ الْقُدْسِ أَمَامَ الْمِحْرَابِ وَلَمْ تُرَ خَارِجًا، وَهِيَ هُنَاكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ٩لَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ إِلاَّ لَوْحَا الْحَجَرِ اللَّذَانِ وَضَعَهُمَا مُوسَى هُنَاكَ فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
١. وَحَمَلَ الْكَهَنَةُ التَّابُوتَ: كان سليمان حريصًا على طاعة أمر الرب في ما يتعلق بنقل تابوت العهد – لم يُسمح لأحد بأن يحمل التابوت إلا الكهنة. لم يرد سليمان أن يكرر خطأ داود في ٢ صموئيل ٦: ١-٨.
٢. مَعَ جَمِيعِ آنِيَةِ الْقُدْسِ الَّتِي فِي الْخَيْمَةِ: كان تابوت العهد أهم بند في الهيكل، لكنه لم يكن البند الوحيد. أحضروا أيضًا المنارة ومائدة خبز التقدمة ومذبح البخور من الْخَيْمَةِ إلى الهيكل.
• “من المتفق عليه بشكل عام أنه كان هناك خيمتا إجتماع، واحدة في جبعون والأخرى في مدينة داود، وقد بنى داود الخيمة الثانية كمقر مؤقت للتابوت.” كلارك (Clarke)
٣. كَانُوا يَذْبَحُونَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ مَا لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ: تجاوز سليمان العادات والتوقعات في جهوده لتكريم الله وتسبيحه في هذا اليوم العظيم.
٤. لَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ إِلاَّ لَوْحَا الْحَجَرِ اللَّذَانِ وَضَعَهُمَا مُوسَى هُنَاكَ فِي حُورِيبَ: في مرحلة مبكرة من تاريخ إسرائيل، لم يكن هنالك في تابوت العهد إلا ثلاثة أشياء: قسط المن الذهبي ملآن بالمن (خروج ١٦: ٣٣)، وعصا هارون التي أفرخت (سفر العدد ١٧: ٦-١١)، ولوحا الشهادة (خروج ٢٥: ١٦). ولا نعرف ماذا حدث لقسط المن الذهبي وعصا هارون، لكنهما لم يكونا في التابوت عندما وضع سليمان التابوت في قدس الأقداس.
٦. حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: التركيز على الخلاص من مصر أمر مهم جدًا هنا، لأنه هنالك معنى بموجبه أن ٥٠٠ عام بعد الخروج تمثل تتويجًا للخلاص من مصر. فقد خرج شعب إسرائيل من مصر، وسكن الخيام في البرية من باب الضرورة، وكان مسكن الله خيمة أيضًا. والآن، وبما أن سليمان بنى الهيكل، كان مسكن الله بين إسرائيل بناية، مكان دائم وآمن.
ج) الآيات (١٠-١٣): مجد الرب ملأ الهيكل.
١٠وَكَانَ لَمَّا خَرَجَ الْكَهَنَةُ مِنَ الْقُدْسِ أَنَّ السَّحَابَ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ، ١١وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَقِفُوا لِلْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ، لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ. ١٢حِينَئِذٍ تَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ: «قَالَ الرَّبُّ إِنَّهُ يَسْكُنُ فِي الضَّبَابِ. ١٣إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ بَيْتَ سُكْنَى، مَكَانًا لِسُكْنَاكَ إِلَى الأَبَدِ».
١. السَّحَابَ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ: كانت هذه سحابة مجد كثيرًا ما رأيناها في العهدين القديم والجديد. وهي تدعى سحابة الشكينة. ولأنه يصعب تحديد مجد الله، يمكننا أن ندعوه بريقًا ساطعًا لمعدنه الأدبي وحضوره. وهنا تجلّى أو ظهر الله في سحابة.
• هذه هي السحابة التي وقفت إلى جانب إسرائيل في البرية (خروج ١٣: ٢١-٢٢).
• هذه هي سحابة المجد التي تكلم الله منها إلى إسرائيل (خروج ١٦: ١٠).
• هذه هي السحابة التي تكلم الله منها مع موسى وآخرين (خروج ١٩: ٩، ٢٤: ١٥-١٨، سفر العدد ١١: ٢٥، ١٢: ٥، ١٦: ٤٢).
• هذه هي السحابة التي وقفت عند باب خيمة الإجتماع (خروج ٣٣: ٩-١٠).
• هذه هي السحابة التي ظهر منها الله لرئيس الكهنة في قدس الأقداس داخل الحجاب (لاويين ١٦: ٢).
• هذه هي سحابة حزقيال التي ملأت هيكل الله بسطوع مجده (حزقيال ١٠: ٤).
• هذه هي سحابة المجد التي حلّت على مريم عندما حبلت بيسوع بقوة الروح القدس (لوقا ١: ٣٥).
• هذه هي السحابة التي ظهرت عند تجلّي يسوع (لوقا ٩: ٣٤-٣٥).
• هذه هي سحابة المجد التي استقبلت يسوع إلى السماء وقت صعوده (أعمال الرسل ١: ٩).
• هذه هي السحابة التي ستُظهر مجد يسوع المسيح في مجيئه الثاني (لوقا ٢١: ٢٧، رؤيا ١: ٧).
“هناك حدث موازٍ لهذا في أعمال الرسل ٢: ١-٤: عندما أشار الله في بداية الكنيسة على أنها هيكل للروح القدس بإعلان حضوره من خلال صوت كهبوب ريح عاصفة وملء الحضور بالروح القدس.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
٢. وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَقِفُوا لِلْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ: جعل حضور الله القوي الخدمة المعتادة أمرًا مستحيلًا. إذ كان الإحساس بحضور الله شديدًا لدرجة أن الكهنة لم يتمكنوا من البقاء في بناية الهيكل.
• نعلم جميعًا أن الله صالح ومُحب، ولكن لماذا يُشعِر حضور الله الصالح والمُحب الكهنة بأنهم عاجزون عن الاستمرار؟ لأن الله ليس صلاحًا ومحبة فحسب، فهو أيضًا قدوس – وقد جعلت قداسة الله الكهنة عاجزين عن الوقوف في محضره.
• لا يتعلق الإحساس بحضور إلهنا القدوس بمشاعر دافئة غامضة. فقد ارتعب أشخاص مثل بطرس (لوقا ٥: ٨)، وإشعياء (إشعياء ٦:٥)، ويوحنا (رؤيا يوحنا ١: ١٧) من وجودهم في محضر الله. ولم يكن هذا لأن الله فرض عليهم هذه المشاعر غير المريحة، ولكنهم شعروا بعدم الراحة لأنهم عرفوا بالفرق بين إثمهم وقداسة الله.
• يمكننا أيضًا أن نفكر في أن هؤلاء الكهنة خدموا الله بموجب العهد القديم. أما بالنسبة للعهد الجديد – عهد النعمة والحق (يوحنا ١: ١٧) – فقد أعطانا سبيل أفضل للوصول إلى الله.
• ظل هذا المجد في الهيكل إلى أن رفضت إسرائيل الله تمامًا زمن انقسام المملكة. رأى النبي حزقيال المجد يغادر الهيكل (حزقيال ١٠: ١٨).
٣. إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ بَيْتَ سُكْنَى، مَكَانًا لِسُكْنَاكَ إِلَى الأَبَدِ: كان سليمان محقًا عندما شعر بأن وجود السحابة يعني أن الله سكن في الهيكل بطريقة خاصة. طالما أن هذا لم يتحول إلى سوء فهم يتسم بالخزعبلات، كان من الجيد أن يُعترف به كمكان خاص يمكن للمرء أن يأتي ويلتقي الله فيه.
• “يقول خبراء اللغة إن القصيدة غير مكتملة ومجزأة، ويبدو أنها كانت تحتوي على سطر افتتاحي آخر في النص الأصلي.” ديلداي (Dilday)
د ) الآيات (١٤-٢١): خطاب سليمان أثناء تدشين الهيكل.
١٤وَحَوَّلَ الْمَلِكُ وَجْهَهُ وَبَارَكَ كُلَّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ، وَكُلُّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ وَاقِفٌ. ١٥وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِفَمِهِ إِلَى دَاوُدَ أَبِي وَأَكْمَلَ بِيَدِهِ قَائِلاً: ١٦مُنْذُ يَوْمَ أَخْرَجْتُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ لَمْ أَخْتَرْ مَدِينَةً مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِبِنَاءِ بَيْتٍ لِيَكُونَ اسْمِي هُنَاكَ، بَلِ إِنَّمَا اخْتَرْتُ دَاوُدَ لِيَكُونَ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ١٧وَكَانَ فِي قَلْبِ دَاوُدَ أَبِي أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. ١٨فَقَالَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ أَبِي: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِكَ أَنْ تَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِي، قَدْ أَحْسَنْتَ بِكَوْنِهِ فِي قَلْبِكَ. ١٩إِلاَّ إِنَّكَ أَنْتَ لاَ تَبْنِي الْبَيْتَ، بَلِ ابْنُكَ الْخَارِجُ مِنْ صُلْبِكَ هُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ لاسْمِي. ٢٠وَأَقَامَ الرَّبُّ كَلاَمَهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، وَقَدْ قُمْتُ أَنَا مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي وَجَلَسْتُ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ، وَبَنَيْتُ الْبَيْتَ لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، ٢١وَجَعَلْتُ هُنَاكَ مَكَانًا لِلتَّابُوتِ الَّذِي فِيهِ عَهْدُ الرَّبِّ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ آبَائِنَا عِنْدَ إِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».
١. الَّذِي تَكَلَّمَ بِفَمِهِ إِلَى دَاوُدَ أَبِي وَأَكْمَلَ بِيَدِهِ: أدرك سليمان أن الهيكل كان تحقيقًا لخطة الله، لا خطة داود أو خطة سليمان. فكان داود وسليمان مجرد أداتين، لكن العمل كان عمل الله.
٢. أَخْرَجْتُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ… إِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: ألحَّ سليمان على تذكير الشعب بخروجهم من مصر. فرغم أن هذا حدث قبل ٥٠٠ عام، إلا أنه ما زال حدثًا مهمًا وحقيقيًا لشعب إسرائيل مثل يوم حدوثه.
ثانيًا. صلاة سليمان
أ ) الآيات (٢٢-٢٣): يُقر سليمان بطبيعة الله وصفاته.
٢٢وَوَقَفَ سُلَيْمَانُ أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ تُجَاهَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ٢٣وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ إِلهٌ مِثْلَكَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ، حَافِظُ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِعَبِيدِكَ السَّائِرِينَ أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ.
١. وَوَقَفَ سُلَيْمَانُ أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ: لم يكرس سليمان الهيكل وهو داخله. إذ سيكون من غير الملائم أن يفعل ذلك كونه ملكًا لا كاهنًا. إذ كان القدس وقدس الأقداس مخصصين لنسل رئيس الكهنة فقط.
٢. وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: كانت هذه هي الوضعية الجسمية الأكثر شيوعًا للصلاة في العهد القديم. كثيرون اليوم يغلقون أعينهم، ويحنون رؤوسهم، ويطوون أيديهم أثناء الصلاة. ولكن التقليد في العهد القديم هو أن يمد المرء يده نحو السماء في بادرة استسلام وانفتاح واستقبال جاهز.
• “من الجدير بالملاحظة أن صلاة سليمان كانت كاملة وشاملة، كما لو أنها يفترض أن تكون ملخصًا لكل الصلوات المستقبلية التي كانت ستُرفع في الهيكل.” سبيرجن (Spurgeon)
• “فضلًا عن ذلك، يُذهل المرء من حقيقة أن اللغة المستخدمة هي لغة قديمة للغاية، زاخرة باقتباسات من أسفار موسى الخمسة، بعضها كلمة بكلمة تقريبًا، ولكننا نستطيع أن نجد نفس المعنى في تلك النصوص التي لا تنسى في سفري اللاويين والتثنية.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. لَيْسَ إِلهٌ مِثْلَكَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ: أقر سليمان أن الله فريد تمامًا. فلا يمكن مقارنته مع آلهة الأمم الأخرى المزعومة بأي شكل من الأشكال.
ب) الآيات (٢٤-٢٦): يُقر سليمان بحفظ الله لمواعيده.
٢٤الَّذِي قَدْ حَفِظْتَ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ، فَتَكَلَّمْتَ بِفَمِكَ وَأَكْمَلْتَ بِيَدِكَ كَهذَا الْيَوْمِ. ٢٥وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ احْفَظْ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ قَائِلاً: لاَ يُعْدَمُ لَكَ أَمَامِي رَجُلٌ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ، إِنْ كَانَ بَنُوكَ إِنَّماَ يَحْفَظُونَ طُرُقَهُمْ حَتَّى يَسِيرُوا أَمَامِي كَمَا سِرْتَ أَنْتَ أَمَامِي. ٢٦وَالآنَ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَتَحَقَّقْ كَلاَمُكَ الَّذِي كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ دَاوُدَ أَبِي.
١. حَافِظُ الْعَهْدِ: شكر سليمان الله وحمدَه أولًا على إيفائه بوعوده السابقة.
٢. احْفَظْ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ: دعا سليمان الله أن يفي بالوعود التي قطعها. هذا هو السر العظيم لقوة الصلاة – أن نأخذ وعود الله بالإيمان، ثم نصلي بجرأة وبوقار لكي يحفظ الله وعوده ويتممها.
• “لقد قدم الله وعوده لكي تُستخدم. فإن حصلتُ على شيك من بنك إنجلترا، فسأصرفه واستخدم المال. فحاول يا صديقي أن تستخدم وعود الله. فلا شيء يرضي الله أكثر من أن يرى وعوده متداولة. فهو يحب أن يرى أولاده يرفعون وعوده له قائلين: ’يا رب، افعل كما قلت.‘ واسمحوا لي أن أقول لكم إن استخدام وعود الله أمرٌ يمجده.” سبيرجن (Spurgeon)
• يعكس هذا النوع من الصلاة التمسك بوعد الله. لكن الحصول على وعود الله لا يعني ضمان تحقيقها. فمن خلال مثل هذه الصلوات الممتلئة بالإيمان، يقدم الله الوعود، وعلينا نحن أن نعلن امتلاكنا لها. فإن لم نخصصها لأنفسنا بالإيمان، يبقى وعد الله غير مطالب به.
ج) الآيات (٢٧-٣٠): سليمان يطلب من الله أن يسكن في هذا المكان ويكرم الذين يطلبونه فيه.
٢٧لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟ ٢٨فَالْتَفِتْ إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَإِلَى تَضَرُّعِهِ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، وَاسْمَعِ الصُّرَاخَ وَالصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ أَمَامَكَ الْيَوْمَ. ٢٩لِتَكُونَ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ عَلَى هذَا الْبَيْتِ لَيْلاً وَنَهَارًا، عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قُلْتَ: إِنَّ اسْمِي يَكُونُ فِيهِ، لِتَسْمَعَ الصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ. ٣٠وَاسْمَعْ تَضَرُّعَ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ، وَاسْمَعْ أَنْتَ فِي مَوْضِعِ سُكْنَاكَ فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا سَمِعْتَ فَاغْفِرْ.
١. فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟ نحن سعداء لأن سليمان قال هذا. فمن خلال تصريحات سابقة له مثل عبارته في ١ ملوك ٨: ١٢-١٣، ربما ظننا أنه انساق وراء فكرة خرافية مفادها أن الله قد سكن فعلًا في الهيكل مستثنيًا وجوده في أي مكان آخر. كان من المهم أن ندرك أن الله، رغم حضوره الخاص في الهيكل، لم يقيّد حضوره بهذا البيت.
٢. اسْمَعْ تَضَرُّعَ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ: طلب سليمان من الله أن يسمع تضرعات الملك والشعب وهم يصلون في الهيكل. لهذا السبب، ما زال العديد من اليهود الملتزمين اليوم يصلون ووجوههم متجهة نحو موقع الهيكل في أورشليم.
٣. وَإِذَا سَمِعْتَ فَاغْفِرْ: عرف سليمان أن أهم شيء يحتاج إليه شعب إسرائيل هو الغفران. فكان الغفران أعظم استجابة للصلاة يمكن أن يتوقعها الشعب من الله.
د ) الآيات (٣١-٣٢): اسمع عندما يحلف الشعب في الهيكل.
٣١إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ إِلَى صَاحِبِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَلْفًا لِيُحَلِّفَهُ، وَجَاءَ الْحَلْفُ أَمَامَ مَذْبَحِكَ فِي هذَا الْبَيْتِ، ٣٢فَاسْمَعْ أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَاعْمَلْ وَاقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ، إِذْ تَحْكُمُ عَلَى الْمُذْنِبِ فَتَجْعَلُ طَرِيقَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَتُبَرِّرُ الْبَارَّ إِذْ تُعْطِيهِ حَسَبَ بِرِّهِ.
١. وَجَاءَ الْحَلْفُ أَمَامَ مَذْبَحِكَ فِي هذَا الْبَيْتِ: استخدم أرض الهيكل كمكان للتثبُّت من الحلف وترخيصه. فعندما يصل الخلاف إلى مسألة كلمة شخص ضد آخر، طلب سليمان أن يكون الهيكل المكان المناسب ليحلف به.
٢. فَاسْمَعْ أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَاعْمَلْ وَاقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ: طلب سليمان من الله القادر على رؤية ما لا يستطيع الإنسان أن يراه (فهو يعرف قلب الإنسان) أن يحكم من السماء على كل حلف في الهيكل.
• “لم يستطع المفسر العظيم البيريتاني جون تراب (John Trapp) أن يقاوم إراد حادثة حققت هذا المبدأ في أيامه: “وقفت آن أڤريس وأقسمت يمينًا كاذبًا في ١١ فبراير ١٥٧٥ أمام متجر في وود ستريت في لندن، متضرعة إلى الله أن تسقط في مكانها إن لم تكن قد دفعت ثمن البضاعة التي أخذتها. وبالفعل سقطت أرضًا عاجزة عن الكلام، وماتت بطريقة شنيعة.”
هـ) الآيات (٣٣-٣٤): اسمع عندما يُهزم شعبك.
٣٣إِذَا انْكَسَرَ شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ الْعَدُوِّ لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْكَ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ وَصَلَّوْا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، ٣٤فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَأَرْجِعْهُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لآبَائِهِمْ.
١. إِذَا انْكَسَرَ شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ الْعَدُوِّ: مُنيت إسرائيل بهزائم كثيرة على مدى تاريخها، ولم يكن بيدها إلا الصراخ إلى الله. وكانت أسوأ الهزائم تلك التي كانوا يتعرضون لها بسبب خطية ارتكبوها ضد الله نفسه.
٢. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْكَ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ وَصَلَّوْا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ: طلب سليمان أن يسمع الله صلوات الشعب المهزوم عندما يتواضعون ويتوبون. واستجاب الله لصلاة سليمان، وكان يغفر لشعبه المهزوم ويستردهم عندما يأتون غليه في توبة وتواضع.
و ) الآيات (٣٥-٤٠): اسمع في أوقات الوبأ والمجاعة.
٣٥«إِذَا أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ صَلَّوْا فِي هذَا الْمَوْضِعِ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ، وَرَجَعُوا عَنْ خَطِيَّتِهِمْ لأَنَّكَ ضَايَقْتَهُمْ، ٣٦فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، فَتُعَلِّمَهُمُ الطَّرِيقَ الصَّالِحَ الَّذِي يَسْلُكُونَ فِيهِ، وَأَعْطِ مَطَرًا عَلَى أَرْضِكَ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لِشَعْبِكَ مِيرَاثًا. ٣٧إِذَا صَارَ فِي الأَرْضِ جُوعٌ، إِذَا صَارَ وَبَأٌ، إِذَا صَارَ لَفْحٌ أَوْ يَرَقَانٌ أَوْ جَرَادٌ جَرْدَمٌ، أَوْ إِذَا حَاصَرَهُ عَدُوُّهُ فِي أَرْضِ مُدُنِهِ، فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ وَكُلِّ مَرَضٍ، ٣٨فَكُلُّ صَلاَةٍ وَكُلُّ تَضَرُّعٍ تَكُونُ مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ كَانَ مِنْ كُلِّ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ يَعْرِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَةَ قَلْبِهِ، فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، ٣٩فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَاغْفِرْ، وَاعْمَلْ وَأَعْطِ كُلَّ إِنْسَانٍ حَسَبَ كُلِّ طُرُقِهِ كَمَا تَعْرِفُ قَلْبَهُ. لأَنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ قَدْ عَرَفْتَ قُلُوبَ كُلِّ بَنِي الْبَشَرِ، ٤٠لِكَيْ يَخَافُوكَ كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي يَحْيَوْنَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَ لآبَائِنَا.
١. إِذَا أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ: كان الجفاف تهديدًا مستمرًا لاقتصاد إسرائيل القائم على الزراعة. فإذا لم يكن مطر، فلن يكون هنالك طعام أيضًا.
٢. ثُمَّ صَلَّوْا فِي هذَا الْمَوْضِعِ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ، وَرَجَعُوا عَنْ خَطِيَّتِهِمْ لأَنَّكَ ضَايَقْتَهُمْ، فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ: لم يأخذ سليمان غفران الله واستماعه لشعبه التائب كأمر مسلّم به. إذ تأتي استجابة الله لتوبتنا من نعمته، وليس من كونه إلهًا عادلًا.
٣. الَّذِينَ يَعْرِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَةَ قَلْبِهِ: أدرك سليمان أنه يمكن رؤية بعض الأوبئة بسهولة، لكن أوبئة أخرى تخرج من قلوبنا. وكثيرون ملعونون بوباء لا يراه أحد سواهم، لكنه يعيش في قلوبهم. طلب سليمان من الله أن يستجيب للمصاب بمثل هذا الوباء عندما يتوسل بتواضع في الهيكل.
• لا يلزم أن يكون الإنسان بارًا أو بلا خطية حتى تستجاب صلاته في الهيكل. يمكن أن يكون الإنسان مذنبًا، وقلبه ممتلئ بالمرض، ومع ذلك يجد إلهًا كريمًا عندما يأتي إليه بتواضع وتوبة.
• “يعتقد كثيرون أنهم يعرفون الأمراض في قلوب الآخرين، وهناك الكثير من الكلام في العالم حول هذه العائلة وهذا الشخص أو ذاك. لكني أصلي كي تترك فضائح الساعة وحدها، وتفكر في شرورك الخاصة.” سبيرجن (Spurgeon)
ز ) الآيات (٤١-٤٣): اسمع لصلاة الأجنبي.
٤١وَكَذلِكَ الأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَيْسَ مِنْ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ هُوَ، وَجَاءَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ، ٤٢لأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَبِيَدِكَ الْقَوِيَّةِ وَذِرَاعِكَ الْمَمْدُودَةِ، فَمَتَى جَاءَ وَصَلَّى فِي هذَا الْبَيْتِ، ٤٣فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ، وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا يَدْعُو بِهِ إِلَيْكَ الأَجْنَبِيُّ، لِكَيْ يَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ اسْمَكَ، فَيَخَافُوكَ كَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَلِكَيْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ دُعِيَ اسْمُكَ عَلَى هذَا الْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُ.
١. وَكَذلِكَ الأَجْنَبِيُّ: كان الهيكل موجودًا في إسرائيل، لكن كان القصد منه دائمًا هو أن يكون بيتًا للصلاة لكل الشعوب (إشعياء ٥٦: ٧). أراد الله أن تكون الدار الخارجية مكانًا للأمم ليصلوا فيه.
• لقد أغضب انتهاك هذا المبدأ يسوع جدًا. فعندما جاء إلى الهيكل، ووجد كيف تحولت الدار الخارجية – المكان الوحيد الذي يمكن أن تأتي فيه الأمم للصلاة – إلى سوق تجاري بدلًا من بيت للصلاة، طرد الصيارفة والتجار (متى ٢١: ١٣).
٢. فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ، وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا يَدْعُو بِهِ إِلَيْكَ الأَجْنَبِيُّ، لِكَيْ يَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ اسْمَكَ، فَيَخَافُوكَ: طلب سليمان من الله أن يسمع صلاة الأجنبي بدافع تبشيري. إذ كان يعلم أنه عندما يستجيب الله لصلوات الغريب، فإنه يجذب أممًا أخرى إلى إله كل الأمم.
ح) الآيات (٤٤-٥٣): اسمع عندما يخرج الشعب للمعركة ويصلي من السبي.
٤٤«إِذَا خَرَجَ شَعْبُكَ لِمُحَارَبَةِ عَدُوِّهِ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي تُرْسِلُهُمْ فِيهِ، وَصَلَّوْا إِلَى الرَّبِّ نَحْوَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَهَا وَالْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُهُ لاسْمِكَ، ٤٥فَاسْمَعْ مِنَ السَّمَاءِ صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَهُمْ وَاقْضِ قَضَاءَهُمْ. ٤٦إِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ، وَغَضِبْتَ عَلَيْهِمْ وَدَفَعْتَهُمْ أَمَامَ الْعَدُوِّ وَسَبَاهُمْ، سَابُوهُمْ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً، ٤٧فَإِذَا رَدُّوا إِلَى قُلُوبِهِمْ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُسْبَوْنَ إِلَيْهَا وَرَجَعُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ فِي أَرْضِ سَبْيِهِمْ قَائِلِينَ: قَدْ أَخْطَأْنَا وَعَوَّجْنَا وَأَذْنَبْنَا. ٤٨وَرَجَعُوا إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِهِمْ فِي أَرْضِ أَعْدَائِهِمِ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ، وَصَلَّوْا إِلَيْكَ نَحْوَ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتَ لآبَائِهِمْ، نَحْوَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَ وَالْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُ لاسْمِكَ، ٤٩فَاسْمَعْ فِي السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَهُمْ وَاقْضِ قَضَاءَهُمْ، ٥٠وَاغْفِرْ لِشَعْبِكَ مَا أَخْطَأُوا بِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيعَ ذُنُوبِهِمِ الَّتِي أَذْنَبُوا بِهَا إِلَيْكَ، وَأَعْطِهِمْ رَحْمَةً أَمَامَ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ فَيَرْحَمُوهُمْ، ٥١لأَنَّهُمْ شَعْبُكَ وَمِيرَاثُكَ الَّذِينَ أَخْرَجْتَ مِنْ مِصْرَ، مِنْ وَسَطِ كُورِ الْحَدِيدِ. ٥٢لِتَكُونَ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ نَحْوَ تَضَرُّعِ عَبْدِكَ وَتَضَرُّعِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، فَتُصْغِيَ إِلَيْهِمْ فِي كُلِّ مَا يَدْعُونَكَ، ٥٣لأَنَّكَ أَنْتَ أَفْرَزْتَهُمْ لَكَ مِيرَاثًا مِنْ جَمِيعِ شُعُوبِ الأَرْضِ، كَمَا تَكَلَّمْتَ عَنْ يَدِ مُوسَى عَبْدِكَ عِنْدَ إِخْرَاجِكَ آبَاءَنَا مِنْ مِصْرَ يَاسَيِّدِي الرَّبَّ».
١. إِذَا خَرَجَ شَعْبُكَ لِمُحَارَبَةِ عَدُوِّهِ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي تُرْسِلُهُمْ فِيهِ: صلى سليمان أن يستجيب الله لصلوات من أجل النصرة التي يرفعها الشعب في البلاد الأجنبية وهم ناظرون نحو الهيكل، بشرط أن تكون الحرب بأمر من الرب. لم تكن هذه طلبة مفتوحة (مثل شيك على بياض) للبركة في كل حرب.
٢. إِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ: هذا بيان مختصر من العهد القديم للمبدأ الأكثر وضوحًا في رومية ٣: ٢٣ إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ.
٣. وَرَجَعُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ فِي أَرْضِ سَبْيِهِمْ: طلب سليمان من الله أيضًا أن يسمع صلاة المسبيين في أرض غريبة. وفي هذا إقرار بأن إله الهيكل يستطيع أن يستجيب للصلوات التي تُرفع بعيدًا عن الهيكل.
ثالثًا. سليمان يبارك الشعب
أ ) الآيات (٥٤-٦١): يبارك سليمان شعب إسرائيل.
٥٤وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى سُلَيْمَانُ مِنَ الصَّلاَةِ إِلَى الرَّبِّ بِكُلِّ هذِهِ الصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعِ، أَنَّهُ نَهَضَ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِ الرَّبِّ، مِنَ الْجُثُوِّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ نَحْوَ السَّمَاءِ، ٥٥وَوَقَفَ وَبَارَكَ كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ عَال قَائِلاً: ٥٦«مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي أَعْطَى رَاحَةً لِشَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَلَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ كُلِّ كَلاَمِهِ الصَّالِحِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ مُوسَى عَبْدِهِ. ٥٧لِيَكُنِ الرَّبُّ إِلهُنَا مَعَنَا كَمَا كَانَ مَعَ آبَائِنَا فَلاَ يَتْرُكَنَا وَلاَ يَرْفُضَنَا. ٥٨لِيَمِيلَ بِقُلُوبِنَا إِلَيْهِ لِكَيْ نَسِيرَ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَنَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ الَّتِي أَوْصَى بِهَا آبَاءَنَا. ٥٩وَلِيَكُنْ كَلاَمِي هذَا الَّذِي تَضَرَّعْتُ بِهِ أَمَامَ الرَّبِّ قَرِيبًا مِنَ الرَّبِّ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً، لِيَقْضِيَ قَضَاءَ عَبْدِهِ وَقَضَاءَ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ، أَمْرَ كُلِّ يَوْمٍ فِي يَوْمِهِ. ٦٠لِيَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. ٦١فَلِيَكُنْ قَلْبُكُمْ كَامِلاً لَدَى الرَّبِّ إِلهِنَا إِذْ تَسِيرُونَ فِي فَرَائِضِهِ وَتَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ كَهذَا الْيَوْمِ».
١. أَنَّهُ نَهَضَ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِ الرَّبِّ، مِنَ الْجُثُوِّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ نَحْوَ السَّمَاءِ: تخبرنا الآية في ١ ملوك ٨: ٢٢ أن سليمان بدأ هذه الصلاة واقفًا على رجليه، ولكن يبدو أنه في النهاية ركع خشوعًا لله.
• صلى عزرا وهو جاثيًا على ركبتيه (عزرا ٩: ٥)، ويدعونا المرنم أن نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا (مزمور ٩٥: ٦)، وصلى دانيال على ركبتيه (دانيال ٦: ١٠)، وجاء الناس إلى يسوع ساجدين (متى ١٧: ١٤، متى ٢٠: ٢٠، مرقس ١: ٤٠)، صلى استفانوس وهو على ركبتيه (أعمال الرسل ٧: ٦٠)، صلى بطرس جاثيًا على ركبتيه (أعمال الرسل ٩: ٤٠)، صلى بولس راكعًا (أعمال الرسل ٢٠: ٣٦، أفسس ٣: ١٤)، وصلى المؤمنون الأوائل على ركبهم (أعمال الرسل ٢١: ٥). والأهم من كل هذا، أن يسوع صلى على ركبتيه أيضًا (لوقا ٢٢: ٤١). رُفعت صلوات كثيرة في الكتاب المقدس من وضعية الركوع، ويبين لنا هذا أن الركوع ليس شرطًا في الصلاة، لكنه أمر جيد ومقبول.
٢. وَلَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ كُلِّ كَلاَمِهِ الصَّالِحِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ مُوسَى عَبْدِهِ: بما أن سليمان كان يصلي كثيرًا محتكمًا إلى وعود الله، فمن المنطقي أن يشكر الله على تحقيقه للوعود السابقة. أعطت هذه المعرفة الثقة لسليمان بالصلاة.
٣. لِيَكُنِ الرَّبُّ إِلهُنَا مَعَنَا كَمَا كَانَ مَعَ آبَائِنَا: وعد الله أن يكون مع إسرائيل، لكن عرف سليمان أهمية أن نطلب أن يفي الله بوعده. جاء متوسلًا أن يحقق الله وعوده.
٤. لِيَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ: يُظهر سليمان مرة أخرى دافعه التبشيري الذي غالبًا ما يتم تجاهله والذي أراده الله لشعب إسرائيل. لم يكن من المفترض أن تنحصر البركة في شعب إسرائيل، بل أراد الله أن يبارك العالم من خلالهم.
ب) الآيات (٦٢-٦٦): تكريس الهيكل.
٦٢ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ وَجَمِيعَ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ ذَبَحُوا ذَبَائِحَ أَمَامَ الرَّبِّ، ٦٣وَذَبَحَ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ الَّتِي ذَبَحَهَا لِلرَّبِّ: مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَيْتَ الرَّبِّ. ٦٤فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَدَّسَ الْمَلِكُ وَسَطَ الدَّارِ الَّتِي أَمَامَ بَيْتِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَرَّبَ هُنَاكَ الْمُحْرَقَاتِ وَالتَّقْدِمَاتِ وَشَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ، لأَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ كَانَ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَسَعَ الْمُحْرَقَاتِ وَالتَّقْدِمَاتِ وَشَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ. ٦٥وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، جُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي مِصْرَ، أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. ٦٦وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ صَرَفَ الشَّعْبَ، فَبَارَكُوا الْمَلِكَ وَذَهَبُوا إِلَى خِيَمِهِمْ فَرِحِينَ وَطَيِّبِي الْقُلُوبِ، لأَجْلِ كُلِّ الْخَيْرِ الَّذِي عَمِلَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ عَبْدِهِ وَلإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ.
١. وَذَبَحَ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ الَّتِي ذَبَحَهَا لِلرَّبِّ: مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا: كانت هذه أعدادًا مذهلة من الذبائح. وقد تم تقديم الذبيحة وفقًا للطقوس المتبعة، وخُصص جزء منها للرب، والباقي للكهنة والشعب. كانت الكمية كافية لإطعام حشد كبير لمدة أسبوعين.
• بسبب الأعداد الهائلة، خصصوا الساحة الأمامية للهيكل لتقديم الذبائح، لأن المذبح النحاسي الذي كان أمام الرب أصغر من أن يتسع لكل هذه التقديمات (لأَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ كَانَ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَسَعَ الْمُحْرَقَاتِ).
٢. وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ: نفهم من تاريخ الْعِيدَ ومدته أن هذا كان عيد المظال الذي امتد إلى ما بعد أيامه السبعة المعتادة في هذه المناسبة الخاصة.
• “كان عيد المظال بحد ذاته مناسبة رائعة للفرح وتعزيز روح المجتمع بين جميع الإسرائيليين. جعل تكريس الهيكل هذه المناسبة مناسبة لا تنسى، وكان من المناسب جدًا أن يطيلوا وقت الاحتفال.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
٣. لأَجْلِ كُلِّ الْخَيْرِ الَّذِي عَمِلَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ عَبْدِهِ وَلإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ: تنتهي قصة تكريس الهيكل هذه من حيث بدأت – بداود لا بسليمان. إذ يتذكر الكاتب أن قلب داود ورؤيته هما اللذان بدآ عمل الهيكل (٢ صموئيل ٧: ١-٣ فصاعدًا).
• “كان يمكن أن يكونوا سعداء كثيرًا ومزدهرين كثيرًا لو أن ملكهم استمر في السلوك باستقامة أمام الله! ولكن من المؤسف أن الملك سقط، وتبعته الأمة.” كلارك (Clarke)