سفر التكوين – الإصحاح ٣٩
يوسُف في بيت فوطيفار
أولًا. يوسُف في بيت فوطيفار
أ ) الآية (١): فوطيفار، مسؤولٌ مصريٌّ رفيع، يشتري يوسُف.
١وَأَمَّا يُوسُفُ فَأُنْزِلَ إِلَى مِصْرَ، وَٱشْتَرَاهُ فُوطِيفَارُ خَصِيُّ فِرْعَوْنَ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ، رَجُلٌ مِصْرِيٌّ، مِنْ يَدِ ٱلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ أَنْزَلُوهُ إِلَى هُنَاكَ.
- وَٱشْتَرَاهُ فُوطِيفَارُ خَصِيُّ فِرْعَوْنَ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ، رَجُلٌ مِصْرِيٌّ: يعني الاسم فُوطِيفَارُ مُكرَّسٌ للشمس. كان اسمٌ مُرتبِطٌ بالنظام الدينيّ المصريّ.
- خَصِيُّ فِرْعَوْنَ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ: يُمكِن ترجمة الكلمة العبريَّة القديمة التي تُشير إلى خَصِيُّ فِرْعَوْنَ كـ خَصِيّ – ذلك الشخص المخصيّ بشكلٍ طبيعيّ لأجل خدمته. كانت مُمارسةٌ شائعة في العهود القديمة أن يُخصى رفيعو المستوى في البلاط الملَكيّ للتَّأكُّد من أنَّهم مُتفرِّغون بالكامل لِملِكهم. ولأنَّ هذه الممارسة كانت شائعة، أصبحت الكلمة تُستخدَم للإشارة إلى كلِّ مَن يخدِم في مراكز مُهمَّة في بلاط الملِك، سواء كانوا بالفعل مخصيِّين أم لا. لذلك لا نعلَمُ حقيقةً ما إذا كان فوطيفار مخصيًّا.
- رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ: إنَّ الفكرة وراء هذا الاسم تحمل معنى رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ، أو ربَّما بشكلٍ أدقّ يُمكننا القَول بأنَّ فوطيفار كان رئيس شعبة الأمن الشخصيّ لِفرعون. كان مسؤولًا ذا ثقةٍ كبيرة في الحكومة المصريَّة.
- وَٱشْتَرَاهُ … مِنْ يَدِ ٱلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ: كان يوسُف عبدًا. ويبدو أنَّه لم يكُن يتحكَّم بمصيره، لكنَّه اشتُريَ وبيعَ كقطعةِ مُلكيَّة. كان يمكن أن ينتهيَ به المطاف مع أيٍّ كان، لكنَّ فوطيفار ٱشْتَرَاه.
ب) الآيات (٢-٣): كان الله مع يوسُف.
٢وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ ٱلْمِصْرِيِّ. ٣وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ ٱلرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ.
- وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ: كانت محنةُ يوسُف ربَّما أسوأ ممَّا مرَّ فيه أيٌّ منَّا. بالرغم من ذلك، لم يتخلَّى عنه الله، حتَّى في أصغر الأمور. وإن سمح الله بأن يكون يوسُف عبدًا، فهو سيكون رَجُلًا نَاجِحًا، حتَّى ولو كان عبدًا.
- غالبًا ما نتذمَّر على الله لأنَّه وضعنا في مكانٍ صعب أو رهيب. إلَّا أنَّ إرادة الله لنا هي أن نثِق بأنَّه سيباركنا ويجعلنا ناجحين (كما هو يقيس النجاح) حيثما نكون.
- “بحسب الظَّاهر، لم يبدو أنَّ الله كان دائمًا معه، ذلك لأنَّه لم يكُن دائمًا رجُلًا ناجحًا؛ ولكنَّك عندما تنظر إلى أعماق روح خادمِ لله هذا، سترى شَبَهَهُ الحقيقيّ – فقد كان في شركةٍ مع الله العليّ، وباركه الله” سبيرجن (Spurgeon)
- يعتقد بعض الناس أنَّهم لا يتباركون إلَّا إذا كانوا في مراكز السلطة، مسؤولين عن الأشياء. عاش وعلَّم يسوع طريقًا أفضل – حياةٍ كـ خادمٍ.
- إذا كنت تُريد أن تكون عظيمًا في ملكوت الله، تعلَّم أن تكون خادِمًا للكلِّ (متَّى ٢٦:٢٠).
- كَمَا أَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ (متَّى ٢٨:٢٠).
- هناك الكثير من الألقاب الرَّائعة ليسوع المسيَّا، لكنَّ واحدًا منها ذات مغزى هو: عبدُ الرَّبِّ (متَّى ١٨:١٢؛ إشعياء ١:٤٢).
- يجدر بنا، كما ويجب علينا، أن نُدرِك بركة أن يكون الإنسان خادِمًا؛ فإذا لم نُرغَم بها، يمكننا اختيارها.
- فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ ٱلْمِصْرِيِّ: حتَّى في هذه الفترة المبكِّرة عندما بدا يوسُف وكأنَّه ليست لديه سيطرةٌ على الظروف – وبالفعل لم يكُن لديه أيُّ شيءٍ – نقض الله خيارات الإنسان الشرِّيرة والمتقلِّبة كي يُتمِّم قصدَهُ الأبديّ.
- وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَهُ: بثقته بالله وبعمله الجاد وبالبركة التي من الله، أظهر يوسُف لفوطيفار أنَّ الله هو حقيقيّ. ينبغي على أتباع يسوع أن يعيشوا حياتهم بناءً على ذات المبدأ اليوم؛ فيرى الآخَرون الفرق الَّذي يصنعه يسوع في حياتنا من خلال طريقة عملنا.
- أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَهُ: تفكَّر في التَّناقضات بين يوسُف وإخوته. لم يُبَع إخوته كعبيد بل استراحوا على أَسِرَّتهم في بيوتهم بين عائلاتهم.
- كان يوسُف عبدًا، لكنَّه حُرًّا.
- كان الإخوة أحرارًا، لكنَّهم عبيد الأسرار والعار والذَنب.
- أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَهُ: تفكَّر في التَّناقضات بين يوسُف وإخوته. لم يُبَع إخوته كعبيد بل استراحوا على أَسِرَّتهم في بيوتهم بين عائلاتهم.
ج) الآيات (٤-٦): يُبارِك الله فوطيفار بسببِ يوسُف.
٤فَوَجَدَ يُوسُفُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، وَخَدَمَهُ، فَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ. ٥وَكَانَ مِنْ حِينِ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ، أَنَّ ٱلرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ ٱلْمِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ. وَكَانَتْ بَرَكَةُ ٱلرَّبِّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ فِي ٱلْبَيْتِ وَفِي ٱلْحَقْلِ، ٦فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَعْرِفُ شَيْئًا إِلَا ٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي يَأْكُلُ. وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ ٱلصُّورَةِ وَحَسَنَ ٱلْمَنْظَرِ.
- فَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ: فَبِسبب بركة الله وأمانة يوسُف، ضَمِن الله تَقدُّم يوسف في مركزه، حتَّى كعبدٍ.
- كان من السهل على يوسُف أن يفعل ما نفعله غالِبًا: لا يُفكِّر كثيرًا في وضعهِ الحاليّ لأنَّه بدا سيِّئًا للغاية (فقد كان عبدًا في نهاية المطاف). لكنَّ يوسُف آمَن بأنَّ الله سيُباركه حيث هو موجودٌ، لذلك لم ينتظِر حالةً أفضل كي يتبارَك من الله.
- أَنَّ ٱلرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ ٱلْمِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ: بناءً على ذات المبدأ، ستحلُّ البركة في أماكن عملنا بسبب حضورنا التَّقويّ.
- فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ: صعد يوسف إلى القمَّة، لكنَّ الأمر استغرق بعض الوقت.
- كان يوسُف في السابعة عشر من عُمرهِ عندما بِيعَ إلى العبوديَّة (تكوين ٢:٣٧).
- كان يوسُف في الثلاثين من عُمرهِ عندما رفَّعه فرعون (تكوين ٤٦:٤١).
- كان يوسُف في السجن لِمُدَّة عامَين قبل ترقيته (تكوين ١:٤١).
- وبالتالي، مكث يوسُف في بيت فوطيفار مُدَّة ١١ سنة.
- استغرق الوقتُ ١١ سنة كي يُتمَّمَ القَدْر الكامل من بركة الله في حياة يوسُف. تبدو ١١ سنة مُدَّةً طويلة. يعتقِد الكثيرون بأنَّه إذا كان التَّقدُّم إلى الأمام آتٍ من الله، فيجب أن يأتيَ بسرعة. قد تكون هذه هي الحالة أحيانًا، لكن ليس بشكلٍ طبيعيٍّ دائم. عادةً ما يسمح الله للأمور الجيِّدة بأن تتطوَّر بِبُطء. يمتلِك الأطفال البشريُّون أطول مُدَّةٍ للتطوُّر داخل الرَحَم وفي مرحلة الطفولة مُقارَنةً مع الحيوانات. وفي عالَم النباتات، تستغرِق شجرة البلُّوط سنواتٍ كثيرة كي تُصبح سنديانة فيحاء. بينما لا تستغرِق نبتة القَرعِ أكثر من ليلةٍ واحدة كي تنمو بشكلٍ ظاهريّ.
- فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ: يدلُّ هذا على أنَّ يوسُف كان يعملُ بجدٍّ ونشاط. عندما أتى إلى مصرَ، كان في وضعٍ غير مؤاتي. لم يكن يعرف أيَّ شيءٍ عن اللُّغَّة أو البيئة أو العادات أو طُرُق مُمارسة الأعمال التِّجاريَّة. كان عليه أن يقوم في الصباح الباكِر ويبقى مُتأخِّرًا إلى ساعةٍ مُتقدِّمة من اللَّيل كي يقوم بعمله ويتعلَّم الطُرُق المصريَّة.
- يبدو أنَّ يوسُف كَبُرَ وهو يُراقِب الآخرين يقومون بأعمالهم. فقد حصل معه شيءٌ ما في محنته؛ فهو قَبِلَ عمل الله المغيِّر. أعطى الله يوسُف مهارةً إداريَّة عظيمة، وأُضيف إليها الآن قلبُ الخادِم المجتهِد.
- قال لوثر، “وفقًا لذلك، لم يكُن يوسُف صالِحًا وعفيفًا فقط، وهو لم يُصَلِّ بلجاجةٍ من أجل سيِّده والملِك وكلِّ أرضِ مصر فحسب، لكنَّه كان أيضًا مُشرفًا يقظًا ومديرًا للمهامِّ المنزليَّة” مُقتبَس من بويس (Boice)
- عندما نضع كلَّ ما لَنا بين يدَي يسوع، سيتبارَك بيتنا وحياتنا – وذلك من أجل مجد يسوع المسيح.
- وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ ٱلصُّورَةِ وَحَسَنَ ٱلْمَنْظَرِ: كان مظهرُ يوسُف مُميَّزًا وذا أهميَّة خاصَّة. يُسمِّي الكتاب المقدَّس اثنَين آخَرَين بِـ ’حسنا المنظَر‘: داود (١ صموئيل ١٢:١٦) و أبشالوم (٢ صموئيل ٢٥:١٤). قِيلَ أيضًا عن موسى أنَّه كان صبيًّا جميلًا (خروج ٢:٢).
ثانيًا. مُقاومة يوسُف للتَّجربة ونتائجها
أولًا. الآيات (٧-١٠): دعوة امرأة فوطيفار ومُقاومة يوسُف.
٧وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ أَنَّ ٱمْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: «ٱضْطَجِعْ مَعِي». ٨فَأَبَى وَقَالَ لِٱمْرَأَةِ سَيِّدِهِ: «هُوَذَا سَيِّدِي لَا يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي ٱلْبَيْتِ، وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. ٩لَيْسَ هُوَ فِي هَذَا ٱلْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ، لِأَنَّكِ ٱمْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا ٱلشَّرَّ ٱلْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى ٱللهِ؟». ١٠وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا.
- وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ أَنَّ ٱمْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: «ٱضْطَجِعْ مَعِي»: كانت زوجة فوطيفار من دونِ شكٍّ مُتقدِّمة وجريئة باتِّجاه يوسُف. حرفيًّا، كان فوطيفار يُسمَّى خصيَّ فرعون (تكوين ١:٣٩). وإذا كان فوطيفار مَخصيًّا بشكلٍ حرفيّ، فهذا يُظهِرُ أنَّ زوجته كانت تُفتِّش عن الاكتفاء الجنسيّ في مكانٍ آخَر.
- ربَّما شعرت امرأة فوطيفار بأنَّها محرومَة. لَربَّما كان فوطيفار مخصيًّا، وكان الزواج ترتيبًا احتفاليًّا بحتًا. فَمِن المحتمَل أنَّها شعرت بنوعٍ من الحريَّة للسَّعي وراء اللَّذَّة الجنسيَّة خارج إطار الزواج. نجد أنَّ هذا الموقف شائعٌ اليوم، فمُجتمعاتنا تُغذِّي فينا هذا الفكر: نحن محرومون ما لم نَسْعَ في إثرِ كلِّ شهوةٍ جنسيَّة نشعر بها. هذه كِذبة، فهذا الفكر يجعل من شهواتنا الجنسيَّة أصنامًا تسود على حياتنا.
- يبدو أيضًا أنَّ النساء في مصرَ القديمة لم يُقدَّم لَهُنَّ ذلك المقام الَّذي يؤهِّلَهُنَّ لِيَكُنَّ نساءً مُحترَمات، حتَّى المتزوِّجات مِنهُنَّ. فكان مُفترَضًا أنَّ النساء يَقُمْنَ بعلاقاتٍ جنسيَّة خارج إطار الزواج. لم تكُن امرأة فوطيفار تنظر إلى تطوير علاقةٍ ما، فقد كانت تبغي المتعة. أيضًا، تنشر مجتمعاتنا الحديثة ثقافة الجنس كجزءٍ أهمٍّ من أيِّة علاقاتٍ ذات معنًى. أمَّا الحقيقة – بالنسبة للكتاب المقدَّس وحياة الممارسة العمليَّة – فهي أنَّ الجنس أفضل ضمن إطار الالتزام في العلاقة الزوجيَّة؛ فالجنس، ضمن هذه الأُطُر، يعني شيئًا.
- كان يوسُف رجُلًا جذَّابًا (تكوين ٦:٣٩) ولربَّما تَسارُع الأحداث أعلاه له ارتباطٌ وثيقٌ بذلك. لَرُبَّما لم يكُن يوسُف في مُتناوَل امرأة فوطيفار. فإذا صحَّ ذلك، نرى أنَّها لن تكون المرأة الوحيدة التي تسعى وراء هذه العلاقات كتحدٍّ لها أو لكي تُعطي قيمةً معنويَّة لنفسها. لَربَّما نظرت امرأة فوطيفار إلى يوسُف في مُحاولةٍ يائسة لِتَشعُر بأنَّها مرغوبة ومُستحِقَّةٌ شيئًا ما.
- ٱضْطَجِعْ مَعِي: كانت هذه تجربة صعبة وقويَّة بالنسبة إلى يوسُف. وهي تُذكِّرنا أنَّه عندما نواجِه تجارب قويَّة، فهي تجارب مرَّ بها آخَرون أيضًا.
- يريدنا الشيطان أن نعتقِد بأنَّ تجربتنا فريدة من نوعها؛ وأن لا أحد يمكنه فَهم ما نمرُّ به من خلال هذه التجربة الخاصَّة. لكنَّ الكتاب المقدَّس يُعلِن بوضوحٍ تام أنَّه لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلَّا بَشَرِيَّةٌ. وَلَكِنَّ ٱللهَ أَمِينٌ، ٱلَّذِي لَا يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ ٱلتَّجْرِبَةِ أَيْضًا ٱلْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا (١ كورنثوس ١٣:١٠).
- “كانت العبوديَّة مصيبةً صغيرة مُقارنةً مع ما كان يُمكِن أن يُصيب يوسُف لو أنَّه استسلَم للشهوات الشرِّيرة” سبيرجن (Spurgeon)
- وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا: أظهر يوسُف أمانةً فريدة واستثنائيَّة تجاه الله وفوطيفار ونفسه بمُقاومتهِ هذه التجربة لفترةٍ طويلة – ربَّما لِمُدَّة ١١ سنة. ساهمت الكثير من طبائعه الشخصيَّة في نجاحه، وقدَّم يوسُف الكثير من الأسباب لِرَفضهِ.
- فَأَبَى وَقَالَ لِٱمْرَأَةِ سَيِّدِهِ: لم يُغازِلها أو يمزَح معها أو تكلَّم معها بطريقةٍ استفزازيَّة. سيقول رجلٌ أحمق، ‘إنَّها كلماتٌ فقط، لِنتمتَّع قليلًا.’ غالِبًا ما تؤدِّي كلمات الـمُزاح والاستفزاز إلى كارثة.
- تذكَّر يوسُف مسؤوليَّاته: هُوَذَا سَيِّدِي لَا يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي ٱلْبَيْتِ، وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. تذكَّر الكثير الَّذي يُمكِن أن يخسَرَهُ. أمَّا اليوم، حتَّى الفَرد يُمكنُه أن يخسَر الكثير – براءتهُ وقلبهُ ومقدرته أن يَهبَ نفسه بالحقِّ لله الَّذي يملِك كلَّ ما يحتاجَهُ.
- تذكَّر يوسُف مَن تكون: لِأَنَّكِ ٱمْرَأَتُهُ. بكلِّ بساطة، لم تكُن تنتمي إلى يوسُف. لقد أُعطِيَت لآخَر، وآخَر أُعطِيَ لها.
- تذكَّر يوسُف حقيقة ذلك الفعل، هَذَا ٱلشَّرَّ ٱلْعَظِيمَ: غالِبًا ما نُريد أن نُسمِّيَ الخطيَّة باسمٍ مُختلِف. إنَّ العدائيَّة والمزاجيَّة هُما تعبيرٌ عن الذات. إنَّ الكبرياء والاعتزاز هُما احترامُ الذات. إنَّ الشراهة هي حياةٌ جيِّدة. إنَّ الطمع هو مُحاولة المضيِّ قُدُمًا. إنَّ الانحراف هو أُسلوب حياةٍ بديلة. إنَّ الزنى هو صرخةٌ لِطلَب المساعدة في زواجٍ سيِّء.
- تذكَّر يوسُف ما كان عليه: وَأُخْطِئُ إِلَى ٱللهِ. ربَّما كان هذا اقتراحًا خاليًا من المخاطر – فاحتمال اكتشافهما شبهُ معدومٍ. اهتمَّ يوسُف بما هو أبعَد من اكتشافه، وهو العالِم بأنَّ كلَّ الأشياء هي مكشوفة أمام الله. كان يتمتَّع يوسُف بعلاقةٍ كافية مع الله مكَّنتهُ بأن يهتمَّ بما هو أهمّ من النظرة البشريَّة للأُمور. “عندما نظرت إلى الله كطاغية، ظننت أنَّ الخطيَّة هي شيءٌ بسيطٌ؛ ولكن عندما عرفته كأبٍ، نَدِمت على كلِّ إساءة وجَّهتها له. عندما فكَّرت بأنَّ الله كان قاسيًا، وجدت أنَّه من السهل أن أُخطِئ؛ لكن عندما وجدت الله لطيفًا جدًّا وصالِحًا جدًّا وملآنًا بالعطف والحنان، عندها ضربت على صدري بشدَّةٍ مُفكِرًا كيف يُمكِنني أن أثورَ على مَن أحبَّني وأراد مصلحتي” سبيرجن (Spurgeon)
- فَأَبَى يوسُف، أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا: يمكننا أن نختصر هذه الحالة على الشكل التالي: يجب على الإنسان أن يرفُضَ ويقول لا للخطيَّة، حتَّى ولو تملَّكَهُ ذلك الشعور بأنَّه يريد أن يقول نعم. يجب أن يُدرِك المرء أنَّه توجَد للحياة أبعادٌ تتخطَّى شهوات الجسد. فنحن أكثر من مُجرَّد نزواتٍ جنسيَّة، لذلك يجب أن نعيش على مُستوًى أعلى منها.
- أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا: حَرِص يوسُف على ألَّا يكون مُنفردًا مع التي تُحاول أن تُوقِعَهُ في التجربة. فقد تجنَّب بحكمةٍ التَّواجُد حول زوجة فوطيفار (أو بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا).
- نُعجَبُ بحقٍّ بيوسُف كمثالٍ لِرجُل الله الَّذي يُقاوِم التجربة. هناك الكثيرون من الأشخاص المذكورين في الكتاب المقدَّس والَّذين لم يكونوا دائمًا ناجحين في مُقاومة التجربة:
- آدَم وحوَّاء.
- إبراهيم وموسى.
- داود وسُليمان.
- يوحنَّا وبطرس.
- كان هناك أيضًا آخَرون قلائل بدَوا ناجحين في مُقاومة التجربة، مثل يوسُف ودانيال. بالرغم من ذلك، ولا يُمكن مُقارنة أيُّ واحدٍ منهم بيسوع. فقد امتُحِن يسوع وجُرِّب بطُرُقٍ لا يُمكننا تخيُّلَها، وبالرغم من ذلك استمرَّ كاملًا وبلا خطيَّة. وإذا كُنَّا مملوئين بيسوع، يُمكِننا أن نمتلِك القوَّة لِمقاومة التجربة.
- نُعجَبُ بحقٍّ بيوسُف كمثالٍ لِرجُل الله الَّذي يُقاوِم التجربة. هناك الكثيرون من الأشخاص المذكورين في الكتاب المقدَّس والَّذين لم يكونوا دائمًا ناجحين في مُقاومة التجربة:
ب) الآيات (١١-١٢): يُقاوِم يوسُف مُحاولتها القويَّة لإغرائهِ.
١١ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هَذَا ٱلْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ ٱلْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ ٱلْبَيْتِ هُنَاكَ فِي ٱلْبَيْتِ. ١٢فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: «ٱضْطَجِعْ مَعِي!». فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ.
- ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هَذَا ٱلْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ ٱلْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ ٱلْبَيْتِ هُنَاكَ فِي ٱلْبَيْتِ .فَأَمْسَكَتْهُ: عرفَت امرأة فوطيفار أنَّ يوسُف يتجنَّبها، لذلك دبَّرت عن عَمدٍ مكيدة مُحكَمة لاقتناصهِ. ومن المؤكَّد أيضًا أنَّها هي مَن دبَّرت أن لا يتواجَد أيُّ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ ٱلْبَيْتِ هُنَاكَ فِي ٱلْبَيْت.
- فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: «ٱضْطَجِعْ مَعِي!». فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ: قاوَمَ يوسُف هذه اللَّحظة الرَّهيبة من التجربة عندما هَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ. قام يوسُف بفعل ما يجب على كلِّ واحدٍ منَّا أن يقوم به في مُواجهة أمثال هذه الحالَة: هَرَبَ وَخَرَجَ. تُوضِّح رسالة ٢ تيموثاوس ٢٢:٢ هذه الفكرة: أَمَّا ٱلشَّهَوَاتُ ٱلشَّبَابِيَّةُ فَٱهْرُبْ مِنْهَا.
- إذا لم نكُن فعلًا مُتوجِّهين نحو الخطيَّة بِخُطًى سريعة، فلنا ميلٌ للبقاء في محضرها.لكنَّنا مأمورون بأن نقوم بعمل الشيءِ الوحيد الآمِن: الهروب من شهوات الجسد وبأكثر سُرعةٍ مُمكِنة.
- تُشير نسخة الملِك جايمس للكتاب المقدَّس إلى تكوين ١٢:٣٩ بالقَول، فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ. لم يكُن هناك من أحدٍ لِيُخرِجَه خارجًا. فقد دبَّر الله طريقًا للهروب (١ كورنثوس ١٣:١٠)، لكنَّك يجب أن تتَّبِعَ أنت هذا الطريق للخروج والهروب.
- فَتَرَكَ ثَوْبَهُ: لا تعني هذه الجملة بأنَّه كان عُريانًا لدى هروبه، بل أنَّ ثوبَه الخارجيّ فقط خُلِع عنه. عمليًّا، يمكن القَول أنَّه خرج خارجًا بسرواله الدَّاخليّ. عرف يوسُف أنَّ وقفة العفَّة والنقاء هذه سَتُكلِّفه غاليًا، لكنَّه اعتبر أنَّ الأمر يستحقُّ ذلك.
ج) الآيات (١٣-١٨): تَتَّهِم امرأة فوطيفار يوسُف زورًا أمام فوطيفار.
١٣وَكَانَ لَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ، ١٤أَنَّهَا نَادَتْ أَهْلَ بَيْتِهَا، وَكَلَّمَتهُمْ قَائِلةً: «ٱنْظُرُوا! قَدْ جَاءَ إِلَيْنَا بِرَجُلٍ عِبْرَانِيٍّ لِيُدَاعِبَنَا! دَخَلَ إِلَيَّ لِيَضْطَجِعَ مَعِي، فَصَرَخْتُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. ١٥وَكَانَ لَمَّا سَمِعَ أَنِّي رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ». ١٦فَوَضَعَتْ ثَوْبَهُ بِجَانِبِهَا حَتَّى جَاءَ سَيِّدُهُ إِلَى بَيْتِهِ. ١٧فَكَلَّمَتْهُ بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ قَائِلَةً: «دَخَلَ إِلَيَّ ٱلْعَبْدُ ٱلْعِبْرَانِيُّ ٱلَّذِي جِئْتَ بِهِ إِلَيْنَا لِيُدَاعِبَنِي. ١٨وَكَانَ لَمَّا رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ».
- عِبْرَانِيٍّ … ٱلْعَبْدُ ٱلْعِبْرَانِيُّ: في عصرٍ يَتَّسِمُ بوحشيَّة العقاب ورُخصة الحياة – خصوصًا حياة عبدٍ – أدركَت امرأة فوطيفار بأنَّ اتِّهامها سوف يعني الإعدام لِيوسُف. لذلك لم تتلفَّظ باسمه؛ لم تكُن تريد أن تُفكِّر فيه كشخصٍ حقيقيّ.
- دَخَلَ إِلَيَّ لِيَضْطَجِعَ مَعِي، فَصَرَخْتُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: لا بُدَّ أنَّ ذلك سبَّب إهانةً وحُزنًا لِيوسُف بأن يُتَّهمَ بهذه الكذبة الشنيعة. وعلى ما يبدو، لم يُحاوِل الدِّفاع عن نفسه ضدَّ هذا الاتِّهام الكاذِب، تمامًا كما كان يسوع صامِتًا أمام مُتَّهِميه (إشعياء ٧:٥٣ ومتَّى ١٣:٢٧-١٤).
- لم يكُن هذا عدلًا: يوجَد هناك أحيانًا ثمنٌ يجب أن يُدفَع نتيجةً لِمُقاومة التجربة. نعمل ذلك بالإيمان، واثقين بالله القادر أن يجعل كلَّ الأشياء تعملُ معًا للخير لِلَّذين يُحبُّون الله المدعوُّون حسب قصدِه (رومية ٢٨:٨).
د ) الآيات (١٩-٢٠): يُرسَل يوسُف إلى السجن.
١٩فَكَانَ لَمَّا سَمِعَ سَيِّدُهُ كَلَامَ ٱمْرَأَتِهِ ٱلَّذِي كَلَّمَتْهُ بِهِ قَائِلَةً: «بِحَسَبِ هَذَا ٱلْكَلَامِ صَنَعَ بِي عَبْدُكَ»، أَنَّ غَضَبَهُ حَمِيَ. ٢٠فَأَخَذَ يُوسُفَ سَيِّدُهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ ٱلسِّجْنِ، ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي كَانَ أَسْرَى ٱلْمَلِكِ مَحْبُوسِينَ فِيهِ. وَكَانَ هُنَاكَ فِي بَيْتِ ٱلسِّجْنِ.
- أَنَّ غَضَبَهُ حَمِيَ: عرف فوطيفار أيَّ نوعٍ من النساء كانت امرأته وعرف أيضًا أيَّ نوعٍ من الرِّجال كان يوسُف. فقد استشاط غضبًا بسبب عِلمهِ بأنَّ اتِّهامها لِيوسُف كان باطلًا.
- يا لَتعاسة فوطيفار! فقد تُرِكت له امرأته من دون يوسُف الَّذي كان سبب نجاح هذا البيت.
- “كان الموتُ الجزاءَ الوحيد الَّذي كان من الممكِن أن يتوقَّعه يوسُف بشكلٍ منطقيّ. ويُمكننا إرجاع إرجاء عقوبة التَّنفيذ إلى هالَة الاحترام التي كَسِبها يوسُف؛ لذلك قد يكون هذا المزيج من الغضب والتَّردُّد مَرَدُّه إلى شكِّ فوطيفار بدقَّة الاتِّهام” كيدنر (Kidner)
- “لم يقُل أيَّةَ كلِمةٍ، يمكنني أن أتعلَّمها، عن امرأة فوطيفار. كان هذا ضروريًّا لِدفاعه، لكنَّه لم يتَّهِم المرأة؛ أراد أن تأخذ العدالة مجراها، وترك المرأة أسيرةَ ضميرها وردَّةُ فعل زوجها المترقِّب. أظهر هذا قوَّةً عظيمة؛ من الصعوبة بمكان ما أن يُغلِق المرء شفتَيه، غير ساعٍ لِقَول أيِّ شيءٍ خصوصًا وأنَّ شخصيَّته على المِحَكِّ. كان يوسُف فصيحًا في صمتهِ فَلَم نسمع منه في حياته أيَّة كلمةِ تذمُّر” سبيرجن (Spurgeon)
- فَأَخَذَ يُوسُفَ سَيِّدُهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ ٱلسِّجْنِ: يا لَتعاسة يوسُف! فقد ذهبَ يوسُف:
- من امتياز المكوث في بيتِ أبيه.
- إلى البئر حيث ألقاه إخوته فيها.
- لِيكون مُلكًا في سُوق العبوديَّة.
- لامتياز بأن يكون مُديرًا لِبَيت فوطيفار.
- إلى صَرحِ مبدأ الثَّبات في وجه التجربة.
- إلى الحَنَثِ بيمين الاتِّهام الكاذِب.
- إلى سِجن فرعون.
- يُمكننا أن نرى الرحمة في هذا، فَلَو أنَّ فوطيفار كان قد صدَّق ما قالته زوجته، لما تأخَّر بإنزال عقوبة الموت بيوسُف.
- يُمكننا أن نرى الظلم في هذا، ذلك لأنَّ يوسُف قد تألَّم بسبب خطيَّةِ شخصٍ آخَر. كمسيحيِّين، نتذكَّر أحدًا ما قاومَ التجربة بشكلٍ كامل، وهو ذاك مَن وقف بارًّا مُعرًّا حتَّى من ثيابه، لكنَّه عُوقِب من أجل خطايا الآخرين. نرى أنَّ يسوع هو الرَّجاء لكلِّ شخصٍ رازحٍ تحت ثقل التجربة.
- يُمكننا أن نرى يدَ الله في كلِّ هذا. يُساهِم كلُّ هذا في المضي بقصَّةِ الله قُدُمًا إلى الأمام، واضعًا يوسُف في ذلك المكان الَّذي من خلالهِ ستنجو العائلة وكلُّ العالَم من الجوع الآتي، ومُحضِّرًا المكان للعيش معه.
- “شعر بأنَّه أمرٌ قاسٍ أن يرزح تحت هذه القذارة ويتعذَّب بسبب براءته. كشابٍّ بهذا النقاء وبهذه العفَّة، شعر يوسُف بأنَّ اتِّهامَه أكثرَ حدَّةً من سوط العقارب؛ وبالرغم من أنَّه كان قابعًا في غياهِب بيتِ السجن، كان الرَّبُّ معه” سبيرجن (Spurgeon)
هـ) الآيات (٢١-٢٣): ينجح يوسُف، حتَّى في السجن.
٢١وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، وَبَسَطَ إِلَيْهِ لُطْفًا، وَجَعَلَ نِعْمَةً لَهُ فِي عَيْنَيْ رَئِيسِ بَيْتِ ٱلسِّجْنِ. ٢٢فَدَفَعَ رَئِيسُ بَيْتِ ٱلسِّجْنِ إِلَى يَدِ يُوسُفَ جَمِيعَ ٱلْأَسْرَى ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِ ٱلسِّجْنِ. وَكُلُّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُنَاكَ كَانَ هُوَ ٱلْعَامِلَ. ٢٣وَلَمْ يَكُنْ رَئِيسُ بَيْتِ ٱلسِّجْنِ يَنْظُرُ شَيْئًا ٱلْبَتَّةَ مِمَّا فِي يَدِهِ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَهُ، وَمَهْمَا صَنَعَ كَانَ ٱلرَّبُّ يُنْجِحُهُ.
- وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، وَبَسَطَ إِلَيْهِ لُطْفًا: إذا كان الله قد بسط لُطفًا لِيوسُف حتَّى وهو في هذه الحفرة، وإذا كان قد بارَك يوسُف وهو عبدٌ، فَلَن نتعجَّب عندما نرى أنَّ الرَّبَّ باركَهُ حتَّى وهو في بيتِ السجن. لم تستطِع أيَّةٌ من هذه الظروف أن تُغيِّر أو تهزم خطَّة الله لِحَياة يوسُف.
- إنَّ الموضوع السَّائِد هو نجاح يوسف بفضل بركة الله:
- وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا (تكوين ٢:٣٩).
- وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ ٱلرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ (تكوين ٣:٣٩).
- وَكَانَ مِنْ حِينِ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ، أَنَّ ٱلرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ ٱلْمِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ (تكوين ٥:٣٩).
- نرى أنَّ الرَّبَّ بارَك يوسُف بحضوره، حتَّى بعد اتِّهامه زورًا وإلقائه في بيت السجن:
- وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ (تكوين ٢١:٣٩).
- لِأَنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَهُ (تكوين ٢٣:٣٩).
- “ليس من المهمِّ كثيرًا تَبِعات ذلك المكان الَّذي يُلقَى فيه خادمُ الله؛ كيوسُف، نرى أنَّه كان خادِمًا في بيت سيِّده، إلَّا أنَّ الرَّبَّ باركهُ وأنجحَ عمله” كلارك (Clarke)
- إنَّ الموضوع السَّائِد هو نجاح يوسف بفضل بركة الله:
- فَدَفَعَ رَئِيسُ بَيْتِ ٱلسِّجْنِ إِلَى يَدِ يُوسُفَ جَمِيعَ ٱلْأَسْرَى ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِ ٱلسِّجْنِ. وَكُلُّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُنَاكَ كَانَ هُوَ ٱلْعَامِلَ: وكما كان قبلًا في بيت فوطيفار، وصل يوسُف إلى القمَّة إذ أصبح المدير الرئيسيّ في السجن. ومن خلال اختباراته في كِلَي المكانَين، صقلَ الله المهارات الإداريَّة التي احتاجها يوسُف لِيُخلِّص عائلته والعالَم أجمَع في يومٍ من الأيَّام.
- “كان الرَّبُّ مع يوسُف بالرغم من إلقائه في السجن. عَلِم أنَّ الله كان معه في السجن، لذلك لم يقبَع في مكانه حزينًا، بل حثَّ نفسه على أخذ العِبَر والاستفادة من حالته المنكوبة” سبيرجن (Spurgeon)