شُهُود الْقِيَامَة

شُهُود الْقِيَامَة

وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. (١ كورنثوس ٥:١٥-٨)

لم يرَ أحد قيامة يسوع الفعلية؛ لم يكن هناك أحد في القبر معه عندما تحول جسده إلى جسد قيامة. إذا كان لشخص أن يكون هناك وقت القيامة، ربما كان سيرى جسد يسوع يتحول في لمح البصر متبخترًا خارج الأربطة. ونحن نعلم أن يسوع كان يستطيع أن يفعل ذلك بعد قيامته؛ فقد ظهر بشكل معجزي في غرفة ذات أبواب ونوافذ مُغَلَّقَة (يوحنا ١٩:٢٠، ٢٦). لم يكن شبحًا؛ بل كان له جسد حقيقي من عظم ولحم.

شُهُود الْقِيَامَة

برغم أن أحدًا لم يشهد حَدَث القيامة الفعلية ليسوع، إلا أن كثيرين رأوا يسوع المُقام. والآن يدعو بولس هؤلاء الشهود على القيامة، ليثبت، بما لا يجعل مجالًا للشك، أن يسوع قد قام من بين الأموات في جسد قيامة.

الشاهد الأول كان صَفَا. ظَهَرَ يسوع ظهورًا خاصًا لبطرس (صَفَا) في لوقا ٣٤:٢٤. ويمكننا أن نفترض أن بطرس كان بحاجة إلى تعزية خاصة وتشجيع.

يقدم بولس الاثْنَيْ عَشَرَ كشهود على القيامة. يشير هذا على الأرجح إلى اللقاء الأول ليسوع مع تلاميذه مجتمعين، كما هو مذكور في مرقس ١٤:١٦، لوقا ٣٦:٢٤-٤٣، ويوحنا ١٩:٢٠-٢٥. كان هذا هو الاجتماع الذي ظهر فيه يسوع في الغرفة ذات الأبواب والنوافذ المُغلقة، ونفخ في التلاميذ مانحًا إياهم الروح القدس.

إن اجتماع يسوع بأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ ليس مُفصلًا في الأناجيل، لكن ذكره متى في إنجيله ١٠:٢٨، ١٦-١٧. فخلال الفترة التي أعقبت قيامته وقبل صعوده، التقى يسوع مع أتباعه في مناسبات عديدة مختلفة. وكأن بولس يقول، “اذهب واسأل هؤلاء الذين رأوا يسوع المُقام. هم ليسوا مجموعة صغيرة من النفوس المخدوعة؛ فهناك المئات الذين رأوا يسوع المُقام بعيونهم، وهم يعلمون أن يسوع قام من بين الأموات.”

إن يَعْقُوب المذكور هنا هو شقيق يسوع، الذي كان يُنظر إليه كقائد بارز في الكنيسة الأولى (أعمال الرسل ١٣:١٥-٢١). كان إخوة يسوع بحسب الأناجيل معادين له ولإرساليته (يوحنا ٣:٧-٥)، لكن بعد القيامة، كان إخوة يسوع من بين أتباعه (أعمال الرسل ١٤:١).

ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ: يشير هذا إلى عدد قليل من اللقاءات المختلفة، كما هو مذكور في يوحنا ٢٦:٢٠-٣١، يوحنا ١:٢١-٢٥، متى ١٦:٢٨-٢٠، ولوقا ٤٤:٢٤-٤٩. وفي هذه اللقاءات، أكل معهم وعزَّاهم وأوصاهم بأن يكرزوا بالإنجيل، ثم طلب منهم البقاء في أورشليم لانتظار سكيب الروح القدس بعد صعوده.

أخيرًا، تمكن بولس من تقديم شهادته الخاصة (وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا). فقد التقى مع المخلص المُقام بعد صعود يسوع إلى السماء.

إن التغيير الجذري الذي حدث في شخصيات الرسل، واستعدادهم للموت من أجل شهادة القيامة يقضي على فكرة الخداع كتفسير للقبر الفارغ.

فهمك وتقديرك لكل هذه الأدلة هو أمر جيد، ولكن قم بتضمين دليلك الأخير – اختبارك الشخصي مع يسوع المُقام.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لرسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح ١٥

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

عِندَمَا يُغْلِق اللهُ الْبَابَ

عِندَمَا يُغْلِق اللهُ الْبَابَ

وَدَخَلَتْ إِلَى نُوحٍ إِلَى الْفُلْكِ، اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ. وَالدَّاخِلاَتُ دَخَلَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ، كَمَا أَمَرَهُ اللهُ. وَأَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ. (تكوين ١٥:٧-١٦)

تقول الآية في سفر التكوين ٥:٧ أنه استعدادًا للطوفان القادم، فعل نوح كَمَا أَمَرَهُ الله. لم يكن هناك شيء ناقِص أو غير منتهي. نوح وعائلته والحيوانات، والفلك نفسه، كانوا مستعدين للطوفان العظيم الذي كان على وشك الحدوث.

عِندَمَا يُغْلِق اللهُ الْبَابَ

ولما دخلوا الفلك انتظروا هطول المطر. يخبرنا تكوين ١٠:٧ أنهم كانوا في الفلك لمدة سبعة أيام قبل أن سقوط المطر وقبل أن تنفجر كُلُّ يَنَابِيعِ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ. كان الانتظار لمدة سبعة أيام اختبارًا حقيقيًا للإيمان، ومن السهل أن نتخيل سخرية جيران نوح المتشككين من كل من كان في الفلك. “قلت إن الطوفان قادم، ولكن لم يحدث شيء. وقلت إن الله سيرسل الدينونة، لكننا لم نر شيئًا، وأمورنا تسير بأحسن حال.” إن كانوا قد عبروا عن هذا فعلًا، فكلامهم صحيح، وإن كان مؤقتًا. جاءت المياه من كل ناحية، من فوق ومن أسفل، وسرعان ما أصبح الملجأ الوحيد هو الفلك الذي كانوا يستهزئون به ويحتقرونه.

وكما وعد الله في تكوين ٤:٧، بعد سبعة أيام من الانتظار، تدفقت المياه لمدة أربعين يومًا وليلة. ارتبط الرقم ٤٠ بالامتحان والتطهير، خصوصًا قبل الدخول في أمرٍ جديد ومُهمٍّ. يمكن أن يُرى هذا في عدة حالات:

  • أيَّام موسى على جبل سيناء (خروج ١٨:٢٤؛ تثنية ٢٥:٩).
  • رحلة الجواسيس إلى كنعان (سفر العدد ٢٥:١٣).
  • وقت إسرائيل في البريَّة (سفر العدد ٣٣:١٤، ١٣:٣٢).
  • رحلة إيليا العجائبيَّة إلى سيناء (١ ملوك ٨:١٩).
  • تجربة يسوع في البريَّة (مرقس ١٣:١).

قد تبدو الأربعون يومًا مدة طويلة، لكنها أيضًا ليست طويلة جدًا. لقد وفرت وقتًا كافيًا لاختبار إيمان (وصبر) نوح وعائلته والحيوانات التي كانت على متن السفينة، ولكن كان له نهاية. لقد كانت النهاية مؤكدة تمامًا كما كانت البداية.

الآية ’أَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ‘ لافِتة لِلنّظَر. لم يكُن على نوح أن يُغلِق الباب ليمنع أي أحد من دخول الفلك؛ فالله هو مَن قام بذلك. وبنفس الأسلوب، ليس من واجب خدام الله أن يحرموا الناس من الخلاص. إذا كان الباب سيُغلَق، دعِ الله يُغلِق الباب. وفي حين أن خدام الله قد يصدرون تحذيرات، إلا أن الحكم النهائي يقع على عاتق الله، وليس على البشر.

في زمن نوح، ظلَّ الله فاتحًا الباب حتَّى اللَّحظة الأخيرة الممكنة، لكن أتى وقتٌ كان لا بُدَّ أن يُغلَق الباب. عندما يكون الباب مفتوحًا، يبقي مفتوحًا، ولكن عندما يُغلَق، فهو سيُغلَق ويبقى مُغلَقًا. يسوع هو ٱلَّذِي يَفْتَحُ وَلَا أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَا أَحَدٌ يَفْتَحُ (رؤيا ٧:٣).

إن فترة التجربة لها نهاية (40 يومًا)، ولكن كذلك فترة النعمة الإلهية. وبينما لا يزال الباب مفتوحًا، تعال إلى يسوع، ستجد الملجأ من الدينونة الوشيكة.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٧

اضغط هنا لقراءة المزيد من التأملات اليومية للقس ديفيد كوزيك

حَفِظ فُلْك نُوح

حَفِظ فُلْك نُوح

ِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ. تَجْعَلُ الْفُلْكَ مَسَاكِنَ، وَتَطْلِيهِ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ. وَهكَذَا تَصْنَعُهُ: ثَلاَثَ مِئَةِ ذِرَاعٍ يَكُونُ طُولُ الْفُلْكِ، وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا عَرْضُهُ، وَثَلاَثِينَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُهُ. وَتَصْنَعُ كَوًّا لِلْفُلْكِ، وَتُكَمِّلُهُ إِلَى حَدِّ ذِرَاعٍ مِنْ فَوْقُ. وَتَضَعُ بَابَ الْفُلْكِ فِي جَانِبِهِ. مَسَاكِنَ سُفْلِيَّةً وَمُتَوَسِّطَةً وَعُلْوِيَّةً تَجْعَلُهُ. (تكوين ١٤:٦-١٦)

نظرًا للدينونة الوشيكة، أمر الله نوحًا أن يصنع لِنفسهِ فُلْكًا. عندما نقول كلمة ’فُلْكَ‘ – على الأقل في اللغة الإنجليزية – فإننا نتصور سفينة تحمل الكثير من الحيوانات. لكن هذا ليس المعنى الحقيقي للكلمة. يشير الفُلك في الواقع إلى صندوق وليس سفينة – صندوق كبير لتخزين الأشياء.

حَفِظ فُلْك نُوح

ما أمر الله نوح أن يبنيه لم يكن قاربًا بالمعنى التقليدي، بل بارجةً جيِّدة التَّهوية مُصممة فقط لتطفو وتوفر الملجأ، لم تُبن لتُبحِر إلى أيِّ مكان.

كان الفُلك طويلًا بطول مبنًى مؤلَّف من ثلاثين طابقًا (حوالي ٤٥٠ قدَم أو ١٥٠ مترًا)، وكان حوالي ٧٥ قدمًا (٢٥ مترًا) عرضًا و٤٥ قدمًا (١٥ مترًا) ارتفاعًا. وكان حجم الفُلك، الذي يشبه صندوق أحذية تقريبًا، مماثلًا لحجم سفينة تيتانيك، وله فتحةٌ أو كوَّةٌ مُكعَّبة (١٨ إنشًا، نصف متر) في القسم العلويّ.

لم تُبنَ سفينةٌ أكبر من الفُلك حتَّى سنة ١٨٥٨. كان الفلك حتمًا كبيرًا بشكلٍ كافٍ لكي يقوم بهذه المهمَّة. فإذا حمل الفُلك اثنين من كلِّ عائلات الحيوانات، فسيكون هناك حوالي ٧٠٠ من الأزواج؛ ولكن إذا حمل الفُلك اثنين من كلِّ فصائل الحيوانات، فسيكون هناك حوالي 35.000 زوجًا من الحيوانات. إنَّ معدَّل حجم الحيوان البريّ أصغر من الخروف. يمكن للفُلك أن يحمل 136.560 خروفًا بنصف حمولته، تاركًا مساحةً كافية للناس وتخزين الطعام والماء، بالإضافة إلى ما يحتاجونه من مُستلزمات.

لم يُخبِر الله نوحًا بعد لماذا ينبغي أن يبنيَ الفُلك. في هذه اللَّحظة، كلُّ ما كان يعرفه نوح هو أنَّ الله سيدين الأرض، وأنَّه مفترضٌ منه أن يبنيَ بارجة. وبما أنَّها لم تُمطِر بعد على الأرض، فمن المنطقيّ الاعتقاد بأنَّ نوح لم يعرف قصد الله بعد.

هناك أدلة علمانية غير كتابية على أن بقايا فُلك نوح تعود إلى ما يقرب من ثلاثة قرون قبل ميلاد يسوع وتمتد حتى القرن العشرين. ويعتقد الكثيرون أن ’دوروبينار‘ على شكل قارب في تركيا هو مكان هبوط سفينة نوح.

تشير الأدلة العلمانية غير الكتابية إلى أن بقايا سفينة نوح يعود تاريخها إلى ما يقرب من ثلاثة قرون قبل ميلاد يسوع وتستمر حتى القرن العشرين. يعتقد الكثيرون أن تكوين ’دوروبينار‘ (Durupinar) على شكل قارب في تركيا هو مكان هبوط سفينة نوح.

أخبر الله نوحًا بأن يطليه بِالْقَارِ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ، ما سمح بحفظ الفُلك لمدَّة طويلة من تسرب الماء. من الممكن أنَّ الله ما زال له قصدٌ للفُلك، لاستخدامه كي يُذكِّر العالَم بدينونةٍ سابقة قبل قدوم دينونةٍ مستقبليَّة. (بطرس الثانية 3: 1-7)

قبل مجيء المسيح الثاني، قد يُذكِّر الله أولئك الذين يتقبلون رسالته بدينونته العادلة. ومن المهم جدًا أن نستمع، ونؤمن، ونستعد.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٦

الرجل الذي سَارَ مَعَ ٱلله

الرجل الذي سَارَ مَعَ ٱلله

وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ… وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.

تقدم هذه الآيات من تكوين ٥ رجلين رائعين. يُشار إلى مَتُوشَالَح على أنه الرجل الذي عاش أطول حياة مسجلة في الكتاب المقدس، إذ بلغ عمره ٩٦٩ عامًا (تكوين ٥: ٢٧). ويُشار إلى أَخْنُوخ على أنه الرجل الذي سار مع الله بطريقة خاصة حتى أن الله أخذه – على الأرجح، إلى عرش الله في السماء.

الرجل الذي سَارَ مَعَ ٱلله

ربما من الصعب تصديق ذلك بدون السجل الكتابي، لكن الأمر لا لبس فيه. أُخِذ أخنوخ، ابن يارد، بطريقةٍ عجائبيَّة إلى الله. تتكرر جملة ’وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ‘ للتأكد من أننا نفهم الفكرة. فالسير مع الله، بهذا المعنى، تتكلَّم عن علاقةٍ حقيقيَّة وعميقة.

لا يمكنك أن تمشي بوعيٍ مع شخص لا تعرف وجوده. عندما نسير مع شخصٍ ما، نعلم أنَّه موجود، نسمع وقْعَ أقدامه إذا لم نتمكَّن من رؤية وجهه. عندما يسير الأصدقاء معًا، فإنهم يتواصلون، ويستمتعون برابطة تتجاوز الكلمات. كان هذا هو نوع العلاقة العميقة التي تمتع بها أخنوخ مع الله، والتي تمتع بها الله مع أخنوخ.

وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ ٱللهِ: والسير مع الله يعني السير بالإيمان (٢ كورنثوس ٧:٥) والسير في النور (١ يوحنا ٥:١-٧) والسير في انسجامٍ مع الله (عاموس ٣:٣). يُخبرنا عبرانيِّين ٥:١١ عن أساس سير أخنوخ مع الله: بِٱلْإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لَا يَرَى ٱلْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ ٱللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى ٱللهَ؛ لا يمكنك أن تمشي مع الله وتُكرِم الله بعيدًا عن الإيمان.

بعد أن سار مع الله هكذا، وكأنَّه في يومٍ من الأيَّام أخبر الله أخنوخ، ’ليس من الضروري أن تعود إلى منزلك، لما لا تأتي معي إلى البيت؟‘ يقول النص ببساطة: وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ. تساءل تشارلز سبيرجن عما إذا كان بعض الآباء العظماء قد رأوا أخنوخ يصعد إلى السماء كما فعل يسوع بعد عدة سنوات.

يبدو أنَّ أخنوخ بدأ بالسير مع الله بطريقةٍ خاصَّة بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَح. ربما يعني الاسم متوشالح، عندما يموت، سيأتي. فعندما ولِد متوشالح، أصبح لأخنوخ وعيٌ يرتبط بدينونة الله القادمة، وكان هذا الأمر من أبرز العوامل التي قادته للسير مع الله.

يخبرنا يهوذا ١٤، ١٥ أنَّ أخنوخ كان نبيًّا؛ حتَّى من منظوره البعيد نسبيًّا، استطاع أن يرى مجيء المسيح الثاني (هُوَذَا قَدْ جَاءَ ٱلرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ، لِيَصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ).

لا أعرف أيهما يأتي أولًا: السير مع الله أم ترقب مجيء المسيح بشوق. لا يهم أيهما سيحدث أولًا، فهما مرتبطان. الشيء المهم هو تنمية كليهما: السير مع الله وترقب مجيء المسيح بصبر . ربما يأتي الله ويأخذك بعيدًا.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٥

الذبيحة التي ترضي الله

الذبيحة التي ترضي الله

وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ. (تكوين ٤: ٣-٥)

كان الابنان الأكبران لآدم وحواء يعملان في الزراعة، كان هابيل يرعى الغنم، بينما كان قايين يزرع المحاصيل من الأرض. كانت الزراعة وتدجين الحيوانات تُمارَس منذ البداية. وبصفته مُزارعًا، قدّم قَايِين قُرْبَانًا لِلرَّبِّ مِنْ ثمر تعبه – أَثْمَارِ الأَرْضِ، وقدّم هَابِيل مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِه.

الذبيحة التي ترضي الله

يمكننا أن نستنتج أنَّ قايين جاء بقربانه إلى شجرة الحياة لأنَّ الكروبيم كان يحرس الطريق إلى شجرة الحياة (تكوين ٣: ٢٤)، والكروبيم كملائكة هُم دائمًا مرتبطون بمكان الاجتماع بالله (خروج ٢٥: ١٠-٢٢).

لم يقبل الله تقدماتهما. نَظَرَ الرَّب بِرِضَىً ليس فقط إلى تقدمة هابيل، بل إلى هابيل نفسه، لكنه لَمْ يَنْظُرْ بِرِضَىً إلى قَايِين وقُربانه.

ظن الكثيرون أن الله قبِل هابيل وقربانه لأنها كانت ذبيحة دم، أو حيوانًا من قطيعه (على الأرجح خروف أو عنزة). وبناء على هذا المنطق، تم رفض قايين وقربانه لأنه قدم من ثمر الأرض، تقدمة بلا دم. وهذا المنطق يرى أن ذبيحة الدم فقط هي التي يمكن أن ترضي الله.

ولكن هذا ليس صحيحًا على الإطلاق. فالتقدمات لم تقبل أو ترفض على أساس الدم، بل على أساس الإيمان. إنَّ الكاتب إلى العبرانيِّين يشرح بوضوحٍ لماذا كانت تقدمة هابيل مقبولة وتقدمة قايين مرفوضة: بِٱلْإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ (عبرانيِّين ١١: ٤).

كانت تقدمة قايين نتاج جهدِ ديانةٍ ميِّتة، بينما كانت تقدمة هابيل مبنيَّة على الإيمان، وعلى ذلك الشوق الرَّامي لعبادة الله بالروح وبالحقِّ. ففي نظام تقديم الذبائح الذي أعطاه الله فيما بعد لإسرائيل، تقدمة الحبوب كانت مقبولة أمام الله (كما نرى في لاويِّين ٢)، وإن لم تكن كفَّارة عن الخطيَّة.

كانت تقدمة قايين بلا شكٍّ أكثر إمتاعًا من الناحية الجماليَّة. فتنسيق المحاصيل حتمًا أكثر جمالًا من حَمَل ميت ومُقَطّع. لكنَّ الله كان مُهتمًّا بالإيمان القلبيّ أكثر من اهتمامه بالجمال الفنيّ.

هنا، كان يوجد حملٌ واحدٌ لرجلٍ واحد. فيما بعد، في عيد الفصح، سيكون هناك حملٌ من أجل العائلة. ثمَّ، في يوم التَّكفير، سيكون هناك حملٌ لأجل مجتمعٍ بأكمله. وفي النهاية، مع يسوع، كان هناك حملٌ يرفع خطايا كلِّ العالَم (يوحنَّا ١: ٢٩).

كان يسوع المسيح وما زال ذبيحة الله الكاملة التي مكنت شعبه من تقديم حياتهم كقرابين حية مقدسة مرضية لله. فاقبل ذبيحة المسيح وقدم قربانك لله بالإيمان.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٤

حِرَاسَة الطريق المؤدي إلى الله

حِرَاسَة الطريق المؤدي إلى الله

فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ. (تكوين ٢٤:٣)

في اليوم الأخير من الخلق – اليوم السادس، قبل أن يستريح من عمله كخالق في اليوم السابع – خلق الله الإنسان (تكوين ١: ٢٦-٣١). يخبرنا تكوين ٢ كيف خلق الله الإنسان: وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ.

خلق الله آدم، ثم خلق حواء من آدم. أعطاهما سلطانًا على الأرض، لكنهما أهدرا هذا الامتياز العظيم من خلال الاستسلام لإغواء الشيطان، وأكلا من الشجرة المحرَّمة. آدم وحوَّاء حاولا الاختباء من الله، لكن الله واجههما بخطيَّتهما، وأصدر سلسلة من اللعنات ضدَّ كل من الحيَّة (الشيطان)، والمرأة، والرجل. ثم كسى الله آدم وحوَّاء جلود الحيوانات التي قدمت كذبيحة.

حِرَاسَة الطريق المؤدي إلى الله

 

ثم طَرَدَ الله آدم وحواء من جَنَّةِ عَدْنٍ. بالرحمة، حفِظ الله آدم وحوَّاء من المصير المرعِب بأن يكون لهم حياة أبديَّة كخطاة وذلك بمنعهم من الأكل من شجرة الحياة.

لم يمنعهما الله من الأكل من شجرة الحياة فحسب، بل أيضًا طَرَدَهما من الجنة. لا نعرف ما إذا كان آدم وحواء يريدان البقاء في جنَّة عدن أم لا. ربَّما شعرا أنَّه إذا غادرا الجنَّة، قد لا يلتقيان بالله مرَّة أخرى لا سيَّما أنَّها كانت المكان الوحيد اللَّذين التقيا به فيه.

لم يطلب الله من آدم وحواء أن يغادرا جنة عدن فحسب، بل طَرَدَهما منها. ووضع حارسًا – مجموعة من الكائنات الملائكية المعروفة باسم الْكَرُوبِيمَ – عند المدخل. يرتبط الكروبيم دائمًا بحضور ومجد الله (حزقيال ١٠، إشعياء ٦، رؤيا ٤). عندما يتمُّ تمثيل الكروبيم على الأرض (كما في خيمة الاجتماع، خروج ١٠:٢٥-٢٢)، فهُم يشيرون إلى مكان الاجتماع مع الله. وإن كان آدم وحوَّاء ونسلهما قد مُنِعوا من أكل ثمر شجرة الحياة (برحمة الله)، لا يزال بإمكانهم القدوم إلى هناك للقاء الله. كان هذا ’قدسَ أقداسٍ‘ بالنسبة إليهم. لذلك، كان من المهمِّ إرسال الكروبيم وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ من أجل حِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.

لقد قاموا بحراسة الطريق حتى يتمكن آدم وحواء من الوقوف أمام الرب، ربما وقفوا عند مدخل الجنة أو شجرة الحياة. هذا هو آخر ذكرٍ تاريخيّ لجنَّة عدن في الكتاب المقدَّس. يمكننا التَّخمين بأنَّ الله لم يُدمِّرها، بل تركها لتتأثَّر بنتائج اللَّعنة، فتآكلت وتدهورت من حالتها الأصليَّة، منصهرةً مع محيطها الجغرافيّ.

يمكننا تشبيه هذا بيسوع حارس بوابة جنة الله. عندما وعد يسوع اللص على الصليب (لوقا 23: 43) بأنه سيكون معه فِي الْفِرْدَوْسِ، استخدم كلمة تعني ‘جنة،‘ وهي نفس الكلمة المستخدمة في النصوص اليونانية القديمة لوصف جنة عدن.

يسوع هو الذي يعيد الإنسان إلى جنة الله – التي في السماء وليس على الأرض (2 كورنثوس 12: 4، رؤيا 2: 7). اليوم، ومن خلال يسوع المسيح، يمكنك أن تقف أمام الله – فيسوع يحرس الطريق.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٣

بشرية وَضِيعة، ولكنها مُتسامية

بشرية وَضِيعة، ولكنها مُتسامية

وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً. (تكوين ٧:٢)

في اليوم الأخير من الخلق – اليوم السادس، قبل أن يستريح من عمله كخالق في اليوم السابع – خلق الله الإنسان (تكوين ١: ٢٦-٣١). يخبرنا تكوين ٢ كيف خلق الله الإنسان: وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ.

بشرية وَضِيعة، ولكنها مُتسامية

تقول الآية بوضوح أن الله جَبَلَ الإنسان من تراب الأرض. عندما خلق الله الإنسان، صنعهُ من أبسط العناصر، تُرَابًا مِنَ ٱلْأَرْض. لا شيء غير ’استثنائيٍّ‘ أو ’مُذهِل‘ في المادَّة التي صُنِع منها الإنسان، فقط في طريقة تنظيم هذه العناصر الأساسيَّة. أخذ الله مواد بسيطة ومزجها ببراعة بحيث أننا حقًا امتزنا عجبًا – إن جسم الإنسان رائع للغاية (مزمور ١٣٩: ١٤).

عندما يستخدم الكتاب المقدَّس كلمة تُرَاب بطريقةٍ مجازيَّة أو رمزيَّة، فهي تعني شيئًا قليل القيمة، مرتبطًا بالحقارة والتَّواضُع. كلمة تُرَاب في الكتاب المقدَّس لا تشير إلى الشر ولا للا شيء؛ لكنَّها لا شيءَ تقريبًا.

عندما تكلم إبراهيم عن نفسه على أنه مجرد تراب ورماد، أكد على تواضعه (تكوين 18: 27). وعندما شكرت حَنَّة الله لأنه رفعها، أعلنت أن الله يُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ (1 صموئيل 2: 8). عندما كلم الله يَاهُو ملك إسرائيل عن بدايته المتواضعة، قال الرب إنه رفع يَاهُو من التراب وجعله رئيسًا (1ملوك 16: 2).

لقد فعل الله شيئًا رائعًا بهذا التراب الوضيع. وَنَفَخَ فِي آدم نَسَمَةَ حَيَاةٍ. وبهذه النفخة الإلهية، أصبح الإنسان نَفْسًا حَيَّةً، كسائر أشكال الحياة الحيوانية الأخرى. تصف تكوين ١: ٢٠-٢١ الحيوانات بأنها ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّة، ويتم استخدام نفس التعبير في وصف آدم: فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً. ولكن فقط الإنسان كائنٌ حيٌّ أو نَفْسٌ حَيَّةٌ على صورة الله ومثاله (تكوين ٢٦:١-٢٧).

إنَّ الكلمة نَفْسًا في العبريَّة هي ruach – الكلمة التي تُقلِّد صوت التَّنفُّس – هي ذاتها المستخدَمة لـ ’الروح.‘ خلق الله الإنسان واضعًا فيه نسمته، وروحه. ونفخ في الإنسان من روحه فصنع الإنسان على صورته.

صديقي العزيز، أنت، بمعنى ما، عبارة عن مجموعة من المواد الكيميائية العادية جدًا وغير المكلفة. وبحسب بعض الحسابات، فإن قيمة جميع المواد الكيميائية والمركبات الموجودة في جسم الإنسان (الأكسجين، والكربون، والهيدروجين، والنيتروجين، والكالسيوم، والفوسفور، وما إلى ذلك) تبلغ قيمته أقل من 600 دولار أمريكي. وهذا مبلغ محترم، ولكنه ليس ثروة بالنسبة للكثيرين.

بالمعنى الأوسع، قيمتك لا تُقاس وتتجاوز الفهم، لدرجة أن يسوع المسيح بذل نفسه ليُظهر محبته لك.

ما الذي يجعل الإنسانية قيّمة جدًا؟ إن روح الله هو الذي منحنا الحياة، وجعلنا على صورته ومثاله. اليوم، قدّر كل من وَضَاعَتك وقيمتك أمام الله – كلاهما حقيقي!

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ٢

حياة بمعنى وبلا معنى

حياة بمعنى وبلا معنى

فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. (تكوين ١:١)

إدراكنا لحقيقة الله وحقيقتنا يضفي معنى على الحياة. لماذا يوجد كَون (عالم) أصلًا؟ لماذا يوجد شيء ما بدلًا من لا شيء؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة يمكن أن تقود الإنسان إما إلى حياة مليئة بالمعنى، أو إلى حياة بلا معنى. إن كان كلُّ شيءٍ حولنا، بما فيه ذواتنا، هو نتيجة حوادث عشوائيَّة لا معنى لها بعيدة عن عمل الله الخالق، فهي إذًا تقول شيئًا عنا وإلى أين نحن والكون متجهون. وإذا كان هذا هو الحال، عندها تصبح الكرامة أو الشرف الَّذي نضفيه على الإنسان مجرَّد عواطف خالِصة، لأنَّنا لا نزيد أهميَّة عن أصغر الخلايا، ولا يوجد أيُّ قانون كونيّ أكبر وأهمّ من بقاء الأفضل.

حياة بمعنى وبلا معنى

تُعلن الآية في تكوين ١:١ ببساطة وبشكلٍ مباشر أنَّ العالَم لم يخلُق نفسه أو أنه أتى إلى الوجود بالصدفة. لقد خُلِق بواسطة الله الَّذي بحسب التَّعريف هو كائن أبديّ أزلي. وإذا كان الله قد خلق هذا العالم، ولديه خطة للعالم ولنا كأفراد، فيمكننا إذًا أن نجد معنى لحياتنا من خلال تحقيق الهدف الذي خالقنا لأجله. على سبيل المثال، إن أخذت مفكًا وحاولت استخدامه كمطرقة، فلن يعمل جيدًا وقد يُكسر. وإذا لم يحقق المفك الغرض المرجو منه، كلّ ما نملكه هو خيبة الأمل. عندما نتوجه إلى خالقنا وإلى كلمته، فإننا نكشف عن مقاصده لنا.

يعتقد البعض أن تكوين 1:1 لا علاقة له بالحقائق العلميَّة. ونراهم يبحثون عن المعنى في الحياة من مصادر أخرى. هناك قصَّة تقول أنَّه في يومٍ من الأيَّام قرَّر الطلاب في أحد الصفوف التي يُعلِّمها عالم عظيم أن لا وجود لله. فسألهم الأُستاذ عن مقدار المعرفة التي يملكونها كصف. تباحَث الطلاب بالأمر لوقتٍ ما وقرَّروا أنَّهم يمتلكون نسبة ٥٪ من المعرفة الإنسانيَّة. فكَّر الأُستاذ مليًّا مُعتقدًا بأنَّ تقديرهم كان مبالغًا بعض الشيء، وسألهم: “هل من الممكِن أن يكون الله في الـ ٩٥ ٪ التي لا تملكونها!”

منذ حوالي مئة سنة، كان هناك فيلسوفٌ ألمانيّ اسمه آرثر شوبنهاور (Arthur Schopenhauer). اعتاد أن يجلس على مقعدٍ في حديقةٍ في برلين، ويُفكِّر مليًّا. أثار وجوده شبهات أحد رجال الشرطة، فما كان منه إلَّا وأن سأل الفيلسوف عن مَن هو. أجاب شوبنهاور: ’أتمنى حقًا لو كنت أعرف من أنا.‘

إنَّ الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها أن نكتشف مَن نحن هي من الله. والمكان الأفضل لذلك يبدأ من سفر التكوين ١:١.

اقض بعض الوقت اليوم في التفكير فيما يعنيه أن الله هو خالقك وأنت خليقته. ثم ابحث في الكتاب المقدس لتعرف المزيد عن قصده لك. إن الله لم يخطئ ولم يقامر عندما خلقك.

لك دور مهم في خطة الله، ويُظهر موت يسوع على الصليب من أجلك مدى أهميتك بالنسبة له.

اضغط هنا للحصول على تفسير كامل لسفر التكوين الإصحاح ١

لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ

لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ

لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. (فيلبي ٦:٤)

نجد صعوبة أحيانًا في طلب ما نحتاج إليه في الصلاة. قرأت ذات مرة عن مستكشف في القطب الجنوبي كان يعمل في خيمته عندما سمع صوتًا خافتًا من الخارج يسأله: “هل أنت مشغول؟” “أدرك المستكشف أن زميله كان يناديه. فأجاب: “نعم أنا مشغول. ما المشكلة؟” سأل الرجل مرة أخرى: “هل أنت مشغول جدًا؟” رد المستكشف بعصبية: “نعم، أنا مشغول، كيف يمكنني مساعدتك؟” بعد لحظة من الصمت، رد الرجل معتذرًا: “لقد سقطت في صدع في الواقع، ولا أعتقد أنني قادر على الصمود لفترة أطول.”

لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ

يتردد المؤمنون أحيانًا في سؤال الله عن احتياجاتهم. ربما نشعر بالقلق من أننا نزعج الله، وبدلًا من اللجوء لله نرضى بالقليل، ونبذل قصارى جهدنا، ونقرر الانتظار حتى تسوء الأمور حقًا.

لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك. في فيلبي ٤: ٦، يوصينا الله بأمرين على الأقل:

– ألا نقلق بشأن أي شيء

– أن نصلي من أجل أي أمر كان

لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ: هذا أمر وليس خيارًا. إذ ينتهك القلق المفرط دور الله في حياتنا، ويجعلنا نأخذ دور رب الأسرة بدلًا من دور الابن. هناك فرق في الواقع، بين القلق المُنتَقَى والقلق التَقِيّ، ولكن كل قلق غير مبرر يختار المؤمن أن يتمسك به هو انتقاد مباشر لله. يكاد يكون مثل القول: “انزل عن عرشك يا الله، دعني أقلق بشأن هذا الأمر نيابة عنا.”

يقول بولس إنَّ مواضيع الصلاة يمكن أنْ تشمل كُلّ شَيْءٍ. إذ لا توجد مجالات في حياتنا لا تهمّ الله. يجب أن ندخل محضر الله بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ. الصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ متشابهان، لكنهما متميزان. فالصَّلَاة كلمة أوسع ويمكن أن تعني كل اتّصالاتنا بالله، لكنَّ الدُّعَاء هو طلب تدخل الله مباشرة. ليس من الخطأ أن نطلب أشياء من الله. فنحن نصلي: ’لتكن مشيئتك يا رب،‘ ونترك الأمر كله بين يديه (وهذا لمصلحتنا بالمناسبة)، ومع ذلك فإن صلوات كثيرة لا تُستجاب لأننا لا نطلب من الله أي شيء.

يدعونا الله هنا ببساطة أنْ نُعلن له طلباتنا: لتُعْلَم طِلْبَاتُكُمْ. ولكن، ألا يعرف الله طلباتنا قبل أن نطلب؟ بالطبع يعرف. الله يعلم طلباتنا قبل أن نصلّيها؛ ومع ذلك ينتظر مساهمتنا من خلال الصلاة قبل أنْ يهبنا ما نطلب.

أخيرًا، مَعَ الشُّكْرِ: الشكر يحمينا من روح التذمر والشكوى عندما نعلن طلباتنا لدى الله. فالله يريدنا:

– ألا نقلق أو نهتم بشيء

– أن نصلّي من أجل كل شيء

– ‌أن نبحث عن أسباب لنكون شاكرين على كل شيء

ارفع طلباتك إلى الله. لا تنتظر حتى اللحظة الأخيرة وتخور قواك تمامًا. اجعل الصلاة ملاذك الأول بدلاً من ملاذك الأخير.

اضغط هنا للحصول على تفسير رسالة فيلبي الإصحاح ٤

مَعْرِفَةِ يَسُوع الْمَسِيح

مَعْرِفَةِ يَسُوع الْمَسِيح

لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. (فيلبي ١٠:٣-١١)

كان هناك نداء بسيط وهدف واضح في حياة الرسول بولس: أَنْ يَعْرِفَ يَسُوع. وقد لخص الأمر بهذه الكلمة: لأَعْرِفَهُ. أما النَّامُوسِيُّون الذين أزعجوا المؤمنين في فيلبي، فقد كانوا يجهلون تمامًا معنى هذا الشوق لمعرفة يسوع المسيح. فقد انصب تركيزهم على الذات، وليس على الله. لكن بولس أراد يسوع، وليس الذات.

مَعْرِفَةِ يَسُوع الْمَسِيح

معرفة يسوع ليست هي معرفة حياته التاريخيّة، وليست هي معرفة العقائد الصحيحة المتعلّقة به، وليست معرفة مبادئه الأخلاقية، ولا حتى معرفة عمله العظيم من أجلنا.

– يمكننا القول بأنَّنا نعرف شخصًا ما لأننا قادرون على التعرُّف عليه، وتمييز ما يفرّقه عن غيره من الناس.

– يمكننا القول بأنَّنا نعرف شخصًا ما لأننا على دراية بما يفعله. فنحن نعرف الخبّاز لأننا نحصل منه على الخبز.

– يمكننا القول بأنَّنا نعرف شخصًا ما لأننا نتحدث معه بالفعل، ونتمتع بعلاقة جيدة معه.

– يمكننا القول بأنَّنا نعرف شخصًا ما لأننا نقضي وقتًا في منزله ومع أسرته.

– يمكننا القول بأنَّنا نعرف شخصًا ما لأننا تعهّدنا بقضاء حياتنا معه كل يوم، ومشاركة كل الظروف معه، كما يحدث في الزواج.

معرفة يسوع تعني أيضًا معرفة واختبار قُوَّةَ قِيَامَتِهِ، أي اختبار الحياة الجديدة الممنوحة لنا الآن وليس عندما نموت.

– قوّة قيامته هي البرهان والختم على أنَّ كل ما فعله يسوع وقاله كان صحيحًا.

– قوّة قيامته هي سند القبض والدليل على أنَّ ذبيحة الصليب استوفت الدين كله.

– قوّة قيامته تعني أنَّ المرتبطين بيسوع المسيح يحصلون على نفس حياة القيامة.

معرفة يسوع تعني أيضًا اشتراكي في آلامِهِ (شَرِكَةَ آلَامِهِ). وكل ذلك جزء من تبعيتي ليسوع وجزء من كوني في المسيح. وكوني في المسيح يعني أيضًا أن أكون مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ. ومع ذلك، لم يكن بولس مهووسًا بالألم والموت في الحياة المسيحيّة، بل كان مشغولًا برجاء القيامة من بين الأموات. لقد فهم بولس أن أي ألم يسمح به الله في حياة المؤمن أو حتى الموت، هما وسيلتان ضروريتان للحصول على حياة القيامة الآن ثُمَّ القيامة النهائية بعد الموت الجسدي. واجه بولس الكثير من المشقات في حياته، وكان الأمر يستحق التضحية، نظرًا إلى عظمة القيامة من بين لأموات.

تذكّر أنَّ بولس كتب هذا بعد أن تجرّع آلامًا أكثر مِمّا سنختبره يومًا، وقد كتبه وهو في عُهدة جنود رومان. فلم تكن هذه مُجرَّد نظرية أو أفكار لاهوتيّة، بل علاقة مُعاشَة وحقيقية مع الله.

يا صديقي العزيز، هل تسَعَى وراء معرفة يسوع المسيح؟ هل تُنَادِي في حياتك: لأَعْرِفَهُ؟

اضغط هنا للحصول على تفسير رسالة فيلبي الإصحاح ٣