رسالة تيموثاوس الثانية – الإصحاح ٢
نصائح لراعي شاب
أولًا. العمل باجتهاد من أجل إله أمين
أ ) الآية (١): تَقوَّى بالنعمة.
١فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.
- فَتَقَوَّ أَنْتَ: كان هذا تشجيع مهم. فقد عرف بولس أن تيموثاوس سيحتاج إلى القوة والتحمل لإتمام الدعوة التي أعطاه إياها الله.
- مرة أخرى، فهذه واحدة من خمس وعشرون مرة شجع فيها بولس تيموثاوس ليكون قوياً ويحتمل خدمته في أفسس. وربما كان تيموثاوس خجولاً بطبيعته وقابلاً للإحباط بسهولة، أو ربما كان شخصاً ذو شجاعة عادية وقع على عاتقه القيام بمسؤولية عظيمة. فاحتاج تيموثاوس أن يسمع في كثير من الأحيان الكلمات: تَقَوَّ.
- تَقَوَّ: إن الله حاضر دائماً ليمنحنا القوة: ’يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً… وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً.‘ (أشعياء ٢٩:٤٠، ٣١). لذا علينا أن نقبل هذه القوة، ولهذا كان على بولس أن يشجع تيموثاوس بهذه الكلمات: فَتَقَوَّ أَنْتَ.
- إن الله يتيح لنا موارد قوته (أفسس ١٠:٦-١١). ومع ذلك فقوته لا تأتينا ونحن جالسين باسترخاء خاملين ونفترض أن الله ببساطة سيسكبها علينا. إن الله يعطينا القوة عندما نطلبه ونتكل عليه بدلاً من اتكالنا على قوتنا.
- فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ: لقد طلب بولس من تيموثاوس أن يكون قوياً بطريقة محددة وهي أن يكون قوياً بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. فهذه القوة بِالنِّعْمَةِ هي جوهرية لنحيا حياة مسيحية قوية.
- “إن كلمة نعمة هنا تحمل أبسط معانيها اللاهوتية: المعونة الإلهية، والعطية الغير مستحقة الآتية من الله.” وايت (White). فحينما يستريح المرء في النعمة، أي في عطية الله التي لا نستحقها من خلال عمل المسيح يسوع، فذلك يمنحنا ثقة وجرأة لا يمكننا أبداً نوالها عندما نفكر بأننا تحت عقوبة معلقة، أو نفكر في أن الله لم يحسم بعد قراره حول مصيرنا.
- لا يوجد أي شيء يمكن أن يجعلنا أقوياء مثل قولنا: “أنا ابن لله في يسوع المسيح” و”محبة الله وفضله تملء قلبي رغم عدم استحقاقي.” فتلك هي القوة التي تأتي بواسطة النعمة.
- لقد عرف بولس ماذا يعني الحصول على قوة نعمة الله، وقد شرح ذلك في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس ٩:١٢-١٠، فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. وهكذا تَمكَّن بولس من تشجيع تيموثاوس بمثل هذا الكلام من تجربته الخاصة.
ب) الآية (٢): أُنشُر الكلمة بين أناس أمناء.
٢وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا.
- وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ: يُذكِّر بولس تيموثاوس هنا بصلب الحقائق التي سمعها من الرسول في محضر العديد من الأشخاص الآخرين. وبالتأكيد، سمع تيموثاوس الكثير من التعليم من بولس وتتلمذ على يده.
- قد يكون ذلك تذكيراً من بولس لتيموثاوس برسالة خاصة قدمها له في مناسبة خدمة رسامته التي جرت أمام شُهُودٍ كَثِيرِينَ. “ولكن يبدو أن بولس يشير هنا إلى العقائد المُسَلَّمة لتيموثاوس عندما تم وضع الأيدي عليه في محضر شهود كثيرين، انظر تيموثاوس الأولى ١٢:٦. ومن ثم أعطاه الرسول بولس الصيغة المناسبة للكلمات المتفقة مع العقائد السليمة التي عليه أن يُعَلِّمها، والآن يطلب منه بولس أن يستودع هذه الحقائق لأناس أمناء بنفس الطريقة التي أودعت فيه.” كلارك (Clarke)
- أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ: لقد منح الله تيموثاوس الخدمة ليس لكي يحتفظ بها لنفسه، بل لكي ينقلها إلى الآخرين. وقد كان الجزء الجوهري من عمله كراعي هو أن يسكب في الآخرين ما استودعه إياه الله.
- يمكننا القول أن كل ما يفعله الراعي في خدمته ينبغي له أن يدرب الآخرين على فعله. فلا يوجد للراعي أية واجبات مقدسة جداً أو سرية جداً لدرجة يتوجب أن يحتفظ بها لنفسه. فيجب على الراعي أن يسعى دوماً لتوزيع الخدمة على الآخرين وأن يدرب الآخرين على الخدمة.
- يجب على تيموثاوس ألا يُعَلِّم الآخرين أفكاره أو نظرياته الخاصة، بل أن يُعَلِّمهم العقائد البسيطة المقترنة بأمثلة (وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي). فتيموثاوس مسؤول أن يَسْكُب في الآخرين التعاليم التي سَكَبها بولس فيه.
- إن مهمة تدريب القادة هي ببساطة جزء من مواصفات عمل الراعي. فلا ينبغي له فقط أن يقوم بتدريب القادة عندما تدعو الحاجة لذلك، ولا ينبغي له فقط تدريب القادة على تلبية احتياجات جماعته وحدها. بل ينبغي عليه تدريب القادة من أجل ملكوت الله بشكل عام، سواء تم استخدامهم في الخدمة في جماعة الراعي الخاصة أم لا.
- أُنَاسًا أُمَنَاءَ: عندما بحث تيموثاوس عن أولئك الأشخاص الذين يمكنه سَكب العقائد والممارسات الرسولية فيهم، كان عليه أن يبحث عن خَاصَّية الأمانة. لم يكن بحاجة إلى العثور على أشخاص أذكياء، ولا أشخاص مشهورين، ولا أشخاص أقوياء، ولا أشخاص سهلين، أو كاملين، أو ذوو مظهر حسن، بل طلب منه بولس البحث عن أشخاص أمناء.
- لقد آمن البعض عبر تاريخ المسيحية بفكرة الخلافة الرسولية. وتنص هذه الفكرة على أنه يمكنك معرفة من هو الخادم الحقيقي للإنجيل، لأن بطرس قد رسم شخصاً ما ليخلفه، وذلك الشخص قد رسم شخصاً ما ليخلفه، والشخص التالي رسم سخصاً ما آخر ليخلفه، وهلما جرا نزولاً. ولكن هذه الآية تكشف لنا الخلافة الرسولية الحقيقية، خلافة الأشخاص الأمناء الذين يأخذون تعاليم الرسل وينقلونها لغيرهم.
- إن فكرة الخلافة الرسولية من دون الأمانة على تعاليم الرسل والتمثل بحياتهم لا تعني شيئاً أكثر من وضع الأيدي الفارغة على رؤوس فارغة. “أين هي الخلافة الرسولية المتواصلة؟ من يستطيع أن يخبرنا؟ ربما هي ليست موجودة على سطح الأرض. إن كل ذرائع التمسك بها من قبل كنائس معينة هي أفكار غبية مثلما هي بلا قيمة، وغير مجدية.” كلارك (Clarke)
- يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا: إن مهمة تدريب القادة كانت هامة للغاية لدرجة أنها ليست مقصورة على تيموثاوس وحده. فالذين يدربهم تيموثاوس ينبغي لهم أيضاً أن يتسلموا منه مهمة تدريب الآخرين (يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا).
- يَكُونُونَ أَكْفَاءً: “تعبر الجملة عن المقدرة المثبتة بالتجربة.” وايت (White).
ج ) الآيات (٣-٤): المثابرة في خدمة الله باتخاذ موقف الجندي.
٣فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٤لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ.
- فَاشْتَرِكْ أَنْتَ: لم تكن هذه العبارة اقتراحاً من بولس لتيموثاوس، فكلمة اشْتَرِكْ تحمل معنى متطلبات أو أوامر. كان هناك شيء ينبغي لتيموثاوس القيام به، وكان بولس يطلب منه القيام به.
- فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ: ينبغي لتيموثاوس أن يتخذ موقف الجندي الذي يتوقع احتمال المشقات لأجل قضيته. فلم يسبق أن تَخلَّى أي جندي حقيقي، أو على الأقل جندي صالح، عن واجبه ببساطة لمجرد مروره بالمشقات.
- وبنفس الطريقة، فإذا لم يكن المؤمن مستعدًا في احتمال المشقات، فلن ينجز الكثير لأجل يسوع المسيح. إن هذا الجندي سيتخلى عن واجبه حالما يطلب منه شيء صعب، ولن يستطيع تلبية دعوة يسوع القائلة: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي». (متى ٢٤:١٦)
- “لا تحلم أبداً بحياة الترف، ولا تفكر في العثور على الله في حدائق مصر، فموسى لم يجده هناك، بل وجده في العليقة المشتعلة.” تراب (Trapp)
- “إن بولس لا يحض تيموثاوس على أن يكون جندياً عادياً كعامة الجنود، بل أن يكون جندياً صالحاً ليسوع المسيح. فليس كل الجنود صالحين، وحتى الجنود الحقيقيون قد لا يكونوا صالحين. فهناك بعض الأشخاص هم مجرد جنود لا أكثر، ولا ينقصهم سوى التعرض لتجربة أو لإغراء كافٍ ليصبحوا جبناء وخاملين وعديمي الجدوى ولا قيمة لهم. ولكن الجندي الصالح هو أشجع الشجعان، وهو الأشجع في كل الأوقات، وهو الغيور الذي يقوم بواجبه بكل جدية ومن كل القلب.” سبيرجن (Spurgeon)
- لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ: ينبغي لتيموثاوس اتخاذ موقف الجندي الذي يرغب طوعياً بفصل نفسه عن أمور الحياة المدنية.
- ينبغي للجندي أن يتخلى عن العديد من الأشياء. بعض هذه الأشياء سيئة (الكبرياء، الاستقلالية، التشبث بالرأي)، والبعض منها هي أشياء جيدة (بيته، عائلته). ومع ذلك، إذا كان الجندي غير مستعد للتخلي عن هذه الأشياء، فهو لا يصلح مطلقاً أن يكون جندياً.
- إن الأمور التي يمكن أن تربك الجندي قد تكون سيئة أو جيدة بالنسبة للشخص المدني. فالجندي لا يمكنه أن يسأل عما إذا كان شيء ما سيء أم جيد بمقياس من هم ليسوا جنوداً. بل ينبغي له أن يتخلى عن أي شيء يعيق طريقه في أن يكون جندياً صالحاً، أو يعيق خدمة ضابطه الآمر. إن الجندي الأمين ليس له الحق في أن يفعل أي شيء يُرْبِكْهُ ويجعله أقل فاعلية كجندي.
- “لقد قدم غروتيوس (Grotius) ملاحظة جيدة عن هذا المقطع تفيد بأنه لم يكن يُسمح لجنود الفيلق في الجيش الروماني بالانخراط في الزراعة أو التجارة أو الأعمال الميكانيكية أو الانخراط بأي شيء قد لا يتوافق مع دعوتهم.” كلارك (Clarke)
- لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ: في حال لم يحتمل تيموثاوس المشقات، ولم يُنَحِّي جانباً ما يُربِكْهُ من شؤون هذه الحياة، فإنه لن يكون مرضياً لضابطه الآمر.
- إن يسوع المسيح هو القائد لكل جيوش السماء. وقد ظهر يسوع في سفر يشوع ٥ كقائد جند الرب (يشوع ١٤:٥). إن يسوع هو الضابط الآمر لنا، ونحن مدينون له بالطاعة التامة على هذا النحو.
- من المرجح أن بولس كان مقيداً بسلاسل إلى جندي، حتى عند كتابة هذا الكلام. وقد رأى كيف يتصرف هؤلاء الجنود، وكيف يطيعون ضُبَّاَطِهم الآمرون. لقد عرف بولس أنه بهذه الطريقة يجب أن يتصرف المؤمنون تجاه ربهم.
د ) الآية (٥): المثابرة في خدمة الله باتخاذ موقف الرياضي.
٥وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا.
- إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ (مُسَابَقَةٍ رِيَاضِيَّةٍ): كثيراً ما يلجأ بولس إلى عالم الرياضة لإيضاح جوانب الحياة المسيحية فيذكر ميدان الركض والحقل (كورنثوس الأولى ٢٤:٩) والملاكمة (كورنثوس الأولى ٢٦:٩) والمصارعة (أفسس ١٢:٦).
- لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا: الفكرة هنا واضحة. فالرياضي لا يمكنه أن ينظم قواعد اللعبة كما يشاء، فإذا أراد الفوز بالإكليل يجب عليه إكمال اللعبة وفقاً للقواعد الُمتَّبَعَة (قَانُونِيًّا).
- نخطئ حينما نفكر بأننا نستطيع تنظيم قواعد السلوك في حياتنا المسيحية. فبالنسبة للبعض فإن ترتيباتهم الخاصة تكون على النحو التالي: “أنا أعلم أن هذا الأمر خطيئة، لكن الله يتفهم الأمر، لذا فسوف استمر في فعلها.” وهذا التفكير يتعارض مع موقف الرياضي الذي يجب أن يتنافس مع غيره وفقاً لقواعد اللعبة.
هـ) الآية (٦): المثابرة في خدمة الله باتخاذ موقف المزارع.
٦يَجِبُ أَنَّ الْحَرَّاثَ الَّذِي يَتْعَبُ، يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلاً فِي الأَثْمَارِ.
- الْحَرَّاثَ الَّذِي يَتْعَبُ: يشدد بولس في دعوته لتيموثاوس باتخاذ موقف المزارع، على حقيقة أن المزارعين هم أشخاص يعملون باجتهاد (الَّذِي يَتْعَبُ). وبنفس الطريقة يجب على كل الذين يخدمون الرب أن يخدموه باجتهاد (الَّذِي يَتْعَبُ).
- بخلاف الجندي والرياضي فلا يوجد شيء فاتن في العمل الذي يقوم به المزارع. فغالباً ما يكون عمل الزراعة مملاً ومضجراً وليس مثيراً. فلم نسمع من قبل عن مزارع مشهور. ومع ذلك يجب أن يعمل المزارع باجتهاد تماماً مثل الجندي والرياضي.
- إن الله ليس لديه مكان للخدام الكسالى. فإن كنت لا تعمل باجتهاد فعليك ترك الخدمة. وإن كنت ستعمل بجد فقط إذا كنت في دائرة الضوء، فدع الله يُغَيِّر قلبك.
- “إن الطائرات بدون طيّار الخاملة تجلب العار على كل أقسام الكنيسة، فهذه الطائرات لا تستطيع التعَّليم لأنها لن تتعلَّم.” كلارك (Clarke)
- الَّذِي يَتْعَبُ: لقد عرف بولس قيمة الاجتهاد في العمل. وبمقارنة نفسه مع باقي الرسل أمكن له القول: ” أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ.” (كورنثوس الأولى ١٠:١٥). فلم يكن بولس شخصاً مدعواً ومباركاً وممسوحاً للخدمة فحسب، بل كان أيضاً مجتهداً في خدمته. فإن لم يخدم بتعب وبجد لكانت خدمته أقل بكثير مما كانت عليه.
- بعض الناس يتوقعون الحصول على الأشياء مجانًا أو دون أي تعب. ولكن الحكماء يعرفون أنك غالباً ما تحصل على نتائج من الأشياء بمقدار ما تبذل فيها من جهود.
- وفي نفس الوقت كان بولس يعرف أن كل ما قام به كان بسبب عمل نعمة الله التي معه: “أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي.” (كورنثوس الأولى ١٠:١٥). فقد عرف بولس أن هناك توازن بين اجتهاده وبين النعمة التي عرف أنها دائماً صاحبة الفضل كله.
- يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلاً فِي الأَثْمَارِ: إن لم يتغذى تيموثاوس أولًا من كلمة الله فلن يكون بمقدوره فعلياً أن يُطْعِمَ الآخرين.
- الراعي أو المعلم الفعَّال هو من يقضي وقت أطول في دراسة الكلمة وبالتالي يستفيد أكثر من مستمعيه، فالوقت الذي يقضيه في التحضير ينبغي أن يكون وقت شركة حقيقية وممتعة مع الله.
- يَشْتَرِكُ… فِي الأَثْمَارِ: إن الراعي التقي هو مثل المزارع الجيد الذي يعمل باجتهاد وينتظر موسم الحصاد بتأني. وهذا الحصاد سيأتي فعلياً في نهاية الدهر وليس في نهاية الاجتماع.
و ) الآية (٧): أطلب الفهم والحكمة من الرب.
٧افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ.
- افْهَمْ مَا أَقُولُ: لقد فرغ بولس لتوه من شرح الحياة المسيحية بتقديم ثلاث إيضاحات هي: الجندي والرياضي والمزارع. فكل من هذه المهن تحتاج إلى مثابرة عظيمة لإحراز النجاح.
- إن الجندي الذي يتوقف عن القتال قبل انتهاء المعركة، لن يرى النصر أبداً.
- إن الرياضي الذي يتوقف عن الركض قبل انتهاء السباق، لن يربح السباق أبداً.
- إن المزارع الذي يتوقف عن العمل قبل اكتمال الحصاد، لن يرى ثمار محاصيله.
- فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ: كانت وصية بولس لتيموثاوس أن يدرك أهمية المثابرة وأهمية طلب الفهم من الرب في كل هذه الأمور.
- إن الله أمين لكي يعطينا فهماً في كل هذه الأمور، وسيكون أميناً لكي يعطينا نعمة لنكون أقوياء. الله يمنحنا هذه الأمور وينبغي لنا أن نتلقاها منه.
ثانيًا. التمسك بالحق
أ ) الآية (٨): محتوى إنجيل بولس.
٨اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي.
- اُذْكُرْ: لم يقدم بولس هذا التحذير لأن تيموثاوس قد ينسى هذه الأمور بسهولة، بل لكي تبقى هذه الحقيقة حية في رسالته.
- يَسُوعَ الْمَسِيحَ… مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ: على حقيقة أن يسوع هو مسيَّا إسرائيل – مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ – أن تبقى الأولوية في وعظه وخدمته.
- إن خطة الله لخلاص البشرية من خلال يسوع المسيح لم تبدأ عندما ولد يسوع طفلاً في بيت لحم. فقد كان التاريخ كله يَتطلَّع إلى ما سيفعله يسوع لخلاصنا.
- الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ: قيامة يسوع من الأموات هي أعظم حق في الوجود والدليل على مصداقيته.
- لنتذكر أن يسوع هو أول من قام من الأموات. فالآخرون مثل لعازر صديق يسوع، قد تم إنعاشهم، لكن يسوع قام – قام إلى نظام جديد من الحياة، قام بجسد جديد، ورغم أن جسده الجديد مبني على أساس جسده القديم، لكنه لا يزال جديداً ويتلائم مع أمجاد الحياة الأبدية.
- كانت قيامة يسوع برهاناً على أن يسوع رغم أنه بدا كمجرم عادي مات على الصليب، لكنه فعلياً قد مات بلا خطية، وقدم حياته بدافع المحبة والتضحية ليحمل ذنوب خطايانا. إن موت يسوع على الصليب كان تسديداً لثمن خطايانا، وبرهان على أن الثمن قد دفع بالكامل لله الآب.
- مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ: المقصود بهذه العبارة أن يسوع كان إنساناً كاملاً، أما عبارة: الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فتعني أن يسوع هو إلهاً كاملاً. كان أمراً جوهرياً بالنسبة لبولس أن يتذكر تيموثاوس ويعلِّم عن حقيقة هوية يسوع.
- بِحَسَبِ إِنْجِيلِي: بطبيعة الحال، فإن المقصود بنسب الإنجيل لبولس هو أنه قد بشر به، ويقصد بذلك أيضاً أنه قد آمن به. لقد كان إنجيله ويجب أن يكون أيضاً إنجيل كل مؤمن.
- تذكر أن معنى كلمة الإنجيل هو: الأخبار السارة. فبالنسبة لبولس فإن أفضل الأخبار ليست عن المزيد من المال والمزيد من المحبة أو المقام الإجتماعي أو المزيد من الأشياء. فالأخبار السارة تعني العلاقة الحقيقية مع الله من خلال عمل المسيح الكامل على الصليب.
ب) الآية (٩): نتائج إنجيل بولس.
٩الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ حَتَّى الْقُيُودَ كَمُذْنِبٍ. لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ.
- الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ: إن هذا الإنجيل لم يجلب لبولس حياة البهجة والسهولة، بل جلب له حياة مليئة بالمغامرة والتحدي، وحياة تتسم أيضاً بالآلام.
- في وقت يقارب كتابة بولس لرسالته الثانية إلى تيموثاوس تسبب اندلاع حريق رهيب في تدمير جزء كبير من مدينة روما، وتفيد التقارير أن الإمبراطور نيرون هو من أشعله كخطوة أولى من برنامجه الخاص في التجديد الحضري. وقد دمر هذا الحريق أحياء شاسعة للفقراء، وعلى أثره قاموا بأعمال شغب أدت إلى أن يُلقي نيرون اللوم على المسيحيين. ومن ثم ألقى القبض على العديد منهم، وربما كان بولس واحداً من المعتقلين.
- إن واحدة من أكثر المعالم السياحية إثارة في إسرائيل هي مدينة بيت شان القديمة، المدينة الرائعة التي اكتشفها علماء الآثار ورمموها قطعة قطعة. فلو سبق أن زرتها لأمكنك رؤية المُدرَّج هناك، وهو عبارة عن ملعب بيضاوي، مكتمل بحجرات، وغرف للأسود وغيرها من الحيونات البرية التي من المؤكد تقريباً أنه كان يتم إطلاقها لمهاجمة المسيحيين بعنف وذلك بهدف ترفيه جمهور الرُّعَاع. السير في هذا الملعب، على الأرض التي من المؤكد تقريباً أنها قد تلقت دماء المسيحيين، كان أمراً مقدساً بالنسبة لي. وقد ذكَّرَني بالثمن الباهض الذي ترتب على الكثيرين دفعه. وبالمقارنة مع العالم الغربي الحديث فإن الثمن الذي ندفعه مقابل الإخلاص للمسيح يبدو ضئيلاً.
- إن أتباع يسوع الحقيقيون سيكونون مستعدين لمشاركته احتمال الآلام. أما أولئك الذي عقدوا العزم على عدم تحمل الآلام من أجل يسوع، فقد يعجبون به من بعيد لكنهم لا يتبعونه بإخلاص.
- حَتَّى الْقُيُودَ كَمُذْنِبٍ. لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ: لقد كان معصم بولس مقيداً في نفس اللحظة التي كتب فيها هذه الكلمات. ومع ذلك، فقد فهم بولس أنهم يستطيعون تقييده هو، لكنهم لن يتمكنوا من تقييد كلمة الله (لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ).
- لقد تعرض الكتاب المقدس عبر التاريخ للهجوم أكثر من أي كتاب آخر. لقد تم حرقه وحظره والسخرية منه وتشويهه وتجاهله. ولكن كلمة الله لا تزال قائمة إلى الأبد. “يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.” (أشعياء ٨:٤٠).
- كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ: لم تستطع أية حكومة ولا سلطات دينية ولا مشككين ولا فلاسفة أو حارقي كتب إيقاف كلمة الله. ومع ذلك، فإذا كانت كلمة الله مقيدة بأي معنى، فهي مقيدة عندما يتخلى عنها المؤمنين، وعندما تُعلم المنابر تعاليم بعيدة عن كلمة الله، وعندما يُستخدم الكتاب المقدس كالتوابل على الوجبة الرئيسية، بدلاً من أن يكون هو الوجبة الرئيسية. فالرعاة أنفسهم أحيانًا هم من يقيدون الكتاب المقدس بسلاسل.
ج ) الآية (١٠): لماذا يتحمل بولس عواقب المناداة بالإنجيل؟
١٠لأَجْلِ ذلِكَ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ، لِكَيْ يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، مَعَ مَجْدٍ أَبَدِيٍّ.
- لأَجْلِ ذلِكَ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ: ربما نتوقع أن يقول بولس أنه تحمل كل شيء لأجل الله. ولكن عرف بولس أن محبته لله يمكن أن تقاس من خلال محبته لشعب الله.
- “إن الذي أَمدَّ القديس بولس بالقدرة على احتمال آلامه هو فكرة أن جهاده وآلامه، بسماح من الله، يعملان لمنفعة الآخرين.” وايت (White)
- لِكَيْ يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ: لم ينفق بولس حياته فقط في ربح النفوس للمسيح، ولكن أيضاً في رؤيتهم ينمون ويكملون في علاقتهم بالمسيح.
- مَجْدٍ أَبَدِيٍّ: من الصعب علينا استيعاب فكرة المَجْدٍ الأَبَدِيٍّ. فالكتاب المقدس يخبرنا أن هناك مجداً يخص شعب الله في الأبدية أعظم من أي مجد أرضي. فقيمة المَجْدٍ الأَبَدِيٍّ تساوي أكثر بكثير من المجد الأرضي.
د ) الآيات (١١-١٣): بولس يصف إنجيله بأنه جدير بالثقة وصادق.
١١صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. ١٢إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا. ١٣إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ.
- صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: نحن نعرف ماذا يعني عندما تمتلئ أذهاننا بترنيمة تُعبِّر عما في قلوبنا. فقد اقتبس بولس كلامه هذا عن ترنيمة قديمة كانت معروفة بين المؤمنين في أيامه.
- أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ: تبداً الترنيمة بوعد القيامة لأولئك الذين ماتوا مؤمنين بالمسيح.
- يتكلم الكتاب المقدس عن الموت مع المسيح على الأقل بطريقتين.
- الطريقة الأولى معروفة لكل المؤمنين ونعبر عنها بالمعمودية (رومية ٣:٦-٥). فكل واحد منا يمكن أن يحصل على تجربة حياة بعد الموت مع يسوع: حياة قديمة تنتهي مع يسوع على الصليب، وحياة جديدة تبدأ مع قيامته من الأموات.
- الطريقة الأخرى للموت مع المسيح التي يتكلم عنها الكتاب المقدس هي الشهادة، أي الموت من أجل يسوع. وربما كانت هي فكرة بولس هنا حين قال: “لو متنا معه فلسنا أمواتاً، بل نحن أحياء معه.” والأهم من ذلك هو أن بولس قد كتب هذه الكلمات وهو ينتظر موعد إعدامه من قبل الحكومة الرومانية.
- يبدو أن سياق النص هنا يشير أكثر إلى الموت الجسدي كأعلى درجات الآلام من أجل المسيح. فالكلام إذًا يشير إلى موت الشهيد كما يراه من يقف على الجهة الأخرى يوم تقديم الأكاليل.” هايبرت (Hiebert)
- يتكلم الكتاب المقدس عن الموت مع المسيح على الأقل بطريقتين.
- إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ: تُطَمْئِن الترنيمة المؤمن بحصوله على المكافأة الأبدية. وهذا المبدأ يُطَمْئِنَنَا بأن صعوباتنا أو تجاربنا الحالية تستحق الثبات. فالمكافأة هي أعظم مما قد يكسبه المرء في حال تخليه عن ثباته. فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ!
- يقول الكتاب المقدس أننا سنملك ونحكم مع يسوع المسيح. وهذا المصير المستقبلي يفسر لنا الكثير من الصعوبات التي يصفها هذا المقطع. فنحن نفهم الآن أن الله يدربنا على المُلك والحكم بجانبه في العالم القادم.
- إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا: تُحذِّر هذه الترنيمة أولئك الذين ينكرون يسوع بأنه سيتم إنكارهم أنفسهم. يمكن للمؤمن أن ينكر يسوع بإنكار العقيدة أو بأسلوب حياته، أو بإنكار عمله لأجلنا أو إنكار ما يأمرنا بأن نفعله.
- قال يسوع بوضوح: “وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (متى ٣٣:١٠)
- إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا: نحن لا نستطيع أن ننكر يسوع ويجب أن نحافظ على ولائنا له. ومع ذلك، فإذا سقط أحدهم فإنه لا يُغَيِّر ماهية الله أو يغير طبيعته، فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا.
- عدم أمانة الذين يُسمُّون اسم يسوع هو أمر فظيع. فالعديد من الناس ابتعدوا عن يسوع بسبب نفاق أولئك الذين يحملون اسمه. ولكن عدم أمانة الإنسان بجملتها لا تدحض أمانة الله.
- “لا يمكن لعدم أمانتنا بأي حال من الأحوال أن تنتقص من ابن الله ومجده. وكونه مكتفياً بنفسه فهو ليس محتاجاً لاعترافنا. وكأنه يقول: ’اترك كل من سيتخلى عن المسيح بحاله، لأنه لن يحرم المسيح من أي شيء، وعندما يهلك ذلك الشخص فإن المسيح يبقى على حاله.‘” كالفن (Calvin)
- ولكن يمكن للمؤمنين أن يبقوا أمناء بمقدار ما يقويهم الله. وحتى لو كان الشخص متذبذباً فهو لا يزال لديه وقت للتوبة والرجوع إلى الله الأمين. ويمكننا أن نكون مثل الابن الضال الذي عاد إلى رشده ورأى أمانة الله ورجع إلى البيت إلى أبيه الذي بقي أميناً له طوال الوقت.
- عندما أُمر أحد المؤمنين في أيام الإمبراطورية الرومانية القديمة بإعطاء المال لبناء معبد وثني، رفض فعل ذلك، وعلى الرغم من أنه كان مسناً، جردوه من ثيابه، وجرحوه بالسكاكين في جميع أنحاء جسمه. فبدأوا يشعرون بالأسف عليه فقالوا له: أعط فقط دولاراً واحداً لبناء المعبد، لكنه رفض. فسألوه ثانية: فقط احرق حبة واحدة من البخور لهذا الإله الوثني، لكنه رفض. وعلى هذا النحو لطخوه بالعسل وبينما ما زالت جروحه تنزف، أطلقوا عليه النحل والدبابير فبدأت تلسعه حتى الموت. كان مستعدًا أن يقبل الموت، لكنه لم يكن مستعدًا أن ينكر ربه. والرب يستطيع أن يمنحك نفس القوة للعيش من أجله، بل يمنحك القوة لأن تموت من أجله كما فعل ذلك الشخص.
ثالثًا. ركز على الأشياء المهمة
أ ) الآية (١٤): حافظ على تركيزك، لا تدع انتباهك ينصرف إلى أشياء غير نافعة.
١٤فَكِّرْ بِهذِهِ الأُمُورِ، مُنَاشِدًا قُدَّامَ الرَّبِّ أَنْ لاَ يَتَمَاحَكُوا بِالْكَلاَمِ. الأَمْرُ غَيْرُ النَّافِعِ لِشَيْءٍ، لِهَدْمِ السَّامِعِينَ.
- فَكِّرْ بِهذِهِ الأُمُورِ: بعد تذكير تيموثاوس بالنقاط الأساسية للإنجيل، أضاف بولس بأنه يجب على تيموثاوس دائماً أن يُذَكِّر مستمعيه بِهذِهِ الأُمُورِ. لقد كان عمل تيموثاوس كراعي هو توجيه فكر الرعية على الإنجيل وحده.
- تتعرض الكنيسة باستمرار لإغواء صرف تركيزها عن الرسالة التي تهمهما حقاً، لتصبح مركزاً ترفيهياً أو وكالة لتقديم الخدمات الإجتماعية أو مجتمع للإعجاب المتبادل أو عدداً آخر من الأشياء. ولكن يجب مقاومة هذا الإغواء، وتذكير الكنيسة بِهذِهِ الأُمُورِ باستمرار.
- الأمور المذكورة في تيموثاوس الثانية ٨:٢ “اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي.”
- الأمور المذكورة في تيموثاوس الثانية ١١:٢-١٣ “أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ… إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا. إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ.”
- أَنْ لاَ يَتَمَاحَكُوا بِالْكَلاَمِ. الأَمْرُ غَيْرُ النَّافِعِ لِشَيْء: وفي الوقت نفسه هناك أشياء يجب ألا يركز تيموثاوس عليها. فالكنيسة تدافع عن الحق، لكنها يجب ألا تصبح جمعية للمجادلات.
- يمكن أن يتشتت انتباهنا من خلال دخولنا في نقاشات لا نهاية لها أو من خلال صراعنا على أشياء ليس لها أهمية مركزية. “إن المصدر المؤدي للخلاف في العالم المسيحي لم يكن الأشياء بل الكلمات، وقد كان السبب المبدئي لنشوء العداء بين الناس المتدينين هو اختلاف الأسلوب في فهم نفس المصطلح، في حين أن طرفي العداء يقصدان نفس الشيء من ناحية الجوهر.” كلارك (Clarke)
- “دعونا نلاحظ أولاً أن إدانة أي تعليم على أساس عدم نفعه، هي إدانة مناسبة. فليس غرض الله الانقياد إلى فضولنا، بل إعطائنا إرشادات نافعة، بعيداً عن التكهنات التي لا تؤدي إلى بنيان.” كالفن (Calvin)
- لِهَدْمِ السَّامِعِينَ: هذا يدل على أن المجادلات الكلامية هي مسألة جدية ينتج عنها خسارة كبيرة. فإذا أبعدنا تركيزنا عن رسالة الله، ووجهناه إلى الأراء والمجادلات البشرية التي لا تنتهي، فسيؤدي ذلك لِهَدْمِ السَّامِعِينَ.
- يقول الكتاب المقدس أن: “الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ.” (رومية ١٧:١٠). وفوق ذلك، فإذا لم يسمع الناس كلمة الله، فسوف يأتي التخريب من خلال سماع آراء وتكهنات وترفيهات البشر.
ب) الآية (١٥): حافظ على تركيزك، وانتبه إلى حياتك الخاصة وخدمتك.
١٥اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكُى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ.
- اجْتَهِدْ: غالباً ما كان بولس يحث تيموثاوس على التحلي بالشجاعة والعمل. وقد شجعه بولس في مكان سابق من الأصحاح (تيموثاوس الثانية ٣:٢-٥) على خدمة الرب باجتهاد ومثابرة.
- أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكُى: لم يكن هدف تيموثاوس أن ينال استحساناً من الناس، بل من الله. لم يكن تيموثاوس ينظر إلى وظيفته كراعي وكأنها مباراة لإحراز الشعبية، بل كدعوة ليكون أميناً للهِ.
- أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكُى: لم يكن تيموثاوس قلقاً جداً حول نوال أناس آخرين لاستحسان الله (على الرغم من وجود مكان لهذا في خدمته الرعوية). بل كان همه الأول هو أن ينال هو نفسه استحسان الله.
- عَامِلاً لاَ يُخْزَى: إنه لأمر محرج أن نؤدي عمل الخدمة برخاوة. فالكتاب المقدس يحذرنا بأن كل مؤمن سيتم اختبار عمله أمام كرسي دينونة المسيح كورنثوس الثانية ١٠:٥). لذا فلدينا محرض آخر للعمل بجد من أجل الرب، كي لاَ يُخْزَى أحد عندما يتم اختبار عمله في الخدمة.
- “يشبه الأمر العامل الذي يؤدي عمله على أتم وجه ولا يملك أي سبب للخجل عند فحص عمله.” وايت (White)
- مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ: هذا ما ينبغي أن يكون محور خدمة تيموثاوس. فعليه أن يعمل بجد حتى يُفسر كلمة الحق على نحو صحيح.
- يجب على تيموثاوس كراعي أمين تفصيل (تفسير) كلمة الله باستقامة، أي عليه أن يعرف ما تقوله الكلمة وما لا تقوله، وكيف نفهم ما تقوله الكلمة وما لا تقوله. فلا يكفي أن يعرف تيموثاوس بعض القصص والآيات الكتابية وينثرها في عظاته كوسائل إيضاح، بل عليه أن يُعلِّم رعيته مستخدماً التفسير الصحيح لكلمة الله.
- “إن السيوف مخصصة للقطع والاختراق والجرح والقتل، وكلمة الحق مخصصة لوخز الناس في قلوبهم وقتل خطاياهم. إن كلمة الله ليست مكرسة ليستخدمها خدام الله لتسلية الناس بلمعان بريقها، ولا لسحرهم بالمجوهرات التي في مقبض سيفها، بل لإخضاع نفوسهم ليسوع.” سبيرجن (Spurgeon)
- هناك بضعة أفكار تربط عبارة ’مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَة‘ مع المصطلح القديم للغة الأصلية.
- أن تتعامل بشكل صحيح مع كلمة الله، كما يتعامل الشخص بشكل صحيح مع السيف.
- أن تُعلِّم عقائد كلمة الله الأساسية بشكل ملائم، كما يقوم الفلاح بحراثة الأرض بخطوط مستقيمة.
- أن تقوم بتشريح وترتيب كلمة الله كما يقوم الكاهن بتشريح وترتيب الحيوان لتقديمه ذبيحة.
- أن تقسم لكل واحد حصته، كشخص يقوم بتوزيع الطعام على طاولة.
- مُفَصِّلاً… بِالاسْتِقَامَةِ: هذا يعني أيضاً أن هناك أموراً معينة في كلمة الله تُفسر بشكل خاطىء. فليس بإمكان كل الناس أن يُفسروا كلمة الله بشكل مستقيم. ويجب أن نفهم أن الحقيقة الكتابية ليست مجرد مسألة متروكة لتفسير أي شخص. فهناك طرق صحيحة وطرق خاطئة لتفسير الكتاب المقدس، ويجب على الراعي بشكل خاص أن يعمل باجتهاد لإتقان التفسير الصحيح.
- على سبيل المثال يُحِب الكثير من الناس أن يقولوا عندما يتم الاقتباس من الكتاب المقدس، هذا مجرد تفسيرك أنت، وفكرتهم هي: أنت تفسر الكتاب المقدس بطريقتك وأنا أفسره بطريقتي والآخر يفسره بطريقته. وبذلك لا يمكننا أبداً معرفة ما تعنيه تلك الآية أو ذلك النص، فلسان حالهم يقول لك: إذاً لا تحكم علي بهذه الآية من كتابك المقدس.
- عندما يخبرني شخص ما، بأن هذا مجرد تفسيرك أنت، اعتقد أن الرد المناسب سيكون: “صحيح أن هذا هو تفسيري، لكنه ليس مجرد تفسيري أنا، إنه التفسير الصحيح ونحن بحاجة إلى الانتباه إلى ما يقوله الكتاب المقدس نفسه.”
- هذه نقطة مهمة: إن تفسير معنى آية أو نص ما من الكتاب المقدس ليس مجرد أمر يقرره أي شخص كان. فقد يحاول كثيرون من الناس تحريف الكتاب المقدس ليخدم أغرضهم الخاصة، فيقومون بتفسير كَلِمَةَ الْحَقِّ بطريقة خاطئة. فلا يمكننا انتقاء التفسير الذي يبدو أكثر راحة لنا وندعي بأنه التفسير الصحيح. فعلينا أن نفسر كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ، وأن يكون تفسيرنا متسقاً مع ما يقوله الكتاب المقدس في المقطع المحدد، ومتسقاً مع رسالة الكتاب المقدس بأكملها.
- على سبيل المثال فإن التفسير الصحيح للآية: “لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا” الواردة في إنجيل متى ١:٧ ليس فكرة “أنك لا تملك الحق في الحكم على سلوكي أو سلوك أي شخص آخر.” فلو كانت المسألة كذلك، فإن يسوع قد كسر وصيته مراراً وتكراراً لأنه في كثير من الأحيان أخبر الناس أن سلوكهم خاطىء في نظر الله. إذاً، الفهم الصحيح لمتى ١:٧ يمكن رؤيته بسهولة من خلال قراءة متى ٢:٧ حيث قال يسوع: “لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.” لقد قصد يسوع بقوله هذا: “لا تحكم على أي أحد وفقاً لمعايير ترفض نفسك أن يحكم عليك بها. فالله سوف يحاسبك بنفس المعايير التي تحاسب بها الآخرين.” فمن الواضح أن كلام يسوع لا يُحظرِّ الحكم على حياة شخص آخر، لكنه يُحظرِّ الحكم بشكل غير عادل أو بطريقة منافقة، أو أن نحيا حياتنا بأسلوب وموقف الديان.
- إن النقطة واضحة هنا، إذ توجد طريقة صحيحة وطريقة خاطئة في تفسير متى ١:٧، وهذه مجرد آية واحدة في كلمة الحق، أي الكتاب المقدس. فيجب على كل مؤمن وبشكل خاص الرعاة أن يعملوا باجتهاد على أن نفسر كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ. وعلى الرغم من أن فهم كلمة الله بشكل تام هو أمر مستحيل، ولا يجوز أبداً افتراض فهمنا التام لها، إلا أننا يجب أن نعمل باجتهاد على فهمها.
ج ) الآيات (١٦-١٨): ثمن عدم المحافظة على التركيز: انقلاب إيمان البعض.
١٦وَأَمَّا الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَكْثَرِ فُجُورٍ، ١٧وَكَلِمَتُهُمْ تَرْعَى كَآكِلَةٍ. الَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَفِيلِيتُسُ، ١٨اللَّذَانِ زَاغَا عَنِ الْحَقِّ، قَائِلَيْنِ: «إِنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ صَارَتْ» فَيَقْلِبَانِ إِيمَانَ قَوْمٍ.
- وَأَمَّا الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ فَاجْتَنِبْهَا: تشير هذه العبارة إلى أي شيء يبعد تركيزنا عن الإنجيل وكلمة الله. فتلك الأشياء باطلة ودنسة لأنها غير مقدسة بخلاف كلمة الله المقدسة. إنها باطلة، لأنه على الرغم من رغبة الناس في سماعها، فهي لا تحتوي على قيمة دائمة.
- إن آراء الناس وتعاليمهم وتصويتهم واستطلاعات آرائهم وقصصهم وبرامجهم هي أقوال باطلة ودنسة بالمقارنة مع كلمة الله البسيطة. فعندما تصبح تلك الأمور هي موضع تركيز الرسالة المقدمة من على المنبر فإنها تزيد من الشر أو الفجور (لأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَكْثَرِ فُجُورٍ).
- وَكَلِمَتُهُمْ تَرْعَى كَآكِلَةٍ: إن الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ قد تنتشر بسرعة وتحقق شعبية. إنها تشبه السرطان الذي ينتشر سريعاً ويفوز بجمهور.
- “تشير كلمة اللَّذَانِ في الآية ١٨ إلى أن هِيمِينَايُسُ وَفِيلِيتُسُ كانا فقط الأعضاء الأكثر شهرة في فئة المعلمين الكذبة.” وايت (White)
- هِيمِينَايُسُ وَفِيلِيتُسُ: يذكر اسم هِيمِينَايُسُ في تيموثاوس الأولى ٢٠:١ كشخص قد أسلمه بولس للشيطان لكي يؤدب حتى لا يجدف. وهذا هو المكان الوحيد الذي نسمع فيه بإسم فِيلِيتُسُ، وبولس يخبرنا هنا بما ارتكباه من أخطاء.
- كان هذان الشخصان يحملان رسالة مليئة بالأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ، ويبدو أن هذه الرسالة كانت نوعاً ما ذات شعبية، لأنها قد انتشرت بسرعة.
- لقد زَاغَا عَنِ الْحَقِّ. يبدو أنهما كانا قد ابتدئا بطريقة صحيحة، ومن بعدها زَاغَا عن هذا الحق الصحيح.
- كانا يقولان «إِنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ صَارَتْ»: يبدو أنهما كانا يعلمان أننا نعيش في الحكم الألفي أو أنه لن تحدث القيامة، لأنها قد صارت.
- فَيَقْلِبَانِ إِيمَانَ قَوْمٍ: ومع أن بولس ذكر فقط ما يخص تعليم هذان الشخصان عن القيامة، لكن يبدو أن تأثيرها أدى إلى قلب إيمان البعض. ومما لا شك فيه أن هذا لم يكن خطأهم الوحيد. وغالباً ما يؤدي الخطأ الجوهري في عقيدة جوهرية إلى المزيد من المعتقدات الغريبة حتى بلوغ المرء حداً يتخلى فيه عن يسوع وعن الحق.
- إن الكثيرين في يومنا الحاضر يقبلون ويكرمون المعلمين الذين يبتعدون عن العقائد السليمة في ناحية أو أخرى، ويبررون ذلك بالقول: “إننا نأكل اللحم ونبصق العظام.” ومن المؤكد أن هذا النوع من التفكير سوف يقلب إيمان البعض لأنهم بالتأكيد سوف يختنفون ويموتون روحياً بسبب العظام التي تقول أنك قد بصقتها.
- لاحظ أن بولس قال: إنهم يَقْلِبَانِ إِيمَانَ قَوْمٍ. فلا ينبغي لنا انتظار المعلمين الكذبة ليقوموا بضلال كل الناس قبل أن نتجنبهم، فحتى لو قلبوا إيمان البعض فهذا سيء بما فيه الكفاية لنقوم بتجنبهم.
د ) الآية (١٩): مكافأة التركيز: أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ.
١٩وَلكِنَّ أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ، إِذْ لَهُ هذَا الْخَتْمُ: «يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ». وَ«لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ».
- وَلكِنَّ أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ: بدا بولس في المقطع السابق كما لو أنه يتعرض لهجوم شديد، وقد لا يصمد ضد تيار الخداع والشر المتصاعد. ولكنه هنا يوضح لنا ولنفسه بأن ملكوت الله لا يتزعزع.
- على الرغم من أن أشخاصاً مثل هيمينايس وفيليتس قد شنا هجوماً خطراً ضد الكنيسة وانتشرت رسالتهم مثل السرطان، وعلى الرغم من أن إيمان البعض قد انقلب، إلا أن الأسَاسَ المَتِينَ الَّذِي وَضَعَهُ اللهُ رَاسِخ.
- إن الله لديه خطة وهدف لن تفشل. فلا يهم عدد الأشخاص الذين يسقطون، وعدد من يرفضون الحق، وعدد من يسلكون طريقهم الخاص بعد تعرضهم للأقوال الباطلة والدنسة، فعلى الرغم من كل هذه الأعداد فإن أن الأسَاسَ المَتِينَ الَّذِي وَضَعَهُ اللهُ رَاسِخ.
- إِذْ لَهُ هذَا الْخَتْمُ: هناك نوعان من الأختام موضوعة على أساس الله الراسخ. “يحمل الختم الواحد نقشين، وهما جزأين أو جانبين متبادلين مكملين لبعضهما البعض.” وايت (White)
- يبدو أن بولس قد اقتبس هذه التلميحات من سفر العدد الأصحاح ١٦ في إشارة إلى حادثة تمرد قورح.
- يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ: “هذه الكلمات مأخوذة من سفر العدد ٥:١٦، “غَدًا يُعْلِنُ الرَّبُّ مَنْ هُوَ لَهُ.” وايت (White)
- لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ: ربما نسمع من اللغة هنا صدى آخر لقصة قورح (سفر العدد ٢٦:١٦-٢٧). ١١:٥٢ هو أقرب إلى المعنى.” وايت (White)
- يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ: هذا الكلام هو النقش الأول على الختم. فإذا استمر هيمينايس وفيليتس في خدمتهم الهدامة، فإن الرب يَعْلَمُ الَّذِينَ هُمْ لَهُ. وإذا اكتسحت الأقوال الباطلة الدنسة الكنيسة كالسرطان، فإن الرب يَعْلَمُ الَّذِينَ هُمْ لَهُ، وإذا انقلب إيمان البعض فإن الرب يَعْلَمُ الَّذِينَ هُمْ لَهُ.
- نحن لا نعرف دائماً من هم الذين للرب. يمكننا أن نعرف أنفسنا أننا للرب، كما تقول رسالة رومية ١٦:٨ “اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.” ولكن بالنسبة للآخرين، فلا نستطيع دائماً أن نعرف من هم الذين للرب.
- إن الله لا يجلس في السماء متسائلاً وقلقاً إن كنت أنت مخلص أم لا. وهو لا يأمل أو يتسائل عما إذا كنت ستصل إلى النهاية أم لا. بل إنه يعرف تماماً. فهو الرب يعلم من هم الذين له.
- لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ: هذه العبارة هي النقش الثاني على أساس الله الراسخ. فالله يعلم من هم الذين له، ويدعو أولئك الذين له لترك خطاياهم ورائهم.
- قد يقول البعض: “أنا أنتمي للرب، وأنا أعلم أنني له. وأنا ذاهب إلى السماء. فلا يهم كثيراً كيف أعيش.” ولكن قد نسي هذا الابن أن هناك نقشين وضعا على أساس الله. هناك إثنين: أولئك الذين هم له ستكون لديهم الرغبة لتجنب الإثم.
- إذا لم تتوفر لدى المؤمن الرغبة لتجنب الإثم، فمن الإنصاف أن نتساءل عما إذا كان ينتمي حقاً إلى يسوع أم أنه قد خدع نفسه.
- أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ: هذا الأساس لن يتغير، لذا يمكننا التركيز عليه. فمن الصعب في كثير من الأحيان التركيز على شيء يتغير، لذلك فقد أعطانا الله أساساً راسخاً في كلمته لنواصل تركيزنا عليه.
- “إن الختم الأول يميز المؤمن ويخصصه للرب، أما الختم الثاني فيضمن تجنبه للحجارة التي حوله. يبدأ أولاً بعملية الاختيار، يليها عملية التقديس. أريد من كل مؤمن أن يكون لديه تلك العلامة المزدوجة، ليكون معروفًا للجميع من خلال خروجه من النجاسة وتخصيص نفسه للرب.” سبيرجن (Spurgeon)
رابعًا. كيف تعيش حياتك وتكون مستخدماً من قبل الله
أ ) الآيات (٢٠-٢١): آنية للكرامة، وآنية للهوان.
٢٠وَلكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهذِهِ لِلْهَوَانِ. ٢١فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.
- وَلكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ: لقد استخدم بولس لتوه صورة بناء الله التوضيحية (أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ). أما الآن فهو يفكر بهذا المبنى باعتباره منزلاً كبيراً يحتوي مجموعة متنوعة من الأوعية والأطباق وآنية الزهور وغيرها مما يماثلها من الأشياء.
- إن كنيسة الله هي في الواقع بَيْتٍ كَبِيرٍ.
- إنه بَيْتٍ كَبِيرٍ بسبب صاحبه. فبيت إلهنا العظيم بالتأكيد هو بَيْتٍ كَبِيرٍ.
- إنه بَيْتٍ كَبِيرٍ لأنه مخطط ومصمم على نطاق واسع من قبل أذكى مهندس معماري، ويضم أشهر من عاش على الأرض.
- إنه بَيْتٍ كَبِيرٍ بسبب الثمن الباهظ الذي أنفق على بناءه. فهذا البناء هو قصر قيمته أكبر جداً من أي عقار على سطح الأرض. فقد تم بناء هذا القصر بواسطة عمل يسوع العظيم على الصليب.
- إنه بَيْتٍ كَبِيرٍ بسبب أهميته. فهذا البيت وكل ما يحدث فيه هو مركز خطة الله على مر العصور. إن أعمال هذا البيت هي أكثر أهمية من كل التوافه التي يهتم بها معظم الناس في العالم.
- إن كنيسة الله هي في الواقع بَيْتٍ كَبِيرٍ.
- لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا: بعض هذه الأوعية مصنوعة من الذهب والفضة، وبعضها مصنوع من الخشب والخزف. ويتم استخدام بعضها لِلْكَرَامَةِ (كأوعية الذهب والفضة)، وبعضها الآخر لِلْهَوَانِ، مثل استخدام صفيحة القمامة أو منفضة السجائر.
- فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ: تشير كلمة ’مِنْ هذِهِ‘ إلى الآنية التي تستخدم لِلْهَوَانِ المذكورة في الآية ٢٠. فإذا قمنا بتطهير أنفسنا من الأشياء المهينة، فإن الله سوف ينظر إلينا كإِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ.
- فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ: يتكلم بولس هنا عن عملية تطهير، وهي ليست مجرد شيء يفعله الله لأجلنا بينما نحن نجلس بشكل سلبي. ولكنها عملية تطهير ذاتي للخدمة تتجاوز في مداها التطهير العام من الخطيئة.
- هناك جانب رئيسي من عملية التطهير التي تحدث بداخلنا عندما نؤمن بيسوع. فعملية التطهير هي ما يفعله الله فينا، وليس ما نفعله نحن. وهذا هو المعنى في رسالة يوحنا الأولى ٩:١ “إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم.”
- ولكن هناك جانب آخر لعملية التطهير يريدنا الله أن نقوم به بمشاركة إرادتنا وجهودنا. إنه ليس عملنا بمعزل عن الله، ولكنه عمل يحتاج لإرادتنا وجهودنا بحسب الآية: “فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ.” ويرتبط هذا العمل من التطهير في الغالب بالمنفعة للخدمة وقربنا من الله.
- “آه، كم أنت سعيد في بيت التجوال هذا، لأنك ستوضع قريباً على الرف لتلمع كالملائكة.” تراب (Trapp)
- مُقَدَّسًا… نَافِعًا: إن معنى كلمة ’مقدس‘: هي مخصص أو مفروز جانباً. وتماماً مثل وجود أطباق معينة نستخدمها أكثر من غيرها، أو يتم تخصيصها لبعض الأغراض المشرفة. هكذا يكون بعض الناس أكثر تقديساً وفائدة لله من غيرهم. فهم مستعدون لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ أكثر من غيرهم.
- يجب ألا نفكر أبداً في أن بعض المؤمنين أفضل من غيرهم، أو أن بعضهم قد وصلوا إلى مكانة يتمتعون فيها بالروحانية الفائقة. ومع ذلك، يجب أن ندرك أيضاً أن بعض المؤمنين مستعدين للخدمة أكثر من غيرهم. وذلك لأنهم قد طهروا أنفسهم للاستخدام من قبل الله.
- مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ: لا يعني هذا الخدمة في الكنيسة فقط. فالله يريد أن يستخدم شعبه في كُلِّ عَمَل صَالِحٍ بما في ذلك مكان العمل والمدرسة والمنزل والمجتمع. ويحدث هذا بينما نطهر أنفسنا ونخصص أنفسنا كآنية كرامة لله.
- وكأن الأمر متروك لنا لنحدد كيفية استخدام الله لنا. فنحن من نقرر إن كنا سنستخدم كآنية لِلْكَرَامَةِ أو كآنية لِلْهَوَانِ. فوفقاً لهذه الصورة يمكن أن نكون طبقاً ذهبياً في بيت الله، ونبرز ثمر الروح بشكل جميل، أو يمكن أن نكون منفضة سجائر أو صحيفة قمامة في بيت الله.
- إن سلوكك أياً كان، طاهراً أو غير طاهر، مخصصاً لله أم غير مخصص لله، نافعاً ليسوع أم غير نافع ليسوع، يهم حقاً، ويؤثر بشكل كبير في كيفية استخدام الله لك في حياة الآخرين.
ب) الآيات (٢٢-٢٣): كيف تطهر نفسك؟
٢٢أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ. ٢٣وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ،
- أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا: هذا هو الجانب الأول من التطهير الذي ذكره بولس لتيموثاوس. تصف عبارة الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ نوعاً من الرغبات والإغواءات التي تبرز بشكل خاص عندما يكون شخص ما في سن المراهقة أو شاباً في سن البلوغ. إن الإغواء الجنسي والمتع غير المشروعة، والتوق إلى الشهرة والمجد هي أمور غالباً ما تميز الشباب.
- الوصية بسيطة: أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا. لا تفكر فيها ولا تتحداها. لا تحاول أن تتحملها. والفكرة القائلة: “سأختبر نفسي فقط في هذه الشهوة لمعرفة ما إذا كان بإمكاني الوقوف ضدها” قد أوقعت الكثيرين في الخطيئة.
- فإذا لم تستطيع الهروب من الشهوات الشبابية، فهناك حد فعلي للمدى الذي يستطيع الله أن يستخدمك فيه، وتكون فيه نافعًا للسيد. فلا يمكنك أن تقول “نعم” لله، إذا لم تتمكن من القول “لا” لبعض الأشياء الأخرى.
- “لقد حُذِّر تيموثاوس لتوه من أخطاء الفكر، ويجب تحذيره أيضاً من العيوب في علاقاته مع الآخرين.” وايت (White)
- وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ: إن التطهير لا يعني أبداً مجرد تجنب الأشياء السيئة. بل يجب أيضاً أن يرافقها اتباع أشياء جيدة. لذا فهناك أمور يجب أن نهرب منها، وأمور أخرى يجب اتباعها.
- وَاتْبَعِ… السَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ: كي نكون طاهرين يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لتكون علاقاتنا الشخصية سليمة مع الآخرين. فعلينا أن نعامل الآخرين بطهارة ونقاء.
- تبقى بعض العلاقات أحيانًا غير سليمة رغم كل المحاولات لردها. لذا، علينا أن نحرص على فعل اللازم لتصحيح الأمور، ونفعل ما أوصى بولس أهل رومية ١٨:١٢ أن يفعلوه: “إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ.”
- إن العلاقات السيئة مع الآخرين تعيق خدمتنا. فيجب أن نفعل ما في وسعنا لوضع الأمور في نصابها الصحيح إذا أردنا أن يستخدمنا الله بفاعليه.
- وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا: إن السلوك بطهارة يعني أيضاً الابتعاد عن النزاعات والمجادلات التي لا تنتهي. فهذه الاهتمامات المشتتة للانتباه يمكن أن تحد من مقدار استخدام الله لك.
ج ) الآيات (٢٤-٢٦): نوعية المواقف التي يمكن لله أن يستخدمها: الخادم اللطيف.
٢٤وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، ٢٥مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، ٢٦فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.
- وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ: إن الأشخاص العظماء في عالمنا لا يتم التفكير فيهم عادة كخدام ولا كلطفاء. أما في ملكوت الله فالعظمة تتميز بأن يكون المرء عَبْداً للرَّبِّ ومُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ.
- “ويقصد بولس بهذا أن علينا إظهار اللطف حتى لأولئك الذين لا يستحقون ذلك، وحتى لو لم يكن هناك أمل واضح بالتقدم في البداية، علينا قبول التحدي.” كالفن (Calvin)
- وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ: عندما كتب بولس لتيموثاوس حول عَبْدُ الرَّبِّ، أخبره عن بعض الخصائص الأساسية للراعي التقي.
- على تيموثاوس ألا يُخَاصِمَ بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ. فوظيفته كراعي ليس إثارة المعارك والبحث عن الصراعات. فبعض الأشخاص يشعرون فقط بالنشاط والتحفيز عندما يدخلون في مجادلة. لذا ينبغي أن ينتمي تيموثاوس (وكل الرعاة) إلى نوعية مختلفة من الأشخاص.
- على تيموثاوس أن يكون صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ. لقد شدد بولس جداً على كلمة الله، فالراعي الذي لا يعرف كيف يُعلم يشبه الجراح الذي لا يستطيع استخدام المشرط.
- على تيموثاوس أن يكون صَبُورًا. إن عمل الله عادة يستغرق وقتاً طويلاً. وأحياناً قد نرى السبب وراء ذلك وأحياناً أخرى لا نراه. ولكن الله ليس في عجلة من أمره، فهو يريدنا أن نتعلم كيف نثق فيه بصبر.
- على تيموثاوس أن يكون مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ: إن تحلي تيموثاوس باللطف والصبر لا يعني أبداً ألا يواجه أولئك الذين ينبغي مواجهتهم، بل عليه أن يفعل ذلك بِلُطفٍ.
- مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ: لقد طلب بولس من تيموثاوس بشكل محدد أن يقوم بتأديب وإرشاد المقاومين للأسباب التالية:
- عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً: يجب على هؤلاء المقاومين أن يتوبوا، ولن تحدث التوبة أبداً ما لم يعمل الله في قلوبهم.
- عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً: ليست الفكرة هنا: “ربما سيعطيهم الله التوبة، وربما لا.” ولكن الفكرة أكبر من ذلك بكثير: “أنا متأكد أن الرب سيعطيهم التوبة.”
- لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا: إن كل من يحارب ضد الله فهو مخدوع ويجب أن يصحوا ويعود إلى رشده. فالتوبة تنشأ عندما يُقبل شخص ما إلى الحق بهذه الطريقة.
- فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ: إن أولئك المقاومين لعمل الله عن معرفة أم عن جهل، هم مقيدون من الشيطان ويقومون بدوره. لذا فهم محتاجون للإفلات مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ، والله يريد تحريرهم منه.
- إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ: يتكلم بولس عن أولئك الذين يخدمون إبليس وأولئك الذين يخدمون الله. فكل إنسان وكل مؤمن يملك الحرية في اختيار الشخص الذي سيخدمه ويكون عبدًا له.
- لكي نكون خداماً للرب، أي آنية كرامة له، ينبغي لنا أن نفرغ ونُطهٍّر ذواتنا ونكون متاحين له. وإذا رفضنا إفراغ وتطهير ذواتنا وجعل أنفسنا متاحين للرب، فسوف نجد أنفسنا أسرى لإبليس بمعنى أو بآخر.