رسالة تيموثاوس الثانية – الإصحاح ٤
شهادة بولس النهائية لتيموثاوس
أولًا. شهادة بولس النهائية لتيموثاوس
أ ) الآية (١): شهادة رسمية.
١أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ.
- أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ: إن كلمة أناشدك، هي ترجمة لكلمة (ديامارتوروماي diamarturomai) القوية في لغة العهد الجديد اليونانية، وأيضاً هي غالباً ما تترجم ’شَهِدَ‘ (كما هو الحال عندما وردت في سفر أعمال الرسل ٢٥:٨). والفكرة هي أن بولس قدم لتيموثاوس شهادة رسمية، شهادة يجب أن يراعيها تيموثاوس إذا أراد أن يكون راعياً تقياً.
- “إن الفعل “ديامارتوروماي” هو مصطلح قانوني، ويمكن أن يعني: “الإدلاء بشهادة تحت القسم في المحكمة” أو “إحضار شاهد للقيام بذلك.” ستوت (Stott)
- أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ: يصف بولس هنا أعضاء المحكمة التي أدلى فيها بشهادته، وهذا ما جعلها أكثر أهمية.
- عندما كان بولس جالساً في زنزانة سجنه الباردة، أدرك وجود واقع روحي يتجاوز جدران زنزانته. فمن الناحية الروحية، قدم بولس من خلال هذه الرسالة شهادة رسمية لصديقه الشاب وزميله. وقد فعل ذلك في محضر الله الذي سيديننا جميعاً.
- عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: إن بولس لا يزال يؤمن بالمجيء الثاني ليسوع المسيح. وقد قضى في الخدمة أكثر من ٣٠ سنة، وقد ذكر في أقدم رسائله (مثل، تسالونيكي الأولى والثانية) فكرة عودة يسوع. والآن، بعد سنوات وتجارب عديدة لاحقة، ما زال بولس يؤمن بعودة يسوع من كل قلبه.
- “إن عبارة ’الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ‘ تعني حرفياً: ’أنه على وشك إجراء الدينونة.‘ مما يشير إلى حقيقة أن بولس كان يعيش على رجاء عودة المسيح الوشيكة.” هايبرت (Hiebert)
ب) الآية (٢): الشهادة هي: اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ.
٢اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ.
- اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ: لقد كان تشديد بولس على كلمة الله مستمراً. حيث يوجد في هذه الرسالة حوالي ٣٦ إشارة إلى الإنجيل الحقيقي، وحوالي ١٧ إشارة إلى التعاليم المزيفة.
- هذا التشديد المستمر يجعل فكرة بولس واضحة لتيموثاوس:
- لا تخجل بشهادة ربنا (تيموثاوس الثانية ٨:١).
- تمسك بصورة الكلام الصحيح (تيموثاوس الثانية ١٣:١).
- ما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء (تيموثاوس الثانية ٢:٢).
- مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة (تيموثاوس الثانية ١٥:٢).
- وعبد الرب لا يجب أن يخاصم… بل يكون صالحاً للتعليم (تيموثاوس الثانية ٢٤:٢).
- كل الكتاب هو موحى به من الله (تيموثاوس الثانية ١٦:٣).
- هذا التشديد المستمر يجعل فكرة بولس واضحة لتيموثاوس:
- اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ: لم يكن مطلوباً من تيموثاوس كراعي مجرد أن يعرف الكلمة أو يحب الكلمة أو يوافق على الكلمة. بل كان مطلوباً منه أن يكرز بالكلمة. يجب أن يُكرَز بكلمة الله بواسطة تيموثاوس، وأن تكون الكلمة هي محتوى رسالته.
- ليس كل من يفتح الكتاب المقدس ويبدأ بالكلام يكون واعظاً للكلمة. ففي الواقع، كثير من الوعاظ ذوي النوايا الحسنة يعظون بأنفسهم بدلاً من كلمة الله. فإذا كان تركيز الواعظ منصباً على القصص المضحكة أو تجارب حياته المؤثرة، فقد يكون حينها يعظ بنفسه.
- اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ: تدلنا هذه العبارة على الوقت الذي يجب أن يكون فيه الواعظ مستعداً للكرازة بالكلمة. فهو يجب أن يكون مستعداً دائماً. يجب أن يكرز بالكلمة في كافة الأوقات، السهلة منها والصعبة. يجب أن يكرز بالكلمة في حال ظهرت ثمار كرازته بوضوح أو بدت الثمار غير منظورة. يجب عليه فقط الكرازة بالكلمة.
- كان هناك ذات مرة رجل دين في كنيسة إنكلترا قد اختبر الخلاص بشكل مجيد. وعندما غير المسيح حياته ابتدأ يكرز بالإنجيل لكل رعيته، وقد اختبروا الخلاص جميعهم. ومن ثم بدأ هذا الرجل يكرز الكنائس المجاورة، وكان رجال الدين في تلك الكنائس مستائين. فطلبوا من الأسقف أن يوقف هذا الرجل. وعندما واجهه الأسقف قال له: “اسمع أنك تبشر دائماً، ولا تفعل أي شيء آخر.” أجابه الرجل الذي تغيرت حياته: “حسناً، أيها الأسقف، أنا فقط أكرز أثناء وقتين من السنة.” فقال له الأسقف: “أنا سعيد لمعرفة ذلك، ما هما هذين الوقتين؟” رد عليه الرجل: “في وقت مناسب، وفي وقت غير مناسب.”
- وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ: كان على تيموثاوس استخدام كلمة الله في وعظه لتمارس تأثيراً على حياة شعبه. فلا ينبغي لتيموثاوس أن يتعامل مع كلمة الله كما لو أنها مليئة بأفكار مثيرة أو نظريات آسرة. بل عليه أن يرفع كلمة الله عالياً ضد حياة شعبه، ويدع الله يقوم بعمله.
ج ) الآيات (٣-٤): الحاجة إلى الوعظ الحقيقي للكلمة.
٣لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، ٤فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.
- لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ: يحتاج تيموثاوس إلى التركيز دومًا على كلمة الله، لأن الإنسان بحكم غريزته الطبيعية يرفض إعلان الله، ويفضل سماع الأمور التي تدغدغ آذانه (مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ).
- يقول كلارك (Clarke) في تعليقه على عبارة ’مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ‘: “لديهم فضول لا نهاية له، ورغبة لا تشبع في التنوع، وأن تدغدغ آذانهم بلغة ونبرة الشخص المتكلم، والتخلي عن الواعظ الجيد والأمين لصالح الخطيب المُفوَّه.”
- يدل هذا أيضاً على أننا إذا أردنا سماع كلمة الله، فسيعمل الله بداخلنا عملًا رائعًا. ولو تُرِكْنا لحريتنا، لفضلنا أن نفعل ذلك بطريقتنا، لكن الله يُغِّير قلوبنا بطرق رائعة، ويمنحنا الرغبة لمعرفة كلمته.
- يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ: هذا يذكرنا أنه ليس بالضرورة أن يكون المعلمين الأكثر شعبية هم الأكثر إخلاصاً. فلا ينبغي لنا أن نفترض أنه لمجرد أن يحظى المعلم بشعبية فهو يدغدغ الآذان. ولا ينبغي أيضاً أن نفترض أن المعلم هو مخلص لكلمة الله لمجرد أنه ذو شعبية.
- وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ: بمجرد أن يترك الناس كلمة الله، فإنهم غالباً ما يعتنقون الأمور الخيالية بصورة لا تصدق. فعندما يرفض الإنسان حقيقة الله، فلا يعني هذا أنه لا يؤمن بشيء، بل يعني بأنه سوف يؤمن بأي شيء.
- إن الاعتقاد بأن الكون قد نشأ عن طريق الصدفة هو تصديق خرافة. وهذا الوصف لنشوء الكون الوارد في مقالة صحيفة لوس أنجلوس تايمز هو مثال عن إحدى هذه الْخُرَافَاتِ:
- في البدء كان هناك نورًا، ولكن كان هناك أيضًا الجزئيات والإكترونات. وعندما وقع الانفجار العظيم ولد طاقة تكثفت مُشكِّلَة إشعاعاً وجسيمات دقيقة. ثم انضمت الجزئيات إلى البروتونات وتحولت إلى مادة لزجة متوهجة، كثيفة وحارة، ومعتمة كأنها نجم.
- مرت ٣٠٠٠٠٠ سنة أو نحو ذلك، حيث تَمدَّد الفضاء وبَرَدَت المادة، واندمجت الإلكترونات والبروتونات وكونت هيدروجين حيادي، فولدت نتيجة هذا الاتحاد الذرات الأولى. وأصبح الفضاء بين الذرات شفافاً مثل البلور، تماماً كما يبدو في يومنا الحاضر.
- أما البقية كما يقولون، فهو تاريخ. اندمجت الذرات لتشكل سُحُباً من الغبار، كَبُرَت تدريجياً لتصبح نجوماً ومجرات وعناقيد من الكواكب. واستخدمت النجوم وقودها النووي، ثم انهارت وانفجرت في فترات أو عصور طويلة متكررة من الزمن، وانصهرت العناصر في هذه العملية.
- وفي بعض الأحيان، قد يتكثف كوكب مستقر حول نجم من الجيل الثاني، حيث تكون قد نمت أشكال الحياة القائمة على الكربون إلى كائنات وأمور أخرى من بينها علماء الكون، ومن الأفضل التأمل في كل هذه الأمور. (من مقالة علمية في صحيفة لوس أنجلوس تايمز بعنوان: “الانفجار العظيم وما تبعه.”)
- لذلك، فمن الممكن للعديد ممن يداومون على الحضور في الكنائس بأن ينحرفوا عن الحق وأن يؤمنوا بالكثير من الخرافات التي نذكر منها:
- الخرافة القائلة بأنك يجب أن تكسب طريقك للخلاص أمام الله.
- الخرافة القائلة بأن الله يحبك فقط إذا كنت صالحاً.
- الخرافة القائلة بأنك يجب أن تجول مفكراً بأنك أفضل من الآخرين لأنك مؤمن.
- إن الاعتقاد بأن الكون قد نشأ عن طريق الصدفة هو تصديق خرافة. وهذا الوصف لنشوء الكون الوارد في مقالة صحيفة لوس أنجلوس تايمز هو مثال عن إحدى هذه الْخُرَافَاتِ:
د ) الآية (٥): إعادة التصريح بالشهادة: تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.
٥وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.
- وَأَمَّا أَنْتَ: هذه الكلمة مناقضة لوضع الناس المذكورين في الجملة السابقة. فعلى الرغم من أن الآخرين قد تحولوا جانباً إلى الإيمان بالخرافات، لكن تيموثاوس كان أكثر تكريساً في القيام بما أراده الله. فوجود هؤلاء الناس جعل تيموثاوس أكثر تكريساً وليس أكثر إحباطاً.
- “فكلما أصبح الناس أكثر تصميماً في احتقار تعاليم يسوع، كلما وجب على الخدام الأتقياء أن يكونوا أكثر حماساً لتأكيد هذه التعاليم، وأكثر نشاطاً وبذلاً للجهود في سبيل الحفاظ عليها بالكامل.” كالفن (Calvin)
- فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ: لن يستطيع تيموثاوس إنجاز خدمته ما لم يحرص على الانتباه بعناية ويضبط نفسه في كل شيء. وعلى كل راعي صالح أن يبقي عيونه مفتوحة.
- احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ: إن الخدمة تشبه إلى حد بعيد الحياة البشرية المليئة بالْمَشَقَّاتِ. فبالنسبة للبعض فإن هذه فكرة مزعجة لأنهم اعتقدوا أن الخدمة ستكون عبارة عن اختبارات روحية جميلة الواحدة تلو الأخرى. هناك طبعًا الكثير من البركات الروحية في خدمة الله، لكن هناك أيضاً مَشَقَّاتِ يجب تحملها.
- اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ: هذا يعني أن تيموثاوس لم يكن موهوباً على وجه الخصوص كمبشر، لكنه لا يزال يتعين عليه القيام بالخدمة بأمانة بصفته واعظاً لكلمة الله.
- تَمِّمْ خِدْمَتَكَ: لقد سبق لبولس أن أعطى أمراً مشابهاً لأَرْخِبُّس (كولوسي ١٧:٤)، وقد كان بولس يعرف ما يعنيه أن يتمم المرء خدمتك (أعمال الرسل ٢٥:١٢).
- وقد تكون هناك أسباب عديدة لعدم إنجاز خدمة شخص ما، ولكن يجب خوض المعركة مع كل واحدة من هذه الأسباب بكل جدية:
- الخوف.
- عدم الإيمان.
- هموم العالم.
- الخوف من الناس.
- التعرض للانتقاد والإحباط.
- وجود خطيئة تحاصر الخادم.
- وقد تكون هناك أسباب عديدة لعدم إنجاز خدمة شخص ما، ولكن يجب خوض المعركة مع كل واحدة من هذه الأسباب بكل جدية:
ثانيًا. كلمات بولس النهائية: الثقة التي قادته للنصرة
أ ) الآيات (٦-٧): انتصار بولس.
٦فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. ٧قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ.
- فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا: العبارة مقتبسة من تقدمة الخمر التي كان يقدم أمام الرب ويسكب على المذبح. كان تقديم الخمر للرب كذبيحة، يشبه تماماً تقديم الحيوان كذبيحة أمام الرب.
- إن فكرة تقدمة السكيب وردت لأول مرة في سفر التكوين ١٤:٣٥، حين سكب يعقوب خمرًا أمام الرب كذبيحة. وفي ناموس موسى يمكن لتقدمة الخمر أن تكون جزءاً من الذبيحة للرب (خروج ٤٠:٢٩-٤١، لاويين ١٣:٢٣).
- توجد هنا أيضاً فكرة رومانية. فكل وجبة رومانية تنتهي بتقديم ذبيحة طقسية صغيرة للآلهة، حيث يتم أخذ كأس من الخمر وسكبه أمام الآلهة. وبهذا المعنى قال بولس: “لقد انقضى اليوم، والوجبة قد انتهت، وأنا أُسكب لله.”
- وتحمل كلمة ’أُسْكَبُ‘ فكرة العطاء التام، بدون تحفظات. حيث يتم إفراغ السائل تماماً من الكأس، ويعطى بشكل كامل لله.
- أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا. صحيح أن رأسه لم يوضع بعد على خشبة الجلاد الغليظة لتنفيذ حكم الإعدام، لكن قلبه كان هناك. كان بولس مستعداً لتقديم أقصى درجات التضحية. “إنه يعتبر نفسه كما لو أنه في الليلة التي تسبق تقديمه ذبيحة. وهو ينظر إلى دمائه كأنها خمر مراق يسكب على ذبيحة التقدمة. فلا يمكنه أن يتكلم بهذه الصورة الإيجابية لو لم يكن حكم الموت قد صدر عليه سلفاً.” كلارك (Clarke)
- وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ: لقد شعر بولس أنه كان في المطار وأن رحلته المتوجهة إلى السماء كانت جاهزة للإقلاع. وكان ينتظر دعوته للصعود على متن الطائرة.
- لذلك، فإن تشجيع بولس لتيموثاوس ذو معنى أكبر لأن بولس يعلم أنه سيخرج من المشهد قريبًا، وأن على تيموثاوس أن يحمل الشعلة. إن العاملين مع الله يزولون، ولكن عمل الله يبقى مستمراً.
- أَكْمَلْتُ السَّعْيَ: لقد استخدم بولس أثناء خدمته صورة السباق وكيف أن المؤمن هو الرياضي الذي يركض في هذا السباق (فيلبي ١٢:٣-١٤، أعمال الرسل ٢٤:٢٠، كورنثوس الأولى ٢٤:٩، عبرانيين ١:١٢). وقد عرف بولس الآن بأن سباقه كان على وشك الانتهاء، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ.
ب) الآية (٨): نوال بولس إكليل البر.
٨وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.
- قَدْ وُضِعَ لِي: عرف بولس أن هناك إكليل ينتظره في السماء، وقد كان مستعداً لاستلامه. وكان متأكداً من ذلك.
- يستخدم العهد الجديد كلمتين أساسيتين للتعبير عن معنى إِكْلِيل. إحداهما تشير إلى التاج الملوكي والأخرى تشير إلى إكليل المنتصر (ستيفانوس). وبولس في هذا المقطع يشير إلى إكليل المنتصر، أي الميدالية أو الكأس الذي يقدم الفائز اعترافاً بأنه قد أكمل السباق وفقاً للقواعد وفاز بالنصر.
- لقد أشرف بولس قبل أن يصبح مؤمنًا على إعدام الشهيد الأول، ثم بدأ بقتل أكبر عدد ممكن من المؤمنين الآخرين. ولكن الآن في نهاية حياته، كان مستعداً لاستلام إكليل أي ’ستيفانوس.‘ ومن المرجح أن بولس قد تذكر إسم الشهيد الأول الذي مات على يديه: ستيفانوس (استيفانوس).
- في ذاك اليوم سينال الفائزون في عالم الرياضة إكليل من أوراق الزيتون أو اللبلاب، التي ستذبل أوراقه سريعاً وتموت. ولكن إكليل شعب الله يدوم إلى الأبد (كورنثوس الأولى ٢٥:٩، بطرس الأولى ٤:٥).
- لقد وعدنا بنوال إكليل الحياة إذا احتملنا التجربة (يعقوب ١٢:١).
- يتسائل بعض الناس عما إذا كنا سَنتجوَّل في السماء مُتوَّجين بالأكاليل، وهل سيلاحظ الجميع من هو الذي نال أكبر وأفضل إكليل. ولكننا نرى في سفر الرؤيا ١٠:٤ أن الشيوخ المحيطون بعرش الله سوف يأخذون أكاليلهم ويطرحونها أمام يسوع، مرجعين كل ما نالوه من أكاليل ومكافآت ليسوع.
- الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ: يتصور بولس حفل توزيع الجوائز، حيث سوف يستلم الإكليل الذي ينتظره. وكان بولس على وشك أن يُدان ويُعدم من قبل محكمة أرضية، ولكنه كان أيضاً سيكافىء من قبل رب السماء.
- “من المرجح جداً أن هذه الرسالة كانت الأخيرة التي كتبها الرسول بولس، وكان فيها يقف على قمة النصرة، واقفاً على حافة الأبدية، ممتلئاً فرحًا لرؤيته القريبة لله ويتوقع بقوة دخول أبدية من الأمجاد.” كلارك (Clarke)
- يشعر البعض بأن بولس كان شديد التركيز على المكافآت وأنه ليس من المناسب للمؤمنين أن يفكروا كثيراً في المكافأة التي سيحصلون عليها في السماء. ولكن الله ليس لديه مشكلة في تحفيزنا بالمكافآت السماوية. فخدمتنا ستكافأ حقًا. وعلينا ألا نتخلى أو نتراجع عن خدمتنا الآن. لأننا في النهاية سوف نكافىء.
- يقلق بعض المؤمنين دون داع حول إكليلهم:
- ماذا لو لم أنال إكليل؟
- ماذا لو كان إكليلي صغيراً حقاً؟
- ماذا لو أصيب الرب بخيبة أمل مني؟
- يجب أن نتجاهل كل هذه التكهنات، وببساطة أن نكون مشغولين في خدمة الله وتمجيده وسوف يهتم إكليلنا بنفسه.
- بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا: هذا الوعد يخُصُّنا، فالله سوف يستقبلنا في السماء إن وضعنا تركيزنا على السماء وعلى يسوع الذي سار على الأرض، والآن هو يسود في السماء.
ثالثًا. كلمات بولس الأخيرة من السجن
أ ) الآيات (٩-١٣): عُزلة الرسول العظيم.
٩بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا، ١٠لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ وَذَهَبَ إِلَى تَسَالُونِيكِي، وَكِرِيسْكِيسَ إِلَى غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ. ١١لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. ١٢أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. ١٣اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ.
- بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا: لقد كان بولس رجل الله، ولكنه لم يكن يتمتع بقوة خارقة. فقد احتاج وأراد وجود الرفقة. لقد كان بولس وحيداً.
- لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي: هنا يتذكر بولس أولئك الذين تركوه. فالبعض (مثل دِيمَاس) تركه لأنه أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ. وآخرون قد تركوا بولس بدافع الضرورة (مثل كِرِيسْكِيس وتِيطُس). والبعض الآخر تركوا بولس لأنه أرسلهم (مثل تِيخِيكُس).
- لقد تم ذكر اسم دِيمَاس في رسائل بولس السابقة كرفيق عامل في الخدمة، لكن دِيمَاس قد ضَلَّ عن الإيمان في وقت لاحق (كولوسي ١٤:٤، وفليمون ٢٤). إن إخلاصه السابق في الخدمة سَبِّب لبولس إيلاماً أكثر.
- لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي: لوقا، الذي سافر مع بولس في العديد من رحلاته التبشيرية، بقي مع بولس، بينما تركه الآخرون. إن ما حدث الآن يتباين بشكل لافت مع ما حدث عند السجن الروماني الأول لبولس قبل عشر سنوات، حيث كان يستقبل العديد من الزوار في سجنه (أعمال الرسل ٣٠:٢٨-٣١).
- خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ: هذا الكلام هو دليل على استعادة ثقة بولس في مرقس. وذلك بخلاف رغبة بولس سابقاً في قطع أي صلة مع مرقس، بحسب القصة الواردة في سفر أعمال الرسل ٣٦:١٥-٤٠.
- اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ: تدلنا هذه العبارة على أنه من المرجح أن بولس كان قد اعتُقِلَ في ترواس، وقد أدى اعتقاله إلى سجنه الثاني هذا في مدينة روما. ففي تلك الأيام كان يحق للجنود الذين يقومون بعملية الاعتقال المطالبة بأية ملابس إضافية في حوزة الشخص المعتقل. وربما تم تحذير بولس من عملية الاعتقال، وبالتالي أودع كتبه القليلة مع هذا اَلرِّدَاءَ أي الثوب الخارجي، لرعاية رجل أمين يدعى كَارْبُس.
- اَلرِّدَاءَ: “كان عبارة عن عباءة طويلة تنزل حتى الركبتين مع فتحة للرأس في الوسط.” وايت (White)
- يرينا هذا الرداء الذي تركه بولس في ترواس ما يلي:
- لقد تخلى بولس عن كل شيء في سبيل خدمة يسوع (كل ما بقي لديه في نهاية حياته كان رداءً وبضعة كتب).
- لقد تخلى معظم أصدقاء بولس عنه (يبدو أن بولس لم يكن لديه أصدقاء يقرضونه أو يحصل منهم على رداء في روما).
- كان لدى بولس عقلاً مستقلاً جداً (فهو لن يتسول رداء من أحد).
- لم يكن بولس يهتم كثيراً بالطريقة التي يرتدي بها ثيابه (كان يمكنه طلب رداء آخر).
- كان بولس رجلاً عادياً ذو احتياجات عادية.
- “قال إيراسموس (Erasmus): أوه، كم هي قليلة الأشياء التي يملكها هذا الرسول العظيم؟ رداء يقيه من المطر وبضعة كتب وكتابات.” تراب (Trapp)
- وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ: لقد بقي بولس أستاذاً باحثاً حتى النهاية، وهو يريد الحصول على كتبه. أراد بولس على وجه الخصوص الحصول على الرُّقُوقَ التي كانت أجزاء من العهد القديم.
- “هذا المقطع يزعج المتعصبين الذين يحتقرون الكتب ويدينون كل قراءة ويفتخرون فقط بإلهامهم الخاص من الله. ولكننا نلاحظ أن هذا المقطع يوصي جميع الأشخاص الأتقياء بالقراءة المستمرة لأن القراءة مفيدة جدًا.” كالفن (Calvin)
ج) الآيات (١٤-١٥): تحذير من إِسْكَنْدَر النَّحَّاس.
١٤إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. ١٥فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا.
- إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً: لقد ذكر بولس إسكندر في رسالته الأولى لتيموثاوس ١٩:١-٢٠ كشخص ترك الإيمان. والآن يحذر بولس تيموثاوس من هذا الشخص نفسه. إن بولس ببساطة قد كتب أن إسكندر قد أظهر له شروراً كثيرة، وأنه أيضاً سوف يقاوم تيموثاوس (فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا).
- كان من الخطأ أن يقوم تيموثاوس بالرد على هذا التحذير بالقول لبولس: “بولس، إن إسكندر كان دائماً لطيفاً معي. وهو لديه أخطائه، أليس كلنا لدينا أخطائنا؟” ولكن بدلاً من ذلك، يمكننا التأكد من أن تيموثاوس قد احترم حكم بولس على إسكندر وعمل بمشورته.
- “لا تعني كلمة ’النَّحَّاسُ‘ أن إسكندر كان يعمل في النحاس. كان المصطلح يستخدم لوصف العاملين في كل أنواع المعادن.” وايت (White)
- أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً: هذه العبارة تعني ضمناً أن إسكندر “لقد سَبَّبَ لِي أذَىً كَثِيرًا.” ربما كان إسكندر خائناً أو مخبراً قام بخيانة بولس بالوشاية به للحكومة الرومانية، وكان مسؤولاً عن سجنه الحالي. وربما قصد بجملة: لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا، أن إسكندر كان شاهداً ضد بولس في دفاعه الأول.
- “كان المخبرون في ذلك الزمن إحدى اللعنات العظمى لروما. وربما كان إسكندر مؤمناً منشقاً ذهب إلى القضاة وأبلغهم بمعلومات خاطئة عن بولس في سعيه إلى تدميره بأكثر الطرق المخزية.” باركلي (Barclay)
- “لقد اتهم المسيحيون بالإلحاد (لأنهم تجنبوا عبادة الأوثان وعبادة الإمبراطور) واتهموا بأكل لحوم البشر (لأنهم كانوا يتكلمون عن أكل جسد المسيح) وقد اتهموا حتى بالكراهية العامة للجنس البشري (بسبب عدم ولائهم المفترض للقيصر، وربما لأنهم قد أنكروا ملذات الخطيئة الرخيصة). قد تكون هذه بعض التهم الموجهة ضد بولس.” ستوت (Stott)
- لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ: سوف تكون دينونة إسكندر بسيطة. إنه لأمر فظيع أن يدان المرء بحسب أَعْمَالِهِ.
- “يقول أحد القدماء: هذا الكلام ليس نقمة ولا شكوى أو احتجاج، بل إنه تنبؤ جيد يليق برسول. إن بولس لم ينتقم لنفسه بل أعطى مكاناً للغضب، رومية ١٩:١٢.” تراب (Trapp)
د ) الآيات (١٦-١٨): أمانة الله مع بولس في دفاعه الأول.
١٦فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. ١٧وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. ١٨وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.
- لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي… وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي: لم يقف أحد مع بولس، لكن يسوع وقف بجانبه، وقد خدم بولس الله بأمانة أثناء دفاعه الأول.
- تشير عبارة ’لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ‘ إلى أن بولس لم يحمل مرارة بسبب تخلي الجميع عنه. وهذا دليل قوي على عمل النعمة العظيم وعلى النضوج الروحي لبولس.
- يمكن أن يكون احْتِجَاجه الأَوَّل قد حدث عند سجنه الأول في مدينة روما (وهو ما تم الكلام عنه في نهاية سفر أعمال الرسل)، أو قد يكون احْتِجَاجه الأَوَّل هو أول جلسة استماع خلال فترة سجنه الحالي.
- فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ: لقد سبق لله أن أنقذ بولس من قبل، لذا لم يكن لدى بولس شك حول قدرة الله أو صلاحه. والأمر الوحيد الذي لا يعرفه بولس هذه المرة هو هل سينتهي مصيره بالإنقاذ مِنْ فَمِ الأَسَدِ، أم أن الله سيخلصه ويأخذه لمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ.
- الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ: هذه العبارة تعكس التفاؤل والفرح غير المعقول. فقد واجه بولس اللحظات الأخيرة من حياته: دون مال أو أصدقاء أو ممتلكات قيِّمة. وكان يشعر بالبرد إذ لم يملك ما يكفي من الثياب، وكان ينتظر الموت القريب. ومع ذلك، فمعرفته على وجه الخصوص بوجود المكافأة السماوية التي تنتظره، جعلته يرفض استبدال مكانه مع أي شخص كان.
هـ) الآيات (١٩-٢١): تحيات بولس الختامية إلى أصدقائه الذين على اتصال مع تيموثاوس، ونقل تحيات من مؤمني روما.
١٩سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ. ٢٠أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ. وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا. ٢١بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ وَكَلاَفِدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعًا.
- سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ: تكشف كلمات الفراق التي كتبها بولس أن قلبه كان مع الناس الذين عرفهم. فكان بولس يفكر في الآخرين وليس في نفسه، وقد عرف بولس طبيعة يسوع، وكان مثل يسوع شخصاً متمحوراً حول الآخرين.
- تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا: كان بولس رجلاً استخدمه الله لشفاء الكثيرين (كما ورد في أعمال الرسل ٨:١٤-١٠، ١١:١٩-٢٠)، ومع ذلك، لم يشفي تُرُوفِيمُس الذي كان مَرِيضًا. وهذا دليل على أن موهبة الشفاء لم تكن ملك بولس، كان يشفي بسماح من الرب وحسب توقيته هو فقط.
- ألقى تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) عظة كاملة بناها على هذه الكلمات: “وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا” (الرجل المريض الذي تركه خلفه). وكانت نقاط العظة كالتالي:
- يسمح الله أحيانًا بعدم شفاء بعض الأشخاص الطيبين.
- يسمح الله أحيانًا بعدم استخدام الأشخاص الطيبين حتى وإن كانت هناك حاجة ملحة لهم.
- يسمح الله أحيانًا باستمرار الخدمة حتى بعد أن يتركها الأشخاص الطيبين.
- “من الممكن أن أراستس وتروفيمس كانا مع القديس بولس عندما تم اعتقاله في المرة الثانية، وأنهم بقيوا في صحبته وصولاً إلى ميليتس وكونثوس على التوالي.” وايت (White)
- ألقى تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) عظة كاملة بناها على هذه الكلمات: “وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا” (الرجل المريض الذي تركه خلفه). وكانت نقاط العظة كالتالي:
- بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ: تكشف هذه الكلمات عن مشاعر بولس. فإن بولس كرجل عجوز تاق لرؤية شريكه الشاب في الخدمة قبل أن يموت. لا نعرف ما إذا كان بولس قد رأى تيموثاوس مرة ثانية، لكن يمكننا أن نتأكد أن تيموثاوس قد بذل قصارى جهده ليأتي قَبْلَ الشِّتَاءِ.
- لقد دام سجن بولس في مامرتين (وهو اسم مبنى أسود لا يزال قائماً في روما، تم بناؤه قبل ١٠٠ عام من سجن بولس، وكان مخصصاً لأعداء روما السياسيين) حتى تم إعدامه تحت حكم نيرون، بقطع رأسه خارج بوابة أوستيان في مدينة روما في مكان يطلق عليه اسم “النوافير الثلاثة.”
- في نهاية المطاف، تم نسج أسطورة سخيفة تقول أنه عند قطع رأس بولس، ارتدَّ رأسه المقطوع ثلاث مرات مثل الكرة، وفي كل مرة كان رأسه يرتطم بالأرض كانت تنفجر نافورة، واحدة ساخنة وواحدة دافئة والثالثة باردة، وبالتالي أطلق على المكان “النوافير الثلاثة.”
- لقد استشهد بولس في أعقاب اندلاع الحرائق العظيمة التي اجتاحت روما سنة ٦٤ ميلادي، والتي حاول نيرون بطريقة ما إلقاء اللوم على المسيحيين بإشعالها. ووفقاً لبعض التقاليد، فقد تم قطع رأس بولس في نفس اليوم الذي تم فيه صلب بطرس رأساً على عقب. فقد كان بولس مواطناً رومانياً، لذلك لا يمكن صلبه بحسب القانون الروماني.
و ) الآية (٢٢): آخر الكلمات التي سُطِّرَت بقلم بولس.
٢٢اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ.
- اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ: تعكس كلمات بولس الأخيرة رجلاً كان ببساطة يحب يسوع، وقد تلقى نعمته. هذه البساطة وكل ما يرافقها من قوة هي ما يميز خدمة بولس بأكملها.
- “يصلي بولس هنا أن تنشأ علاقة وثيقة بين الرب وتيموثاوس.” وايت (White)
- آمِينَ: يدعو بولس تيموثاوس للتأكيد على كل هذا من خلال الموافقة بكلمة آمِينَ. كان بولس قد تمم خدمته وكان مستعداً لاستلام مكافأته، وأراد من تيموثاوس أن يفعل الشيء نفسه.