رسالة فيلبّي – الإصحاح ٤
السلام والفرح في جميع الظروف
أولاً. تعليمات لقِدّيسين محدَّدين
أ ) الآية (١): تشجيع عامّ: على ضوء مصيركم في المسيح، اثبتوا صامدين.
١إِذًا يَا إِخْوَتِي ٱلْأَحِبَّاءَ، وَٱلْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ، يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي، ٱثْبُتُوا هَكَذَا فِي ٱلرَّبِّ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ.
- إِذًا: هذا يربط ما كتبه بولس هنا بما سبق. فبفضل وعد القيامة (فيلبّي ٢١:٣)، يملك أهل فيلبّي سببًا إضافيًّا للثبات في الربّ – ٱثْبُتُوا هَكَذَا فِي ٱلرَّبِّ.
- يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي: استخدم بولس الكلمة اليونانيّة القديمة للتاج التي تصف الإكليل الممنوح للرياضيّ الذي يفوز بالسباق. وكان ذلك إكليلاً (استيفانُس) يُمنَح على الإنجاز، لا تاجًا مثل الذي يُعطَى للملك (ديادِما). فثبات أهل فيلبّي في الربّ كان جائزة فوز بولس.
- ٱثْبُتُوا هَكَذَا فِي ٱلرَّبِّ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ: لا يمكننا أنْ نثبت إلَّا عندما نكون فِي ٱلرَّبِّ؛ فأي مكان آخر ليس مكانًا آمنًا للثبات فيه.
ب) الآية (٢): تعليمات لأَفُودِيَةَ وسِنْتِيخِي.
٢أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي ٱلرَّبِّ.
- أَفُودِيَةَ… سِنْتِيخِي: يبدو أن هاتين السيّدتين كانتا مصدر شجار في الكنيسة. وبدلًا من التحيّز أو محاولة حلّ مشكلتهما، أمرهما بولس ببساطة أَنْ يَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي ٱلرَّبِّ.
- أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي ٱلرَّبِّ: مهما كان الخلاف، فقد نست أَفُودِيَةَ وسِنْتِيخِي أنَّ لهما أرضية مشتركة أكبر في يسوع المسيح. لقد نسيتا أنَّ كل شيء آخر تقل أهميته على تلك الأرضية المشتركة.
ج) الآية (٣): تعليمات للشَرِيك ٱلْمُخْلِصَ.
٣نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي ٱلْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ ٱللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي ٱلْإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِي ٱلْعَامِلِينَ مَعِي، ٱلَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ ٱلْحَيَاةِ.
- أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي ٱلْمُخْلِصَ: أياً كان هذا، فقد أمره بولس بمساعدة هَاتَيْنِ ٱللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي ٱلْإِنْجِيلِ. فمن المفترض أنْ يساعد الشَرِيك ٱلْمُخْلِصَ هاتين السيّدتين ليتصالحا ويتّحدا على فِكر واحد في الربّ.
- عبارة هَاتَيْنِ ٱللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي ٱلْإِنْجِيلِ لها مغزى. فهاتان السيّدتان، أَفُودِيَةَ وسِنْتِيخِي، كانتا من العاملات الأمينات مع بولس في عمل الإنجيل. لكنّها تخاصمتا الواحدة منهما مع الأخرى. وكان بولس يعلم أنَّ هذا الخصام المؤسف يحتاج إلى حلّ.
- مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا: هناك شخص بارز باسم أَكْلِيمَنْدُس في الكنيسة الأولى كان قائدًا للكنيسة في روما وكتب رسالتين محفوظتين إلى الكنيسة في كورنثوس. ولكننا لا نعرف إذا كان هذا هو نفس الشخص. فاسم أَكْلِيمَنْدُس كان شائعًا في العالم الرومانيّ.
- نستطيع مقابلة الذكر الموجز لأَفُودِيَةَ وسِنْتِيخِي بالذكر الموجز لأَكْلِيمَنْدُس. إذا وددتَ أن تلخّص حياتك كلها في جملة واحدة، فهل ترغب في تلخيصها مثل أَكْلِيمَنْدُس أم مثل أَفُودِيَةَ وسِنْتِيخِي؟
- وَبَاقِي ٱلْعَامِلِينَ مَعِي، ٱلَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ ٱلْحَيَاةِ: كان هناك آخرون في فيلبّي ساعدوا بولس أيضًا. وقد نالوا أسمى شرف في العالم: إذ أنَّ أسماءهم كُتِبَت فِي سِفْرِ ٱلْحَيَاةِ (رؤيا يوحنا ١٥:٢٠).
ثانيًا. المزيد من التعليمات حول السير الحسن
أ ) الآية (٤): بولس يكرّر موضوعًا رئيسيًّا في الرسالة.
٤اِفْرَحُوا فِي ٱلرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: ٱفْرَحُوا!
- اِفْرَحُوا: على الرغم من الظروف التي كُتِبَ منها الرسالة، إِلَّا أنَّ الفرح يعمّ أرجاء الرسالة إلى أهل فيلبّي. ومن الأمثلة على ذلك فيلبّي ٤:١، ١٨:١، ٢٥:١، ٢:٢، ١٦:٢، ١٧:٢، ١٨:٢، ٢٨:٢، ١:٣، ٣:٣ و١:٤.
- “أنا سعيد لأننا لا نعرف علامَ كان يدور الخلاف، بل وأشكر الله عادةً على الجهل في مثل هذه المواضيع. ولكن كعلاج للخلافات، يقول الرسول: ’اِفْرَحُوا فِي ٱلرَّبِّ كُلَّ حِينٍ.‘ فالناس الفرحون جدًا، لاسيَّما الفرحون جدًا بالربّ، ليسوا عُرضة للإساءة لأحد أو الاستياء من أحد. إنّما أذهانهم متلذّذة بالانشغال بأمور أسمى، حتّى أنّها لا تتشتَّت بسهولة بالمشاكل الصغيرة التي تظهر بشكل طبيعي بين مخلوقات غير كاملة مثلنا. وبالتالي، فرح الربّ هو علاج كل خصام.” سبيرجن (Spurgeon)
- اِفْرَحُوا فِي ٱلرَّبِّ كُلَّ حِينٍ: مرَّة أخرى، لم يكن فرح بولس مبنيًّا على التفاؤل المشرق أو الموقف العقلي الإيجابي بقدر ما كان مبنيًّا على الثقة في سيطرة الله. فكان فرحه حقًّا فِي ٱلرَّبِّ.
- “ما أسخى الإله الذي نعبده، الذي يجعل التلذّذ واجبًا، ويأمرنا بأن نفرح! ألَا ينبغي لنا أن نطيع مثل هذا الأمر في الحال؟ فالغرض منه هو أنْ نكون سعداء.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (٥) معاملة جميع الناس بطول بال.
٥لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ.
- لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ (لطفكم) مَعْرُوفًا: استخدم بولس كلمة يونانيّة قديمة مثيرة للاهتمام (إيپيكِس epieikes) وهي المُتَرجمة هنا «حِلْم». وثمة ترجمات أخرى للكتاب المقدس تتُرجِمُها بـ: الصبر، اللطف، طول البال، التواضع، الرفق، الشهامة.
- “كلمة إيپيكِس (epieikes) لها دلالة واسعة جدًّا. فهي قد تعني اللطف، الصبر، الخضوع، اللين، الرأفة، الحلم، الامتناع عن التقاضي أو الخصومة؛ لكنَّ كلمة ’اللطف‘ معبّرة للغاية كمصطلح عامّ.” كلارك (Clarke)
- خير مثال على هذه الصفة عندما أظهر يسوع الحِلْم (اللطف) مع المرأة التي نُصِب لها فخّ وأُمسِكت في زنا ثُمَّ قُدِّمت ليسوع. فقد عرف يسوع كيف يُظهر لها لطفاً مقدساً.
- تصف هذه الكلمة قلب الشخص الذي يسمح للرب بمحاربة معاركه نيابةً عنه، ويعلم جيداً وعد الرب القائل: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ» (رومية ١٩:١٢). وتصف أيضاً الشخص الذي يتمتع حقًّا بحريّة التخلّي عن قلقه وعن كل ما يسبّب له التوتُّر، لأنَّه يعلم أنَّ الربّ سيتولَّى أمره.
- لِيَكُنْ … مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ: المجال واسع جداً، لذا علينا أنْ نعامل جَمِيع ٱلنَّاسِ بحلم، لا من يحبّوننا فقط.
- اَلرَّبُّ قَرِيبٌ: حين نعيش ونحن مدركين حقيقة مجيء يسوع القريب، نجد سهولة في أن نفرح في الربّ كل حين وأن نظهر اللطف لجميع الناس. إذ نعلم أنَّ يسوع سيوقف كل ظلم عند عودته وأن نثق أنْه سيردّ الأمور إلى نصابها الصحيح في عالمنا المنهار.
ج) الآية (٦): حياة صلاة حيّة.
٦لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِٱلصَّلَاةِ وَٱلدُّعَاءِ مَعَ ٱلشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى ٱللهِ.
- لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ: هذا أمر وليس خيارًا. فالقلق المفرط ما هو إلا اقتحام لمجال لا يخصّ إِلَّا الله وحده. كما ويجعلنا القلق نأخذ دور رب الأسرة بدلًا من دور الابن.
- بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِٱلصَّلَاةِ وَٱلدُّعَاءِ: يقول بولس إنَّ مواضيع الصلاة يمكن أنْ تشمل كُلّ شَيْءٍ. إذ لا توجد مجالات في حياتنا لا تهمّ الله.
- ٱلصَّلَاةِ وَٱلدُّعَاءِ: هذان الجانبان من الصلاة متشابهان، لكنهما متميزان. فٱلصَّلَاة كلمة أوسع ويمكن أن تعني كل اتّصالاتنا بالله، لكنَّ ٱلدُّعَاء هو طلب تدخل الله مباشرة.
- صلوات كثيرة لا تُستجاب لأننا لا نطلب من الله أي شيء. فيدعونا الله هنا ببساطة أنْ نُعلن له طلباتنا: ’تُعْلَم طِلْبَاتُكُمْ.‘ فهو يسمع.
- لِتُعْلَمْ: الله يعلم طلباتنا قبل أن نصلّيها؛ وهو مع ذلك ينتظر مساهمتنا من خلال الصلاة قبل أنْ يهبنا ما نطلب.
- مَعَ ٱلشُّكْرِ: الشكر يحمينا من روح التذمر والشكوى أمام الله عندما نعلن طلباتنا لدى الله. فنحن يمكننا في الواقع أَلاَّ نقلق على أي شيء وأن نصلّي من أجل كل شيء وأن نشكر على كل شيء.
د ) الآية (٧): وعد بالسلام.
٧وَسَلَامُ ٱللهِ ٱلَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ.
- وَسَلَامُ ٱللهِ: يصف الكتاب المقدس ثلاثة جوانب عظيمة للسَلَام تتعلّق بالله.
- سلام من الله: استخدم بولس هذا باستمرار كمقدمة لرسائله؛ فهو يذكّرنا بأنّ سلامنا يأتينا كعطيّة من عند الله.
- سلام مع الله: هذا يصف العلاقة التي ندخلها مع الله من خلال العمل المُكتَمِل ليسوع المسيح.
- سَلَامُ ٱللهِ: هذا هو السلام الذي يتحدث عنه في فيلبّي ٧:٤. إنَّه يتخطَّى ’كُلَّ عَقْلٍ‘؛ أي يتجاوز قدرتنا على التفكير.
- “ما هو سلام الله؟ هو الهدوء والسكينة منقطعة النظير التي تجلل إله الفرح غير المحدود الكامل والمكتفي بذاته.” سبيرجن (Spurgeon)
- ٱلَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ: لا يعني هذا إنَّه أمر غير معقول وبالتالي يستحيل فهمه، لكنّه يفوق قدرتنا على الفهم والشرح – لذلك لا بديل عن اختباره.
- هذا السلام لا يتجاوز العقل البشري الدنيوي فحسب؛ إنَّه يتجاوز كُلَّ عَقْلٍ. حتّى إنَّ الأتقياء أنفسهم يعجزون عن فهم هذا السلام.
- يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ: تدلّ كلمة ’يَحْفَظ‘ على الحراسة بالمعنى العسكريّ. وهذا شيء يفعله سلام الله لنا: إنَّه سلام يقف حارسًا على قلوبنا وعقولنا.
- “يحفظهم كما في قلعة أو حصن.” كلارك (Clarke)
- عندما يبدو الناس وكأنّهم فقدوا قلوبهم أو عقولهم، غالبًا ما يكون ذلك مرتبطًا بغياب سلام الله من حياتهم. فسلام الله لا يقف حارسًا على قلوبهم وعقولهم.
هـ) الآية (٨): الاتّجاه المناسب لتوجيه عقولنا.
أَخِيرًا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ، كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ ٱفْتَكِرُوا.
- كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ: القائمة التي يوردها بولس بالأشياء التي يجب أن نتأمّل فيها ترجمت بطريقة جيدة من اليونانيّة؛ لذا فلا داعي لتوضيح كل بند.
- جَلِيلٌ … عَادِلٌ … طَاهِرٌ … مُسِرٌّ … حَسَنٌ … فَضِيلَةٌ … مَدْحٌ: هذه، كما يقول بولس، هي ثمر وغذاء الفكر الذي يحرسه سلام الله. فعندما نختزن هذه الأمور الجيّدة في أذهاننا، فإنها تبقى في أذهاننا ثُمَّ تفيض منّا.
- فَفِي هَذِهِ ٱفْتَكِرُوا: غالبية الحياة المسيحيّة تتعلّق بالذهن. فرومية ٢:١٢ تتحدث عن ضرورة التغيير بتجديد الذهن، وتتحدث كورنثوس الثانية ٥:١٠ عن أهمّيّة هدم الحجج الباطلة وكل شيء يرتفع ليمجّد نفسه ضدّ معرفة الله، وبذلك يصبح كل فكر مأسورًا لطاعة المسيح. ما نختار أنْ نفتكر (نتأمّل) فيه يهمّ.
- ما يصفه بولس هنا هو طريقة عمليّة لإخضاع كل فكر وأَسرِه لطاعة المسيح.
و ) الآية (٩): عودة إلى فكرة اتّباع مثال بولس.
٩وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.
- وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا: كان بولس يتمتّع باستقامة تكفي لتقديم نفسه كقدوة لأهل فيلبّي. فأمكنه حقًّا أن يقول: ’اتبعوني كما أتبع أنا يسوع.‘
- وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ: إذا فعل أهل فيلبّي كما أمر بولس، فلن يتمتّعوا بسلام الله فحسب، بل سيكون إِلهُ السَّلاَمِ نفسه معهم أيضًا.
ثالثًا. تعليق بولس على تقدمة أهل فيلبّي
أ ) الآيات (١٠-١٤): وجهة نظر بولس بشأن تقدمة أهل فيلبّي.
١٠ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ. ١١لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. ١٢أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. ١٣أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي. ١٤غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي.
- قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً ٱعْتِنَاؤُكُمْ بِي: يشير هذا إلى الدعم المادّي الذي أحضره أَبَفْرُودِتُس (فيلبّي ٢٥:٢). فلم يرغب بولس في الإشارة إلى أن أهل فيلبّي لم يهتمّوا من قبل، حيث أنّهم قبل ذلك لَمْ تَكُنْ لهم فُرْصَةٌ. وعندما أتيحت لهم الفرصة، ازدهرت رعايتهم لبولس أَيْضًا (أي مرَّة أخرى).
- لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ ٱحْتِيَاجٍ: ذكّر بولس أهل فيلبّي أنَّ شكره على ما قدموه لم يكن لأنَّه كان محتاجًا (رغم أنَّه كان في الحقيقة محتاجًا)، ولكن لأنَّه من الجيد بالنسبة إليهم أن يكونوا معطائين.
- فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ: هذه طريقة بولس في التعبير عن أنَّ الشكر لم يكن مبنيًا على حاجته الخاصّة. فعلى الرغم من أنَّ بولس كان محتاجًا، إلَّا أنَّه كان راضيًا بحاله حتّى وهو في سجنه في روما.
- قَدْ تَعَلَّمْتُ: كان على بولس أن يتعلم القناعة؛ فهي ليست من طبيعة البشر.
- أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ: يذكّرنا بولس بأن اكتفاءه لم يكن نظريًا فقط. فقد عاش ما قال فعلاً. لقد اختبر بولس الغنى المادّيّ، وكذلك الاحتياج المادّيّ.
- كان بولس يعلم كيف يتَّضع. “انظروا معي الحالة التي سمح الله بإنزال كبير رسله إليها! ثُمَّ انظروا كيف كانت نعمة المسيح تدعمه بقوّة رغم كلّ الصعاب! ما أقلّ أولئك الذين يُطلقون على أنفسهم خُدّامًا أو مؤمنين الذين تعلّموا هذا الدرس المهمّ! فعندما يُصابون بالفاقة أو المحنة، تعلو شكاواهم وتتكرّر؛ ويوشك صبرهم على النفاذ.” كلارك (Clarke)
- كان بولس يعلم أيضًا كيف يَسْتَفْضِل. “هناك الكثيرون من الناس الذين يعرفون شيئًا عن الاتّضاع (ضيق الحال)، ولكن لا يعرفون شيئًا عن العيش في وفرة. وعندما يوضعون في الجبّ مع يوسف، فإنَّهم ينظرون إلى أعلى ويرون الوعد المشرق ويأملون في الهرب. ولكن عندما يوضعون على القمة، فإن رؤوسهم تُصاب بالدوار ويوشكون على السقوط.” سبيرجن (Spurgeon)
- أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي: هذه إشارة إلى قدرة بولس على أن يكون مُكْتَفِيًا (راضيًا) بكل شيء. ولتحقيق هذا الاكتفاء (الرضا)، كان يحتاج إلى قوّة يسوع المسيح.
- مِمّا يُؤسَف له أنَّ الكثيرين من الناس يستعملون هذه الآية خارج السياق لتعزيز فكرة ’الانتصار الدائم‘ أو ’المؤمن الخارق‘ بدلًا من أنْ يروا أنَّ قوّة يسوع في حياة بولس اتّضحت في قدرته على الاكتفاء حتّى وهو يعاني.
- يجب دائمًا أن نقرن هذا التصريح الثمين بالإيمان بما ورد في يوحنا ٥:١٥ «لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا». فمع يسوع يمكننا أن نفعل كل شيء، وبدونه لا يمكننا عمل أي شيء.
- غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ ٱشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي: عندما تحدّث عن قدرته على الاكتفاء، لم يرغب بولس في ترك انطباع بأنّ أهل فيلبّي قد ارتكبوا خطأ بدعمهم إياه. ولكنه أراد إيضاح أنَّ عطاء أهل فيلبّي كان أفضل لهم مِمّا لبولس (فَعَلْتُمْ حَسَنًا). فالعطاء، في الواقع، يفيد المعطي أكثر من المتلقِّي.
ب) الآيات (١٥-١٨): شكر أهل فيلبّي على ما قدّموه في الماضي والحاضر.
١٥وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ أَنَّهُ فِي بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ،لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ. ١٦فَإِنَّكُمْ فِي تَسَالُونِيكِي أَيْضًا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ لِحَاجَتِي. ١٧لَيْسَ أَنِّي أَطْلُبُ الْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ الثَّمَرَ الْمُتَكَاثِرَ لِحِسَابِكُمْ. ١٨وَلكِنِّي قَدِ اسْتَوْفَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ وَاسْتَفْضَلْتُ. قَدِ امْتَلأْتُ إِذْ قَبِلْتُ مِنْ أَبَفْرُودِتُسَ الأَشْيَاءَ الَّتِي مِنْ عِنْدِكُمْ، نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ.
- بَدَاءَةِ ٱلْإِنْجِيلِ: يشير ذلك إلى جهود بولس التبشيرية الرائدة في أوروبا، المُدوَّنة في أعمال الرسل الأصحاح ١٦ وما يليه.
- لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ ٱلْعَطَاءِ وَٱلْأَخْذِ إِلَّا أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ: أهل فيلبّي هم الوحيدون الذين دعموا بولس خلال تلك الفترة بالذات. فتذكّر بولس على وجه الخصوص كيف دعموه لَمَّا كان في تسالونيكي.
- “ربما لم يكن قدر العطية كبيرًا إذا حسبناها بالعملة الرومانيّة؛ لكن بولس يقيم وزنًا كبيرًا لتقدمتهم، ويجلس لكتابة رسالة شكر تزخر بتعبيرات غنية مثل هذه.” سبيرجن (Spurgeon)
- “بينما كان يعمل على زرع الكنيسة هناك، كان بولس يدعم نفسه جزئياً بالعمل، تسالونيكي الأولى ٩:٢؛ تسالونيكي الثانية ٧:٣-٩؛ وجزئيًّا بالتبرّعات المرسلة إليه من فيلبّي. فحتّى أهل تسالونيكي لم يساهموا كثيرًا في إعالته، وهذا لا يُحسَب فضلًا لهم.” كلارك (Clarke)
- لَيْسَ أَنِّي أَطْلُبُ ٱلْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ ٱلثَّمَرَ ٱلْمُتَكَاثِرَ لِحِسَابِكُمْ: لم يكن بولس مهتمًا بالعطية لشخصه، بل بـٱلثَّمَر ٱلْمُتَكَاثِر لِحِسَابِكُمْ. فعطاؤهم زاد من ثمرهم في حسابهم أمام الله.
- “ليست العطيّة الفعلية التي وُضِعت في يد بولس هي التي أدخلت البهجة إلى قلبه، بل العطاء ومعنى ذلك العطاء. فالعطاء مؤشر حقيقيّ على نجاح عمله ودوام تأثيره.” كنيدي (Kennedy)
- يعكس هذا أحد أهم المبادئ المتعلّقة بالعطاء في الكتاب المقدس: أننا لا نفتقر أبدًا عندما نعطي. فالله لن يكون مدينًا أبدًا لنا، ولا يمكننا أبدًا أن نتفوّق على الله في العطاء.
- نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ ٱللهِ: وصف بولس عطيّة أهل فيلبّي بعبارات تذكّرنا بذبائح العهد القديم (تكوين ٢١:٨؛ خروج ١٨:٢٩، ٢٥:٢٩، ٤١:٢٩). إن دعمنا للخدمة يشبه ذبائح العهد القديم، التي كانت تكلّف كثيرًا، فالثيران والكباش لم تكن رخيصة الثمن في تلك الأيام.
- تستخدم الآية في رسالة أفسس ٢:٥ المصطلحات نفسها للإشارة إلى تضحية يسوع من أجلنا؛ وبالمثل فإنّ تضحياتنا تُرضِي لله كــذَبِيحَة مَقْبُولَة.
- يتباهى بولس في كورنثوس الثانية ١:٨-٥ بأهل فيلبّي بوصفهم مثالاً على العطاء السليم. فيصف كيف أعطوا عن طيب خاطر من إعوازهم، وأنهم أعطوا المال بعد أن أعطوا أنفسهم أوّلاً للربّ.
ج ) الآية (١٩): يقدم بولس وعدًا لأهل فيلبّي فيما يتعلّق باحتياجاتهم المالية.
١٩فَيَمْلَأُ إِلَهِي كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي ٱلْمَجْدِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ.
- فَيَمْلَأُ إِلَهِي كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ: لا ينبغي لنا أن نعتقد أنَّ أهل فيلبّي كانوا من الأثرياء الذين جادوا على بولس بما كانوا يستطيعون توفيره بسهولة من المال. فكما وصفهم بولس في كورنثوس الثانية ٨، من الواضح أنَّ عطاءهم كان مضحّيًا. فوَعدُ بولس بتسديد إِلَهِي كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ كان يعني شيئًا لهم!
- “قال لهم: ’لقد ساعدتموني. لكنَّ إلهي سيدبّر احتياجاتكم. لقد ساعدتموني في أحد احتياجاتي – أي احتياجي إلى الملبس والمأكل؛ لكنْ عندي احتياجات أخرى لا يمكنكم مساعدتي فيها، لكنَّ إلهي سيدبّر لكم كل حاجتكم. لقد ساعدتموني، أقصد بعضكم، رغم إعوازكم الشديد، لكنَّ إلهي سيدبّر كل حاجتكم من غناه في المجد.‘” سبيرجن (Spurgeon)
- يَمْلَأُ إِلَهِي كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ: الوعد يتمثّل في توفير كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ؛ ولكنه ينحصر في كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ (الوعد لن يتجاوز الاحتياج). فالوعد، إذاً، واسع ولكن محدود في نفس الوقت.
- بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي ٱلْمَجْدِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ: هذا معيار مذهل للعطاء. فحيث أنَّه لا يوجد نقص في غِنَى الله فِي ٱلْمَجْدِ، يجب أن نتوقّع عدم وجود نقص في إمدادات الله.
- “إن المكافأة لن تكون فقط من غناه، ولكنها ستتناسب أيضًا مع غناه – أي بمقياس جدير بغناه.” مارتن (Martin)
- كان سبيرجن (Spurgeon) يعتقد أنَّ هذه الآية مثال رائع على المعجزة الرائعة الواردة في ملوك الثاني ١:٤-٧، حيث أمر أليشع الأرملة بتجميع الأواني الفارغة وترتيبها وصب الزيت من كوز الزيت الذي لديها في الأواني الفارغة. فصارت تملأ وتملأ وتملأ بمعجزة حتّى امتلأت كل الأواني الفارغة.
- كل احتياجنا هو مثل آنية فارغة.
- الله هو الذي يملأ الآنية الفارغة.
- تصف عبارة «بحسب غناه في المجد» الأسلوب الذي يملأ به الله الآنية الفارغة – إذ يستمر الزيت في التدفق حتّى يمتلئ كل إناء مُتاح.
- وتصف عبارة «بالمسيح يسوع» كيف يلبّي الله احتياجاتنا – إذ تمتلئ آنيتنا الفارغة بيسوع في كل مجده.
- كُلَّ ٱحْتِيَاجِكُمْ: نلاحظ أيضًا أنَّ هذا الوعد قد قُدِّم لأهل فيلبّي الذين بذلوا أموالهم وممتلكاتهم الماديّة في خدمة الله، والذين عرفوا كيف يعطون بدافع سليم.
- يعبّر هذا الوعد ببساطة عمّا قاله يسوع في إنجيل لوقا ٣٨:٦ «أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لِأَنَّهُ بِنَفْسِ ٱلْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.»
رابعًا. خاتمة الرسالة
أ ) الآية (٢٠): تسبيحة مختصرة.
٢٠وَلِلهِ وَأَبِينَا ٱلْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ ٱلدَّاهِرِينَ. آمِينَ.
- ٱلْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ ٱلدَّاهِرِينَ: من الخطأ الاعتقاد بأنّ هذا حشو غير مدروس ألقاه بولس بالطريقة التي نلقي بها عبارات مثل: ’مجداً للرب‘ أو ’نشكر الربّ‘ في ثقافتنا المسيحيّة. إنّما أراد بولس حقًّا أن يتمجّد الله وأن يستخدمه الله بأي طريقة يراها مناسبة لتمجيد ذاته (فيلبّي ٢٠:١).
- آمِينَ: هذه كلمة مُستعارة من اللغة العبرية، ومعناها: ’فليكن الأمر كذلك.‘ وهي تعبير عن تأكيد مُفعَم بالثقة والفرح.
ب) الآيات (٢١-٢٢): تبادل التحيات.
٢١سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ مَعِي. ٢٢يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ. ٢٣ نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ
- سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ: لم يقدّم بولس هنا تحيات محدَّدة لأفراد بعينهم كما فعل في رسائل أخرى، بدلاً من ذلك، حيّا كُلّ قِدِّيسٍ في المسيح يسوع. وهذا مثال آخر على أنَّ لقب «قِدِّيس» ينطبق على جميع المؤمنين، وليس فقط على نخبة قليلة من المؤمنين.
- يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ ٱلْقِدِّيسِينَ وَلَا سِيَّمَا ٱلَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ: هذه التحية الخاصّة دليل على أنَّ بولس كان لا يزال يُستَخدم من الله أثناء سجنه في روما، حيث انتشر الإنجيل إلى بيت قيصر نفسه.
- ٱلَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ: “إنَّه يقصد بهذا الموظفين والخدم وعبيد عائلة الإمبراطور، الذين كان بولس بلا شكّ على اتّصال بهم في عدة مناسبات وهو سجين لسنوات عدّة.” مولر (Muller)
- “كان نيرون في هذا الوقت إمبراطور روما. وهو إنسان لم يضارعه آخر في الخِسّة والنذالة والوحشيّة. ومع ذلك كان في عائلته مؤمنون! ولكن لا نعرف إذا كانوا من أفراد الأسرة الإمبراطوريّة أم من الحراس أم رجال البلاط أم العبيد.” كلارك (Clarke)
ج ) الآية (٢٣): كلمات ختامية.
٢٣نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.
- نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ: لم يقل بولس هذا لسدّ الفراغ في نهاية رسالته. فبالنسبة إليه، تبدأ الحياة المسيحيّة وتنتهي بـنِعْمَة رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، لذلك كان من المناسب أن تبدأ رسائله وتنتهي بالنعمة أيضًا.
- آمِينَ: كانت هذه كلمة تأكيد مناسبة. كان بولس يعلم أنَّ ما كتبه إلى أهل فيلبّي يستحقّ الموافقة عليه، لذلك أضاف كلمة موافقة أخيرة – آمِينَ.