تفسير رسالة بولس إلى فِلِيمُون
بولس يناشد صديقًا نيابة عن عبد
“إنها رسالة مهمة وممتلئة بالقيمة؛ فكل كلمة منها وزنها، وكل مقطع عبارة عن ثروة. فمن موضوع وضيع مثل استقبال عبد هارب، ابتدأ بولس يحلق مثل النسر السماوي مستخدمًا نغمة عالية ليعلن خطابه السماوي.” جون تراب (John Trapp)
أولًا. التحية والمقدمة
أ ) الآية (١): الكاتب والمُتلقي.
١بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا.
- بُولُسُ، أَسِيرُ: كتب بولس هذه الرسالة الموجزة أثناء سجنه الروماني المذكور في أعمال الرسل ٣٠:٢٨-٣٠. ويعتقد بعضهم أنه كتب هذه الرسالة أثناء سجنه في مدينة أفسس، لكن هذا احتمال غير مرجح.
- أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: كما هو الحال دائمًا، لم يَعُد بولس نفسه سجينًا لروما، أو للظروف، أو للقادة الدينيين الذين بدأوا في مضايقته قانونيًا (أعمال الرسل ٢٣-٢٤). فبولس أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
- “لم تكن سلاسل ربط نفسه بها، لكنها سلاسل استثمرها يسوع. وبالتالي كانت وسمًا للدلالة على وظيفته.” لايتفوت (Lightfoot) استشهد به اوستيرلي (Oesterley).
- إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ: كتب بولس إلى فِلِيمُونَ، وهو أخ مؤمن عاش في مدينة كولوسي. وهذا هو المكان الوحيد في العهد الجديد حيث ذكر فِلِيمُونَ بالاسم، لكننا نعلم أنه كان صديقًا عزيزًا لبولس (فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ).
- غيَّر بولس من تحيته المعتادة في ضوء صداقته لفِلِيمُون. فقد دعا نفسه رسولًا في الآية الافتتاحية لمعظم الرسائل الـ ١٣ التي كتبها بولس إلى الكنائس أو الأفراد (٩ رسائل). ولكن في هذه الرسالة (إضافة إلى رسالة فيلبي ورسالتي تسالونيكي الأولى والثانية)، ناشد بولس القراء كصديق أكثر منه كرسول.
ب) الآيات (٢-٣): تحية الى بيت فِلِيمُون.
٢وَإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ، وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا، وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ: ٣نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
- إِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ: ربما كانت أَبْفِيَّةَ زوجة فِلِيمُون، وربما كان أَرْخِبُّسَ ابنه. وتُعَد مخاطبته لأفراد العائلة شيئًا فريدًا في رسائل بولس، ولكنه منطقي بالنظر في محتوى الرسالة إلى فِلِيمُون. ففي هذه الرسالة، سيناشد بولس فِلِيمُون في ما يتعلق بالعبد الهارب الذي آمن بيسوع ووجد ملجأ مع بولس. فوفقًا لعادات ذلك اليوم، كانت زوجة فِلِيمُون أَبْفِيَّةَ هي المشرفة على العبيد في الأسرة، لذلك كانت الرسالة تتعلق بها أيضًا.
- في ما يتعلق بالعبد الهارب، “إنها طرف في القرار مثل زوجها، لأنه وفقًا لعادات ذلك الوقت، كانت تتحمل مسؤولية العبيد اليومية.” روبريخت (Rupprecht)
- إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ: يعني هذا أن الكنيسة في كولوسي – أو جزءًا منها – كانت تجتمع في بيت فِلِيمُون. فلم يكن للمؤمنين الأوائل ممتلكات خاصة أو مبانٍ يجتمعون فيها ككنيسة. فكان لدى اليهود معابدهم، ولكن المؤمنين كانوا يجتمعون في بيوت الإخوة، وكان يشرف عليهم أسقف المدينة. وقد ذكرت كلٌّ من رسالة رومية ٥:١٦ ورسالة كولوسي ٤:١٥ الكنائس البيتية أيضًا.
- “ليس لدينا حتى القرن الثالث أي دليل على وجود مبانٍ للكنيسة لغرض العبادة. وتشير كل الأدلة إلى أنهم كانوا يجتمعون في بيوت خاصة لهذا الغرض. ويبدو أن العديد من الكنائس القديمة في روما قد تم بناؤها على مواقع البيوت التي كانت تستخدم للعبادة.” اوستيرلي (Oesterley)
- يشير سبيرجن (Spurgeon) إلى أن الكنيسة ربما كانت تجتمع في بيت فِلِيمُون. ويوحي هذا بأنه ينبغي أن تكون بيوت المؤمنين كنيسة أيضًا، وأن كل بيت يمكن أن يتحلى بخصائص الكنيسة الصحية، فالكنيسة الصحية:
- تتألف من مؤمنين مُخلصين.
- تعبد معًا.
- يربطها إتحاد مميز.
- تتميز بوجود إشراف ورعاية.
- تدرس الكلمة معًا باستمرار.
- تحمل تثقُّلًا بخدمة من هم في الخارج.
- نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ: قدم بولس تحيته المألوفة التي تحتوي على النعمة والسلام، والتي نجدها في كل رسائله. ومع ذلك، لم تكن هذه التحية موجهة إلى الكنيسة ككل، لكن إلى فِلِيمُون كفرد. ما يجعل الرسالة فريدة بين كتابات بولس.
- الرسائل الرعوية الأخرى (تيموثاوس الأولى والثانية وتيطس) كتبت أيضًا لأفراد، لكن طبيعة محتواها تشير إلى أنه كان من المقرر مشاركتها مع شعب الكنيسة ككل. أما رسالة فِلِيمُون فكانت ملاحظة شخصية كتبها بولس لشخص واحد.
- “إنها مجرد عينة من الرسائل الكثيرة التي لا بد أن بولس كتبها إلى العديد من أصدقائه وتلاميذه ليعبر فيها عن محبته لهم خلال رحلته الطويلة والمتقلبة في الحياة.” لايتفوت (Lightfoot)
ج) الآيات (٤-٧): بولس يشكر الله على فِلِيمُون.
٤أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي، ٥سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، ٦لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ. ٧لأَنَّ لَنَا فَرَحًا كَثِيرًا وَتَعْزِيَةً بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ، لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ.
- أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي: كان بولس يصلي كثيرًا من أجل فِلِيمُون، وكانت صلاته ممتلئة بالشكر من نحوه. فقد كان فِلِيمُون سبب بركة لبولس، ولهذا كان يصلي من أجله باستمرار كتعبير عن إمتنانه له.
- ذكر بولس أربع مرات في رسائله أنه كان يصلي ويذكر أشخاصًا معينين: في رسالته إلى أهل رومية (٩:١)، وأهل أفسس (١:١٦) ورسالته الأولى لأهل تسالونيكي ٢:١)، وهنا في رسالته إلى فِلِيمُون.
- ’ذَاكِرًا إِيَّاكَ‘ تعني أن بولس لم يكن يصلّي دائمًا صلاة طويلة ومعقدة من أجل فِلِيمُون، لكنه غالبًا ما يذكر فِلِيمُون في صلواته.
- سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ: شكر بولس الله على فِلِيمُون بسبب محبته وإيمانه – نحو يسوع أولاً ثم لِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ. فكلمة ’الْقِدِّيسِينَ‘ في العهد الجديد تصف كل مؤمن حقيقي، وليس فقط عددًا قليلًا فقط من المؤمنين المميزين.
- لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ: صلى بولس من أجل فِلِيمُون لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِه فَعَّالَةً كلما أدرك عمل الله فيه (كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ).
- هذا هو الأساس للكرازة الفعالة: حياة فياضة لمسها الله وغيّرها. فقد فعل الله كُلِّ الصَّلاَحِ في حياة فِلِيمُون. والآن، على فِلِيمُون وكل من يشاركهم الإيمان أن يدركوا هذا الصلاح. فعندما نفهم صلاح الله، نجذب الآخرين إلى يسوع. فعدم فاعلية البعض في مشاركة إيمانهم بطريقة عملية مع الآخرين يرجع إلى عدم إدراكهم لكل الصَّلاَحِ الذي فعله الله لهم، أو إلى عدم قدرتهم على توصيله.
- شَرِكَةُ إِيمَانِكَ: ربما كان المعنى الذي قصده بولس من عبارة ’شَرِكَةُ إِيمَانِكَ‘ هو: سد الاحتياجات المادية للآخرين بدافع الإيمان. فالكلمة اليونانية القديمة ’شَرِكَة‘ هي كوينونيا (koinonia)، وقد استخدم بولس أحيانًا هذه الكلمة التي تعني ’الشراكة أو المشاركة‘ لوصف العطاء (كورنثوس الثانية ٤:٨، ١٩:٩، رومية ٦:١٥).
- “يتحدث الرسول هنا عن الأعمال الخيرية التي اغدقها فِلِيمُون على المؤمنين الفقراء.” كلارك (Clarke)
- لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ: تذكر بولس كيف سدَّ فِلِيمُون احتياجات المؤمنين الآخرين، وكيف أنعش (اسْتَرَاحَتْ) قلوبهم (أَحْشَاءَ).
ثانيًا. بولس يتشفع لأُنِسِيمُس
أ ) الآيات (٨-١١): بولس يتحدث إلى فِلِيمُون بخصوص أُنِسِيمُس.
٨لِذلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ، ٩مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا ١٠أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي، ١١الَّذِي كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي.
- لِذلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ، مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ: يبدو واضحًا أن بولس سيطلب من فِلِيمُون معروفًا، ولكن قبل أن يفعل ذلك، فضّل أن يطلبه على أساس الْمَحَبَّةِ، بدلًا من إصدار الأوامر (أَنْ آمُرَكَ). وبطبيعة الحال، أوضح بولس بطريقة غير مباشرة أنه كان يحق له: أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ – ومع ذلك طلب بمحبة.
- غالبًا ما يكون طلب الشيء برفق ومحبة أفضل بكثير من إصدار الأوامر. فبولس لم يتردد في إصدار الأوامر عندما تطلّب الموقف ذلك (كورنثوس الأولى ٤:٥-٥)، لكنه عرف متى يطلب بمحبة.
- إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا: يبدو واضحًا أن بولس سيطلب خدمة من فِلِيمُون. ولكن قبل أن يسأل، استخدم بولس عمره (بُولُسَ الشَّيْخِ) وظروفه (أَسِير) ليؤثر في قرار فِلِيمُون ولكسب عطفه.
- بما أن بولس كان سيطلب على أساس المحبة، فقد فعل ما بوسعه لإثارة تعاطف فليمون. “يا فليمون، قبل أن أخبرك بما أحتاج منك، تذكر أنني رجل عجوز وسجين أيضًا.”
- استخدمت بعض الترجمات كلمة ’سفير‘ بدلًا من ’الشَّيْخِ.‘ فهناك اختلاف في حرف واحد بين الكلمتين اليونانيتين القديمتين.
- أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُس: كان أُنِسِيمُس عبدًا هاربًا من سيده فليمون. ويبدو أنه هرب إلى روما وهناك – عن قصد أو من دون قصد – تقابل مع بولس. وبالرغم من كون بولس تحت الإقامة الجبرية الرومانية، قاد أُنِسِيمُس إلى الإيمان بيسوع المسيح (الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي).
- كان من المنطقي أن يهرب أُنِسِيمُس إلى روما، أكبر مدينة في الإمبراطورية الرومانية. قال لايتفوت (Lightfoot): “كانت روما البالوعة التي تجذب حثالة المجتمع إليها.” ولكن بترتيب إلهي، التقى أُنِسِيمُس هناك الرجل الذي قاد سيده فِلِيمُون إلى الإيمان بيسوع (فليمون ١٩).
- عندما قدم بولس إلتماس نيابة عن أُنِسِيمُس، اتبع تقاليد الثقافة الرومانية. فكان هناك قانون يوناني قديم (ورثوه عن الرومان) يسمح بإحتماء العبد الهارب عند أي مذبح. وقد يكون المذبح عبارة عن موقد في منزل ما؛ وعندما يحدث ذلك، كان يضطر رب الأسرة إلى توفير الحماية للعبد بينما يحاول إقناعه بالعودة إلى سيده. وإذا رفض العودة، كان على رب الأسرة أن يعرض العبد في المزاد العلني ويعطي ثمنه للسيد السابق. قدم بولس الحماية لأُنِسِيمُس، وكان يعمل الآن على حل المشكلة مع فِلِيمُون.
- ابْنِي أُنِسِيمُسَ: غالبًا ما أشار بولس إلى المؤمنين الجدد على أنهم “أولاده.” هكذا فعل بولس مع تيموثاوس (كورنثوس الأولى ١٧:٤)، وتيطس (تيطس ٤:١)، والمؤمنين في كورنثوس (كورنثوس الأولى ١٤:٤) والمؤمنين في غلاطية (غلاطية ١٩:٤) أيضًا.
- الَّذِي كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي: بطريقة ما، أصبح أُنِسِيمُس نافعًا لبولس. ربما عمل كمساعد له أثناء إقامته الجبرية. فعبد فِلِيمُون أُنِسِيمُس أصبح الآن غَيْرَ نَافِع له منذ أن هرب، لكنه أصبح نافعًا لبولس – وبالتالي أيضًا لفِلِيمُون (نَافِعٌ لَكَ وَلِي). وبما أن فِلِيمُون أحب بولس، وبما أن أُنِسِيمُس ساعد بولس، فهو الآن يساعد فِلِيمُون أيضًا.
- تلاعب بولس في الكلام عندما تكلم بولس عن كون أُنِسِيمُس غَيْرَ نَافِعٍ ونَافِعٌ. فاسم أُنِسِيمُس يعني ’نافع.‘ وبما أنه صار مؤمنًا الآن، كان بإمكانه أن يعيش وفقًا اسمه.
- “من المهم أن نلاحظ أن بولس يعلن أنه في المسيح يصبح الشخص غير النافع نافعًا.” باركلي (Barclay)
- من خلال توضيح ذلك لفليمون، ألمح بولس بلطف إلى أنه يرغب في الاحتفاظ بخدمات هذا العبد الهارب – على الرغم من أنه لن يأمر فليمون بالسماح له بذلك.
ب) الآيات (١٢-١٤): بولس يرسل أنسيمس إلى فليمون ثانية على أمل السماح له بالعودة إليه.
١٢الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي. ١٣الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ، ١٤وَلكِنْ بِدُونِ رَأْيِكَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ خَيْرُكَ كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ.
- الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي: لقد اقترفت أنسيمس خطأ ما جعله يهرب من سيده. وقد حان الوقت لتصحيح الخطأ، لذلك كان بولس مستعدًا لأن يعيده إلى سيده ثانية. ولكن من الواضح أن بولس أراد أن يتعامل فليمون بلطف مع أنسيمس. فبموجب القانون الروماني، كان لمالك العبد السلطة المطلقة على حياة العبد. ولم يكن من غير المعتاد أن يصلب العبيد بسبب جرائم أقل من الهرب.
- وصف كاتب قديم كيف حمل عبد صينية عليها أقداح بلورية، لكنه أسقط واحدة وكسرها. وعلى الفور أمر السيد بطرح العبد في بركة ممتلئة بحيوانات مائية قاتلة تدعى ’الجَلَكَيات أو مصاصات الحجر،‘ فمزقت العبد إلى قطع. “القانون الروماني… لم يفرض عمليًا أية حدود لسلطة السيد على عبده. فكانت حياة أو موت هذا العبد تعتمد بالكامل على فليمون. وكان العبيد يُصلبون باستمرار لمخالفات أخف بكثير من الهرب.” لايتفوت (Lightfoot)
- بالنظر إلى عدد العبيد الهائل في الإمبراطورية الرومانية، كان وضع العقوبة القاسية ضد العبيد الهاربين أو المتمردين أمرًا ضروريًا. ففي إمبراطورية بها ما يصل إلى 60 مليون من العبيد، كانت هناك مخاوف مستمرة من ثورة العبيد. لذلك، كانت القوانين ضد الهاربين منهم صارمة جدًا. وعند الإمساك بالعبد الهارب، كان يصلب أو يضع على جبينه علامة بمكواة ساخنة بحرف “هـ” أي هارب.
- وبناءً على ما ذكر سابقًا، يمكننا الآن أن نفهم معنى عبارة بولس ’الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي.‘ “أعلم يا فليمون أن هذا الرجل أخطأ في حقك ويستحق العقاب. ولكن احسبه جزءًا مني ومن قلبي ومن أَحْشَائِي، وارحمْه.”
- الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ: من الواضح أن بولس أراد أن يستبقي أنسيمس لديه لأنه ساعده كثيرًا. وقد جمَّلَ بولس طلبه بثلاث طرق.
- أولًا، إذا بقي أنسيمس، سيخدم بولس عِوَضًا عَنْه. “فليمون، أنت تخدمني إن تركت أنسيمس معي، لأن أنسيمس هو مُلكك.”
- ثانيًا، إذا بقي أنسيمس، فسوف يساعد رجلًا مكبلًا بالقُيُودِ. “فليمون، أعلم أن أنسيمس قد يكون مفيدًا لك. ولكني فِي قُيُودٍ، وأحتاج إلى كل مساعدة ممكنة.”
- ثالثًا، إذا بقي أنسيمس، فسيساعد إنسانًا فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ. “فليمون، من فضلك لا تنسَ سبب وجودي هنا فِي قُيُودِ. وتذكر أن قيودي هي من أجل الإِنْجِيلِ.”
- وَلكِنْ بِدُونِ رَأْيِكَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا: لقد وجه بولس نداءه بقوة ومهارة. وفي الوقت نفسه، ترك القرار لفليمون. كان يطلب بمحبة، لكنه لن يتعدى على حقوق فليمون.
- لِكَيْ لاَ يَكُونَ خَيْرُكَ كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ: يفسر هذا لماذا لم يجبر بولس فليمون على إتخاذ قرار. فإن فعل بولس هذا، لكان الخير الذي سيفعله فليمون عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ، لا عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ. وبالتالي، سيجعل هذا القضية كلها غير سارة. ومن شأن هذا أن يسلب فليمون أية مكافأة قد يستحقها.
- بشكل أساسي، أعطى بولس فليمون الحرية للقيام بما هو صواب بالمحبة أمام الرب، وأن يفعل ذلك باختياره الشخصي وليس بالإكراه.
ج ) الآيات (١٥-١٦): بولس يشرح كيف تدخل الله في هرب أنسيمس.
١٥لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ، ١٦لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا!
- افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ: صحيح أن أنسيموس ترك فليمون، لكن بولس كان سيعيده ثانية. وبطريقة ما، لم يعد هذا الفراق سيئًا مثل فكرة العبد الهارب.
- استخدم بولس عبارة ’افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ‘ ليخفف وطأة هروب العبد. قال كلارك (Clarke) عن هذه العبارة، “إنها كلمات أخرى أكثر رقة وحساسية.”
- لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ: من بعض النواحي، سبب هروب أنسيمس حدوث مشكلة. فهروبه سلب فليمون يدًا عاملة ومكسبًا، وجعل أنسيمس مجرمًا ربما يخضع لعقوبة الإعدام. ومع ذلك، تمكن بولس من رؤية قصد الله، وأراد لفليمون أن يرى ذلك أيضًا.
- عبارة ’لأَنَّهُ رُبَّمَا‘ مهمة. فهي تُظهر أن بولس لم يأتِ إلى فليمون مستخدمًا هذا الأسلوب: “يا فليمون، لقد أظهر لي الله يده الخفية وهي تعمل، وعليك أن تقبل ما رأيت.” ولكن عكست هذه العبارة ما في قلب بولس: “يا فليمون، يبدو لي أن الله يعمل هنا بطرق غير عادية. دعني أخبرك كيف أرى الأمر، لأَنَّهُ رُبَّمَا سيكون ذلك منطقياً بالنسبة لك.”
- لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ: كان هذا أحد جوانب قصد الله التي رآها بولس في هروب أنسيمس. فقد خسر فليمون السيد عبدًا. ولكن فليمون المؤمن كسب أخًا، وسيبقى أخاه إِلَى الأَبَدِ.
- “يبذل الرسول هنا قصارى جهده لحل مسألة صعبة. إذ يجب التعامل مع المؤمنين الجدد بلطف، لئلا تتفاقم خطاياهم السابقة.” تراب (Trapp)
- لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ، لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخًا مَحْبُوبًا: قام بولس بتعريف أنسيمس إلى فليمون من جديد؛ ليس كعبد، بل كأخ. وفي هذه العلاقة الجديدة كإخوة وليس كعبيد، ألغى بولس بشكل فعال لدغة علاقة “السيد والعبد” ووضع الأساس لإلغاء قانون العبودية الذي انتهى في النهاية. فإن كان الشخص غريبًا، فقد أجعله عبدًا لي. ولكن كيف يمكن أن يكون أخي عبدي؟
- كسر هذا التمييز بين السيد والعبد تطورًا ثوريًا كبيرًا أدى إلى تغيير المجتمع ككل أكثر من مجرد إصدار قانون يمنع العبودية.
- “إن ما تفعله رسالة فليمون هو جلب العبودية إلى مناخ لا يمكن فيه إلا الذبول والموت. فعندما اتحد السيد والعبد كإخوة في المسيح، أصبح التحرر من العبودية مجرد مسألة شكلية وتأكيد قانوني على علاقتهما الجديدة.” بروس (Bruce)
- إن التغيير الذي يحدث في حياة الفرد هو مفتاح التغيير في المجتمع والبيئة الأخلاقية. “لكن تذكر هذه الكلمات – الإصلاح الحقيقي للسكير يكمن في منحه قلبًا جديدًا؛ وتوبة الزانية الحقيقية منبعها طبيعة متجددة… أرى بعضًا من إخوتي يعبثون في أغصان شجرة الرذيلة بمنشارهم الخشبي، ولكن رسالة الإنجيل تضع الفأس على جذور غابة الشر بأكملها، وإذا تم قبولها في القلب، ستسقط كل الأشجار الرديئة دفعة واحدة، وبدلاً منها، ستنمو أشجار التنّوب والصنوبر لتجميل منزل مجد سيدنا.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآيات (١٧-١٩): وعد بولس الشخصي بتعويض فليمون.
١٧فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا، فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي. ١٨ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ. ١٩أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي: أَنَا أُوفِي. حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا.
- فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا، فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي: مرة أخرى، وقف بولس بجانب أنسيمس، طالباً الرحمة. “إن كنت شريكك في الإنجيل فعلًا، فعامل أنسيمس كما لو كنت تعاملني.”
- كان طلب بولس قويًا جدًا لأنه وقف بجانب عبد مذنب وقال لصاحب ذلك العبد: “أعرف أن هذا الرجل مجرم ويستحق العقاب. ولكن هذا العبد صديقي، فإن عاقبتَه تكون قد عاقبتني أيضًا. أنا أقف بجانبه لأخذ عقوبته.” وهذا ما يفعله يسوع من أجلنا أمام سيدنا، الله الآب.
- ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ: يبدو أن أنسيمس سرق شيئًا من فليمون عندما هرب. وكانت تُعَد السرقة في حد ذاتها جريمة كبرى. ولذا طلب بولس أن يُحسب دين أنسيمس عليه ويضعه في حسابه. وكأنه يقول: “ضع دينه على حسابي يا فليمون.”
- أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي: أَنَا أُوفِي: كان بولس جادًا في كلامه، فتعهّد خطيًّا بدفع الديون كافة وسلّم هذا التعهُّد لفليمون. فعندما قال بولس لفليمون: “أنا سأتحمل الخطأ، ضع الدين على حسابي،” فعل لأنسيمس ما فعله يسوع لأجلنا عندما حمل خطايانا ووضعها في حسابه.
- “نرى هنا كيف وضع بولس نفسه بالكامل دفاعًا عن أنسيمس المسكين، وكيف استخدم كل الوسائل الممكنة للتشفع له أمام سيده، وكأنه أخذ مكان أنسيمس، وصار هو المذنب في حق فليمون. وكما فعل المسيح من أجلنا مع الله الآب، هكذا فعل بولس لأنسيمس مع فليمون. وفي رأيي، كلنا أنسيمس بالنسبة له.” لوثر (Luther)
- حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا: أثناء مراجعة “حسابات” الديون، ذكر بولس شيئًا آخر. “لا تنسَ يا فليمون أن لدي الكثير من الفضل في حسابك، فأنت مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ.” كان بإمكان بولس دفع تكاليف أنسيمس، لأن فليمون كان مدينًا لبولس بخلاصه نوعًا ما!
هـ) الآيات (٢٠-٢٢): ثقة بولس بتجاوب فليمون.
٢٠نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ. أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ. ٢١إِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِإِطَاعَتِكَ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ، عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ. ٢٢وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلاً، لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ.
- لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ: تعني كلمة ’فَرَحٌ‘ حرفيًا هنا الربح. إنها ترجمة للكلمة اليونانية القديمة (oninemi)، وهي جذر اسم “أنسيمس.” ومرة أخرى يتلاعب بولس بذكاء بالكلمات وباسم أنسيمس لتوصيل طلبه بطريقة غير مباشرة: “رد لي أنسيمس كمعروف تقدمه للرب.”
- أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ: قال الرسول بولس في وقت سابق أن أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بفليمون (فليمون ٧). والآن، ها هو يخبر فليمون كيف يمكنه أن ينعش قلب بولس بالتحديد: بالسماح لأنسيمس بالبقاء معه.
- عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ: رسالة بولس، الممتلئة بالتشفع والطلب، كانت ممتلئة أيضًا بالأمل. فلم يكن فليمون رجلًا سيئًا أو قاسيًا. وبالتالي، كان بولس مقتنعًا تمامًا أنه سيتمم واجبه كمؤمن ويفعل أَكْثَرَ مِمَّا طلب منه بولس.
- وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلًا: تظهر هذه الجملة العلاقة الوثيقة بين بولس وفليمون. فقد عرف بولس أن حسن الضيافة كانت تنتظره دائمًا في منزل فليمون.
- لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ: أراد بولس أن يصلي فليمون من أجله، ولم يعتقد أن هذه الصلوات كانت مجرد إجراء شكلي. فقد آمن بولس أنه من خلال صلوات فليمون سيلتقون ثانية.
ثالثًا. الخلاصة
أ ) الآيات (٢٣-٢٤): بولس يُرسل تحيات إلى فليمون من أصدقاء مشتركين له في روما.
٢٣يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٢٤وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي.
- أَبَفْرَاسُ… وَمَرْقُسُ… وَأَرِسْتَرْخُسُ… الْعَامِلُونَ مَعِي: كل هذه الأسماء مذكور أيضًا في ختام الرسالة إلى أهل كولوسي (كولوسي ١٠:٤-١٧). ما يؤكد أن الرسالتين ذهبتا إلى نفس المكان. إذ كان فليمون يعيش في مدينة كولوسي.
- الْمَأْسُورُ مَعِي: “معناها حرفيًا، ’أسير حرب‘ وقد استخدمت بشكل مجازي هنا.” أوسترلي (Oesterley)
- دِيمَاسُ: “يفترض أن يكون دِيمَاس هذا هو نفسه الذي بقي مع بولس حتى سجنه الأخير في روما. وبعد ذلك تركه لأنه أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِر، رسالة تيموثاوس الثانية ١٠:٤.” كلارك (Clarke)
ب) الآية (٢٥): ختام الرسالة.
٢٥نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ.
- نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ: نرى بعض المبادئ الثابتة من رسالة بولس إلى فليمون.
- لم يطالب بولس قط بإسقاط نظام العبودية، ولكن المبادئ الواردة في الرسالة إلى فليمون تدمر العبودية. فأعظم التغيرات الاجتماعية تأتي عندما يتغير قلب الإنسان. ففي مجتمعنا مثلًا، لا يمكننا القضاء على العنصرية أو الإجهاض بالقوانين؛ إذ يجب أن يحدث تغيير في القلب أولًا.
- اضطر أنسيمس إلى العودة إلى سيده. فعندما نرتكب خطأ، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتصحيحه. فهويتنا كخليقة جديدة في المسيح (كورنثوس الثانية ١٧:٥) لا تعفينا من مسؤوليتنا في رد المسلوب، بل على العكس، إنها تزيد من إلتزامنا، حتى عندما يكون رد المسلوب صعبًا.
- كان أنسيمس هو المسؤول الوحيد عن أخطائه. وتوضح الرسالة إلى فليمون أننا لسنا في الأساس منساقين بعوامل اقتصادية، على الرغم من أفكار الماركسيين والليبراليين المعاصرين. فسواء أكنا أغنياء أم فقراء، علينا أن نسير بإرشاد روح الله، وليس وفقًا لوضعنا الاقتصادي.
- “لا يوجد في العهد الجديد جزء آخر أكثر وضوحًا يبرهن أهمية إتحاد الفكر والسلوك المسيحي معًا كهذا الجزء. فهذا المقطع يظهر مزيجًا مميزًا لصفات بولس: المحبة مع الحكمة مع الفكاهة مع اللطف مع اللباقة، وقبل كل شيء النضج المسيحي والإنساني.” رايت (Wright)
- آمِينَ: قد تقودنا خاتمة الرسالة إلى طرح السؤال: “لماذا وضعت الرسالة إلى فليمون في الإنجيل؟” في سنة ١١٠م، تم تسمية أسقف أفسس أنسيمس، ويمكن أن يكون هو نفس الشخص المذكور بالرسالة. فإذا كان أنسيمس في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينيات من عمره عندما كتب بولس هذه الرسالة، فسيكون حينها في السبعين من عمره سنة ١١٠م، ولم يكن ذلك عمرًا غير منطقي بالنسبة للأسقف في تلك الأيام.
- “يذكر اغناطيوس أنسيمس كالراعي الثاني لكنيسة أفسس بعد تيموثاوس. وقد ذكر سجل الشهداء الروماني، أنه رُجم حتى الموت في روما تحت حكم الإمبراطور تراجان.” تراب (Trapp)
- هناك أيضًا بعض الأدلة التاريخية على أن رسائل بولس تم جمعها أولًا في مدينة أفسس. وربما كان أنسيمس أول من جمع الرسائل وأراد أن يتأكد من أن رسالته – ميثاق حريته من العبودية – كانت بينها.