عبرانيين – الإصحاح ١٢
أسباب تدعونا للصبر والتحمل في الأوقات الصعبة
أولاً. لننظر إلى يسوع.
أ ) الآية (١): التطبيق العملي لإصحاح ١١.
١لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا.
- لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ: يتخيل كاتب العبرانيين أبطال الإيمان الذين سبق ذكرهم ناظرين إلينا من السماء ومشجعين إيانا بينما نواصل التقدم للتغلب على الإحباط، كما في المنافسات الرياضية.
- والكاتب هنا يشير إلى أكثر من الأشخاص الثماني عشر الذين ذكروا في عبرانيين ١١. فالكلمة اليونانية القديمة المترجمة إلى ’سَحَابَة‘ تشير إلى مجموعة كبيرة جداً مِنَ الشُّهُود. ومن المحتمل أن هكذا ’سَحَابَة‘ تشمل رجال ونساء الله العظماء المعروفين وغير المعروفين من انضموا لهؤلاء القديسين المذكورين في عبرانيين ١١. نحن أيضًا كذلك تحت أعين الملائكة بحسب (أفسس ١٠:٣-١١) والعالم كذلك يراقب إيماننا وسلوكنا. فنحن إذاً محاطون بكل هؤلاء كما يحيط المتفرجون بالملعب ويراقبون اللاعبين.
- هذه الإشارة لأبطال الايمان في الماضي وهم ينظرون كيف نعيش حياة الايمان جعلت البعض يعتقد أن من في السماء يمكنهم مشاهدة ما يحدث على الأرض. ورغم أن هذا المقطع يشير إلى هذا لكن قضية كهذه يصعب حسمها.
- فكرتنا عن السماء أنها مكان تملؤه السعادة، لهذا يصعب أن نتخيل أن من في السماء قد يضطربون أو ينزعجون إن رأوا ما يحدث على الأرض، ولهذا فمن الصعب أن نقول إن من في السماء يشاهدون ما يجري على الأرض فعلاً.
- يرى آخرون أن هؤلاء ليسوا شهوداً على مجريات حياتنا لكنهم شُّهُودِ (أو قدوة) لنا في حياة الصبر الإيمان في كل ما عاشوه واختبروه. فهؤلاء هم “شهداء” الإيمان وهي أصل الكلمة اليونانية القديمة التي ترجمت إلى شُّهُودِ.
- “كلاً من اللغتين اللاتينية واليونانية تستخدمان كلمة ’سَحَابَة‘ للتعبير عن عدد كبير من الأشخاص أو الأشياء.” كلارك (Clarke)
- لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ: يمكن للخطية أن تقيدنا وتشدنا إلى الوراء، لكن هناك أموراً أخرى (كُلَّ ثِقْلٍ) قد تمنعنا أيضاً من التقدم في هذا السباق الذي أعده الله لنا.
- الخيارات المتاحة أمامنا ليست غالباً بين ما هو صواب وخطأ، لكنها بين ما قد يعوقنا وما لا يعوقنا. فهل هناك ثِقْلٍ ما في حياتك عليك أن تطرحه جانباً؟
- وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ: وهذه الكلمات الأخيرة تترجم الكلمة اليونانية القديمة الصعبة (euperistaton)، ويمكن ترجمتها بأربعة طرق: “خطية يمكن تجنبها بسهولة” أو “التي نعجب بها” أو “التي تستعبدنا” أو “الخطرة”.
- لِنَطْرَحْ كُلَّ هذه:
- يمكن تجنب بعض الخطايا بسهولة لكننا لا نتجنبها.
- قد تعجبنا بعض الخطايا، لكننا يجب أن نتخلى عنها.
- قد تستعبدنا بعض الخطايا وهذه بالذات ضارة.
- بعض الخطايا أكثر خطورة من غيرها.
- إذا كان الاستعباد لبعض الخطايا نتيجة استعباد شيطاني أو تأثير شيطاني في حياة المؤمن فلا بد عندها من تدخل الروح القدس لمعالجة هذا الحال. ومع ذلك فهذا ليس سبباً على الإطلاق لنلوم الشيطان على خطايانا، إذ أن الدعوة في النص هنا هي لنا نحن لِنَطْرَحْ بقوة الروح القدس كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ.
- لِنَطْرَحْ كُلَّ هذه:
- وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ: المطلوب هو الصبر لنكمل ما بدأناه في يسوع المسيح – أي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا.
- “إنه يقف معنا عند نقطة البداية (مشبهاً الجهاد بسباق)، لكنه لا يقول لنا “اركض” بل “دعنا نركض.” فالرسول، كاتب السفر، يجري معنا أيضاً في السباق.” سبيرجن (Spurgeon)
- لقد وضع الله أمامك وأمام كل منا سباقاً علينا خوضه، وهو سباق يتطلب الجهد والالتزام. وكونك سلبياً أو متراخياً لن يجعلك تفوز في أي سباق أبداً. فالله يريدنا أن نخوض السباق وأن ننهيه بشكل صحيح.
- الصَّبْرِ ضروري لخوض هذا السباق. والصَّبْرِ هنا ترجمة للكلمة اليونانية القديمة (hupomone) والتي لا تعني مجرد الصبر الذي ينتظر ويقبل ما يأتي، لكنه الصبر الذي يتعامل مع ما يواجهه بالتصميم والإصرار دون استعجال أو تأخير وبثبات دون انحراف عن الهدف.” باركلي (Barclay)
- في أعمال الرسل ٢٤:٢٠ صور بولس الرسول نفسه كعدّاء في سباق عليه أن يكمله دون أن يسمح لشيء أن يمنعه من إنهاء ذلك السباق بفرح. وفي ذلك النص تحدث بولس عن ’سعيه‘ في ذلك السباق الذي عليه أن يتممه. وكما بولس، فكل منا لديه سباقه الذي يدعونا الله إلى إتمامه بفرح، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بِالصَّبْرِ.
- الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا: كلمة الْجِهَادِ هنا ترجمة للكلمة اليونانية القديمة (agona) التي تستخدم لوصف الصراع أو النضال أو المقاومة بأشكالها المختلفة، وهي كلمة فضل الرسول بولس استخدمها في مقاطع مختلفة (فيلبي ٣٠:١، كولوسي ١:٢، تسالونيكي الأول ٢:٢، تيموثاوس الأولى ٦:١٢ ، تيموثاوس الثانية ٧:٤).
ب) الآية (٢): مثالنا الأسمى: يسوع المسيح.
٢نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ.
- نَاظِرِينَ إِلَى… يَسُوعَ: ويمكننا أن نترجم هذه العبارة إلى “تثبيت أعيننا على يسوع.” إذ لا يمكننا أن نخوض هذا الجهاد أو السباق دون أن نثبت أعيننا عليه، فهو يجب أن يكون مركز اهتمامنا وتركيزنا ومثالنا.
- النص اليوناني الأصلي يستخدم فعلاً يشتمل معناه ضمنياً على فكرة صرف النظر عن الأمور الأخرى وتثبيت النظر على يسوع.
- الكلمة اليونانية التي ترجمت إلى “ناظرين” كلمة أشمل بكثير مما في لغات أخرى إذ تتضمن حرف الجر الذي يفيد تحويل النظر عن كل الأمور الأخرى. فعليك أن تثبت النظر على يسوع. فلا تنظر إلى سحابة الشهود، فسوف يشغلونك إن حولت عينيك عنه. ولا تنشغل بخطاياك وأثقالك، بل حول عينيك عن هذه. ولا تنظر حتى إلى مسار السباق أو إلى المنافسين، بل أنظر إلى يسوع وابدأ السباق.” سبيرجن (Spurgeon)
- علينا أن نحرص على أن لا ننظر إلى يسوع كمجرد مثال فقط؛ فهو أكثر من ذلك بكثير. فيسوع يبقى المثال الأسمى والأعلى في الصبر والتحمل في حياة الإيمان. “تثبيت النظر على يسوع يعني الحياة والنور والإرشاد والتشجيع والفرح: فلا تتوقف أبدًا عن النظر إلى من لا يحوّل عينيه عنك أبدًا.” سبيرجن (Spurgeon)
- رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ: ليس يسوع رَئِيسِ إيماننا فقط لكنه هو مُكَمِّلِهِ أيضاً. إذ يبدو أن فكرة أن “الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (فيلبي ٦:١) كانت مبعث ارتياح لأولئك المؤمنين المحبطين.
- يمكننا أن نقول إن يسوع معنا عند خط البداية وخط النهاية وعلى طول خط السباق الذي وضعه أمامنا.
- الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ: لم يعتبر يسوع الصليب ذاته سروراً لكن كانت عيناه تنظران الفرح الذي ما وراء هول الصليب. والتفكير بنفس هذه الطريقة كان سيساعد أولئك المؤمنين اليهود (ونحن كذلك) على الصبر والتحمل.
- احْتَمَلَ الصَّلِيبَ: كان يسوع قادرًا على تحمل آلام وأهوال الصليب لأنه كان يدرك ثمرها، أي شعب الله المخلّصين الذين سيكرمون الله إلى الأبد.
- لعلمه بكل الخير الذي سيتأتى عن هذه التجربة المؤلمة كان يسوع قادرًا على خوضها واجتيازها ظافراً. فخلال وقت الصلب:
- لجم يسوع لسانه.
- حافظ يسوع على هدوئه.
- استمر في انجاز مهمته.
- حافظ يسوع على فرحه.
- حافظ يسوع على محبته للآخرين.
- لعلمه بكل الخير الذي سيتأتى عن هذه التجربة المؤلمة كان يسوع قادرًا على خوضها واجتيازها ظافراً. فخلال وقت الصلب:
- مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ: أحد أكثر عناصر الصلب تعذيب وإيلاماً هو الْخِزْيِ أو العار الذي تعرض له يسوع. ويسوع لم يرحب بهذا الخزي بل استهان به وتحمله حتى انتصر.
- تحمل الخزي أو العار تجربة كبيرة. ففي دانيال ٢:١٢ يقول الكتاب إن العار سيكون جانبًا من أهوال الجحيم: كَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. فقد احتمل يسوع إذاً هذا العار المريع ليكمل مهمة خلاصنا.
- تحمل يسوع عار الاتهام بالتجديف.
- تحمل يسوع عار السخرية.
- تحمل يسوع الضرب المهين.
- وُضع على رأس يسوع تاج مُهين.
- ارتدى يسوع رداءً مهيناً.
- تحمل يسوع السخرية والهزء حتى أثناء صلاته على الصليب.
- يمثل هذا الأمر حجر عثرة للكثيرين. فكثيرون مستعدون أن يفعلوا أي شيء من أجل يسوع باستثناء التعرض للازدراء أو الإحراج. تحدث سبيرجن (Spurgeon) موبخاً المؤمنين الذين لا يمكنهم تحمل العالم الذي يزدري اتّباعهم ليسوع قائلاً: “أنت جبان! نعم، أنت جبان. ولو قال لك أحد هذا في وجهك فستحمرّ خجلاً. والغريب في الأمر هو أنك قد تكون جريئاً في كل شيء لكنك جبان في شأن إيمانك بيسوع المسيح. فأنت شجاع لأجل العالم لكنك جبان من أجل المسيح!”
- “سمعت صلاة ذات يوم لم تعجبني في البداية لكن كان فيها شيء من الحقيقة. فقد قال الرجل الطيب: يا رب، إن كانت قلوبنا قاسية، اجعلها ليّنة؛ وإن كانت قلوبنا ليّنة جدًا، فاجعلها صلبة.” أنا أعرف ماذا يقصد هذا الرجل، وأعتقد أن بإمكاني أن أصلي هذه الصلاة لأجل بعض أصدقائي الذين يعانون من فرط الحساسية والذين قد يقتلهم أي تعليق ساخر. أصلي عسى أن يقويهم الله لكي يستهينوا بالخزي!” سبيرجن (Spurgeon)
- تحمل الخزي أو العار تجربة كبيرة. ففي دانيال ٢:١٢ يقول الكتاب إن العار سيكون جانبًا من أهوال الجحيم: كَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. فقد احتمل يسوع إذاً هذا العار المريع ليكمل مهمة خلاصنا.
- فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ: يتحدث الكاتب هنا عن تمجيد يسوع. وذات الوعد بالتمجيد بعد الهوان (وإن كان في سياق مختلف) هو للمؤمنين أيضاً.
ج ) الآيات (٤-٣): تفكّروا في يسوع.
٣فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. ٤لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ.
- فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ: حتى في وسط ضيقتهم، يخبرهم كاتب العبرانيين بأنهم إن نظروا إلى يسوع فسيتشجعون ولن تخور همتهم، عالماً أنهم قد كانوا على خطى يسوع. فكما سبق وكتب بولس: إنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. (رومية ١٧:٨)
- لنتأمل في كل ما اضطر يسوع لتحمله من الخطاة المذنبين:
- حاولوا قتله في المجمع في بلدته في الناصرة.
- حاول قادة الدين باستمرار إن يوقعوا به ويحرجوه.
- ادعوا عليه كذباً بأنه كان شريب خمر ونهم للطعام.
- تعرض لخيانة أحد تلاميذه.
- تعرض للسخرية والضرب من قبل كثيرين.
- أبناء شعبه هتفوا ضده قائلين: “اصلبه!”
- “قد يكون الأولاد في صف مدرسة الأحد فوضويين مزعجين، وقد لا تعير الفتيات ما يقال أي اهتمام؛ وآخرون في محيطك لا يعيرونك أي تقدير أو اهتمام، وإن كنت لا تحظى بالتقدير في مجال عملك، فكل هذا ليس شيئًا مقارنة بما اضطر المخلص لتحمله، لكنه رغم كل ذلك لم ينحرف عن مساره أبداً، وعليك أن تكون أنت مثله.” سبيرجن (Spurgeon)
- لنتأمل في كل ما اضطر يسوع لتحمله من الخطاة المذنبين:
- لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ: معرفة أن يسوع لن يطلب منا أن نجتاز في أقسى مما عاناه هو ذاته وأنه يعلم تماماً ما نمر به أمر يبعث على الطمأنينة إذ أنه حريص لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.
- لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ: كان هؤلاء المؤمنون اليهود محبطين للغاية لأنهم كانوا يعانون من اضطهاد اجتماعي ومادي كبير، لكن لم تصل معاناتهم لسفك الدماء بَعْد.
ثانياً. لماذا يسمح الله بالظروف الصعبة: تأديب الله.
أ ) الآيات (٥-٦): تذكروا ما كُلمتم به عن تأديب الرب.
٥وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. ٦لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ».
- وَقَدْ نَسِيتُمُ: أحد أهم أسباب إحباط هؤلاء المؤمنين اليهود هو أنهم لم يفهموا السبب الذي يدعو الله إلى السماح بالظروف الصعبة، فقد نسوا المبادئ التي تعلموها عن تأديب الرب.
- كثير من الصعوبات التي نلاقيها في حياتنا المسيحية مصدرها هذه الكلمات: قَدْ نَسِيتُم. وربما نكون على إدراك لهذا المبدأ في عقولنا لكن قلوبنا قد نسيته، لهذا علينا أن نتذكره مرة أخرى.
- في أوقات التجربة أو الصعوبات ينسى الكثير من المؤمنين بعض الأساسيات ويبدأون بالتساؤل عما إذا كان الله لا زال مسيطراً على الأمور وإن كان لا زال يحبهم. ولكن علينا أن ندرك أولاً أن الله يسمح بكل ما يحدث، مما يعني أنه يوافق عليه أولاً لأن لديه بالتأكيد القدرة على إيقاف الأمور السيئة التي قد تحدث لنا.
- لا يمكن أن يكون الله بالطبع مصدر الشر، لكنه يسمح لنا باختيار طريق الشر، ويمكنه استخدام خياراتنا الشريرة هذه لتنفيذ إرادته وخيره في النهاية لإظهار عدله وبره مقارنة بالشر.
- الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: هذا الاقتباس من سفر الأمثال ١١:٣-١٢ يذكرنا بأن تأديب الله لا ينبغي أن يفهم على أنه رفض لنا بل على أنه علامة بالأحرى على معاملته لنا كأولاد له.
- المؤمنون المتكبرون فقط هم من يمكنهم الادعاء أنهم لم يحتاجوا تأديب الله قط. فليس من أحد لا يحتاج تأديب الله.
- لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ: حين يؤدبك الله، فإنها إهانة لله أن تَحْتَقِرْ تأديبه. لأن تَأْدِيبَ الله هو أداة المحبة التي يستخدمها لتقويم سلوكنا وعلينا أن نقبلها بشكر. وهذا هو التدريب الذي نحتاجه، إذ ليمكننا أن نكمل السباق علينا أن نتدرب على الصبر والتحمل (عبرانيين ١:١٢-٢).
- “لطالما سمعت آباء يقولون لأبنائهم: ’يا بني، إن بكيت لأجل هذا الأمر السخيف فسأعطيك سبباً حقيقياً للبكاء.‘ وهكذا نحن، إن تذمرنا على أمر صغير فسيعطينا الله شيئًا يجعلنا نبكي، وإن كنا نئن من لا شيء فسيعطينا ما يجعلنا نئن لأجله فعلاً.” سبيرجن (Spurgeon)
- لا ينبغي أن نعتبر أن تَأْدِيبَ الله هو سبب الله الوحيد للسماح بالظروف الصعبة، لكنه سبب مهم. فعلى سبيل المثال نحن نعلم أن الله يسمح لنا بالضيقات حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ (كورنثوس الثانية ٣:١-٧).
- لهذا أيضاً يوصينا يعقوب بالصلاة لأجل حكمة عندما نقع في تجارب متنوعة (يعقوب ٢:١-٥). فعلينا أن نتعلم التجاوب بطرق مختلفة عندما يتعامل معنا الله بطرق مختلفة.
ب) الآيات (٧-٨): التأديب علامة على أننا أبناء الله.
٧إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ ٨وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ.
- يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ: هناك حقيقة أساسية تميز علاقة الله بالمؤمنين وهي أنه بالنسبة لشعبه مثل الأب الصالح المحب لابنه أو ابنته. وقد يواجه البعض صعوبة في فهم هذا لأنهم لم يعرفوا في حياتهم أباً محباً صالحاً، لكن رغم هذا، فحتى هؤلاء يمكنهم أن يختبروا محبة الله الآب.
- لم يختبر جميعنا ما هو الأب المثالي، لكننا نعرف بالحدس ما يجب أن يكون عليه الأب الصالح. والله هو ذلك الأب الكامل الذي يعطينا ذلك الإحساس الذي نُقارن به. فإن شعر أحدنا بالإحباط من أبيه الأرضي فذلك لأن حدسنا يقارنه بأبينا الصالح في السماء.
- يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ: ليس هدف تأديب الله أبداً أن يعاقبنا أو أن يجعلنا ندفع ثمن خطايانا، فقد تم هذا مرة واحدة وإلى الأبد على الصليب. فالدافع من وراء تأديب الآب هو محبته فقط وليس عدله. فهو يؤدبنا بمحبة دون غضب.
- “رغم أننا لا نقف أمام الله كمجرم يوشك أن يُعاقب على ذنب، فنحن الآن في علاقة جديد هي علاقة الأب بابنه التي يمكن فيها أن يؤدب الأب ابنه على خطية اقترفها.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ… فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ: أولئك الذين يعتبرون أنفسهم غير خاضعين لتأديب الله أو خارج متناوله لا يدركون أن هذا التأديب هو أحد علامات البنوة الحقيقية، وبهذا يجعلون أنفسهم عن غير قصد نُغُولٌ، أي بمثابة أبناء غير شرعيين لله.
- “عندما تفهم هذه الحقيقة ستدرك العلاقة المباشرة والمباركة بين ’التلمذة‘ و’الانضباط.‘” توماس (Thomas)
- نُغُولٌ لاَ بَنُونَ: يظهر غضب الله عندما يتجاهل خطايانا ويتركنا دون تأديب. فعدم تدخله ليس نتيجة جهله بخطيتنا أو عدم اهتمامه كما قد يفعل الأب البشري.
ج ) الآيات (٩-١٠): تأديب الله أهم من تأديب الأب البشري.
٩ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدّاً لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ ١٠لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ.
- ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ: فعلينا أن نكون أكثر خضوعًا واحترامًا لتأديب أبينا السماوي من تأديب الأب الأرضي.
- أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدّاً لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟: لهذا علينا أن لا نكره الله لأجل تأديبه رغم عدم رضانا عن التأديب. فحين نتمرد على تأديب الله فنحن نعتبر أنفسنا مُساوين لله بدلاً من أن نكون أبناءه.
- قد يكون من المهين أن يؤدبنا شخص مساوٍ لنا، لكن ليس الأمر كذلك حين يؤدبنا من هو أعلى منا منزلة. فتمردنا على التأديب يكشف كيف نرى الله وكيف نرى أنفسنا.
- وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ: لا يمكن للآباء الأرضيين، حتى مع وجود حسن النية، أن يؤدبونا بشكل كامل لأنهم يفتقرون إلى المعرفة الكاملة. أما الله كلي المعرفة فيمكنه أن يؤدبنا بالطريقة المثلى التي تأتي بنتائج أفضل وأكثر ديمومة من تأديب أفضل أب أرضي.
- “بالإيمان يمكننا أن نرى ونحن في جوف أحزاننا أن لا وجود لذرة عقاب أو نقطة من غضب الله في ما نمر فيه، بل هي تعاملات محبته.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآية (١١): لننظر إلى نتائج التأديب أكثر من عملية التأديب ذاتها.
١١وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ.
- وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ: علينا أن نميّز بين التجارب وبين التأديب، وإن كان ما نمر به لا يؤلمنا أو يدفعنا لنغير من سلوكنا فليس هناك غرض منه أصلاً. فنحن أحياناً نريد أن نمر في تجارب ليست حقيقية أو نريد أن يؤدبنا الله تأديباً غير حقيقي.
- لاحظ سبيرجن (Spurgeon) أننا في عالمنا هذا قد نضل طريقنا نتيجة “ما يبدو لنا” أو بناءً على ما “يُرَى.” فالأرض لا يبدو أنها تتحرك أو أنها مستديرة؛ والشمس تبدو أكبر عند الغروب، وهكذا. “فإن كان ’ما يبدو‘ في عالمنا هذا قد لا يكون حقيقياً فلنطمئن إلى أنه رغم أن الآلام قد تبدو كلها كشيء واحد، فهي حقيقة ليست كذلك.” سبيرجن (Spurgeon)
- “إن كان ما نجتاز به يبعث على الفرح، فهل يمكن أن يكون هذا تأديباً؟ فهل يعقل أن يخرج الطفل ضاحكاً من الغرفة بعد أن يعاقبه أبوه؟ ألن يكون هذا التأديب عندها عديم الفائدة؟ ما فائدة التأديب إن لم نشعر بألمه أيها الأذكياء؟ بالتأكيد لا فائدة!” سبيرجن (Spurgeon)
- ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ: يجب أن يكون الثمر واضحاً في حياة المؤمن. فالسبب وراء توالي الأزمات في حياة المؤمنين هو أنهم يتجاهلون تأديب الله أو أنهم يقاومونه. فهم لا يَتَدَرَّبُونَ بِهِ، ولهذا لا يظهر فيهم أي ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ.
- الكلمة اليونانية التي ترجمت هنا إلى يَتَدَرَّبُونَ هي كلمة يستخدمها الرياضيون، إذ أن تدريب الشخص الرياضي ينطوي على بعض الألم والمعاناة وهكذا يجب أن يكون تدريبنا بوصفنا “رياضيين روحيين” في مسيرتنا مع الله.
- هناك هدف من تدريب الله لك. تأمل في ما حدث لداود حين هاجمه أسد لما كان مجرد صبي يرعى الخراف. فقد كان يمكن عندها أن يتملكه اليأس ويقول: “لماذا سمح الله بأن يحدث لي شيء رهيب كهذا؟ بالكاد نجوت بحياتي!” لكن لو كان لداود أن يرى المستقبل لرأى أن الله كان يعده مبكراً لمواجهة عملاق اسمه جُليات. فالله لديه دائماً هدف في ما يفعل، ويمكننا أن نثق به.
- فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ: تأديب الله هو يده من السماء التي تقوم مسارنا، فعلينا أن نركز عيوننا على ما يحدث بل على النتيجة، والنتيجة لا تأتي فوراً، بل لاحقاً.
- “يحزن مؤمنون كثيرون لأنهم لا يشعرون في الحال بأنهم استفادوا من الآلام التي يمرون بها. لكنك في الوقت نفسه لا تتوقع أن ترى ثمراً على شجرة منذ أسبوع. فالأطفال الصغار فقط هم من يضعون بذوراً في آنية صغيرة ومن ثم يتوقعون نموها لتصبح نباتات خلال ساعات.” سبيرجن (Spurgeon)
- نلاحظ أن الكاتب لم يشر لآلام المسيح في هذا الجزء وهذا لأن يسوع لم يكن بحاجة أبداً للتأديب من قبل أبيه السماوي. فيسوع قد اجتاز في آلام، لكن هذه لم تكن أبداً بقصد التأديب.
ثالثاً. التطبيق: دعونا نتقوى ونتشدد ونقوّم سبلنا ونراقب سلوكنا.
أ ) الآيات (١٢-١٣): تشجعوا وتقووا.
١٢لِذَلِكَ قَّوِمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، ١٣وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى.
- لِذَلِكَ قَّوِمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ: كما يفعل المدرب أو أي ضابط عسكري، يطالب الكاتب إخوته في المسيح بالتحلي بالشجاعة والنشاط. فقد سبق وعرض لنا الأسباب التي تدعونا لنكون أقوياء في الرب ولننبذ الإحباط، والآن حان الوقت لنقوم بذلك.
- بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى: الصور التي يرسمها الكاتب هنا (تقويم الأَيَادِيَ وَالرُّكَبَ وأيضاً اصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً) تتحدث عن الاستعداد للعمل والتحرك من أجل يسوع وملكوته، وهذا الاستعداد سيتلاشى إن استسلم المرء للإحباط.
ب) الآيات (١٤-١٧): لتكن فيكم قوة الله لتصوبوا كل خلل في حياتكم.
١٤اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ. ١٥مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجاً، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. ١٦لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِياً أَوْ مُسْتَبِيحاً كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. ١٧فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضاً بَعْدَ ذَلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَاناً، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ.
- اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ: وهذا يعني أن نسلك كما يجب مع الجميع (اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ) وأن نسلك كما يجب كذلك مع الله (وَالْقَدَاسَةَ). فالإحباط يجعلنا غير مواظبين وغير مهتمين بالقداسة وبالعلاقات الشخصية.
- يخبرنا الكتاب عن الْقَدَاسَةَ أنه بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ. فانعدام القداسة سيكون عقبة كبيرة أمام إقامة علاقة وثيقة مع الله.
- “المؤمنون غير المقدسون هم بلاء الكنيسة. فهم كالبقعة التي تلوث الصفحة البيضاء، ومثل الصخور غير الظاهرة التي ترعب ملاحي السفن. فمن الصعب تفاديهم ومن الصعب تقدير حجم الأضرار التي سيتسببون بها.” سبيرجن (Spurgeon)
- وفي الوقت نفسه “القداسة شيء يرتبط بالنمو الروحي. فقد تكون القداسة في الروح صغيرة بحجم بذرة الخردل، وقد تكون أشواقاً واشتهاء وسعي في القلب دون أن تتحقق بشكل كامل بعد.” سبيرجن (Spurgeon)
- وصف سبيرجن أربعة أنواع من الأشخاص الذين يحاولون المضي قدماً في حياة الإيمان دون سعي للقداسة:
- الفريسي: الذي يهتم بالمظاهر والشعائر الخارجية بدلاً من القداسة الحقيقية.
- الأخلاقي: الذي لا يشعر بالحاجة إلى القداسة في حياته لأن حياته تخلو من الأخطاء.
- التجريبي: الذي يعيش حياة الإيمان داخلياً ويقيمها بناء على أحاسيسه ومشاعره فقط دون اعتبار لسلوكه.
- المتزمت: الذي يرى أن حياة الإيمان محورها هو الإيمان بعقائد معينة دون الاهتمام بطريقة الحياة والسلوك.
- لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ: علينا أن نسلك أيضاً كما يجب من ناحية نعمة الله. وهذا يعني أن نحرص نحن والآخرين من العودة إلى فكر الناموس سواء في سلوكنا الظاهر أو في أفكارنا الداخلية متجاهلين نعمة الله، لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ.
- “الجذر المرّ سيأتي بثمار مرّة، ولا بد للمرارة المزروعة في مجتمع ما والتي قد لا تكون ظاهرة أن يظهر ثمرها في وقت ما.” موريس (Morris)
- المرارة تفسد حياة الكثيرين وتكون متجذرة في المشاعر الجريحة الدفينة، وكثيرون يتمسكون بمشاعر المرارة هذه بعناد. وما على هؤلاء فعله هو أن يتذكروا نعمة الله المتاحة لهم وأن يقدموا تلك النعمة بدورهم للآخرين من خلال تقديم المحبة لمن لا يستحقونها.
- كتب وليام باركلي عن عبارة ’لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ‘ قائلاً: “يمكن ترجمتها أيضًا إلى ’عدم مواكبة نعمة الله‘” وهذا يعني أن نعمة الله تتجاوز جراح وآلام الماضي وعلينا نحن أيضاً أن نتجاوز هذه ونمضي قدماً.
- لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِياً أَوْ مُسْتَبِيحاً: علينا أيضاً أن نلاحظ سلوكنا الأخلاقي ولنتذكر أنه كانت هناك تطويبات خاصة بأنقياء القلب: طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ (متى ٨:٥).
- قال توماس (Thomas) عن “مُسْتَبِيحاً” ما يلي: “إنها كلمة تأتي من الكلمات اللاتينية التي تصف مساحة من الأرض عند المعبد حيث كان يجتمع الناس مقارنة بمكان الاجتماع الداخلي بين الجدران. وعيسو لم يكن لديه مثل هذ البناء المقدس ولهذا ينظر إليه على أنه كان شخصاً عالمياً أو مرتبطاً بالعالم لا الله.”
- كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ: كثير من المؤمنين اليوم مستعدون للتخلي عن حقهم المكتسب في العلاقة مع الله بثمن بخس كما باع عيسو باكوريته أو حقه في الميراث (سفر التكوين ٢٩:٢٥-٣٤ و ٣٠:٢٧-٤٠).
- إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَاناً: “المسألة هنا ليست مسألة غفران، فمغفرة الله متاحة دائمًا للشخص التائب. فعيسو كان بإمكانه أن يعود إلى الله لكن لم يكن بإمكانه أن يصلح ما سبق وفعل.” موريس (Morris)
- مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ: عندما طلب عيسو البركة لاحقًا رُفِضَ من أبيه إسحاق ولَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَاناً. وعيسو لم يسترد حقه في الميراث والباكورية لمجرد أنه تمنى أن يستعيدها، فقد خسرها لأنه استهان بباكوريته وفرط بها.
ج ) الآيات (١٨-٢١): تحلوا بالجرأة والشجاعة، فأنتم لَمْ تَأْتُوا إلى جبل سيناء.
١٨لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، ١٩وَهُتَافِ بُوقٍ وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، ٢٠لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ. ٢١وَكَانَ الْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفاً حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!».
- لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ: تصف خروج ١٠:١٩-٢٥ الحال عندما وصل شعب إسرائيل إلى جبل سيناء.
- كان الجبل مسيّجًا وعقاب تعدي السور كان الموت.
- أُمر شعب إسرائيل بتطهير ملابسهم والامتناع عن العلاقات الجنسية.
- كان هناك رعد وبرق وضباب.
- أطلق صوت البوق لدعوة الشعب للقاء الله.
- كان هناك مزيد من الدخان واهتزاز في الأرض.
- ثم طال صوت البوق إلى أن تحدث موسى وأجابه الله.
- تحدث الله إلى إسرائيل من جبل سيناء لكنه حذرهم من الاقتراب إلى الجبل.
- اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ: كان رد فعل إسرائيل متوقعًا: فقد شعروا بالرعب (خروج ١٨:٢٠-٢١). وأرادوا لهذا الحدث أن يتوقف لا أن يستمر.
- حتى موسى نفسه كان خائفًا: حتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!». (تثنية ١٩:٩).
- كل هذا الخوف لم يؤدِ إلى تعزيز القداسة بين شعب إسرائيل أو إلى تغيير قلوبهم، فبعد ٤٠ يومًا صنعوا وعبدوا عجلاً ذهبياً قائلين إنه الإله الذي أخرجهم من أرض مصر.
د ) الآيات (٢٢-٢٤): تحلوا بالجرأة والشجاعة، فأنتم قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ.
٢٢بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ: أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، ٢٤وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ: يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ.
- بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ: نحن في مكان مختلف وعلاقتنا بالله ليست على غرار تجربة إسرائيل في جبل سيناء. فقد أتينا إلى جبل الله الآخر: جبل صهيون، الجبل الذي أقيمت عليه مدينة أورشليم. فالناموس جاء إلى جبل سيناء أما الصليب فكان على جبل صهيون.
- وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ: لم يكن هناك مدينة في جبل سيناء، فقد كان الجبل وسط الصحراء المقفرة.
- أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ: سيناء ترتبط بمصر، أما صهيون فترتبط بالسماويات.
- وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ: قام عدد من الملائكة بتسليم الناموس إلى موسى على جبل سيناء أما على جبل صهيون فهم رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ.
- وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ: ما أعطاه الله في جبل سيناء كان لشعب إسرائيل أما ما قدمه الله في جبل صهيون فهو للجميع ويشمل كل المخلصين في الكنيسة وكل جمع المؤمنين المفديين الذين هم كَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ.
- وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ: جبل صهيون لا يتجاهل حقيقة كون الله دَيَّانِ الْجَمِيعِ على الإطلاق. بل على العكس، فالعمل الذي أنجزه يسوع على جبل صهيون هو الذي حقق عدالة الله وهو الذي أدى إلى وجود أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ.
- وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ: يَسُوعَ: كان ناموس جبل سيناء في العهد القديم قائماً على مبدأ العمل وأجر العمل، أما الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، عهد جبل صهيون فهو قائم على وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ: يَسُوعَ، وعلى الإيمان والقبول.
- وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ: دم هابيل هنا لا يعني الدم الذي أريق عند موته، بل هو دم الذبيحة التي قدمها، والتي كانت أول ذبيحة قدمها الإنسان إلى الله سجلّها الكتاب المقدس. فدم يسوع المسيح يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ من دم الذبيحة الحيوانية التي قدمها هابيل.
- ومع ذلك، فصحيح أيضاً أن دم يسوع المسيح يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ من دم هابيل حين قُتل. إذ يقول الكتاب: “صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ” طالباً تحقيق العدالة، أما دم يسوع فقد صرخ قائلاً: لقد تحققت العدالة، وحان وقت الرحمة.
- بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ: الدرس هنا سهل. علينا ألا نأتي إلى جبل صهيون كما كنا نأتي إلى جبل سيناء. فضعوا ترددكم جانباً وتشددوا تشجعوا على التقدم إلى محضر الله.
- لنلاحظ المقارنات التالية بين جبل سيناء وجبل صهيون.
- تميز جبل سيناء بالخوف والرعب، أما جبل صهيون فيرمز للمحبة والغفران.
- كان جبل سيناء في الصحراء، أما جبل صهيون فكان في مدينة الله الحي.
- كان جبل سيناء يرمز للأمور الأرضية الدنيوية، أما جبل صهيون فيرمز للأمور السماوية.
- في جبل سيناء لم يمكن إلا لموسى الاقتراب من الله، أما في جبل صهيون فقد صار لكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ إمكانية الاقتراب من الله.
- كان جبل سيناء محاطاً ببشر اعترتهم الخطية ويعيشون في خوف من الله، أما في جبل صهيون فهم أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ.
- على جبل سيناء كان موسى هو الوسيط، وفي جبل صهيون صار يسوع وسيط العهد الجديد.
- قدم لنا جبل سيناء العهد القديم الذي يقوم على التبرير بدم الذبائح الحيوانية، أما جبل صهيون فقد قدم لنا عهدًا جديدًا يقوم على تبرير دم ابن الله الغالي الوحيد.
- كان جبل سيناء يوحي بالإقصاء وبإبعاد الناس عن الجبل، أما جبل صهيون فهو يقدم الدعوة للبشر للاقتراب من عرش الله.
- قدم لنا جبل سيناء قوانين الشريعة والناموس، أما جبل صهيون فقد قدم لنا النعمة.
- بالطبع يكرر الكاتب هنا إشارته مؤكداً على أن هؤلاء اليهود المؤمنين لا ينبغي عليهم مجرد التفكير في العودة للناموس وتفضيل علاقة جبل سيناء على علاقة جبل صهيون.
- لنلاحظ المقارنات التالية بين جبل سيناء وجبل صهيون.
هـ) الآيات (٢٥-٢٦): احترسوا؛ فمع هذه الامتيازات هناك تحذير وخطر كبير.
٢٥اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدّاً لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، ٢٦الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضاً أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضاً».
- اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ: كما هو واضح في الآيات السابقة، فالله يقدم لنا كل الخير والمجد الكامن في جبل صهيون، الذي هو العمل الكامل والمكتمل ليسوع والعهد الجديد الذي صار به. فإن اخترتم أن تَسْتَعْفُوا (ترفضوا) هذا من الله فلن يمكنكم تجاهل عواقب هذ الرفض.
- لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَنْجُوا: كانت هناك عواقب للتمرد في جبل سيناء، وستكون هناك عواقب أكبر لمقاومة عمل الله الأعظم في جبل صهيون.
- الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ… إِنِّي مَرَّةً أَيْضاً أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضاً: في جبل سيناء زعزع الله الأرض بصوته، والعهد الجديد يزعزع الحال أكثر (إِنِّي مَرَّةً أَيْضاً أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضاً).
- من السهل والخطير في الوقت نفسه الاعتقاد بأن الله كان قاسياً وشديداً في العهد القديم ومن ثم أصبح لطيفاً في العهد الجديد. فهذه فكرة بسيطة يسهل الانخداع بها. فقد كان هناك رحمة في العهد القديم أكثر مما يتصور كثيرون، وهناك دينونة في العهد الجديد أكثر مما يتصور كثيرون أيضاً.
- عندما يتزعزع كل شيء سيكون السؤال الحاسم هو: على أي أرض تقف؟ هل أنت على أرض راسخة آمنة؟
و ) الآية (٢٧): لماذا يغيّر الله النظام الحالي.
٢٧فَقَوْلُهُ «مَرَّةً أَيْضاً» يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ.
- يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ: يعد الله هنا بأنه سيزعزع (تَغْيِيرِ) الاعتماد على الأمور المادية والمصنوعة.
- لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ: يزعزع الله الأشياء لاختبارها لكي يغير ما لا يجتاز ذلك الاختبار.
ز ) الآيات (٢٨-٢٩): المملكة التي لا تتزعزع.
٢٨لِذَلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتاً لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. ٢٩لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ.
- لِذَلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتاً لاَ يَتَزَعْزَعُ: بعكس العالم المتزعزع من حولنا، فملكوت يسوع لاَ يَتَزَعْزَعُ، وَنَحْنُ قَابِلُونَ هذا الملكوت.
- هذا هو ضماننا واستقرارنا في عالم متزعزع غير مستقر. ونحن ليس لنا هذا الملكوت الآن إذ أنه لم يأت بعد، لكننا قَابِلُونَ له. أشار غريفيث توماس (Griffith Thomas) إلى أن التركيب اللغوي والصياغة القديمة لهذه الجملة يشير إلى: “أننا نقبل ونستقبل باستمرار وبشكل مستمر مَلَكُوتاً لاَ يَتَزَعْزَعُ“.
- كيف قبلنا بالفعل هذا الملكوت:
- لقد قبلناه بالوعد من شخص جدير بالثقة.
- لقد قبلناه من حيث المبدأ ونحن نرى مبادئ مملكة الله تعمل بالفعل في العالم.
- لقد قبلناه بقوة وسلطان قوة الله المغيرة والمعجزية التي تعمل في العالم اليوم.
- لقد قبلناه واختبرنا بعض امتيازات الملكوت التي يوفرها لنا ملِكنا ويحمينا من خلالها.
- لقد قبلناه في مجتمعاتنا الكنسية التي هي تجمعات لأعضاء مجتمع الملكوت.
- لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ: ملكوت الله لن يتزعزع أبدًا، لهذا علينا أن نغتنم فرصة قبول الله غير المشروط في يسوع الذي يؤهلنا لكي نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً.
- “المجد لله لأن ملكوتنا لا يتزعزع! فليست هناك قوة في العالم يمكنها أن تمسنا ولا يمكن لقوة في العالم حتى قوة الجحيم أن تهز الملكوت الذي أعطاه الرب لقديسيه. فمع يسوع ملكنا لسنا نخشى أي ثورة ولا فوضى لأن الرب قد أقام ملكوته على صخرة لا يمكن تحريكها أو زحزحتها”. سبيرجن (Spurgeon)
- به نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً: الكلمات التالية تشرح كيف يمكننا تحقيق هذا.
- تبدأ خدمتنا المقبولة بكوننا نحن مستقبلين أيضاً (وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتاً).
- نقدم خدمتنا المقبولة من خلال عمل نعمة الله فينا (لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ).
- تتميز خدمتنا المقبولة بالخشوع (بِخُشُوعٍ).
- تتميز خدمتنا المقبولة بالتقوى الراضية (وَتَقْوَى).
- تتميز خدمتنا المقبولة بالاعتراف العميق بالقداسة الإلهية (لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ).
- قد يقول البعض خطأً بأن فيض النعمة قد يفتح الباب لعدم احترام الله وقداسته. ولكن النعمة في الواقع تجعلنا نشعر بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. فأولئك من يظنون أن النعمة تمنحهم إذناً بالخطية ربما لا يختبرون حياة النعمة على الإطلاق.
- لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ: بما أن الله في الحقيقة نَارٌ آكِلَةٌ فالأجدر بنا أن نتقدم إليه بحسب شروطه وقُبوله، وهذه الشروط هي القبول غير المحدود أو المشروط من خلال يسوع، لأن هذه النار الآكلة ستحرق كل ما هو خارج هذا المجال.
- عرف إيليا أن إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ إذ أرسل الله ناراً التهمت الذبيحة على مذبح جبل الكرمل. وعرف سليمان أن إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ إذ أرسل ناراً التهمت الذبيحة عند تقديس الهيكل.
- وحقيقة أن إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ مصدر راحة للمؤمن إذ نعلم أن الآب أرسل نَارٌ الدينونة الآكِلَةٌ على الابن بدلاً عنا وحين فعل ذلك التهمت هذه النار كل خطايا المؤمنين في عقاب الخطية الذي دفعه يسوع على الصليب.