سفر يشوع – الإصحاح ٢٢
تسوية سوء التفاهم
أولًا. عودة جيوش أسباط شرق الأردن إلى ديارهم
أ ) الآيات (١-٤): يشوع يشكرهم على قيامهم بعمل جيد.
١حِينَئِذٍ دَعَا يَشُوعُ الرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَالْجَادِيِّينَ وَنِصْفَ سِبْطِ مَنَسَّى، ٢وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ قَدْ حَفِظْتُمْ كُلَّ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ، وَسَمِعْتُمْ صَوْتِي فِي كُلِّ مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، ٣وَلَمْ تَتْرُكُوا إِخْوَتَكُمْ هذِهِ الأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَحَفِظْتُمْ مَا يُحْفَظُ، وَصِيَّةُ الرَّبِّ إِلهِكُمْ. ٤وَالآنَ قَدْ أَرَاحَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ إِخْوَتَكُمْ كَمَا قَالَ لَهُمْ. فَانْصَرِفُوا الآنَ وَاذْهَبُوا إِلَى خِيَامِكُمْ فِي أَرْضِ مُلْكِكُمُ الَّتِي أَعْطَاكُمْ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ، فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ.
١. إِنَّكُمْ قَدْ حَفِظْتُمْ كُلَّ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ: طوال السنوات السبع التي قضوها مع يشوع، وهم يساعدون أسباط غرب الأردن في التغلب على أعدائهم، كانوا مطيعين تمامًا ليشوع ومساعدين له.
٢. وَلَمْ تَتْرُكُوا إِخْوَتَكُمْ هذِهِ الأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ: لقد خرجوا ليحاربوا مع إخوتهم، تمامًا كما أمرهم الرب أن يفعلوا، على الرغم من أنهم كانوا قد حصلوا بالفعل على ميراثهم.
٣. فَانْصَرِفُوا الآنَ وَاذْهَبُوا إِلَى خِيَامِكُمْ فِي أَرْضِ مُلْكِكُمُ: الآن وبعد أن امتلك أسباط غرب الأردن الأرض وتم تقسيمها عليهم، أصبح بإمكانهم العودة إلى عائلاتهم وأراضيهم على الجانب الشرقي من نهر الأردن.
ب) الآيات (٥-٦): يشوع يباركهم وينصحهم قبل مغادرتهم.
٥وَإِنَّمَا احْرِصُوا جِدًّا أَنْ تَعْمَلُوا الْوَصِيَّةَ وَالشَّرِيعَةَ الَّتِي أَمَرَكُمْ بِهَا مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ: أَنْ تُحِبُّوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ، وَتَسِيرُوا فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُوا وَصَايَاهُ، وَتَلْصَقُوا بِهِ وَتَعْبُدُوهُ بِكُلِّ قَلْبِكُمْ وَبِكُلِّ نَفْسِكُمْ». ٦ثُمَّ بَارَكَهُمْ يَشُوعُ وَصَرَفَهُمْ، فَذَهَبُوا إِلَى خِيَامِهِمْ.
١. وَإِنَّمَا احْرِصُوا جِدًّا أَنْ تَعْمَلُوا الْوَصِيَّةَ: قال يشوع لهم أن يحْرِصُوا جيدًا لكلمة الله، ربما يقصد، على الأرجح، التشديد على أهمية الاستماع إليها وفهمها باجتهاد.
٢. أَنْ تُحِبُّوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ: وأوصاهم يشوع أن يُحِبُّوا الرَّبَّ. ومع أنها أمر يتعلق بالقلب، إلا أنه لازال يمكن أن يُؤمر بها الشعب كوصية.
٣. وَتَسِيرُوا فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُوا وَصَايَاهُ: وقال لهم أن يطيعوا الله بكل ما يمتلكون، وأن يحْفَظُوا وَصَايَاه، وَيلْتصَقُوا بِهِ بشكل شخصي، وأن يعْبُدُوه بكل قلوبهم وبكل نفوسهم.
• إن ترتيب ما قاله يشوع لهم هو أمر هام ويجب ألا نتجاهله. أولًا، يجب أن نهتم بسماع صوت الله. ثم، نقدم له محبتنا. وأخيرًا، يأتي السلوك في الطاعة. إن أي خلط في هذا الترتيب يمكن أن يؤدي إلى هرطقة (محبة دون سماع) أو إلى الناموسية (طاعة قبل المحبة).
٤. ثُمَّ بَارَكَهُمْ يَشُوعُ وَصَرَفَهُمْ: لم يرد يشوع أن يطلقهم بدون بركة. وأدرك أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا أو أن يكونوا ما أرادهم الله لهم بدون بركة الرب فيما بينهم.
• ربما استخدم كلمات البركة الموجودة في سفر العدد ٦: ٢٣-٢٧ «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلًا: هكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ لَهُمْ: يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَمًا. فَيَجْعَلُونَ اسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أُبَارِكُهُمْ».
ج) الآيات (٧-٩): يغادر جيوش السبطين والنصف بغنائم كثيرة.
٧وَلِنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى أَعْطَى مُوسَى فِي بَاشَانَ، وَأَمَّا نِصْفُهُ الآخَرُ فَأَعْطَاهُمْ يَشُوعُ مَعَ إِخْوَتِهِمْ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ غَرْبًا. وَعِنْدَمَا صَرَفَهُمْ يَشُوعُ أَيْضًا إِلَى خِيَامِهِمْ بَارَكَهُمْ ٨وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «بِمَال كَثِيرٍ ارْجِعُوا إِلَى خِيَامِكُمْ، وَبِمَوَاشٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَمَلاَبِسَ كَثِيرَةٍ جِدًّا. اِقْسِمُوا غَنِيمَةَ أَعْدَائِكُمْ مَعَ إِخْوَتِكُمْ». ٩فَرَجَعَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى، وَذَهَبُوا مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ شِيلُوهَ الَّتِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ لِكَيْ يَسِيرُوا إِلَى أَرْضِ جِلْعَادَ، أَرْضِ مُلْكِهِمِ الَّتِي تَمَلَّكُوا بِهَا حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ عَلَى يَدِ مُوسَى.
١. بِمَال كَثِيرٍ ارْجِعُوا إِلَى خِيَامِكُمْ: لقد كافأ الرب طاعتهم له وإخلاصهم لإخوتهم، وسمح لهم أن يأخذوا غنائم كثيرة إلى بيوتهم.
• نحن نؤمن أنه عندما نطيع الله، سنكون الفائزين لا الخاسرين. ربما لا تكون البركات دائمًا بهذا المعنى المادي الواضح، ولكننا ننال مكاسب حقيقية رائعة على أي حال.
٢. فَرَجَعَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى، وَذَهَبُوا مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ شِيلُوهَ: ربما كان هذا وداعًا مليئًا بالمشاعر الجيّاشة لإخوة حاربوا معًا. لقد كان هؤلاء من قدامى المحاربين في جيش إسرائيل.
ثانيًا. حادثة المذبح عند نهر الأردن
أ ) الآية (١٠): الأسباط الشرقية تبني مذبحًا عظيم المنظر.
١٠وَجَاءُوا إِلَى دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ الَّتِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. وَبَنَى بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى هُنَاكَ مَذْبَحًا عَلَى الأُرْدُنِّ، مَذْبَحًا عَظِيمَ الْمَنْظَرِ.
١. وَجَاءُوا إِلَى دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ: قبل عبور نهر الأردن، قام جنود السبطين والنصف ببناء مذبح عَظِيمَ الْمَنْظَرِ بالقرب من نهر الأردن.
٢. مَذْبَحًا عَظِيمَ الْمَنْظَرِ: كان هذا المذبح مهمًا ليس فقط بسبب حجمه، ولكن بسبب المعنى الذي يشير إليه. إن أي مذبح هو مكان لتقديم الذبائح، وكان لكل من الإسرائيليين والوثنيين مذابح يستخدمونها للتقدمات.
ب) الآيات (١١-١٢): سمعت الأسباط الساكنة غرب الأردن عن هذا المذبح العظيم.
١١فَسَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ قَوْلًا: «هُوَذَا قَدْ بَنَى بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى مَذْبَحًا فِي وَجْهِ أَرْضِ كَنْعَانَ، فِي دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ مُقَابِلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ». ١٢وَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ اجْتَمَعَتْ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي شِيلُوهَ لِكَيْ يَصْعَدُوا إِلَيْهِمْ لِلْحَرْبِ.
١. هُوَذَا قَدْ بَنَى بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى مَذْبَحًا: عندما وصلت الأخبار إلى بقية إسرائيل، لم يكن هناك أي نقاش، بل كان هناك رد فعل مباشر. اجتمعوا لشن حربٍ ضد إخوانهم الذين بنوا هذا المذبح.
• لاحظ أن يشوع لم يكن بحاجة إلى أن يجمعهم معًا، بل اجتمعوا هم من تلقاء أنفسهم. لقد كان هذا رد فعل تلقائي.
٢. اجْتَمَعَتْ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي شِيلُوهَ: لماذا فعلوا ذلك؟ لأنهم خافوا أن يكون هذا المذبح علامة ولاء للآلهة الوثنية التي بالمنطقة.
٣. لِكَيْ يَصْعَدُوا إِلَيْهِمْ لِلْحَرْبِ: إن استعدادهم لخوض هذه المعركة يظهر شجاعتهم في الدفاع عن حق الله وقداسته. لقد كان هذا “جسدًا” صحيحًا قادرًا على تطهير نفسه من السموم.
• إن أفعالهم اللاحقة تشير إلى أنهم لم يكونوا سعداء بهذا الإجراء، كما لم يكونوا متسرعين فيه، لكنهم قاموا به!
ج) الآيات (١٣-١٥): وقبل الشروع في أي إجراء، قام فِينَحَاس رئيس الكهنة، ومعه ممثلون عن الأسباط من غرب الأردن، بمواجهة رؤساء الأسباط من شرق الأردن.
١٣فَأَرْسَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى بَنِي رَأُوبَيْنَ وَبَنِي جَادَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى إِلَى أَرْضِ جِلْعَادَ، فِينَحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنَ ١٤وَعَشْرَةَ رُؤَسَاءَ مَعَهُ، رَئِيسًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبٍ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ رَئِيسُ بَيْتِ آبَائِهِمْ فِي أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ. ١٥فَجَاءُوا إِلَى بَنِي رَأُوبَيْنَ وَبَنِي جَادَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى إِلَى أَرْضِ جِلْعَادَ، وَكَلَّمُوهُمْ قَائِلِينَ:
١. فَأَرْسَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ… فِينَحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِن: تولى فِينَحَاس قيادة المجموعة بسبب سلطته كرئيس كهنة. لقد كان رئيسًا للكهنة على كل الأمة، بما في ذلك السبطين ونصف في شرق الأردن. ولم يتمتع فينحاس بالسلطان فقط، لكن كان له أيضًا قلب الراعي الحكيم. وكان هدفه تصحيح الخطأ، وحماية الأمة، والقضاء على أي خطر.
٢. وَكَلَّمُوهُمْ: لقد عكس رد فعل إسرائيل صفات الله. فاجتماعهم لشن الحرب ضد أي شر قد عكس قداسة الله، بينما أظهرت مواجهتهم الشخصية لأخوتهم محبة الله.
د ) الآيات (١٦-١٨): فِينَحَاس يعرض الاتهام على الأسباط الشرقية.
١٦هكَذَا قَالَتْ كُلُّ جَمَاعَةِ الرَّبِّ: مَا هذِهِ الْخِيَانَةُ الَّتِي خُنْتُمْ بِهَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ، بِالرُّجُوعِ الْيَوْمَ عَنِ الرَّبِّ، بِبُنْيَانِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ مَذْبَحًا لِتَتَمَرَّدُوا الْيَوْمَ عَلَى الرَّبِّ؟ ١٧أَقَلِيلٌ لَنَا إِثْمُ فَغُورَ الَّذِي لَمْ نَتَطَهَّرْ مِنْهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ، ١٨حَتَّى تَرْجِعُوا أَنْتُمُ الْيَوْمَ عَنِ الرَّبِّ؟ فَيَكُونُ أَنَّكُمُ الْيَوْمَ تَتَمَرَّدُونَ عَلَى الرَّبِّ، وَهُوَ غَدًا يَسْخَطُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ.
١. مَا هذِهِ الْخِيَانَةُ: من الواضح أنهم ظنّوا أن هذا المذبح الذي في شرق الأردن يُمثّل مكانًا تنافسيًا لتقديم الذبيحة والعبادة، وربما يتنافس مع مسكن الله الموجود حاليًا في شيلوه.
• لقد أمر الله بوضوح أن يكون هناك مكان واحد للذبيحة والمحرقة لإسرائيل: “وَتَقُولُ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ فِي وَسَطِكُمْ يُصْعِدُ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً، وَلاَ يَأْتِي بِهَا إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ، يُقْطَعُ ذلِكَ الإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ.” (لاويين ٨:١٧-٩)
• نفهم من هذا أننا لا نستطيع أن نعبد الله بأي طريقة تحلو لنا، أو نبرر طريقة عبادة معينة لمجرد أننا نحبها. يجب أن تكون عبادتنا أولًا وأبدًا، مُرضية لله. ويجب أن نعبده بِالرُّوحِ وَالْحَقّ. (يوحنا ٢٤:٤)
٢. أَقَلِيلٌ لَنَا إِثْمُ فَغُور: يُذكِّر فينحاس الأسباط الشرقية بأن الرب عاقب إسرائيل على تمردها ضده في الماضي، مستشهدًا بالتمرد في فَغُور كمثال تحذيري.
• في فَغُور، مارس رجال إسرائيل الجنس مع النساء الموآبيات، ووهبوا أنفسهم لعبادة الآلهة الموآبية. فأرسل الله دينونته وقتل ٢٤ ألف شخص بالوبأ.
• كان لهذا الحدث أهمية خاصة بالنسبة لفينحاس، لأنه هو الذي تدخل بشكل حاسم لوقف الوبأ من خلال الدفاع عن البر في مواجهة هذا الفجور.
٣. وَهُوَ غَدًا يَسْخَطُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ: لقد عرف فينحاس أيضًا أن تعدي هذه الأسباط سيكون له آثار أوسع على الأمة بأكملها. لقد أدرك أن الخطية نادرًا ما تكون عملًا فرديًا منعزلًا.
هـ) الآية (١٩): الاستعداد للتضحية من أجل حماية أخ من الانزلاق في الخطية.
١٩وَلكِنْ إِذَا كَانَتْ نَجِسَةً أَرْضُ مُلْكِكُمْ فَاعْبُرُوا إِلَى أَرْضِ مُلْكِ الرَّبِّ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا مَسْكَنُ الرَّبِّ وَتَمَلَّكُوا بَيْنَنَا، وَعَلَى الرَّبِّ لاَ تَتَمَرَّدُوا، وَعَلَيْنَا لاَ تَتَمَرَّدُوا بِبِنَائِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ مَذْبَحًا غَيْرَ مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِنَا.
١. وَتَمَلَّكُوا بَيْنَنَا: رأى فينحاس أن عمل أي شيء هو أفضل من أن ينجرف الأسباط في تمرد ضد الله. فإن كان هناك شيء نَجِسَ في أرضهم، دعاهم أن يذهبوا ويسكنوا بين الأسباط في الجانب الغربي للأردن.
٢. وَعَلَى الرَّبِّ لاَ تَتَمَرَّدُوا، وَعَلَيْنَا لاَ تَتَمَرَّدُوا بِبِنَائِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ مَذْبَحًا: لقد كانت هذه الدعوة مُكلّفة للغاية، إذ كان هذا سيعني مساحة أرض أقل للأسباط التي في غرب الأردن. ولكنه لم يكن هذا مهمًا، وكانوا مستعدين للتضحية في مقابل أن يروا إخوتهم أحرار من هذه الخطية.
• كثيرون منا يفتقرون إلى هذه الرغبة؛ فنحن نقول للناس أن يتوقفوا عن ارتكاب الخطايا، ولكننا نتردد في مد يد المساعدة إذا كان الأمر سيكلّفنا شيء.
و ) الآية (٢٠): مثال ثاني لتداعيات الخطية وثمنها: التذكير بخطية عخان وأثرها على شعب إسرائيل بأكمله.
٢٠أَمَا خَانَ عَخَانُ بْنُ زَارَحَ خِيَانَةً فِي الْحَرَامِ، فَكَانَ السَّخَطُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ رَجُلٌ لَمْ يَهْلِكْ وَحْدَهُ بِإِثْمِهِ؟».
ز) الآيات (٢١-٢٣): رَدّ الأسباط الشرقية.
٢١فَأَجَابَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى وَقَالُوا لِرُؤَسَاءَ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ: ٢٢«إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ، إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ هُوَ يَعْلَمُ، وَإِسْرَائِيلُ سَيَعْلَمُ. إِنْ كَانَ بِتَمَرُّدٍ وَإِنْ كَانَ بِخِيَانَةٍ عَلَى الرَّبِّ، لاَ تُخَلِّصْنَا هذَا الْيَوْمَ. ٢٣بُنْيَانُنَا لأَنْفُسِنَا مَذْبَحًا لِلرُّجُوعِ عَنِ الرَّبِّ، أَوْ لإِصْعَادِ مُحْرَقَةٍ عَلَيْهِ أَوْ تَقْدِمَةٍ أَوْ لِعَمَلِ ذَبَائِحِ سَلاَمَةٍ عَلَيْهِ، فَالرَّبُّ هُوَ يُطَالِبُ.
١. إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ، إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ هُوَ يَعْلَمُ: لقد التمسوا الله أولًا، لأنه من المؤكد أنه هو يعرف قلوبهم، وهم يعتقدون أن أخوتهم الأسباط في الجهة الغربية قد أساءوا فهمهم.
• عندما يُساء فهمنا، فإن ملجأنا الأول هو الله. فهو يعرف قلوبنا، وعلينا أن نكتفي بأن نكون على حق أمام الله، حتى لو كان ذلك يعني أننا مخطئون في نظر البعض.
٢. إِنْ كَانَ بِتَمَرُّدٍ وَإِنْ كَانَ بِخِيَانَةٍ عَلَى الرَّبِّ، لاَ تُخَلِّصْنَا هذَا الْيَوْمَ: كما أدركوا أيضًا أن دافع إخوتهم وراء الوقوف ضدهم كان سليمًا.
• فعلت الأسباط الشرقية ما يجب علينا جميعًا أن نفعله عندما يُساء فهمنا: أن نضع أنفسنا مكان الشخص الآخر ونرى الأمور من وجهة نظره، وأن نفكر في أن رد فعلنا ربما يكون مشابهًا لرد فعله إذا رأينا ما قد رآه الآخر.
ح) الآيات (٢٤-٢٩): الأسباط الشرقية تشرح السبب الحقيقي وراء بناء المذبح: لقد تم بناؤه كتذكارٍ، وليس كمكان لتقديم الذبائح.
٢٤وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَفْعَلْ ذلِكَ خَوْفًا وَعَنْ سَبَبٍ قَائِلِينَ: غَدًا يُكَلِّمُ بَنُوكُمْ بَنِينَا قَائِلِينَ: مَا لَكُمْ وَلِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ! ٢٥قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ تُخُمًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَا بَنِي رَأُوبَيْنَ وَبَنِي جَادَ: الأُرْدُنُّ. لَيْسَ لَكُمْ قِسْمٌ فِي الرَّبِّ. فَيَرُدُّ بَنُوكُمْ بَنِينَا حَتَّى لاَ يَخَافُوا الرَّبَّ. ٢٦فَقُلْنَا نَصْنَعُ نَحْنُ لأَنْفُسِنَا. نَبْنِي مَذْبَحًا، لاَ لِلْمُحْرَقَةِ وَلاَ لِلذَّبِيحَةِ، ٢٧بَلْ لِيَكُونَ هُوَ شَاهِدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَجْيَالِنَا بَعْدَنَا، لِكَيْ نَخْدُمَ خِدْمَةَ الرَّبِّ أَمَامَهُ بِمُحْرَقَاتِنَا وَذَبَائِحِنَا وَذَبَائِحِ سَلاَمَتِنَا، وَلاَ يَقُولُ بَنُوكُمْ غَدًا لِبَنِينَا: لَيْسَ لَكُمْ قِسْمٌ فِي الرَّبِّ. ٢٨وَقُلْنَا: يَكُونُ مَتَى قَالُوا كَذَا لَنَا وَلأَجْيَالِنَا غَدًا، أَنَّنَا نَقُولُ: اُنْظُرُوا شِبْهَ مَذْبَحِ الرَّبِّ الَّذِي عَمِلَ آبَاؤُنَا، لاَ لِلْمُحْرَقَةِ وَلاَ لِلذَّبِيحَةِ، بَلْ هُوَ شَاهِدٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. ٢٩حَاشَا لَنَا مِنْهُ أَنْ نَتَمَرَّدَ عَلَى الرَّبِّ وَنَرْجعَ الْيَوْمَ عَنِ الرَّبِّ لِبِنَاءِ مَذْبَحٍ لِلْمُحْرَقَةِ أَوِ التَّقْدِمَةِ أَوِ الذَّبِيحَةِ، عَدَا مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِنَا الَّذِي هُوَ قُدَّامَ مَسْكَنِهِ».
١. نَبْنِي مَذْبَحًا، لاَ لِلْمُحْرَقَةِ وَلاَ لِلذَّبِيحَةِ، بَلْ لِيَكُونَ هُوَ شَاهِدًا: أدركت الأسباط الشرقية بُعدهم الجغرافي عن مركز العبادة في إسرائيل، والحاجز الطبيعي (نهر الأردن) الذي يفصلهم عن بقية الأمة. فبنوا المذبح كتذكارٍ لربط جانبي الأمة معًا.
٢. وَلاَ يَقُولُ بَنُوكُمْ غَدًا لِبَنِينَا: لقد بنوه عَظِيمَ الْمَنْظَرِ حتى يدوم طويلًا. لقد أرادوا أن يكون بمثابة تذكار دائم للأجيال القادمة، بأن الأسباط على جانبي نهر الأردن تعبد نفس الإله.
٣. اُنْظُرُوا شِبْهَ مَذْبَحِ الرَّبِّ الَّذِي عَمِلَ آبَاؤُنَا، لاَ لِلْمُحْرَقَةِ وَلاَ لِلذَّبِيحَةِ: مرة أخرى تتفهم الأسباط الشرقية قلق الأسباط الغربية؛ ويوضحون لهم أنهم قد أساءوا فهم المعنى الحقيقي من وجود مذبح عَظِيمَ الْمَنْظَرِ.
ط) الآيات (٣٠-٣١): الأسباط الغربية تقبل التفسير الذي قدمته الأسباط الشرقية.
٣٠فَسَمِعَ فِينْحَاسُ الْكَاهِنُ وَرُؤَسَاءُ الْجَمَاعَةِ وَرُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ مَعَهُ الْكَلاَمَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ وَبَنُو مَنَسَّى، فَحَسُنَ فِي أَعْيُنِهِمْ. ٣١فَقَالَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ لِبَنِي رَأُوبَيْنَ وَبَنِي جَادَ وَبَنِي مَنَسَّى: «الْيَوْمَ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّبَّ بَيْنَنَا لأَنَّكُمْ لَمْ تَخُونُوا الرَّبَّ بِهذِهِ الْخِيَانَةِ. فَالآنَ قَدْ أَنْقَذْتُمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الرَّبِّ».
١. فَسَمِعَ فِينْحَاسُ الْكَاهِنُ وَرُؤَسَاءُ الْجَمَاعَةِ… الْكَلاَمَ… فَحَسُنَ فِي أَعْيُنِهِمْ: من الواضح أن فينحاس كان راضيًا بهذا التفسير؛ وبلا شك يستحق الثناء على استعداده لتصديق إخوته. وضع فينحاس نفسه مكان الأسباط الشرقية، ووجد أن تفسيرهم كان منطقيًا.
٢. الْيَوْمَ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّبَّ بَيْنَنَا لأَنَّكُمْ لَمْ تَخُونُوا الرَّبَّ بِهذِهِ الْخِيَانَةِ: رأى فينحاس أن الرب كان حاضرًا في وسطهم (أَنَّ الرَّبَّ بَيْنَنَا)، إذ قد عادت الوحدة بين بني إسرائيل. هذا يتمم ما جاء في مزمور ١٣٣: ١ ’هوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!‘
ي) الآيات (٣٢-٣٤): الخاتمة: انتهاء المشكلة.
٣٢ثُمَّ رَجَعَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَالرُّؤَسَاءُ مِنْ عِنْدِ بَنِي رَأُوبَيْنَ وَبَنِي جَادَ مِنْ أَرْضِ جِلْعَادَ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ خَبَرًا. ٣٣فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَارَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ اللهَ، وَلَمْ يَفْتَكِرُوا بِالصُّعُودِ إِلَيْهِمْ لِلْحَرْبِ وَتَخْرِيبِ الأَرْضِ الَّتِي كَانَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ سَاكِنِينَ بِهَا. ٣٤وَسَمَّى بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ الْمَذْبَحَ «عِيدًا» لأَنَّهُ «شَاهِدٌ بَيْنَنَا أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ».
١. فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَارَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ اللهَ: لقد عمّ الرضى وسط شعب الله، والكل تمتع بنعمة السلام فيما بينهم.
٢. وَسَمَّى بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ الْمَذْبَحَ «عِيدًا»: سُمي المذبح عِيدًا لأنه كان شاهدًا بين الأسباط في شرق وغرب الأردن على أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ.
• يجب أن نرد على سوء الفهم بنفس الطريقة، وفقًا لهذه المبادئ عينها.
الرد مع مراعاة قداسة الله.
الرد مع جرأة المواجهة بمحبة.
الرد بهدف المصالحة قبل الصِدام.
تأكد من استعدادك لتقديم التضحية لمساعدتهم قبل مواجهتهم، ولا تواجه إلا إذا كنت مستعدًا لتقديم المساعدة.
قَرِر أنك سترى الموقف من وجهة نظر الطرف الآخر.
افترض حسن النية في الآخر.