رسالة تسالونيكي الأولى – الإصحاح ٤
الثقة في مجيء يسوع
أولًا. تعليمات بشأن الطهارة الجنسية
أ ) الآيات (١-٢): كيف نسلك بما يُرضي الله.
١فَمِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَسْأَلُكُمْ وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ، أَنَّكُمْ كَمَا تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَسْلُكُوا وَتُرْضُوا اللهَ، تَزْدَادُونَ أَكْثَرَ. ٢لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَيَّةَ وَصَايَا أَعْطَيْنَاكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ.
- فَمِنْ ثَمَّ (أو أخيرًا): إنَّ استخدام بولس لعبارة ’فَمِنْ ثَمَّ‘ (أو أخيرًا) لا يعني أنَّه قد انتهى. فالمقصود أنَّه بدأ هنا الجزء الأخير من الرسالة، الذي يحتوي على تعليمات عمليّة بخصوص الطريقة التي يريد الله لشعبه أن يعيش بها.
- ”الكلمة المُترجَمة «فَمِنْ ثَمَّ» loipon (لويپون) عبارة عن حال منصوب، معناه: «أمَّا بعد»، وهو علامة على الانتقال، لا إلى الوصول إلى الخاتمة.“ هيبرت (Hiebert)
- يَجِبُ أَنْ … تَزْدَادُونَ أَكْثَرَ: كان بولس يشعر بالشكر على النمو الذي شاهده في أهل تسالونيكي، لكنَّه لم يزل يطلب من أجلهم أنْ يزدادوا أكثر في السلوك المُرضِي لله.
- أَكْثَرَ: المقصود أنَّ النضج المسيحيّ لا ينتهي أبدًا على هذا الجانب من الأبديّة. فبغض النظر عن المشوار الذي قطعه المؤمن في المحبّة والقداسة، لا يزال بإمكانه أن يزداد أكثر وأكثر.
- كَمَا تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا: ما كتبه بولس في الآيات التالية لم يكن جديدًا على أهل تسالونيكي. ففي الأسابيع القليلة التي قضاها معهم، قام بتلقينهم أساسيّات الأخلاق المسيحيّة هذه. فقد علم بولس أهمية إرشاد المؤمنين الجدد في هذه الأمور.
- كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَسْلُكُوا وَتُرْضُوا ٱللهَ: افترض بولس أنّ أهل تسالونيكي يفهمون أنَّ القصد من سلوكهم – أي سيرة حياتهم – هو إرضاء الله لا أنفسهم. فعندما يتسلّح المؤمن بهذا الفهم الأساسيّ، فإنَّ التعليمات التالية بخصوص الأخلاق الكتابيّة تكون منطقية.
- ”عندما يخلص الإنسان بواسطة عمل المسيح من أجله، لا تكون له مطلق الحريّة في أنْ يقرّر إذا كان سيخدم الله أم لا. لقد تمّ شراؤه بثمن (كورنثوس الأولى ٢٠:٦)، وأصبح عبدًا للمسيح.“ موريس (Morris)
- لِأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَيَّةَ وَصَايَا أَعْطَيْنَاكُمْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ: لم تكن هذه اقتراحات شخصية من بولس. بل هي وَصَايَا من ٱلرَّبِّ يَسُوعَ ويجب قبولها على هذا الأساس.
- كتب موريس (Morris) بخصوص الكلمة المترجمة ’وَصَايَا‘: “تتناسب هذه الكلمة مع البيئة العسكرية أكثر من أي بيئة أخرى، ذلك أنَّها تدلّ عادةً على الأوامر التي يلقيها الضابط على جنوده (راجع استخدامها في أعمال الرسل ٢٨:٥، ٢٤:١٦). إنَّها، إذًا، كلمة تحمل نبرة السلطان.”
ب) الآيات (٣-٦أ): وصية الطهارة الجنسية.
٣لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، ٤أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، ٥لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ. ٦أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ…
لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ: قَدَاسَتُكُمْ: لقد قدّم بولس هذه الوصايا في ظلّ الثقافة الرومانيّة القديمة التي كانت تتميّز بالانحلال الأخلاقي. ففي ذلك الوقت في الإمبراطورية الرومانيّة، كانت العِفّة والطهارة الجنسية فضيلتين غير معروفتين تقريبًا. ولكن كان على المؤمنين أن يأخذوا معايير الأخلاق الجنسية من الله، لا من الثقافة.
- قال بولس إنَّ هذه وصية (تسالونيكي الأولى ٢:٤). وهذه الكلمة عبارة عن مصطلح عسكري يصف أمرًا مُوجَّهًا من ضابط إلى تابعيه الأدنى منه رتبةً، وهذا الأمر صادر عن يسوع، وليس عن بولس.
- عبّر الكاتب القديم ديموثينيس (Demosthenes) عن النظرة غير الأخلاقية التي كانت سائدة عمومًا عن الجنس في الإمبراطورية الرومانيّة القديمة وقال: “نقتني العاهرات للتمتُّع بهنَّ. ونحتفظ بالعشيقات لتلبية احتياجات الجسد اليومية. أمَّا الزوجات فنحتفظ بهنَّ للإشراف على بيوتنا بإخلاص.”
- إِرَادَةُ ٱللهِ: قَدَاسَتُكُمْ: أوضح بولس تمامًا ما هي إِرَادَةُ ٱللهِ للمؤمن. فالفكرة الكامنة وراء التقِدّيس هي أن نكون منفصلين عن الثقافة الفاجرة وعن انحلالها الجنسي. فإن كان سلوكنا الجنسي لا يختلف عن سلوك ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ، فنحن لسنا مُقدَّسين – منفصلين – بالطريقة التي يريدها الله لنا.
- أولئك ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ ليس لديهم الموارد الروحيّة اللازمة للسلوك بطهارة أمام الربّ. أمَّا المؤمنون فيملكونها. لذلك، يجب أن يعيش المؤمنون بطريقة مختلفة عن أولئك ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ.
- أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ ٱلزِّنَا: نحن نعيش بطريقة مختلفة عن العالم عندما نمتنع عن ٱلزِّنَا (الفجور). والكلمة اليونانيّة المترجمة بـٱلزِّنَا porneia (پورنِيا) هي كلمة ذات دلالة واسعة، حيث تدلّ على أي علاقة جنسية خارج عهد الزواج.
- “تُستخدَم كلمة ٱلزِّنَا هنا بمعناها الشامل للدلالة على جميع أنواع الاتّصال الجنسي غير الشرعي.” هيبرت (Hiebert). “تستلزم الكلمة تعريفًا واسعًا هنا لتشمل جميع أنواع الخطايا الجنسية بين الذكور والإناث.” توماس (Thomas)
- توضّح الطبيعة الواسعة لكلمة پورنِيا أنَّه لا يكفي مُجرَّد القول بأنَّك لم تُقِم علاقة جنسية مع شخص غير شريكك. فكل سلوك جنسي خارج عهد الزواج خطيّة.
- الله يمنح حرّيّة جنسية كبيرة في العلاقة الزوجية (رسالة العبرانيين ٤:١٣). ولكنَّ خطة الشيطان المفضوحة تقوم غالبًا على بذل كل ما في وسعه لتشجيع ممارسة الجنس خارج إطار الزواج وإحباط ممارسة الجنس في الزواج.
- أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ: نحن نعيش بطريقة مختلفة عن العالم عندما نضبط (يَقْتَنِيَ) أجسادنا بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ. فالفجور هو عكس الكرامة لأنَّه يُحِطّ من قدر الذات ويُهينها. وأولئك الذين لا يكبحون رغباتهم الجنسية، يتصرّفون كالحيوانات لا كالبشر، وينساقون وراء غرائزهم دون ضبط للنفس.
- أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ: “تدلّ هذه العبارة على أنَّ الأمر المُقدَّم ينطبق على كل فرد من أفراد الكنيسة. ونفس المعايير الأخلاقية تنطبق على الجميع.” هيبرت (Hiebert)
- يفسّر البعض هذا المقطع بأنّ كلمة ’إِنَاءَهُ‘ لا بُدّ أنها تشير إلى الزوجة، وأنَّ بولس هنا يشجّع المؤمنين على الزواج والتعبير عن رغباتهم الجنسية في الزواج بدلًا من الوقوع في الزنا. ولكن يبدو أنَّ قصد بولس كان تشجيع كل مؤمن على ضبط جسده (إِنَاءَهُ) أو التحكّم فيه على نحو يُكرِم الله. فالفجور خطيّة في حق جسد الإنسان (كورنثوس الأولى ١٨:٦).
- لَا فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ: يعني هذا بوضوح أن السلوك الجنسي للمؤمن يجب أن يكون مختلفًا عن الإباحية السائد آنذاك.
- “كان عبدة الأوثان يعبدون آلهة هي تجسيد لطموحاتهم وشهواتهم، ولكنهم لم يعرفوا الإله الحقّ، الإله الذي هو نفسه قدّوس ويرغب في تقِدّيس أتباعه.” هيبرت (Hiebert)
- أَنْ لَا يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ: عندما نعيش في انحلال جنسي، نتطاول على (نستغلّ) الآخرين ونطمع عليهم (نخدعهم ونغشّهم) بطرق تفوق قدرتنا على التخيُّل. فالزاني يغشّ زوجته وأولاده. والداعر يخدع زوجة المستقبل وأبناء المستقبل؛ وكلاهما يغشّ الشريك غير الشرعي لفراشه.
- الزنا انتهاك واضح لحقوق شخص آخر. ولكنَّ المخالطة الجنسية قبل الزواج تمثّل سرقة العذرية من الطرف الآخر، والتي كان يجب المحافظة عليها حتّى يتم الزواج. إنَّها نهب وسلب من شريك المستقبل.” موريس (Morris)
- يتكرّر مرارًا وتكرارًا في سفر اللاويين الإصحاح ١٨ – وهو إصحاح يقدّم فيه الله لإسرائيل وصايا عن الأخلاق الجنسية – موضوع عدم كشف عورة الإنسان لشخص آخر غير الشريك. والفكرة هي أنَّ عورة الفرد ملك للزوج أو الزوجة، وليس لأي شخص آخر، وأنَّ الكشف عن العورة لأي شخص آخر هو انتهاك لشريعة الله.
ج) الآيات (٦ب-٨): الأسباب الكامنة وراء هذه الوصية.
٦… لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلاً وَشَهِدْنَا. ٧لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ. ٨إِذًا مَنْ يُرْذِلُ لاَ يُرْذِلُ إِنْسَانًا، بَلِ اللهَ الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا رُوحَهُ الْقُدُّوسَ.
لِأَنَّ ٱلرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهَذِهِ كُلِّهَا: هذا أوَّل سبب من أربعة أسباب للطهارة الجنسية. ويمكننا أن نثق في أنَّ الله سيعاقب على الفجور، وأنّ أحدًا لن يفلت من قصاص هذه الخطيّة – حتّى ولو تمّت في الخفاء.
- لِأَنَّ ٱللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي ٱلْقَدَاسَةِ: هذا هو السبب الثاني الذي يجعل المؤمنين طاهرين جنسيًّا – دعوتنا. فهذه الدعوة ليست إلى النجاسة، بل إلى القداسة. فالفجور إذًا، يتعارض ببساطة مع هويّتنا في يسوع المسيح.
- قد توسّع بولس في نفس هذه الفكرة في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس ٩:٦-١١ و٢٠، وختم قوله بضرورة أنْ نمجّد الله في أجسادنا وأرواحنا، التي هي ملك لله.
- إِذًا مَنْ يُرْذِلُ لَا يُرْذِلُ إِنْسَانًا، بَلِ ٱللهَ: السبب الثالث للطهارة الجنسية هو أنَّ رفض دعوة الله للطهارة الجنسية ليس رفضًا لإنسانٍ، بل لله ذاته. فعلى الرغم من الطرق الساذجة التي يبرّر بها الناس الانحلال الجنسي، إلَّا أننا لا نزال نرذل (نرفض) الله عندما نخطئ بهذه الطريقة.
- لا يبدو أنَّ أمر بولس القويّ هنا مرجعه أنَّ أهل تسالونيكي كانوا منغمسين في الخطيّة؛ فهو لم يذكر خطيّة محددة. ولكن يبدو أنَّ هدفه كان منع الخطيّة قبل وقوعها، لا توبيخهم على خطيّة ارتكبوها، ذلك على ضوء المعايير المنخفضة السائدة في مجتمعهم وبسبب قوّة جاذبية الخطيّة الجنسية.
- ٱلَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا رُوحَهُ ٱلْقُدُّوسَ: هذا هو آخر سبب من أسباب الطهارة الجنسية الأربعة في هذه الفقرة. فقد أعطانا الله روحه القدوس، الذي يمكّن المؤمنين من التغلب على الخطيّة الجنسية. فبروحه القدوس، وهبنا الله الموارد اللازمة لتحقيق الغلبة. ونحن مسؤولون عن استخدام هذه الموارد.
ثانيًا. ممارسة حياة هادئة أمام الله
أ ) الآيات (٩-١٠): يجب أن نعيش حياة من المحبّة المتزايدة.
٩وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. ١٠فَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذلِكَ أَيْضًا لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي مَكِدُونِيَّةَ كُلِّهَا. وَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَزْدَادُوا أَكْثَرَ.
وَأَمَّا ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْأَخَوِيَّةُ فَلَا حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا: هذه المبادئ أساسيّة إلى درجة أنَّ بولس كان يعلم أنَّها واضحة لمؤمني تسالونيكي. فأهل تسالونيكي قد تعلّموا مِنَ اللهِ أهمّيّة المحبّة، ولكن من الضروري تذكيرنا جميعًا.
- فَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ أَيْضًا لِجَمِيعِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ فِي مَكِدُونِيَّةَ: ليس المقصود أنَّ أهل تسالونيكي عديمو المحبّة؛ بل كانت محبّتهم لِجَمِيعِ ٱلْإِخْوَةِ معروفة جدًّا، إنَّما كان عليهم أَنْ يزْدَادُوا في محبتهم باستمرار.
ب) الآية (١١): يجب أن نمارس حياة ملؤها العمل.
١١وَأَنْ تَحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ، وَتُمَارِسُوا أُمُورَكُمُ ٱلْخَاصَّةَ، وَتَشْتَغِلُوا بِأَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ كَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ.
- وَأَنْ تَحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ: المقصود هو ضرورة أن يكون طموحنا أو هدفنا في الحياة أنْ نعيش حياة هادئة.
- تأتي كلمة ’تَحْرِصُوا‘ هنا بمعنى الطموح، وهي تتَرجم بهذه الطريقة في العديد من ترجمات الكتاب المُقَدَّس. وتحمل كلمة هَادِئِينَ فكرة السلام والهدوء والراحة والرضا.
- تتناقض الحياة الهادئة مع الترفيه والإثارة التي نجح العصر الحديث في اجتذاب الناس إليهما. فهذا الإدمان على الترفيه والإثارة يضرّنا روحيًّا وثقافيًّا على حد سواء. وقد نقول إنَّ الإثارة والترفيه قد حلاّ محلّ الدين عند كثيرين من الناس اليوم.
- هذا الدين عنده إله: الذات.
- هذا الدين عنده كهنة: المشاهير.
- هذا الدين عنده نبي: التسلية الدائمة.
- ويملك هذا الدين كتبًا مُقَدَّسة: الصحف الشعبية ومجلاّت الترفيه والأخبار وبرامج الإعلام.
- ويملك هذا الدين أماكن للعبادة: المنتزهات والمسارح وقاعات الحفلات الموسيقية والساحات الرياضية؛ ويمكننا القول إنَّ كل إرسال تلفزيوني واتّصال إنترنت هو مَعبَد صغير.
- دين الإثارة والترفيه يُغوِي الناس بأن يعيشوا حياتهم من أجل هدف واحد: الإثارة والمتعة اللحظية. ولكن هذه الإثارة والمتع سرعان ما تنتهي ويطويها النسيان. ولا يلبث المرء أنْ يهتمّ بالشيء الممتع التالي. ويشترط هذا الدين على أتباعه أن يطرحوا سؤالًا واحدًا فقط: ’هل هذا ممتع؟‘ ولا يريدنا أبدًا طرح أسئلة أهمّ مثل: ’هل هذا صحيح؟‘ ’هل هذا حقيقي؟‘ ’هل هذا جيد؟‘ ’هل هذا يرضي الله؟‘
- نحن بحاجة إلى أنَّ نعيش الحياة الهادئة حتّى نتمكن من تخصيص وقت للاستماع إلى الله. فعندما نحيا حياة هادئة، نستطيع الاستماع إلى الله والتعرُّف عليه بصورة أفضل.
- وَتُمَارِسُوا أُمُورَكُمُ ٱلْخَاصَّةَ: المقصود أنَّ المؤمن ينبغي أن يركّز على حياته وأموره الخاصّة، فلا يتدخل في شؤون الآخرين. فالإهتمام بشؤوننا الخاصة (تُمَارِسُوا أُمُورَكُمُ ٱلْخَاصَّةَ) هو أمر كتابيّ.
- “هناك فرق كبير بين الواجب المسيحيّ المتمثّل في تبدية مصالح الآخرين وبين الوسواس القهري لدى الشخص الفضولي الذي يسعى بإستمرار لتصحيح الآخرين.” بروس (Bruce)
- “إلاَّ أنَّ بولس لا يقصد أنَّ على كل فرد أن يهتمّ بشؤونه الخاصّة بحيث يعيش الجميع منعزلين بعضهم عن البعض ولا يهتمّون بغيرهم، ولكنه يريد ببساطة وضع حد للتفاهات الفارغة التي تزعزع السلام بين الأخوة، والعيش بسلام وهدوء مع الآخرين.” كلارك (Clark)
- وَتَشْتَغِلُوا بِأَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ: يجب أن نعترف بكرامة وشرف العمل. فالعمل هو خطّة الله لتقدّم المجتمع والكنيسة. ونحن نقع في فخ الشيطان عندما نتوقّع أن تسير الأمور دائمًا بسهولة، أو نعتبر نعمة الله فرصة للكسل.
- كانت الحرفة تعتبر عملًا مُحتقرًا في الثقافة اليونانيّة. فقد كانوا يظنون أنَّه كلما علا قدر الإنسان، قلّ اضطراره إلى العمل. أمَّا الله فأعطانا مَلِكًا نجّارًا، ورسلًا صيادي سمك، ومبشّرين صانعي خيام.
- “لا شيء أكثر خزيًا من الخامل الذي لا فائدة منه، فهو لا يفيد نفسه ولا الآخرين، ويبدو أنَّه وُلِد ليأكل ويشرب فقط.” كلارك (Clark)
ج ) الآية (١٢): يجب أن نعيش حياة يُضرَب بها المثل، ولا ينقصها شيء.
١٢لِكَيْ تَسْلُكُوا بِلِيَاقَةٍ عِنْدَ ٱلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، وَلَا تَكُونَ لَكُمْ حَاجَةٌ إِلَى أَحَدٍ.
- لِكَيْ تَسْلُكُوا بِلِيَاقَةٍ عِنْدَ ٱلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ: عندما نجمع بين محبّة إخوتنا وبين العمل، نسلك سلوكًا لائقًا. وهكذا يرى غير المؤمنين (ٱلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ) مثالنا ويتأثّرون به فيقرّرون أتباع يسوع.
- كتب هيبرت (Hiebert) تعليقًا على كلمة ’بِلِيَاقَةٍ‘ كالتالي: “إنَّها تعني ’الحالة الجيّدة، الشكل المناسب، الطريقة المُشرِّفة، التي لا تسبّب أي إساءة.‘ فلا يصحّ أبدًا أنْ يتجاهل المؤمنون التأثير الناتج عن قدوتهم.”
- وَلَا تَكُونَ لَكُمْ حَاجَةٌ إِلَى أَحَدٍ: يكمّل بولس الفكرة التي بدأها في الإصحاح ٣ والآية ١٠ (أَنْ نَرَى وُجُوهَكُمْ، وَنُكَمِّلَ نَقَائِصَ إِيمَانِكُمْ). إذا اتّبعوا تعاليمه واقتدوا به، فلن ينقصهم شيء، وهكذا يبلغون مرحلة النضج المسيحيّ الحقيقيّ.
ثالثًا. المؤمنين الذين ماتوا
أ) الآية (١٣): الأموات المؤمنون ’راقدون.‘
١٣ثُمَّ لَا أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ٱلرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لَا تَحْزَنُوا كَٱلْبَاقِينَ ٱلَّذِينَ لَا رَجَاءَ لَهُمْ.
- ثُمَّ لَا أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ٱلرَّاقِدِينَ: في الأسابيع القليلة التي قضاها مع أهل تسالونيكي، شدَّد بولس على عودة يسوع قريبًا، وكان أهل تسالونيكي يؤمنون بذلك إيمانًا صادقًا. وكان هذا سببًا من الأسباب التي جعلت بولس يمدحهم مدحًا كبيرًا. ولكن بعد مغادرة بولس، أخذوا يتساءلون عن حال المؤمنين الذين ماتوا قبل أنْ يرجع يسوع. واضطربوا من فكرة أنَّ هؤلاء المؤمنين قد يفوتهم هذا الحدث المستقبلي العظيم، وقد تفوتهم غلبة وبركة مجيء يسوع.
- جدير بالذكر أنَّه بولس طلب أربع مرات في رسائله من المؤمنين ألَّا يجهلوا شيئًا ما:
- لا تجهلوا من جهة خطّة الله لإسرائيل (رسالة رومية ٢٥:١١).
- لا تجهلوا من جهة المواهب الروحيّة (رسالة كورنثوس الأولى ١:١٢).
- لا تجهلوا من جهة الألم والتجارب في الحياة المسيحيّة (رسالة كورنثوس الثانية ٨:١).
- لا تجهلوا من جهة الاختطاف والمجيء الثاني ليسوع (رسالة تسالونيكي الأولى ١٣:٤).
- ومن اللافت للنظر أنَّ هذه مجالات لا يزال الجهل مستشريًا فيها في العالم المسيحيّ.
- جدير بالذكر أنَّه بولس طلب أربع مرات في رسائله من المؤمنين ألَّا يجهلوا شيئًا ما:
- مِنْ جِهَةِ ٱلرَّاقِدِينَ: كان «الرقاد» طريقة شائعة للتعبير عن الموت في العالم القديم، ولكن كان يُنظَر إليه دائمًا بين الأُمَم على أنَّه رقاد أبديّ.
- تمتلئ الكتابات القديمة بهذا التشاؤم من جهة الموت:
- “لا قيامةَ للإنسان بمُجَرَّد موته.” (أَيسخيلُس Aeschylus)
- “الآمال بين الأحياء؛ أمَّا الأموات فلا أمل لهم.” (ثيوقريطُس Theocritus)
- “قد تغرب الشموس ثُمَّ تُشرِق من جديد، لكن ما أنْ ينطفئ نورنا القصير، ننام ليلًا لا نهاية لها.” (كَتالُّس Catullus)
- دعا المؤمنون الموتَ رُقادًا، لكنهم أكّدوا بهذا اللفظ على فكرة الراحة. فقد أخذ المسيحيّون الأوائل يطلقون على أماكن دفنهم ’منامات،‘ أي’أماكن للنوم‘ أو الرقاد. ومع ذلك، لا يصف الكتاب المُقَدَّس موتَ غيرِ المؤمنين بالرقاد، لأنَّه لا توجد راحة أو سلام أو تعزية لهم في الموت.
- على الرغم من أنَّ بولس استخدم تعبيرات شائعة في يومه، فأشار إلى الموت على أنَّه ’رقاد،‘ إلاَّ أنَّ ذلك لا يثبت فكرة «نوم الروح» الخاطئة، أي أنَّ الأموات في المسيح في حالة من الإنعاش المؤجَّل، أي في انتظار القيامة حتّى يعودوا إلى الوعي. “بما أنَّ الانطلاق من هذا العالم عند الموت لـ «نكون مع المسيح» يوصَف من قِبَل بولس بأنه «أفضل جدًا» (رسالة فيلبّي ٢٣:١) من حالة الشركة المباركة الراهنة مع الربّ والنشاط المبارك في خدمته، فمن الواضح أنَّ ’الرقاد‘ في حالة المؤمنين لا يمكن أن يعني أنَّ الروح تفقد الوعي.” هيبرت (Hiebert)
- تمتلئ الكتابات القديمة بهذا التشاؤم من جهة الموت:
- لِكَيْ لَا تَحْزَنُوا كَٱلْبَاقِينَ ٱلَّذِينَ لَا رَجَاءَ لَهُمْ: الموت قد مات بالنسبة إلى المؤمن، وترك هذا الجسد يُشبِه الاستلقاء قليلًا من أجل القيلولة ثُمَّ الاستيقاظ في المجد. إنه انتقال، لا موت. لهذه الأسباب، لا ينبغي للمؤمنين أن يحزنوا كَٱلْبَاقِينَ ٱلَّذِينَ لَا رَجَاءَ لَهُمْ عندما يموت أحباؤهم في يسوع.
- يجوز لنا كمؤمنين أنْ نحزن على موت المؤمنين الآخرين؛ ولكن ليس كَٱلْبَاقِينَ ٱلَّذِينَ لَا رَجَاءَ لَهُمْ. فحزننا يُشبِه الحزن عند تشييع شخص مسافر في رحلة طويلة، مع العلم بأنّنا سنراه من جديد، ولكن بعد فترة طويلة.
ب) الآية (١٤): هناك يقين كامل من أنَّ المؤمنين الذين ماتوا أحياء بعد.
١٤لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذَلِكَ ٱلرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ ٱللهُ أَيْضًا مَعَهُ.
- لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذَلِكَ ٱلرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ ٱللهُ أَيْضًا مَعَهُ: نحن نملك ما هو أكثر من مُجَرَّد أمنية في القيامة. فإنَّ لنا في قيامة يسوع مثالًا رائعًا على القيامة ووعد بقيامتنا نحن أيضًا.
- قد هدأت عقول أهل تسالونيكي المضطربة بفضل عبارة ’كَذَلِكَ ٱلرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ ٱللهُ أَيْضًا مَعَهُ.‘ “من الأفضل فهم الكلام بمعنى أنَّ يسوع سوف يُحضِر المؤمنين الراحلين معه عندما يرجع. فموتهم لا يعني أنَّهم سوف يخسرون نصيبهم من خبرة المجيء (پاروسيا).” موريس (Morris)
- يَسُوعَ مَاتَ: عندما كتب بولس عن موت المؤمنين، دعاه بـالرقاد. ولكن في وصفه لموت يسوع، لم يخفّف حِدّة التعبير بوصفه بـالرقاد، لأنَّ موته لم يكن فيه هدوء أو سلام.
- “لقد تحمّل أسوأ ألوان الموت… وبفضل عدم تخفيف رعب الموت في حالته، يختفي رعب الموت في حالة شعبه. فبالنسبة إليهم هو مُجرَّد رُقاد.” موريس (Morris)
- نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ: كان هذا هو الإيمان الواثق للرسول بولس والمسيحيّين الأوائل. فنحن بالتأكيد سوف نحيا، لأنَّ يسوع حي واتّحادنا به أقوى من الموت. وهذا هو سبب عدم حزننا مثل مَن ليس لديهم رجاء، وما يضمن لنا أنَّ رجاءنا في القيامة ليس مُجَرَّد أمنية.
- عندما يموت الخاطئ، نحزن عليه. وعندما يموت المؤمن، نحزن على أنفسنا فقط، لأنَّه مع الربّ.
- في أنقاض روما القديمة، يمكنك رؤية مقابر الوثنيين الرائعة، مكتوب عليها نقوش كئيبة. يقول نقش منها:
- لم أكن (موجودًا)
- ثُمَّ أصبحت (موجودًا)
- ولم أعد (موجودًا)
- لا يهمّني شيء
- أو يمكنك زيارة السراديب القاتمة للموتى المسيحييّن وقراءة نقوشهم المجيدة. واحدة من أكثر العبارات المسيحيّة شيوعًا من سراديب الموتى كانت «بِسَلَامَةٍ»، نقلًا عن مزمور ٨:٤ «بِسَلَامَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضًا أَنَامُ، لِأَنَّكَ أَنْتَ يَارَبُّ مُنْفَرِدًا فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي.» ينبغي لنا أنْ ننظر إلى الموت بنفس الطريقة التي نظر بها المسيحيّون الأوائل.
- مِمَّا يُؤسَف له أنَّ المؤمنين لا يتمتّعون جميعًا بهذه الثقة وهذا السلام. فإنَّ المؤمنين، بسبب قلة الإيمان، قد يستولي عليهم الخوف واليأس من الموت. فقد قرأ المؤلِّف ذات مرَّة نقشًا يعبّر عن هذا اليأس الغير مسيحيّ على شاهد قبر أيرلندي في مدفنة مسيحيّة على تل سلان، خارج مدينة دبلن:
- أيها الموت القاسي لك أنْ تفتخر
- فمن بين الطغاة أجمعين أنت الأشرّ
- لأنك تسيطر على جميع البشر
- يا ربُّ، ارحمني أنا البشر (١٧٨٢)
ج) الآيات (١٥-١٦): أولئك الذين ناموا في يسوع لن يُحرَموا من اختبار المجيء.
١٥فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. ١٦لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً.
- بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ: أكّد بولس أنَّ هذا الوصية أتت من مصدر موثوق، رغم أننا لا نعرف إن كان بولس قد تلقّى ذلك بواسطة الوحي المباشر أم أنَّه من أقوال يسوع غير المُسجَّلة (في الأناجيل). سواء هذا أو ذاك، يسوع هو مصدر هذا القول بطريقة أو بأخرى، وليس بولس.
- “لا يتحدّث الرسول بثقة وإيجابية عن وحي الله له في أي مكان أكثر من هنا. فعلينا أن نُعِدّ أنفسنا لتلقّي حقائق مهمّة ومثيرة للاهتمام.” كلارك (Clarke)
- إِنَّنَا نَحْنُ ٱلْأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ ٱلرَّبِّ، لَا نَسْبِقُ ٱلرَّاقِدِينَ: أراد بولس أنْ يعلم أهل تسالونيكي أنَّ ٱلرَّاقِدِينَ – المؤمنين الذين ماتوا قبل عودة يسوع – لن يكون وضعهم سيئًا بأيّ حال من الأحوال. فنَحْنُ ٱلْأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ ٱلرَّبِّ، لَا نَسْبِقُ ٱلرَّاقِدِينَ بأي حال من الأحوال. فالله سوف يسمح للراقدين بالمشاركة في مجد مَجِيءِ ٱلرَّبِّ.
- “لن يكون للأحياء أفضلية على الراقدين؛ فهم لن يقابلوا المسيح العائد قبل الأموات، ولن يكون لهم أي أسبقية في البركة عند مجيئه.” هيبرت (Hiebert)
- المقصود بـ نَحْنُ ٱلْأَحْيَاءَ أنَّ بولس نفسه يشارك في هذا التوقّع. وليس سبب ذلك أنَّ بولس كان متمسّكًا بوعد خاطئ بعودة يسوع في حياته. “التفسير الأرجح هو أنَّ بولس كان مثالًا على التوقّع للكنيسة في جميع الأزمنة. فالتوقّع المسيحيّ السليم يتضمن عودة المسيح الوشيكة.” توماس (Thomas)
- لِأَنَّ ٱلرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ: عندما يأتي يسوع، سيأتي شخصيًّا. ٱلرَّبَّ نَفْسَهُ… سَوْفَ يَنْزِلُ ويأتي بِهُتَافٍ. فالكلمة اليونانيّة المُترجَمة ’هُتَافٍ‘ هنا هي نفس الكلمة المستخدمة مع الأوامر التي يُصدرها قبطان السفينة لطاقمه أو يأمر بها القائد جنوده. “هناك دائمًا نبرة السلطان والإلحاح.” موريس (Morris)
- على ما يبدو، ستكون هناك إشارات مسموعة تؤدّي إلى هذا الحدث الجليل. وقد تشير الأوصاف الثلاثة (الهتاف والصوت والبوق) إلى نفس الصوت؛ أو قد يكون هناك ثلاثة أصوات متميّزة. فلن يكون الاختطاف صامتًا أو سريًّا، مع أنَّ الغالبية العظمى من الناس قد لا يفهمون الصوت ولا معناه.
- عندما سمع بولس الصوت السماويّ وهو في الطريق إلى دمشق (أعمال الرسل ٧:٩، ٩:٢٢)، سمع رفاقه وَقْع صوتٍ، لكنهم لم يسمعوا كلمات واضحة. فقد سمعوا صوتًا لكنهم لم يفهموا معناه. وقد يكون وقع الهتاف/الصوت/البوق الذي يصاحب الاختطاف له نفس التأثير. قد يسمع العالم أجمع هذا الصوت السماويّ دون أنْ يفهموا معناه.
- بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلَائِكَةٍ: هذا لا يعني أنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ هو رَئِيسِ مَلَائِكَةٍ. الوحيد الذي يوصف بأنه رئيس ملائكة في الكتاب المُقَدَّس هو ميخائيل (رسالة يهوذا ٩:١). بولس يقصد أنَّه عندما يأتي يسوع، سيكون في صحبته كبار الملائكة.
- معنى بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلَائِكَةٍ هو أنَّ بولس لم يحدّد رئيس ملائكة معين. “من المحتمل أنَّه لا يقصد أنَّ رئيس الملائكة سيتكلّم بالفعل، ولكن أنَّ الصوت المنطوق سيكون مُجلجلًا للغاية، بما يناسب صوت رئيس ملائكة.” موريس (Morris)
- وَبُوقِ ٱللهِ: يتم جمع المؤمنين بـبُوقِ ٱللهِ. ففي العهد القديم، كانوا يضربون في الأبواق للإعلان عن الحرب وإلقاء الرعب في صدور الأعداء، بما يتوافق مع الأبواق السبعة الموصوفة في سفر العدد ٩:١٠ وسفر رؤيا يوحنا ٨ و٩. وكذلك كانت الأبواق تُعلِن عن تجمّع شعب الله، كما في سفر اللاويين ٢٤:٢٣ وسفر العدد ٢:١٠. وبُوقِ ٱللهِ هنا يجمّع شعب الله معًا.
- “كانت المحافل الرسمية للشعب، بموجب الناموس، تُعلَن بصوت البوق. ويبدو أنَّ هذه إشارة إلى محفل من ذلك النوع.” كلارك (Clark)
- هناك ثلاث قرائن أخرى تربط الأبواق بأحداث الأزمنة الأخيرة. إحداها البوق الأخير كما هو مذكور في رسالة كورنثوس الأولى ٥٢:١٥، والذي يبدو أنه يرتبط بوضوح بهذا البوق المذكور هنا في تسالونيكي الأولى الإصحاح ٤. وأمَّا الأبواق الأخرى، فهي الأبواق السبعة التي تبلغ ذروتها في سفر الرؤيا ١٥:١١، والبوق الذي يجمع مُختاري إسرائيل عند انقضاء الدهر في إنجيل متى ٣١:٢٤.
- يقارن هيبرت (Hiebert) بين هذا البوق والبوق السابع في سفر الرؤيا ١٥:١١ فيقول: “الموضوعات مختلفة: هنا الموضوع هو الكنيسة، وهناك العالم الشرير. والنتائج مختلفة: هنا صعود الكنيسة لتكون مع الرب في المجد. أمَّا هناك فمزيد من الدينونة على العالم الفاجر. يشير ’البوق الأخير‘ هنا إلى نهاية حياة الكنيسة على الأرض. أمَّا هناك فيدلّ البوق ’السابع‘ على الذروة في سلسلة تصاعدية من دينونات رؤوية على الأحياء في الأرض.”
- بالنسبة إلى بوق تسالونيكي الأولى ٤ والبوق المذكور في إنجيل متى ٣١:٢٤، يمكننا أيضًا ملاحظة ما يلي:
- الموضوعات مختلفة: يشير البشير متّى إلى المؤمنين اليهود أثناء الضيقة العظيمة؛ أمَّا بولس فيشير إلى الكنيسة.
- الظروف مختلفة: يشير البشير متّى إلى اجتماع المختارين المُشتَّتين على وجه الأرض، دون ذكر القيامة؛ أمَّا بولس فيشير إلى إقامة الموتى المؤمنين.
- النتائج مختلفة: يشير البشير متّى إلى المؤمنين الأحياء الذين اجتمعوا من أقاصي الأرض بأمر سيّدهم الذي عاد إلى الأرض في مجد علني؛ أمَّا بولس فيشير إلى اتّحاد الموتى المؤمنين بالمؤمنين الأحياء للقاء الربّ في الهواء.
- وَٱلْأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا: كلام بولس إلى أهل تسالونيكي واضح. فالموتى في المسيح الذين سبقونا لن يُستَبعدون من قيامة يسوع ولا من عودته. بل في الواقع، سوف يختبرون ذلك أوّلًا.
- “بعد أن يأخذ المؤمنون الراقدون مكانهم مع الرب، يلحق بهم القِدّيسون الذين على الأرض، أو بمعنى أدقّ: يلحقون بهم ويقابلون الربّ في آن واحد.” موريس (Morris)
- إنَّه يقول: “ترتيب القيامة سيبدأ بهم. لذلك لن نقوم بدونهم.” كالفين (Calvin)
- سَيَقُومُونَ أَوَّلًا: يتساءل الكثيرون كيف يقوم ٱلْأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ أوّلًا. فيؤمن البعض أنَّ لديهم الآن أجسادًا مؤقتة وهم ينتظرون هذه القيامة. ويعتقد البعض الآخر أنَّهم الآن أرواح بلا أجساد تنتظر القيامة. بينما يقول غيرهم إنّ ٱلْأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ يختبرون قيامتهم في الحال.
- سيأتي يوم يتسلّم فيه ٱلْأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ أجسادَ القيامة، بحسب خطّة الله الأبديّة. ولكن حتّى ذلك اليوم، نحن على ثقة من أنَّ الأموات في المسيح ليسوا في حالة من نوم الروح أو الإنعاش المؤجَّل. فقد أوضح بولس أن الغياب عن الجسد يعني الحضور عند الربّ. (كورنثوس الثانية ٨:٥) إمّا أنَّ الأموات في المسيح حاليًا هم مع الربّ في جسد روحيّ، ينتظرون جسد قيامتهم النهائيّ، أو أنَّهم، بسبب طبيعة الأبديّة الفائقة للزمن، قد تسلّموا أجساد قيامتهم بالفعل لأنهم يعيشون في الأبديّة الآن.
- مهما كانت طريقة قيام الله بذلك، فنحن على ثقة من أنَّ وعده حقّ. “حتّى وإن كانت العظام مبعثرة في جهات السماء الأربع، إلاَّ أنَّها ستجتمع مرَّة أخرى بصيحة من الربّ الإله، كل عظم إلى عظمه… نحن لا نشكّ في أنَّ الله سوف يحفظ ثرى أبناء وبنات صهيون الأعزّاء.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآية (١٧): يسوع يأتي للقاء كنيسته.
١٧ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ.
- ثُمَّ نَحْنُ ٱلْأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ: أولئك الأحياء والباقون حتّى يأتي مجيء يسوع سيُخطَفون للقاء يسوع في الهواء، مع الأموات في يسوع الذي قاموا من الموت بالفعل.
- الفعل المترجم هنا بكلمة يختطف، معناه يقبض على شخص أو يخطفه بالقوّة. “هناك غالبًا فكرة الانقضاض المفاجئ، وعادةً ما تكون مصحوبة بقوّة لا يمكن مقاومتها.” موريس (Morris). كانت كلمة ’مُلاَقَاةِ‘ تُستخدَم في الأصل اليونانيّ كمصطلح فنيّ لوصف الاستقبال الرسمي لضيوف الشرف.
- هذا المقطع هو أساس عقيدة الاختطاف في العهد الجديد، أي رفع المؤمنين ليكونوا مع يسوع. أمَّا كلمة الاختطاف فليست في النص اليونانيّ، بل هي مأخوذة من ترجمة الڤولغاتا اللاتينية، التي استبدلت كلمة ’مُلاَقَاةِ‘ بكلمة نُخطَف.
- تصريح بولس، الذي جاء بوحي الروح القُدُس، لافت للنظر ومذهل على حدٍّ سواء. فهو يتحدّث عن طيران المؤمنين إلى أعلى، مخطوفين… فِي ٱلسُّحُبِ لِمُلَاقَاةِ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْهَوَاءِ. وهذا أمر ما كنا لنصدّقه لو لم يخبرنا الكتاب المُقَدَّس به، تمامًا كما هو الحال في مسألة تجسّد الله وصيرورته طفلًا، وأنه صنع المعجزات، وأنه مات على الصليب وأنه يحيا فينا.
- إنَّ لغة بولس هنا واضحة وصريحة وخالية من الكلام المجازي إلى درجة أنَّنا لا يمكن أنْ نسيء فهمها. “لقد صدرت تصريحات الرسول هنا بنبرة مَن ينقل أمرًا واقعيًّا، وقد قدّمها كتفاصيل حرفية… ما من موضع يصعب فيه تطبيق تشبيهات لغة الرؤى الرمزية أكثر من هذا الموضع. فإمّا أن نقبل هذه التفاصيل على أنَّها تخصّ حدثًا نتوقّعه عمليًّا، أو نحذف بولس من قائمة الرسل الموحى إليهم من الله لتعليم الكنيسة.” آلفورد (Alford)
- سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي ٱلسُّحُبِ لِمُلَاقَاةِ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْهَوَاءِ: إنَّ لغة بولس الواضحة تقطع الشكّ باليقين في هذا الحدث. ولكنَّ توقيت هذا الحدث في التسلسل الزمني لخطّة الله النبوية هو موضوع جدل كبير بين المؤمنين.
- يعتقد الكثيرون من المؤمنين – ولكن ليس جميعهم- أنَّ الإنجيل يعلّمنا بأنَّه ستكون هناك فترة تاريخية مهمّة تمتد سبع سنوات قبل معركة هرمجدون وعودة يسوع منتصرًا. ويدور الجدل في مسالة الاختطاف حول موعد حدوثه أثناء فترة السنوات السبع الأخيرة، والتي عرفت عمومًا باسم ’الضيقة العظيمة‘ المذكورة في إنجيل متى ٢١:٢٤.
- الاختطاف قبل الضيقة: أنَّ المؤمنين يُخطَفون قبل فترة السنوات السبع الأخيرة.
- الاختطاف في منتصف الضيقة: أنَّ المؤمنين يُخطَفون في وسط فترة السنوات السبع الأخيرة.
- الاختطاف قبل الغضب: أنَّ المؤمنين يُخطَفون في وقت ما في النصف الثاني من فترة السنوات السبع الأخيرة.
- الاختطاف بعد الضيقة: أنَّ المؤمنين يُخطَفون في نهاية فترة السنوات السبع الأخيرة.
- يؤمن كل من أتباع هذه الآراء المختلفة بأن موقفهم كتابي. ولكن يجب ألَّا تؤدي اختلافات الفهم هذه إلى تقسيم الشركة بين المؤمنين بمختلف طوائفهم. بَيْدَ أنَّ الكاتب يرى أن الاختطاف قبل الضيقة صحيح من الناحية الكتابية. فهناك إشارات أخرى إلى عودة يسوع بين طيّات تسالونيكي الأولى والثانية تدعم هذا الفهم:
- تسالونيكي الأولى ١٠:١ تُبيِّن المؤمنين وهم في انتظار عودة يسوع. والمعنى الضمني الواضح هو أنّهم يأملون في عودته الوشيكة، ولا يتوقّعون ضيقة كبيرة وشيكة.
- تسالونيكي الأولى ١٣:٤-١٨ تؤكّد لنا أنّ المؤمنين الذين ماتوا سيشاركون الأحياء على قدم المساواة في أحداث الاختطاف والقيامة، وذلك لإزالة خوفهم من أنَّ الأموات في المسيح سيُحرَمون من الميزات. ولكن إذا كان بولس يعتقد أنَّ المؤمنين سيجتازون الضيقة العظيمة، فإنَّه كان ليحسب الأموات في المسيح أكثر حظًا من المؤمنين الأحياء الذين قد يضطرون إلى مقاساة الضيقة العظيمة. ولَكان من المنطقي أن يعزّي بولس أهل تسالونيكي بفكرة أنَّ الأموات في يسوع هم أفضل حالًا لأنَّهم لن يجتازوا الضيقة العظيمة.
- تسالونيكي الثانية ٣:١-١٠ تُعَزِّي المؤمنون الذين يتحمّلون الشدائد، فتعدهم بالراحة الآتية، بينما سيواجه مُضطهِدوهم أحكامًا أكيدة. ولكن لو كان بولس يعلم أنَّ الكنيسة مُقدَّر لها أنْ تجتاز الضيقة العظيمة، لَكان من الأجدر به أن يحذّر هؤلاء المؤمنين من امتحانات أشدّ سوءًا ومن الآلام المقبلة، بدلًا من التمسُّك بوعد الراحة الآتية.
- يعتقد الكثيرون من المؤمنين – ولكن ليس جميعهم- أنَّ الإنجيل يعلّمنا بأنَّه ستكون هناك فترة تاريخية مهمّة تمتد سبع سنوات قبل معركة هرمجدون وعودة يسوع منتصرًا. ويدور الجدل في مسالة الاختطاف حول موعد حدوثه أثناء فترة السنوات السبع الأخيرة، والتي عرفت عمومًا باسم ’الضيقة العظيمة‘ المذكورة في إنجيل متى ٢١:٢٤.
- وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ: الطريقة التي سيجمعنا بها يسوع إلى نفسه مثيرة للعجب. ولكنَّ النقطة الأساسيّة هي أنَّه مهما كانت حالة المؤمنين (أحياء أو أموات) عند مجيء الرب، فسيظلون كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ. وهذه هي مكافئة السماء العظيمة: أن نكون مع يسوع. فلا يمكن للموت أن يمزّق وحدتنا مع يسوع أو مع المؤمنين الآخرين.
- حقيقة أننا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ مهمّة ولها مدلولات عِدّة:
- إنَّها تدلّ على الاستمرارية، لأنَّها تفترض أننا بالفعل مَعَ ٱلرَّبِّ.
- إنَّها تدلّ على الرجاء على الرغم من الموت، لأننا في الموت نظل مَعَ ٱلرَّبِّ.
- إنَّها تدلّ على الثقة في المستقبل، لأننا بعد الموت نكون مَعَ ٱلرَّبِّ.
- إنَّها تدلّ على التقدّم، لأننا سنكون كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ.
- “سنكون معه وكأننا بلا خطية تحجب رؤيتنا له: وسيتحرر فهمنا من كل الأذى الذي تسبّبت فيه الخطيّة، وسنعرفه كما عُرِفنا.” سبيرجن (Spurgeon)
- حقيقة أننا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ مهمّة ولها مدلولات عِدّة:
هـ) الآية (١٨): نصيحة بولس: عزّوا بعضكم بعضًا.
١٨لِذَلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهَذَا ٱلْكَلَامِ.
- لِذَلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا: لم يأمرهم بولس بأن يتعزَّوا، بل بأن يُعزُّوا. فوفقًا لطريقة الله، نحن نحصل دائمًا على التعزية أثناء تقديمنا للتعزية.
- “لا يسعى بولس بنفسه إلى تعزية قُرّائه أو تشجيعهم، بل يحثّهم على تعزية وتشجيع بعضهم بعضًا بنشاط. إنَّ الوصية الحاضرة تفرض عليهم القيام بهذا الواجب المستمر، سواء في المحادثات الخاصّة أو في الخدمات العامة.” هيبرت (Hiebert)
- بِهَذَا ٱلْكَلَامِ: من شأن حقيقة عودة يسوع إلى شعبه، والاتّحاد الأبديّ ليسوع وشعبه، أن تكون مصدر تعزية للمؤمنين.
- هذا التصريح الختامي لبولس لا يكون منطقيًّا إلاَّ إذا كان الاختطاف في الآيات السابقة يخلّص المؤمنين بالفعل من خطر وشيك. أمَّا إذا كان الاختطاف يُحضِر البشر إلى الله فقط من أجل الدينونة، فلا عزاء في هذا الكلام على الإطلاق.
- هذا ما فهمه آدم كلارك (Adam Clark): “يا له من قول غريب! طمئنوا الناس بأنهم سيمثلون أمام كرسي قضاء الله! من يستطيع أن يشعر بالتعزية من هذا الكلام؟”