رسالة تيموثاوس الأولى – الإصحاح ٢
تعليمات للعبادة
أولاً. الصلاة العامة
أ ) الآية (١): صلِ لأجل جميع الناس
١فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ.
- أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ: هذه العبارة لا تشير إلى الوقت بل إلى الأهمية. فما يلي ذلك يحتل الأهمية الأولى في قلب وفكر بولس. والسياق العام الذي يتبع ذلك يتناول موضوع العبادة في الكنيسة، فهذا الجزء يبدأ سلسلة من التعليمات حول العبادة في الإجتماعات.
- يترجم وايت (White) الفكرة كما يلي: “دعوني أذكركم في المقام الأول أن الصلاة في الكنيسة يجب أن ترفع من أجل جميع الناس ابتداءاً من الإمبراطور نزولاً إلى كل من هو دونه.”
- طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ: تصف هذه المصطلحات أصنافاً واسعة من وسائل تواصلنا مع الله. وهي أنواع الصلوات التي يجب أن يقدمها شعب الله عندما يجتمعون معاً.
- كلمة طَلِبَات تعني ببساطة سؤال الله عن شيء ما. فيجب ألا تكون كل صلواتنا عبارة عن طلبات، بل علينا أن نطلب بثقة وجسارة استناداً على كلمة الله.
- تشير كلمة صَلَوَات بمعناها الواسع إلى كل تواصل يتم مع الله.
- تشير كلمة ابْتِهَالاَت إلى التضرعات التي نرفعها لأجل الآخرين. فعلى صلواتنا أن تشمل رفع احتياجات الآخرين أمام عرش الله.
- وكلمة تَشَكُّرَات تشير إلى الجزء الأساسي في مسيرنا مع الله. فالذين يفتقدون لحس الامتنان في حياتهم، يفتقدون فضيلة مسيحية جوهرية.
- لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ: هذا يعلمنا لمن يجب أن نصلي من خلال هذه الوسائط المتنوعة للصلاة. وفكرة بولس هي أن جَمِيعِ النَّاسِ محتاجون للصلاة، فلن تجد أبداً شخصاً لا تستطيع أو لا يجب أن تصلي لأجله.
- معظم المؤمنين تسهل عليهم الصلاة لأجل عائلاتهم وأحبائهم، لكن يجب ألا تتوقف صلواتنا عند هذا الحد، بل يجب أن نصلي أيضاً لأجل أعدائنا، ولأجل الذين نتخاصم معهم، ولأجل الذين يزعجوننا، والذين يقفون ضدنا. فكل هؤلاء يشملهم التصنيف: جَمِيعِ النَّاسِ.
- الصلاة لأجل جَمِيعِ النَّاسِ تعني أيضاً الصلاة من أجل خلاص الآخرين، فعلينا أن نصلي لأصدقائنا المحتاجين لمعرفة يسوع ولأجل زملائنا في العمل ولأجل الآخرين الذين نحتك بهم بانتظام.
- الصلاة لأجل جَمِيعِ النَّاسِ تعني الصلاة لأجل الرعاة ولأجل الكنيسة ولأجل الخدمات الأخرى التي نعرفها ونحبها.
- تَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ: باستطاعتنا إيجاد شيء ما نشكر الله عليه بخصوص جَمِيعِ النَّاسِ، حتى أولئك الذين يضطهدوننا ويقفون ضدنا. فحتى هؤلاء لهم مكان في خطة الله الشاملة.
ب) الآية (٢): الصلاة لأجل الذين هم في السلطة.
٢لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ.
- لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ: لقد كان المؤمنون الأوائل متهمين عادة بتهديم الدولة بسبب ادعائهم أنهم يتبعون رباً أعلى غير قيصر. ومع ذلك فإنهم يلفتون النظر إلى دعمهم للدولة من خلال كونهم مواطنون صالحون يصلون لأجل الإمبراطور ولا يوجهون الصلاة له.
- في الآية السابقة قال بولس أنه يجب أن تقام تَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، وهنا نجده يربط الفكرة بأولئك الذين هم في موقع سلطة علينا. فيجب أن نرفع تشكرات لأجل هؤلاء الذين هم في منصب لأن الله قد عين الحكومات في المجتمع لحفظ النظام (رومية ١:١٣-٧).
- لقد شرح قائد الكنيسة الأولى ترتليان ذلك بقوله: “نحن نصلي لأجل كل الأباطرة ليمنحهم الله طول العمر وحكومة آمنة وازدهار في العائلة وجنود أقوياء وشيوخ أوفياء وشعب مطيع، فكل ذلك يساهم في أن يعم السلام في كل العالم. كما نصلي كي يمنح الله كلاً من القيصر وبقية الشعب أن تتحقق رغباتهم.” كلارك (Clarke)
- لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ: يجب أن نصلي لأجل الحكومة والحكام لأن هذا يؤدي ببساطة إلى السماح لنا بالعيش كمؤمنين دون أي اضطهاد أو مضايقات.
- يجب ألا يطمح المؤمنون في الحصول على معاملة خاصة من الحكومة. فهدفنا هو الحصول على فرص متكافئة غير مقيدة بتدخل الدولة في شؤوننا.
- لم تكن المسيحية في زمن كتابة بولس لهذا الكلام ديانة شرعية في الإمبراطورية الرومانية، وكانت تعتبر فرع من اليهودية. فكان منطقياً الإعتقاد بأن الحكومة الرومانية قد تترك المؤمنين وشأنهم ليعيشوا إيمانهم.
ج ) الآيات (٣-٤): الغاية من الصلاة لأجل جميع الناس: هو أن يخلصوا.
٣لأَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، ٤الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.
- الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ: إن الصلاة لأجل الذين في منصب يجب دائماً أن يكون هدفها خلاصهم. فهدفنا الحقيقي هو أن يكونوا تحت سلطان يسوع وأن يصنعوا قرارات تسمح للإنجيل أن ينتشر بحرية وأن يتمجد الله.
- الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ: يمكننا القول بالتأكيد على المستوى البشري أن الله يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ. فلا يوجد أي شخص في مثل تلك المناصب العالية لا يحتاج إلى الخلاص في يسوع.
- ولكن من منظور إلهي لا يمكننا القول بأن الله يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، لأنه في هذه الحالة إما أن يخلص جميع الناس تلقائياً أو أن لا يعطي حرية الاختيار للتجاوب مع الإنجيل.
- إن رغبة الله في خلاص جميع البشر مشروطة برغبته في الحصول على استجابة حقيقية من البشر. فهو لن يحقق رغبته في خلاص جميع البشر عن طريق فرض إرادته عليهم، وكأنهم رجال آليين يعبدونه لأنهم ببساطة قد تبرمجوا على فعل ذلك.
- الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ: لأن هذا صحيح (كما نراه من منظور بشري)، علينا أن نقدم الإنجيل لكل الناس بدون تحفظ. وأية فكرة لقصر التبشير على المختارين هي فكرة سخيفة.
- الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ: إن الخلاص مرتبط بإقبال الناس إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ. فلا يستطيع المرء أن يخلص بدون أن يفهم على الأقل شيئاً ما عن هوية يسوع وما فعله لأجل خلاصنا.
د ) الآيات (٥-٧): كيف يجب أن يتم خلاص جميع الناس؟
٥لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، ٦الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، ٧الَّتِي جُعِلْتُ أَنَا لَهَا كَارِزًا وَرَسُولاً. اَلْحَقَّ أَقُولُ فِي الْمَسِيحِ وَلاَ أَكْذِبُ، مُعَلِّمًا لِلأُمَمِ فِي الإِيمَانِ وَالْحَقِّ.
- إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ: من خلال وسيط واحد فقط: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لا يوجد هناك طريقة شرعية للوصول إلى الله إلا من خلال يسوع.
- إن عبارة بولس هذه تردد ببساطة صدى ما قاله يسوع في إنجيل يوحنا ٦:١٤، “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.”
- هناك أيضاً منطق بسيط لهذا. فلو كان يسوع مجرد إنسان صالح وأمين على الأقل، فهو حتماً قال الحقيقة عندما أعلن أنه الطريق الوحيد إلى الله. وإن لم يخبرنا الحقيقة عند تلك المرحلة المهمة، إذاً من الصعب اعتباره إنساناً صالحاً أو أميناً وحتماً ليس نبياً مرسل من الله. وإن كان مخطئاً فعندها سيتم اعتباره إما كاذباً أو مجنوناً.
- يظن معظم الناس في عالمنا المعاصر أن كل الطرق سوف تقودنا إلى الله لو سلكناها بإخلاص أو بنية طيبة. ولكن الكتاب المقدس يجادل ضد هذه الفكرة.
- لقد أتى الفريسيون والعشارون إلى الله بإخلاص، ولكن الله قبل فئة منهم ورفض الفئة الأخرى (لوقا ٩:١٨-١٤).
- لقد أتى الشاب الغني إلى يسوع بإخلاص، لكنه رُفض لأنه لم يتخلى عن كل شيء لاتباع يسوع (لوقا ١٨:١٨-٢٣).
- توضح لنا قصة نزول دينونة الله على ناداب وأبيهو في سفر اللاويين ١:١٠-٣ أننا لا نستطيع المجيء إلى الله بأي طريقة تروق لنا وبأن الإخلاص في الدوافع ليس كافياً.
- هناك عبارة إرشادية في سفر الأمثال ١٢:١٤ تقول: “تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ.”
- يظن العديد من الناس أن الله سيكون غير عادل أو ضيق الفكر في تحديده طريقاً وحيداً للخلاص. ولكن هذه الفكرة تحتاج إلى أن تُقلب. فمن يقول بأن الله غير عادل بسبب ذلك عليه أن يلقي نظرة على يسوع وهو يموت على الصليب – إبن الله المنزه عن الخطيئة، الذي جاء من السماء وعاش متواضعاً ومات في عذاب مروع، جسدياً وروحياً – ويقول: “أشكرك يا رب، أنا أقدر هذه اللفتة، ولكن هذا ليس كافياً. عليك أن تفعل أكثر من ذلك، لأن هذه طريقة واحدة فقط وإذا كنت منصفاً فسوف تقدم للإنسان أكثر من طريقة.”
- الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ: يذكرنا هذا بأن يسوع ما زال إنساناً حتى وهو متوج في السماء الآن. فبشرية يسوع ليست مجرد مرحلة مؤقتة. لأنه عندما أضاف الإبن الأزلي، الأقنوم الثاني في الثالوث، الطبيعة البشرية إلى ألوهيته، أضافها إلى الأبد وليس فقط لمدة ٣٣ سنة.
- ما زال يسوع إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً. ولكن بعد قيامته من الأموات لبس جسداً ممجداً. وجسده الممجد هو نموذج لما سنختبره نحن في السماء.
- الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ: لقد ضَحَّى يسوع بنَفْسَهُ. فيمكنك أن تضحي بوقتك دون أن تبذل نفسك. ويمكنك أن تتبرع بأموالك دون أن تبذل نفسك. ويمكنك أن تعطي رأيك دون أن تبذل نفسك. ويمكنك حتى أن تقدم حياتك دون أن تبذل نفسك. ولكن يسوع يريدنا أن نبذل أنفسنا كما فعل هو.
- الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً: لقد بذل يسوع نفسه كرهينة، كمبلغ مدفوع عن خطايانا. ووضع نفسه بديلاً عنا وتلقى قصاص وغضب الله الآب الذي نستحقه نحن. وتلك هي رسالة الإنجيل الأساسية.
- فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ: إن عمل يسوع على الصليب يكفي الجميع. فلن يتم إبعاد أحد بحجة أن محبة يسوع أو غفرانه على الصليب قد نفذا.
- الّتِي جُعِلْتُ أَنَا لَهَا كَارِزًا وَرَسُولاً: هذه هي الرسالة التي كرز بها بولس. إنها رسالة الخلاص من خلال يسوع المصلوب فقط (كما ورد في كورنثوس الأولى ١:٢-٢).
- مُعَلِّمًا لِلأُمَمِ: لقد بدأ بولس خدمته بتركيز متساوي على اليهود والأمم (أعمال الرسل ١٣)، ولكن استمرار رفض اليهود جعل بولس يبدأ في تركيز خدمته على الأمم.
ثانياً. الرجال والنساء في الكنيسة
أ ) الآية (٨): دور الرجال في الكنيسة.
٨فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، رَافِعِينَ أَيَادِيَ طَاهِرَةً، بِدُونِ غَضَبٍ وَلاَ جِدَال.
- فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ: هذه العبارة تحمل فكرة ’في كل كنيسة‘ وليس ’في كل مكان.‘ فقد كان تركيز بولس هنا على نشاط الكنيسة عندما يعقد أعضائها اجتماعاتهم.
- إن فكرة وجوب الصلاة باستمرار وأن تكون الصلاة جزء طبيعي من حياتنا أينما ذهبنا هي فكرة جيدة وصحيحة. ولكن بولس هنا لا يقصد ذلك.
- يعلق وايت (White) على جملة ’فِي كُلِّ مَكَانٍ‘ قائلاً: “إن هذه التوجيهات يجب تطبيقها في كل كنيسة بلا استثناء، ومن غير المسموح مراعاة أي خصوصية محلية تحت أية ظروف.”
- الرِّجَالُ: يوضح بولس هنا بأن قيادة الرِّجَال لإجتماعات المؤمنين هو أمر مسلم به. وبما أن رفع الأيادي أثناء الصلاة كانت وضعية سائدة في الثقافات القديمة، فهذا النص يتكلم عن رجال يقودون الإجتماعات العامة، وهم من الذين يمثلون جماعة المؤمنين أمام الله.
- يترجم وايت (White) فكرة النص كما يلي: “إن خدام الكنيسة يجب أن يكونوا رجالاً من مجموعة المؤمنين وليسوا نساءً.”
- رَافِعِينَ أَيَادِيَ طَاهِرَةً: يجب أن تكون الأيادي المرفوعة في الصلاة طَاهِرَة. فالأيادي المكرسة لله يجب ألا تُسلّم لفعل الشر.
- بِدُونِ غَضَبٍ وَلاَ جِدَال: يجب أن تكون مثل تلك الصلوات بِدُونِ غَضَبٍ (رفع صلوات مليئة بالغضب) وَلاَ جِدَال (الصلاة بلا إيمان أو شك). فحينما نصلي بغضب أو نصلي بلا إيمان، نحن نقوم بأمر أكثر سوءاً وليس حسناً، وخاصة عندما نصلي أمام الجميع.
- “يجب عليهم ألا يحملوا أية مشاعر حاقدة ضد أي شخص كان، وألا يضمروا أي روح عدم غفران، بينما يتوسلون عفواً من الله لأجل تعدياتهم.” كلارك (Clarke)
ب) الآيات (٩-١٠): على النساء التشديد على الإستعداد والجمال الروحي أكثر من الإستعداد والجمال الجسدي.
٩وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، ١٠بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ.
- كَذلِكَ: تشير كلمة ’كَذلِكَ‘ إلى العبارة السابقة ’فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ‘ الواردة في تيموثاوس الأولى ٨:٢. فبولس يعتقد أن المبدأ الموجود في الآية ٨ يجب أن يطبق على جماعات متنوعة من المؤمنين، وكذلك أيضاً المبدأ الموجود في الآية ٩.
- أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ: بهذا الشكل يفترض أن ترتدي النساء المؤمنات ملابسهن وخاصة وقت الاجتماعات. تساعدنا كلمتي ’وَرَعٍ وَتَعَقُّل‘على شرح ما هو المقصود بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ.
- كلمة ’ وَرَعٍ‘ تسأل: “هل هذا ملائم لهذه المناسبة؟ هل أنا متأنقة أكثر من اللازم أم أقل من اللازم؟ هل ملابسي ستلفت الإنتباه الغير لائق؟” أما كلمة ’تَعَقُّل‘ فتسأل: “هل ملابسي معتدلة؟ هل ملابسي زائدة عن الحد أو ناقصة عن الحد؟” فالتعقل ينظر إلى حالة وسطية معتدلة.
- لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ: إن ما يذكره بولس هنا هو عبارة عن زخرفات تتناقض مع مبادىء اللياقة والاعتدال في تلك الثقافة.
- إن كيفية ارتدائك الملابس يعكس حالة قلبك. فإذا كان الشخص يرتدي ملابس غير رسمية، فهذا يعكس ما في قلبه. وبالمثل، إذا كانت المرأة ترتدي زياً غير محتشم، فهذا يعكس ما في قلبها.
- “لقد تم تعريف المرأة بأسلوب مثير للإستياء كالتالي: حيوان مولع باللباس. والسؤال كم من الوقت سوف تسمح النساء لأنفسهن بالتعرض لمثل تلك المهانة؟” كلارك (Clarke)
- بَلْ … بِأَعْمَال صَالِحَةٍ: إن أهم زينة للإنسان هي أعماله الصالحة. فإذا ما ارتدت المرأة ملابسها بأسلوب ورع ومتعقل ومعتدل يرافقه أعمال صالحة، فهي ترتدي تماماً ملابس مثالية. فالأعمال الصالحة تزيد المرأة جمالاً يفوق جمال المجوهرات الثمينة.
ج ) الآيات (١١-١٢): يجب على النساء أن يظهرن الخضوع ويخضعن لسلطة الرجال الذين عينهم الله للقيادة في الكنيسة.
١١لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. ١٢وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ.
- لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ: أدت هذه الترجمة الضعيفة بالبعض للإعتقاد أنه ممنوع على النساء التحدث في اجتماعات الكنيسة. ويستخدم بولس نفس الكلمة المترجمة ’سُكُوتٍ‘ في تيموثاوس اللأولى ٢:٢، وتترجم هناك بمعنى ’مُسالم.‘ إذاً الفكرة هنا: أن تتعلم المرأة بدون جدال وليس بسكوت تام.
- يوجد في العهد الجديد، وحتى في كتابات بولس، مقاطع ذكر فيها بشكل محدد أن النساء كن يصلين ويتكلمن في الكنيسة (كورنثوس الأولى ٥:١١). فعبارة ’لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ‘ تحمل فكرة أن تتلقى النساء تعاليم الرجال الذين اختارهم الله ليقودوا في الكنيسة فِي كُلِّ خُضُوعٍ بدلاً من الجدال.
- ’الخُضُوعٍ‘ هو المبدأ، و’لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ‘ يصف تطبيق هذا المبدأ.
- يقول البعض أن السبب وراء تعليم بولس لأن تتعلم المرأة بسكوت هو أن الرجال والنساء في تلك الثقافات القديمة (كما هو الحال في بعض الثقافات اليوم) كانوا يجلسون في أقسام منفصلة بعيدة عن بعض، حيث كن يصحن بالأسئلة والتعليقات لأزواجهن أثناء الخدمة. وقد عبر كلارك (Clarke) عن تلك الفكرة بقوله: “لقد كان مسموحاً قانونياً للرجال في التجمعات العامة أن يطرحوا الأسئلة أو حتى أن يقاطعوا المتكلم للإستفسار عن أية مسألة لم يفهموها في حديثه، لكن هذه الحرية لم تمنح للنساء.”
- فِي كُلِّ خُضُوعٍ: إن المعنى الحرفي لكلمة ’خُضُوع‘ هو ’أن يحمل الشخص رتبة أقل.‘ إن الأمر يتعلق باحترام ترتيب معترف به للسلطة. وبالتأكيد فكلمة خضوع لا تعني أن الرجال أكثر روحانية من النساء أو أن النساء أقل شأناً من الرجال.
- “كل الذين خدموا في القوات المسلحة يعرفون أن ’الرتبة‘ هي أمر يتعلق بالنظام والسلطة وليس بالقيمة أو القدرة. وكما يعم الاضطراب في الجيش الذي يفتقر لمستويات من السلطة، كذلك تماماً ستعم الفوضى في المجتمع الخالي من الخضوع.” وارزبي (Wiersbe)
- لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ: قصد بولس واضحاً. فيجب ألا تأخذ المرأة دور التعليم في الكنيسة. فالمبدأ هو أن تكون المرأة تحت سلطة، وألا تُعلم هو تطبيق لهذا المبدأ.
- إن القصد من كلام بولس هنا هو أن على الكنيسة ألا تعترف بسلطان المرأة في تعليم العقائد وتفسير الكتاب المقدس.
- ليس كل ما تتكلم به أو تعلمه المرأة هو بالضرورة انتهاك لنظام الله للسلطة في الكنيسة. ولكن المعنى هو أن كل ما تتكلم به المرأة أو تعلمه يجب أن يتم في خضوع للرجال الذي عينهم الله ليقودوا الكنيسة.
- تشدد رسالة كورنثوس الأولى ١:١١-١٢ على نفس المبدأ: على المرأة أن تخضع لسلطة قادة الكنيسة، وقد عبروا عن هذا في كورنثوس بغطاء الرأس. وبهذا تستطيع المرأة في كنيسة كورنثوس أن تصلي أو تتنبأ فقط إن أظهرت خضوعها لقيادة الكنيسة، والطريقة لتظهر ذلك هو غطاء الرأس والتصرف بأسلوب يتوافق مع ذلك المبدأ.
- لَسْتُ آذَنُ: قوة صياغة كلمات بولس هنا تجعل إطاعة هذه الوصية صعباً في مجتمعنا اليوم. فمنذ سبعينيات القرن العشرين، رفضت ثقافتنا فكرة أنه يمكن أن يكون هناك أدوار مختلفة للرجال والنساء في المنزل أو في العالم المهني أو في الكنيسة. وفي هذا النص (من بين نصوص أخرى)، يقول الروح القدس بوضوح أنه يوجد اختلاف في الأدوار.
- ولكن هذا التحدي الحضاري ينبغي النظر إليه في سياقه الحقيقي وليس كمجرد صراع بين الرجال والنساء، ولكن كصراع مع قضية السلطة عامة. فمنذ ستينيات القرن العشرين جرى تغيير واسع في طريقة رؤيتنا وقبولنا للسلطة.
- المواطنين ليس لديهم نفس الاحترام لسلطة الحكومة.
- الطلاب ليس لديهم نفس الاحترام لسلطة المعلمين.
- النساء ليس لديهن نفس الاحترام لسلطة الرجال.
- الأولاد ليس لديهم نفس الاحترام للسلطة الأبوية.
- الموظفين ليس لديهم نفس الاحترام لسلطة مدرائهم.
- الناس ليس لديهم نفس الاحترام لسلطة الشرطة.
- المؤمنين ليس لديهم نفس الاحترام لسلطة الكنيسة.
- ليس هناك كثيرون ممن يقولون أن هذه التغييرات كانت جيدة. وبشكل عام لا يشعر الناس بالأمان عندما تنعدم الثقة. فبرامج التلفزيون وغيره من وسائل الترفيه تتجه من سيء إلى أسوأ. وحتى مجتمعنا يندفع بسرعة نحو الفوضى التامة، وهذا ما يحدث عندما يرفض فيها الناس السلطة ويصبح الأمر الوحيد الجدير بالاهتمام هو ما يريد المرء فعله.
- من العدل وصف حالتنا الأخلاقية الحاضرة بأنها حالة من الفوضى. فلا يوجد هناك سلطة أخلاقية في ثقافتنا. وعندما يتعلق الأمر بالأخلاق فإن الأمر الوحيد الجدير بالاهتمام هو ما يريد المرء فعله. ولهذا نجد أن الكثير من الأحياء في أمتنا تعيش في فوضى. وسلطة الحكومة غير مقبولة في الأجزاء التي غزتها العصابات. والأمر الوحيد الجدير بالاهتمام هو ما يريد المرء أن يفعله.
- يجب أن نرى الهجوم الأوسع على السلطة كاستراتيجية شيطانية مباشرة لتدمير مجتمعنا وتدمير حياة ملايين الأفراد. فالشيطان ينجز هدفه هذا بواسطة هجومين رئيسيين، الأول: عبر إفساد السلطة، والثاني: عبر رفض السلطة.
- إن فكرة السلطة والخضوع للسلطة هي مسألة هامة جداً بالنسبة لله لدرجة أنها جزء من كيانه ذاته. فالشخص الأول من الثالوث المقدس يدعى الآب والشخص الثاني من الثالوث المقدس يدعى الإبن. والأمر المتأصل في هذه الألقاب هو علاقة السلطة والخضوع. فالآب يمارس السلطة، والإبن يخضع لسلطة الآب. وهذا الترتيب موجود في جوهر طبيعته وكيانه. وفشلنا في ممارسة السلطة الكتابية وفشلنا في الخضوع للسلطة الكتابية هو ليس مجرد شيء خطأ ومحزن، لكنه خطية موجهة ضد طبيعة الله ذاتها. يتكلم سفر صموئيل الأول ٢٣:١٥ عن نفس هذا المبدأ: لأَنَّ التَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ الْعِرَافَةِ.
- ولكن هذا التحدي الحضاري ينبغي النظر إليه في سياقه الحقيقي وليس كمجرد صراع بين الرجال والنساء، ولكن كصراع مع قضية السلطة عامة. فمنذ ستينيات القرن العشرين جرى تغيير واسع في طريقة رؤيتنا وقبولنا للسلطة.
- لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ: يركز بولس هنا على العبادة في الكنيسة. فقد أسس الله سلسلة وتراتبية واضحة من السلطة في كلاً من المنزل والكنيسة، وقد عين الله الرجال في تلك المجالات ليكونوا هم الرأس، بمعنى أنهم يشغلون موقع السلطة والمسؤولية.
- أما ثقافتنا التي سبق أن رفضت فكرة الاختلاف في الأدوار بين الرجال والنساء، فهي الآن ترفض فكرة وجود أية فروقات بين الرجال والنساء. وتركز التيارات الجارية في ثقافتنا إلى الرجال الذين هم أكثر شبهاً بالنساء وإلى النساء اللواتي هن أكثر شبهاً بالرجال. وما يعزز هذا الفكر هو الأناقة والأزياء والعطور وغيرها من هذه الأمور.
- يؤكد الكتاب المقدس بشكل محدد بأنه لا يوجد أوامر بالخضوع العام من قبل النساء للرجال في المجتمع. فهذا الخضوع موجود فقط في مجالات المنزل والكنيسة. فلم يأمر الله في كلمته بأن الرجال يتمتعون بسلطة حصرية في مجالات السياسة والأعمال والتعليم وما إلى ذلك.
- وهذا لا يعني أيضاً أن كل إمرأة في الكنيسة هي تحت سلطان أي رجل في الكنيسة. بل يعني أن الذين يقودون الكنيسة، القسس والشيوخ، يجب أن يكونوا رجالاً وبالتالي يجب على النساء (والآخرين) احترام سلطتهم.
- إن فشل الرجال في قيادة المنزل والكنيسة حسب طريقة يسوع في القيادة كان سبباً رئيسياً لرفض السلطة الذكورية، وهذا أمر لا يُغتفر.
- يشعر البعض أن هذا الاعتراف والخضوع للسلطة يمثل عبئاً لا يطاق. ويشعرون بأنه يعني ما يلي: “علي أن أقول بإنني أقل شأناً وأنني لا شيء، وأن أعترف بالشخص الآخر واعتباره متفوقاً.” ولكن الدونية والفوقية ليس لهما أي علاقة بفكرة السلطة والخضوع. تذكر العلاقة بين الله الآب والله الابن – إنهم متساوون تماماً في الجوهر، لكن لهم أدوار مختلفة عندما يتعلق الأمر بالسلطة.
- قد يقول البعض أن الكنيسة لن تنجح (أو لن تنجح كثيراً) ما لم نواكب العصر ونضع النساء في مناصب سلطة روحية وعقائدية في الكنيسة. فمن وجهة نظر ما يصلح في ثقافتنا، قد يكونوا على حق، لكن من وجهة نظر إرضاء الله عن طريق تطبيق وصاياه، فهم مخطئون.
د ) الآيات (١٣-١٤): أسباب إقرار الله بالسلطة الذكورية في الكنيسة.
١٣لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، ١٤وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي.
- لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً: إن السبب الأول لإقرار الله لسلطة الرجل في الكنيسة هو نظام الخليقة. حيث خُلق آدم (الرجل) أولاً ومنح السلطة على الأرض.
- يخبرنا سفر التكوين ١٦:٢-١٧ عن الوصية الأولى التي أوصى بها الله الجنس البشري: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ.» فهذه الوصية لم تعطى للمرأة أبداً. وفي وقت إعطاء الوصية لم تكن حواء أصلاً قد خلقت من آدم.
- آدم تلقى أوامره وسلطته من الله وحواء تلقت أوامرها وسلطتها من آدم.
- الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ: أما السبب الثاني فهو يكمن في الاختلاف بين خطية آدم وخطية حواء، ومرتبط أيضاً باختلافهم في السلطة.
- لقد أخطأ آدم وحواء كلاهما في جنة عدن، ولكن حواء هي من أخطأت أولاً. ومع ذلك فالكتاب المقدس لا يلوم حواء على سقوط الجنس البشري. بل نجده دائماً يلوم آدم (كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ، رومية ١٢:٥). فآدم هو المسؤول الأول بسبب وجود فرق في السلطة. فآدم يمتلك سلطة بينما حواء ليس لديها سلطة، وبالتالي كانت لدى آدم مسؤولية لم تكن لحواء. فآدم قد فشل في القيام بمسؤوليته بطريقة تفوق بكثير مما قامت به حواء.
- بالإضافة لذلك، فإن حواء قد أُغْوِيَتْ، بينما آدم لَمْ يُغْوَ. لقد احتالت الحية على حواء، أما آدم فقد أخطأ عارفاً بالضبط ما كان يفعله عندما تمرد. وهذا يعني أنه على الرغم من أن خطية آدم كانت أسوأ، فإن إمكانية أن تكون حواء أكثر سهولة في التعرض للخداع، تجعلها أكثر خطورة في موقع السلطة. “لقد تم التغلب فوراً على فكرة حواء من خلال مزاعم عن شعور الله بالغيرة، وهي مزاعم معقولة بالنسبة لطبيعة حواء التي تسيطر عليها العاطفة أكثر من التفكير.” وايت (White)
- وبشكل عام، قد يكون من الملاحظ أن النساء يبدون أكثر حساسية من الناحية الروحية من الرجال، لكن هذا يمكن أن يصح بالنسبة للخير أو للشر.
- آدَمُ … الْمَرْأَةَ: “يستخدم القديس بولس في حديثه كلمة ’المرأة‘ بدلاً من حواء مشدداً بذلك على الجنس بدلاً من الفرد، لأنه يرغب في إعطاء الحادثة تطبيقاً عاماً خاصة في ضوء ما يليها.” وايت (White)
- والجدير بالذكر، أن هذه الأسباب لا تعتمد على الثقافة. فالذين يقولون: “بولس كان متحيزاً جنسياً ويعيش في ثقافة يسودها التحيز الجنسي،” يهملون هذه الكلمات، هم ببساطة لا يقرأون ما يقوله الروح القدس في النص المقدس هنا.
هـ) الآية (١٥): ماذا يعني أن تكون المرأة مؤمنة في ضوء لعنة حواء.
١٥وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.
- لكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ: كثير من الناس يعتبرون هذه العبارة أحد أصعب المقاطع في الكتاب المقدس بأكمله. ولو نظرنا إليها سطحياً يمكننا أن نستنتج أن المرأة إذا استمرت بالسلوك في الإيمان والمحبة والقداسة مع ضبط النفس، الله سوف يباركها بالبقاء على قيد الحياة أثناء عملية الولادة، وبقاء المرأة على قيد الحياة كان صعباً في العالم القديم.
- ومع ذلك فهذا التفسير يترك لدينا العديد من الأسئلة الصعبة. هل هذا الوعد مطلق؟ وماذا عن النساء التقيات اللواتي توفين أثناء عملية الولادة؟ وماذا عن النساء الخاطئات اللواتي بقين على قيد الحياة أثناء عملية الولادة؟ ألا يبدو هذا مجرد مكافأة للأعمال الصالحة ولا يتوافق مع نعمة الله ورحمته؟
- سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ: بعض الناس يقتربون من هذا المقطع قائلين إن كلمة ’سَتَخْلُصُ‘ تشير إلى ربح الحياة الأبدية. ولكن هذا التفسير يجعل فهم الآية أكثر صعوبة. فهل يتم خلاص النساء أبدياً من خلال ولادة الأولاد إن واظبن على السلوك في الفضائل الإلهية؟ وماذا عن النساء اللواتي لا يستطعن إنجاب أولاد؟ هل يتم حرمانهن من الخلاص الأبدي؟
- سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ: البعض يقولون أن بولس “كان في ذهنه غالباً أن موضوع الحمل، وليس التعليم في الكنيسة، هو دور مميز مخصص للمرأة فقط.” روبنسون (Robinson). والفكرة هي أنه علينا أن ندع الرجال يقومون بالتعليم في الكنيسة وأن ندع النساء يقمن بدورهن في إنجاب الأطفال.
- سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ: هناك طريقة أفضل لمعالجة هذا المقطع تستند على قواعد اللغة اليونانية الأصلية. فاللغة الأصلية تقرأ النص بالطريقة التالية: “أنها سوف تخلص في عملية الولادة” وهذا يعني: “على الرغم من أن النساء قد تم خداعهن وسقطن في التعدي ابتداءاً من حواء، فإن النساء يمكن أن يخلصن بواسطة المسيح الذي جاء إلى العالم بواسطة إمرأة.”
- ومن المحتمل هنا أن تكون الفكرة كالتالي: على الرغم من أن “جنس النساء” قام بعمل سيء في جنة عدن بانخداعه وسقوطه في التعدي، ولكن “جنس النساء” عمل أيضاً شيئاً أعظم بكثير، فقد استخدمه الله لإحضار المسيح المخلص إلى العالم.
- وخلاصة القول: لا تلوم النساء على سقوط الجنس البشري، فالكتاب المقدس لا يلومهن، وبدلاً من ذلك أشكر النساء على إحضار المسيح إلينا.
- الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ: الأهم من ذلك كله أننا يجب أن نلاحظ هذه الإيجابيات. فهي كلها خصائص يريدها الله أن تظهر بوضوح في النساء، وكذلك أن يقمن بتعليم هذه الخصائص لأولادهن بفعالية عبر الأجيال.