رسالة تيموثاوس الأولى – الإصحاح ٣
مؤهلات القادة في الكنيسة
أولاً. مؤهلات الأساقفة
أ ) الآية (١): مقدمة عن العمل الروحي الصالح للقيادة.
١صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: إِنِ ابْتَغَى أَحَدٌ الأُسْقُفِيَّةَ، فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحًا.
- صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: لقد كتب بولس لتوه أن النساء يجب ألا يشغلن مناصب روحية أو يقمن بالتعليم في الكنيسة. ولكنه لم يرغب بترك الإنطباع بأن أي رجل كان هو مؤهل لتلك المناصب. فليس كل رجل هو مؤهل ليصبح قائداً روحياً في الكنيسة بناء على نوعية جنسه كرجل.
- إِنِ ابْتَغَى أَحَدٌ الأُسْقُفِيَّةَ: إن الوظيفة التي يصفها بولس هنا هي وظيفة الأُسقُفِ. وقد أعطتنا ثقافتنا الدينية فكرة خاصة عن وظيفة الأسقف، لكن كلمة ’الأُسقُفِ‘ في لغة العهد الجديد اليونانية (إبيسكوبوس episkopos) تعني حرفياً ’مشرف‘ أو ’مراقب‘ (سكوبوس skopos).
- فالأساقفة هم أولئك الرجال الذين يشغلون مناصب القيادة والسلطة في الكنيسة. “فالدولة لها ملكها والكنيسة لها أسقفها. الواحد يجب أن يحكم وفقاً لقوانين الأرض والآخر يجب أن يقود وفقاً لكلمة الله.” كلارك (Clarke)
- نتعلم من سفر أعمال الرسل ١٧:٢٠ عن وجود عدة أساقفة، أي عدة مشرفين في الكنيسة في مدينة واحدة. فهؤلاء الأشخاص بدون شك كانوا رجالاً قد أشرفوا على العديد من كنائس البيوت التي كانت تجتمع في جميع أنحاء المدينة.
- بناء على معنى كلمة أُسقُفِ، فالأسقف هو شخص ما يقوم بمهمة الإشراف في الكنيسة، فهو قائد. ومثل هذا الشخص قد يسمى أحياناً: ’شيخاً‘ (بريسبيتيروس presbuteros) أو قسيساً (بويمن poimen، وتعني ’راعياً‘) كما في سفر أعمال الرسل ١٧:٢٠، ٢٨.
- “بالنسبة لمسألة مصطلحات ’بريسبيتير‘ (presbyter) و’إبيسكوبوس‘ (episcopus)، فيكفي هنا أن أذكر استنتاجي الشخصي بأن تلك المصطلحات تمثل جوانب مختلفة بشكل طفيف من نفس الوظيفة: الرعوية والرسمية. فتلك الجوانب قد برزت بشكل طبيعي في المجتمعات اليهودية واليونانية على التوالي مما نجم عنه ظهور هذه الأسماء.” وايت (White)
- ويضيف وايت (White) في هذا المقطع: “بعد إعطاء القديس بولس توجيهات بشأن العبادة في الكنيسة وخدامها، يتناول بولس الآن مسألة تنظيم الكنيسة.” ومع ذلك، فتنظيم الكنيسة هذا محدود للغاية. فلا توجد نصيحة أو إرشادات حول هيكلية تنظيم الكنيسة أو كيف ترتبط بالضبط وظائف كل من الأسقف أو الشماس أو أي شيء آخر ببعضها البعض. ويبدو في تصميم العهد الجديد للإدارة أن هناك بعض المرونة في هيكلية الإدارة وتركيز أكثر على شخصية القادة.
- فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحًا: إن الفكرة ليست في القول: “إنه حسن بالنسبة لك أن ترغب في أن تشغل موقعاً في القيادة الروحية،” مع أن ذلك قد يكون رغبة روحية، لكن الفكرة هي أشبه يما يلي: “هذا العمل صالح ونبيل ومشرف، لكن عليك يا تيموثاوس أن تبحث عن رجال صالحين ونبلاء وشرفاء للقيام به.”
- “إنها ليست مسألة سهلة أن يقوم المرء بتمثيل ابن الله في مثل تلك المهمة العظيمة حيث يتم فيها بناء ملكوت الله والعمل على امتداده، بالإضافة إلى العناية بخلاص النفوس التي مات المسيح نفسه ليشتريها بدمه، وكذلك إدارة شؤون الكنيسة التي هي ميراث الله.” كالفن (Calvin)
- فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحًا: إن القيادة الروحية في الكنيسة ليست متعلقة بالألقاب والشرف والمجد، لكنها تتعلق بالعمل. فقد قال يسوع: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلاً فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ» (مرقس ٣٥:٩).
- “العمل الصالح هو عمل شاق. فالخدمة ليست مهنة رجل عاطل عن العمل بل هي عمل مؤلم.” تراب (Trapp)
- “ما الفائدة من استخدام شخص كسول في الخدمة؟ فهو ليس نافعاً للعالم ولا للكنيسة ولا لنفسه. إنه عار على أنبل مهنة يمكن منحها لبني البشر.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (٢أ): مؤهلات الأساقفة.
١٢فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ…
- فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ: لدى الله مؤهلات محددة للقادة في الكنيسة. فيجب ألا يتم اختيارهم عشوائياً ولا يتم بسبب تطوعهم للخدمة وليس لأنهم يطمحون لشغل هذا المنصب ولا حتى لأنهم “قادة بالفطرة.” بل يجب أن يتم اختيارهم بشكل أساسي بناءً على كيفية مطابقتهم للمؤهلات المدرجة هنا.
- إن مؤهلات القيادة ليس لها علاقة بالموهبة. فلم يقل الله: “اذهب واحضر أكثر الرجال موهبة.” فالله يمكنه فوراً وبسهولة أن يخلق المواهب في شخص ما، لأن المواهب تعطى من قبل الروح القدس كما يشاء (كورنثوس الأولى ١١:١٢).
- اللإلتحاق بكلية اللاهوت لا تجعل الشخص مؤهلاً للقيادة الروحية. ومقدرته الجيدة في التكلم لا تؤهله للقيادة الروحية. فالمواهب الطبيعية أو الروحية في حد ذاتها لا تؤهل الشخص للقيادة الروحية. وما يتبرع به الشخص من أموال أو وقت لا يؤهله للقيادة الروحية. فما يؤهل الشخص للقيادة الروحية هو الشخصية التقية، وهذه الشخصية التقية تأسست وفقاً لهذه المعايير الواضحة.
- فَيَجِبُ: ومع ذلك، فهذه ليست قائمة تتطلب الكمال في كل النواحي، لكنها أهداف ينبغي بلوغها ومعايير عامة للإختيار. فعند البحث عن قادة للكنائس ينبغي للمرء أن ينظر إلى هذه اللائحة ويسأل:
- هل الشخص المطلوب للقيادة يرغب في أن يتحلى بكل هذه المؤهلات من كل قلبه؟
- هل يظهر تلك الرغبة في حياته العملية؟
- هل يوجد هناك أشخاص آخرون متاحون يلبون بشكل أفضل متطلبات تلك اللائحة؟
- يَجِبُ: كذلك، فإن هذه المؤهلات ذات قيمة لكل شخص وليس فقط لأولئك الذين يطمحون إلى القيادة. إنها مؤشرات واضحة للشخصية التقية والنضج الروحي ويمكنها أن تعطينا مقياساً حقيقياً للشخص.
ج ) الآيات (٢ب-٧): لائحة لمؤهلات القادة في الكنيسة.
٢…بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِيًا، عَاقِلاً، مُحْتَشِمًا، مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، ٣غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ، ٤يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَنًا، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. ٥وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟ ٦غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ. ٧وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِي تَعْيِيرٍ وَفَخِّ إِبْلِيسَ.
- بِلاَ لَوْمٍ: هذه الكلمة تعني حرفياً، “لا يوجد عليه زَلّة.” فينبغي ألا يوجد شيء في حياة القائد يمكن للآخرين أن يمسكوه ضده ويهاجموا به الكنيسة.
- “إن هذه الكلمة هي استعارة مأخوذة من حالة ملاكم محترف ذو خبرة ومهارة وهو يدافع عن كل جزء من جسمه بحيث يستحيل على خصمه تسديد ضربة واحدة له.” كلارك (Clarke)
- إنها مصطلح واسع يستخدم لوصف شخص يعيش حياة بارة يمكن رؤيتها بوضوح. ولا يستطيع أحد مواجهته واتهامه حقاً بأنه ارتكب خطيئة محزنة.
- في تيموثاوس الأولى ١٠:٣ يستخدم بولس عبارة ’اِنْ كَانُوا بِلاَ لَوْمٍ‘ في حديثه عن الشمامسة. وهذا يتضمن أن كون المرء بلا لوم هو أمر يتم إثباته من خلال سلوكه في الحياة.
- بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: ليس المقصود أن القائد لا يستطيع الزواج إذا توفيت زوجته أو تم طلاقها بطريقة كتابية. بل الفكرة هي أن الحب والعاطفة والقلب، كلها تعطى لإمرأة واحدة هي زوجته الشرعية التي يتمسك بها وحدها.
- هذا يعني أن القائد الكتابي ليس مستهتراً ولا زانياً أو مغازلاً للنساء ولا يظهر اهتماماً عاطفياً أو جنسياً بالنساء الأخريات. وهذا يشمل رسوم أو صور للنساء في المواد الإباحية.
- صَاحِيًا: الفكرة هنا هي لشخص لا يتجاوز في تصرفاته الحدود القصوى، وهو جدير بالثقة ويعتمد عليه، ولا تقلق من وجود تقلبات واسعة في رؤيته ومزاجه وأفعاله.
- عَاقِلاً: يصف هذا شخصاً قادراً على التفكير بوضوح وصفاء. فلا يمزح باستمرار بل يعلم كيف يتعامل مع المواضيع الجادة بطريقة جدية.
- “لا يعني ذلك ألا يمتلك الشخص حساً من الدعابة أو يكون دائماً رزيناً ومتجهماً. فالعبارة تقترح أن يعرف قيمة الأشياء ولا يفسد خدمته أو رسالة الإنجيل بسلوك أحمق.” وارزبي (Wiersbe)
- مُحْتَشِمًا: أي أن يكون وقوراً ومحترماً في سلوكه. “شخصاً نبيلاً هو أفضل معنى للمصطلح.” وايت (White)
- مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ: أن يكون راغباً في فتح أبواب بيته لكل من الأصدقاء والغرباء.
- صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ: يقصد بهذا أن يمتلك الأساقفة مهارات كافية في تعليم الكتاب المقدس بطريقة عمومية أو في جلسات فردية.
- غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ: على الأسقف ألا يكون مدمناً للخمر أو المشروبات المسكرة. وهذه الآية لا تحظر على القيادات الروحية تعاطي المشروبات الكحولية، لكنها لا تشجع على تعاطيها.
- “يوجد خطر على رواد الحانات حتى في الجلوس أسفل اسم الحانة لأنه حتى هذا يؤدي إلى التهاب مشاعرهم بالخمرة.” تراب (Trapp)
- وَلاَ ضَرَّابٍ: هذه صفات شخص غير معتاد على استخدام العنف سواء علناً أو سراً. فهو رجل يستطيع تسليم قضيته لله ليحارب عنها.
- وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ: أي غير مولم بالمال الحرام.
- “أكرر بأن الإنسان الذي لا يحتمل الفقر بصبر وإرادة، سيصبح ضحية للطمع.” كالفن (Calvin)
- حَلِيمًا: هذا نوع من الأشخاص الذين يقتدون بيسوع كمثال ولا يقتدون بأبطال أحدث أفلام التشويق والإثارة.
- غَيْرَ مُخَاصِمٍ: يجب أن يكون الأسقف شخصاً من النوع الذي لا يحارب الآخرين على كل شيء وأي شيء.
- وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ: فكرة عدم محبة المال هذه تشمل أكثر من مجرد شخص طماع للمال، تشمل الشخص الجشع الذي لا يكتفي أبداً بأي شيء، بل دائماً يطلب المزيد أو المختلف من الأشياء. فهذا الشخص الغير مكتفي باستمرار لا يصلح للقيادة وسط شعب الله.
- يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَنًا: إن القائد التقي يبرهن عن مقدرته في القيادة أولاً في بيته. ويعترف بولس هنا أن المنزل هو المكان الأول الذي نعكس فيه حياتنا المسيحية.
- صحيح أن الأولاد قد يتمرودن حتى لو نشأوا في بيوت صالحة، لكن السؤال الذي يجب طرحه هو: هل تقع مسؤولية التمرد على الوالدين أو أن التمرد حصل على الرغم من قيام الوالدين بواجبهم؟
- غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ: يجب ألا يتم تكليف المؤمنين حديثاً بالقيادة سريعاً. إذ يجب أن يكون القائد قد تجاوز مرحلة المبتدىء في تطوره الروحي.
- حَدِيثِ الإِيمَانِ: تعني هذه الكلمة حرفياً ’زرع حديثاً.‘ فعندما يأتي أحد ما أولاً إلى يسوع، ليس من المستحسن وضعه في موقع القيادة وذلك لإفساح المجال للنمو الروحي لمدة زمنية كافية لتتعمق فيها جذورهم.
- “إن حديثي الإيمان ليسوا فقط جريئين ومتهورين، لكنهم منتفخون بثقة حمقاء بالنفس، كما لو أنهم يستطيعون الطيران إلى ما وراء السحب.” كالفن (Calvin). إن ترقية حديثي الإيمان بسرعة كبيرة يتيح الفرصة للوقوع في الخطية العظمى: خطية الكبرياء التي هي تقليد للشيطان نفسه.
- شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ: إن مواصفات الأسقف هذه يجب أن يراها الجميع بوضوح بمن فيهم غير المؤمنين. فالقائد المحتمل يجب أن يكون مؤمناً مشهوداً لصلاحه خارج جدران الكنيسة.
ثانياً: مؤهلات الشمامسة
أ ) الآية (٨أ): الشَّمَامِسَة، خدام الكنيسة العمليون.
٨كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّمَامِسَةُ
- كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّمَامِسَةُ: يوجد في سفر أعمال الرسل ١:٦-٦ مثال على تعيين الشمامسة. فعندما لم يتاح الوقت للرسل للقيام بتوزيع المعونات اليومية على نساء الكنيسة الأرامل رأوا الحاجة لمن يقومون بتوزيع هذه المعونات. فاختاروا رجالاً ليقوموا بشكل أساسي بعمل الشمامسة في الكنيسة.
- يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّمَامِسَةُ: إن مؤهلات الشمامسة المطلوبة هي نفس مؤهلات ’الأساقفة،‘ فالخدمة العملية (خاصة عندما يتم الاعتراف بها كوظيفة) هي أيضاً قيادة.
- من الخطأ النظر إلى وظيفة ما في الكنيسة بأنها أكثر اعتباراً من غيرها. فعلى الرغم من أن وظيفة الأسقف ذات مسؤولية أكبر أمام الله. إلا أن كل واحدة من وظائف الكنيسة هي مسألة دعوة من الله أكثر مما هي مرتبة.
ب) الآيات (٨ب-١٢): مؤهلات الشمامسة.
٨… ذَوِي وَقَارٍ، لاَ ذَوِي لِسَانَيْنِ، غَيْرَ مُولَعِينَ بِالْخَمْرِ الْكَثِيرِ، وَلاَ طَامِعِينَ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، ٩وَلَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ. ١٠وَإِنَّمَا هؤُلاَءِ أَيْضًا لِيُخْتَبَرُوا أَوَّلاً، ثُمَّ يَتَشَمَّسُوا إِنْ كَانُوا بِلاَ لَوْمٍ. ١١كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ ذَوَاتِ وَقَارٍ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، صَاحِيَاتٍ، أَمِينَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ. ١٢لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَنًا.
- ذَوِي وَقَارٍ: أي يجب عليهم إظهار الاحترام اللائق تجاه الله والناس.
- لاَ ذَوِي لِسَانَيْنِ: تعني أن يكون الشماس رجلاً يقول الحقيقة من المرة الأولى بدون نية للخداع.
- لَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ: هم أولئك الذين يستطيعون الالتزام بالعقائد السليمة بدافع القناعة الصادقة.
- لِيُخْتَبَرُوا أَوَّلاً: يتم برهان أهلية الشخص لشغل وظيفة في الكنيسة من خلال سلوكه. فبالنسبة للأساقفة والشمامسة تكمن الأهمية في أهليتهم أكثر من وظائفهم.
- كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ ذَوَاتِ وَقَارٍ: من الصعب معرفة فيما لو كان بولس هنا يشير إلى مؤهلات شمامسة إناث (مثل فيبي المذكورة في رومية ١:١٦) أو يشير إلى زوجات الشمامسة، فصياغة النص الأصلي تسمح بكلا الاحتمالين.
- فإذا كان بولس يتكلم بشكل رئيسي عن زوجات الشمامسة، فكلامه مناسب، لأنه يمكن تقييم قيادة الرجل في المنزل جزئياً بناء على سلوك زوجته. فهل زوجات الشمامسة رَزِينَاتٍ، غَيْرَ نَمَّامَاتٍ، يَقِظَاتٍ، أَمِينَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟
- غَيْرَ ثَالِبَاتٍ: “تعني حرفياً: ’لسن شياطين.‘ ويمكن ترجمتها بشكل جيد بثلاث معاني: طاعنات في الظهر ونمامات وناقلات للحكايات، لأن أب كل حاملي هذه الصفات هو إبليس وشهوات أبيهن سوف يفعلون.” كلارك (Clarke)
ج ) الآية (١٣): وعود للشمامسة.
١٣لأَنَّ الَّذِينَ تَشَمَّسُوا حَسَنًا، يَقْتَنُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَرَجَةً حَسَنَةً وَثِقَةً كَثِيرَةً فِي الإِيمَانِ الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ.
- لأَنَّ الَّذِينَ تَشَمَّسُوا (خدموا) حَسَنًا: إن الله يتذكر أمانة الشمامسة في الخدمة، حتى لو قاموا بمهمات يعتبرها البعض وضيعة. فبدون أدنى شك سوف ترى شمامسة يحرزون مكافآت عظيمة أكثر من الأساقفة أو القسس.
- الإِيمَانِ الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ: كل عمل الخدام القادة في عائلة الله يشير إلى بناء شعب الله بالإيمان الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ.
ثالثاً. سر التقوى
أ ) الآيات (١٤-١٥): أسباب كتابة بولس لتيموثاوس.
١٤هذَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكَ رَاجِيًا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَنْ قَرِيبٍ. ١٥وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ، فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ.
- هذَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكَ رَاجِيًا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَنْ قَرِيبٍ: لقد رغب بولس بأن يتكلم مع تيموثاوس بهذه الأمور وجهاً لوجه، لكنه عرف بأنه قد لا يتمكن من الذهاب إليه في الوقت الذي يتمناه، لذا عبر بولس عما يريد قوله برسالة.
- توضح هذه الآية بأن تيموثاوس كان يتصرف كممثل للقديس بولس في أفسس بشكل مؤقت.” وايت (White)
- كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ: كان هدف بولس من الكتابة هو تزويد تيموثاوس كقائد بمعلومات عملية في كيفية إدارة شؤون كنيسة أفسس.
- بَيْتِ اللهِ: الكنيسة هي مكان حضور الله. وهذا يجعل الكنيسة أكثر جاذبية من أي مكان آخر.
- إن الكنيسة هي بيت الله للأسباب التالية:
- لأن الله هو المهندس الذي رسم مخططها.
- لأن الله هو بانيها.
- لأن الله يحيا فيها.
- لأن الله هو من يوفر احتياجاتها.
- لأن الله مكرم فيها ويحكم فيها.
- إن الكنيسة هي بيت الله للأسباب التالية:
- كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ: لم تكن كلمة كنيسة في اللغة اليونانية القديمة ذات معنى ديني بل كان يقصد بها مجموعة من الناس مدعوين معاً لأجل غاية. واللهِ الْحَيِّ دعا شعبه ليجتمعوا معاً لأجل غايته.
- عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ: إن عمود وقاعدة (أساسات) الكنيسة هو الْحَقِّ. ولكن الأمر المأساوي في يومنا الحاضر هو أن العديد من الكنائس لا تقدر قيمة الحق كما يجب، لذا فأعمدتها ضعيفة وقاعدتها مهزوزة.
- “إن الكنيسة هي عمود الحق لأنه من خلال خدمتها يتم الحفاظ على الحق وانتشاره… وبولس لن يعترف بأي كنيسة إلا إذا ارتفع فيها حق الله بشكل جلي.” كالفن (Calvin)
- ليس المقصود بأن الكنيسة نفسها هي أساس الحق، بل إن تمسكها بالحق يجعل العالم قادراً على رؤيته. “لقد كانت الأعمدة تستخدم قديماً لتثبيت أية مراسيم علنية ينشرها الأمراء أو المحاكم ليراها الجميع. ومن هنا سميت الكنيسة عمود وأساس أو ختم الحق لأنه من خلالها يتم نشر حقائق الله ودعمها والدفاع عنها.” بووله (Poole)
- “عندما تقف الكنيسة بجرأة وتكرز بكلمة الله، فهي دعامة الحق، ولكن عندما تكون مختفية في سراديب الموتى الرومانية ولا تستطيع أن تعلن إسم المخلص للعالم، فإن الحق لا يزال يحيا عميقاً في قلوب المؤمنين الذين يكونون حينئذٍ هم أساس الحق.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (١٦): ترنيمة قديمة للتعبير عن أساس الحق المسيحي.
١٦وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.
- وَبِالإِجْمَاعِ: إن هذه الخلاصة الرائعة للحق المسيحي في تيموثاوس الأولى ١٦:٣ يجب أن يتم الإجماع عليها بين المؤمنين. ومن المؤسف أن يجادل أولئك الذين يطلقون على أنفسهم بأنهم مؤمنون ضد هذا الإجماع أو ينكرون هذه الحقائق الأساسية.
- “عندما يقول بولس ’بِالإِجْمَاعِ،‘ فإني أفترض أنه يقصد بأنه ينبغي ألا يكون هناك جدال حول هذه الحقائق، وعلى الرغم من نشوء خلافات حولها، وستظل تنشأ دائماً، لأن معظم الحقائق المعروفة ستواجه دائماً بحمقى معروفين يناقضوها.” سبيرجن (Spurgeon)
- اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ: هذا هو جوهر التجسد: إن الله الإبن، الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس، قد أضاف الطبيعة البشرية إلى إلوهيته، وهكذا ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ.
- “نلاحظ أن الملخص الشامل للإنجيل الوارد هنا متضمن في ست جمل صغيرة متناسقة من الشعر في اللغة اليونانية الأصلية، مما جعل البعض يفترضون أن هذه الجمل كانت ترنيمة قديمة استخدمت في الكنيسة الأولى.” سبيرجن (Spurgeon)
- تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ: نستطيع القول بأن يسوع قد تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ ليس بمعنى أنه كان مرة خاطئاً ومن ثم جُعِل باراً، بل بمعنى أن الروح القدس قد صرح بأن يسوع بار كما كان دائماً – مبرراً تماماً أمام الآب.
- لقد تم هذا التصريح عند معمودية يسوع (متى ١٦:٣) وعند قيامته (بطرس الأولى ١٨:٣، أعمال الرسل ٣٢:٢-٣٣).
- تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ: إن الكائنات الملائكية تولي اهتماماً عظيماً بكل من خدمة يسوع الأرضية وخدمته من خلال الكنيسة. وهناك العديد من الأمثلة عن ظهور الملائكة ليسوع (مرقس ١٣:١، لوقا ٤١:٢٢-٤٣)، وبشكل خاص عند قيامته (متى ٢:٢٨-٧).
- “يذكر الرسول بولس هذا ليظهر مدى عظمة ديانتنا، حيث نجد أنبل المفكرين مهتمين بها. فهل سبق أن سمعت عن ملائكة يحومون حول المجتمعات الفلسفية؟” سبيرجن (Spurgeon)
- “لقد رأت الملائكة الألوهية في المسيح، كما لم يسبق لهم أن رأوها من قبل. ورأوا فيه صفة العدالة وصفة القوة، ولاحظوا صفة الحكمة، ورأوا فيه امتياز السيادة، ولكن لم يسبق للملائكة أن رأوا المحبة والتنازل والحنان والشفقة في الله كما رأوها تتألق في شخص المسيح وفي حياته.” سبيرجن (Spurgeon)
- كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ: إن بولس بنفسه قد فعل كل ما بوسعه لتحقيق وإتمام هذه العبارات. فكان مشغولاً بالكرازة بيسوع بين الأمم وجلب العالم إلى الإيمان.
- “إن طريقة الله في خلق الإيمان في قلوب البشر لا تتم بالصور والموسيقى والرموز بل بسماع كلمة الله. وقد يبدو ذلك غريباً، وليكن غريباً، فإنه لغز، بل لغز عظيم، ولكنه حقيقة تتجاوز كل جدل. إذاً فلتستمر الكنيسة بالمحافظة على رسالتها في الكرازة بالمسيح للأمم.” سبيرجن (Spurgeon)
- رُفِعَ فِي الْمَجْدِ: هذا الكلام يذكرنا بصعود يسوع إلى السماء (لوقا ٥١:٢٤)، وإكماله للعمل لأجلنا (عبرانيين ٣:١)، وشفاعته في الوقت الحاضر لأجلنا (يوحنا الأولى ١:٢).
- “لقد اُستقبل يسوع بهذا الشكل لأنه قد أكمل عمله. ولم يكن ليذهب لمجده لو لم ينهي كل تعبه. ولم يكن ليقبل أية مكافأة لو لم يكسبها تماماً بنفسه.” سبيرجن (Spurgeon)
- رُفِعَ فِي الْمَجْدِ: لقد صعد يسوع إلى السماء في جسد قيامته، ومع ذلك فجسده ما زال محتفظاً بعلامات عمل محبته العظيم لأجلنا. وما زال محتفظاً بآثار المسامير في يديه وقدميه وآثار الجروح في جنبه وكل علامات آلامه نيابة عنا (يوحنا ٢٤:٢٠-٢٩).
- إن وصف بولس ليسوع بعد المقطع الذي يتكلم فيه عن صفات المؤمن يذكرنا بمفتاح التغيير في شخصيتنا الناتج عن النظر إلى يسوع. وهذا يشبه تماماً ما كتبه بولس في كونثوس الثانية ١٨:٣ “وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.”
- إن يسوع هو التحقيق الكامل لمواصفات المؤمن. ونحن نثق بأن يسوع سوف يغير حياتنا وفقاً لشخصيته بينما نبقي تركيزنا عليه. فقد نحاول أحياناً استخدام الديانة لبناء شخصيته فينا، ولكن في الواقع فإن علاقتنا مع يسوع هي التي تبني شخصيته فينا.