سفر نحميا – الإصحاح ١٣
إصلاحات نحميا
أولًا. العبادة الحق تقود إلى طاعة الأمة
أ ) الآيات (١-٢): سماع الشريعة يدعو إلى الطاعة.
١فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قُرِئَ فِي سِفْرِ مُوسَى فِي آذَانِ الشَّعْبِ، وَوُجِدَ مَكْتُوبًا فِيهِ أَنَّ عَمُّونِيًّا وَمُوآبِيًّا لاَ يَدْخُلُ فِي جَمَاعَةِ اللهِ إِلَى الأَبَدِ. ٢لأَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْخُبْزِ وَالْمَاءِ، بَلِ اسْتَأْجَرُوا عَلَيْهِمْ بَلْعَامَ لِكَيْ يَلْعَنَهُمْ، وَحَوَّلَ إِلهُنَا اللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ.
١. عَمُّونِيًّا وَمُوآبِيًّا لاَ يَدْخُلُ فِي جَمَاعَةِ اللهِ إِلَى الأَبَدِ: وبعد أن اقترب الشعب من الله في العبادة (كما نرى في نحميا ١١ و١٢) أصبحوا على دراية بمعايير الله. وهنا، في هذه الحالة، نجد أن المعيار المذكور في سفر التثنية ٢٣: ٣-٤ “ألا يَدْخُلْ عَمُّونِيٌّ وَلاَ مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ” ولا يُعتبروا جزءًا من إسرائيل (ما لم يؤمنوا بإله إسرائيل).
٢. لاَ يَدْخُلُ فِي جَمَاعَةِ اللهِ إِلَى الأَبَدِ: كان هذا الدخول يعني أن يتم اعتبار الشخص واحدًا من شعب إسرائيل وشعب الله. مما يعني أنه يمكن للشخص المشاركة بشكل كامل في الحياة الروحية لإسرائيل.
• كان الإسرائيلي جزءًا من عهد الله منذ ولادته، لكن العموني أو الموآبي ليسوا كذلك. كان عليهم أن يصبحوا جزءًا من العهد باختيارهم وذلك من خلال انضمامهم إلى شعب عهد الله وتركهم آلهة شعوبهم. كان عليهم أن يختاروا رفض تلك الآلهة وقبول الرب يهوه.
• إن هذه الوصية هي رسالة قوية. قيل لهؤلاء العمونيين والموآبيين: “أنتم لم تكونوا جزءًا من شعب الله بالميلاد. ويجب عليكم اختيار ذلك وترك أفكار وأعمال ثقافتكم المعادية لله، والانضمام إلى حياة شعب الله الروحية. فما لم تتركوا واحدًا وتنضموا إلى الآخر، لن تكونوا أبدًا جزءًا حقيقيًا من هذه الحياة الروحية. فانضموا إلينا.”
٣. لأنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْخُبْزِ وَالْمَاءِ: خص بالذكر العمونيين والموآبيين بسبب مؤامراتهم الغادرة ضد إسرائيل عندما دخل إسرائيل أرض الموعد – وكان ذلك على الأقل قبل ألف عام من هذا الزمن.
• لقد تآمر العمونيين والموآبيين ضد إسرائيل قبلًا، وقد وعد الله إبراهيم، أبا الشعب اليهودي: “وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ” (سفر التكوين ١٢: ٣). وكانت هذه الوصية هي مجرد تحقيق آخر لهذا الوعد.
٤. وَحَوَّلَ إِلهُنَا اللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ: إن هذا يشير إلى أحداث سفر العدد ٢٢-٢٤، حيث بارك الله إسرائيل، على الرغم من أن النبي بلعام أراد لعنه. وهذا يذكرنا أيضًا بأن الله قادر – بل وأكثر من قادر – على تحويل أي لعنة إلى بركة.
ب) الآية (٣): بعد سماع وصايا الله، إسرائيل يطيع وينفصل عن كُلَّ اللَّفِيفِ (أجنبي).
٣وَلَمَّا سَمِعُوا الشَّرِيعَةَ فَرَزُوا كُلَّ اللَّفِيفِ مِنْ إِسْرَائِيلَ.
١. فَرَزُوا كُلَّ اللَّفِيفِ مِنْ إِسْرَائِيلَ: لقد كان بإمكانهم أن يجدوا أعذارًا عديدة لا حصر لها لعدم القيام بما أمرتهم به كلمة الله بوضوح. ولكنهم أطاعوا ببساطة.
• كان يمكن تقديم أعذار مألوفة مثل:
“هذه وصية منذ زمن بعيد وتتحدث عن زمن مختلف.”
“الأمور مختلفة الآن. ”
“لا داعي للتطرف في طاعة الله.”
“دعونا نعيّن لجنة لفحص الأمر.”
٢. اللَّفِيفِ: كلمة تعني (الجموع المختلطة) وهي تشير إلى أولئك الذين أرادوا الانضمام إلى شعب إسرائيل لكنهم لم يقدموا التزامًا كاملًا واعتناقًا للعهد.
• وحتى يومنا هذا، قد يتواجد أشخاص في الكنائس لهم نوايا حسنة؛ وهم شرفاء، ولديهم بعض الاحترام لله ولكلمته. ومع ذلك، هم جزء من الجمع المختلط الذي لم يقبلوا عهد الله للخلاص في يسوع. هؤلاء الأشخاص مُرحب بهم، لكن يجب فهم وضعهم الحقيقي.
ثانيًا. إصلاحات نحميا
أ ) الآيات (٤-٩): إصلاحات الهيكل.
٤وَقَبْلَ هذَا كَانَ أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْمُقَامُ عَلَى مِخْدَعِ بَيْتِ إِلهِنَا قَرَابَةُ طُوبِيَّا، ٥قَدْ هَيَّأَ لَهُ مِخْدَعًا عَظِيمًا حَيْثُ كَانُوا سَابِقًا يَضَعُونَ التَّقْدِمَاتِ وَالْبَخُورَ وَالآنِيَةَ، وَعُشْرَ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ، فَرِيضَةَ اللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ، وَرَفِيعَةَ الْكَهَنَةِ. ٦وَفِي كُلِّ هذَا لَمْ أَكُنْ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنِّي فِي السَّنَةِ الاثْنَتَيْنِ وَالثَّلاَثِينَ لأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ بَابِلَ دَخَلْتُ إِلَى الْمَلِكِ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ اسْتَأْذَنْتُ مِنَ الْمَلِكِ ٧وَأَتَيْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفَهِمْتُ الشَّرَّ الَّذِي عَمِلَهُ أَلْيَاشِيبُ لأَجْلِ طُوبِيَّا، بِعَمَلِهِ لَهُ مِخْدَعًا فِي دِيَارِ بَيْتِ اللهِ. ٨وَسَاءَنِي الأَمْرُ جِدًّا، وَطَرَحْتُ جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طُوبِيَّا خَارِجَ الْمِخْدَعِ، ٩وَأَمَرْتُ فَطَهَّرُوا الْمَخَادِعَ، وَرَدَدْتُ إِلَيْهَا آنِيَةَ بَيْتِ اللهِ مَعَ التَّقْدِمَةِ وَالْبَخُورِ.
١. وَفِي كُلِّ هذَا لَمْ أَكُنْ فِي أُورُشَلِيمَ: تشير هذه الفقرة إلى أن نحميا غادر أورشليم وعاد إلى واجباته في البلاط الفارسي. لقد كان غائبًا عن أورشليم لمدة تتراوح بين ١٠ إلى ١٢ سنة.
• غادر نحميا بعض الوقت بعد النهضة الروحية الخاصة والمذكورة في الإصحاحات الأخيرة. لكن الاختبار الحقيقي للنهضة الروحية، والاختبار الحقيقي لعمل الله في حياتنا يكون على المدى الطويل. إنه يُظهر أين نقف في عشرتنا مع الرب بعد عشر سنوات من فترة العمل العظيم.
٢. وَأَتَيْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفَهِمْتُ الشَّرَّ الَّذِي عَمِلَهُ أَلْيَاشِيبُ لأَجْلِ طُوبِيَّا: عندما عاد نحميا، وجد أن أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِن قد دخل في اتفاقيات مع أحد أعداء نحميا والمتعلق بإعادة بناء السور – وهذا الرجل يُسمى طُوبِيَّا.
• وبالمصادفة، كان طُوبِيَّا عمونيًا (نحميا ٢: ١٠) – فهو واحدًا من الجمع المختلط (اللفيف) الذي تم طرده من شعب الله قبل حوالي ١٠ سنوات. وفي هذه النقطة من يوميات نحميا، لم يكن طُوبِيَّا موجودًا فقط بين الجمع، بل كان يستأجر مخادع في ساحات الهيكل (بِعَمَلِهِ لَهُ مِخْدَعًا فِي دِيَارِ بَيْتِ اللهِ.)
• يبدو أن طوبيا لم يتغير على مر السنين. فهو لم ينضم إلى شعب الله تحت شروط عهده. وكانت المشكلة واضحة أمام نحميا – لكن أَلْيَاشِيبُ كان أعمى تمامًا ولا يراها.
٣. وَسَاءَنِي الأَمْرُ جِدًّا: كانت هناك أسباب عديدة جعلت هذا الأمر مؤلمًا جدًا لنحميا.
• سَاءَه الأمر لأن الْمَخَادِع التي في ساحات هيكل الله كان يشغلها ليس فقط رجلًا وثنيًا (طوبيا) ولكنه أيضًا صاحب تاريخ في معارضة عمل الله بنشاط في أيام نحميا.
• سَاءَه الأمر لأنه كان يعكس صورة سيئة عن أَلْيَاشِيب (الرجل الذي كان قائدًا روحيًا في إسرائيل) وعن الأشخاص المحيطين به. لقد أظهر هذا الأمر أنه حتى وإن لم ير أَلْيَاشِيب مشكلة ما، فلم يكن هناك أحد يمكنه أن يواجهه بالمشكلة.
• سَاءَه الأمر لأنه جعل نحميا يتساءل عن القيمة المستمرة والباقية للنهضة الروحية التي شهدها عندما كان في أورشليم آخر مرة.
٤. وَطَرَحْتُ جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طُوبِيَّا خَارِجَ الْمِخْدَعِ: لم يكن نحميا من النوع الذي يجلس فقط ويحزن، لكنه تصرف.
• طرح جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طوبيا خارج الْمَخَادِع التي شغلها في ساحات الهيكل.
• طهر الْمَخَادِع طقسيًا.
• أعاد الْمَخَادِع إلى استخدامها الصحيح – كمخازن للأشياء المقدسة الخاصة بالهيكل.
كان نحميا يشبه كثيرًا يسوع، الذي قام فيما بعد بتطهير الهيكل من الذين دنسوه. لقد كان لدى كل من يسوع ونحميا الحكمة لعدم الخلط بين المحبة وبين أن تكون “لطيفًا” – وكان لديهما الحكمة لمعرفة متى يتخذون إجراءات جريئة.
ب) الآيات (١٠-١٤): الإصلاحات المالية.
١٠وَعَلِمْتُ أَنَّ أَنْصِبَةَ اللاَّوِيِّينَ لَمْ تُعْطَ، بَلْ هَرَبَ اللاَّوِيُّونَ وَالْمُغَنُّونَ عَامِلُو الْعَمَلِ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى حَقْلِهِ. ١١فَخَاصَمْتُ الْوُلاَةَ وَقُلْتُ: «لِمَاذَا تُرِكَ بَيْتُ اللهِ؟» فَجَمَعْتُهُمْ وَأَوْقَفْتُهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ. ١٢وَأَتَى كُلُّ يَهُوذَا بِعُشْرِ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ إِلَى الْمَخَازِنِ، ١٣وَأَقَمْتُ خَزَنَةً عَلَى الْخَزَائِنِ: شَلَمْيَا الْكَاهِنَ وَصَادُوقَ الْكَاتِبَ وَفَدَايَا مِنَ اللاَّوِيِّينَ، وَبِجَانِبِهِمْ حَانَانَ بْنُ زَكُّورَ بْنِ مَتَّنْيَا لأَنَّهُمْ حُسِبُوا أُمَنَاءَ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى إِخْوَتِهِمْ. ١٤اذْكُرْنِي يا إِلهِي مِنْ أَجْلِ هذَا، وَلاَ تَمْحُ حَسَنَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا نَحْوَ بَيْتِ إِلهِي وَنَحْوَ شَعَائِرِهِ.
١. وَعَلِمْتُ أَنَّ أَنْصِبَةَ اللاَّوِيِّينَ لَمْ تُعْطَ: لم يطيع الشعب كلمة الله فيما يتعلق بالعطاء. وبسبب نقص العطاء والدعم، لم يتمكن الذين كان يجب أن يخصصوا وقتهم لخدمة الله وشعبه (اللاَّوِيُّونَ وَالْمُغَنُّونَ) أن يفعلوا ذلك – واضطروا لترك الخدمة (كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى حَقْلِهِ).
٢. لِمَاذَا تُرِكَ بَيْتُ اللهِ؟ لقد كان نقص العطاء طريقة لترك بيت الله. لم يكن ذلك غير مفيد للاَّوِيُّونَ وَالْمُغَنُّونَ فقط، بل كان طريقة لتحويل ظهورهم لله.
٣. فَجَمَعْتُهُمْ وَأَوْقَفْتُهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ: قام نحميا بتصحيح الوضع من خلال توقعه التزام اللاويين والمغنين بعمل خدمة الله وشعبه كما ينبغي مرة ثانية. كما أنه أعاد تنظيم الجمع، والمساءلة، وتوزيع عشور الشعب وعطاياهم.
ج) الآيات (١٥-٢٢) إصلاح الأولويات.
١٥فِي تِلْكَ الأَيَّامِ رَأَيْتُ فِي يَهُوذَا قَوْمًا يَدُوسُونَ مَعَاصِرَ فِي السَّبْتِ، وَيَأْتُونَ بِحُزَمٍ وَيُحَمِّلُونَ حَمِيرًا، وَأَيْضًا يَدْخُلُونَ أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بِخَمْرٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَكُلِّ مَا يُحْمَلُ، فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَيْعِهِمِ الطَّعَامَ. ١٦وَالصُّورِيُّونَ السَّاكِنُونَ بِهَا كَانُوا يَأْتُونَ بِسَمَكٍ وَكُلِّ بِضَاعَةٍ، وَيَبِيعُونَ فِي السَّبْتِ لِبَنِي يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ. ١٧فَخَاصَمْتُ عُظَمَاءَ يَهُوذَا وَقُلْتُ لَهُمْ: «مَا هذَا الأَمْرُ الْقَبِيحُ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ وَتُدَنِّسُونَ يَوْمَ السَّبْتِ؟ ١٨أَلَمْ يَفْعَلْ آبَاؤُكُمْ هكَذَا فَجَلَبَ إِلهُنَا عَلَيْنَا كُلَّ هذَا الشَّرِّ، وَعَلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ؟ وَأَنْتُمْ تَزِيدُونَ غَضَبًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِذْ تُدَنِّسُونَ السَّبْتَ». ١٩وَكَانَ لَمَّا أَظْلَمَتْ أَبْوَابُ أُورُشَلِيمَ قَبْلَ السَّبْتِ، أَنِّي أَمَرْتُ بِأَنْ تُغْلَقَ الأَبْوَابُ، وَقُلْتُ أَنْ لاَ يَفْتَحُوهَا إِلَى مَا بَعْدَ السَّبْتِ. وَأَقَمْتُ مِنْ غِلْمَانِي عَلَى الأَبْوَابِ حَتَّى لاَ يَدْخُلَ حِمْلٌ فِي يَوْمِ السَّبْتِ. ٢٠فَبَاتَ التُّجَّارُ وَبَائِعُو كُلِّ بِضَاعَةٍ خَارِجَ أُورُشَلِيمَ مَرَّةً وَاثْنَتَيْنِ. ٢١فَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ بَائِتُونَ بِجَانِبِ السُّورِ؟ إِنْ عُدْتُمْ فَإِنِّي أُلْقِي يَدًا عَلَيْكُمْ». وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْتُوا فِي السَّبْتِ. ٢٢وَقُلْتُ لِلاَّوِيِّينَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَيَأْتُوا وَيَحْرُسُوا الأَبْوَابَ لأَجْلِ تَقْدِيسِ يَوْمِ السَّبْتِ. بِهذَا أَيْضًا اذْكُرْنِي يَا إِلهِي، وَتَرَأَفْ عَلَيَّ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِكَ.
١. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ رَأَيْتُ فِي يَهُوذَا قَوْمًا يَدُوسُونَ مَعَاصِرَ فِي السَّبْتِ: لقد تم تجاهل يوم السبت في عصيان لوصية الله الواضحة بالعهد القديم. ففي يوم السبت، الذي كان يُفترض أن يرتاحوا فيه ويثقوا بالله لأجل احتياجاتهم، قام الأجانب بالبيع وقام شعب إسرائيل بالشراء.
• إن هذه المشكلة في جوهرها هي مشكلة أولويات. لم يكن هناك خطأ في الشراء والبيع، إلا عندما أصبحت الرغبة في الشراء والبيع لكسب المال أو إنفاقه أهم من إكرام الرب. لقد كان هذا أسلوب واضح وضع به شعب إسرائيل كسب المال وإنفاقه أولوية قبل تمجيد الله.
• لقد أوضح العهد الجديد بأننا لسنا تحت وصية يوم السبت بنفس الطريقة التي كان عليها إسرائيل في العهد القديم (كولوسي ٢: ١٦-١٧)، ولكننا بالتأكيد تحت نفس الالتزام الذي يجعل إكرام الله وتمجيده أهم من كسب المال أو إنفاقه.
٢. وَأَنْتُمْ تَزِيدُونَ غَضَبًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِذْ تُدَنِّسُونَ السَّبْتَ: كان نحميا يعلم أن الخطية لم تكن مجرد أمرًا شخصيًا. فعندما يتم تغافل خطية علنية كهذه وتركها بدون تصحيح بين شعب الله، فإنها تدعو يد الله التصحيحية للتدخل.
• لم يكن نحميا سيجلس مكتوف الأيدي من جهة هذا الأمر. لقد هدد بقوله إِنْ عُدْتُمْ فَإِنِّي أُلْقِي يَدًا عَلَيْكُمْ! لم يقصد بذلك وضع يديه عليهم بلطف للصلاة، بل وضع اليدين بخشونة للتصحيح.
د ) الآيات (٢٣-٣١أ): إصلاح العلاقات.
٢٣فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَيْضًا رَأَيْتُ الْيَهُودَ الَّذِينَ سَاكَنُوا نِسَاءً أَشْدُودِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَمُوآبِيَّاتٍ. ٢٤وَنِصْفُ كَلاَمِ بَنِيهِمْ بِاللِّسَانِ الأَشْدُودِيِّ، وَلَمْ يَكُونُوا يُحْسِنُونَ التَّكَلُّمَ بِاللِّسَانِ الْيَهُودِيِّ، بَلْ بِلِسَانِ شَعْبٍ وَشَعْبٍ. ٢٥فَخَاصَمْتُهُمْ وَلَعَنْتُهُمْ وَضَرَبْتُ مِنْهُمْ أُنَاسًا وَنَتَفْتُ شُعُورَهُمْ، وَاسْتَحْلَفْتُهُمْ بِاللهِ قَائِلًا: «لاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ، وَلاَ تَأْخُذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ لأَنْفُسِكُمْ. ٢٦أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الْكَثِيرَةِ مَلِكٌ مِثْلُهُ؟ وَكَانَ مَحْبُوبًا إِلَى إِلهِهِ، فَجَعَلَهُ اللهُ مَلِكًا علَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. هُوَ أَيْضًا جَعَلَتْهُ النِّسَاءُ الأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ. ٢٧فَهَلْ نَسْكُتُ لَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا كُلَّ هذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ بِالْخِيَانَةِ ضِدَّ إِلهِنَا بِمُسَاكَنَةِ نِسَاءٍ أَجْنَبِيَّاتٍ؟» ٢٨وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي يُويَادَاعَ بْنِ أَلْيَاشِيبَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ صِهْرًا لِسَنْبَلَّطَ الْحُورُونِيِّ، فَطَرَدْتُهُ مِنْ عِنْدِي. ٢٩اذْكُرْهُمْ يَا إِلهِي، لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا الْكَهَنُوتَ وَعَهْدَ الْكَهَنُوتِ وَاللاَّوِيِّينَ. ٣٠فَطَهَّرْتُهُمْ مِنْ كُلِّ غَرِيبٍ، وَأَقَمْتُ حِرَاسَاتِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ، كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى عَمَلِهِ، ٣١وَلأَجْلِ قُرْبَانِ الْحَطَبِ فِي أَزْمِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْبَاكُورَاتِ.
١. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَيْضًا رَأَيْتُ الْيَهُودَ الَّذِينَ سَاكَنُوا نِسَاءً أَشْدُودِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَمُوآبِيَّاتٍ: في السنوات التي غاب فيها نحميا، استأنف بنو إسرائيل ممارستهم للزواج المختلط مع الأمم الوثنية المحيطة بهم، وقد كان هذا عصيانًا صارخًا لوصية الله.
٢. فَخَاصَمْتُهُمْ وَلَعَنْتُهُمْ وَضَرَبْتُ مِنْهُمْ أُنَاسًا وَنَتَفْتُ شُعُورَهُمْ، وَاسْتَحْلَفْتُهُمْ بِاللهِ: نفهم من رد فعل نحميا القوي هذا أنه اعتبر هذا الأمر هو أخطر خطاياهم – وهو السعي وراء التواصل غير النقي، والتورط في علاقات عاطفية قد قال الله عنها قبلًا “لا.”
• إن المثال الذي اتخذه نحميا كان سليمان (أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ… جَعَلَتْهُ النِّسَاءُ الأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ). إذا كان سليمان، أحد أحكم الرجال وأكثرهم بركة على الإطلاق، قد أخطأ بسبب علاقات غير حكيمة وغير تقية، فلا ينبغي لأحد آخر أن يعتبر نفسه قويًا.
هـ) الآية (٣١ب) الخلاصة: ضمير نحميا الصافي.
٣١… فَاذْكُرْنِي يَا إِلهِي بِالْخَيْرِ.
١. فَاذْكُرْنِي: في نهاية كل شيء، كان نحميا يعلم أنه بذل قصارى جهده لجعل شعب الله قويًا، آمنًا، ومستقرًا. إلى جانب ذلك، قادهم أيضًا ليكونوا طاهرين، عابدين، ومطيعين.
٢. فَاذْكُرْنِي يَا إِلهِي بِالْخَيْرِ: لكن، كان لدى نحميا بالتأكيد شعور بالفشل. ففي نحميا ١٠، قام الشعب بقطع عهد جليل مع الله بأنهم لن يفعلوا ثلاثة أشياء.
• الدخول في علاقات جنسية غير نقية.
• الشراء والبيع في يوم السبت.
• عدم دعم عمل الله بالمال كما أمرهم (نحميا ١٠: ٣٢-٣٩)
بالرغم من هذا العهد الذي قطعوه، فبعد حوالي ١٠ إلى ١٢ سنة نقرأ في نحميا إصحاح ١٣، أن إسرائيل عاد مرة أخرى للسقوط في نفس الخطايا التي تعهدوا بالتوقف عنها. اضطر نحميا للتعامل مع مشاكل العلاقات غير النقية (نحميا ١٣: ٢٣)، والشراء والبيع في يوم السبت (نحميا ١٣: ١٥-٢٢)، وفشلهم في دعم عمل الله كما أمر (نحميا ١٣: ١٠-١٤).
في نحميا ١٠: ٣٩، كان وعد الشعب هو: لاَ نَتْرُكُ بَيْتَ إِلهِنَا. لكن في نحميا ١٣: ١١، اضطر نحميا للسؤال: لِمَاذَا تُرِكَ بَيْتُ اللهِ؟ لقد تُرك لأن إسرائيل لم يحافظ على وعوده أمام الله.
هذا يظهر نقطة مهمة بوضوح شديد: أن الناموس – أي الوصايا، النذور، الوعود، العهود، وما إلى ذلك، كلها في النهاية عاجزة عن إيقاف الخطية. فقط نعمة الله، الحيّة والجارية في حياتنا، هي التي يمكنها أن تعطينا القوة للتغلب على الخطية حقًا.
عبّر بولس عن هذا في رومية ٨: ٣، من بين أماكن أخرى: لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ. يبحث الكثير من المؤمنين عن النصرة في إتمام الوصايا، والنذور، والوعود – وهم يفشلون في ذلك، لأن كل تلك الأمور تميل إلى جعلنا ننظر إلى أنفسنا، بدلًا من النظر إلى يسوع.
إن تاريخ العهد القديم لإسرائيل، من بدايته إلى نهايته، يوضح هذه الحقيقة. فعندما وُلدت الأمة لأول مرة في سفر الخروج، وعلى الرغم من المعجزات الرائعة، واستعلان لمجد الله، وإعلان الناموس، أخطأ الشعب، بأن نسبوا تحريرهم من أرض مصر إلى عجل مصنوع من ذهب. والآن هنا، في نهاية تاريخ العهد القديم لشعب الله في أرض الموعد، كان نحميا ينتف الشعر – شعره وشعر الخطاة – لأنهم لم يستطيعوا الحفاظ على وعودهم لله.
لو كان يمكن أن يتم خلاصنا بوعودنا الخاصة، وبتكريسنا ليسوع، لكان موته الجليل غير ضروريًا. نحن لا نُخلَّص بنذر نقطعه، أو بأسلوب نغيره، بل بالثقة في شخص يسوع، وبما صنعه هو لكي يخلصنا.