سفر نحميا – الإصحاح ٤
أعداء يحاولون إيقاف العمل
أولًا. سنبلط وطوبيا يسخرون من عمل الله
أ ) الآيات (١-٣): محاولة لإحباط العاملين.
١وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ أَنَّنَا آخِذُونَ فِي بِنَاءِ السُّورِ غَضِبَ وَاغْتَاظَ كَثِيرًا، وَهَزَأَ بِالْيَهُودِ. ٢وَتَكَلَّمَ أَمَامَ إِخْوَتِهِ وَجَيْشِ السَّامِرَةِ وَقَالَ: «مَاذَا يَعْمَلُ الْيَهُودُ الضُّعَفَاءُ؟ هَلْ يَتْرُكُونَهُمْ؟ هَلْ يَذْبَحُونَ؟ هَلْ يُكْمِلُونَ فِي يَوْمٍ؟ هَلْ يُحْيُونَ الْحِجَارَةَ مِنْ كُوَمِ التُّرَابِ وَهِيَ مُحْرَقَةٌ؟» ٣وَكَانَ طُوبِيَّا الْعَمُّونِيُّ بِجَانِبِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ مَا يَبْنُونَهُ إِذَا صَعِدَ ثَعْلَبٌ فَإِنَّهُ يَهْدِمُ حِجَارَةَ حَائِطِهِمِ».
١. وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ أَنَّنَا آخِذُونَ فِي بِنَاءِ السُّورِ غَضِبَ وَاغْتَاظَ كَثِيرًا: كان سنبلط وطوبيا قد انزعجا كثيرًا عندما سمعا أن رجلًا يريد أن يساعد أهل أورشليم (نحميا ٢: ١٠). ثم استخدما السخرية والترهيب لمنع بدء العمل (نحميا ٢: ١٩). والآن بعد أن بدأ العمل، أصبحا غَاضِبَين وَاغْتَاظَا كَثِيرًا.
٢. وَهَزَأَ بِالْيَهُودِ: كانت طبيعة هجومهم المثبط للعزائم واضحة. لقد استخدموا نبرة ساخرة واستهزائيه. هَزَأَ بِالْيَهُودِ… الْيَهُودُ الضُّعَفَاءُ… هَل… هَلْ… هَلْ… إِذَا صَعِدَ ثَعْلَبٌ فَإِنَّهُ يَهْدِمُ حِجَارَةَ حَائِطِهِم.
• هَلْ يَذْبَحُونَ؟ تحمل هذه الفكرة معنى “هل سيطلبون الله بتقديمهم الذبائح ويتوقعون منه بناء الأسوار بطريقة معجزيه؟ هل سيتلون صلوات فتتواجد الأسوار؟ هَلْ يُكْمِلُونَ فِي يَوْمٍ؟ وتحمل هذه الفكرة معنى “هل لديهم أدنى فكرة عما يشرعون في بنائه؟ هذا المشروع ليس سهلًا.”
• مثل معظم هجمات الإحباط، هناك شيء من الحقيقة في كلمات العدو. وبالحديث عن البنائين، كان اليهود ضُّعَفَاء. لن يُكْمِلُونَ فِي يَوْمٍ. ولم يكن لديهم أفضل المواد للعمل بها. إن هجوم الكذب والإحباط غالبًا ما يحتوي على بعض الحقائق، لكنه يتجاهل الحقيقة العظمى وهي أن الله معنا وقد وعد بأن يدعمنا لنحقق ما نصبو إليه.
• سعى سنبلط وطوبيا لنشر الشعور بالإحباط من خلال توجيه النقد. ويشير تشارلز سويندول (Charles Swindoll) إلى أن الكثيرين قد اشتركوا معًا في توجيه النقد الساخر والمستهزئ – وقد لاحظ ذلك قائلًا: “الناقدون يتماشون مع الناقدين.” إن إحدى مقاييس القائد هي القدرة على تقييم النقد؛ وعدم السماح للنقد أن يُهبط معنوياته، وفي نفس الوقت يعرف القائد أن يحافظ على نفسه حساسًا لصوت الله حتى وسط النقد.
• إن الإحباط هو سلاح قوي للغاية لأنه يقترب من كونه عكس الإيمان. فالإيمان يصدق الله ويثق في محبته ووعوده، بينما يبحث الإحباط عن أسوأ شيء ويصدقه – كما يميل الإحباط إلى نسيان من هو شخص الله وما وعد بفعله.
٣. فَإِنَّهُ يَهْدِمُ حِجَارَةَ حَائِطِهِمِ: ارتكب طوبيا خطأ كبيرًا. لقد وصف السور بأنه حِجَارَةَ حَائِطِهِمِ؛ لم يكن السور ملكهمِ في الواقع، بل كان ملك الله – لقد كان طوبيا ينتقد سور الله، وعمله.
• الناقدون الذين يجلبون فقط الإحباط غالبًا ما يفوتهم ما يفعله الله. فلأنهم لا يحبون السور، لا يستطيعون تصديق أنه عمل الله ذاته. وبنفس الطريقة، الكنيسة هي كنيسة الله؛ ويسوع يحب عروسه. ويجب أن تكون حذرًا دائمًا بالطريقة التي تتحدث بها عن عروس يسوع.
٤. غَضِبَ وَاغْتَاظَ كَثِيرًا وَهَزَأَ بِالْيَهُودِ: لأن نحميا والعاملين كانوا فعلًا يتمتعون بحماية قانونية من الملك (كما ذُكر في الرسائل في نحميا ٢: ٧)، لم يكن فعليًا لسنبلط وطوبيا أي سلطة لإيقاف العمل. كل ما كان بإمكانهم فعله هو إثارة الإحباط لدى اليهود لمنعهم من مواصلة العمل.
• نفس الهجوم يأتي على حياة المؤمن الذي تم تحريره قانونيًا من قِبل ملكه. ومع ذلك، يمكن أن يشعر المؤمنون بالإحباط من جهة إكمالهم للعمل الذي أوكله الله لهم.
• نحن نعمل بشكل مختلف عندما نؤمن مقارنة بعملنا عندما نكون محبطين. ونحن نصلي بشكل مختلف عندما يكون لدينا الإيمان عن صلواتنا تحت تأثير الإحباط. إن قراءتنا وسماعنا لكلمة الله تختلف تحت أجواء الإيمان عنها تحت أجواء الإحباط. إنه ليس من المستغرب أن يعمل الشيطان بجهد لإبعادنا عن الإيمان وإبقائنا في حالة الإحباط.
• أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرَّ بِهِ نَفْسِي. وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ (العبرانيين ١٠: ٣٨-٣٩).
ب) الآيات (٤-٥): نحميا يواجه الهجوم المحبط بالصلاة.
٤«اسْمَعْ يَا إِلهَنَا، لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا احْتِقَارًا، وَرُدَّ تَعْيِيرَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَاجْعَلْهُمْ نَهْبًا فِي أَرْضِ السَّبْيِ ٥وَلاَ تَسْتُرْ ذُنُوبَهُمْ وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّتُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ لأَنَّهُمْ أَغْضَبُوكَ أَمَامَ الْبَانِينَ».
١. اسْمَعْ يَا إِلهَنَا: كان رد فعل نحميا مثلًا رائعًا. فهو لم يجادل، ولم يشكّل لجنة، ولم يتعامل حتى مباشرة مع العدوين. بل بدلًا من ذلك، قدم الأمر إلى الله في الصلاة.
• بالنسبة لنحميا، كانت الصلاة موردًا أوليًا له وليست ملاذًا أخيرًا. يريد الله منا أن نعتمد عليه عندما تأتي أوقات المعارضة أو المقاومة – وأنقى وأصدق طريقة للتعبير عن اعتمادنا على الله هي من خلال الصلاة.
٢. اسْمَعْ يَا إِلهَنَا، لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا احْتِقَارًا: طلب نحميا في صلاته أولًا انتباه الله ورحمته. كان الله قد اهتم بنحميا وبإعادة البناء، ولكن نحميا كان يحتاج لأن ُيظهر الله ذلك وأن يشعر أيضًا بوجود الله وعنايته.
٣. وَرُدَّ تَعْيِيرَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَاجْعَلْهُمْ نَهْبًا… وَلاَ تَسْتُرْ ذُنُوبَهُمْ: ثم طلب نحميا من الله أن يحارب أعدائهم نيابة عنهم. لقد اعتمد على الله لخوض هذه المعركة. فالله أعطاه عملًا ليقوم به، ولن يقبل أن يتشتت انتباهه عن المهمة التي كلفه بها الرب.
• قد تبدو هذه الصلاة قاسية نوعًا ما، لكن هناك صلوات في المزامير هي أشد قسوة: كَسِّرْ أَسْنَانَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمِ… يَا رَبُّ (مزمور ٥٨: ٦). لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ قُدَّامَهُمْ فَخًّا، وَلِلآمِنِينَ شَرَكًا (مزمور ٦٩: ٢٥). يُعتبر من المناسب لأبناء الله أن يُصلّوا مثل هذه الصلاة لأنهم بذلك يسلّمون ميولهم العنيفة إلى الله ويدعونه هو ليتعامل مع أعدائهم.
• إذا كنا غاضبين من شخص ما أو لدينا عدو حقيقي، فيمكننا التعامل معه من خلال الصلاة. ليس بمعنى أن نصلي لجلب الشر عليه، بل بتسليمه إلى الرب الصالح والعادل لأنه يعرف تمامًا ما يجب فعله به.
٤. لأَنَّهُمْ أَغْضَبُوكَ: أخيرًا، أعطت صلاة نحميا سببًا لله لإظهار الرحمة لشعبه ومواجهة أعدائه. لقد أدرك نحميا أن هذا الأمر هو قضية تخص الله، وليست قضيته الخاصة.
ج( الآية (٦): النتيجة بعد حدوث الهجوم وبعد دفاع نحميا بالصلاة: استمرار العمل بقوة وثبات متزايدين.
٦فَبَنَيْنَا السُّورَ وَاتَّصَلَ كُلُّ السُّورِ إِلَى نِصْفِهِ وَكَانَ لِلشَّعْبِ قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ.
١. فَبَنَيْنَا السُّورَ: استجاب الله للصلاة من خلال إعطائهم جميعًا قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ. إن القَلْبٌ فِي الْعَمَلِ إنما هو هبة من الله. ولن يتم إنجاز أي عمل كبير حتى يجتمع الشعب معًا بقَلْبٌ فِي الْعَمَلِ.
• وهذا بالضبط ما يريد الشيطان تدميره من خلال هجماته: القَلْبٌ فِي الْعَمَلِ. إنه يريدنا أن نشعر بالهزيمة، أو السلبية، أو التركيز على الذات، أو الإحباط.
• “إن الناقدين يحبطون بينما القادة يشجعون. عندما تحدث المنتقدون سمع العمال لهم وأصيبوا بالإحباط. لكن عندما قام القائد القادر وقال، ‘لننظر إليها بطريقة الله، ولنستمر في العمل،’ عاد أفراد الطاقم إلى العمل مرة أخرى.” سويندول (Swindoll)
٢. وَكَانَ لِلشَّعْبِ قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ: إن الاستجابة المباشرة للصلاة لم تغير أعداءهم. لقد تمت استجابة الصلاة من خلال قيام شعب الله بالعمل. كانت طلبة نحميا في الصلاة هي أن يعتني الرب بأمر أعدائه، واستجاب الله بالعناية بشعبه.
• غالبًا ما نغفل عن استجابة الله لصلواتنا لأننا نطلب منه أن يعمل في حياة الآخرين الذين نحن في صراع معهم – وهو يستجيب لنا بأنه يتحرك في حياتنا نحن، لكننا نقاوم هذا التحرك. كأن الرب حاول أن يعطينا قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ في الموقف الذي نصلي لأجله، لكننا قاومناها.
٣. فَبَنَيْنَا السُّورَ وَاتَّصَلَ كُلُّ السُّورِ إِلَى نِصْفِهِ: لقد انتهى نصف العمل. كانت لحظة مثيرة، لكنها خطيرة أيضًا؛ فقد تم إنجاز الكثير، لكن ما زال الكثير الذي يتطلبه العمل متبقيًا. كان التعب والإحباط جاهزين للظهور إذا أتيحت لهما الفرصة.
ثانيًا. سنبلط وطوبيا يخططان لقيادة هجوم عنيف ضد العمل
أ ) الآيات (٧-٨): المؤامرة لمهاجمة العمل.
٧وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ وَطُوبِيَّا وَالْعَرَبُ وَالْعَمُّونِيُّونَ وَالأَشْدُودِيُّونَ أَنَّ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ قَدْ رُمِّمَتْ وَالثُّغَرَ ابْتَدَأَتْ تُسَدُّ، غَضِبُوا جِدًّا. ٨وَتَآمَرُوا جَمِيعُهُمْ مَعًا أَنْ يَأْتُوا وَيُحَارِبُوا أُورُشَلِيمَ وَيَعْمَلُوا بِهَا ضَرَرًا.
١. أسْوَارَ أُورُشَلِيمَ قَدْ رُمِّمَتْ وَالثُّغَرَ ابْتَدَأَتْ تُسَدُّ: كان السور لا يزال على نصف الارتفاع الذي يجب أن يكون عليه، لكنه أصبح الآن متواصلًا تقريبًا. لذلك، غَضِب جِدًّا أعداء العمل.
• إن عمل الله غالبًا ما يُغضب عدو نفوسنا. إنه يغضب كثيرًا من التقدم الذي يحرزه شعب الله في الوصول إلى عالم ضائع من أجل يسوع المسيح. إنه ليس أمرًا سيئًا أن تُغضب الشيطان.
٢. وَتَآمَرُوا جَمِيعُهُمْ مَعًا أَنْ يَأْتُوا وَيُحَارِبُوا: مع تقدم العمل، أصبح الأعداء أكثر جدية في مقاومتهم. فالآن لم يكتفوا بالشكوى أو السخرية، بل هددوا وخططوا للتدخل بالعنف.
• من ناحية، كان هذا أمرًا خطيرًا: فلقد تم بناء السور للحماية من هجمات العنف، والآن يبدو أن بناء السور نفسه قد يثير هجومًا. كان من السهل على الشعب أن يشعر بالخوف وأن يعتقد ربما أن كل عملهم سيصبح بلا فائدة.
• من ناحية أخرى، لم يكن هذا خطيرًا على الإطلاق. فنحن نلاحظ أنهم لم يهاجموا – لكنهم فقط تحدثوا عن الهجوم. كان سنبلط وطوبيا يأملان أن يكون تهديد الهجوم كافيًا لتراجعهم. والشيطان يستخدم نفس استراتيجية الخوف ضدنا، وإذا نجح في إحداث الشلل بواسطة التهديد فقد نجح التهديد – حتى عندما لا يحدث شيء فعليًا.
٣. وَيَعْمَلُوا بِهَا ضَرَرًا: كانت هذه استراتيجية مهمة للشيطان – وهي خلق الارتباك بين شعب الله. فالناس المرتبكون لن يتقدموا قط ولن يُنجزوا عمل الله. وغالبًا ما يكونون مرتبكين لأنهم مُشتتون بحيل أعدائهم بدلًا من التركيز على الله ووعوده.
ب) الآية (٩): تم التصدي للهجوم بالصلاة والمراقبة.
٩فَصَلَّيْنَا إِلَى إِلهِنَا وَأَقَمْنَا حُرَّاسًا ضِدَّهُمْ نَهَارًا وَلَيْلًا بِسَبَبِهِمْ.
١. فَصَلَّيْنَا إِلَى إِلهِنَا: لا يوجد شيء يمكن أن يجعلهم يتوقفون عن الاعتماد على الله من خلال الصلاة. ربما كان من الممكن أن يستسلموا، معتقدين أن الهجوم المستمر هو فشلًا من جانب الله في استجابة صلواتهم قبلًا – لكن الواقع أنه كان لديهم ثقة أكبر من ذلك في الله.
• لقد سمح الله بالهجوم، على الرغم من أنه كان بإمكانه إزالته على الفور. وسمح بذلك لأنه كان مسرورًا بأن شعبه اقترب منه بثقة أعمق من أي وقت مضى. قام الله بعمله الكامل سواء في بناء الجدران أو في بناء شعبه.
٢. أَقَمْنَا حُرَّاسًا: لقد كانوا يعرفون أن الصلاة تعني أنهم لن يجلسوا دون أن يفعلوا شيء. لقد استخدموا الحس المقدس السليم للقيام بما هو ضروري، وهو توفير الحماية ضد الهجوم، وذلك بواسطة خدام الله الراغبين أن يصبحوا هم بمثابة السور للمدينة، وذلك حتى يتم بناء السور الفعلي.
• ليس من الصعب تخيل بعض الأشخاص المتدينين جدًا بينهم وهم يقولون، “الآن يا نحميا، نحن لسنا في احتياج لإقَامة حُرَّاسًا. لقد صلينا، والله سيحمينا.” وعندها ربما كان سيرد نحميا قائلًا، “نعم، سيحمينا الله، وسيفعل ذلك إذ يجدنا نقوم بواجبنا أمامه. هيا فلنقم حراسًا.”
• عندما ترى ناحية في حياتك الروحية تحتاج إلى اهتمام خاص، فالصلاة وحدها لا تكفي. أنت تحتاج أيضًا إلى وضع حراسة – أي إعطاء اهتمام خاص لتلك الناحية من حياتك وتحمُّل مسئوليتها حتى تتقدم في غلبة مستمرة.
• إن صلواتنا لا تحل محل أفعالنا؛ بل تجعل أفعالنا فعّالة لصالح عمل الله.
٣. نَهَارًا وَلَيْلًا: تُظهر هذه الكلمات عزم نحميا وإصراره. فهو لم يكن يترك جانبًا أمر الحراسة والأمان بالنهار، أو يسمح للنعاس في الليل أن يمنعه من العمل. إن هذا الفعل قد أرسل رسالة قوية.
• لقد أرسل رسالة إلى شعب الله تقول: “نحن ملتزمون. وهذا الأمر سينجح، لأن الله معنا، وسيمكّننا من التغلب على كل عقبة نواجهها.”
• لقد أرسل رسالة إلى الأعداء تقول: “أنتم لن تنجحوا، وعمل الله مستمر ولن يتوقف، وسنقدم أي تضحيات لازمة لرؤية هذا العمل مُنجزًا – سواء كانت أيام مُجهدة، ليالٍ بلا نوم، فكل هذا لا يهم.”
• لقد أرسل رسالة إلى الله تقول: “نحن نثق فيك، وإيماننا حيّ – إيماننا هو إيمان الأفعال وليس مجرد كلمات. ونحن نحبك ونثق بك يا رب.”
ثالثًا. التحديات من الداخل والخارج
أ ) الآية (١٠): التحدي من الداخل: الشعور بالإحباط بين الناس لأن العمل بدا كبيرًا جدًا.
١٠وَقَالَ يَهُوذَا: «قَدْ ضَعُفَتْ قُوَّةُ الْحَمَّالِينَ، وَالتُّرَابُ كَثِيرٌ، وَنَحْنُ لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَبْنِيَ السُّورَ».
١. وَقَالَ يَهُوذَا: كان من المفترض أن يكون سبط يهوذا هو السبط الأقوى والأشجع. لقد كان هو السبط الذي خرج منه الملوك العظام وفي نهاية المطاف، المسيح نفسه. فأن يأتي هذا الكلام من سبط يهوذا، كان هذا بمثابة تحديًا خاصًا ومصدرًا للإحباط.
• لقد كان نحميا واليهود الذين يعيدون بناء أورشليم يقفون بقوة في وجه الهجوم؛ ولكن الآن بعد أن وصل العمل إلى منتصفه، وأصبح السور تقريبًا متواصلًا، ظهرت تحديات خاصة أخرى.
٢. قَدْ ضَعُفَتْ قُوَّةُ الْحَمَّالِينَ: يُعد الوصول لمنتصف الطريق في مهمة (المذكورة في نحميا ٤: ٦) هي مكان خطير. فلا يزال هناك الكثير الذي يجب أن يتم، ولكن التعب يبدأ في الظهور بسبب أن الكثير أيضًا قد تم بالفعل.
• لا يكفي فقط البدء بشكل جيد. كثير من الفرق الرياضية تمتعت بأداء رائع بالشوط الأول فقط لتخسر في الدقائق الأخيرة. إن عمل إعادة البناء قد سار بشكل جيد جدًا وتم التغلب على العديد من العقبات – ولكن العمل لم ينته بعد، المباراة لم تنته بعد، ولا يزال هناك وقت محتمل للخسارة.
٣. التُّرَابُ كَثِيرٌ: لم يكن عمل إعادة بناء الأسوار يتضمن البناء فقط، بل أيضًا التنظيف وإزالة الركام. لقد أصبحت أنقاض الأسوار التي ظلت مهدمة لمدة ١٠٠ عام نقطة تجمع لأنواع مختلفة من الركام.
• لم تكن إزالة الركام خيارًا – كان أمرًا لا بد من القيام به. فكان لا بد من إزالة أجزاء السور المُدَمّرة والركام المتراكم حتى يمكن إعادة بناء الأسوار على أساساتها بشكل سليم. وإذا لم يفعلوا ذلك، لم يكن السور سيقف ثابتًا على الإطلاق.
• وفي حياتنا المسيحية، لا يمكن بناء الكثير لمجد الله ما لم يتم إزالة الركام أيضًا. فقد يكون العمل في إخراج القمامة مُثبطًا للعزائم – لكنه أمر يجب القيام به.
٤. وَنَحْنُ لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَبْنِيَ السُّورَ: لذلك، كان عليهم البدء بأعمال الحفر. فقبل أن يتمكنوا من بناء الأسوار، كان عليهم هدم وإزالة الركام. كان عليهم النزول لأسفل قبل أن يتمكنوا من الصعود لأعلى.
• كان الأمر صعبًا لأنه غالبًا ما يكون عمل البناء أسهل – أو أكثر متعة – من إزالة الركام.
• كان الأمر صعبًا لأنه عندما يتم تفكيك كومة الركام تصير المدينة أكثر عرضة للخطر من ذي قبل. ويمكننا أن نتخيل البعض وهم يفكرون قائلين: “لا تزيلوا الركام؛ فأعداؤنا قريبون، أنتم فقط تمهدون الطريق لهم للدخول.”
• لقد كان الأمر صعبًا لأنه كان هناك دائمًا من يدافعون عن أي كومة ركام، بغض النظر عن مدى عدم جدواها قائلين: “عاش جدي مع تلك الكومة من الركام، وإذا كانت جيدة بما فيه الكفاية بالنسبة له، فهي كذلك بالنسبة لنا اليوم.” هذا تفكير سيء؛ يجب أن نزيل القديم، حتى نتمكن من البناء على الأساس الحقيقي.
• لقد كان الأمر صعبًا لأن قوة العمال كانت تضعف. ومن الواضح من الآية ١٠ هو أن قلب الشعب وحالته صار مصدر إحباط لنحميا. من السهل أن تقود عندما يكون أتباعك مملوءين بالحماس ولديهم قلب للعمل. ولكن ماذا تفعل عندما يبدأ هذا الحماس والتوجه أن يتلاشى؟
ب) الآية (١١): التحدي من الخارج: يُخطط الأعداء لهجوم مفاجئ.
١١وَقَالَ أَعْدَاؤُنَا: «لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَرَوْنَ حَتَّى نَدْخُلَ إِلَى وَسَطِهِمْ وَنَقْتُلَهُمْ وَنُوقِفَ الْعَمَلَ».
١. وَقَالَ أَعْدَاؤُنَا: قد تكون الآية العاشرة هي النقطة الأدنى في معنويات العاملين. لقد كانت الأمور في حالة سيئة بالفعل، وشعر العمال المحبطون برغبة في الاستسلام. الآن، خطط العدو لغارته على العمال، لسحق أولئك الذين يعيدون بناء الأسوار.
٢. لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَرَوْنَ: من المشكوك فيه أن هؤلاء الأعداء يعرفون تمامًا مدى شعور شعب الله بالإحباط. لكن بالتأكيد، كانت مشورات الظلمة الروحية في السماويات تعرف – وقد تم التخطيط للهجوم.
• يمكننا تقريبًا تخيّل صفوف القوات الروحية للظلمة تقترح على خصوم شعب الله: “الآن هو الوقت المناسب للهجوم. لا تتأخروا، وستسحقونهم.” كانوا يعرفون أن حالة الإحباط لدى إسرائيل جعلت فرصة النصر للشر ممكنة.
• إن الهجمات التي نعاني منها من قوى الظلمة الروحية هي موقوتة استراتيجيًا بنفس قدر نوعية الهجوم. فأعداؤنا الروحيون يعرفون متى نكون محبطين، متعبين، غاضبين، أو متكلين على ذواتنا بثقة بالنفس زائفة.
٣. لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَرَوْنَ: غالبًا ما تكون الهجمات من الخصم ناجحة فقط إذا جاءت كمفاجأة، بينما عندما يكون شعب الله على حذر، لا يحظى العدو إلا برؤية قليل من النصر.
٤. حَتَّى نَدْخُلَ إِلَى وَسَطِهِمْ وَنَقْتُلَهُمْ وَنُوقِفَ الْعَمَلَ: لقد أثنى أعداء شعب الله على ما عمله نحميا ورفقاؤه بهذا الخبر. لقد عرفوا الآن أن الطريقة الوحيدة لجعلهم يتوقفون عن خدمة الله والقيام بعمله هي قْتُلَهُمْ.
• ولا يمكن قول إن هذا النوع من الحروب ينطبق على كل خادم لله اليوم. فكثيرين من الخدام لا يحتاج الشيطان إلى قتلهم لأن الإحباط، والمساومة، والمال، والعلاقات، والملل، والمشاكل تجعلهم يتوقفون عن خدمة الله.
ج) الآية (١٢): يسمح الله بتحذير اليهود من الهجوم القادم.
١٢وَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودُ السَّاكِنُونَ بِجَانِبِهِمْ قَالُوا لَنَا عَشْرَ مَرَّاتٍ: «مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي مِنْهَا رَجَعُوا إِلَيْنا».
١. وَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودُ السَّاكِنُونَ بِجَانِبِهِمْ: هذا مثال رائع على قوة الله وخيره. لقد فعل أعداء الله أفضل ما عندهم، وهكذا فعل شعب الرب أفضل ما لديه، لكن الله كان دائمًا مسيطرًا على الأحداث، ولم يعلم الأعداء أن هناك يهود أمناء يستمعون إلى تدبيرهم.
٤. قَالُوا لَنَا عَشْرَ مَرَّاتٍ: من السهل تخيّل هذا المشهد ورؤية المخبرين وهم يقولون مرارًا وتكرارًا، “هناك هجوم قادم علينا وسيهزمنا أعداؤنا.” مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي مِنْهَا رَجَعُوا إِلَيْنا!
• الذين سمعوا هذا المخطط لم يكن لديهم الحكمة لمعرفة ما يجب فعله ردًا على ذلك. لقد كانوا في حالة من الذعر، ومن المحتمل أنهم اضطرابهم بسبب عدم خوف نحميا.
د ) الآيات (١٣-١٤): نحميا ينظم الدفاع.
١٣فَأَوْقَفْتُ الشَّعْبَ مِنْ أَسْفَلِ الْمَوْضِعِ وَرَاءَ السُّورِ وَعَلَى الْقِمَمِ، أَوْقَفْتُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ، بِسُيُوفِهِمْ وَرِمَاحِهِمْ وَقِسِيِّهِمْ. ١٤وَنَظَرْتُ وَقُمْتُ وَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوهُمْ بَلِ اذْكُرُوا السَّيِّدَ الْعَظِيمَ الْمَرْهُوبَ، وَحَارِبُوا مِنْ أَجْلِ إِخْوَتِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَبُيُوتِكُمْ».
١. فَأَوْقَفْتُ: تخبرنا هذه الآيات بما فعله نحميا، لكن يمكننا أيضًا التفكير فيما كان يمكن أن يفعله نحميا في هذا الموقف.
• كان من الممكن لنحميا ألا يفعل شيء – وأن يتعامل مع الأمر بطريقة روحية. “حسنًا يا أخي، نحن نثق في الرب. لقد صلينا بشأن هذا الأمر ونؤمن أن الرب سينقذنا بطريقة ما.”
• وكان من الممكن لنحميا أن يرتعب – ويبدأ في التفكير بأن الدفاع ضد الهجوم هي مسؤوليته وحده.
• كان من الممكن لنحميا أن يشك في الله. لكن بدلًا من ذلك، وثق في الله بحكمة وهدوء وسط العاصفة، وقام بفعل الأمور العملية التي يريد الله منه القيام بها لتحقيق الغلبة.
٢. سُيُوفِهِمْ وَرِمَاحِهِمْ وَقِسِيِّهِمْ: أمرهم نحميا بإخراج دروعهم. فقد حان الوقت لأخذ الأمور على محمل الجد، وارتداء الدرع الكامل، والاستعداد للقتال بكل الموارد المتاحة بين أيديهم.
٣. لاَ تَخَافُوهُمْ بَلِ اذْكُرُوا السَّيِّدَ الْعَظِيمَ الْمَرْهُوبَ: وضع نحميا الأمور في نِصَابها الصحيح. لقد كان التحدي كبيرًا ولكن لا داعي للخوف، فالذي فيهم أعظم ممن في العالم (١ يوحنا ٤: ٤).
٤. وَحَارِبُوا مِنْ أَجْلِ إِخْوَتِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَبُيُوتِكُمْ: لقد ذكّر نحميا الشعب بما يقاتلون من أجله. وبالنسبة لنا، فمعركتنا من أجل الرب تكون أكثر فاعلية عندما نبقى واعين للكثير الذي يمكن أن نفقده إن لم نحارب العدو.
هـ) الآية (١٥): الأعداء يتراجعون.
١٥وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاؤُنَا أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَا، وَأَبْطَلَ اللهُ مَشُورَتَهُمْ، رَجَعْنَا كُلُّنَا إِلَى السُّورِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شُغْلِهِ.
١. وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاؤُنَا أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَا، وَأَبْطَلَ اللهُ مَشُورَتَهُمْ: عندما رأوا الدفاعات التي استعد بها شعب الله، تراجع الأعداء. لم يرغبوا في دخول المعركة لأنهم علموا أنهم سيخسرون. إن ما أراده الأعداء هو أن يسلمهم شعب الله نصرًا سهلًا عن طريق فشلهم في حراسة العمل وعدم اليقظة أو الاستعداد.
٢. رَجَعْنَا كُلُّنَا إِلَى السُّورِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شُغْلِهِ: هذه كانت النصرة التي كان العاملون يرجونها. فالدفاع ضد الهجوم لم يكن هو النصرة في ذاته. إن شعب الله لن يكون في سلام ولن يعيش في أمان حتى يُعاد بناء السور. لذا فالاستمرار في العمل كان هو النصرة في هذا الموقف.
• عندما نتعرض لهجوم روحي من السهل الشعور بأن مجرد تحمل العاصفة هو الغلبة. لكن الأمر ليس كذلك. فغالبًا ما يأتي الهجوم لمنع تقدمك وعملك لأجل الرب. إن النصرة الكامل هي تحمّل الهجوم واستمرار التقدم والعمل لأجل الرب.
و ) الآيات (١٦-١٨): السيف والمجرفة.
١٦وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ كَانَ نِصْفُ غِلْمَانِي يَشْتَغِلُونَ فِي الْعَمَلِ، وَنِصْفُهُمْ يُمْسِكُونَ الرِّمَاحَ وَالأَتْرَاسَ وَالْقِسِيَّ وَالدُّرُوعَ. وَالرُّؤَسَاءُ وَرَاءَ كُلِّ بَيْتِ يَهُوذَا. ١٧الْبَانُونَ عَلَى السُّورِ بَنَوْا وَحَامِلُو الأَحْمَالِ حَمَلُوا. بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ، وَبِالأُخْرَى يَمْسِكُونَ السِّلاَحَ. ١٨وَكَانَ الْبَانُونَ يَبْنُونَ، وَسَيْفُ كُلُّ وَاحِدٍ مَرْبُوطٌ عَلَى جَنْبِهِ، وَكَانَ النَّافِخُ بِالْبُوقِ بِجَانِبِي.
١. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ كَانَ نِصْفُ غِلْمَانِي يَشْتَغِلُونَ فِي الْعَمَلِ، وَنِصْفُهُمْ يُمْسِكُونَ الرِّمَاحَ: قام بعض العاملون بالدفاع عن العمل بينما قام البعض الآخر بعمل البناء. كان للعاملين سيف بجانبهم ومجرفة في أيديهم لإنجاز العمل. وهكذا ملكوت الله، يُبنى بكلٍ من السيف والمجرفة، سيف لمقاومة كل قوة روحية شريرة في السماويات، ومجرفة لبناء شعب الله.
ز ) الآيات (١٩-٢٣): تم وضع خطط لضمان استمرارية الدفاع الفوري.
١٩فَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «الْعَمَلُ كَثِيرٌ وَمُتَّسِعٌ وَنَحْنُ مُتَفَرِّقُونَ عَلَى السُّورِ وَبَعِيدُونَ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ. ٢٠فَالْمَكَانُ الَّذِي تَسْمَعُونَ مِنْهُ صَوْتَ الْبُوقِ هُنَاكَ تَجْتَمِعُونَ إِلَيْنَا. إِلهُنَا يُحَارِبُ عَنَّا». ٢١فَكُنَّا نَحْنُ نَعْمَلُ الْعَمَلَ، وَكَانَ نِصْفُهُمْ يَمْسِكُونَ الرِّمَاحَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى ظُهُورِ النُّجُومِ. ٢٢وَقُلْتُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَيْضًا لِلشَّعْبِ: «لِيَبِتْ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ غُلاَمِهِ فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ لِيَكُونُوا لَنَا حُرَّاسًا فِي اللَّيْلِ وَلِلْعَمَلِ فِي النَّهَارِ». ٢٣وَلَمْ أَكُنْ أَنَا وَلاَ إِخْوَتِي وَلاَ غِلْمَانِي وَلاَ الْحُرَّاسُ الَّذِينَ وَرَائِي نَخْلَعُ ثِيَابَنَا. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَذْهَبُ بِسِلاَحِهِ إِلَى الْمَاءِ.
١. الْعَمَلُ كَثِيرٌ وَمُتَّسِعٌ وَنَحْنُ مُتَفَرِّقُونَ عَلَى السُّورِ وَبَعِيدُونَ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ: عرف نحميا أنهم يحتاجون إلى البقاء على تواصل ليتم العمل. وقد كانت الأبواق وسيلة جديدة للتواصل من أجل مواجهة التحدي.
٢. فَالْمَكَانُ الَّذِي تَسْمَعُونَ مِنْهُ صَوْتَ الْبُوقِ هُنَاكَ تَجْتَمِعُونَ إِلَيْنَا: لقد كانوا مستعدين دائمًا لإطلاق الإنذار عند أبسط ملاحظة. فلن يقعوا في فخ التعرض لمفاجأة دون استعداد.
٣. مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى ظُهُورِ النُّجُومِ: لقد كرسوا أنفسهم للعمل أكثر فأكثر، فصاروا يعملون بجد من شروق الشمس حتى ما بعد الظلام، وحتى الليل كانوا يقضونه في موقع العمل لحمايته ضد الهجمات.
٤. وَلَمْ أَكُنْ أَنَا وَلاَ إِخْوَتِي وَلاَ غِلْمَانِي وَلاَ الْحُرَّاسُ الَّذِينَ وَرَائِي نَخْلَعُ ثِيَابَنَا: لذلك بقوا بثيابهم طوال الوقت لأنهم لم يرغبوا في أن يُفاجئوا ويكونوا غير مستعدين. لقد كانوا دائمًا على أهبّة الاستعداد للتجاوب مع صوت البوق.
• يحتاج المسيحيون اليوم لأن يكونوا مسلّحين بنفس التوجّه. ويحتاجون إلى أن يكونوا دائمًا مستعدين، ودائمًا متسلّحين ببر السيد المسيح، ودائمًا مرتدين لدرع الله، ومستعدين لذلك النفخ في البوق الأخير الذي سيجمعنا معًا بربنا.