سفر يشوع – الإصحاح ٦
سقوط أريحا
أولًا. الطاعة قبل سقوط مدينة أريحا
أ ) الآيات (١-٥): تعليمات المعركة.
١وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَحَدٌ يَخْرُجُ وَلاَ أَحَدٌ يَدْخُلُ. ٢فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا، جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. ٣تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. ٤وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. ٥وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ، عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ، أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافًا عَظِيمًا، فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ، وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ».
١. وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: كانت أريحا نفسها في حالة تأهب كامل؛ فمن وجهة النظر البشرية، ستكون هذه معركة صعبة، إن لم تكن مستحيلة. ولكن من وجهة النظر الإلهية، كانت المعركة قد انتهت بالفعل، لأنه قال ليشوع: قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا (بصيغة الماضي).
• حتى هذه اللحظة، كانت الجهود المبذولة تعتبر جهود أولية وتحضيرية إلى حد كبير. والآن، يجب عليهم مواجهة المهمة الأساسية التي تنتظرهم والتعامل معها. يجب طرد الكنعانيين حتى تمتلك إسرائيل الأرض التي وعدهم الله بها.
• لم تكن أريحا مدينة كبيرة للغاية، لكنها كانت مدينة حصينة مهمة وعظيمة. فإذا استطاع إسرائيل هزيمة أريحا، فيمكنهم هزيمة أي عدو آخر يواجههم في كنعان. ومرة أخرى، نرى حكمة الله، على النقيض من الحكمة البشرية، حيث تواجه إسرائيل أصعب خصم لها أولًا.
٢. تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ: كانت طريقة الحرب غير منطقية وبلا معنى على الإطلاق وفقًا للاستخبارات العسكرية. لقد كانت تتطلب الاتكال الكامل على الله.
• لقد تطلب الأمر إيمانًا كبيرًا من يشوع لأنه كان عليه أن يشرح ويقود الأمة في هذه الخطة.
• لقد تطلب الأمر إيمانًا كبيرًا من الشيوخ والأمة لأنه كان عليهم أن يتبعوا يشوع في هذه الخطة.
٣. فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ، وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ: لقد كانت هذه الخطة للانتصار تُظهر بوضوح أنها عمل الله. ومع ذلك، كلفهم الله بمهام لتنفيذها حتى يتمكن إسرائيل من العمل في شراكة مع الله.
• من الواضح أنه كان بإمكان الله أن يفعل هذا دون مساعدة إسرائيل على الإطلاق، لكنه أراد أن يكونوا جزءًا من عمله – كما يريدنا أن نكون جزءًا من عمله اليوم.
ب) الآيات (٦-٧): يشوع يُخبر الكهنة والشعب.
٦فَدَعَا يَشُوعُ بْنُ نُونٍ الْكَهَنَةَ وَقَالَ لَهُمُ: «احْمِلُوا تَابُوتَ الْعَهْدِ. وَلْيَحْمِلْ سَبْعَةُ كَهَنَةٍ سَبْعَةَ أَبْوَاقِ هُتَافٍ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ». ٧وَقَالُوا لِلشَّعْبِ: «اجْتَازُوا وَدُورُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ، وَلْيَجْتَزِ الْمُتَجَرِّدُ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ».
١. فَدَعَا يَشُوعُ بْنُ نُونٍ الْكَهَنَةَ: كان على يشوع أن يُخبر الكهنة لأن المهمة الموكلة إليهم كانت غير تقليدية. لم يكن من المعتاد أن يرافق الكهنة وتابوت العهد إسرائيل في المعارك.
٢. احْمِلُوا تَابُوتَ الْعَهْدِ: سيلعب التابوت دورًا بارزًا في هذا النصر، تمامًا كما حدث أثناء عبور نهر الأردن. كان على إسرائيل أن يركزوا قلوبهم وعقولهم على الرب الذي كان حاضرًا معهم بدلًا من التفكير في صعوبة المهمة التي تنتظرهم.
٣. وَقَالُ لِلشَّعْبِ: كان على يشوع أن يُخبر الشعب لأن ما طُلبه منهم كان غير عادي. لم تكن هذه هي الطريقة المعتادة لغزو مدينة مسورة ومحصنة.
ج) الآيات (٨-١٤): مسيرة الأيام الستة الأولى.
٨وَكَانَ كَمَا قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ. اجْتَازَ السَّبْعَةُ الْكَهَنَةُ حَامِلِينَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ سَائِرٌ وَرَاءَهُمْ، ٩وَكُلُّ مُتَجَرِّدٍ سَائِرٌ أَمَامَ الْكَهَنَةِ الضَّارِبِينَ بِالأَبْوَاقِ. وَالسَّاقَةُ سَائِرَةٌ وَرَاءَ التَّابُوتِ. كَانُوا يَسِيرُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. ١٠وَأَمَرَ يَشُوعُ الشَّعْبَ قَائِلًا: «لاَ تَهْتِفُوا وَلاَ تُسَمِّعُوا صَوْتَكُمْ، وَلاَ تَخْرُجْ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ كَلِمَةٌ حَتَّى يَوْمَ أَقُولُ لَكُمُ: اهْتِفُوا. فَتَهْتِفُونَ». ١١فَدَارَ تَابُوتُ الرَّبِّ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. ثُمَّ دَخَلُوا الْمَحَلَّةَ وَبَاتُوا فِي الْمَحَلَّةِ. ١٢فَبَكَّرَ يَشُوعُ فِي الْغَدِ، وَحَمَلَ الْكَهَنَةُ تَابُوتَ الرَّبِّ، ١٣وَالسَّبْعَةُ الْكَهَنَةُ الْحَامِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ سَائِرُونَ سَيْرًا وَضَارِبُونَ بِالأَبْوَاقِ، وَالْمُتَجَرِّدُونَ سَائِرُونَ أَمَامَهُمْ، وَالْسَّاقَةُ سَائِرَةٌ وَرَاءَ تَابُوتِ الرَّبِّ. كَانُوا يَسِيرُونَ وَيَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. ١٤وَدَارُوا بِالْمَدِينَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَحَلَّةِ. هكَذَا فَعَلُوا سِتَّةَ أَيَّامٍ.
١. وَكَانَ كَمَا قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: لا يتردد يشوع في تنفيذ ما أمره به الرب. في كثير من الأحيان، يُظهِر تأخُرنا في طاعة الله أننا لا نؤمن به حقًا.
٢. فَدَارَ تَابُوتُ الرَّبِّ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً: لم تكن أريحا مدينة ضخمة؛ إذ كان بإمكانهم إكمال مسيرة حولها في يوم واحد فقط. عندما رأى سكان أريحا الإسرائيليين يطوفون حول المدينة، لا بد أنهم شعروا بالرهبة والخوف معًا.
٣. هكَذَا فَعَلُوا سِتَّةَ أَيَّامٍ: لقد أبدت إسرائيل شجاعة كبيرة في تنفيذ هذه الخطة. لقد تركت نفسها عرضة لهجوم محتمل خلال هذه الفترة، حيث كان بإمكان سكان أريحا أن يشنوا هجمات بسهولة من موقعهم العالي في الأسوار.
٤. هكَذَا فَعَلُوا سِتَّةَ أَيَّامٍ: كان على إسرائيل أن تصبر من أجل تحقيق ذلك؛ امتدت المسيرة ستة أيام، وكان عليهم أن يستمروا في مسعى يبدو بلا معنى.
٥. هكَذَا فَعَلُوا سِتَّةَ أَيَّامٍ: خلال هذه المدة، أصبح ضعف إسرائيل واضحًا. فخلال هذه الأيام الستة من المسيرة الصامتة، حدّقوا في الجدران التي بدت منيعة، وأدركوا حجم التحدي الذي يواجههم. وأدركوا أنهم يواجهون معركة أكبر منهم.
د ) الآيات (١٥-١٦): مسيرة اليوم السابع.
١٥وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ أَنَّهُمْ بَكَّرُوا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَارُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ عَلَى هذَا الْمِنْوَالِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فَقَطْ دَارُوا دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. ١٦وَكَانَ فِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ عِنْدَمَا ضَرَبَ الْكَهَنَةُ بِالأَبْوَاقِ أَنَّ يَشُوعَ قَالَ لِلشَّعْبِ: «اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الْمَدِينَةَ.
١. وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ: استمرت المسيرة لمدة سبعة أيام، مما استلزم أن يسير الشعب يوم السبت. ومع ذلك، كان هذا دليلًا على عمل نعمة الله السيادية وقوته وليس نتيجة جهد بشري.
٢. اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الْمَدِينَةَ: لقد جاء الأمر للشعب بالهُتافِ. جاء ذلك بعد أيام من الصمت. وقد صدر أمر الهتاف لهم كاعتراف بأن الله سيعطيهم الآن ما وعد به. الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الْمَدِينَةَ.
هـ) الآيات (١٧-١٩): الأمر بهلاك المدينة وإنقاذ راحاب.
١٧فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا مُحَرَّمًا لِلرَّبِّ. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا هِيَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهَا قَدْ خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلْنَاهُمَا. ١٨وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاحْتَرِزُوا مِنَ الْحَرَامِ لِئَلاَّ تُحَرَّمُوا، وَتَأْخُذُوا مِنَ الْحَرَامِ وَتَجْعَلُوا مَحَلَّةَ إِسْرَائِيلَ مُحَرَّمَةً وَتُكَدِّرُوهَا. ١٩وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْسًا لِلرَّبِّ وَتَدْخُلُ فِي خِزَانَةِ الرَّبِّ».
١. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا: حرص يشوع على الاعتناء بأمر راحاب. فإيمانها بالله الحي سيجد الدعم من شعب الله.
٢. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاحْتَرِزُوا مِنَ الْحَرَامِ: كان على يشوع أن يأمر شعب إسرائيل بالابتعاد عن الْحَرَامِ. ويقصد بالحرام الأصنام والأشياء المرتبطة بالعبادة الشيطانية والفاسدة لشعب كنعان.
• إن الدينونة القاسية التي لحقت بأريحا وكنعان كلها لم تكن لمجرد أنهم عرقلوا طريق شعب الله، بل كانت بسبب تمردهم الكامل ضد الله وممارسة السحر والتنجيم، كما يتضح من القطع الأثرية الباقية من تلك الحقبة.
٣. وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْسًا لِلرَّبِّ: كل الأشياء الثمينة مُلك لله. تُعد أريحا ’باكورة‘ مدن كنعان، لذلك تم تخصيص الأشياء الثمينة لخِزَانَةِ الرَّبِّ.
ثانيًا. امتلاك مدينة أريحا
أ ) الآيات (٢٠-٢١): سقوط السور وتدمير المدينة.
٢٠فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافًا عَظِيمًا، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. ٢١وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.
١. فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ: لقد فاقت هذه المعجزة كل التوقعات العادية؛ لم يتم احتلال أي مدينة أخرى بهذه الطريقة من قبل. ولم يكن بوسع إسرائيل الاعتماد على تجارب الماضي أو على ما حدث في المعارك السابقة. كل ما كان لديهم هو وعد الله (يشوع ٦: ٥)، فآمنوا بهذا الوعد وعملوا بمقتضاه.
• لا ينبغي أن نتفاجأ عندما يحقق الله وعده، لكننا في أغلب الأحيان نتفاجأ. ونحن نتساءل إذا كان الإسرائيليون قد تفاجأوا عندما سَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ أم لا. ومما لا شك فيه أن شعب أريحا تفاجأوا.
٢. وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ: لماذا أُمِرَت إسرائيل بأن تفعل هذا؟ لأن خطايا الكنعانيين العظمى كانت روحية: “مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ، وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هذِهِ الأَرْجَاسِ، الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. تَكُونُ كَامِلًا لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. إِنَّ هؤُلاَءِ الأُمَمَ الَّذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلْعَائِفِينَ وَالْعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هكَذَا.” (تثنية ١٨: ٩-١٤)
• تبدو هذه الدينونة أنها قاسية بالنسبة لنا لأنها قاسية بالفعل. ويجب أن نعترف أنه في أوقات فريدة، أمر الله بتنفيذ مثل هذه الدينونة. ويمكن أن تُنَفَّذ الدينونة إما من خلال جيش استخدمه الله (كما هو الحال هنا)، أو بإنزال الدينونة بشكل مباشر (كما في سدوم وعمورة، تكوين ٢٤:١٩-٢٥).
٣. وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ: وَأَخَذُت إسرائيل المدينة بعدما أعطاها الله لهم (يشوع ٦: ٢). كان من الواضح أن الله قد أعطى، ولكن كان على إسرائيل أن تأخذ بإيمان مطيع وثابت.
• هكذا هو الحال فيما يخص كل الانتصارات في الحياة المسيحية. فالله يمنحنا إياها من خلال يسوع المسيح، ولكن علينا أن نأخذها منه بالإيمان المطيع والثابت.
ب) الآيات (٢٢-٢٥): الانتهاء من المعركة.
٢٢وَقَالَ يَشُوعُ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَجَسَّسَا الأَرْضَ: «ادْخُلاَ بَيْتَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ وَأَخْرِجَا مِنْ هُنَاكَ الْمَرْأَةَ وَكُلَّ مَا لَهَا كَمَا حَلَفْتُمَا لَهَا». ٢٣فَدَخَلَ الْغُلاَمَانِ الْجَاسُوسَانِ وَأَخْرَجَا رَاحَابَ وَأَبَاهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَأَخْرَجَا كُلَّ عَشَائِرِهَا وَتَرَكَاهُمْ خَارِجَ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ. ٢٤وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا، إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. ٢٥وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ وَبَيْتَ أَبِيهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّهَا خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلَهُمَا يَشُوعُ لِكَيْ يَتَجَسَّسَا أَرِيحَا.
١. أَخْرِجَا مِنْ هُنَاكَ الْمَرْأَةَ وَكُلَّ مَا لَهَا كَمَا حَلَفْتُمَا لَهَا: لقد نجت راحاب وأهل بيتها من الدمار. كان إيمان راحاب وأهلها بإله إسرائيل مصحوبًا باستعدادهم لاتباع التعليمات التي أعطاها رسل الله: أن يبقوا داخل البيت ويربطوا الحبل القرمزي في الكوة (يشوع ٢: ١٧-١٩).
٢. وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ… وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ: نرى هنا تناقضًا صارخًا بين الدينونة والخلاص. فبينما سمعت أريحا كلها عن إله إسرائيل (يشوع ٨:٢-١١)، راحاب وحدها هي التي تجاوبت بهذه المعرفة نحو الله بإيمان.
٣. وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ: يبين هذا أن سِفر يشوع كُتب بالتزامن مع زمن يشوع. ولم تكن إعادة خيالية لقصة كتبها كاتب مبدع بعد قرون من حدوثها.
ج) الآيات (٢٦-٢٧): يشوع يلعن الرجل الذي سيعيد تحصين أريحا.
٢٦وَحَلَفَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَائِلًا: «مَلْعُونٌ قُدَّامَ الرَّبِّ الرَّجُلُ الَّذِي يَقُومُ وَيَبْنِي هذِهِ الْمَدِينَةَ أَرِيحَا. بِبِكْرِهِ يُؤَسِّسُهَا وَبِصَغِيرِهِ يَنْصِبُ أَبْوَابَهَا». ٢٧وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَشُوعَ، وَكَانَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ الأَرْضِ.
١. مَلْعُونٌ قُدَّامَ الرَّبِّ الرَّجُلُ الَّذِي يَقُومُ وَيَبْنِي هذِهِ الْمَدِينَةَ أَرِيحَا: وقد تحقق ذلك بالفعل في سِفر ملوك الأول ١٦: ٣٤، إذ نقرأ: “فِي أَيَّامِهِ بَنَى حِيئِيلُ الْبَيْتَئِيلِيُّ أَرِيحَا. بِأَبِيرَامَ بِكْرِهِ وَضَعَ أَسَاسَهَا، وَبِسَجُوبَ صَغِيرِهِ نَصَبَ أَبْوَابَهَا، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ يَشُوعَ بْنِ نُونٍ.”
٢. وبهذا، تكتمل رواية انتصار إسرائيل في أريحا. وهناك دروس يمكننا تعلّمها من الأمور التي مَيّزَت انتصارهم.
• الإيمان: صدّق يشوع وبني إسرائيل في خطة المعركة.
• الطاعة: التزم يشوع وبني إسرائيل بخطة المعركة بالتمام.
• الشجاعة: اتّبعت إسرائيل خطة المعركة رغم المخاطر.
• الصبر: التزمت إسرائيل بخطة المعركة لفترة طويلة، حتى في الأوقات التي بدا فيها أن لا شيء يحدث.
• الثقة: لم تعتمد إسرائيل على مخطط بشري أو أساليب دنيوية، بل وضعت ثقتها الكاملة في الرب، وليس في براعة الإنسان.