سفر الجامعة – الإصحاح ٥
العبادة بوقار
أولًا. عبادة الله بوقار
أ ) الآيات (١-٣): تعالوا إلى بيت الله بالدرجة الأولى لتسمعوا وتطيعوا وليس لتتكلموا.
١اِحْفَظْ قَدَمَكَ حِينَ تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ اللهِ، فَالاسْتِمَاعُ أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ، لأَنَّهُمْ لاَ يُبَالُونَ بِفَعْلِ الشَّرِّ. ٢لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللهِ، لأَنَّ اللهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ، فَلِذلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً. ٣لأَنَّ الْحُلْمَ يَأْتِي مِنْ كَثْرَةِ الشُّغْلِ، وَقَوْلَ الْجَهْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْكَلاَمِ.
١. اِحْفَظْ قَدَمَكَ حِينَ تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ اللهِ: يقدِّم سليمان هنا نصيحة جيّدة لا تتناقض مع منظور تَحْتَ الشَّمْسِ. فحتى من دون نظرة الأبدية، من الحكمة أن تُكرِم الله وتحفظ قَدَمَكَ حِينَ تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ اللهِ من أجل هذه الحياة وحدها.
٢. اِحْفَظْ قَدَمَكَ حِينَ تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ اللهِ: سيشرح الواعظ معنى هذه الكلمات في السطور التالية. ومع هذا، يمكننا بوجهٍ عامٍ أن نقول إنّها تعني أن نهتمّ ونفكِّر بعواقب مجيئنا للّقاء بالله.
• “تبدأ العبادة المثمِرة والمقبولة قبل أن تبدأ.” ماكلارين (Maclaren)
٣. فَالاسْتِمَاعُ أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ: ’ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ‘ هي الكلام المتسرِّع المذكور في السطور التالية. ينصحنا سليمان بأن نأتي إلى بيت الله من أجل الاسْتِمَاع لا من أجل أن نتكلَّم من دون تفكير.
• الاسْتِمَاعُ: “لهذه الكلمة قوة مُضافة في اللغة العبرية، وهذا ينطبق أحيانًا على اللغة العربية: الإصغاء والطاعة. ولذا، فإن هذا الكلام قريب من كلمات صموئيل الشهيرة: ’هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ‘ (١ صموئيل ١٥: ٢٢).” كيدنر (Kidner)
• “الذين يسقطون في الأخطاء يُحكَم عليها بأنهم ’جُهَّال.‘ إن كانت هذه الفئة تشمل كل الذين يشوِّهون عبادتهم بمثل هذه الأخطاء، فإن الكنيسة التي كانوا فيها وجب أن تكون ذات أبعاد عظيمة، لأن الأخطاء التي تتضمّنها هذه الكلمات القديمة مزدهرة بصورة عظيمة اليوم.” ماكلارين (Maclaren)
• ذَبِيحَةِ: “كان الـ’زِبَح (zebah)‘ قربانًا يُقدَّم ذبيحةً ثم يُؤكَل، بخلاف المُحرَقة (عولا-ola) التي كانت تُحرَق بصورة كاملة. وكما يشير ديلتزتش (Delitzsch)، فإن الـ’زِبَح‘ هو الذي يمكن أن يصير احتفالًا بلا تفكير، أو أسوأ.” إيتون (Eaton)
٤. لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ… لأَنَّ اللهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ، فَلِذلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً: أعطى سليمان وصفًا صحيحًا للميل البشري إلى التكلُّم أمام الله والآخرين من دون تفكير. وحتى بحسب منظور تَحْتَ الشَّمْسِ، من الحماقة أن تتكلَّم أكثر مما ينبغي وتسمع أقل مما ينبغي في محضر الله.
• “حين نقف أمام الله تكون عقولنا ممتلئة بأشغالنا أكثر من امتلائها بعبادة الله. حين نتكلَّم أكثر مما ينبغي فإننا عادةً ما نتكلَّم مثل الْجُهَّالِ. يمكن أن يكون هذا أمرًا سيّئًا بصورة خاصّة في بيت الله.” رايت (Wright)
• صلّى كهنة البعل بقوة ومدةً غير قصيرة على جبل الكرمل، وصلّى إيليا إلى الله الحي مدةً قصيرة وبهدوء ممتلئًا بالإيمان. وسمع الله واستجاب صلاة إيليا بصورةٍ جميلة (١ ملوك ١٨).
• اعتاد ج. إيدوين أور (J. Edwin Orr) أن ينصح بالصلوات القصيرة والجادة، خاصّة في اجتماعات الصلاة. قال إنّه حين يصلِّي الإنسان في اجتماعٍ ما، فإنّ الآخرين يصلّون معه في الدقائق الثلاثة الأولى. لكن إن صلى ثلاث دقائق أخرى، فإن الجميع سيصلّون لأجله. فإن صلى ثلاثة دقائق أخرى أيضًا، فسيبدأ الآخرون في الصلاة ضدّه.
• “ليس المهم ارتفاع صوت الواعظ، بل أهمية وقداسة كلامه، وروح الواعظ هي التي تُحرِّك السامع الحكيم والذكي. وهكذا، فإنّه ليس عمل شفتيه بل تعب قلبه هو الذي ينتصر مع الله.” تراب (Trapp)
٥. لأَنَّ الْحُلْمَ يَأْتِي مِنْ كَثْرَةِ الشُّغْلِ، وَقَوْلَ الْجَهْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْكَلاَمِ: الراجح أن الفكرة الموجودة في هذا السطر تقدّمة ترجمة “ليڤينغ بايبل” (Living Bible) بصورة صحيحة: “كما أن الانشغال الزائد يسبِّب لك الكوابيس، هكذا يجعلك جهلك ثرثارًا.”
• “كما أن الانشغالات الشخصية وانشغالات العمل تسبِّب الأحلام، وهي أمور غير ماديّة، هكذا تُنتِج الكلمات الكثيرة صلواتٍ تتّسم بالجهل والتفاهة.” رايت (Wright)
ب) الآيات (٤-٧): احفظ وعودك لله وخَفه.
٤إِذَا نَذَرْتَ نَذْرًا للهِ فَلاَ تَتَأَخَّرْ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ، لأَنَّهُ لاَ يُسَرُّ بِالْجُهَّالِ. فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَهُ. ٥أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ. ٦لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ، وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: «إِنَّهُ سَهْوٌ». لِمَاذَا يَغْضَبُ اللهُ عَلَى قَوْلِكَ، وَيُفْسِدُ عَمَلَ يَدَيْكَ؟ ٧لأَنَّ ذلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الأَحْلاَمِ وَالأَبَاطِيلِ وَكَثْرَةِ الْكَلاَمِ. وَلكِنِ اخْشَ اللهَ.
١. إِذَا نَذَرْتَ نَذْرًا للهِ فَلاَ تَتَأَخَّرْ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ: حتى بحسب منظور تَحْتَ الشَّمْسِ، إكرام الله بحفظ وعدنا له أمرٌ شريف وحكيم. أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ.
• “لا يتعامل الله مع النذور والتعهُّدات غير المحفوظة باستخفاف. قد يجلب التعهد غير المحفوظ قضاء الله على مساعينا. الذي ’يحلف للضرر ولا يغيِّر‘ يسُرُّ الله (مزمور ١٥: ٤).” إيتون (Eaton)
• إحدى الخطايا التي كثيرًا ما يُغَضّ عنها النظر ولا تُعامَل بجدية وسط شعب الله هي خطية النذور غير المحفوظة – أي أن أعد الله بأشياء، ولكنّني لا أحفظ تعهُّدي ونذري. الذين يكرمون الله:
لا يسرعون في قطع عهود لله.
يكونوا جادّين بشأن العهود التي قطعوها.
يعتبرون العهود غير المحفوظة خطايا ينبغي الاعتراف بها والتوبة عنها.
٢. لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ، وَلاَ تَقُلْ… «إِنَّهُ سَهْوٌ»: يُصيب الواعظ في ملاحظته بأنّه مهمّ لشعب الله أن ينتبهوا إلى أخطائهم من أجل التعامل مع العهود كأمرٍ مهمّ وجادّ، وأن يبذلوا جهدًا كبيرًا في حفظ النذور والعهود، وأن لا يعتبروا عدم حفظها مجرَّد «سَهْوٌ».
• وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: «إِنَّهُ سَهْوٌ»: “لا تفرِّق اللغة العبرية بين ’المُرسَل‘ و’الملاك،‘ ولذا فإنّ أمامنا تفسيرات محتملة عديدة هنا.” إيتون (Eaton)
٣. اخْشَ اللهَ: أشار سليمان بأن يُهاب الله ويُكرَم، ولكن في منظور تَحْتَ الشَّمْسِ الذي ينطلق منه تُوجَد القيمة في الوقت الحاضر لا في إطار الأبدية.
• “من المؤكَّد أن مَن يخاف الله ليس مضطرًا لأن يخاف شيئًا آخر. وتحسن النفس البارّة في قولها للشيطان نفسه: ’أنا أخاف الله، ولأنني أخافه، فأنا لا أخافك.‘” كلارك (Clarke)
ثانيًا. تفاهة الثروة والمادية
أ ) الآيات (٨-٩): حقيقة الظُلم الباقية.
٨إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا. ٩وَمَنْفَعَةُ الأَرْضِ لِلْكُلِّ. الْمَلِكُ مَخْدُومٌ مِنَ الْحَقْلِ.
١. إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ… فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ: تكلَّم الواعظ بواقعية عن الحياة تَحْتَ الشَّمْسِ. فهناك الكثير من الظُلْم ونَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. وينبغي ألا يفاجئ هذا الأمر أحدًا.
• “في ما يختصّ بكل بُغضِه للظلم، لا يعلِّق قوهيلت آمالًا على أية مخططات مثالية أو على ثورة. إنّه يعرف ما هو الإنسان.” كيدنر (Kidner)
٢. لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا: كان سليمان يدرِك بصورة خاصّة كيف يمكن للمسؤولين البيروقراطيين أن يأتوا بالظلم.
٣. وَمَنْفَعَةُ الأَرْضِ لِلْكُلِّ. الْمَلِكُ مَخْدُومٌ مِنَ الْحَقْلِ: حتى ضمن التركيبة البيروقراطية (والتي يُمكن أن تكون فاسدة)، يعتمد الجميع على ما يأتي من حقل الفلاح، بمن في ذلك الْمَلِكُ. بدا الواعظ مسرورًا بهذه المفارقات في الحياة.
• “من دون الحقل، لا يمكن أن يكون لديه مؤنٌ لبيته، وما لم تزدهر الزراعة، فإنّه لا يمكن سدّ مصاريف الحكومة. ولذا، يجمع الله الرأس والقدمين معًا، إذ مع أن الفلاح محميٌّ من الْمَلِك بصفته منفِّذ القوانين، فإن الْمَلِك نفسه يعتمد على الفلاح، إذ ثروة الأمة هي ثمر تعب العامل المُشتغِل.” كلارك (Clarke)
• “يقرأ البعض هذه الجملة بالمعنى التالي: الْمَلِك خادم للحقل.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (١٠-١٢): عدم الرضى بجمع الثروة.
١٠مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ. ١١إِذَا كَثُرَتِ الْخَيْرَاتُ كَثُرَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَهَا، وَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِصَاحِبِهَا إِلاَّ رُؤْيَتَهَا بِعَيْنَيْهِ؟ ١٢نَوْمُ الْمُشْتَغِلِ حُلْوٌ، إِنْ أَكَلَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَوَفْرُ الْغَنِيِّ لاَ يُرِيحُهُ حَتَّى يَنَامَ.
١. مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ: من بين كل الناس، عرف سليمان أن جمع الثروات لا يُشبِع. عرف أنّ هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ.
• “إن كان هناك ما هو أسوأ من الإدمان الذي يسبِّبه المال، فهو التفاهة التي يخلِّفها. وإذ الأبدية في قلب الإنسان، فإنّه يحتاج إلى تغذية أفضل من هذه.” كيدنر (Kidner)
٢. إِذَا كَثُرَتِ الْخَيْرَاتُ كَثُرَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَهَا، وَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِصَاحِبِهَا: عرف سليمان أنّه بزيادة مكانة الإنسان، يزداد إنفاقه، وكذلك توقُّعات الآخرين.
• “الخُدّام والأصدقاء والمداهنون والأكولون والمتقاعدون والمتسكعون الآخرون الذين يتحلّقون حول غني، مثلما تفعل الغربان مع جثّة ميتة، لا للدفاع عنها بل لالتهامها.” تراب (Trapp)
٣. نَوْمُ الْمُشْتَغِلِ حُلْوٌ… وَوَفْرُ الْغَنِيِّ لاَ يُرِيحُهُ حَتَّى يَنَامَ: حسد سليمان الْمُشْتَغِلِ، الذي ليس لديه الكثير ليقلق بشأنه. لدى الْغَنِيِّ أمور أكبر ليقلق بشأنها و’نوم‘ أقل.
• يمكننا أن نفترض أن سليمان لم يحظَ بالكثير من تعاطُف الْمُشْتَغِلِ مع ما قاله.
ج) الآيات (١٣-١٧): عدم يقينية الغِنى.
١٣يُوجَدُ شَرٌّ خَبِيثٌ رَأَيْتُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ: ثَرْوَةٌ مَصُونَةٌ لِصَاحِبِهَا لِضَرَرِهِ. ١٤فَهَلَكَتْ تِلْكَ الثَّرْوَةُ بِأَمْرٍ سَيِّئٍ، ثُمَّ وَلَدَ ابْنًا وَمَا بِيَدِهِ شَيْءٌ. ١٥كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ عُرْيَانًا يَرْجعُ ذَاهِبًا كَمَا جَاءَ، وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ تَعَبِهِ فَيَذْهَبُ بِهِ فِي يَدِهِ. ١٦وَهذَا أَيْضًا مَصِيبَةٌ رَدِيئَةٌ، فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا جَاءَ هكَذَا يَذْهَبُ، فَأَيَّةُ مَنْفَعَةٍ لَهُ، لِلَّذِي تَعِبَ لِلرِّيحِ؟ ١٧أَيْضًا يَأْكُلُ كُلَّ أَيَّامِهِ فِي الظَّلاَمِ، وَيَغْتَمُّ كَثِيرًا مَعَ حُزْنٍ وَغَيْظٍ.
١. يُوجَدُ شَرٌّ خَبِيثٌ… ثَرْوَةٌ مَصُونَةٌ لِصَاحِبِهَا لِضَرَرِهِ: ثم رأى سليمان أن الثروة لا تبارك حياة كل غني. فالذين يمسِكون بثروتهم بقبضةٍ قوية، تكون هذه الثروة مَصُونَةٌ لِصَاحِبِهَا لِضَرَرِهِ.
• “فمالكها يكدِّسها ويحفظها لتأتي إليه بحزنٍ إضافي حين يتسبَّب قَدَرٌ رديء بخسارتها جميعًا، كما يُوضَّح في ما يلي.” ديين (Deane)
٢. فَهَلَكَتْ تِلْكَ الثَّرْوَةُ بِأَمْرٍ سَيِّئٍ… وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ تَعَبِهِ: هذا يُظهِر حماقة التمسُّك بالثروة بطريقة بعيدة عن السخاء. يمكن للثروة أن تختفي فجأة بِأَمْرٍ سَيِّئٍ، ولكنّنا نخسر كل الثروة في الموت. وقد عرف سليمان أنّه بالرغم من أمنيات الدفن وعادات الفراعنة، لا يستطيع الإنسان أن يأخذ ثروته معه بعد الموت.
• “فُقِدت الثروة فجأة وبصورة كارثية، سواء في لعبٍ أحمق في القمار، أو مغامرة مُضلَّلة، أو في تغيير مفاجئ للظروف.” إيتون (Eaton)
٣. كَمَا جَاءَ هكَذَا يَذْهَبُ: فهِم سليمان أن الثروة العظيمة في النهاية لن تعني شيئًا تَحْتَ الشَّمْسِ. يأتي الإنسان من دون شيءٍ إلى العالم، ويغادر العالم بالطريقة نفسها.
• يعطي العهد الجديد صورة أكثر أملًا، إذ يأخذنا إلى ما وراء منظور تَحْتَ الشَّمْسِ الذي يتكلَّم الواعظ ضمنه، ويُخبِرنا بأننا نستطيع أن نكنز كنوزًا في السماء. لا تستطيع أن تأخذ ثروتك معك حين تموت، ولكنْ يمكنك أن تُرسِلها أمامك بالعطاء بسخاء لعمل الله.
٤. أَيْضًا يَأْكُلُ كُلَّ أَيَّامِهِ فِي الظَّلاَمِ، وَيَغْتَمُّ كَثِيرًا مَعَ حُزْنٍ وَغَيْظٍ: بلمسة تعاطُف يُخبِرنا سليمان بأنه حتّى الأغنياء جدًا يعانون الوحدة مَعَ حُزْنٍ وَغَيْظٍ.
د ) الآيات (١٨-٢٠): تحقيق أفضل استفادة من الأوضاع السيئة تَحْتَ الشَّمْسِ.
١٨هُوَذَا الَّذِي رَأَيْتُهُ أَنَا خَيْرًا، الَّذِي هُوَ حَسَنٌ: أَنْ يَأْكُلَ الإِنْسَانُ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِي يَتْعَبُ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ الَّتِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهَا، لأَنَّهُ نَصِيبُهُ. ١٩أَيْضًا كُلُّ إِنْسَانٍ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى وَمَالًا وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ، وَيَفْرَحَ بِتَعَبِهِ، فَهذَا هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. ٢٠لأَنَّهُ لاَ يَذْكُرُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ كَثِيرًا، لأَنَّ اللهَ مُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ.
١. هُوَذَا الَّذِي رَأَيْتُهُ أَنَا خَيْرًا، الَّذِي هُوَ حَسَنٌ: أَنْ يَأْكُلَ الإِنْسَانُ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِي يَتْعَبُ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ: نلمس هنا أن سليمان، الذي ما يزال ضمن إطار منظور تَحْتَ الشَّمْسِ، كان ببساطة يرجو أن يُحقِّق أفضل استفادة ممكنة من وضع سيئ.
٢. كُلُّ إِنْسَانٍ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى وَمَالًا… فَهذَا هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ: مع أن الواعظ عرف أن الغِنى لن يأتي بالمعنى الحقيقي للحياة، لكنّه لم يكن جاهلًا أو أحمق. فقد فهِم أن امتلاك الثروة أفضل من عدم امتلاكها، وأنّه تَحْتَ الشَّمْسِ ينبغي للإنسان أن يتمتَّع بالثروة والقدرة على التمتّع بها إذْ هي عَطِيَّةُ اللهِ.
• “حقًا إن العناية بالثروة تُصبِح سببًا لعدم الراحة. وفي ضوء كل ما يحدث، هناك موقف واحد ينصح الواعظ به: لا تكدِّس شيئًا، بل تمتَّع به.” مورجان (Morgan)
٣. لأَنَّهُ لاَ يَذْكُرُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ كَثِيرًا، لأَنَّ اللهَ مُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ: كانت هذه نصيحة سليمان للغني الذي لا يجد معنى ساميًا تَحْتَ الشَّمْسِ. ببساطة، حاول ألا تفكِّر بالموضوع، وأبقِ نفسك مشغولًا.