إنجيل متى – الإصحاح ١١
لم يكن المسيح وفقًا لتوقعاتهم
أولًا. يسوع ويوحنا المعمدان
أ ) الآيات (١-٣): تلاميذ يوحنا المعمدان يطرحون سؤالًا على يسوع نيابة عن يوحنا: هل أنت حقًا المسيح (الآتِي)؟
١وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لِيُعَلِّمَ وَيَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ. ٢أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، ٣وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟».
- وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ: وفقًا لبروس (Bruce)، فإن عبارة “يَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ” لا تشير إلى مدن التلاميذ، بل إلى مدن الجليل. وبهذه الطريقة أعطى يسوع تلاميذه مجالًا للقيام بعملهم.
- أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: من الممكن أيضًا – ولكن ربما أقل احتمالًا – أن يوحنا لم يطرح هذا السؤال من أجل مصلحته، ولكن من أجل تلاميذه؛ أرادهم أن يذهبوا إلى يسوع ويطرحوا السؤال من أجل أنفسهم، لمساعدتهم في تركيز انتباههم على يسوع.
- “ذُكر سَجْن يوحنا في إنجيل متى ١٢:٤، أما القصة الكاملة لسجنه فسيسردها متى في الإصحاح ٣:١٤-١٢.” فرانس (France)
- “قام هيرودس أنتيباس من الجليل بزيارة لأخيه في روما. وخلال تلك الزيارة قام بإغواء زوجة شقيقه. فعاد إلى البيت مرة أخرى، وطرد زوجته، وتزوج من زوجة أخيه التي كان قد جذبها بعيدًا عن زوجها. فوبخ يوحنا هيرودسَ علنًا وبصرامة. ولم يكن من الآمن على الإطلاق توبيخ الطاغية الشرقي، فأنتقم هيرودس، إذ ألقى يوحنا في زنزانات قلعة مكاور في الجبال بالقرب من البحر الميت.” باركلي (Barclay)
- أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ: يشير إنجيل يوحنا ٢٩:١-٣٦ ومقاطع أخرى إلى أنه قبل ذلك، اعترف يوحنا بوضوح بأن يسوع هو المسيا. ويمكن تفسير شكه الحالي لأنه ربما أساء هو نفسه فهم خدمة المسيا. فلربما كان يعتقد أنه إذا كان يسوع هو المسيا فعلًا، فسيؤدي أعمالًا مرتبطة بخلاص سياسي لإسرائيل، أو على الأقل إنقاذ يوحنا من السجن.
- من الممكن أن يوحنا قام بتمييز خاطئ بين الآتِي والمسيح، الذي هو المسيا. وهناك بعض الدلائل على أن بعض اليهود في ذلك الوقت كانوا يميزون بين نبي قادم تنبأ موسى بمجيئه (تثنية ١٥:١٨)، والمسيا. والملاحظة المهيمنة هنا هي وجود الارتباك. فمحاكمة يوحنا الطويلة في السجن قد أربكته.
ب) الآيات (٤-٦): إجابة يسوع لتلاميذ يوحنا المعمدان: أخبرا يوحنا أن النبوءة المتعلقة بالمسيح قد تحققت.
٤فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا:«اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: ٥اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. ٦وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».
- اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: أراد يسوع أن يطمئن كل من يوحنا وتلاميذه أنه هو المسيا. لكنه ذكّرهم أيضًا بأن سلطته ستكون واضحة في الغالب في أعمال الخدمة المتواضعة، وتلبية الاحتياجات الفردية، وليس في العروض المذهلة للتحرير السياسي.
- يمكننا أن نصيغ سؤال يوحنا كالتالي: “يسوع، لماذا لا تفعل أكثر من ذلك؟” يجيب مورجان (Morgan) على السؤال بقوله: “وسط كل هذا الصبر المضطرب، ينطق بنفس التحذير. ويبدو أن الطريقة التي يخدم بها الرب هي طريقة لإثبات المثابرة في فعل الأمور الصغيرة. ويظهر تاريخ الكنيسة أن هذا هو أحد الدروس التي يصعب تعلمها.”
- “لماذا، في هذه الأيام، يقال أن المعجزات هي بالأحرى امتحان إيمان وليست تأييدًا له؟ جيل غير مؤمن يحول حتى الطعام إلى سم.” سبيرجن (Spurgeon)
- طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ: لقد عرف يسوع أن جوهر خدمته كان مسيئًا لتوقعات الشعب اليهودي الذي يتوق إلى التحرير السياسي من الهيمنة الرومانية. ولكن كان هناك نعمة لأولئك الذين لم يعثروا في المسيح الذي جاء ضد توقعات الناس.
- “لقد حول أحد الأصدقاء هذه الكلمات إلى تطويبة أخرى، ألا وهي: “طوبى للذين لا يعثرون في المسيح.” ماير (Meyer)
- “طوبى للذي يمكن أن يُترَكَ في السجن، ويمكن إسكاته في شهادته، ويمكن أن يبدو مهجورًا من ربه، ومع ذلك يمكنه أن يُسكِتَ كلَ شك. وقد استعاد يوحنا هذه النعمة بسرعة، واستعاد صفاءه تمامًا.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٧-١٥): يسوع يتحدث عن يوحنا.
٧وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ ٨لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. ٩لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. ١٠فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. ١١اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. ١٢وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. ١٣لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. ١٤وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. ١٥مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.
- نَعَمْ… وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ: ذكّرَهم يسوع أن يوحنا كان المُختار ليُعد الطريق أمام المسيا، ولم يكن شخصًا يرضي الآخرين أو يرضي ذاته. فقد كان في الواقع أَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ، لأنه الوحيد الذي قام بخدمة إعداد الطريق أمام المسيا. لذلك، كان أعظم الأنبياء وأعظم البشر (لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ).
- فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: لاحظ البشير متى أن خدمة إعداد الطريق أمام المسيا قد تم التنبؤ بها في إشعياء ٣:٤٠ وملاخي ١:٣.
- على الرغم من أن البعض قد يضع يوحنا في صورة سيئة بسبب شكوكه الظاهرة بشأن يسوع، إلا أن يسوع نفسه قد أشاد بيوحنا. “كان يوحنا يشهد في كثير من الأحيان ليسوع؛ والآن ها هو يسوع يشهد ليوحنا.” كارسون (Carson)
- كان يوحنا ثابتًا، ولم يهتز بسهولة مثل القصبة.
- كان يوحنا رصينًا، حيث عاش حياة منضبطة، ولم يكن يحب الرفاهية والراحة في هذا العالم.
- كان يوحنا خادمًا ونبيًا لله.
- أُرسِلَ يوحنا، كرسول خاص من الرب.
- كان يوحنا مميزًا، حيث يمكن اعتباره أنه الأعظم بموجب العهد القديم.
- كان يوحنا الثاني، بل حتى الأخير في الملكوت بموجب العهد الجديد.
- وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ: على الرغم من أن يوحنا كان عظيمًا، إلا أنه لم يولد مرة أخرى بموجب العهد الجديد. هذا لأنه عاش ومات قبل انتهاء يسوع من عمله على الصليب وقبل القبر الفارغ. ولذلك، لم يتمتع بمزايا العهد الجديد (كورنثوس الأولى ٢٥:١١، كورنثوس الثانية ٦:٣، عبرانيين ٦:٨-١٣).
- “يمكننا القول، كقاعدة عامة، أن أحلك نهار هو أبهى من أسطع ليل؛ لذلك، على الرغم من كون يوحنا هو الأول بموجب ترتيبه الخاص، إلا أنه يأتي خلف الأخير بموجب الترتيب الجديد حسب الإنجيل. فإن الأخير حسب الإنجيل يقف على أرض أعلى من الأعظم بموجب الناموس.” سبيرجن (Spurgeon)
- مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ: يشير ذِكر يسوع لكلمة “يُغْصَبُ” إلى كل من شدة الحرب الروحية المحيطة بخدمة يسوع ورعيته، وأيضًا إلى الكثافة المطلوبة للمثابرة في اتباع الله وملكوته.
- لقد تم الجدال حول المعنى الدقيق لهذا الأمر إلى حد كبير، وأصبح الأمر أكثر صعوبة بسبب القواعد اللُغوية المعقدة. ربما يعطي كارسون (Carson) أفضل معنى لكل من التعبيرين في قوله: “لقد أتى الملكوت بقوة مقدسة وطاقة رائعة دفعت حدود الظلام إلى الوراء. ويتجلى هذا بشكل خاص في معجزات المسيح وعلاقتها برد يسوع على يوحنا المعمدان. لقد قطعت الملكوت خطوات كبيرة؛ والآن هو وقت النفوس الشجاعة والأشخاص الأقوياء للتمسك به.”
- لن يتم استقبال الملكوت بشكل سلبي. فالملكوت دائمًا مؤسس على عمل الله نيابة عنا، لكن عمل الله سوف ينتج دائمًا استجابة فينا. “إن الرغبات الكسولة أو المساعي الفاترة لن تجلب البشر إلى السماء.” بوله (Poole)
- “من الطبيعي أن يشتكي الأشخاص غير الفعالين في الخدمة. فقد تقول سيدة: ’لقد كنت معلمة في مدرسة الأحد لعدة سنوات، ولم أر تغييرًا واحدًا في أولاد مدارس الأحد.‘ كلا، فإن السبب الأرجح أنكِ لم تكوني أبدًا عنيفة تجاه الأمر؛ لم تندفعي بالروح الإلهي أبدًا لتقرري أنهم لابد وأن يتغيروا، وأنه لن يضيع ظِلف منهم. لم تندفعي بالروح من قبل لمثل هذا الشغف، بأن تقولي: ’لا يمكنني العيش إلا إذا باركني الله. لا يمكنني الوجود إلا إذا رأيت بعض هؤلاء الأطفال يخلصون.‘ ثم، تسقطين على ركبتيكِ في صراع في الصلاة، وبعد ذلك تضعين ثقتك بنفس القوة ناظرة للسماء، فلو فعلتِ ذلك، لما كنتِ تشعرين بالإحباط أبدًا؛ لأن الْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.” سبيرجن (Spurgeon)
- لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا: رأى يسوع حقبة تنتهي بيوحنا؛ توقع جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ يوحنا وخدمته باعتباره مُعِد الطريق للمسيا. وكأن يوحنا تكلم نيابة عن كل نبي أعد الطريق لمجيء يسوع.
- بموجب العهد القديم، أعلن كل نبي آخر، “المسيح قادم.” وكان يوحنا وحده يَشْرُف بقوله، “المسيح هنا.”
- وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ: قد يُنظر إلى يوحنا أيضًا على أنه إيليا، في تحقيق جزئي لما ورد في ملاخي ٥:٤. ولكن لم يكن يوحنا هو في الواقع إيليا، لكنه خدم بروح وقوة إيليا ذاتهما، وبذلك كان يتمم “وظيفته” (لوقا ١٧:١). ولأن يوحنا كان إيليا بهذا المعنى الرمزي، فقد أضاف يسوع عبارة “وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا.”
- جاء إيليا في الحقيقة خلال خدمة يسوع، خلال التجلي متى ٣:١٧). ولكن تحقيقًا للوعد في ملاخي ٥:٤، سيأتي إيليا مرة أخرى قبل المجيء الثاني ليسوع، على الأرجح كواحد من الأنبياء الذين ورد ذكرهم في رؤيا يوحنا ٣:١١-١٢.
- إذا كانت خدمة يوحنا المعمدان مثل خدمة إيليا، فإننا نتذكر أن إيليا أصبح مكتئبًا ومُحْبَطًا أيضًا.
- مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ: “لأول مرة في إنجيل متى، يرد هنا شكل من أشكال الأمثال الذي يستخدمه يسوع غالبًا بعد كلام مهم.” بروس (Bruce)
د ) الآيات (١٦-١٩): يسوع يوبخ أولئك الذين يرفضون أن يكونوا سعداء بيوحنا المعمدان أو بخدمة يسوع.
١٦«وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ ١٧وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا! ١٨لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. ١٩جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».
- وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟: نظر يسوع هنا إلى طبيعة جيله الحالي، وكيف كانوا يصعب إرضائهم ومترددين في تلقي رسالة الله ورُسله.
- زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا!: الفكرة هي أن أولئك الذين لديهم قلب مُنتقِد، سيجدون شيئًا ينتقدونه. فكثير من الناس لن يكونوا سعداء سواء بيوحنا أو بيسوع.
- “لقد رفضوا سماع صوت الله في أي من الحالتين، البائسة أو المُبهجة، الكئيبة أو المُفرحة، الدينونة أو الرحمة، فكل ما يريدونه هو أن يكون صوت الله يتناسب مع ميولهم؛ ولم يكن هناك شئيًا منه يرضيهم.” فرانس (France)
- مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ: استشهد يسوع بانتقادات الآخرين له. رغم أن هذه الكلمات كانت تهدف إلى الإدانة، فقد أصبحت رائعة. يسوع هو حقًا صديق… للخطاة (مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ).
- “لقب قد يبدو خبيث في ذلك الوقت، ولكنه الآن اسم شرف: مُحب الخاطئ.” بروس (Bruce)
- وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا: ومع ذلك، فقد ثبت أن الرجل حكيم من خلال أفعاله الحكيمة (بَنِيهَا). فكان يسوع في ذهنه بشكل خاص الحكمة لقبول كل من يسوع ويوحنا لِما كانا عليه وما دعيا إليه.
- قد ينتقد الناس يوحنا، لكن أنظر إلى ما فعله، فقد قاد الآلاف من الناس إلى التوبة، مما مهد الطريق للمسيا. قد ينتقد الناس يسوع، لكن أنظر إلى ما فعله، فقد عَلَّم وعَمِلَ وأحب ومات كما لم يفعل أحد من قبل.
ثانيًا. المُدان والمَقبول
أ ) الآيات (٢٠-٢٤): يسوع يوبخ المدن التي لم تَتُب في ضوء كل من خدمة يوحنا المعمدان وخدمة يسوع.
٢٠حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: ٢١«وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ. ٢٢وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا. ٢٣وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ. ٢٤وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ».
- حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: لأن أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ قد تمت في هذه المدن، فقد اختبروا نورًا أكبر، الأمر الذي تطلب أيضًا مساءلة أكبر.
- إن هذا مبدأ – نور أكبر يعني مسؤولية أكبر – يعني أن العالم الغربي لديه مساءلة هائلة أمام الله. فقد انفتح الغرب على الإنجيل انفتاحًا لم يختبره مجتمع آخر من قبل، ومع ذلك يبقى في حاجة ماسة إلى التوبة.
- “عدم الاستجابة لصوت الله هو سمة هذا الجيل، وسيؤدى إلى انهياره.” فرانس (France)
- تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا: عندما قال يسوع أن الأمر أَكْثَرُ احْتِمَالًا لمدن معينة في يوم الدينونة، فقد أشار ضمنيًا في الواقع إلى وجود درجات مختلفة من الدينونة. فسيتم معاقبة البعض بصورة أشد وطأة في الدينونة النهائية عن آخرين.
- “هناك درجات من السعادة في السماء ودرجات من العذاب في الجحيم (متى ٤١:١٢؛ ١٣:٢٣؛ راجع لوقا ٤٧:١٢-٤٨)، وهي نقطة فهمها بولس جيدًا رومية ٢٠:١، ١٦:٢). إن الآثار المترتبة على المسيحية الغربية اليوم واقعية.” كارسون (Carson)
- “إذا كان الأتراك والمغول سيكونون ملعونين، فإن المؤمنين الفاسدين سيكونون ملعونين على نحو مُضاعف.” تراب (Trapp)
- كُورَزِينُ… بَيْتَ صَيْدَا… كَفْرَنَاحُومَ: تم تحقيق دينونة الله ضد هذه المدن. فكل واحدة منهم قد دمرت منذ زمن بعيد وظلت مهجورة على مر الأجيال.
- لا نقرأ في الأناجيل عن الأعمال العظيمة التي قام بها يسوع في كُورَزِين أو بَيْتَ صَيْدَا، لكن نجد شيئًا في يوحنا ٢٥:٢١ “وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ.” فما فعله يسوع في كُورَزِين وبَيْتَ صَيْدَا هو من بين تلك الأعمال غير المكتوبة. وهذا تذكير جيد بأن الأناجيل هي سرد حقيقي لحياة يسوع، لكنه فعل الكثير مما لم يدرج في سجلات الإنجيل.
- “كفرناحوم، مدينته، مقر قيادة جيش الخلاص، قد رأت وسمعت ابن الله؛ لذلك تفجعَّ على رؤية كفرناحوم وهي ما تزال قاسية كما كانت دائمًا.” سبيرجن (Spurgeon)
- “هذه المدن لم تهاجم يسوع المسيح، ولم يطردوه من أبوابهم، ولم يطلبوا صلبه؛ لقد تجاهلوه ببساطة. فيمكن أن يقتل الإهمال بقدر ما يمكن الاضطهاد أن يفعل.” باركلي (Barclay)
ب) الآيات (٢٥-٢٧): يسوع يشيد بأولئك الذين يقبلون رسالته.
٢٥فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. ٢٦نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. ٢٧كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.
- أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ: نشعر بنغمة قوية من الفرح في تواصل يسوع مع أبيه. يتحدث أقانيم الثالوث معًا ويتواصلون معًا بفرح.
- “تكشف كلمة ’أَجَابَ‘ حقيقة الشركة الدائمة الكائنة بين المسيح والله. فكان المديح هو استجابة قلب المسيح لسر يهوه.” مورجان (Morgan)
- لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ: لقد كان يسوع سعيدًا لأن الله اختار المستبعدين – الذين كان ينظر إليهم العالم على أنهم أطفال – للتجاوب مع رسالة ملكوته. وعلينا أن ننظر إلى هذا في السياق الأوسع للرفض المتزايد ليسوع ورسله ابتداءً من متى الإصحاح ٩.
- كما أنه يذكرنا أننا إذا تجاوبنا مع يسوع، فذلك لأن الآب أعلن هذه الأمور لأطفال مثلنا.
- وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ: بما أن يسوع أشار إلى نفسه على أنه الابْن، فلدينا بيان مذهل آخر فيه يركز يسوع على ذاته. فقد أعلن هنا أنه الوحيد الذي يتمتع بعلاقة حقيقية مع الله الآب، وأنه يمكن معرفة الآب فقط من خلال الابن (وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ). هذه إعلانات ذاتية مذهلة.
- تكشف لنا الآية في متى ١١:٢٧ الكثير عن العلاقة بين الله الآب والله الابن.
- لا توجد أسرار بين الآب والابن.
- لا يوجد أحد يعرف الابن كما يعرفه الآب.
- لا يوجد أحد يعرف الآب كما يعرفه الابن.
- يختار الابن أن يُعلن عن الآب للبعض.
- هناك فرق مهم في طريقة معرفة الابن للآب والطريقة التي قد نعرفه نحن بها. فنحن نعرف الله الآب لأنه يتواضع ليُعرَّف نفسه. ولكن الله الابن يعرف الله الآب لأنهم متساوون في الطبيعة ومتوافقون تمامًا مع بعضهم البعض.
- تكشف لنا الآية في متى ١١:٢٧ الكثير عن العلاقة بين الله الآب والله الابن.
ج ) الآيات (٢٨-٣٠): دعوة يسوع.
٢٨تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. ٢٩اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. ٣٠لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».
- تَعَالَوْا إِلَيَّ: أظهر يسوع سلطانه عندما قال: تَعَالَوْا إِلَيَّ. فهذه الدعوة لا يمكن تصورها تُقال بفم أي شخص آخر غير الله؛ فويل للناس الذين يجتذبون الناس لأنفسهم بدلًا من يسوع!
- “’تَعَالَوْا‘: فهو لا يطرد أحدًا بعيدًا؛ إنه يدعوهم إلى نفسه. فكلمته المفضلة هي ’تَعَالَوْا‘ وليس ’اذهب إلى موسى‘، بل ’تَعَالَوْا إِلَيَّ.‘ تعالوا إلى يسوع نفسه، بثقة. فلا ينبغي لنا أن نأتي أولًا إلى المذاهب أو الطقوس أو الخدمة. لكن إلى المُخلص الشخصي.” سبيرجن (Spurgeon)
- يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ: وجه يسوع دعوته إلى أولئك الذين كانوا مثقلين. ودعا أولئك الذين شعروا بضرورة القدوم إليه لتسديد احتياجهم بدلًا من العيش في الاكتفاء الذاتي.
- وفقًا لكارسون (Carson)، يشير التعب إلى الأعباء التي نتحملها على أنفسنا، ويشير الحِمل الثقيل إلى الأعباء الأخرى التي نضعها على أنفسنا.
- يوحي الحِمل الثقيل بالفكرة ذاتها التي وردت في متى ٤:٢٣، حيث تكلم يسوع ضد القادة الدينيين في زمنه، وقال أنهم: “يَحْزِمُونَ أَحْمَالًا ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ.”
- اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي: لقد قدم يسوع عرضًا رائعًا، داعيًا إيانا أن نحمل نيره ونتعلم منه. فعلينا أن نأتي كتلاميذ للتَعلُم، ونكون على استعداد لنسترشد بنيره، وليس فقط لأخذ شيء.
- وفقا لآدم كلارك (Adam Clarke)، استخدم اليهود القدامى فكرة النير للتعبير عن التزام شخص ما تجاه الله. فكان هناك نير الملكوت، ونير الناموس، ونير الوصية، ونير التوبة، ونير الإيمان، والنير العام لله. وفي هذا السياق، من السهل رؤية يسوع وهو يبسط الأمر قائلًا: “انْسوا كل تلك الأنيار الأخرى؛ اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي.”
- عندما ينظر شخص ما إلى نير يسوع من بعيد، فمن السهل الحصول على كل أنواع الأفكار الخاطئة حوله. ولكن إذا كنا نستمع فقط إلى ما قاله يسوع – “اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ” فسنأخذه ونرى أي نوع من الأنيار هو.
- نير يسوع سهل وخفيف مقارنة بأنيار الآخرين.
- نير يسوع سهل وخفيف طالما أننا لا نتمرد عليه.
- نير يسوع ليس له علاقة بالمخاوف المُحرَّمة بالنسبة لنا.
- نير يسوع لا يشمل الأعباء التي نختار إضافتها إليه.
- لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ: لقد كشف يسوع عن طبيعته عندما وصف نفسه بأنه وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ. فقلبه الخادم، الجلي في كل خدمته، جعله مؤهلًا ليكون الشخص الذي يتحمل أعباءنا.
- فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ: وصف يسوع عطيته لأتباعه على أنها راحة للنفس. ويجب اعتبار هذه العطية التي لا يمكن مقارنتها بشيء آخر – والتي هى قوية وعميقة على حد سواء – من الحقوق المكتسبة بالولادة لكل أولئك الذين يأتون إلى يسوع ويصبحون من تلاميذه. إذ عليهم أن يدركوا أن هناك شيئًا ما خاطئًا إذا لم يكونوا قد اختبروا راحة لأنفسهم.
- “’فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ‘ هي صدى للنص العبري في إرميا ١٦:٦، حيث أنها دعوة الله لأولئك الذين يتبعون طريقه؛ والآن يُصدر يسوع الدعوة ذاتها باسمه!” فرانس (France)
- لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ: لقد لخَّص يسوع هذه الدعوة الرائعة بهذا التأكيد: ’نِيرِي هَيِّنٌ‘ وَ’حِمْلِي خَفِيفٌ‘ لأنه يحمله معنا. لأنه إن حملناه بمفردنا، سيصبح لا يُطاق، لكن مع يسوع يمكن أن يكون هيّنًا وخفيفًا.
- عند تدريب حيوان جديد (مثل الثور) على الحَرْث، غالبًا ما كان المزارعون القدماء يربطون ذلك الحيوان الجديد بثور أكبر سنًا وأكثر قوة وتجربة لتحمُل العبء وقيادة الحيوان الصغير خلال عملية التعلُم.
- “كلمة ’هيّن‘ في اليونانية ’كريستوس (chrestos)‘ والتي يمكن أن تعني ’المناسب.‘ ففي فلسطين، كانت أنيار الثيران تُصنع من الخشب. وكان النير يُضبط بعناية، بحيث يكون مناسبًا تمامًا ولا يُضايق عنق الحيوان الصبور. فقد كان النير مُصممًا خصيصًا ليناسب الثور.” باركلي (Barclay)
- هذه ليست دعوة لحياة كسولة أو مُدّلَلَة. فلا يزال هناك نير ليُرفع وحِمل ليُحْمل. ولكن مع يسوع وفي يسوع، يصبح النير هينًا وخفيفًا. “نير يسوع هيّن، ليس لأنه يفرض مطالب أخف، ولكنه يمثل الدخول في علاقة تلمذة.” فرانس (France)
- إذا كان نيرك صعبًا وحملك ثقيلًا، فيمكننا القول إنه ليس نيره أو حمله، لأنك لا تسمح له بحمله معك. قال يسوع ذلك بوضوح: نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ.