إنجيل متى – الإصحاح ٩
يسوع يَخدم ويَشفي
أولًا. رجل مشلول يتعافى ويُغْفر له
أ ) الآيات (١-٢): مشلول يتم إحضاره ليسوع.
١فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَاجْتَازَ وَجَاءَ إِلَى مَدِينَتِهِ. ٢وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».
- مَدِينَتِهِ: لا بد أن ’مَدِينَتِهِ‘ هي كفرناحوم، كما ذُكِر سابقًا (متى ١٣:٤).
- وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ: توضح الأناجيل الأخرى (مرقس ٢ ولوقا ٥) كيف تم احضار الرجل إلى يسوع. فبسبب الحشود، أنزله أصدقاؤه إلى يسوع من خلال السقف.
- سيكون هذا مثالًا آخر على شفاء يسوع للمرضى والعليلين، وقد تم التنبؤ بوضوح بدور المسيح كشافٍ في مقاطع كتابية مثل (إشعياء ٥:٣٥-٦): “حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ.” وهكذا، فإن معجزات يسوع كانت شهادة ليس فقط على حقيقة أنه أُرسل من قِبَل الله، بل إنه أيضًا كان المسيا المُنتظر.
- ومع ذلك، كما ذُكر سابقًا، لم يكن هدف معجزات يسوع بشكل أساسي هو التأثير على الحشود. بل بالحرىّ تم القيام بها في المقام الأول لتلبية الاحتياجات المتواضعة للناس المتواضعين. وبشكل عام، كان معظم اليهود في ذلك الوقت يفضلون علامات أكثر إذهالًا، مثل استدعاء نار من السماء لتنزل على فيلق روماني.
- نلاحظ أيضًا أن وجود الكثير من المرض بين إسرائيل كان دليلًا على خيانتهم للعهد وحالتهم الروحية المتدنية. فقد أعطاهم الله عكس ما وعد به في (خروج ٢٦:١٥) حينما قوله: “إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتَصْنَعُ الْحَقَّ فِي عَيْنَيْهِ، وَتَصْغَى إِلَى وَصَايَاهُ وَتَحْفَظُ جَمِيعَ فَرَائِضِهِ، فَمَرَضًا مَا مِمَّا وَضَعْتُهُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ لاَ أَضَعُ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ.”
- فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ: رأى يسوع إيمان أصدقاء المفلوج، وليس إيمان الرجل المشلول نفسه. فكان من الواضح أن لديهم الإيمان لإحضار صديقهم المشلول إلى يسوع وكان إيمانهم نشطًا بما يكفي لتفكيك سقف وتدلية الرجل ليكون أمام يسوع.
- يمكننا أيضًا أن نفترض أن الرجل المشلول نفسه كان لديه القليل من الإيمان؛ فلاحظ يسوع إيمان أصدقائه، وليس إيمانه. لذلك أراد يسوع أن يشجع إيمان هذا الرجل بكلماته التالية.
- “بالتشخيص المؤكد السريع، لا يرى يسوع في الرجل إيمانه بل يرى اكتئابه العميق؛ فينطق يسوع أولًا بكلمة لطيفة باعثة على الرجاء، مثل الطبيب الذي قد يخاطب المريض بهذه العبارة: تشجعْ يا بُنَيَّ!” بروس (Bruce)
- ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ: إيمان أصدقاء الرجل المشلول فعل شيئًا: أحضروا هذا الرجل إلى يسوع. ومع ذلك كانوا مشغولين فقط بإحضاره إلى يسوع من أجل شفاء جسده. بالتأكيد لم يعتقدوا أن يسوع سوف يغفر خطاياه.
- لكن يسوع عالج مشكلة الرجل الأكبر. فمن السيء أن تكون مشلولًا، ولكن من الأسوأ بكثير أن تكون مقيدًا ضائعًا في خطيتك.
- لا نحتاج إلى استنتاج أن الرجل قد أصيب بالشلل كنتيجة مباشرة لخطية ما، تلك التي كانت بحاجة إلى الغفران. فلم يبدو أن هذا هو هدف يسوع في قوله “مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ.”
- رأى ماثيو بوله (Matthew Poole) ستة أسباب لتعامل يسوع مع خطيئة الرجل أولًا. والآتي هو إعادة صياغة لأسباب بوول عن سبب التعامل مع الخطيئة أولًا:
- لأن الخطيئة هي أصل كل شرورنا.
- لإظهار أن الغفران أهم من الشفاء الجسدي.
- لإظهار أن أهم ما أتى يسوع ليفعله هو التعامل مع الخطيئة.
- لإظهار أنه عندما تغفر خطايا الإنسان، يصبح ابنًا لله.
- لإظهار أن الاستجابة للإيمان هي مغفرة الخطيئة.
- للشروع في حوار مهم مع الكتبة والفريسيين.
ب) الآية (٣): رد فعل القادة الدينيين.
٣وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: «هذَا يُجَدِّفُ!»
- وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: نلاحظ أنهم اعترضوا سرًا على الفور، قائلين فِي أَنْفُسِهِمْ. وهنا سوف يخاطب يسوع ما قالوه فِي أَنْفُسِهِمْ، موضحًا أن أفكارنا وآرائنا مكشوفة أمام الله وهو يهتم بها.
- هذَا يُجَدِّفُ!: لقد أدرك الكتبة حقًا أن يسوع قال أنه سيفعل شيئًا لا يمكن إلا الله أن يفعله. ولكنهم كانوا مخطئين في افتراض أن يسوع لم يكن الله نفسه، وأن يسوع جدف من خلال اعتبار نفسه الله.
- “قام معلمو الناموس هنا، بتشاورهم في همس، في توسيع التجديف ليشمل ادعاء يسوع بأنه يفعل شيئًا لا يمكن سوى الله أن يفعله.” كارسون (Carson)
- “لم يقولوا ’هذا الإنسان‘؛ فلم يعرفوا ماذا يسمونه حتى في قلوبهم. لكنهم استخدموا تعبير ’هذَا‘، وكأنهم يقولون: هذا المُدعِي، هذا النكرة، هذا الكائن الغريب.” سبيرجن (Spurgeon)
- “هذا هو أول ذكر لمعارضة يسوع، والذي سيضْحَى أمرًا متكررًا.” فرانس (France)
ج) الآيات (٤-٥): يسوع يقرأ قلوب الكتبة الشريرة ويطرح سؤالًا.
٤فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟ ٥أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟
- فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ: كان يجب أن يكون هذا وحده كافيًا لإثبات ألوهيته، موضحًا أنه قادر على معرفة قلوبهم الشريرة. ومع ذلك، سيقدم أيضًا دليلًا أكبر على ألوهيته.
- أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: كل من الشفاء والمغفرة مستحيل على الإنسان. ومع ذلك، فقط الوعد بالشفاء هو الذي يمكن إثباته على الفور، لأنه على الرغم من أنك لا تستطيع أن ترى خطايا شخص ما وهي تُغفرُ، يمكنك أن ترى هذا الشخص وهو يُشفى.
- “يبدو أن هذا راجع إلى مزمور ٤:١٠٣ في قوله: الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. هنا نرى أن الغفران يسبق الشفاء.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (٦-٨): يسوع يؤكد سلطانه على كل من الخطية والمرض.
٦وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!» ٧فَقَامَ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ. ٨فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَانًا مِثْلَ هذَا.
- وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا: أجاب يسوع عن سؤاله قبل أن يفعل القادة الدينيون. وبما أنه استطاع أن يفي بادعائه شفاء الرجل، فقد أعطى دليلًا على ادعائه بأن لديه أيضًا سُلطان على غفران الخطايا.
- فَقَامَ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ: لقد تم شفاء الرجل على الفور، مما يثبت أن يسوع كان لديه قوة الله للشفاء والغفران أيضًا.
- “لم يذهب إلى الهيكل مع إنسان متمسك بالناموس، ولا إلى المسرح مع إنسان عالمي مشهور، بل ذهب إلى بيته. فمن الرائع رؤية إنسان يسترد بالنعمة في بيته.” سبيرجن (Spurgeon)
- “يعطي الإنسان دليلًا على تحوله من الخطية إلى الله، بطريقة مشابهة لما حدث مع هذا المشلول. فمن لم ينهض ويقف منتصبًا، لكنه إما يواصل زحفه على الأرض أو يعود يسقط حالمًا يقف على قدميه، فهو لم يُشْف بعد من شلله الروحي.” كلارك (Clarke)
- فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ: عند شفاء الرجل، أعطى الحشد الله مجدًا لهذه المعجزة. فمن الواضح أن يسوع لم يلفت الانتباه إلى نفسه بالطريقة التي تم بها الشفاء.
ثانيًا. دعوة متى جابي الضرائب
أ ) الآية (٩): متى يلبي دعوة يسوع بأن يتبعه.
٩وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.
- إِنْسَانًا… اسْمُهُ مَتَّى: يشير البشير مرقس ١٤:٢ إلى أن هذا الرجل كان يدعى أيضًا لاَوِيَ بْنَ حَلْفَى. ويذكر البشير متى ١٠: ٣ أن تلميذ آخر كان ابنًا لحَلفي (وهو يعقوب، الذي غالبًا ما كان يدعى يعقوب الصغير لتمييزه عن يعقوب شقيق يوحنا). ولذلك يبدو أن كلًا من مَتَّى وشقيقه يعقوب كانا من بين التلاميذ الاثني عشر.
- إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى: لم يكن جامعوا الضرائب خطاة سيئي السمعة فقط؛ بل تم اعتبارهم متعاونين مع الرومان ضد بني وطنهم اليهود. فلم يكن أحد يحب الإنسان الجالس عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ.
- لقد كان الشعب اليهودي حقًا يعتبرهم خونة لأنهم عملوا مع الحكومة الرومانية، وكان لديهم قوة الجنود الرومان الذين يقفون وراءهم لإجبار الناس على دفع الضرائب. وكانوا أبرز المتعاونين اليهود مع روما.
- لقد كان الشعب اليهودي يعتبرهم مبتزين، لأنه كان من المسموح لهم بالاحتفاظ بكل ما يسلبونه ظلمًا. فكان جابي الضرائب يعرض الأسعار في مزايدات من أجل عقد تحصيل الضرائب. فعلى سبيل المثال، قد يرغب العديد من جُباة الضرائب في الحصول على عقد الضريبة لمدينة مثل كفرناحوم. وكان الرومان يمنحون العقد لأعلى مُزايِد. فالذي يجمع الضرائب، كان يدفع للرومان ما وعد به، ثم يضع الباقي في حوزته. لذلك، كان هناك الكثير من الحوافز لجامعي الضرائب للسلب والغش بأي طريقة ممكنة؛ لقد كان ربحًا خالصًا لهم. “كان في هذا الوقت مشغولًا بالأخذ، لكن تمت دعوته لعمل كل ما كان يدور حوله هو العطاء.” سبيرجن (Spurgeon)
- “عندما كان اليهودي ينخرط في جمع الضرائب، كان يعتبر منبوذًا من المجتمع، فيتم استبعاده كقاضي أو شاهد في أي جلسات المحكمة، ويُطرد من المجمع، وفي نظر المجتمع يمتد عاره إلى أسرته.” لين (Lane) في تفسيره لإنجيل مرقس.
- تستخدم نسخة الملك جيمس القديمة كلمة ’متعهد الخدمات العامة‘ بدلًا من ’جابي ضرائب.‘ وقد أطلقت عليهم هذه التسمية لأنهم كانوا يتعاملون مع الأموال العامة.” باركلي (Barclay)
- “كرمت الحكومة الرومانية أحد أفراد عائلة سابينوس (Sabinus) بسبب إدارته النزيهة لذلك المنصب، لدرجة أنهم صنعوا له ذكرى كريمة وصور نقش عليها: “لمتعهد الخدمات العامة الأمين.” تراب (Trapp)
- فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي»: حقيقة أن الجميع كان يكره جامعي الضرائب، تجعل محبة يسوع لمتى ودعوته أمرًا لافتًا للنظر. فقد ثبت أنها محبة في موضعها الصحيح؛ فقد استجاب متى لدعوة يسوع من خلال ترك أعماله المتعلقة بجمع الضرائب وإتباع يسوع، وفي النهاية كتابة رواية هذا الإنجيل نفسه.
- “ترك طاولة جمع الضرائب. لكنه أخذ شيئًا واحدًا منها: قلمه. إن هذا الرجل، الذي علمته تجارته استخدامَ القلم، استخدم تلك المهارة لكتابة الدليل الأول لتعليم يسوع.” باركلي (Barclay)
- بطريقة ما، كانت هذه تضحية أكثر من بعض التلاميذ الآخرين. فقد كان بإمكان بطرس ويعقوب ويوحنا العودة بسهولة إلى أعمال الصيد الخاصة بهم، لكن كان من الصعب على لاوي العودة إلى جمع الضرائب.
- هناك أدلة أثرية على فرض ضريبة على الأسماك المأخوذة من بحر الجليل. لذلك أخذ يسوع جابي الضرائب ليكون تلميذًا له، ذلك الرجل الذي ربما كان قد أخذ مالًا من بطرس ويعقوب ويوحنا والصيادين الآخرين بين التلاميذ. وربما كانت هذه المقابلة فيها نوع من الحرج للتلاميذ ولمتى.
ب) الآيات (١٠-١٣): يسوع يأكل مع جباة الضرائب والخطاة.
١٠وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ، إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. ١١فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» ١٢فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيب بَلِ الْمَرْضَى. ١٣فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».
- إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ: يشير السياق إلى أن هذا كان اجتماعًا لأصدقاء متى وشركاء أعماله السابقين. وقد نقول أن يسوع استغل قرار متى ليبشر أيضًا معارف متى.
- “كان يسوع يهدف إلى القيام بإرسالية بين الطبقات المنبوذة، وكانت خطوته الأولى هي دعوة متى لكي يكون تلميذه، والخطوة الثانية كانت لم شمل عدد كبير من هذه الطبقات من خلاله، بالدعوة إلى جلسة إجتماعية.” بروس (Bruce)
- من خلال الإشارة إلى أنه كان هناك الكثير من العشارين والخطاة، يقدر بروس (Bruce) أن هذا لم يتم في منزل خاص بل في قاعة عامة، وأنه “على أي حال، كان هذا تجمع كبير، إذ كان هناك العشرات بل ربما المئات من الحاضرين؛ كان عددًا كبيرًا لا تسعه حجرة واحدة في أحد المنازل.”
- لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟: كانت الإجابة على هذا السؤال بسيطة: لأن يسوع هو صديق الخطاة، حسب رسالة رومية ٨:٥ “وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.”
- “قد يشمل ’الخطاة‘ الأشخاص العاديين الذين لم يشاركوا في كل الفظائع التي للفريسيين.” كارسون (Carson)
- لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيب بَلِ الْمَرْضَى: هذا هو المبدأ الذي لم يفهمه الفريسيون المنتقدون. فكان الفريسيون مثل الأطباء الذين أرادوا تجنب كل اتصال مع المرضى. بالطبع تمنوا أن يصبح المرضى أصحاءً، لكنهم لن يخاطروا بأنفسهم حتى لا يصابوا بالعدوى.
- نحن محظوظون لأن الله يدعو الخطاة وليس فقط القديسين. فقد جاء يسوع لفائدة أولئك الذين فهموا حاجتهم المتأصلة له (أولئك الْمَرْضَى والمساكين بالروح كما في إنجيل متى ٣:٥). ومع ذلك، فإن المتكبرين الذين لا يرون حاجة إلى يسوع (أولئك الذين يرون أنهم بخير: الأَصِحَّاءُ)، لا يستفيدون من يسوع شيئًا.
- “يا رب، امنحني أن أوجد في صحبة الخطاة، فقد يتماشى ذلك مع خطتك المصممة لشفائهم، وامنحني ألا اصاب أنا نفسي بالعدوى من مرضهم.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً: هنا يستشهد يسوع بما جاء في سفر هوشع ٦:٦. ففي زمن هوشع، كان شعب الله لا يزال مواظبًا على تقديم الذبيحة (هوشع ٦:٥)، لكنهم تركوا الرحمة وتخلوا عنها، لأنهم تخلوا عن معرفة الله والحق (هوشع ١:٤). فالله يفضل أن يكون هناك قلوب مستقيمة مليئة بالحق والرحمة عن تقديم الذبيحة.
- “هذه الكلمات هي الأكثر لفتًا للنظر؛ عندما نتذكر أنها كانت موجهة إلى معلمي الناس. فأظهر توبيخ المسيح أنهم لا يعرفون الله، ودعاهم للذهاب وتعلُم معنى الكتب المقدسة الخاصة بهم.” مورجان (Morgan)
- “ربما يكون هذا مكروهًا للناس الذين اعتقدوا أنهم يعرفون كل شيء بالفعل.” سبيرجن (Spurgeon)
ثالثًا. العهد الجديد والعهد القديم والفرق بينهما
أ ) الآية (١٤): تلاميذ يوحنا يطرحون سؤالًا: لماذا لا يصوم تلاميذ يسوع كما يفعلون هم والفريسيون؟
١٤حِينَئِذٍ أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟»
- لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا: كانت خدمة يوحنا المعمدان صارمة في طابعها وكانت تؤكد على التوبة المتواضعة (متى ١:٣-٤). فقام تلاميذ يوحنا بمحاكاة ذلك وأظهروا تواضعهم اللائق في ضوء خطاياهم وخطايا أتباعهم.
- وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا: كان الفريسيون معروفين أيضًا بممارستهم للصوم (غالبًا مرتين في الأسبوع، وفقًا لما جاء في لوقا ١٢:١٨)، لكنهم لم يفعلوا ذلك بروح من التوبة المتواضعة. وغالبًا ما صاموا راغبين في إقناع أنفسهم والآخرين بروحانيتهم (متى ١٦:٦-١٨).
- وَأمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ: من الواضح أن تلاميذ يسوع لم يصوموا كما فعلت هاتان المجموعتان. وسوف يشرح يسوع لماذا.
ب) الآيات (١٥-١٧): المبدأ: الأمور مختلفة الآن بعد أن أتى المسيح.
١٥فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ. ١٦لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْب عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ، فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ. ١٧وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ، فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعًا».
- هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟: لم يكن من المناسب لتلاميذ يسوع تقليد الفريسيين في استعراضاتهم المنافِقة. ولم يكن من الصواب بالنسبة لهم أن يقلدوا تلاميذ يوحنا في تهيئة قلوبهم لاستقبال المسيا، ذلك لأن التلاميذ كانوا يعيشون في التجربة التي حاول يوحنا إعداد الناس لها.
- وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ: سيأتي يوم يكون فيه الصوم مناسبًا لتلاميذ يسوع، لكن في الوقت الحاضر عندما كان يسوع بينهم، لم يكن ذلك هو اليوم.
- وضع المفسر جون تراب (John Trapp) ثلاث نقاط بخصوص ذلك: “أولًا: لم يُلغِ هذا الصيام بالناموس الطقسي، ولكن لا يزال يتعين استخدامه كواجب للإنجيل. ثانيًا: إن أوقات الثِقَل هي أوقات التذلل. ثالثًا: إن أوقات حبورنا هنا تشبه احتفالات الزواج، فإنها لا تدوم طويلًا.”
- هناك ملاحظة كئيبة في الكلمات “لكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ.” فكان الأمر كما لو أن يسوع يقول: “سوف يأخذونني بعيدًا؛ لأني أهدد نظامهم.” هذا هو أول تلميح طفيف لرَفْضه القادم.
- وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ: مع هذا التشبيه التوضيحي للزِقاق، أوضح يسوع أنه لم يأت لإصلاح أو تقويم المؤسسات اليهودية القديمة، بل لإقامة عهد جديد تمامًا. فالعهد الجديد لا يُحَسَّن القديم فحسب بل يحل محله ويتجاوزه.
- بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعًا: إشارة يسوع إلى الزِقاق كانت إعلانًا منه أن مؤسسات اليهودية الحالية لم تستطع ولن تحوي خمره الجديد. انه سوف يشكل مؤسسة جديدة – الكنيسة – التي من شأنها أن تجمع اليهود والأمم معًا في جسد جديد تمامًا (أفسس ١٦:٢).
- يذكرنا يسوع أن ما هو قديم وراكد لا يمكن تجديده أو إصلاحه. فالله يبحث غالبًا عن أوعية جديدة لاحتواء عمله الجديد، حتى تجعل تلك الأوعية نفسها غير صالحة للاستعمال في نهاية المطاف. وهذا يذكرنا بأن المؤسسة الدينية في أي عصر لا ترضي يسوع بالضرورة. وفي بعض الأحيان تكون تلك المؤسسات في معارضة مباشرة أو على الأقل مقاومة لعمله.
- لقد جاء يسوع ليقدم شيئًا جديدًا، وليس لإصلاح شيء قديم. وهذا هو ما يدور حوله الخلاص كله. فمن خلال القيام بذلك، لا ينقض يسوعُ القديمَ (الناموس)، لكن يتممه بنفسه، تمامًا كما يكتمل جوز شجرة البلوط لكي ينمو ليصبح شجرة بلوط. فهناك شعور أن الجوز يختفي، لكن الغرض منه يُتمم في عظمة.
رابعًا. شفاء شخصين: فتاة صغيرة وامرأة مصابة بنزف دمٍ
أ ) الآيات (١٨-١٩): رئيس بين اليهود يطلب من يسوع أن يشفي ابنته.
١٨وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: «إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ، لكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا». ١٩فَقَامَ يَسُوعُ وَتَبِعَهُ هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ.
- إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ: لاحظ أن هذا الرجل قد سَجَدَ ليسوع، وأن يسوع قد قبِلَ هذا السجود الذي كان ليعتبر تجديفًا لو لم يكن يسوع هو نفسه الله.
- في حالات أخرى في العهد الجديد، حين تقدم العبادة لإنسان (أعمال الرسل ٢٥:١٠-٢٦) أو إلى ملاك (رؤيا يوحنا ٨:٢٢-٩)، كان يتم رفضها دائمًا على الفور.
- إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ، لكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا: لقد فعل هذا الرئيس الشيء الصحيح في مجيئه إلى يسوع، لكن إيمانه صغير بالمقارنة مع قائد المئة في (متى ٨). لقد اعتقد هذا الرئيس أنه من الضروري أن يأتي يسوع شخصيًا ويلمس الفتاة الصغيرة، بينما فهِم قائد المئة أن يسوع لديه السُلطان على الشفاء بكلمة، حتى من على مسافة كبيرة.
ب) الآيات (٢٠-٢٢): المرأة تُشفى بإيمانها ولمسة يسوع لها.
٢٠وَإِذَا امْرَأَةٌ نَازِفَةُ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَدْ جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَمَسَّتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ، ٢١لأَنَّهَا قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: «إِنْ مَسَسْتُ ثَوْبَهُ فَقَطْ شُفِيتُ». ٢٢فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَأَبْصَرَهَا، فَقَالَ: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ». فَشُفِيَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
- وَإِذَا امْرَأَةٌ: يقدم كل من مرقس ٢١:٥-٤٣ ولوقا ٤٣:٨-٤٨ سردًا أكمَلَ بكثير لهذه المعجزة، لكن رواية البشير متى كافية لإظهار تعاطف يسوع وحقيقة أن قوته لم تكن سحرية. وهنا نرى ببساطة قوة الله تستجيب لإيمان أولئك الذين يطلبونه.
- “يسرد البشير متى هذه القصة باختصار، كما يفعل مع قصص أخرى كثيرة، حيث أن هدفه فقط هو تسجيل المعجزة.” بوله (Poole)
- إِنْ مَسَسْتُ ثَوْبَهُ فَقَطْ شُفِيتُ: لأن حالة هذه المرأة كانت محرجة، ولأنها كانت نجسة من الناحية الطقسية، ولأنه كان من الممكن إدانتها لأنها لمست يسوع أو حتى لكونها وسط حشد من الناس، أرادت القيام بذلك سرًا. فلم تطلب صراحةً من يسوع أن يشفيها، لكنها قالت في نفسها: “إِنْ مَسَسْتُ ثَوْبَهُ فَقَطْ شُفِيتُ.”
- “كانت هذه الحوافِ عبارة عن أربعة أهداب باللون الأزرق الداكن موضوعة على كل زاوية من الرداء الخارجي. كان المقصود بارتدائه تمييز الشخص بأنه يهودي وفرد من الشعب المختار بغض النظر عن مكان وجوده؛ وكان من المفترض بها تذكير اليهودي في كل مرة يرتدي ملابسه وينزعها بأنه يَخُصُ الله.” باركلي (Barclay)
- هذا يدُلنا أيضًا على أن يسوع كان يرتدي ملابسه مثل الآخرين في زمنه. فلم يشعر بالحاجة إلى تمييز نفسه بالملابس التي كان يرتديها. “لم يكن يسوع غير ملتزم في لباسه.” بروس (Bruce)
- على حد علمنا، لم يكن هناك وعد أو نمط يفيد بأنه من شأن لمس ثوب يسوع أن يجلب الشفاء. ولكن يبدو أن المرأة كانت تؤمن بذلك بطريقة خرافية إلى حد ما. ومع ذلك، على الرغم من أن إيمانها كان يحتوي على عناصر من الخطأ والخُرافة، إلا أنها كانت تؤمن بقوة شفاء يسوع، وملابسه كانت بمثابة نقطة اتصال لهذا الإيمان. فهناك أمور كثيرة يمكن أن نجدها خطأ في إيمان هذه المرأة، ولكن إيمانها كان في يسوع. والهدف من الإيمان هو أكثر أهمية بكثير من نوعية أو حتى كمية الإيمان.
- لقد كانت جاهلة بما يكفي لتعتقد أن الشفاء جاء منه دون وعي؛ ولكن إيمانها عاش على الرغم من جهلها، وانتصر على الرغم من خجلها.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَشُفِيَتِ الْمَرْأَةُ: إيمانها، على الرغم من نقصانه، كان كافيًا لتأخذ ما أراد يسوع أن يعطيها. فتم شفاء مرضها، الذي استمر ١٢ سنة، على الفور.
- وَأَبْصَرَهَا، فَقَالَ: كانت هذه المرأة تأمل أن تأخذ شيئًا من يسوع دون لفت الانتباه إلى نفسها أو لمشكلتها المُحرِجة. ولكن أصرَّ يسوع على توجيه انتباه الجمهور إليها، وقد فعل ذلك لأسباب وجيهة.
- لقد فعل ذلك حتى تعرف أنها شفيت بعد سماع إقرار رسمي بذلك من يسوع.
- لقد فعل ذلك حتى يعرف الآخرون أنها شفيت، لأن مرضها كان خاصًا بطبيعته.
- لقد فعل ذلك حتى تعرف سبب شفائها، وكان ذلك بسبب إيمانها وليس بسبب لمسة خرافية في حد ذاتها.
- لقد فعل ذلك حتى لا تظن أنها سرقت نعمة من يسوع، وبالتالي لن تشعر أبدًا بأنها بحاجة للاختباء منه.
- لقد فعل ذلك حتى يرى رئيس المجمع قوة يسوع في العمل وبالتالي يكون لديه إيمان أكبر لابنته المريضة.
- لقد فعل ذلك حتى يتمكن من أن يباركها بطريقة خاصة، ويعطيها لقبًا مشرفًا لا نرى يسوع يعطيه لأي شخص آخر في قوله لها: يَا ابْنَةُ.
ج) الآيات (٢٣-٢٦): يسوع، على الرغم من الازدراء به، يُقيم الطفلة الصغيرة من بين الأموات.
٢٣وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ الرَّئِيسِ، وَنَظَرَ الْمُزَمِّرِينَ وَالْجَمْعَ يَضِجُّونَ، ٢٤قَالَ لَهُمْ: «تَنَحَّوْا، فَإِنَّ الصَّبِيَّةَ لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. ٢٥فَلَمَّا أُخْرِجَ الْجَمْعُ دَخَلَ وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا، فَقَامَتِ الصَّبِيَّةُ. ٢٦فَخَرَجَ ذلِكَ الْخَبَرُ إِلَى تِلْكَ الأَرْضِ كُلِّهَا.
- الْمُزَمِّرِينَ وَالْجَمْعَ: ربما كان هؤلاء من النادبين المأجورين، الذين كانوا في عادة ذلك الزمن يقدمون عرضًا مميّزًا للحِداد مقابل ثمن، وليس بسبب الحزن الصادق. فعندما نلاحظ مدى سرعة انتقالهم من العويل للسخرية من يسوع، فإن هذا يُظهر افتقارهم إلى الإخلاص.
- “كان يتم تعيين المشيّعين المحترفين حتى مِن قبل الأسر الأكثر فقرًا (ما لا يقل عن اثنين من الْمُزَمِّرِين ونائحة واحدة، حسب المشنا ٤:٤).” فرانس (France)
- “الحداد، مثله مثل كل شيء آخر، تم تحويله إلى نظام، واثنين من الْمُزَمِّرِين ونائحة واحدة عند دفن زوجة أفقر رجل.” بروس (Bruce)
- فَلَمَّا أُخْرِجَ الْجَمْعُ دَخَلَ وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا، فَقَامَتِ الصَّبِيَّةُ: تحمل يسوع الازدراء من الحشد وأعاد الفتاة إلى الحياة. ومن المؤكد أنه لم يترك انتقادات الجمهور أو الاستهزاء به يمنعه من فعل مشيئة الله.
- لم يقم يسوع بإقامة كل طفل من الأموات، لكن يسوع فعل ذلك هنا في عمل بسيط من الرحمة والتحنن على الأب الحزين. بالإضافة إلى ذلك، لابد أن يسوع كان كارهًا للموت ولمسبب الموت، وتمتع بفرصة صفع الموت بهزيمة صغيرة قبل أن يهزمه تمامًا عند الصليب والقبر الفارغ.
خامسًا. ثلاث معجزات أخرى للشفاء
أ ) الآيات (٢٧-٣١): يسوع يشفي رجُلين أعْميين.
٢٧وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ: «ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ!». ٢٨وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْمَيَانِ، فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ!». ٢٩حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلًا: «بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا».٣٠فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا. فَانْتَهَرَهُمَا يَسُوعُ قَائِلًا: «انْظُرَا، لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ!» ٣١وَلكِنَّهُمَا خَرَجَا وَأَشَاعَاهُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ كُلِّهَا.
- تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ: لم يكن من السهل على هؤلاء الأعميين أن يتبعا يسوع، لكنهما فعلا ذلك. فكان عليهما أن يسألا الآخرين إلى أين يذهب يسوع، وكان عليهما أن يستمعا إلى كل صوت قد يرشدهما. ومع ذلك، فقد عقدا العزم على متابعته بأفضل ما لديهما.
- كان العَمى مرضًا شائعًا في فلسطين. وكان يحدث جزئيًا من وهج الشمس الشرقية على عيون غير محمية، كما يعزى ذلك جزئيًا إلى أن الناس كانوا لا يعرفون شيئًا عن أهمية النظافة وعادات النظافة الشخصية. وعلى وجه الخصوص، حمل الذباب القذر العدوى، التي أدت إلى فقدان البصر.” باركلي (Barclay)
- ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ: تبع الرجلان الأعميان يسوع وصاحا بهذا الاعتراف الصريح بيسوع بوصفه المسيح، لأن ابْنَ دَاوُدَ كان لقبًا مسيانيًا أصيلًا. وقد سألا يسوع عن أفضل ما يمكن لهما أن يطلباه، ألا وهو الرحمة.
- كانت طلبتهم الوحيدة هي الرحمة. فلم يكن هناك أي حديث عن استحقاقهم للشفاء أو أي التماس بخصوص معاناتهما السابقة أو مساعيهما الدؤوبة أو قراراتهما بشأن المستقبل؛ فقط كلمة “ارحمنا.” فلن يفوز أبدًا ببركة من الله ذاك الذي يطلبها كما لو كان له الحق فيها.” سبيرجن (Spurgeon)
- “هذه هي المرة الأولى التي يُطلق فيها على يسوع ’ابن داود‘ ولا يمكن أن يكون هناك شك في أن الأعميان كانا يعترفان بيسوع بأنه المسيا.” كارسون (Carson)
- يخبرنا البشير يوحنا ٢٢:٩ أن الفريسيين قضوا بأن كل من أعلن يسوع بأنه المسيح (المسيا)، يتم طرده من المجمع. فعلى الرغم من أن المناسبة في يوحنا يبدو أنها كانت بعد شفاء هذين الرجلين المكفوفين، إلا أنه يزال بوسعنا أن نعتقد أنه كان هناك ثمنًا يجب دفعه مقابل مناداة يسوع بلقب: “ابْنَ دَاوُدَ.”
- وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْمَيَانِ: “لم يتعامل يسوع مع الأعميين حتى كانا في داخل المنزل. وقد يكون هذا لتهدئة التوقعات بمجيء المسيا في يوم تميز بالمعجزات التي كانت على الملأ والمثيرة للغاية.” كارسون (Carson)
- أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟: مرة أخرى، شفى يسوع الأعميين استجابة لإيمانهما. فالإيمان لا يضمن الشفاء لكل فرد، ولكن هناك بلا شك جموع لا تُشفى لأنها تفتقر إلى الإيمان. وقد أعلن هذان الرجلان ببساطة عن إيمانهما بالقول “نَعَمْ، يَا سَيِّدُ.”
- “لقد لمسهما بيده، لكن لابد أنهما أيضًا قد لمساه بإيمانهما.” سبيرجن (Spurgeon)
- بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا: يؤكد البشير متى هنا مجددًا الإيمان الصحيح الذي يجب أن يكون لدى الناس في يسوع، والبركات التي تأتي إلى الناس من خلال هذا الإيمان.
- أظهر الأبرص في متى ١:٨-٤ إيمانًا لأنه كان يدرك تمامًا أن يسوع كان قادرًا على شفاء البرص.
- كان لدى قائد المئة في متى ٥:٨-١٣ إيمان عظيم لدرجة أن يسوع أثنى عليه علانية كإيمان عظيم، لم يجده بين شعب إسرائيل.
- فشل التلاميذ في الإيمان عندما كانوا في العاصفة على بحر الجليل (متى ٢٣:٨-٢٧).
- تم شفاء المرأة النازفة الدم بسبب إيمانها (متى ١٨:٩-٢٦).
- في العديد من النواحي، يقول الله الشيء نفسه للرجال والنساء اليوم: “ بِحَسَب إِيمَانِكُمَ لِيَكُنْ لَكُمَ.” فيوجد الكثير لتحصل عليه بالإيمان، والكثير الذي لم تحصل عليه لأن إيمانك كان ضعيفًا. “’حسب إيمانك‘ لا تعني ’بما يتناسب مع إيمانك‘ (الكثير من الإيمان يأتي بالكثير من البصر)، بل بالحري تعني العبارة: ’بما أنك تؤمن، سوف استجيب لطلبتك.‘” كارسون (Carson)
- “إن القوة في الجملة الأخيرة كان يستخدمها باستمرار، حتى أننا يمكن أن ندعوها، فيما يخص الكثير من البركات، قاعدة من قواعد الملكوت. فنحن نقيس رحمتنا الخاصة؛ وإيماننا يحصل على أقل أو أكثر وفقًا لقدرته على الأخذ.” سبيرجن (Spurgeon)
- إن إيمان هذين الرجلين الأعميين لافت للانتباه.
- كان لديهما الإيمان لاتباع يسوع؛ وهذا يعني التخلي عن مسارات أخرى واتجاهات أخرى، واتخاذ قرار اتباعه.
- كان لديهما الإيمان ليصرخا ويعبرا عن رغبتهما.
- كان لديهما الإيمان لإحداث بعض الضوضاء، وأن لا يخافا من الحَرج.
- كان لديهما الإيمان لإعلان يسوع بأنه ابْنَ دَاوُدَ، مدركيْن بأنه المسيا.
- كان لديهما الإيمان بأن يسألا يسوع الرحمة، مع علمهما أنهما لا يستحقان الشفاء.
- كان لديهما الإيمان بأن يسوع كان قادرًا على شفاؤهما.
- كان لديهما الإيمان ليقولا: “نَعَمْ، يَا سَيِّدُ.”
- انْظُرَا، لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ: على الرغم من تحذير يسوع، لم يتمكنا من مقاومة إخبار الآخرين. وعلى الرغم من أننا لا نُعجب بعصيانهما الحسن النية، فإننا نقدر إعجابهما بعمل الله. كان عدم إيمانهما واضحًا في هذه النقطة – لم يكن لديهما الإيمان ليطيعا يسوع كما ينبغي.
ب) الآيات (٣٢-٣٤): رجلٌ أخرَس يُشْفى.
٣٢وَفِيمَا هُمَا خَارِجَانِ، إِذَا إِنْسَانٌ أَخْرَسُ مَجْنُونٌ قَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. ٣٣فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَظْهَرْ قَطُّ مِثْلُ هذَا فِي إِسْرَائِيلَ!» ٣٤أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: «بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ!».
- إِنْسَانٌ أَخْرَسُ مَجْنُونٌ: من المنظور اليهودي لسُكنى الشيطان، لا يمكن مساعدة هذا الإنسان. كان ذلك لأن معظم معلمي اليهود في ذلك الزمن ظنوا أن الخطوة الأولى الأساسية في طرد الأرواح الشريرة كانت إجبار الشيطان أو خداعه ليُخْبر باسمه. ثم تم التفكير في الاسم كأداة يمكن عندها طرد الشيطان.
- لذلك، فإن الشيطان الذي جعل الرجل أخرسَ، قد منع بذكاء الكشف عن اسم الشيطان الذي يسكن الضحية، وبالتالي منع طرد الأرواح الشريرة.
- مع ذلك، لم يكن لدى يسوع مشكلة، فقد تم طرد الشيطان وتكلم الأخرس.
- لَمْ يَظْهَرْ قَطُّ مِثْلُ هذَا فِي إِسْرَائِيلَ: لهذه الأسباب كانت هذه المعجزة مذهلة بشكل خاص للجمهور. فلم تظهر فقط سلطان يسوع الكامل على مملكة الشيطان، ولكن أيضًا ضعف تقاليد معلمي اليهود.
- أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ: في إسناد عمل يسوع إلى قوة الشيطان، فإننا نرى في هذا الإنجيل الفريسيين والقادة الدينيين الآخرين وهم يواصلون رفضهم ليسوع وعمله.
ج) الآيات (٣٥-٣٨): تعاطف يسوع مع الجموع.
٣٥وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. ٣٦وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. ٣٧حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. ٣٨فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ».
- وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى: كلما صادف يسوع عمق احتياجات الناس، تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ. لم يكن يسوع قاسي الفؤاد أو متبلد المشاعر أمام الناس ومشاكلهم.
- يوضح متى ٣٥:٩ أن ما حدث في متى ٨ و ٩، رغم وقوعه في الغالب في كفرناحوم، كان مثالًا لما فعله يسوع في جميع أنحاء منطقة الجليل.
- في الآيات السابقة، تم انتقاد يسوع بشكل رهيب وغير عادل، إلا أن هذا لم يجعله يوقف عمله. لم يقل “آه، إنهم يقولون أمورًا فظيعة عني! ماذا أفعل؟ كيف يمكنني أن أجعلهم يتوقفون؟” لقد تجاهل يسوع ببساطة الانتقاد الرهيب وغير العادل وتحدث عن أعمال أبيه.
- “إن الكلمة المستخدمة لنقل معنى “تَحَنَّنَ” هي أقوى كلمة تدل على الشفقة في اللغة اليونانية. إنها تصف الرحمة التي تنقل الإنسان إلى أعمق أعماق وجوده.” باركلي (Barclay)
- “إن الكلمة في أصلها اللغوي هي كلمة رائعة للغاية، لم يتم العثور عليها في اليونانية الكلاسيكية. ولم يتم العثور عليها في الترجمة السبعينية. والحقيقة هي أنها كلمة قد صاغها كُتّاب الإنجيل أنفسهم. فلم يجدوا واحدة في اللغة اليونانية بأكملها تناسب غرضهم، وبالتالي اضطروا إلى صياغة واحدة.” سبيرجن (Spurgeon)
- إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا: وصَفَ يسوع هنا حال الإنسان المُنفصل عن الله؛ أننا كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. وهذا يعني أننا سنكون في خضم الكثير من المتاعب حتى نأتي تحت رعاية راعينا.
- “هذا أزعج مخلصنا أكثر من عبوديتهم المادية للرومان، والتي كانت ما تزال بشعة.” تراب (Trapp)
- للأسف، يمكن للمرء أن يقول أن الشعب اليهودي في ذلك الزمان كان لديه بالفعل نوع من المرشدين الروحيين والرعاة، أي الكتبة والكهنة واللاويين والفريسيين. ولكن معظم هؤلاء القادة كانوا لا قيمة لهم. “يحسب السيد المسيح أولئك الناس أنه ليس لديهم رعاةً صالحين.” بوله (Poole)
- “أوحت حالة الأمور صورتين لعقله: قطيع من الأغنام المهملة، والحصاد سوف يضيع بسبب نقص الحصادين. كلا الأمْرَيْن يعني، ليس فقط محنة يَرثي لها الناس، ولكن إهمالًا صارخًا للواجب من جانب مرشديهم الدينيين. فكانت تعليقات الفريسيين على الضيافة في كفرناحوم (متى ١١:٩)، كافية لتبرير الحُكم المعاكس.” بروس (Bruce)
- الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ: رأى يسوع عظمة الحاجة الإنسانية كفرصة، كحصاد كان وفيرًا. فالحصاد هو شيء جيد، وكان هذا حصاد وفيرًا.
- لكنه كان أيضًا حصاد يحتاج إلى فَعَلة. ويمكن أن تضيع سلعة الحصاد إذا لم يكن هناك عُمال للاستفادة من المكافأة. وقد حذرنا يسوع من أن فرص تلبية الاحتياجات الإنسانية وجلب الناس إلى ملكوته قد تضيع بسبب نقص الفَعَلة.
- وصف يسوع الفعلة في ملكوته بأنهم عُمّال؛ أي أولئك الذين يعملون بجد. “صاحب المنزل له ما يفعله، لكن العامل لديه أكثر بكثير. إنه يجاهد أكثر في يوم واحد عدة مرات، مما يفعله الزوج في غضون شهر. عَرَق الحاجب ليس شيئًا بالنسبة للدماغ؛ فالأول يعزز الصحة، والأخير يضعفها، ويُتعِب ويُنهك الجسم، ويبدد العوامل الحيوية، ويُسَرَّع بالشيخوخة والموت في غير أوانه.”
- “كان المُدّعوون كثيرين، لكن ’العُمّال‘ الحقيقيين في الحصاد كانوا قليلين. فالخُدام الذين من صنع الإنسان هم عديمو الجدوى. فلا تزال الحقول محاطة بالسادة الذين لا يستطيعون استخدام المنجل. ولا يزال التجميع الحقيقي قليل ومُتباعد. أين الخُدام المُرشدين رابحي النفوس سبيرجن (Spurgeon)
- فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ: بما أن الحصاد مِلك لرَبِّ الْحَصَادِ، فقد أمرنا أن نصلي من أجل أن يُجبر العُمال على جني حصاده.
- “لم يقل ’إن الحصاد كثير حقًا والفعلة قليلون، لأن هذا لا يهم، إذ يستطيع الله أن يبارك عددًا قليلًا، ويجعلهم ينجزون أكثر من عدد كبير.‘ لقد آمن بالقدرة الكُليّة التي لأبيه، لكنه أيضًا كان يعتقد أن الرب سيعمل بطرق معينة، وأنه كان يتعين على العديد من الفعلة أن يتجمعوا في موسم الحصاد الوفير، ولذا فقد طلب منا أن نصلي من أجلهم.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ: “نجد الاصل اليوناني هنا يدل على الإلزام الجَبري؛ فسوف يدفعهم إلى الأمام، ويدفعهم إلى الخارج؛ إنها الكلمة ذاتها التي تُستخدم لطرد شيطان يمتلك إنسانًا. فالأمر يتطلب قوة عظيمة لطرد الشيطان، وسيحتاج الأمر إلى قوة مكافِئة من الله لإجبار الخادم على القيام بعمله.” سبيرجن (Spurgeon)
- هذه صلاة يجب أن نصليها، لكن لا يمكننا أن نصليها بأمانة إلا إذا صلينا بأذن مفتوحة لسماعه وهو يقول لنا “أذهب أنت للحصاد.”
- في هذا الإصحاح واجه يسوع العديد من الاتهامات:
- لقد اتُهِم بالتجديف.
- لقد اتُهِم بانحطاط الأخلاق.
- لقد اتُهم بالفساد.
- لقد اتُهم بأنه يتعاون مع الشيطان.
- على الرغم من أن البشير متى قد أثبت بالكامل أوراق اعتماد يسوع باعتباره المسيا، فقد بدأ يسوع في أن يُرفض ويُنتقد من قبل السُلطات الدينية. وسوف تصبح هذه النزاعات مع القادة الدينيين أكثر تكرارًا وعُنفًا.