إنجيل متى – الإصحاح ٢٢
يسوع يجيب ويسأل أسئلة صعبة
أولًا. مثل وليمة العرس
أ ) الآيات (١-٣): تم رفض الدعوة الأولى.
١وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال قَائِلًا: ٢«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ، ٣وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا.
- وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال: استمر يسوع في شرح الخطرِ جراء رفضه للقادة الدينيين وللجماهير المستمعة.
- مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ: كان العرس (وغالبًا ما يكون في زماننا هذا) الحدث الاجتماعي الأكثر أهمية في حياة الشخص. فزفاف الأمير مثلًا سيكون حدثًا رائعًا، وعادةً ما يتم تقدير الدعوة.
- يشبه هذا المثل في نواحٍ كثيرة المثل المذكور في إنجيل لوقا ١٥:١٤-٢٤. ومع ذلك، فإن الاختلافات بين المثلين أكثر وضوحًا. “يستخدم معظم الوعاظ قصة جيدة أكثر من مرة، وبأشكال مختلفة لتتناسب مع سياقات مختلفة، ومن غير المستبعد في قيام يسوع بالمِثل.” فرانس (France)
- فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا: يبدو غريبًا أن هؤلاء المدعوين رفضوا دعوة لحضور حفل زفاف ملكي. فهذا المثل يوضح أنه لا يوجد سبب منطقي لرفض عطايا الله الصالحة.
ب) الآيات (٤-٧): تم رفض الدعوة الثانية ورد فعل الملك.
٤فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلًا: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ! ٥وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، ٦وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ. ٧فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ.
- كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ: أصَرَّ الملك على جعل الدعوة جذابة قدر الإمكان. لقد أراد حقًا مجيء أولئك المدعوين.
- يقول باركلي (Barclay) إنه عندما كان يُعقد حدث اجتماعي كبير في الثقافة اليهودية في ذلك الزمن، كانت تتم دعوة الناس ولكن دون وقت محدد. وفي اليوم المناسب، عندما كان المضيف مستعدًا لاستقبال الضيوف، كانوا يرسلون رسلًا ليقولوا إن كل الأمور جاهزة وقد حان وقت القدوم إلى الوليمة.
- “لذلك، أرسل الملك دعواته في هذا المثل منذ فترة طويلة؛ لكن لم يتم إعداد كل شيء حتى تم إصدار الاستدعاءات النهائية – ورفضت بإهانة.” باركلي (Barclay)
- ’كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ‘ هي رسالة الإنجيل. أنت لا تأتي إلى الوليمة التي أعدها الله وتُعِد وجبتك الخاصة. فالله حضرها لك؛ أنت تأتي فحسب.
- وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا: رد فعل المدعوين لا معنى له، لكنه يعطي وصفًا دقيقًا لرد فعل الكثيرين تجاه الإنجيل؛ فالبعض يتهاون، والبعض الآخر يعودون إِلَى تِجَارَتِهِم.
- “يبدو أن المتمرّد يقول: ’دع الملك يفعل كما يحلو له مع ثيرانه ومسمناته؛ سأعتني بمزارعي أو سأنتبه لتجارتي.‘” سبيرجن (Spurgeon)
- فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ: أصدر الملك قضاءً بحق الجناة. فلم يقتصر الأمر على رفض دعوته، ولكنهم قتلوا أيضًا رسله.
- كانت هذه نبوءة لما سيحدث لأورشليم، المدينة التي رفض زعماؤها الدينيون يسوع وإنجيله بشدة.
ج) الآيات (٨-١٠): الدعوة الثالثة.
٨ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ. ٩فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ. ١٠فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ.
- وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ: كان الملك مصممًا أن لا تكون مأدبته فارغة، لذا تم توجيه دعوة لكل من سيلبي الدعوة.
- فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ: عندما تم رفض الدعوات الأولى والثانية بشكل كبير، تم توجيه الدعوة الثالثة على نطاق أوسع. تم دعوتهم جميعًا، سواء كانوا أَشْرَارًا أو صَالِحِينَ.
- في هذا المعنى، يمكننا أن نقول أن هذا المثل يتكلم عن النعمة. فأولئك الذين تمت دعوتهم والذين حضروا، كانوا غير مستحقين تمامًا للدعوة، ناهيك عن حفل الزفاف نفسه.
د ) الآيات (١١-١٤): الذين بدون ثوب الزفاف.
١١فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ. ١٢فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ. ١٣حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. ١٤لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».
- فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ: قام الملك بفحص ضيوفه بعناية لمعرفة ما إذا كانوا يرتدون جميعًا الملابس التي تم تقديمها بشكل تقليدي لأولئك الذين يحضرون حفل زفاف.
- رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ: كان الرجل الذي لا يرتدي رداءً كان واضحًا بسبب اختلافه. فقد جاء مرتديًا ملابس غير لائقة فلاحظه الملك.
- هناك جدل بين المفسرين حول ما إذا كان من المعتاد أن يقدم الملك أو النبيل لضيوفه ملابس لارتدائها في مثل هذه المناسبة. ويبدو أن هناك بعض التقاليد لهذا بين الإغريق، ولكن لا يوجد دليل على هذه الممارسة في زمن يسوع.
- بصرف النظر عن الشخص الذي زود الملابس المناسبة، فقد كان الرجل في غير محله. “هل يصلح الإتيان إلى الوليمة بهذا الشكل؟ في المعاطف الجلدية، في الخِرق الممزقة ومخلفات آدم القديم البائس؟” تراب (Trapp)
- “لقد جاء لأنه دُعي، لكنه لم يشارك بالاحتفال، كان حضوره في المظهر فقط. فقد كان المقصود بالمأدبة تكريم ابن الملك، ولكن هذا الرجل لم يعنيه شيئًا من هذا القبيل؛ كان على استعداد لتناول الأشياء الجيدة التي كانت أمامه، لكن في قلبه لم يكن هناك حب للملك أو لابنه الحبيب.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَسَكَتَ: “لقد كان عاجزًا عن التعبير، كما لو كان قد جُمد أو أن رَسَنًا وضع على فمه. هذا هو معنى الكلمة اليونانية المستخدمة هنا.” تراب (Trapp)
- اطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ: الرجل الذي فعل ما يشاء في حفل الزفاف، بدلًا من تكريم الملك ومطابقته لتوقعاته، عانى من مصير فظيع.
- عكست تصرفاته ما لم يعبر عنه بالكلمات، وكأنه قال: ’أنا رجل حر، وسأفعل كما يحلو لي.‘ ولهذا السبب، قال الملك للخُدم: ’اربطوه.‘ قيدوه، فهو لن يكون حرًا أبدًا مرة أخرى. لقد كان حرًا للغاية مع الأمور الروحية المقدسة؛ وقد أهان الملك بكل نشاط.” سبيرجن (Spurgeon)
- يوضح هذا المثل أن أولئك الذين لا يهتمون بالإنجيل، والذين يتناقضون مع الإنجيل، والذين لا يتغيرون من خلال الإنجيل، يتشاركون في نفس المصير. فلن يستمتع أي منهم بوليمة الملك.
- لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ: هذا التصريح ليسوع، في هذا السياق، يتعامل، ولو بشكل بسيط، مع مسألة الاختيار: اختيار الإنسان واختيار الله. لماذا لم يأتوا لحفل الزفاف؟ لأنهم رفضوا الدعوة. لماذا لم يأتوا لحفل الزفاف؟ لأنهم تم دعوتهم، لكن لم يتم اختيارهم.
ثانيًا. سؤال من الفريسيين
أ ) الآيات (١٥-١٧): بعد مقدمتهم الرائعة، يسأل الفريسيون يسوع سؤالًا إشكاليًا.
١٥حينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. ١٦فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. ١٧فَقُلْ لَنَا: مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟»
- وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ: هنا عمل الفريسيون والهيروديسيون معًا. وكان هذا دليلًا على كراهيتهم الكبيرة ليسوع، لأنهم كانوا على استعداد لترك خلافاتهم جانبًا من أجل الاتحاد ضد يسوع.
- الْهِيرُودُسِيِّينَ: “ربما نشأ اسم هذا الحزب من عبادة البعض للبطل هيرودس الكبير.” بروس (Bruce)
- كان يسوع يتهم مباشرة القادة الدينيين ويفضحهم؛ وها هم الآن يردون الصاع. “الآن نرى القادة اليهود يطلقون هجومهم المضاد؛ ويفعلون ذلك من خلال توجيههم أسئلة ليسوع تمت صياغتها بعناية.” باركلي (Barclay)
- يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ: فقد قادهم تخطيطهم إلى الاقتراب من يسوع بإطراء. وكانوا يأملون أنه كان غير آمن أو أحمق بما يكفي ليُعجب بمدحهم المجوف.
- “إليكم قفاز جميل، تلبسه يد قذرة.” تراب (Trapp)
- “كانت المجاملة، إلى جانب كونها غادرة، مهينة، وألمحت إلى أن يسوع كان شخصًا بسيطًا متهورًا سيسقط في شَرَكهم ، وشخصًا يمكن أن ينطلي عليه الإطراء.” بروس (Bruce)
- أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟: كانت معضلة يسوع بهذا السؤال بسيطة. فإذا قال إنه يجب دفع الضرائب، فقد يتم اتهامه بحرمانه من سيادة الله على إسرائيل (مما يجعله غير محبوب بين الشعب اليهودي)، وإذا قال إنه لا يجب دفع الضرائب، فقد جعل نفسه عدوًا لروما.
- “إن كلمة ’أيجوز‘ أو بترجمات أخرى ’شرعي‘ لا تشير إلى الشريعة الرومانية (لم يكن هناك أي شك في ذلك!)، ولكن إلى شريعة الله؛ فهل يجوز لشعب الله أن يعبر عن ولائه لإمبراطور وثني؟” فرانس (France)
- يفيد باركلي (Barclay) أن هناك ثلاث ضرائب منتظمة. فكانت هناك ضريبة الأرض، والتي كانت ١٠٪ على إنتاج الحبوب و٢٠٪ على الزيت والخمر. وكانت هناك ضريبة الدخل، والتي كانت ١٪ من دخل الرجل. وكانت هناك ضريبة على الرأس، التي يدفعها كل رجل من ١٤ إلى ٦٥ عامًا وكل امرأة من ١٢ إلى ٦٥ عامًا؛ كانت هذه الضريبة دينار في السنة.
- الضريبة أو الجزية المذكورة هنا هي ضريبة الرأس. “كان دفع ضريبة الرأس أوضح دليل على الخضوع لروما. وقد أحتج الغيورون على ضريبة الرأس، لأنها كانت بمثابة إهانة لله وكأنها علامة تعكس العبودية للوثنيين.” كارسون (Carson)
ب) الآيات (١٨-٢٢): يسوع يجيب: أعطِ لقيصر ما هو له، ولكن أعطِ لله ما يخصه.
١٨ فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ ١٩أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. ٢٠فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» ٢١قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ ِللهِ». ٢٢فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.
- لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟: مرة أخرى، بإجابته الحكيمة، أظهر يسوع أنه كان صاحب السلطان. وبهذا وبخ شرور ونفاق الفريسيين الهيروديسيين.
- أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ: أكد يسوع أن الحكومة تطالبنا بما هو من حقها. فنحن مسؤولون أمام الله في كل شيء، لكن يجب أن نطيع الحكومة في الأمور المدنية والوطنية.
- هذا ما قاله بطرس حول هذا الأمر: “خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ.” (بطرس الأولى ١٧:٢)
- كل مؤمن لديه جنسية مزدوجة. فهو مواطن في البلد الذي يعيش فيه. مما يجعله مدين للحكومة بالكثير من الأمور. فهو مدين للحكومة بحمايته من المجرمين، والتي لا يمكن إلا لحكومة مستقرة أن تعطيها له؛ وهو مدين لكل الخدمات العامة المتاحة له.” باركلي (Barclay)
- “إن الفعل ’أَعْطُوا‘ يعني بشكل عام ’رُدْ‘ (في حين أن الفعل الذي استخدموه في الآية ١٧ يعني ببساطة ’أعطِ‘). وهذا هو الفعل لدفع فاتورة أو تسوية الديون؛ إنهم مدينون له.” فرانس (France)
- وَمَا ِللهِ ِللهِ: كل شخص لديه صورة الله مطبوعة داخله. مما يعني أننا ننتمي إلى الله، وليس إلى قيصر، ولا حتى لأنفسنا.
- “بمعاملتهم على أنهم متميزون قال يسوع في الواقع: إن ملكوت الله ليس من هذا العالم، فمن الممكن أن تكون مواطنًا حقيقيًا للملكوت وأن تخضع بهدوء للحكم المدني للملك الأجنبي.” بروس (Bruce)
- “إن هذا يرسي الحدود وينظم الحقوق ويميز الاختصاص القضائي لإمبراطوريتي السماء والأرض. فتشير صورة الأمراء المختومة على عملتهم المعدنية إلى أن الأشياء الزمنية تخص الجميع في حكومتهم. وتشير صورة الله التي تم ختمها على الروح إلى أن كل ما في الإنسان ينتمي إلى الله، ويجب أن يستخدم في خدمته.” كلارك (Clarke)
- لو كان اليهود قد أعطوا الله ما يخصه، لما اضطروا أبدًا إلى تقديم أي شيء إلى قيصر. وإن كانوا مطيعين لعهدهم مع الله في أزمنة العهد الجديد، لما وقعوا أبدًا تحت القمع من الإمبراطورية الرومانية المُحتلة.
ثالثًا. سؤال من الصدوقيين
أ ) الآيات (٢٣-٢٨): الصدوقيون يحاولون السخرية من فكرة القيامة.
٢٣فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ ٢٤قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلًا لأَخِيهِ. ٢٥فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. ٢٦وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ. ٢٧وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. ٢٨فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!»
- صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ: الصدوقيون هم النسخة القديمة من اللاهوتيين الليبراليين المعاصرين. فقد كانوا معاديين للطبيعة الخارقة، ولم يقبلوا سوى الكتب الخمسة الأولى لموسى باعتبارها أصِيلة، وتجاهلوا ما كُتب في تلك الكتب عندما كان يُسعدهم أن يفعلوا ذلك.
- لم يكن الصدوقيين كثيرين، لكنهم كانوا من الأثرياء والأرستقراطيين ومن الطبقة الحاكمة.” باركلي (Barclay)
- “في زمن يسوع، كان لليهودية ككل وجهات نظر متنوعة عن الموت وما يكمن وراءه.” كارسون (Carson)
- فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ: سأل الصدوقيين يسوع سؤالًا افتراضيًا وسخيفًا على أمل أن يُظهر أن فكرة القيامة هُراء. فبناءً على الآيات في سفر التثنية ٥:٢٥-١٠، إذا مات رجل متزوج بلا أطفال، تقع على عاتق شقيقه القيام لأرملة أخيه بواجب أخيه واعتبار الطفل من نسل الزوج المتوفي. فتخيل الفريسيون ظروفًا معقدة وعلى أساسها طرحوا السؤال: “فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟”
- “على الأرجح، كانت هذه واحدة من مخزون القصص التي اعتادوا على سردها من أجل توجيه السخرية إلى القيامة.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (٢٩): إجابة يسوع: لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.
٢٩فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.
- تَضِلُّونَ: لقد ربط الصدوقيون أفكارهم بفقرة من الكتاب المقدس، لكنهم لم يفكروا في المقطع بشكل صحيح. فهؤلاء الرجال المدربون تدريبًا عاليًا كانوا مخطئين في فهمهم الأساسي للحق الكتابي.
- إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ: كان خطأهم متجذرًا في سببين. أولًا، لم يعرفوا الْكُتُبَ (رغم أنهم ظنوا أنهم يعرفوا). ثانيًا، لم يعرفوا قُوَّةَ اللهِ، كونهم في الأساس مناهضين لكل ما هو خارق للطبيعة. وقد انطبق هذا عليهم تمامًا رغم أن الدين كان حياتهم المهنية وكانوا مدربين تدريبًا عاليًا.
- لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ: من الممكن أن يكون لدى الشخص الكثير من معرفة الكتاب المقدس، ولكن لا يعرف الكتاب المقدس (الْكُتُبَ) بشكل أساسي. أخبر بولس تيموثاوس لاحقًا “تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي” (تيموثاوس الثانية ١٣:١). مما يشير إلى أن الحق الكتابي له نمط، نمط يمكن اكتشافه بواسطة القلب المميز. وكما يشير إلى أنه يمكن للمرء أن يفقد هذا النمط (وبالتالي يفقد التَمَسَّكْ به). فكان للصدوقيين معرفة بالكتاب المقدس، لكنهم لم يتمسكوا بصورة الكلام الصحيح؛ وكثيرون هم الذين مثلهم اليوم في هذا الصدد.
- وَلاَ قُوَّةَ اللهِ: لقد أنكر الصدوقيون أية حقائق خارقة للطبيعة مثل وجود كائنات ملائكية والقيامة الجسدية. وكان لديهم شكوك جوهرية في قُوَّةَ اللهِ وقدرته على القيام بما يتجاوز ما يمكنهم قياسه وفهمه في العالم المادي؛ كثيرون اليوم مثل الصدوقيين في هذا الصدد.
- “إذا كنت تعرف قوة الله، فستعرف أن الله قادر على إقامة الأموات. وإذا كنت تعرف الكتاب المقدس، فستعلم أن الله سيقيم الأموات.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٣٠-٣٣): يسوع يجيب: حياة القيامة مختلفة.
٣٠ لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ. ٣١وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: ٣٢أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ». ٣٣فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.
- فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ: أولًا، ذكّرهم يسوع أن الحياة في القيامة مختلفة تمامًا عن هذه الحياة. فالحياة في القيامة ليست امتدادًا لهذا العالم وترتيباته فحسب، بل هي حياة مختلفة تمامًا.
- لقد أثار هذا المقطع الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت علاقات الزواج ستظل موجودة في السماء، أو إذا كان الأزواج على الأرض سيتمتعون بعلاقة خاصة في السماء. ولكن لا يتم إخبارنا بما يكفي عن الحياة في العالم الآتي لإعطاء إجابة مفصلة، ولكن يمكننا فهم بعض المبادئ.
- ستبقى العلاقات الأسرية معروفة في العالم الآتي. فالرجل الغني الذي وصفه يسوع في الحياة الآخرة كان مدركًا للعلاقات الأسرية (لو ٢٧:١٦-٢٨).
- سيكون مجد السماء هو علاقة واتصال مع الله يتجاوز أي شيء آخر، بما في ذلك العلاقات الأسرية الحالية (رؤيا يوحنا ٢٢:٢١-٢٣).
- إذا كان يبدو أن الحياة في الْقِيَامَةِ التي تكلم عنها يسوع هنا لا تشمل بعض متع الحياة التي نعرفها على الأرض، فذلك لأن التمتع والرضا في السماء يتجاوز بكثير ما نعرفه على الأرض. فلا يمكننا أن نكون متأكدين تمامًا من شكل الحياة في المجد الآتي، لكن يمكننا أن نعرف على وجه اليقين أنه لن يخيب ظن أحد من الترتيبات (رؤيا يوحنا ١:٢٢-٥).
- هذا السؤال ليس مجرد نظرية. فسوف هناك في السماء الكثيرين ممن تزوجوا أكثر من مرة لأسباب عديدة. فيخبرنا يسوع هنا أن الغيرة والاستبعاد لن يكون لهما مكان في السماء.
- هذا المفهوم الكتابي للسماء يختلف اختلافًا كبيرًا عن الأحلام الشهوانية التي نجدها عند الإسلام وعند طائفة المورمون. “محمد، الذي اعترف أن الله أعطاه ترخيص خاص لمعرفة أي امرأة يرغب بها، والتخلص منها متى أراد، وعد أنصاره وأتباعه بالملذات الجسدية في القيامة.” تراب (Trapp)
- لقد أثار هذا المقطع الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت علاقات الزواج ستظل موجودة في السماء، أو إذا كان الأزواج على الأرض سيتمتعون بعلاقة خاصة في السماء. ولكن لا يتم إخبارنا بما يكفي عن الحياة في العالم الآتي لإعطاء إجابة مفصلة، ولكن يمكننا فهم بعض المبادئ.
- بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ: قال يسوع هنا أن مَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ لا يتزوجون. ونحن نفترض أن هذا يعني أنه ليس لديهم علاقات جنسية.
- يجب عدم إهمال النقطة الأكثر وضوحًا: أخبر يسوع الصدوقيين أن الملائكة حقيقة. “في الحقيقة، إن استخدام يسوع للملائكة يحتوي على قوة دفع مزدوجة لأن الصدوقيين أنكروا وجودهم.” كارسون (Carson)
- يتم تمثيل الملائكة باستمرار في الكتاب المقدس كذكور ذكور وليس أبدًا كإناث (تكوين ٢:١٨، ١٦؛ ١:١٩-١١).
- وهذا يثير سؤالًا بسبب الارتباط المحتمل بين الكائنات الملائكية الساقطة والنشاط الجنسي البشري الموصوف في سفر التكوين ١:٦-٨؛ يهوذا ٦-٧). ومع ذلك، فإن كلمات يسوع لا تستبعد مثل هذه العلاقة لعدة أسباب.
- تكلم يسوع عن مَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ وليس عن الكائنات الملائكية الساقطة المُشار إليها في مقاطع سفر التكوين ورسالة يهوذا.
- لم يقل يسوع أن الكائنات الملائكية غير قادرة على التعبير الجنسي، بل فقط أن مثل هذه العلاقات ليست موجودة بين الملائكة في السماء.
- لا يمكننا أن نكون متأكدين من نوع الاتصال الجنسي المشار إليه في مقاطع سفر التكوين ورسالة يهوذا. فمن الممكن تمامًا أن العلاقة لم تكن في صورة مظاهر مادية لهذه الكائنات الملائكية والبشر، ولكن الكائنات الملائكية الشريرة عبرت عن نفسها من خلال بشر يمتلكهم شيطانًا بشكل فريد.
- وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ: أظهر يسوع حقيقة القيامة مستخدمًا التوراة فقط؛ كتب موسى الخمسة، التي كانت الكتب الوحيدة التي قبلها الصدوقيون. فإذا مات كلٍ من إبراهيم وإسحق ويعقوب ولم تكن لهم حياة القيامة، لقال الله إنه كان إله إبراهيم، بدلًا من: “أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ.”
- “الله الحي هو إله البشر الأحياء؛ ولا يزال إبراهيم وإسحق ويعقوب على قيد الحياة ويُعرفوا على أنهم الأشخاص ذاتهم الذين عاشوا على الأرض.” سبيرجن (Spurgeon)
- “بما أنه لا يمكن لأي إنسان أن يكون أبًا بدون أطفال، ولا ملكًا بدون شعب، لذلك، بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يمكن أن يُطلق على الرب إله أي شخص آخر غير الأحياء.” كالڨن (Calvin) مستشهدًا به في فرانس (France)
رابعًا. سؤال من أحد الكتبة
أ ) الآيات (٣٤-٣٦): سؤال من الفريسيين: ما هي أعظم وصية؟
٣٤أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا، ٣٥وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلًا: ٣٦«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟»
- أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا: يعطينا البشير متى المشهد الرائع لخصوم يسوع الذين يعملون بجد لإحراجه، ولكن كان عملهم بدون جدوى.
- “إن اجتماعهم هو على الأرجح صدىً متعمد لما ذُكر في (مزمور ٢:٢) حول اجتماع الوثنيين ضد الممسوح من الله.” فرانس (France)
- وَسَأَلَهُ… لِيُجَرِّبَهُ: تم التخطيط لهذا السؤال أيضًا لإيقاع يسوع في الفخ. فعند مطالبتهم يسوع باختيار وصية عُظمى (أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ)، كانوا يأملون في أن يهمل يسوع نقطة أخرى من الناموس.
- “حسَبَ معلمي اليهود ٦١٣ وصية في الناموس؛ وقسَّموها إلى أعظم وأقل. وقد اعتقد هؤلاء أن الوصايا الصغرى أو الأقل يمكن إهمالهم أو انتهاكهم مع قليل من الذنب أو لا ذنب على الإطلاق.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٣٧-٤٠): يسوع يجيب: أحبب الله وقريبك.
٣٧ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. ٣٨هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. ٣٩وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. ٤٠بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».
- فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: بفهمه تمامًا جوهر الناموس، لم يجد يسوع صعوبة في الإجابة. وبدلًا من الترويج لواحدة على أخرى، عرّف يسوع الناموس في مبادئه الأساسية: تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ بكل ما لديك وتُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.
- من الواضح أن هذه الكلمات تعني أن تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ بكل ما تملك، رغم أنه من المستحيل القيام بذلك على أكمل وجه. ولكن كان هناك الكثير من الالتباس حول المعنى من الكلمات: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. فهذا لا يعني أننا يجب أن نحب أنفسنا قبل أن نحب أي شخص آخر، بل يعني أننا بنفس الطريقة التي نعتني بها ونهتم بمصالحنا الخاصة، يجب أن نحرص على الاهتمام بمصالح الآخرين.
- الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى: “فيما يتعلق بالترتيب والكمية والكرامة.” تراب (Trapp)
- بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ: إن توقع الله الأخلاقي من الإنسان يمكن أن يبدو بإيجاز وقوة في هاتين الجملتين. فإذا كان الله حي وحقيقي في حياتنا، فسوف تظهر هذه المحبة لله وللآخرين.
- “لخص موسى كل مفاهيم الكتاب المقدس، إن فُسرت بالحق، في الوصايا العشر. والمسيح هنا لخص العشرة في اثنين.” بوله (Poole)
خامسًا. يسوع يسأل خصومه سؤالًا
أ ) الآيات (٤١-٤٢أ): يسوع يسأل عن نسب المسيا.
٤١وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ ٤٢ قَائلًا: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟»
- وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ: قبل أن يفكروا في سؤال آخر لاختباره، سألهم يسوع سؤالًا.
- مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟: كان هذا مشابهًا للسؤال الذي طرحه يسوع على تلاميذه في إنجيل متى ١٣:١٦-١٥ (مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟). فقد واجه يسوع خصومه بسؤالهم عن ضرورة تحديد هويته، وبربط نفسه بمفهوم العهد القديم عن المسيا (الْمَسِيحِ).
ب) الآية (٤٢ ب): الفريسيون يحددون نسب المسيح.
٤٢… قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ».
- ابْنُ دَاوُدَ: هذا واحد من ألقاب العهد القديم الرائعة للمسيا. وقد تأسس هذا اللقب على العهد الذي قطعه الله مع الملك داود في سفر صموئيل الثاني الإصحاح ٧، وهو يحدد المسيح باعتباره السليل المختار لنسل الملك داود (انظر أيضًا إرميا ٥:٢٣-٦؛ إِشعياء ٦:٩-٧؛ لوقا ٣١:١-٣٣).
- ابْنُ دَاوُدَ: من الممكن أن الفريسيين لم يعلموا أو قد نسوا أن يسوع كان من نسل الملك داود وأنه قد وُلد في بيت لحم، مدينة داود. فعندما دخل يسوع أورشليم مؤخرًا، لوحظ أنه كان من الناصرة، وربما كانت علاقته بالملك داود غير معروفة أو منسية (متى ١١:٢١).
ج) الآيات (٤٣-٤٥): ليس يسوع ابن داود فقط؛ هو أيضًا رب داود.
٤٣قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلًا: ٤٤قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. ٤٥فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» ٤٦فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.
- فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟: لقد كان الفريسيون محقين جزئيًا في قولهم إن المسيح هو ابن داود. ولكن لم يكن لديهم فهمًا كاملًا لمن هو المسيح. إنه ليس ابن داود فقط (إشارة إلى إنسانيته)، بل هو أيضًا رب داود (إشارة إلى إلوهية يسوع المسيح).
- “تعتمد قوة حجة يسوع على استخدامه للمزمور ١١٠، الفصل الأكثر تكرارًا في العهد الجديد.” كارسون (Carson)
- هذه هي الفكرة التي تم إيصالها في رؤيا يوحنا ١٦:٢٢ ’أنَا أصْلُ وَذُريّة دَاودَ‘ وفي رسالة رومية ٤:١، والتي تُظهر يسوع على أنه ابن داود وابن الله. فعلينا ألا نهمل أي جانب من جوانب شخص يسوع. فهو إنسان كامل وإله كامل، ويمكن فقط أن يكون مخلصنا بكونه كلاهما.
- فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟: إن شرح يسوع البسيط ببراعة للكتاب المقدس وضع الفريسيين في موقف دفاعي. فلم يريدوا أن يعترفوا بأن المسيا كان أيضًا الرب الإله، لكن يسوع أظهر أن هذا صحيح من الكتاب المقدس.
- “ماذا قصد يسوع؟ كان يمكن أن يعني شيئًا واحدًا فقط، أن الوصف الحقيقي له هو ابن الله. فلقب ابن داود ليس لقبًا مناسبًا؛ فقط ابن الله هو الوصف المناسب.” باركلي (Barclay)
د ) الآية (٤٦): أعداء يسوع يتقهقرون.
٤٦فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.
- فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ: لقد كان القادة الدينيون يأملون في الإيقاع بيسوع وإحراجه أمام حجاج الفصح الذين احتشدوا في أورشليم وكان يعلمهم. لكن يسوع أحرجهم بدلًا من ذلك.
- “لكن حتى صمتهم كان تحية. فالمعلم الذي لم يذهب أبدًا إلى المدارس المناسبة (يوحنا ١٥:٧-١٨) يُفحِم أعظم اللاهوتيين في البلاد. وإذا كان سؤاله في إنجيل متى ٤٥:٢٢ غير قابل للإجابة في هذا الوقت، كان على فريسي شاب، الذي ربما كان في أورشليم في ذلك الوقت، أن يجيب عليه في الوقت المناسب (رومية ١:١-٤؛ ٥:٩).” كارسون (Carson)
- وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً: لقد أثبت المنطق والبلاغة أنه لا فائدة من مهاجمة يسوع. فمن الآن وصاعدًا، سوف يستخدم أعداؤه الخيانة والعنف بدلًا من ذلك.
- قد انتهى يسوع من مجادلة القادة الدينيين. “من الآن فصاعدًا، لن يناقش السلطات، لكنه سيتخطاهم وسيعلم الحشد مباشرة.” فرانس (France)