سفر نحميا- الإصحاح ١
صلاة نحميا
أولًا. نحميا يسمع عن حالة أورشليم المتأزمة
أ ) بعد حوالي ١٠٠٠ سنة من عصر موسى وحوالي ٤٠٠ سنة قبل ميلاد يسوع، كانت دولة إسرائيل والشعب اليهودي في حالة يائسة.
١. لقد دُمرت أمتهم. مملكة إسرائيل الشمالية دُمرت أولًا ثم مملكة يهوذا الجنوبية. وقد استولى البابليون على مدينة أورشليم بالكامل ودمروا هيكل سليمان المجيد.
٢. عندما غزت بابل أورشليم، قامت بترحيل كل السكان تقريبًا إلى السبي – ولمدة حوالي ٧٠ سنة، كانت أورشليم كمدينة أشباح إلى حد ما، وكان من الممكن أن تنتهي وتتلاشى مثل العديد من المدن القديمة – منسية تمامًا باستثناء ذكر اسمها بالتاريخ.
٣. عندما نُفي اليهود إلى بابل، بدأوا في بناء منازل لأنفسهم هناك. استقروا هناك، وكثيرون منهم ظلوا يتبعون إله آبائهم، لكنهم فعلوا ذلك من بابل، بدون رغبة في العودة إلى الأرض التي وعد الله بها إبراهيم وإسحق ويعقوب.
• تم ترقية بعض هؤلاء اليهود المؤمنين إلى مناصب بارزة في الحكومات التي تم سبيهم إليها. فأصبح دانيال وشدرخ وميشخ وعبدنغو قادة في بابل؛ وأصبحت استير ملكة في قصر ملك فارسي.
٤. لكن بعد ٧٠ سنة من الأسر في بابل، أتيحت لهم الفرصة للعودة إلى وطنهم، أرض الموعد. ومن بين حوالي مليونين إلى ثلاثة ملايين يهودي تم نقلهم من الأرض، قرر فقط ٥٠,٠٠٠ العودة إلى أرض الموعد – أي حوالي ٢% فقط. لكنهم بالفعل عادوا، وفي أيام عزرا، أعادوا بناء الهيكل ووضعوا أساسًا روحيًا لإسرائيل مرة أخرى.
٥. يبدأ سفر نحميا بعد ١٥ سنة من نهاية سفر عزرا؛ وبعد ما يقرب من ١٠٠ سنة من عودة المسبيين الأوائل إلى أرض الموعد، وبعد حوالي ١٥٠ سنة من تدمير مدينة أورشليم. فبعد هذه المدة الطويلة كانت أسوار مدينة أورشليم لا تزال تحت الأنقاض.
• قبل ذلك، حاول سكان أورشليم إعادة بناء الأسوار لكنهم فشلوا. ففي سفر عزرا ٤: ٦-٢٣، نرى أنه قبل حوالي ٧٥ عامًا حاولوا إعادة بناء الأسوار لكن أعداءهم أوقفوهم. لم يعتقد أحد أن هذه العقبة يمكن التغلب عليها، لذا ظلت الأسوار في حالة خراب وظل الشعب عرضة للخطر.
ب) الآيات (١-٣): نحميا يسمع عن حالة أورشليم.
١كَلاَمُ نَحَمْيَا بْنِ حَكَلْيَا: حَدَثَ فِي شَهْرِ كَسْلُو فِي السَّنَةِ الْعِشْرِينَ، بَيْنَمَا كُنْتُ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، ٢أَنَّهُ جَاءَ حَنَانِي، وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِي، هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ يَهُوذَا، فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَجَوْا، الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ، وَعَنْ أُورُشَلِيمَ. ٣فَقَالُوا لِي: «إِنَّ الْبَاقِينَ الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ هُنَاكَ فِي الْبِلاَدِ، هُمْ فِي شَرّ عَظِيمٍ وَعَارٍ. وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ، وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ».
١. فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ: عاش نحميا في شُوشَن، عاصمة الفرس، وكان يعيش في الْقَصْرِ- أي قلعة الفُرس المحصنة. ونحن نعرف بشكل مباشر أن نحميا كان شخصًا مهمًا، يعيش في قصر ملك فارس.
٢. فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَجَوْا، الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ، وَعَنْ أُورُشَلِيمَ: كان جسد نحميا في بلاد فارس، لكن قلبه واهتمامه كانا في أورشليم – على بعد ٨٠٠ ميل (١٣٠٠ كم). كان يريد أن يعرف من العائدين من أورشليم كيف كان حال الناس والمدينة.
• قد نعتقد أن رجلًا بارزًا مثل نحميا كان لديه أمور أهم ليفكر بها أكثر من تفكيره في مدينة بعيدة لم يزرها قط، ومن شعب كان غريبًا عنه. ومع ذلك، لأن قلبه كان مهتمًا بأمور الله، فلم يكن قلبه لنفسه، بل للآخرين.
• كان لنحميا قلب كاتب المزمور ١٣٧: ٥-٦ “إِنْ نَسِيتُكِ يَا أُورُشَلِيمُ، تَنْسَى يَمِينِي! لِيَلْتَصِقْ لِسَانِي بِحَنَكِي إِنْ لَمْ أَذْكُرْكِ، إِنْ لَمْ أُفَضِّلْ أُورُشَلِيمَ عَلَى أَعْظَمِ فَرَحِي! إذا كانت أورشليم خاصة جدًا عند الله، فهي ستكون خاصة أيضًا لنحميا.”
٣. سُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ، وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ: الأخبار التي تلقاها نحميا لم تكن مُشجعة. تم تسمية الناس: “الَّذِينَ نَجَوْا” – لم يكن هذا لقبًا مليئًا بالأمل. وكان هؤلاء فِي شَرّ عَظِيمٍ وَعَارٍ. وكان سُورُ المدينة نفسها: مُنْهَدِمٌ وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ.
• كان هناك ارتباط وثيق بين الحالة السيئة للشعب وسور المدينة المنهدم. ففي العالم القديم، كانت المدينة التي بلا أسوار مدينة مُستهدفة وغير محصنة ضد أعدائها. لم يكن لديهم أي دفاع أو حماية على الإطلاق.
• كانت المدينة التي بلا أسوار دائمًا عرضة للأخطار، غير قادرة على حماية السكان والمقتنيات الثمينة. فإذا وُجد شيء ذو قيمة في مدينة بدون أسوار، كان من السهل نهبها لأنه لم يكن هناك دفاع لإيقاف ذلك السلب.
• إن الذين يعيشون في مدينة بدون أسوار كانوا يعيشون في توتر وقلق دائم؛ لم يعرفوا أبدًا متى قد يتعرضون للهجوم والترويع. لقد عاش كل رجل في خوف دائم على زوجته وأطفاله. كان بالإمكان إعادة بناء الهيكل، لكن لم يكن بالإمكان جعله جميلًا، لأن أي شيء ثمين كان يمكن سرقته بسهولة.
• ليس من الغريب أن يعيش الشعب في شَرّ عَظِيمٍ دائم وَعَار مستمر. فهم يعيشون فقط كنَاجَين. يريد الله أن نكون أكثر من مجرد ناجين. فالله لا يريدنا فقط أن نكون منتصرين، بل أن يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا (رومية ٨: ٣٧).
ج) الآية (٤): رد فعل نحميا على أخبار أورشليم وشعبها.
٤فَلَمَّا سَمِعْتُ هذَا الْكَلاَمَ جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا، وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إِلهِ السَّمَاءِ.
١. جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ: كان رد فعل نحميا الفوري شديدًا. لم يشعر فقط بالأسف تجاه أورشليم وشعبها؛ في الحال لم تكن هناك قوة في رجليه (جَلَسْتُ)، وبدأ يبكي وينوح.
٢. وَنُحْتُ أَيَّامًا: كان الله سيستخدم نحميا للقيام بشيء يخص هذا الوضع. لكن الله فعل أولًا شيئًا في نحميا. فأي عمل عظيم لله يبدأ بعمل الله العظيم في شخص ما.
• كان الله قد أعد لذلك منذ زمن طويل بوجود نحميا في مكانة مهمة في بلاد فَارِس، مع قلبه الممتلئ بالفضول نحو أخبار أورشليم وشعبها لأجل استقرارهم. والآن نرى أنه كان يمتلك قلبًا يتألم لحالتهم المُعْوَزَة.
• لقد رأى الله هذا الاحتياج من السماء، لكن لا يمكن أن يُعمل إلا القليل فقط لحين يشعر الرجل المناسب في قلبه بهذا الاحتياج أيضًا. لقد كان الله سيقوم بعمل عظيم لتلبية هذا الاحتياج من خلال نحميا.
• لكن لم يكن ممكنًا لنحميا أن يفعل ذلك بمفرده. كان عليه أن يكون قائدًا – شخصًا يؤثر في الآخرين – لينجز هذه المهمة. إن سِفر نحميا هو سِفر عن القيادة – وهو الأمر الذي نحتاجه بكل وضوح اليوم. وحيث أن القيادة تعني التأثير، فإن مسئولية القيادة تنطبق إذًا على الجميع. فلكل شخص مجاله للقيادة. وبطريقة ما، فكل واحد هو قائد (أي مؤثر). والسؤال هو إذا ما كان الأشخاص قادة جيدين أم سيئين.
• يجب على القادة أن يستعدوا للعمل الشاق لأنه لن يكون سهلًا. “لا يوجد انتصار بدون قِتَال؛ لا توجد فرصة بدون مُعَارَضَة؛ لا يوجد نصر بدون يَقَظَة. فكلما قال شعب الله ‘لنقم ونبني،’ يقول الشيطان ‘لأقم وأعارض.'” ريدباث (Redpath)
• يجب على القادة أن يكون لديهم رؤية كبيرة. وقد كان لنحميا مثل هذه الرؤية. يبدو وكأنه فكر بهذه الطريقة: “سيصحح الله، من خلالي، مشكلة كانت موجودة منذ مئة وخمسين عامًا. وسيفعل الله، من خلالي، شيئًا لم ينجح من قبل على الإطلاق.” يجب أن يكون لدينا رؤية، وهدف، كبير بقدر كافٍ.
٣. صَلَّيْتُ أَمَامَ إِلهِ السَّمَاءِ: كان رد فعل نحميا يتجاوز المشاعر اللحظية. ففي كثير من الأحيان، ننشغل بأمر ما فجأة، ومن ثم يمر بسرعة. لكن إذا كان هذا الأمر من الرب، فإنه سيبقى وسيلازمنا وسينمو، وسيظل هذا التثِقل قائمًا حتى يتم حل المشكلة التي تسببت في هذا التثِقل (أو الانشغال).
• يجب أن نلاحظ أيضًا ما لم يفعله نحميا: فهو لم يشتكِ أو يتذمر أو “يبحث عمن يمكنه حل هذه المشكلة.” ولكنه على الفور فعل ما كان يعلم أنه يمكنه فعله – وهو الصلاة وطلب الرب بشدة في هذا الموقف في الحال.
٤. إِلهِ السَّمَاءِ: كان لدى نحميا أيضًا فهم واضح لمن كان يصوم ويصلي إليه. هناك العديد من “الآلهة” التي يثق بها الناس لكن إِلهِ السَّمَاءِ وحده هو من يمكنه حقًا تلبية احتياجاتنا.
ثانيًا. صلاة نحميا
أ ) الآيات (٥-٧): نحميا يصلي إلى الله بكل تواضع وخشوع.
٥وَقُلْتُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ، الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ، ٦لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِكَ الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْكَ الآنَ نَهَارًا وَلَيْلًا لأَجْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ، وَيَعْتَرِفُ بِخَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَخْطَأْنَا بِهَا إِلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا. ٧لَقَدْ أَفْسَدْنَا أَمَامَكَ، وَلَمْ نَحْفَظِ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَمَرْتَ بِهَا مُوسَى عَبْدَكَ.
١. وَصَلَّيْتُ: الصلاة أمر أساسي للقيادة. إذا كانت رؤيتك كبيرة لدرجة أن الله وحده يمكنه تحقيقها، فبالتأكيد عليك أن تصلي. إذا لم تكن الصلاة ضرورية تمامًا لتحقيق رؤيتك، فهدفك ليس كبيرًا بما يكفي.
• يبدو أن نحميا صلى لمدة أربعة أشهر قبل أن يقوم بأي شيء (نحميا ١:١-٤ و٢: ١). فيما بعد، عندما بدأت أعمال إعادة بناء الأسوار، استغرق الأمر ٥٢ يومًا فقط لإنهاء العمل. ومع ذلك، كان لهذا المشروع الذي استمر ٥٢ يومًا أساس من الصلاة استمر أربعة أشهر.
• أخذ نحميا ألمه وتوتره إلى الله في الصلاة – ويبدو أنه استطاع تركهما هناك. إن الصلاة تخفف من توترك. قد تحاول تخفيف التوتر من خلال الترفيه، ولكن كل ما يفعله ذلك هو تشتيت انتباهك مؤقتًا. الترفيه لا يعطي حلولًا للتوتر. الصلاة ستعطيك القوة؛ عندما تنتظر الرب في الصلاة، سيجدد قوتك (إشعياء ٤٠: ٣١).
٢. أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ: يبدأ التواضع بفهم بسيط بأن هناك إلهًا متوجًا في السماوات، وأنا لست ذلك الإله. أدرك نحميا تمامًا من هو الله، ووصفه بعدة ألقاب رائعة: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ، الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ.
٣. لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً: في التواضع أيضًا إدراك لمعنى اتكالي الكامل على الله. عندما طلب نحميا بشدّة من الله: لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِك (لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً… وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ)، عكس ذلك اعتماده الكامل على الرب. إن الرب وحده هو الذي يمكنه المساعدة، وإذا سْمَعَ الله فقط لصلاته، فإن نحميا يعلم أن الرب سيساعد.
• سيسمح الله لك بأن تكون بلا ثمر لكي تكتشف حاجتك الماسة للاتكال الكامل عليه.
٤. وَيَعْتَرِفُ بِخَطَايَا… الَّتِي أَخْطَأْنَا بِهَا إِلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا: التواضع يقود أيضًا إلى الاعتراف الصريح بالخطية. اعترف نحميا ببساطة ووضوح بالخطية، دون أي محاولة لتبرير الخطية.
• يجب أن نتجنب دائمًا تبرير أنفسنا عند الاعتراف بخطايانا. لا يجب أن نقول أبدًا: “يا رب، إذا أخطأت حقًا،” أو “يا رب، أنا آسف، لكنك تعلم مدى صعوبة الأمر،” أو ما شابه هذه الكلمات التي هي بلا معنى. يمكننا أن نجد حرية كبيرة في الاعتراف المنفتح والأمين مع الله، دون أي محاولة للتبرير أو التساؤل عما “إذا” كنت قد أخطأت أم لا.
٥. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا. لَقَدْ أَفْسَدْنَا أَمَامَكَ: التواضع يقود المرء لأن يتحد مع احتياجات الآخرين. كان نحميا بالتأكيد رجلًا صالحًا وتقيًا؛ لكنه وحّد نفسه صَرَاحَةً مع بَيْتُ أَبِيه وصلى باستخدام ضمير المتكلم “فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي” بدلًا من “هم” (ضمير الغائب).
• “لن تنجح في تخفيف التثقّل أو الحِمل من عليك إلا إذا شعرت أولًا بثقله في روحك. ولن يستخدمك الله لجلب البركة حتى يفتح عينيك ويجعلك ترى الأمور على حقيقتها.” ريدباث (Redpath)
ب. الآيات (٨-١٠) نحميا يأتي إلى الله متطلعًا إلى وعوده.
٨اذْكُرِ الْكَلاَمَ الَّذِي أَمَرْتَ بِهِ مُوسَى عَبْدَكَ قَائِلًا: إِنْ خُنْتُمْ فَإِنِّي أُفَرِّقُكُمْ فِي الشُّعُوبِ، ٩وَإِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيَّ وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمُوهَا، إِنْ كَانَ الْمَنْفِيُّونَ مِنْكُمْ فِي أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ أَجْمَعُهُمْ وَآتِي بِهِمْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي اخْتَرْتُ لإِسْكَانِ اسْمِي فِيهِ. ١٠فَهُمْ عَبِيدُكَ وَشَعْبُكَ الَّذِي افْتَدَيْتَ بِقُوَّتِكَ الْعَظِيمَةِ وَيَدِكَ الشَّدِيدَةِ.
١. اذْكُرِ: هذه طريقة قوية للتوجه إلى الله، طالبًا منه أن يتذكر وعوده. قال نحميا “يا رب، لقد قطعت وعدًا لموسى وهذه الأمة، أطلب منك الآن أن تفي بهذا الوعد.” استشهد نحميا من سفر اللاويين ٢٦ وسفر التثنية ٣٠.
• لا شك أن هذا هو سر القوة العظيمة في الصلاة: وهي أن تتضرع إلى الله باستخدام وعوده. قد ننزعج قليلًا عندما يأتي أحد أطفالنا إلينا قائلًا “بابا، لقد وعدت!” لكن أبانا في السماء يُسر بسماع هذه الكلمات – وغالبًا ما يطلب أن يسمعها منّا قبل أن تصبح الصلاة فعّالة.
• في مزمور ٨١: ١٠، يقول الله لشعبه، أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلأَهُ. لن يفتح الله خزائنه حتى نفتح أفواهنا طالبين منه أن يفي بوعوده.
٢. وَإِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيَّ وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمُوهَا: استشهد نحميا بوعد مشروط. الشرط كان العودة إلى الله وحفظ وصاياه. لم يكن بمقدوره معرفة ما إذا كانت الأمة تحفظ الوصايا، لكنه كان يعرف أنه كان يحفظها، ولأنه اتحد مع الأمة في خطيتها، فيمكن للأمة أيضًا أن تتحد مع نحميا في التزامه التقي بهذه الشروط.
ج. الآية (١١): نحميا يصلي بقلب مستعد للقيام بشيء.
١١يَا سَيِّدُ، لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَصَلاَةِ عَبِيدِكَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ مَخَافَةَ اسْمِكَ. وَأَعْطِ النَّجَاحَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ وَامْنَحْهُ رَحْمَةً أَمَامَ هذَا الرَّجُلِ». لأَنِّي كُنْتُ سَاقِيًا لِلْمَلِكِ.
١. امْنَحْهُ رَحْمَةً أَمَامَ هذَا الرَّجُلِ: اختتم نحميا طلبته للبركة من الله في حديثه المرتقب مع ملك فارس حول الأمر. كان نحميا سيقوم بشيء تجاه هذه الحالة المأساوية لأسوار وشعب أورشليم، وكان يعرف أنه بدون تدخل الله، لا يمكنه فعل شيء.
٢. وَأَعْطِ النَّجَاحَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ: هذه صلاة رجل ’أفعال‘ وليس رجل ناقد على الهامش. فنحميا لا يصلي “يا الله، اجعل كل شيء أفضل” أو “يا الله، استخدم شخص آخر لحل هذه المشكلة.” بل صلاته هي: “يا رب، استخدمني لحل المشكلة.”
• “يجب أن يتبع إدراكي للاحتياج الذي من حولي انتظارًا متشوقًا ومثابرًا لله حتى يتحول الشعور الغامر باحتياج العالم إلى تثقّل محدد في روحي نحو عمل محدد يريدني الله أن أقوم به.” ريدباث (Redpath)
• “أخذ الأمر على عاتقه الشخصي، فلم يبدأ نحميا في التحدث مع الآخرين عما سيفعلونه، ولم يضع خطة رائعة حول ما يمكن القيام به إذا انضم الآلاف من الناس إلى المشروع؛ لكن خطر له أنه سيفعل شيئًا بنفسه.” سبيرجن (Spurgeon)