ملوك الأول ١٤
نهاية يَرُبْعَام ورَحُبْعَام
أولًا. نهاية يَرُبْعَام، ملك إسرائيل
أ ) الآيات (١-٣): يَرُبْعَام يرسل زوجته في مهمة.
١فِي ذلِكَ الزَّمَانِ مَرِضَ أَبِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ. ٢فَقَالَ يَرُبْعَامُ لامْرَأَتِهِ: «قُومِي غَيِّرِي شَكْلَكِ حَتَّى لاَ يَعْلَمُوا أَنَّكِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ وَاذْهَبِي إِلَى شِيلُوهَ. هُوَذَا هُنَاكَ أَخِيَّا النَّبِيُّ الَّذِي قَالَ عَنِّي إِنِّي أَمْلِكُ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. ٣وَخُذِي بِيَدِكِ عَشَرَةَ أَرْغِفَةٍ وَكَعْكًا وَجَرَّةَ عَسَل، وَسِيرِي إِلَيْهِ وَهُوَ يُخْبِرُكِ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُلاَمِ».
١. فِي ذلِكَ الزَّمَانِ مَرِضَ أَبِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ: كان يُربعام ملكًا، لكن حتى الملوك يواجهون نفس المشاكل التي يعني منها الناس. أزعجه مرض ابنه كثيرًا ودفعه إلى طلب المساعدة من نبي.
• “اعتاد الناس استشارة الأنبياء في ما يتعلق بالأمور الصحية (٢ ملوك ١: ٢، ٤: ٢٢، ٤٠، ٥: ٣).” وايزمان (Wiseman)
٢. غَيِّرِي شَكْلَكِ حَتَّى لاَ يَعْلَمُوا أَنَّكِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ: كان هذا نمطا مألوفًا بالنسبة ليُربعام. كان يلجأ إلى الله وخدام الله وقت الحاجة فقط. إذ كان يعلم أن الأصنام لن تساعده في الأزمات الحقيقية. وعرف أيضًا أنه كان مرفوضًا من الله وأنبيائه، ولهذا طلب من زوجته أن تخفي هويتها.
• “يا له من تصرف أحمق! ظن يُربعام أنه يمكن للنبي الشيخ أن يكشف الحجاب عن المستقبل، ولكنه لا يستطيع أن يكشف هوية زوجته التي أرادت إخفاء نفسها.” ماير (Meyer)
٣. وَهُوَ يُخْبِرُكِ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُلاَمِ: لم يطلب يربعام أن تصلي امرأته من أجل ابنهما، ولم يوجهها إلى أن تطلب الصلاة من النبي أيضًا. أراد أن يستخدم أخيّا النبي كعراف وليس كرجل الله.
• ” كان بإمكانه أن يتصرف بتقوى لو طلب من النبي أن يصلي من أجله، وينبذ أصنامه. وعندئذٍ سيستعيد صحة ابنه، كما حصل مع يده. ولكن يفضل معظم الناس أن يتنبأ أحدهم عن مستقبلهم بدلًا من أن يخبرهم عن أخطائهم أو واجباتهم.” ماثيو هنري (Matthew Henry)
ب) الآيات (٤-٦): زوجة يربعام تلتقي أخيا النبي.
٤فَفَعَلَتِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ هكَذَا، وَقَامَتْ وَذَهَبَتْ إِلَى شِيلُوهَ وَدَخَلَتْ بَيْتَ أَخِيَّا. وَكَانَ أَخِيَّا لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ لأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَيْنَاهُ بِسَبَبِ شَيْخُوخَتِهِ. ٥وَقَالَ الرَّبُّ لأَخِيَّا: «هُوَذَا امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ آتِيَةٌ لِتَسْأَلَ مِنْكَ شَيْئًا مِنْ جِهَةِ ابْنِهَا لأَنَّهُ مَرِيضٌ. فَقُلْ لَهَا: كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهَا عِنْدَ دُخُولِهَا تَتَنَكَّرُ». ٦فَلَمَّا سَمِعَ أَخِيَّا حِسَّ رِجْلَيْهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَابِ قَالَ: «ادْخُلِي يَا امْرَأَةَ يَرُبْعَامَ. لِمَاذَا تَتَنَكَّرِينَ وَأَنَا مُرْسَلٌ إِلَيْكِ بِقَوْل قَاسٍ؟
١. وَكَانَ أَخِيَّا لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ: اتضح أنه لم يكن هناك سبب لتنكُّر زوجة يربعام. لأن أخيا فقد بصره بسبب الشيخوخة.
٢. وَقَالَ الرَّبُّ لأَخِيَّا: هُوَذَا امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ آتِيَةٌ لِتَسْأَلَ مِنْكَ شَيْئًا مِنْ جِهَةِ ابْنِهَا: لم يكن تنكُّر المرأة وعمى أخيا بالأمر المهم، لأن الله أخبر أخيا بحقيقة الأمر.
٣. وَأَنَا مُرْسَلٌ إِلَيْكِ بِقَوْل قَاسٍ؟: فهمت زوجة يربعام من هذه الجملة: أولًا، أن الأخبار كانت سيئة. ثانيًا، رغم اعتقادها أن زوجها أرسلها إلى أخيا، لكن حقيقة الأمر هي أن الله أرسل أخيا ومعه رسالة لها وليربعام.
ج) الآيات (٧-١١): أعلن أخيا دينونة الله على بيت يربعام.
٧اِذْهَبِي قُولِي لِيَرُبْعَامَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدْ رَفَعْتُكَ مِنْ وَسَطِ الشَّعْبِ وَجَعَلْتُكَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، ٨وَشَقَقْتُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَأَعْطَيْتُكَ إِيَّاهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَعَبْدِي دَاوُدَ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَالَّذِي سَارَ وَرَائِي بِكُلِّ قَلْبِهِ لِيَفْعَلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فَقَطْ فِي عَيْنَيَّ، ٩وَقَدْ سَاءَ عَمَلُكَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ، فَسِرْتَ وَعَمِلْتَ لِنَفْسِكَ آلِهَةً أُخْرَى وَمَسْبُوكَاتٍ لِتُغِيظَنِي، وَقَدْ طَرَحْتَنِي وَرَاءَ ظَهْرِكَ. ١٠لِذلِكَ هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى بَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَأَقْطَعُ لِيَرُبْعَامَ كُلَّ بَائِلٍ بِحَائِطٍ مَحْجُوزًا وَمُطْلَقًا فِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْزِعُ آخِرَ بَيْتِ يَرُبْعَامَ كَمَا يُنْزَعُ الْبَعْرُ حَتَّى يَفْنَى. ١١مَنْ مَاتَ لِيَرُبْعَامَ فِي الْمَدِينَةِ تَأْكُلُهُ الْكِلاَبُ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْحَقْلِ تَأْكُلُهُ طُيُورُ السَّمَاءِ، لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ.
١. قَدْ سَاءَ عَمَلُكَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ: كان شاول رجلًا سيئًا وملكًا سيئًا. كان سليمان ملكًا جيدًا، ولكنه كان رجلًا سيئًا. ورغم أن الرجلين كانا سيئين، إلا أن يربعام كان أسوأ بكثير. أصبح يربعام هو المقياس لكل ملوك إسرائيل الأشرار.
• قارن الله بين يربعام وداود بشكل غير مُواتٍ بهذه الكلمات: “رغم سقوط داود في بعض الخطايا، إلا أنه أولًا، ثابر على عبادة الإله الحقيقي الذي تمردت عليه يا يربعام؛ ثانيًا، تاب داود توبة حقيقية ورجع عن خطاياه، أما أنت يا يربعام فعنيد وغير قابل للإصلاح.” بوله (Poole)
٢. وَقَدْ طَرَحْتَنِي وَرَاءَ ظَهْرِكَ: كان هذا وصفًا قويًا للازدراء الشديد تجاه الله، كما في حزقيال ٢٣:٣٥ – لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ نَسِيتِنِي وَطَرَحْتِنِي وَرَاءَ ظَهْرِكِ، فَتَحْمِلِي أَيْضًا رَذِيلَتَكِ وَزِنَاكِ.
• “يدل السبب الأخير إلى تجاهل الله واحتقار كلامه. إنه نفس أسلوب الكلام المستخدم لوصف غفران الله لخطايانا. فقد وضع الله خطايانا خلف ظهره أو بعبارة أخرى نسيها. وهذه أخبار سارة عندما تصف معاملة الله لخطايانا [إشعياء ٣٨: ١٧]، لكنها أخبار سيئة بشكل مأساوي عندما تصف معاملة الإنسان لله.” ديلداي (Dilday)
٣. لِذلِكَ هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى بَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَأَقْطَعُ لِيَرُبْعَامَ كُلَّ بَائِلٍ (سَأقضِي عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ مِنْهُمْ): كان من الممكن أن يكون ليربعام سلالة دائمة، لكنه خسر وعد الله بسبب عدم إيمانه، وعبادته للأوثان، ورفضه التام لله.
• كُلَّ بَائِلٍ (كُلِّ ذَكَرٍ): “تعني حرفيًا من يتبول على الحائط” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
د ) الآيات (١٢-١٦): الدينونة الآنية والدينونة البعيدة.
١٢وَأَنْتِ فَقُومِي وَانْطَلِقِي إِلَى بَيْتِكِ، وَعِنْدَ دُخُولِ رِجْلَيْكِ الْمَدِينَةَ يَمُوتُ الْوَلَدُ، ١٣وَيَنْدُبُهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَيَدْفِنُونَهُ، لأَنَّ هذَا وَحْدَهُ مِنْ يَرُبْعَامَ يَدْخُلُ الْقَبْرَ، لأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمْرٌ صَالِحٌ نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ يَرُبْعَامَ. ١٤وَيُقِيمُ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ يَقْرِضُ بَيْتَ يَرُبْعَامَ هذَا الْيَوْمَ. وَمَاذَا؟ اَلآنَ أَيْضًا! ١٥وَيَضْرِبُ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ كَاهْتِزَازِ الْقَصَبِ فِي الْمَاءِ، وَيَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هذِهِ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لآبَائِهِمْ، وَيُبَدِّدُهُمْ إِلَى عَبْرِ النَّهْرِ لأَنَّهُمْ عَمِلُوا سَوَارِيَهُمْ وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. ١٦وَيَدْفَعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ».
١. وَعِنْدَ دُخُولِ رِجْلَيْكِ الْمَدِينَةَ يَمُوتُ الْوَلَدُ: أرسل يربعام زوجته ليعرف مصير ابنه. وكانت الأخبار السيئة أن ابنه سيموت. ومع ذلك، سيكون موته إظهارًا للرحمة، لأنه على الأقل سيدفن بشرف ويُندَب بشكل ملائم. كانت الدينونة القادمة التي ستنزل على بيت يربعام عظيمة جدًّا بحيث سيرى الجميع بالمقارنة أن هذا الابن كان مباركًا في موته.
٢. وَيَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هذِهِ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لآبَائِهِمْ، وَيُبَدِّدُهُمْ إِلَى عَبْرِ النَّهْرِ: سيتحقق هذا أخيرًا بعد حوالي ٣٠٠ عام. علم الله أن ارتداد يربعام سيؤدي في النهاية إلى سبي الأمة المرير.
هـ) الآيات (١٧-١٨): تحقيق الدينونة الفورية.
١٧فَقَامَتِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ وَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ إِلَى تِرْصَةَ، وَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى عَتَبَةِ الْبَابِ مَاتَ الْغُلاَمُ، ١٨فَدَفَنَهُ وَنَدَبَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ أَخِيَّا النَّبِيِّ.
١. حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ أَخِيَّا النَّبِيِّ: لن تتحقق نبوة السبي إلا بعد مرور عدة قرون. ومع ذلك أُثبتت صحتها لأن نبوة موت ابن يربعام قد تحقق على نحو دقيق.
و ) الآيات (١٩-٢٠): موت يربعام وخُلاصة حُكمه.
١٩وَأَمَّا بَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ، كَيْفَ حَارَبَ وَكَيْفَ مَلَكَ، فَإِنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. ٢٠وَالزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ يَرُبْعَامُ هُوَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ نَادَابُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. ثُمَّ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ: تخبرنا ٢ أخبار الأيام ١٣: ٢٠ أن الرب ضرب يربعام فمات. “لم يمت ميتة طبيعة كباقي الناس، ولكنه مات بسبب ضربة عجيبة، إضافة إلى خسارته خمسمائة ألف رجل في معركته ضد أبيا ملك يهوذا. (٢ أخبار الأيام ١٣: ١٧).” تراب (Trapp)
ثانيًا. نهاية رحبعام ملك يهوذا.
أ ) الآيات (٢١-٢٤): خطية يهوذا تثير غيرة الله.
٢١وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا. وَكَانَ رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ لِوَضْعِ اسْمِهِ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. ٢٢وَعَمِلَ يَهُوذَا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا. ٢٣وَبَنَوْا هُمْ أَيْضًا لأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ وَأَنْصَابًا وَسَوَارِيَ عَلَى كُلِّ تَلّ مُرْتَفِعٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. ٢٤وَكَانَ أَيْضًا مَأْبُونُونَ فِي الأَرْضِ، فَعَلُوا حَسَبَ كُلِّ أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
١. وَعَمِلَ يَهُوذَا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا: لقد استفزت هذه الخطايا الرب لأنها كانت بشكل أساسي خطايا مرتبطة بعبادة الأوثان. لقد أدارت إسرائيل ظهرها لله الذي أحبها وفداها. وكزوجة خائنة، سعت وراء الزنا الروحي مع الأوثان.
٢. وَكَانَ أَيْضًا مَأْبُونُونَ فِي الأَرْضِ: يصف هذا على وجه التحديد الدعارة المرتبطة بعبادة الأوثان. ومن الممكن أن يشير مصطلح ’مَأْبُونُونَ‘ إلى كل من الرجال والنساء الذين كانوا يبيحون أجسادهم في الهياكل الوثنية كجزء من العبادة. وقد استخدام المصطلح في سفر التثنية ٢٣: ١٧-١٨ للإشارة إلى العاهرات المرتبطات بالعبادات الوثنية (لا إلى الرجال).
٣. فَعَلُوا حَسَبَ كُلِّ أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: بالنظر إلى الفساد الذي كان سائدًا بين الأمم الكنعانية، كان هذا تصريحًا قويًا.
ب) الآيات (٢٥-٢٦): الله يؤدب رحبعام من خلال مصر.
٢٥وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، ٢٦وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ. وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ.
١. وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ: لم يحدث هذا بعد سنوات طويلة من حُكم داود وسليمان، سنوات القوة والأمن في إسرائيل. لم يفعل أي عدو أجنبي بشعب الله في زمن داود وسليمان ما فعله المصريون في عهد رحبعام.
٢. صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ: يؤكد كل من سفر أخبار الأيام الثاني وعلم الآثار هذه الرواية. يقدم سفر أخبار الأيام الثاني تفاصيل كثيرة لخصها كاتب ملوك الأول. يوضح سفر أخبار الأيام الثاني الإصحاح ١٢ ما يلي:
• كان سبب نجاح هذا الهجوم هو تمرد رحبعام وكل إسرائيل على الرب بعد أن ثبات المملكة (٢ أخبار الأيام ١٢: ٢).
• ولأن شِيشَق أحضر جيشًا متحالفًا من الأمم ضد يهوذا (٢ أخبار الأيام ١٢: ٣).
• ولأن شِيشَق استولى على مدن يهوذا الحصينة في طريقه إلى أورشليم (٢ أخبار الأيام ١٢: ٤).
• وعند اقتراب جيش العدو من أورشليم، قاد النبي شمعيا قادة يهوذا في توبة حقيقية (٢ أخبار الأيام ١٢: ٦).
• وردًا على توبتهم، سمح الله ببقاء سكان أورشليم – لكن كعبيد لشيشق ملك مصر (٢ أخبار الأيام ١٢: ٧-٨).
“أسس شيشق الأول الأسرة المصرية الثانية والعشرين (وتعرف أيضًا بالأسرة الليبية) (٩٤٥-٩٢٤ ق. م.). ومداهمته لفلسطين في هذا العام (٩٢٥ ق. م.) أمر موثق في نقوش معبد آمون في طيبة (الكرنك). ومن بين مائة وخمسين مكانًا مسجلًا هناك، يبدو أن هدفه كان إعادة تأكيد السيطرة المصرية على طرق التجارة الرئيسية في جميع أنحاء فلسطين والنقب.” وايزمان (Wiseman)
٣. وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ: ترك سليمان لابنه رحبعام ثروة عظيمة في كل من الهيكل والقصر. وبعد خمس سنوات فقط، ضاعت كل الثروة تقريبًا.
٤. وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ: تذكر ملوك الأول ١٠: ١٦-١٧ أنها كانت ٥٠٠ ترس، فكانت هنالك ٢٠٠ ترس كبير، و٣٠٠ ترس صغير. وكانت تمثل هذه الأتراس عروضًا جميلة في بيت وعر لبنان، لكنها لم تكن ذات فائدة في المعركة. إذ كانت الذهب أثقل وأَلْيّن من أن يُستخدم كترس فعال في الحرب. وهذا مثل جيد لتوكيد الصورة على الجوهر، وهو ميل بدأ في أيام سليمان، وازداد سوءًا في أيام ابنه رحبعام.
• “عمل الملك رحبعام عوضًا عنها أتراس من نحاس محاولًا بهذا، بطريقة مثير للشفقة، أن يحافظ على المظاهر السابقة. إنها مثل الأرواح التي – عندما يسلبها العدو نضارتها وقوّتها – تسعى جاهدة إلى الحفاظ على المظهر الخارجي للازدهار الروحي. أو مثل كنيسة ساقطة، مجردة من قوتها، كنيسة سُلبت طهارتها، تسعى إلى إخفاء عجزها وتغطية عريها ببهرجة الطقوس، والانتعاش الزائف، وأي شيء يَعِد بإعطاء شيء من المظهر.” ناب (Knapp)
• وفقًا لديلداي (Dilday)، كانت قيمة الترس الكبير ١٢٠ ألف دولار. وتبلغ قيمة الترس الصغير ٣٠ ألف دولار. وستكون القيمة الإجمالية للأتراس ٣٣ مليون دولار مستثمرة في أتراس ذهب للعرض فقط. وقد صارت الآن في أيدي المصريين.
ج) الآيات (٢٧-٢٨): انحطاط مملكة يهوذا في عهد رحبعام.
٢٧فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا لِيَدِ رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ الْحَافِظِينَ بَابَ بَيْتِ الْمَلِكِ. ٢٨وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا السُّعَاةُ، ثُمَّ يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ.
١. فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ: استبدال الذهب بالنحاس صورة معبّرة تمامًا عن الانحطاط في أيام رحبعام. وقد انحدرت سلالة داود من الذهب إلى النحاس في خمس سنوات.
• “تؤكد هذه الكلمات المدى الذي سقط إليه رحبعام في غضون سنوات قليلة. لقد ورث إمبراطورية. وبعد خمس سنوات، صار سيدًا لدولة صغيرة لم يستطع أن يحمي عاصمته إلا من خلال تجريد قصره من كنوزها. لقد احتقر بلاط سليمان الفضة، وكان على بلاط ابنه أن يكون قانعًا بالنحاس!” باين (Payne)
٢. وَسَلَّمَهَا لِيَدِ رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ: عُلقت الدروع الذهبية في أيام سليمان في بيت وعر لبنان (١ ملوك ١٠: ١٦-١٧). وتحت حكم رحبعام، وضعت أتراس النحاس في غرفة محمية إلى أن يبرز احتياج لها في المناسبات الرسمية.
د ) الآيات (٢٩-٣١): موت رحبعام وملخص حُكمه.
٢٩وَبَقِيَّةُ أُمُورِ رَحُبْعَامَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ ٣٠وَكَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ رَحُبْعَامَ وَيَرُبْعَامَ كُلَّ الأَيَّامِ. ٣١ثُمَّ اضْطَجَعَ رَحُبْعَامُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. وَمَلَكَ أَبِيَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. وَبَقِيَّةُ أُمُورِ رَحُبْعَامَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ: يُلخص سفر أخبار الأيام الثاني حياة رحبعام كالتالي: وَعَمِلَ الشَّرَّ لأَنَّهُ لَمْ يُهَيِّئْ قَلْبَهُ لِطَلَبِ الرَّبِّ. (٢ أخبار الأيام ١٢: ١٤). وهذا دليل على عدم تمتعه بعلاقة شخصية بالرب.
• “ولد من أم وثنية وأب مرتد. فهل يمكن لنافورة غير نقية أن تنبّع ماء عذبًا؟” كلارك (Clarke)
• “انتهى الإصحاح بهذه الملاحظة: َاسْمُ أُمِّهِ نَعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. أليست هذه طريقة الكاتب في تذكيرنا بأن زواج سليمان من زوجات أجنبيات هو الذي أدى إلى سقوطه الشديد في المقام الأول؟” ديلداي (Dilday)
٢. وَكَانَتْ حُرُوبٌ بَيْنَ رَحُبْعَامَ وَيَرُبْعَامَ كُلَّ الأَيَّامِ: كان هذان الرجلان مختلفين جدًا. حكم رحبعام كملك طاغية، إذ بدأ حُكمه ببداية سيئة، لكنه تواضع أمام الله في نهاية حياته (٢ أخبار الأيام ١٢: ٦-٧). أما يربعام فحكم كملك شعبي، إذ بدأ حُكمه بوعد عظيم، لكن انتهى حُكمه نهاية سيئة للغاية.