ملوك الأول – الإصحاح ٩
الله يحذر سليمان
أولًا. الله يتراءى لسليمان ثانية
أ ) الآيات (١-٥): يثبّت الله استجابته لصلاة سليمان.
١وَكَانَ لَمَّا أَكْمَلَ سُلَيْمَانُ بِنَاءَ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ وَكُلَّ مَرْغُوبِ سُلَيْمَانَ الَّذِي سُرَّ أَنْ يَعْمَلَ، ٢أَنَّ الرَّبَّ تَرَاءَى لِسُلَيْمَانَ ثَانِيَةً كَمَا تَرَاءَى لَهُ فِي جِبْعُونَ. ٣وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ وَتَضَرُّعَكَ الَّذِي تَضَرَّعْتَ بِهِ أَمَامِي. قَدَّسْتُ هذَا الْبَيْتَ الَّذِي بَنَيْتَهُ لأَجْلِ وَضْعِ اسْمِي فِيهِ إِلَى الأَبَدِ، وَتَكُونُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي هُنَاكَ كُلَّ الأَيَّامِ. ٤وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَعَمِلْتَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُكَ وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، ٥فَإِنِّي أُقِيمُ كُرْسِيَّ مُلْكِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ كَمَا كَلَّمْتُ دَاوُدَ أَبَاكَ قَائِلاً: لاَ يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ.
١. وَكَانَ لَمَّا أَكْمَلَ سُلَيْمَانُ بِنَاءَ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ: حدث هذا بعد حوالي ٢٤ عامًا من تولي سليمان العرش. بعد أن اكتمل بناء الهيكل والقصر في أورشليم، كان على سليمان الآن أن يتعامل مع الحياة بعد أن أتم أعظم إنجازاته.
• “يعني وقت أنتهاء العمل أنه وقت للتراخي عن بذل الجهود. ودائمًا ما تكون هذه الساعة محفوفة بالمخاطر، وكلما كان العمل أكبر كبُر الخطر. فالحياة التي كانت حافلة بالنشاط، وأصبحت الآن خالية من أي نشاط، تطالب باهتمام جديد. وفي النهاية سيعثر عليه، سواء أكان هذا النشاط كبيرًا أم صغيرًا، نبيلًا أم حقيرًا.” مورغان (Morgan)
• كتب جون تراب (John Trapp) مُعلقًا على: ’وَكُلَّ مَرْغُوبِ سُلَيْمَانَ الَّذِي سُرَّ أَنْ يَعْمَلَ‘ ما يلي: “كلمة ’مرغوب‘ هي نفس الكلمة المستخدمة لتعبر عن شغف العاشق بعشيقته، أو العريس بعروسه؛ وتُظهر أيضًا أن سليمان كان راضيًا تمامًا عن المباني والآنية التي بناها، وعبر عن تعلُّقه الزائد بهما، ومن هنا بدأ في السقوط.”
٢. أَنَّ الرَّبَّ تَرَاءَى لِسُلَيْمَانَ ثَانِيَةً: كان من الجيد أن يتراءى الله لسليمان بهذه الطريقة الفريدة في بداية مُلكه (١ ملوك ٣: ٥-٩). والأفضل من هذا أن يظهر الله لسليمان ظهورًا فريدًا للمرة الثانية.
• “نريد أيها الإخوة، أن نختبر ظهورات مجددة، وإظهارات طازجة، وافتقادات جديدة من العُلى. وأنا أمتدح أولئك الذين منكم يواصلون الحياة يشكرون الله على الماضي، وعلى افتقاداته لهم في أيامهم الأولى، وهم يسعون ويطلبون افتقادًا آخر من العليّ.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لسنا بحاجة إلى أن نتجدد ثانية، ولكننا نريد أن تُفتح نوافذ السماء مرة أخرى فوق رؤوسنا، وأن نختبر يوم الخمسين ثانية، وأن يتجدد شبابنا كالنسور، لكي نركض ولا نتعب ونمشي ولا نعيا. أصلي أن يحقق الرب رغبة كل مؤمن الليلة كما فعل مع سليمان.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ: لا تعني صلاة سليمان العظيمة في ١ ملوك ٨ شيئًا إن لم يسمعها الله. فالمقياس الحقيقي للصلاة هو إن كان الله يستجيب لها.
• “ألم تعرف قط كيف تترك الصلاة وأنت في وسطها، وتقول: ’لقد سمع الله صلاتي، لقد سمع الله صلاتي.‘؟ ألم تشعر أنك لست بحاجة إلى البكاء أكثر، وأنك قد حصلت على مرادك، وعليك الآن أن تبدأ في الحمد والتسبيح بدلًا من الاستمرار في الصلاة؟ عندما يذهب الشخص إلى بنك ومعه شيك، ويحصل على المال، فإنه لا يقف متسكعًا عند الصندوق بعد حصوله على المال، بل يذهب لمزاولة عمله بشكل طبيعي. وفي كثير من الأحيان أمام الله، يشعر الشخص المستعد لقضاء وقت طويل في الصلاة إذا لزم الأمر، بأنه يتوجب أن يكون موجزًا في الالتماس ومسهبًا في تقديم الشكر.” سبيرجن (Spurgeon)
• يبدو أن هذا الجواب جاء بعد سنوات كثيرة من التكريس الفعلي للهيكل. غير أن الله أعطى سليمان جوابًا فوريًا بالمصادقة وقت تدشين الهيكل عندما أرسل نارًا من السماء لتلتهم الذبائح (٢ أخبار الأيام ٧: ١-٧).
٤. قَدَّسْتُ هذَا الْبَيْتَ الَّذِي بَنَيْتَهُ: كان البناء عمل سليمان، الذي قام به بقوة الرب وبإلهامه. وكان تكريس البناء عمل الله. إذ كان بمقدور سليمان أن يبني بناية، لكن الله وحده هو الذي يستطيع أن يقدسها بحضوره.
• “الإنسان يبني، والله يقدس. ويتخلل هذا التعاون بين الإنسان والله كل مناحي الحياة. يهتم الإنسان بكل ما هو ظاهري وآليّ؛ ويهتم الله بالأمور الداخلية والروحية. وبالتالي، ينبغي أن نحرص على أداء دورنا بتوقير وتقوى، متذكرين أنه لا بد أن الله يعمل في مجالات لا يمكننا لمسها، وفي القضايا التي لا يمكننا الوصول إليها، قبل أن تثمر جهودنا الضعيفة عن شيء.” ماير (Meyer)
٥. وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ… فَإِنِّي أُقِيمُ كُرْسِيَّ مُلْكِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ: كان لاستجابة الله لصلاة سليمان شرط كبير. فإذا سلك سليمان أمام الله بطاعة وأمانة، يمكنه أن يتوقع بركة على مُلكه ومُلك نسله، وستستمر سلالة داود الحاكمة إلى الأبد.
• لم يطالب الله بطاعة كاملة من سليمان. فمن المؤكد أن داود لم يسلك باستقامة أمام الرب. بل طلب الله من سليمان أن يسلك كما فعل أبوه داود (وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوك). فلم يكن هذا الشرط صعبًا بالنسبة لسليمان.
ب) الآيات (٦-٩): الله يحذر سليمان.
٦إِنْ كُنْتُمْ تَنْقَلِبُونَ أَنْتُمْ أَوْ أَبْنَاؤُكُمْ مِنْ وَرَائِي، وَلاَ تَحْفَظُونَ وَصَايَايَ، فَرَائِضِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا أَمَامَكُمْ، بَلْ تَذْهَبُونَ وَتَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى وَتَسْجُدُونَ لَهَا، ٧فَإِنِّي أَقْطَعُ إِسْرَائِيلَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي قَدَّسْتُهُ لاسْمِي أَنْفِيهِ مِنْ أَمَامِي، وَيَكُونُ إِسْرَائِيلُ مَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ، ٨وَهذَا الْبَيْتُ يَكُونُ عِبْرَةً. كُلُّ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ يَتَعَجَّبُ وَيَصْفُرُ، وَيَقُولُونَ: لِمَاذَا عَمِلَ الرَّبُّ هكَذَا لِهذِهِ الأَرْضِ وَلِهذَا الْبَيْتِ؟ ٩فَيَقُولُونَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَهُمُ الَّذِي أَخْرَجَ آبَاءَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَتَمَسَّكُوا بِآلِهَةٍ أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا وَعَبَدُوهَا، لِذلِكَ جَلَبَ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ كُلَّ هذَا الشَّرِّ».
١. إِنْ كُنْتُمْ تَنْقَلِبُونَ أَنْتُمْ أَوْ أَبْنَاؤُكُمْ مِنْ وَرَائِي… فَإِنِّي أَقْطَعُ إِسْرَائِيلَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ: يتبع الوعد الإيجابي في ملوك الأول ٩: ١-٥ بوعد سلبي. فإن ابتعد سليمان ونسله عن الرب، وتركوه وتركوا وصاياه، فإن الله يعد بأن يقوّم إسرائيل العاصية.
٢. وَالْبَيْتُ الَّذِي قَدَّسْتُهُ لاسْمِي أَنْفِيهِ مِنْ أَمَامِي: لم تكن استجابة الله لصلاة سليمان في ١ ملوك ٨ وعدًا غير مشروط لمباركة الهيكل تحت أية ظروف. لقد بارك الله الهيكل وملأه بمجد حضوره، لكنه سيطرحه من وجهه إن ترك ملوك إسرائيل الرب.
• بوجود هيكل مجيد كهذا، سيجرَّب بنو إسرائيل بترك إله الهيكل واتخاذ من هيكل الله وثنًا. وهنا عرّفهم الله أنه لن يستطيع أن يبارك هذه الضلالة.
٣. وَيَكُونُ إِسْرَائِيلُ مَثَلًا… كُلُّ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ يَتَعَجَّبُ وَيَصْفُرُ: وعد الله بموجب العهد القديم بأن يستخدم إسرائيل ليمجد نفسه بين الأمم بطريقة أو بأخرى. فإن أطاعت إسرائيل، فسيباركها إلى درجة أن الشعوب الأخرى ستدرك يد بركة الله على إسرائيل. و إن عصت إسرائيل، فسيؤدبها بقسوة حتى تتعجب الشعوب من تعاملات الله القاسية معها، وسيعرفون أن الرب قد جلب عليها كل هذه المصائب.
• استخدمت إحدى الترجمات هذه الكلمات القوية: “سَأجْعَلُ إسْرَائِيلَ أُضحوكةً لِكُلِّ الشُّعُوبِ، ومثلًا لكارثة مفاجئة.” (١ ملوك ٩: ٧).
ثانيًا. الطرق والوسائل التي اتبعها سليمان في مشروعاته في البناء
أ ) الآيات (١٠-١٤): خشب وذهب من حيرام ملك صور.
١٠وَبَعْدَ نِهَايَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بَعْدَمَا بَنَى سُلَيْمَانُ الْبَيْتَيْنِ، بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ. ١١وَكَانَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ قَدْ سَاعَفَ سُلَيْمَانَ بِخَشَبِ أَرْزٍ وَخَشَبِ سَرْوٍ وَذَهَبٍ، حَسَبَ كُلِّ مَسَرَّتِهِ. أَعْطَى حِينَئِذٍ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ حِيرَامَ عِشْرِينَ مَدِينَةً فِي أَرْضِ الْجَلِيلِ. ١٢فَخَرَجَ حِيرَامُ مِنْ صُورَ لِيَرَى الْمُدُنَ الَّتِي أَعْطَاهُ إِيَّاهَا سُلَيْمَانُ، فَلَمْ تَحْسُنْ فِي عَيْنَيْهِ. ١٣فَقَالَ: «مَا هذِهِ الْمُدُنُ الَّتِي أَعْطَيْتَنِي يَا أَخِي؟» وَدَعَاهَا «أَرْضَ كَابُولَ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ١٤وَأَرْسَلَ حِيرَامُ لِلْمَلِكِ مِئَةً وَعِشْرِينَ وَزْنَةَ ذَهَبٍ.
١. وَكَانَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ قَدْ سَاعَفَ سُلَيْمَانَ بِخَشَبِ أَرْزٍ وَخَشَبِ سَرْوٍ وَذَهَبٍ: اشتهرت صور – المدينة البارزة التي تقع شمال إسرائيل (لبنان الحديث) – بخشبها المميز.
٢. أَعْطَى حِينَئِذٍ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ حِيرَامَ عِشْرِينَ مَدِينَةً فِي أَرْضِ الْجَلِيلِ: لم يكن هذا جيدًا. كان حيرام بالفعل صديقًا لداود وسليمان، ولكن أرض إسرائيل أعطيت لإسرائيل بأمر إلهي. لم تكن مقايضة أرض إسرائيل بهيكل عظيم وقصر مجيد صفقة جيدة.
• ومع ذلك، ربما تُذكَر الصفقة هنا لتظهر أن سليمان كان تاجرًا ماهرًا وكان المستفيد الأكبر في هذه الترتيبات من حيرام. ويبدو أيضًا أن سليمان قدم تسويات غير مهمة إلى حيرام مقابل حصوله على كمية كبيرة من الذهب.
• “رهن سليمان ٢٠ بلدة كضمان للحصول على الذهب (ربما أفضل لنا أن نستخدم كلمة ’مستوطنات‘ بدلًا من مدن (بلدات)، وتشير الكلمة إلى تجمعات سكنية في قرية صغيرة إلى مدينة).” وايزمان (Wiseman)
• “من الواضح أن حيرام عدّها مدنًا سيئة لا قيمة لها، وسخر من سليمان لإعطائه مدنًا لا فائدة منها. وقد سمّى الملك حيرام تلك المدن كَابُولَ، أيْ «أرْضًا تَافِهة». ورغم أنه كان مستاءً من هذا التبادل التجاري، إلا أنه قَبِل الصفقة وأرسل لسليمان ١٢٠ وزنة من الذهب.” ديلداي (Dilday). وتقدر الوزنة بحوالي ٧٠ جنيهًا من الذهب. قدر ديلداي قيمة هذا الذهب بأكثر من ٥٠ مليون دولار (ما يقرب من ١٦١ مليون دولار وفقًا لسعر صرف الدولار عام ٢٠١٥).
٣. فَلَمْ تَحْسُنْ فِي عَيْنَيْهِ: لا نعرف بالضبط سبب استياء حيرام من هذه المدن. ربما كان مستاءً من مساومة سليمان، عالمًا أن سليمان فعل شيئًا لم يفعله والده داود من قبل.
ب) الآيات (١٥-٢٤): العبيد المسُخرين من بقية الشعوب الكنعانية.
١٥وَهذَا هُوَ سَبَبُ التَّسْخِيرِ الَّذِي جَعَلَهُ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لِبِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِهِ وَالْقَلْعَةِ وَسُورِ أُورُشَلِيمَ وَحَاصُورَ وَمَجِدُّو وَجَازَرَ. ١٦صَعِدَ فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ وَأَخَذَ جَازَرَ وَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ، وَقَتَلَ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَعْطَاهَا مَهْرًا لابْنَتِهِ امْرَأَةِ سُلَيْمَانَ. ١٧وَبَنَى سُلَيْمَانُ جَازَرَ وَبَيْتَ حُورُونَ السُّفْلَى ١٨وَبَعْلَةَ وَتَدْمُرَ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي الأَرْضِ، ١٩وَجَمِيعَ مُدُنِ الْمَخَازِنِ الَّتِي كَانَتْ لِسُلَيْمَانَ، وَمُدُنَ الْمَرْكَبَاتِ وَمُدُنَ الْفُرْسَانِ، وَمَرْغُوبَ سُلَيْمَانَ الَّذِي رَغِبَ أَنْ يَبْنِيَهُ فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي لُبْنَانَ وَفِي كُلِّ أَرْضِ سَلْطَنَتِهِ. ٢٠جَمِيعُ الشَّعْبِ الْبَاقِينَ مِنَ الأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ٢١أَبْنَاؤُهُمُ الَّذِينَ بَقُوا بَعْدَهُمْ فِي الأَرْضِ، الَّذِينَ لَمْ يَقْدِرْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يُحَرِّمُوهُمْ، جَعَلَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ تَسْخِيرَ عَبِيدٍ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ٢٢وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَجْعَلْ سُلَيْمَانُ مِنْهُمْ عَبِيدًا لأَنَّهُمْ رِجَالُ الْقِتَالِ وَخُدَّامُهُ وَأُمَرَاؤُهُ وَثَوَالِثُهُ وَرُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانُهُ. ٢٣هؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ خَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ، الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ. ٢٤وَلكِنَّ بِنْتَ فِرْعَوْنَ صَعِدَتْ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ إِلَى بَيْتِهَا الَّذِي بَنَاهُ لَهَا، حِينَئِذٍ بَنَى الْقَلْعَةَ.
١. وَهذَا هُوَ سَبَبُ التَّسْخِيرِ الَّذِي جَعَلَهُ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ: جنّد سليمان هذا العدد الضخم من العمال لإكمال مشاريع البناء الضخمة. يشهد علم الآثار على مشاريع سليمان الطموح والناجحة في البناء.
٢. الْقَلْعَةِ: الكلمة العبرية المستخدمة هنا هي ’مِلُّو‘ أي مُنشأة مُحَصّنة: رُبّمَا كانت قلعة أوْ قِسمًا من المدينة أو منطقة القصر. ومن الممكن أن هذا يشير إلى المدرجات المعمارية والدعامات على طول المنحدر الشمالي الشرقي لأورشليم، مدينة داود.
٣. حَاصُورَ وَمَجِدُّو وَجَازَرَ: كانت هذه ثلاث قلاع بارزة في زمن سليمان. “لقد أظهرت أعمال التنقيب مؤخرًا أن هذه المدن الثلاث تشترك في خصائص معينة، بشكل خاص بتحصيناتها، تُنسَب إلى عصر سليمان… أكثرها تميزًا هي مجمعات البوابات، والتي تتطابق مع مخططات المدن الثلاث ولها نفس الأبعاد تقريبًا.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
• “تقع حَاصُورَ في موقع إستراتيجي مهم في الشمال (على بعد ثلاثة أميال شمال بحيرة طبرية)، عند مفترق الطرق السريعة الرئيسية. وأصبحت الحصن الرئيسي لإسرائيل ضد الغزاة الشماليين حتى دمرها تغلث فلاسر الثالث في القرن الثامن.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
• “كانت مَجِدُّو الحصن العظيم الذي سيطر على الممرات الرئيسية من سهل شارون على الساحل إلى وادي يزرعيل عبر سلسلة جبال الكرمل. وتظهر في النبوة على أنها موضع المعركة الأخيرة «هَرْمَجَدُّونَ» التي سيهزم فيها المسيح قوات ضد المسيح.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
• “تقع جَازَر على الطريق من يافا إلى أورشليم، وكانت مدينة كنعانية قوية. رغم أنها كانت ضمن أراضي سبط أفرايم، إلا أنه لم يسكنها بنو إسرائيل حتى وقت سليمان. “ثم أعطاها فرعون لابنته هدية زفافها لسليمان.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
٤. جَمِيعُ الشَّعْبِ الْبَاقِينَ مِنَ الأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ… جَعَلَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ تَسْخِيرَ عَبِيدٍ إِلَى هذَا الْيَوْمِ: كان هذا تنازلًا آخر باديًا من قبل سليمان. فقد أمر الله بوضوح أن تُطرد تلك القبائل من الأرض، وأن لا تُستخدم كعبيد مسخّرين في إسرائيل. لم يستخدم سليمان بني إسرائيل كعمال سخرة، بل استخدمهم للإشراف على العبيد الباقيين من الكنعانيين.
ج) الآيات (٢٥-٢٨): تمويل السفن لإحضار الذهب.
٢٥وَكَانَ سُلَيْمَانُ يُصْعِدُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي بَنَاهُ لِلرَّبِّ، وَكَانَ يُوقِدُ عَلَى الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ. وَأَكْمَلَ الْبَيْتَ. ٢٦وَعَمِلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ سُفُنًا فِي عِصْيُونَ جَابَرَ الَّتِي بِجَانِبِ أَيْلَةَ عَلَى شَاطِئِ بَحْرِ سُوفٍ فِي أَرْضِ أَدُومَ. ٢٧فَأَرْسَلَ حِيرَامُ فِي السُّفُنِ عَبِيدَهُ النَّوَاتِيَّ الْعَارِفِينَ بِالْبَحْرِ مَعَ عَبِيدِ سُلَيْمَانَ، ٢٨فَأَتَوْا إِلَى أُوفِيرَ، وَأَخَذُوا مِنْ هُنَاكَ ذَهَبًا أَرْبَعَ مِئَةِ وَزْنَةٍ وَعِشْرِينَ وَزْنَةً، وَأَتَوْا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ.
١. وَكَانَ سُلَيْمَانُ يُصْعِدُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي بَنَاهُ لِلرَّبِّ: من الممكن أن يكون هذا تعديًا آخر على وصايا الرب من قبل سليمان. من المحتمل أنه أخذ على عاتقه مهام الكاهن الحصرية، بتقديم المحرقات والبخور. ومع ذلك، كما هو الحال في بعض النصوص الأخرى، قد يشير هذا إلى أن سليمان قدم هذه الذبائح من خلال كاهن.
٢. فَأَتَوْا إِلَى أُوفِيرَ، وَأَخَذُوا مِنْ هُنَاكَ ذَهَبًا أَرْبَعَ مِئَةِ وَزْنَةٍ وَعِشْرِينَ وَزْنَةً: من الصعب تحديد موقع أُوفِير على وجه اليقين. يقترح بعضهم أنها تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية أو الساحل الشرقي لإفريقيا. ويدل هذا على الجهد الكبير الذي بذله سليمان لإِنجاز هذا المشروع الضخم.
• “لا أحد يعرف حتى يومنا هذا أين تقع أوفير على وجه اليقين. كان هناك مكانان بهذا الاسم، أحدهما في مكان ما في الهند ما وراء نهر الغانج، وآخر في شبه الجزيرة العربية بالقرب من بلاد السبئيين. ذكرت أوفير في سفر أيوب ٢٢: ٢٤.” كلارك (Clarke)