ملوك الأول ٢٢
موت أخآب
أولًا. الله يتنبأ بعذاب أخآب
أ ) الآيات (١-٤): أخآب وضع عينيه على رَامُوت جِلْعَاد.
١وَأَقَامُوا ثَلاَثَ سِنِينَ بِدُونِ حَرْبٍ بَيْنَ أَرَامَ وَإِسْرَائِيلَ. ٢وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ نَزَلَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. ٣فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِعَبِيدِهِ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَامُوتَ جِلْعَادَ لَنَا وَنَحْنُ سَاكِتُونَ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ؟» ٤وَقَالَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَتَذْهَبُ مَعِي لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ».
١. «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَامُوتَ جِلْعَادَ لَنَا وَنَحْنُ سَاكِتُونَ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ؟»: في الإصحاح السابق (١ ملوك ٢٠: ٣٤)، وعد ملك أرام بإرجاع مدن معينة إلى إسرائيل مقابل التساهل معه بعد الهزيمة في المعركة. ويبدو أن بنهدد لم يُرجع هذه المدينة إلى إسرائيل التي كانت تتمتع بموقع مهم إستراتيجيًا.
٢. «أَتَذْهَبُ مَعِي لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟»: طلب أخآب ملك إسرائيل من يهوشافاط ملك يهوذا مساعدته في هذا النزاع ضد أرام. وكان طلبه منطقيًا، لأن راموت جلعاد كانت تبعد ٤٠ ميلًا فقط عن أورشليم.
ب) الآيات (٥-٩): اقترح يهوشافاط أن يطلبوا مشورة الرب.
٥ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ». ٦فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ، نَحْوَ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل وَقَالَ لَهُمْ: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالُوا: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ». ٧فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» ٨فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: « إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلكِنِّي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ». فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هكَذَا». ٩فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ خَصِيًّا وَقَالَ: «أَسْرِعْ إِلَيَّ بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ».
١. «اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ»: نظرًا للعداء المعروف بين أخآب وأنبياء يهوه، كان ما طلبه يهوشافاط من أخآب جريئًا جدًا. لم يكن من المستغرب أن يختار أخآب الأنبياء الذين سيخبرونهم بما يريدون سماعه.
٢. «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ»: لم يكن الأنبياء الذين جمعهم أخآب أنبياء الرب المخْلصين. كان هؤلاء الأنبياء سعداء بإرضاء ملوكهم، وبإخبارهم بما يريدون سماعه. ولكن يهوشافاط كان مُصرًا على أن يسمع من نبي الرب، («أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟»).
٣. وَلكِنِّي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا: أبغض اخآب النبي بسبب الرسائل التي كان ينقلها. كان صراعه الحقيقي مع الرب، لكنه ركز كراهيته على النبي ميخا. ومع ذلك، كان أخآب مستعدًا لسماع نصيحة ملك يهوذا بأخذ مشورة النبي ميخا.
ج) الآيات (١٠-١٢): درس عملي من الأنبياء غير المُخلصين.
١٠وَكَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. ١١وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا». ١٢وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا قَائِلِينَ: «اصْعَدْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ».
١. جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ: يوضح هذا التقليد القديم المتمثل في عقد المحاكم واتخاذ القرارات عند أبواب المدينة. بل كانت هنالك عروش لكبار المسؤولين ليجلسوا عليها عند أبواب مدينة السامرة.
٢. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: تنبأ هؤلاء الأنبياء غير المخْلصين (مثل صِدْقِيَّا) باسم الرب، لكنهم لم يتنبأوا بصدق. ويعتقد مفسرون كثيرون أن هؤلاء الأنبياء كانوا وثنيين ممثلين عن سارية (عشيرة) أو أية آلهة أو آلهات، غير أنهم تنبأوا باسم الرب. وأنه أفضل أن نعدهم وثنيين، لا أنبياء غير أوفياء للإله الحقيقي.
• ربما كان هؤلاء أتباعًا حقيقيين للرب أغوتهم توبة أخآب الصادقة لكن الضحلة قبل ثلاث سنوات (١ ملوك ٢١: ٢٧-٢٩). ثم بدأوا تدريجيًا بالإنحياز إلى أخآب من دون تمحيص. وبعد ذلك، كانوا على استعداد للتنبؤ بالكذب إذا كان هذا ما يريد أخآب سماعه.
٣. بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا: استخدم صِدْقِيَّا أداة مألوفة للأنبياء القدماء، قدم للملك درسًا عمليًا. فاستخدم قرنين من حديد لتوضيح هاتين القوتين القويتين، أي الجيشين اللذين سيهزمان الآراميين. وقد حصل صدقيا على موافقة ٤٠٠ نبي آخر (وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا).
• لا بد أن هذا كان عرضًا مسليًا ونابضًا بالحياة. ويمكننا أن نتأكد من أن كل عين كانت مثبتة على صدقيا عندما استخدم قرني الحديد لتوضيح هذه النقطة بقوة. ومن المؤكد أنه أمر مقنع أن يتكلم ٤٠٠ نبي معطين إجماعًا على رأي واحد في مسألة. وبِغضّ النظر عن مدى قوة العرض وإقناعه، كانت رسالتهم غير صادقة.
ج) الآيات (١٣-١٦): نبوّة ميخا، النبي الأمين.
١٣وَأَمَّا الرَّسُولُ الَّذِي ذَهَبَ لِيَدْعُوَ مِيخَا فَكَلَّمَهُ قَائِلاً: «هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ، فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ مِثْلَ كَلاَمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ». ١٤فَقَالَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ». ١٥وَلَمَّا أَتَى إِلَى الْمَلِكِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «يَا مِيخَا، أَنَصْعَدُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ، أَمْ نَمْتَنِعُ؟» فَقَالَ لَهُ: «اصْعَدْ وَأَفْلِحْ فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ». ١٦فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ».
١. «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ»: حاول مساعد الملك أخآب إقناع ميخا بأن يتكلم بما يوافق ما قاله الأنبياء الأربعمائة الآخرون. لكن ميخا أكد ببساطة له أنه سيكرر ما قاله له الرب.
• كان هذا مشهدًا مثيرًا حتمًا. إذ أُحضر ميخا من السجن (تشير ١ ملوك ٢٢: ٢٦ إلى أنه جاء من السجن)، وها هو الآن يقف أمام ملكين بملابسه البالية، ويداه المكبلتان بالسلاسل، مستعدًا للتكلم باسم الرب.
• “من الطبيعي أن يروع هذا المشهد النبي الصالح، ولكن لأنه رأى مؤخرًا الرب جالسًا على عرشه وكل جند السماء واقفين من حوله، ولهذا نظر بجرأة في وجه هذين الملكين في جلالهما وكأنه يرى فأرين.” تراب (Trapp)
٢. «اصْعَدْ وَأَفْلِحْ فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ»: يرجّح أن نبرة ميخا وهو يتكلم كانت تهكمية ساخرة. وقد تكلم بنفس الطريقة مع الأنبياء غير المخلصين، لكنه أرسل رسالة مختلفة تمامًا عن رسالتهم.
٣. «كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ»: أدرك الملك أخآب نبرة ميخا التهكمية، وعرف أن رسالته تناقض رسالة الأنبياء الأربعمائة. فطلب من ميخا أن يقول الحق، وتأمل أن تكون رسالته رسالة الأنبياء الأربعمائة.
هـ) الآيات (١٧-١٨): تنبأ ميخا بالحقيقة.
١٧فَقَالَ: «رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهؤُلاَءِ أَصْحَابٌ، فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ». ١٨فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟»
١. رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا: تحدى أخآب ميخا أن يقول الحقيقة، فغيّر ميخا نبرته من التهكم إلى الجد. وقال إن إسرائيل لن تُهزم فحسب، بل سيهلك راعيها، أي ملكها أيضًا.
٢. «أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟»: طلب الملك أخآب سماع الحقيقة، لكنه لم يستطع أن يتحملها. ولم يضع في اعتباره أن ميخا تنبأ بالحق رغم أنه تنبأ شرًا عليه.
• “عرف أخآب في قلبه أن ميخا لن يخافه أو يتملّقه، لكنه سيعلن كلمة يهوه الرب. وفسَّر هذا على أنه كراهية شخصية له… وكراهيته لرسول الرب دليل واضح على الشر المتعمَّد.” مورجان (Morgan)
و ) الآيات (١٩-٢٣): ميخا يكشف الوحي وراء الأنبياء الأربعمائة.
١٩وَقَالَ: «فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. ٢٠فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا. ٢١ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ ٢٢فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا. ٢٣وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرّ».
١. قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ: وجد الملك أخآب وآخرون في القصر صعوبة في شرح كيف يمكن أن يكون نبي واحد على حق بينما يكون أربعمائة نبي على خطأ. وهنا شرح ميخا لهم رسالة الأنبياء. وربما كان ما قاله ميخا مجرد مثل، لكن الأكثر ترجيحًا هو أنه تلقى لمحة نبوية دقيقة من دراما سماوية وراء هذه الأحداث.
٢. عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ: بما أن يَمِينِهِ هي مكان النعمة والفضل، ربما يشير هذا إلى أن الله كان يتحدث إلى كل جند السماء مجتمعةً، أي الكائنات الملاكية الأمينة والملائكة الساقطة معًا.
• ينسى بعضهم أنه يمكن لإبليس ورفاقه الملائكة الساقطين الآخرين الوصول إلى السماء (أيوب 1: 6؛ رؤيا يوحنا 12: 10). وهنالك تعليم حسن النيّة، لكن مخطئ، أن معنى كون الله لا يسمح بوجود الشر في محضره يعني أن إبليس ورفاقه لا يمكن أن يكونوا في محضره. إذ تبيّن هذه النصوص أن الله يمكن أن يسمح للشر في محضره، رغم أنه لا يمكن أن تكون لديه شركة مع الشر. وذات يوم، سيزول كل الشر من محضره (رؤيا يوحنا 20: 14-15).
٣. مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟: أراد الله أن يجب دينونة على أخآب، ولهذا طلب متطوعًا من بين هذه المجموعة من الجند السماء ليقود أخآب إلى المعركة.
٤. أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ: على ما يبدو أن أحد ملائكة إبليس تطوّع لهذه المهمة. وبما أن أخآب أراد أن يُخدع، فسيعطيه الرب ما أراده، مستخدمًا ملاكًا ساقطًا ليعمل من خلال الأنبياء الأربعمائة الراغبين وغير الأوفياء.
• “إنه بالأحرى روح نبوة متجسد (زكريا ١٣: ٢، ١ يوحنا ٤: ٦). إذ يمكن لقوى روحية أو خارقة للطبيعة أن تتحكم حتى في الأنبياء الكذبة، وليس فقط منطقهم البشري. وهذا الروح هو قوة الكذب في فم شخص يعارض الحقيقة ويتكلم فقط لتحقيق غاياته.” وايزمان (Wiseman)
ز ) الآيات (٢٤-٢٨): ردة فعل الأنبياء الكذبة وأخآب.
٢٤فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَكَ؟» ٢٥فَقَالَ مِيخَا: «إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ». ٢٦فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «خُذْ مِيخَا وَرُدَّهُ إِلَى آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ، ٢٧وَقُلْ هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ، وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ حَتَّى آتِيَ بِسَلاَمٍ». ٢٨فَقَالَ مِيخَا: «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلاَمٍ فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي». وَقَالَ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الشَّعْبُ أَجْمَعُونَ».
١. فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ وَضَرَبَ مِيخَا: استجاب صدقيا بالطريقة التي يتصرف بها بعضهم عندما يخسرون النقاش، أي بالعنف.
٢. ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ: استجاب الملك كما يستجيب الطغاة عندما يواجَهون بالحقيقة. وأراد أخآب أن يبقى ميخا مسجونًا ومحرومًا من احتياجاته الأساسية (وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ).
• تبين جملة «خُذْ مِيخَا وَرُدَّهُ» أنهم أخذوا ميخا من السجن ليتكلم مع هذين الملكين.
• يمكن تفسير جملة ’وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ‘ إلى: أعطوه كميات ضئيلة جدًا من الطعام والماء.” ديلداي (Dilday)
٣. «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلاَمٍ فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي»: قدم النبي ميخا إلتماسًا أخيرًا ونهائيًا لأخآب. وكان على استعداد لأن يحكم عليه من خلال من خلال تحقٌّق نبوته أو عدم تحقّقها.
ثانيًا. أخآب يموت في المعركة
أ ) الآيات (٢٩-٣٠): يدخل يهوشافاط وأخآب المعركة.
٢٩فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. ٣٠فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ». فَتَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَدَخَلَ الْحَرْبَ.
١. فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ: يسهل علينا أن نفهم السبب الذي دفع أخآب، ملك إسرائيل، إلى دخول المعركة. إذ لم يُرِد أن يصدّق أن نبوة ميخا كانت حقيقية، وأراد أن يقاومها بشجاعة. وليس سهلًا أن نفهم السبب الذي دفع يهوشافاط، ملك إسرائيل، إلى دخول المعركة بصحبة أخآب. إذ كان ينبغي أن يصدق نبوة ميخا ويعرف أن المعركة ستنتهي بموت أخآب وبكارثة على الأقل.
• ربما آمن يهوشافاط بالقضاء والقدر في ما يتعلق بمشيئة الله، معتقدًا أنه إذا كان كل شيء هو بسماح من الرب، فلا يوجد شيء يمكن أن يفعله هو أو أي شخص آخر حيال هذا الأمر.
٢. «إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ»: لم يُرِد أخآب أثناء خوضه للمعركة أن يميَّز بصفته ملك إسرائيل لئلا يكون مستهدفًا. فظنّ أن من شأن التنكر هذا أن يساعد في حمايته من نبوة ميخا حول مقتله في المعركة. وإنه لأكثر صعوبة أن نشرح كيف وافق يهوشافاط على دخول المعركة بصفته الملك الوحيد المحدد المميَّز بوضوح (وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ). ربما لم يكن ذكيًّا بما يكفي، أو كان لديه إيمان كبير.
ب) الآيات (٣١-٣٦): نجاة يهوشافاط وموت أخآب في المعركة.
٣١وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ رُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ الَّتِي لَهُ، الاثْنَيْنِ وَالثَّلاَثِينَ، وَقَالَ: «لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ». ٣٢فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ، قَالُوا: «إِنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ» فَمَالُوا عَلَيْهِ لِيُقَاتِلُوهُ، فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ. ٣٣فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ رَجَعُوا عَنْهُ. ٣٤وَإِنَّ رَجُلاً نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ الدِّرْعِ. فَقَالَ لِمُدِيرِ مَرْكَبَتِهِ: «رُدَّ يَدَكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْجَيْشِ لأَنِّي قَدْ جُرِحْتُ». ٣٥وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأُوقِفَ الْمَلِكُ فِي مَرْكَبَتِهِ مُقَابِلَ أَرَامَ، وَمَاتَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، وَجَرَى دَمُ الْجُرْحِ إِلَى حِضْنِ الْمَرْكَبَةِ. ٣٦وَعَبَرَتِ الرَّنَّةُ فِي الْجُنْدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَائِلاً: «كُلُّ رَجُل إِلَى مَدِينَتِهِ، وَكُلُّ رَجُل إِلَى أَرْضِهِ». ٣٧فَمَاتَ الْمَلِكُ وَأُدْخِلَ السَّامِرَةَ فَدَفَنُوا الْمَلِكَ فِي السَّامِرَةِ.
١. «لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ»: لم ينل أخآب أي رضا من حكام آرام بسبب الرحمة التي قدّمها لبنهدد (1 ملوك 20: 31-34). وجعلت إستراتيجية الجيش الآرامي تنكُّر أخْآب يبدو حكيمًا جدًّا.
• “هكذا يجازي الكافرون غير الشاكرين رحمة هذا المنتصر سابقًا… لكن كانت هنالك يد مقدسة إلهية في هذا الأمر.” تراب (Trapp)
٢. فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ: عندما وجد يهوشافاط نفسه الملك الوحيد القابل للتمييز في المعركة، أدرك بسرعة أنه في خطر، فصرخ إلى الرب، فأنقذه وحوّل عنه أولئك الذين كانوا يلاحقونه.
• توضح ٢ أخبار الأيام ١٨: ٣١ أن الرب سمع صراخ يهوشافاط وخلصه.
• بعد الهروب الوثيق في راموت جلعاد، كرس يهوشافاط نفسه لعمل إصلاح روحي في يهوذا: وَأَقَامَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ، ثُمَّ رَجَعَ وَخَرَجَ أَيْضًا بَيْنَ الشَّعْبِ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَرَدَّهُمْ إِلَى الرَّبِّ إِلهِ آبَائِهِمْ (٢ أخبار الأيام ١٩: ٤).
٣. وَإِنَّ رَجُلاً نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ: بدت هذه صدفة بحتة. إذ قام ردل ما بسحب قوسه بشكل عشوائي. لكنه ضرب كما لو كان صاروخًا يبحث عن خطية. لقد وجّه الله أعمال الإنسان غير المقصودة لكي تنتج تنفيذًا لدينونته.
• “والآن، أيّ فرح يمكن أن تتمتع به نفس أخآب السوداء الموشكة على الرحيل من بيته العاجي؟ ألا يفضل أن يكون مثل ميخا في السجن على أن يكون في مركبته؟ يتمتع الأشرار بميزة الطريق، بينما يتمتع الأتقياء بميزة النهاية.” تراب (Trapp)
٤. وَأُوقِفَ الْمَلِكُ فِي مَرْكَبَتِهِ مُقَابِلَ أَرَامَ، وَمَاتَ عِنْدَ الْمَسَاءِ: واجه أخآب نهاية حياته بشجاعة، فمات واقفًا مستندًا في مركبته لتشجيع جيشه. وعندما ذاع خبر موته، انتهت المعركة.
• “يبدو أن جيشي إسرائيل ويهوذا ظلا يحاربان طوال النهار. لكن في المساء، عندما مات الملك، وذاع خبر موته، ربما كان هنالك إعلا بموافقة كل من الآراميين والإسرائيليين أن الحرب قد انتهت.” كلارك (Clarke)
ج) الآيات (٣٧-٤٠): تحقيق النبوة بشأن أخآب.
٣٨وَغُسِلَتِ الْمَرْكَبَةُ فِي بِرْكَةِ السَّامِرَةِ فَلَحَسَتِ الْكِلاَبُ دَمَهُ، وَغَسَلُوا سِلاَحَهُ. حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ. ٣٩وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَخْآبَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ، وَبَيْتُ الْعَاجِ الَّذِي بَنَاهُ، وَكُلُّ الْمُدُنِ الَّتِي بَنَاهَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ ٤٠فَاضْطَجَعَ أَخْآبُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ أَخَزْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. فَمَاتَ الْمَلِكُ: تم إثبات صحة نبوة ميخا النبي. لم يرجع الملك أخآب إلى السامرة أو إسرائيل بسلام ثانية.
٢. فَلَحَسَتِ الْكِلاَبُ دَمَهُ، وَغَسَلُوا سِلاَحَهُ: كان هذا تتميم تقريبي لكلمة الرب في ١ ملوك ٢١: ١٩، حين تنبأ إيليا بأن الكلاب ستلعق دم أخآب. وهذا ما حصل فعلًا، ولكن ليس في المكان الذي تنبأ إيليا عنه. نقرأ في ١ ملوك ٢١ أن الرب قد تراجع عن دينونته ضد أخآب بسبب توبته. ولكن لأن توبة أخآب كانت زائفة، ولأنه استمر في الخطية، حُكم عليه بحكم مشابه جدًا.
٣. حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ: تحققت نبوة أخرى بموت أخآب، وهي نبوة النبي المجهول في ١ ملوك ٢٠: ٤٢، عن أن أخآب أنقذ حياة بنهدد ولكن على نفقته الخاصة.
٤. وَبَيْتُ الْعَاجِ الَّذِي بَنَاهُ، وَكُلُّ الْمُدُنِ الَّتِي بَنَاهَا: وفقًا للمعايير المادية، كان حُكم أخآب ناجحًا. كان ناجحًا عسكريًا بشكل عام، وتمتع باقتصاد مزدهر عمومًا. ولكن كان حُكمه من الناحية الروحية عبارة عن كارثة، أسوأ ما حدث لإسرائيل على الإطلاق.
ثالثًا. حُكم كل من يهوشافاط وأخزيا
أ ) الآيات (٤١-٥٠): ملخص حُكم يهوشافاط.
٤١وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ بْنُ آسَا عَلَى يَهُوذَا فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لأَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. ٤٢وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ ابْنَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ عَزُوبَةُ بِنْتُ شَلْحِي. ٤٣وَسَارَ فِي كُلِّ طَرِيقِ آسَا أَبِيهِ. لَمْ يَحِدْ عَنْهَا، إِذْ عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزِعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَذْبَحُ وَيُوقِدُ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. ٤٤وَصَالَحَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ. ٤٥وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوشَافَاطَ وَجَبَرُوتُهُ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَكَيْفَ حَارَبَ، أَمَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ ٤٦وَبَقِيَّةُ الْمَأْبُونِينَ الَّذِينَ بَقُوا فِي أَيَّامِ آسَا أَبِيهِ أَبَادَهُمْ مِنَ الأَرْضِ. ٤٧وَلَمْ يَكُنْ فِي أَدُومَ مَلِكٌ. مَلَكَ وَكِيلٌ. ٤٨وَعَمِلَ يَهُوشَافَاطُ سُفُنَ تَرْشِيشَ لِتَذْهَبَ إِلَى أُوفِيرَ لأَجْلِ الذَّهَبِ، فَلَمْ تَذْهَبْ، لأَنَّ السُّفُنَ تَكَسَّرَتْ فِي عِصْيُونَ جَابِرَ. ٤٩حِينَئِذٍ قَالَ أَخَزْيَا بْنُ أَخْآبَ لِيَهُوشَافَاطَ: «لِيَذهَبْ عَبِيدِي مَعَ عَبِيدِكَ فِي السُّفُنِ». فَلَمْ يَشَأْ يَهُوشَافَاطُ. ٥٠وَاضْطَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، فَمَلَكَ يَهُورَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. يَهُوشَافَاطُ بْنُ آسَا: كان آسا ملكًا صالحًا، وسار يهوشافاط ابنه على خطاه، وعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
• لخص كاتب سفر ملوك الأول العديد من الإنجازات الرائعة ليهوشافاط، الذي كان أحد أفضل ملوك يهوذا. نتعرف على إنجازات يهوشافاط الأخرى من أخبار الأيام الثاني.
أرسل معلمين في كل أرجاء المملكة ليعلموا الشعب شريعة الرب (٢ أخبار الأيام ١٧: ٧-١٠). “استطاع يهوشافاط، من خلال هذه المجموعة من الرؤساء واللاويين والكهنة، وعددهم 16 فردًا، غرس إحساس بالإبهار بقوته في الأمم المجاورة أكثر مما يمكن أن يفعله أي جيش مسلّح على الدوام.” ناب (Knapp)
أقام ثكنة عسكرية دائمة على طول الحدود الشمالية (٢ أخبار الأيام ١٧: ١-٢، ١٢).
قام بتدريب وتجهيز جيش كبير (٢ أخبار الأيام ١٧: ١٤-١٩) كان قادرًا على كبح أي غزو يأتي من شرق الأردن (٢ أخبار الأيام ٢٠: ١-٣٠).
وضع أدوم تحت سيطرة يهوذا، وسيطر بهذا على طريق قوافل هام في الجنوب (٢ ملوك ٣: ٨-٢٧، ٢ أخبار الأيام ٢٠: ٣٦).
بارك الرب مملكته لدرجة أن خوف الرب حل على الأمم المجاورة فلم يحاربوا يهوشافاط (٢ أخبار الأيام ١٧: ١٠).
كان يهوشافاط أيضًا إداريًا قادرًا، وعمل إصلاحات قضائية (٢ أخبار الأيام ١٩: ٥-١١) وإصلاحات دينية (٢ أخبار الأيام ١٧: ٣-٩).
كان يهوشافاط أيضًا الملك الحاكم عندما انتصر جيش يهوذا انتصارًا عظيمًا بسبب تسبيح اللاويون (٢ أخبار الأيام ٢٠: ١٥-٢٣).
٢. إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزِعْ: لم يفعل يهوشافاط كل ما كان ينبغي له أن يفعله كملك. غير أنه قام بعمل الكثير من الإصلاحات في إسرائيل أكثر بكثير مما فعله آسا (وَبَقِيَّةُ الْمَأْبُونِينَ الَّذِينَ بَقُوا فِي أَيَّامِ آسَا أَبِيهِ أَبَادَهُمْ مِنَ الأَرْضِ).
• “تقول ٢ أخبار الأيام ١٧: ٦ صراحة أنه نزع المرتفعات. وبالسماح بصحة هذا النص في أخبار الأيام الثاني، يمكننا القول أنه كان هنالك نوعان من المرتفعات في الأرض: ١. تلك المستخدمة لأغراض العبادات الوثنية. و٢. تلك المكرسة للرب، والتي استخدمت قبل بناء الهيكل. فقد نزع يهوشفاط الأولى وأبقى على الثانية.” كلارك (Clarke)
٣. وَلَمْ يَكُنْ فِي أَدُومَ مَلِكٌ: “قدم الكاتب هذه الملاحظة لتفسير بناء سفن يهوشافاط في عِصْيُون جَابِر، التي كانت في أراضي الأدوميين، والتي أظهرت أنهم كانوا في ذلك الوقت تحت نير اليهود.” كلارك (Clarke)
٤. لِيَذهَبْ عَبِيدِي مَعَ عَبِيدِكَ فِي السُّفُنِ: بعد مغامرة الشحن الكارثية، جُرِّب يهوشافاط بعمل تحالف مع إسرائيل، لكنه لم يشأ أن يفعل هذا. وكان هذه لمصلحته. لقد تعلم درس عدم الدخول في شراكة مع الأثمة.
• تخبرنا أخبار الأيام الثاني ٢٠: ٣٥-٣٧ المزيد عن مشروع الشحن هذا مع إسرائيل. وكيف تحالف يهوشافاط مع أخزيا وانتهى بكارثة. “قال الرب ليهوشافاط عن سبب الكارثة: «لأَنَّكَ اتَّحَدْتَ مَعَ أَخَزْيَا، قَدِ اقْتَحَمَ الرَّبُّ أَعْمَالَكَ» (٢ أخبار الأيام ٢٠: ٣٧). وبعد هذه الكلمة من الرب، رفض يهوشافاط عرض تحالف مستمر مع ملك إسرائيل، أخزيا.
٥. فَمَلَكَ يَهُورَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ: زوج يهوشافاط ابنه يهورام إلى عثليا ابنة أخآب وإيزابل (٢ أخبار الأيام ١٨: ١). وكان هذا خطأً فادحًا لأن حُكم أخزيا كان كارثة روحية ووطنية ليهوذا وها هو يهورام ابنه يسير في طرق ملوك إسرائيل، تمامًا كما فعل بيت أخآب، وتزوج من ابنة أخآب. (٢ أخبار الأيام ٢١: ٦). لقد شعر الجيل التالي بالآثار السيئة لهذا الأمر، لأن أخزيا بن يهورام كان أيضًا ملكًا سيئًا ليهوذا (٢ أخبار الأيام ٢٢: ٢-٤).
ب) الآيات (٥١-٥٣): حُكم أخزيا ملك إسرائيل بن أخآب الشرير.
٥١أَخَزْيَا بْنُ أَخْآبَ مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَةَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا. مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ سَنَتَيْنِ. ٥٢وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ وَطَرِيقِ أُمِّهِ، وَطَرِيقِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، ٥٣وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ وَأَغَاظَ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ أَبُوهُ.
١. مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ سَنَتَيْنِ: ملك أخآب ٢٢ سنة ولكن ابنه ملك سنتين فقط. عندما تاب أخآب بعد إعلان الدينونة في ١ ملوك ٢١، رغم أن توبته كانت سطحية، تراجع الرب عن دينونته الفورية ووعد بإنزال الدينونة في أيام ابن أخآب. وكانت فترة حكم أخزيا القصيرة تحقيقًا لهذه النبوة في ١ ملوك ٢١: ٢٩.
• “إن قمنا بعمل مقارنة بين هذه الآية والآية ٤١، سنجد أن أخزيا صار ملكًا أثناء حُكم أبيه، أي أنه حكم معه قبل وفاة أخآب بسنة أو سنتين.” بوله (Poole)
٢. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ وَطَرِيقِ أُمِّهِ، وَطَرِيقِ يَرُبْعَامَ: بالنظر إلى طرق يربعام وأخآب وإيزابل الشريرة، لا يكاد يوجد شيء أسوأ يمكن قوله عن الملك.
• “إنها قائمة طويلة ومظلمة من الإثم، ولكن ماذا يمكننا أن نتوقع من نسل زوجين مثل آخاب وإيزابل.” ناب (Knapp)
• ينتهي سفر ملوك الأول بهذه الملاحظة المتدنية. بدأ السفر بوعد أعظم ملك في إسرائيل، داود. وانتهى بحُكم حزين لواحد من أكثر الملوك شرًا على مملكة إسرائيل منقسمة الأسباط.