٢ صموئيل ١١
داود يزني ويقتل
“لا يوجد في أدب العهد القديم كله إصحاح أكثر مأساوية أو امتلاءً بالتحذير الجاد الفاحص مثل هذا.” مورجان (Morgan)
أولًا. زنا داود.
أ ) الآية (١): يبقى داود في البيت بعيدًا عن المعركة مع العمونيين.
١وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ، فِي وَقْتِ خُرُوجِ ٱلْمُلُوكِ، أَنَّ دَاوُدَ أَرْسَلَ يُوآبَ وَعَبِيدَهُ مَعَهُ وَجَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فَأَخْرَبُوا بَنِي عَمُّونَ وَحَاصَرُوا رِبَّةَ. وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ.
١. وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ، فِي وَقْتِ خُرُوجِ ٱلْمُلُوكِ (للمعارك): في هذا الجزء من العالم، لم يكن الملوك يحاربون في شهور الشتاء، لأن الأمطار والطقس البارد كانت تجعل الأسفار والحملات العسكرية صعبة. فكانوا يستأنفون القتال في الربيع.
٢. أَنَّ دَاوُدَ أَرْسَلَ يُوآبَ… وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ: كان ينبغي أن يكون في الخارج في المعركة، لكنه تَخَلَّف وبقي في بيته. وفي ٢ صموئيل ١٠، حُفظ يوآب وجيش الجبابرة من الآراميين والعمونيين، لكنهم لم يحرزوا نصرًا حاسمًا. فجاء النصر الحاسم عندما قاد داود المعركة في نهاية ٢ صموئيل ١٠. ومن خلال كل من العادة والخبرة، طلب الله من داود: ’ينبغي أن تكون في المعركة.‘ لكن داود بقي في أورشليم.
· ينطبق مبدأ
غلاطية ٥: ١٦ هنا: “وَإِنَّمَا أَقُولُ: ٱسْلُكُوا بِٱلرُّوحِ فَلَا تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ.” فلو أن داود انتبه أين أراده الله، لما انتبه أين لم يُرِدْه. “بينما كان يوآب منشغلًا في محاصرة ربّة عمون، كان إبليس منشغلًا في محاصرة داود، وسرعان ما انتصر عليه.” تراب (Trapp)
· غير أن من الخطأ الاعتقاد أن هذا بدأ سلسلة من الأحداث التي اتبعها داود من الزنا والقتل. فقد أظهر داود تجاهله لخطة الله للزواج قبل سنوات كثيرة عندما اتخذ زوجات كثيرات (
١ صموئيل ٢٥: ٤٢-٤٣؛
٢ صموئيل ٣: ٢-٥). فقد أظهرت ممارسة داود لإضافة زوجات افتقارًا لضبط النفس وانقيادًا وراء رغباته القوية. فهذه البذرة الفاسدة التي زُرعت من زمن بعيد نمت من دون رادع لفترة كافية، فأنتجت ثمارًا مُرة.
· “عند تفكيري في ما حدث، فإني متأكد من أن هذا لم يحدث دفعة واحدة. إذ كانت مسألة بثشبع ذروة شيء كان يحدث بشكل مستمر في حياته لعشرين سنة.” ريدباث (Redpath)
· ولهذا وفّر بقاء داود بعيدًا عن المعركة الفرصة للافتقار المزمن إلى ضبط النفس والانقياد وراء الرغبات القوية للظهور.
ب) الآية (٢): داود يواجه التجربة.
٢وكَانَ فِي وَقْتِ ٱلْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى ٱلسَّطْحِ ٱمْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدًّا.
١. قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ: كان الملك يتمشّى، أي أنه كان يسير جيئةً وذِهابًا. لم يستطع أن ينام لأنه كان مضطربًا لأنه لم يكن حيث أراده الله أن يكون.
٢. فَرَأَى ٱمْرَأَةً تَسْتَحِمُّ: لا نشك أن هذه المرأة (التي سنعرف لاحقًا أن اسمها بثشبع) تصرفت بطريقة غير محتشمة. فرغم أن الوقت كان مساء، وأن معظم الناس كانوا نيامًا، إلا أن من المؤكد أنها عرفت أن استحمامها كان منظورًا من سطح قصر الملك. ولا يبرر عدم احتشامها خطية داود، لكنها كانت مسؤولة عن خطيتها.
· لا ينبغي أن نكون عثرة للآخرين فنسبّب في خطيتهم، حتى في ملبسنا. ونصيحة بولس في
١ تيموثاوس ٢: ٩ ذات صلة بهذا الموضوع: “وَكَذَلِكَ أَنَّ ٱلنِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ ٱلْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّلٍ، لَا بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لَآلِئَ أَوْ مَلَابِسَ كَثِيرَةِ ٱلثَّمَنِ.”
٣. فَرَأَى ٱمْرَأَةً تَسْتَحِمُّ: لم تكن خطية داود في رؤية بثشبع. كان من غير المحتمل أنه توقّع أن يراها أو أنه خطّط لرؤيتها.. بل تمثلت خطيته في إبقاء عينيه عليها، وعلى صورتها المغرية في ذهنه بعد أن رآها.
· يتوجب أن يتعلّم المؤمنون – ولا سيما الرجال – ألّا يضعوا عيونهم (أو أذهانهم) على صور مغرية باستثناء ما يخصّهم في الزواج. إذ يتوجب أن نرفع عيوننا على الصور المغرية التي تأتي إلينا.
· لم تشبع زوجات داود الكثيرات شهوته. ويعود هذا إلى أنه لا يمكن إشباع شهوات الجسد، لأنها بشكل أساسي توكيدات متمردة للذات. لم يكن الأمر أن داود اشتهى بثشبع. بل كان الأمر أنه لم يشأ أن يَقْنع بما أعطاه الله.
· وسنجد مثلًا توضيحيًّا لهذا المبدأ بطريقة مبالغ فيها في حياة سليمان، ابنه. إذ كانت لدى سليمان ٧٠٠ زوجة و٣٠٠ محظية. ونحن نتعلم من هذا أنه إذا لم تكن امرأة واحدة كافية، فلن تكفيك ألف امرأة.
٤. وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدًّا: جعل جمال بثشبع العظيم المشهد مغريًا. لكن القوة الحقيقية للتجربة في كثير من الأحيان لا تكمن في نوعية الموضوع المغري، بل في حالة الشخص المجرَّب وعقله. لكن داود كان ’مهيَّئًا‘ بعناية للتعثر في هذه المرحلة بالذات. ومع هذا، لم تكن التجربة أقوى من أن يحتملها، مهما بلغ جمال بثشبع.
· على سبيل المثال، جُرِّب يوسف بقسوة أكبر بارتكاب الزنا من داود هنا، لكنه هرب من التجربة.
· نظر داود إلى بثشبع وقال، ’هذا جمال،‘ لكن الله رآه قُبحًا. إذ تخدعنا ملذات الخطية مثل الطعم المختبئ وراء الخطاف. ويتوجب علينا أن نسمّيها كما يسمّيها الله، خطية. نريد أن نصِفها بأنها ’علاقة غرامية،‘ لكن الله يصفها ’زنا.‘ نريد أن نقول، ’هذا حب،‘ لكن الله يقول إنها ’شهوة.‘ نريد أن نقول، ’هذا مثير،‘ لكن الله يقول إن هذا ’إثم.‘ نريد أن نقول، ’هذا رومانسي،‘ لكن الله يقول إن هذا ’خراب.‘ نريد أن نقول، ’هذا قدر،‘ لكن الله يقول إن هذا ’هلاك.‘
ج) الآية (٣): داود يسعى إلى التجربة.
٣فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ ٱلْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: “أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ ٱمْرَأَةَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيِّ.”
١. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ: كان بإمكانه عند هذه النقطة أن يضع حدًّا للتجربة بأن يترك المشهد في هذا الوقت، حتى بعد التفكير في التجربة لفترة من الزمن. وبدلًا من ذلك، وضع نفسه في موقف أكثر إغراء بالخطية.
٢. أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ: عرف داود من هذا أن المرأة جاءت من عائلة مرموقة، وأنها تنتمي إلى الطبقة العليا. فكان أبوها أليعام، أحد جبابرة داود (
٢ صموئيل ٢٣: ٣٤). وكان جدها أخيتوفل، واحدًا من مستشاري داود الرئيسيين (
٢ صموئيل ٢٣: ٣٤؛
٢ صموئيل ١٥: ١٢).
٣. ٱمْرَأَةَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيِّ: عرف داود من هذا أن بثشبع كانت متزوجة، وأنه أحد الجبابرة في جيشه (
٢ صموئيل ٢٣: ٨،
٣٩). وعرف أيضًا أن زوجها كان غائبًا، لأن الجبابرة كانوا يحاربون العمونيين. فجعلت هذه المعلومة الموقف أكثر إغراء، حيث بدأ يفكر: ’يمكنني أن أفلت بهذا.‘
· ارتكب داود الزنا في قلبه وهو على السطح. وهو الآن يعرف أن لديه الفرصة في ارتكاب الزنا الفعلي. والزنا في القلب والفكر سيئ، لكن الزنا الفعلي أسوأ بكثير.
· كان ينبغي لداود أن يتلقّى المعلومات حول هوية المرأة كإنذار. إذ عرف أنها ذات صلة برجال قريبين منه. وعندما أخذ داود بثشبع، أخطأ ضد أوريا، وأليعام وأخيتوفل. إذ كان كل واحد منهم قريبًا من داود ومهمًّا له.
د ) الآية (٤): داود يحتضن التجربة.
٤فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلًا وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَٱضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.
١. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلًا وَأَخَذَهَا: في هذا، تصرّف الرجل الذي بحسب قلب الله ضد قلبه هو، تابعًا نوازعه الشهوانية إلى النهاية. تجاهل داود كل إنذار وكل منفذ وضعه الله أمامه.
· “لا نجد في عبارة ’أَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ‘ أي تلميح إلى أن داود جلب بثشبع إلى قصره من خلال حِيَل أو عنف. بل جاءت إليه حسب طلبه من دون أي تردد، ولم تُبدِ أية مقاومة لرغباته. ولهذا لا ينبغي اعتبارها خالية من اللوم.” كيل وديلتزتش (Keil and Delitzsch)
· “لا نسمع شيئًا عن ترددها، ولا يوجد أي دليل على أنها أُخِذت عُنوة.” كلارك (Clarke)
٢. فَٱضْطَجَعَ مَعَهَا: عرف داود أن هذا كان خطأ، غير أنه فعل هذا. ويصعب تفسير تفكير داود هنا، لأنه لم يكن يفكر. فقد كان يتصرف وفق شعوره وغرائزه بدلًا من استخدام عقله.
· لو أن داود فكّر في كل هذا، لرأى أن التكلفة ستكون أعظم بكثير مما وضعه في اعتباره في تلك اللحظات. لم يعرف أن هذا السعي غير المشروع وراء المتعة سيؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى:
- حَبَل غير مرغوب فيه
- اغتيال صديق موثوق
- طفل ميّت
- اغتصاب ابنته على يد ابنه
- قيام ابن له بقتل ابن آخر له
- حرب أهلية بقيادة أحد أبنائه
- ابن يقلّده في افتقاره إلى ضبط النفس، مبعدًا نفسه وقدْرًا كبيرًا من إسرائيل عن الله.
· يأتي نفس هذا النوع من الخراب من الزنا اليوم. ونحن نفكر في كل الأطفال الذين ينامون في المساء من دون أن يكون أبوهم في البيت بسبب الهجوم الفظيع على الولايات المتحدة في ١١ أيلول من عام ٢٠٠١. لكن عددًا أكبر ينامون في المساء من دون أب في البيت بسبب الزنا.
· في تلك اللحظة، وافق داود على فهم العالم لغرض الجنس، ناظرًا إليه بشكل أساسي كسعي إلى خبرة ممتعة. ومع زوجات كثيرات، ربما لم يفهم داود قط قصد الله للزواج، وهو أن يكون بمثابة ’الإسمنت‘ الذي يقوي الرابط بين طرفي الزواج في علاقة جسد واحد.
٣. وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا: يؤكد هذا أن بثشبع مرّت مؤخرًا بفترة طمث، وأنها لم تكن حبلى عندما ارتكب داود الزنا معها.
· يبدو أن داود أفلت من عقاب هذه الخطية، لكن يمكنه (وإيانا أيضًا) أن يعتقد هذا إذا رأى أن الخطية شيء جيد أراد الله أن يحرمه منه. لقد فعل داود شيئًا ضارًا ومدمّرًا لنفسه وللآخرين. وسيأتي ضرر ودمار منه. ولأن داود لم يُمسَك بالجرم المشهود في تلك اللحظة، فإن هذا لا يعني أنه أفلت من أي شيء.
هـ) الآية (٥): رسالة بثشبع إلى داود.
٥وَحَبِلَتِ ٱلْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: “إِنِّي حُبْلَى.”
١. وَحَبِلَتِ ٱلْمَرْأَةُ: لم يخطط داود وبثشبع لهذا. وشعرا بالرعب بسبب ’مشكلة‘ الحبَل وإمكانية افتضاح زناهما.
٢. وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: “تضمّنت رسالتها مناشدة له أن يتخذ الخطوات الضرورية لتفادي العواقب السيئة لخطيتهما، حيث إن الشريعة تنص على رجم كل من الزاني والزانية حتى الموت (
لاويين ٢٠: ١٠).” كيل وديليتزش (Keil and Delitzsch)
ثانيًا. داود يغتال أوريا.
أ ) الآيات (٦-١١): داود يحاول التغطية على خطيته.
٦فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيَّ». فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ. ٧فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلَامَةِ يُوآبَ وَسَلَامَةِ ٱلشَّعْبِ وَنَجَاحِ ٱلْحَرْبِ. ٨وَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «ٱنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَٱغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ ٱلْمَلِكِ. ٩وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. ١٠فأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». ١١فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «أَمَا جِئْتَ مِنَ ٱلسَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟» فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: “إِنَّ ٱلتَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي ٱلْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لِآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجِعَ مَعَ ٱمْرَأَتِي؟ وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ، لَا أَفْعَلُ هَذَا ٱلْأَمْرَ.”
١. أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيَّ: عندما سمع داود الخبر الكارثي عن حبَل بثشبع، كان ينبغي أن يحفزه على التوبة. وبدلًا من ذلك، فعل داود ما يفعله معظم الخطاة التائبين، وهو إخفاء خطيته. فقد أراد أن يسحب أوريا من المعركة ليقيم علاقة زوجية مع بثشبع لتفسير حبَلها.
· إن كل مفهوم إخطاء خطيتنا خادع. فخطيتنا لا تخفى عن الله، ولا تخفى عن ضميرنا إلا بصعوبة. وتمنعنا خطيتنا المخفية من الشركة مع الله والآخرين. وهي عائق للحياة والقوة الروحيتين.
· “السؤال الحقيقي لنا جميعًا هو: هل نحن مستعدون لمواجهة خطيتنا؟ لا أن نناقش خطيتنا مع شخص آخر، بل أن نواجهها.” ريدباث (Redpath)
- يكمن حل مشكلة الخطية في الاعتراف والتوبة. فلمن نعترف؟ والجواب مسؤول في السؤال نفسه: من الذي أخطأنا بحقّه؟ فإن أخطأتَ سرًّا، فاعترف سرًّا معترفًا علانية باحتياجك إلى الانتصار، محتفظًا بالتفاصيل لنفسك. وإذا أخطأت علنًا، فاعترف علنًا لإزالة العثرات أمام الآخرين الذين عثرتهم. وإذا أخطأتَ روحيًّا (بعدم الصلاة، وعدم المحبة، وعدم الإيمان وأشياء ناتجة عنها، والانتقاد، إلخ، فاعترف للكنيسة بأنك كنتَ عائقًا.” جي. إدوين أور (J. Edwin Orr)
· “حالما ندرك الخطية، فإن الشيء الصواب ليس أن نفكر في الخطية ونحللها، أو أن ننتظر إلى أن نصل إلى حالة قلبية حيالها. بل ينبغي أن نذهب فورًا ونعترف بتعدّينا للرب.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلَامَةِ يُوآبَ وَسَلَامَةِ ٱلشَّعْبِ وَنَجَاحِ ٱلْحَرْبِ: كانت هذه محاولة شاذة من داود للتظاهر بأنه لم تحدث أية مشكلة. فأعطى داود الانطباع أن الأمور عادية بينما لم تكن كل الأمور مع الله على ما يرام.
٣. ٱنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ: “كانت خطة داود أن يذهب أوريا إلى بيته ويضطجع مع زوجته، لكي يعتقد أن الطفل الذي في بطنها هو منه، وتخفى جريمة داود. وفي ذلك الوقت، لم يكن لدى داود تصميم على قتل أوريا أو اتّخاذ بثشبع زوجة له.” كلارك (Clarke)
٤. إِنَّ ٱلتَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي ٱلْخِيَامِ: يبيّن هذا أنه كان لدى أوريا شغف بمجد الله، رغم أنه كان حثّيًّا، ولم يكن يهوديًّا في الأصل.
٥. وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لِآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجِعَ مَعَ ٱمْرَأَتِي: يبيّن هذا أن أوريا كان رجلًا على نزاهة عظيمة. كان ’لاعب الفريق‘ الحقيقي الذي لم يُردْ أن يتمتع بتعزيات البيت ما دام رفاقه الجنود يحتملون المشقّات في ميدان المعركة.
· “توقّع داود وأمل أن يكون أوريا مثله. وبدلًا من ذلك، أثبت أنه رجل نزيه كان ولاؤه الأول لمصالح الملك بدلًا من متعته الشخصية.” بولدوين (Baldwin)
ب) الآيات (١٢-١٣): محاولة داود الثانية لتغطية خطيته تفشل.
١٢فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «أَقِمْ هُنَا ٱلْيَوْمَ أَيْضًا، وَغَدًا أُطْلِقُكَ». فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذَلِكَ ٱلْيَوْمَ وَغَدَهُ. ١٣وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ.
١. «أَقِمْ هُنَا ٱلْيَوْمَ أَيْضًا، وَغَدًا أُطْلِقُكَ»: كذب داود على أوريا، عالمًا أنه يريد العودة إلى ميدان المعركة في أسرع وقت ممكن. وأمِل داود أن يتعامل أوريا مع المساء التالي على أنه الأخير قبل العودة إلى المعركة فيجتمع مع بثشبع.
٢. وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ: أمِل داود أن يُسْكر أوريا فيُضعف عزمه على العودة للانضمام إلى رفاقه الجنود في المعركة. غير أنه لم ينزل إلى بيته، رافضًا أن يتمتع بما لا يتمتع به رفاقه الجنود في ميدان المعركة بينما كانت المعركة محتدمة.
· أوريا مثال جيد للكيفية التي ينبغي بها أن يتعامل المؤمنون كرفاق جنود في المعركة الروحية. “فَرَحًا مَعَ ٱلْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ ٱلْبَاكِينَ. مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ ٱهْتِمَامًا وَاحِدًا” (
رومية ١٢: ١٥-١٦).
· كان داود مخمورًا بالشهوة عندما نام مع بثشبع. وأمِل أن إسكاره لأوريا بالخمر سيؤدي إلى النتيجة نفسها، أي أن ينام مع امرأته.
٣. وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ: يعتقد بعض المفسرين أن أوريا اشتبه بخيانة بثشبع فتجنّبها بدافع من الغيرة. “يبدو الأمر وكأنه اشتمَّ نارًا.” تراب (Trapp)
ج) الآيات (١٤-١٧): داود يرسل أوريا إلى المعركة وحكم الموت في يده.
١٤وَفِي ٱلصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوبًا إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. ١٥وَكَتَبَ فِي ٱلْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «ٱجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ ٱلْحَرْبِ ٱلشَّدِيدَةِ، وَٱرْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». ١٦وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ ٱلْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ ٱلْبَأْسِ فِيهِ. ١٧فَخَرَجَ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ ٱلشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضًا.
١. كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوبًا إِلَى يُوآبَ: تخيّل ماير أن يوآب قال في نفسه: “يستطيع سيدي هذا أن يرنم مزامير مع الأفضل، لكن عندما يريد القيام بعمل قذر، فإنه لا يجد غيري!”
٢. ٱجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ ٱلْحَرْبِ ٱلشَّدِيدَةِ: بعد أن فشل داود في تغطية خطيته، أراد موت أوريا. ويرغب زناة كثيرون في أن يؤدي الموت إلى تحريرهم ليتزوجوا من رفيق/رفيقة زناهم. هذا هو جوهر القتل حتى لو لم يتم فعليًّا. وكان لدى داود القوة على التصرف بناء على رغبته.
٣. وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا: وثق داود بنزاهة أوريا حتى أنه جعله رسولًا غير متعمد لإيصال الحكم بموته.
· “هذه هي خلاصة الخيانة والنذالة. جعل داود هذا الرجل النبيل جدًّا حاملًا رسالة تصف الكيفية التي سيُغتال بها.” كلارك (Clarke)
٤. فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ: أمر داود يوآب بترتيب موت أوريا. رغم أن المعركة المحتدمة ستخفي هذه الجريمة، إلا أن أوريا قُتل كما لو أن داود قتله في عقر داره.
· “إذا قُدِّر لطفل أن يولد، لن تتمكن شفتا أوريا على الأقل من التبرؤ منه.” ماير (Meyer)
· “كان داود أفضل عندما كان خادمًا مما صار ملكًا. فعندما كان خادمًا، خشي أن يقتل شاول خصمه. لكن عندما صار ملكًا، قتل ببساطة أوفى أصدقائه وخادمه المطيع.” تراب (Trapp)
· “رغم أننا نحزن على خطية داود، إلا أننا نشكر الله على السماح بهذا. إذ لو أنه لم يسقط، لما صار قادرًا على مساعدتنا عندما ندرك إثمنا. وما كان بإمكانه أن يصف أحزاننا لو لم يحس بالأمر نفسه. وفي هذا الصدد، عاش داود من أجل الآخرين ومن أجل نفسه أيضًا.” سبيرجن (Spurgeon)
٥. وَمَاتَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضًا: علم يوآب أن هذا خطأ، لكنه اتبع الأوامر وقتل أوريا بموجب أمر داود.
· إذا لم نواجه خطيتنا فورًا، يمكن أن تتخذ الخطية هذه مسارًا بائسًا. لقد انغمس داود في شهواته الجنسية لسنوات، متجاهلًا تحذيرات الله والمنافذ التي وفّرها الله ليهرب من التجربة من خلالها. وسمح للتجربة بالتحول إلى شهوة، والشهوة إلى زنا. وعندما هددت عواقب الزنا بفضح خطيته، قام بتغطيتها بالخداع أولًا، ثم بالقتل. لم يستطع إبليس أن يجرب داود بالحزمة كلها دفعة واحدة، لكن خدعه قطعة فقطعة.
د ) الآيات (١٨-٢٥): يوآب يرسل خبرًا إلى داود بموت أوريا.
١٨فَأَرْسَلَ يُوآبُ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِجَمِيعِ أُمُورِ ٱلْحَرْبِ. ١٩وَأَوْصَى ٱلرَّسُولَ قَائِلًا: «عِنْدَمَا تَفْرَغُ مِنَ ٱلْكَلَامِ مَعَ ٱلْمَلِكِ عَنْ جَمِيعِ أُمُورِ ٱلْحَرْبِ، ٢٠فَإِنِ ٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلْمَلِكِ، وَقَالَ لَكَ: لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ لِلْقِتَالِ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ؟ ٢١مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ ٱمْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحًى مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ ٱلسُّورِ؟ فَقُلْ: قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضًا. ٢٢فَذَهَبَ ٱلرَّسُولُ وَدَخَلَ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِكُلِّ مَا أَرْسَلَهُ فِيهِ يُوآبُ. ٢٣وَقَالَ ٱلرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا ٱلْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى ٱلْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ ٱلْبَابِ. ٢٤فَرَمَى ٱلرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ، فَمَاتَ ٱلْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضًا». ٢٥فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّسُولِ: «هَكَذَا تَقُولُ لِيُوآبَ: لَا يَسُؤْ فِي عَيْنَيْكَ هَذَا ٱلْأَمْرُ، لِأَنَّ ٱلسَّيْفَ يَأْكُلُ هَذَا وَذَاكَ. شَدِّدْ قِتَالَكَ عَلَى ٱلْمَدِينَةِ وَأَخْرِبْهَا. وَشَدِّدْهُ.”
١. مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ: هذه إشارة إلى
قضاة ٩: ٥٠-٥٧ حيث قُتل أبيمالك عندما اقترب كثيرًا من أسوار مدينة محاصرة. والفكرة هنا هي أن يوآب عرف أن الاقتراب الزائد من الأسوار حركة عسكرية سيئة، لكنه قام بها بناء على أمر من داود.
٢. مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضًا: سمع داود هذه الأخبار بارتياح. إذ اعتقد أنه يمكنه أن يتزوج ببثشبع ويعطي سببًا معقولًا لحَبَلها.
٣. لِأَنَّ ٱلسَّيْفَ يَأْكُلُ هَذَا وَذَاكَ: كان هذا مثلًا متعلقًا بأحوال الحروب المتقلبة. وهذه طريقة للقول: ’هذه الأمور تحدث في الحروب.‘ قال داود هذا لضميره المذنِب بقدر ما قاله ليوآب.
ه) الآيات (٢٦-٢٧): داود يتزوج من بثشبع.
٢٦ فَلَمَّا سَمِعَتِ ٱمْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا، نَدَبَتْ بَعْلَهَا. ٢٧وَلَمَّا مَضَتِ ٱلْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ ٱمْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ٱبْنًا. وَأَمَّا ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ.
١. فَلَمَّا سَمِعَتِ ٱمْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا: لدينا سبب للاعتقاد أن بثشبع عرفت أن داود رتّب لموت زوجها. ومن المحتمل أن داود أخفى هذا كله عنها. وفي الوقت نفسه، شعرت بارتياح لموت زوجها.
· “لا شك أنها كانت سعيدة من الداخل، مع الأخذ بالاعتبار خطَر معاقبة الزانية، إضافة إلى آمالها في أن تكون الملكة الآن.” تراب (Trapp)
٢. وَصَارَتْ لَهُ ٱمْرَأَةً: لم يكن هذا أمرًا جديدًا بالنسبة لداود. فقد أضاف زوجات كثيرات من قبل. وهو الآن يضيف رقمًا آخر.
· “داود الآن بطل في نظر الشعب. فقد أضاف إلى حريمه المرأة المسكينة الحبلى، أرملة واحد من أبطاله الجبابرة الذين سقطوا في ميدان المعركة. ولهذا يقولون: “انظروا كيف أنه يقف وراء رجاله! فهو يهتم بأراملهم عندما يُقتَلون في المعركة. فيا لَهذا الملك الرائع!” سميث (Smith)
٣. وَأَمَّا ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: هذا أول ذِكْر للرب في هذا الإصحاح. لقد شهِد الرب كل حدث وقرأ نيّة كل قلب، لكن عدم رضاه كان متضمَّنًا فقط إلى أن نقرأ هذا التصريح.
· نجد صورة لحالة قلب داود في تلك السنة في
مزمور ٣٢: ١-٥: طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُلٍ لَا يَحْسِبُ لَهُ ٱلرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلَا فِي رُوحِهِ غِشٌّ. مَّا سَكَتُّ بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي ٱلْيَوْمَ كُلَّهُ، لِأَنَّ يَدَكَ ثَقُلَتْ عَلَيَّ نَهَارًا وَلَيْلًا. تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ ٱلْقَيْظِ. سِلَاهْ. أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلَا أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: “أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي» وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي. سِلَاهْ.”
· يبيّن مزمور ٣٢ أن داود كان تحت تبكيت شديد أثناء هذا الوقت، وأن كل فرح في حياته قد تبخّر. لقد عرف داود الضغط النفسي والعذاب الناتج عن حياة مزدوجة زائفة. ولم يجد راحة إلى أن تاب وصوّب أموره مع الرب ثانية. كلما كان الإنسان أفضل، دفع ثمنًا أعلى من أجل موسم قصير من المتعة الآثمة.” ماير (Meyer)
· كان داود في ذلك المكان الفظيع حيث كان فيه قدر كبير من الخطية يمنعه من أن يكون سعيدًا بالله. وكان لديه قدر كبير من الله يمنعه من أن يكون سعيدًا في الخطية. ولأن داود كان رجلًا بحسب قلب الرب، فقد جذبه الرب إلى التوبة والاسترداد.
- “عندما يكون الاعتراف ضرورة قصوى، غالبًا ما يكون هنالك تأخير كبير في القيام بهذا الاعتراف. وقد انطبق الأمر على داود أيضًا. أعتقد أني أفهم لماذا لم يستطع أن يذهب مباشرة من الخطية إلى الاعتراف. فالخطية حالت دون الاعتراف، وأعمت الخطية عينيه، ووسمت ضميره، وبلّدت طبيعته الروحية كلها.” سبيرجن (Spurgeon)