٢ صموئيل ٧
عهد الله مع داود
أولًا. داود يقترح بناء بيت دائم للرب.
أ ) الآيات (١-٣): نصيحة ناثان السابقة لأوانها لداود.
١وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ ٱلْمَلِكُ فِي بَيْتِهِ، وَأَرَاحَهُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ ٱلْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ، ٢أَنَّ ٱلْمَلِكَ قَالَ لِنَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ: «ٱنْظُرْ. إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ، وَتَابُوتُ ٱللهِ سَاكِنٌ دَاخِلَ ٱلشُّقَقِ». ٣فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ: “ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَكَ.”
١. وَأَرَاحَهُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ ٱلْجِهَاتِ: يؤدي بنا هذا إلى أحداث ٢ صموئيل ٧ بعد حروب الغزو في ٢ صموئيل ٨. وقد وُضع هذا القسم قبل روايات الحرب في الإصحاح التالي من أجل إظهار أهميته الأعظم.
٢. إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ: كان لخشب الأرز قيمة خاصة. ويعني هذا أن داود كان يعيش في بيت جميل باهظ الثمن. وعندما تَذَكّر أن تابوت الرب كان في خيمة، أزعجه هذا التباين. فقد انزعج داود لأنه يسكن في بيت أجمل من تابوت العهد.
· بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ: “كان هذا تبايُنًا صارخًا مع كهف عدلّام.” ماير (Meyer)
· قال داود ما مفاده أنه أراد أن يبني هيكلًا ليحل محل خيمة الاجتماع. وعندما كانت إسرائيل في البرية لمدة ما يزيد عن ٤٠٠ عام من هذا، أمر الله موسى بأن يبني خيمة اجتماع حسب نموذج معين (خروج ٢٥: ٨-٩). ولم يطلب الله قط عمارة دائمة لتحل محل الخيمة، لكن داود أراد أن يفعل هذا من أجل الرب.
· كانت خيمة الاجتماع، والتي كانت تدعى أحيانًا ’المسكن،‘ ملائمة تمامًا لبني إسرائيل في البرية بسبب تحرُّكهم المستمر. والآن بعد أن تثبّتت إسرائيل بأمان في الأرض، وصارت خيمة الاجتماع في أورشليم (٢ صموئيل ٦: ١٧)، اعتقد داود أنه أفضل وأكثر ملاءمة أن يُبنى هيكل يحل محل خيمة الاجتماع.
٣. ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَكَ: أجاب ناثان هكذا لأنه بدت له الفكرة جيدة ومعقولة. فأي عيب يمكن أن يكون في بناء هيكل للرب؟
· كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ: يبيّن هذا أن قلب داود كان ممتلئًا بهذا السؤال: “ماذا يمكنني أن أفعل من أجل الرب؟” إذ كان ممتلئًا بالامتنان والاهتمام بمجد الله حتى أنه أراد أن يفعل شيئًا مميزًا لله.
ب) الآيات (٤-٧): استجابة الله لعرض داود.
٤وَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ كَانَ كَلَامُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ قَائِلًا: ٥اِذْهَبْ وَقُلْ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِسُكْنَايَ؟ ٦لِأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ. ٧فِي كُلِّ مَا سِرْتُ مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ إِلَى أَحَدِ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعَوْا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: لِمَاذَا لَمْ تَبْنُوا لِي بَيْتًا مِنَ ٱلْأَرْزِ؟
١. وَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ كَانَ كَلَامُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ: كانت استجابة ناثان تجاسرًا. فقد أجاب وفق الحكم والمنطق البشريين قبل أن يسمع كلمة من الرب.
· “من الأهمية بمكان أن نختبر رغباتنا، حتى أسماها وأقْدسها، بإرادة الرب. فلا ينبغي الشروع بعمل، حتى لو كان ممتازًا في حد ذاته، إلا بأمر صريح من الرب. وسيثبت مرور الزمن دائمًا حكمة الإرادة الإلهية.” مورجان (Morgan)
٢. أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِسُكْنَايَ؟: بدا الله سعيدًا ومكرَّمًا بعرض داود ببناء بيت له. كان الأمر وكأن الله يقول لداود: “أتريد أن تبني لي بيتًا؟ لم يسبق أنْ عرض عليّ أحد هذا. وأنا لم آمُرْ أحدًا بفعل هذا قط.”
· أراد داود أن يفعل أكثر مما أمر به الله. وهذا مكان رائع أن نصل إليه في علاقتنا بالرب. فمعظمنا عالقون: “ما هو أقل شيء يمكن أن أفعله ويبقى الرب راضيًا عني؟” ونحن لا نريد أن نفعل أبدًا أكثر مما يأمر به الله.
· “رغم أن الرب رفض أن يحقق أمنية داود، إلا أنه فعل ذلك بطريقة كريمة لطيفة للغاية. فهو لم يستبعد الفكرة تمامًا كما لو أن داود كان يثمّن رغبة غير جديرة. لكنه أكرم خادمه حتى في عدم قبوله لهذا العرض.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِسُكْنَايَ؟: عرف داود الآن أن الله لم يُرِده أن يبني الهيكل، لكن داود لم يستجب بعدم القيام بأي شيء. فحسَبَ ١ أخبار ٢٩: ٢-٩، جمع داود كل المواد اللازمة لبناء الهيكل ليتمكن سليمان من بناء بيت مجيد لله.
· “إذا لم تستطع الحصول على ما كنت تأمله، فلا تجلس مكتوف اليدين في يأس تاركًا طاقة حياتك تضيع هدرًا. لكن قم، وشمّر عن ساعديك، وساعد الآخرين على التحقيق. فإن كنت لا تستطيع البناء، يمكنك أن تجمع مواد لمن يقدر أن يبني. فإذا لم تكن قادرًا على النزول إلى المنجم، يمكنك أن تمسك بالحبال لآخر.” ماير (Meyer)
ثانيًا. الله يقرر بناء بيت دائم لداود.
أ ) الآيات (٨-٩): يذكّر الله داود بما فعله من أجله.
٨وَٱلْآنَ فَهَكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ٩وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ ٱسْمًا عَظِيمًا كَٱسْمِ ٱلْعُظَمَاءِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْأَرْضِ.
١. أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ: أخذه الله من المرعى إلى العرش.
٢. وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ: حميتك من كل أعدائك.
٣. وَعَمِلْتُ لَكَ ٱسْمًا عَظِيمًا: عظّم الله اسم داود في الأرض.
ب) الآيات (١٠-١١): يَعِد الله داود بأمرين.
١٠وَعَيَّنْتُ مَكَانًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَغَرَسْتُهُ، فَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ، وَلَا يَضْطَرِبُ بَعْدُ، وَلَا يَعُودُ بَنُو ٱلْإِثْمِ يُذَلِّلُونَهُ كَمَا فِي ٱلْأَوَّلِ، ١١وَمُنْذُ يَوْمَ أَقَمْتُ فِيهِ قُضَاةً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أَرَحْتُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ. وَٱلرَّبُّ يُخْبِرُكَ أَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لَكَ بَيْتًا.
١. وَعَيَّنْتُ مَكَانًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ: وعد الله داود بأن يثبّت إسرائيل ويجعلها آمنة تحت حكمه. وقد وعد بهذا لأن داود كراعٍ تقي مهتم بصالح شعبه.
٢. أَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لَكَ بَيْتًا: وعد الله داود بأن يبني له بيتًا، بمعنى سُلالة لبيت داود. وستكون هذه تركة لداود بعد موته.
· أراد داود أن يبني هيكلًا لله. فقال له الله: “أشكرك، يا داود. لكن لا أريد ذلك. لكن دعني أَبْنِ لك بيتًا (سلالة). فكان هذا وعدًا أعظم من عرض داود، لأن بيت داود (سلالته) سيدوم فترة أطول، وسيكون أَمْجَد من الهيكل الذي أراد داود أن يبنيه.
· أكرم الله عرض داود الذي قدّمه، لكنه رفضه رغم أنه قُدِّم بنيّة خالصة. هنالك أشياء نريد أن نقدّمها لله، لكننا نُمنَع من تقديمها. وفي هذه الحالة، يتلقّى الله نيّتنا كهدية.
· قال الله “لا” لعرض داود، لأن داود كان رجل حرب، بينما أراد الله رجل سِلْم يبني هيكله. تقول ١ أخبار ٢٢: ٨-١٠: “فَكَانَ إِلَيَّ كَلَامُ ٱلرَّبِّ قَائِلًا: قَدْ سَفَكْتَ دَمًا كَثِيرًا وَعَمِلْتَ حُرُوبًا عَظِيمَةً، فَلَا تَبْنِي بَيْتًا لِٱسْمِي لِأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى ٱلْأَرْضِ أَمَامِي. هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ٱبْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ، وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لِأَنَّ ٱسْمَهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلَامًا وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لِٱسْمِي، وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْنًا، وَأَنَا لَهُ أَبًا وَأُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مُلْكِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْأَبَدِ.”
· جاء التفسير المقدم لداود والمدون في ١ أخبار ٢٢: ٨ بعد سنوات. ويمكننا أن نستنتج أن داود لم يعرف لعدة سنوات السبب الذي من أجله منعه الله من بناء الهيكل. “كان من الممكن أن يجرح هذا شعور داود من دون داعٍ لو أُخبِر به في ذلك الوقت. وفي هذه الأثناء تذرّع داود بالصبر قائلًا لنفسه: لدى الله سبب لا أفهمه. لكنه وجيه.” ماير (Meyer)
ج) الآيات (١٢-١٧): يعطي الله داود تفاصيل وعده له ببيت.
١٢مَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُكَ وَٱضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ، أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. ١٣هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لِٱسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ. ١٤أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْنًا. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ ٱلنَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. ١٥وَلَكِنَّ رَحْمَتِي لَا تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ. ١٦وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إِلَى ٱلْأَبَدِ». ١٧فَحَسَبَ جَمِيعِ هَذَا ٱلْكَلَامِ وَحَسَبَ كُلِّ هَذِهِ ٱلرُّؤْيَا كَذَلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ.
١. أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ: وعد الله بمَلَكِيّة وراثية لبيت داود. كان من المهم لله أن يكرر الوعد لأنه لم يكن هنالك ملك في إسرائيل خلَفَه ابنه.
· “انقرضت عائلة شاول تمامًا، وبقيت عائلة داود حتى التجسُّد.” كلارك (Clarke)
· لن يكون لهذا الوعد الذي قطعه الله لداود إلا تحقيق مستقبلي. فلن يستفيد في يومه من هذا الوعد إلا بالإيمان. ولو كانت لدى داود نظرة ’أريد كل ما يخصّني الآن،‘ لما كان لهذا الوعد معنى بالنسبة له.
· “كان الفرح الذي ملأ صدر داود روحيًّا، لأنه عرف أن يسوع سيأتي من جنسه، وأن مملكة دائمة ستؤسَّس في شخصه، وسيضع الأمميون ثقته في شخصه.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لِٱسْمِي: رغم أن داود لن يبني بيتًا هيكلًا لله، إلا أن نسله سيفعل هذا.
٣. وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ: حكمت عائلة داود ما يزيد عن أربعة قرون، لكنها أُزيحت في نهاية الأمر بسبب الشرور المتراكمة. لكن الله أقام من “جذع” يسّى “غصنًا” سيملك إلى أبد الآبدين (إشعياء ١١: ١-٢).
٤. أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْنًا. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ: سيتمتع نسل داود هذا بعلاقة خاصة بالله. فإذا أخطأ، لن يرفضه الله، بل سيكتفي بتأديبه.
٥. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إِلَى ٱلْأَبَدِ: وعد الله بأن حكم سلالة داود سيدوم إلى الأبد.
· لقد تحققت كل هذه الوعود بشكل جزئي في سليمان بن داود وخليفته في المُلك.
- مَلَكَ سليمان على عرش داود.
- لم تفارق مراحم الله سليمان رغم أنه أخطأ.
- بنى سليمان بيتًا رائعًا لله.
· لكن الأنبياء تنبّأوا بتحقيق أكبر لهذه الوعود.
- هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي ٱلْأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهَذَا هُوَ ٱسْمُهُ ٱلَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: ٱلرَّبُّ بِرُّنَا. (إرميا ٢٣: ٥-٦)
- لِأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْنًا، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ ٱلسَّلَامِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلَامِ لَا نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِٱلْحَقِّ وَٱلْبِرِّ، مِنَ ٱلْآنَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا. (إشعياء ٩: ٦-٧)
- هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. (لوقا ١: ٣١-٣٣)
· يتحقق وعد الله لداود ببيت بشكل كامل في يسوع المسيح.
- فيسوع يملك وسيملك على عرش داود إلى الأبد.
- لم تفارق مراحم الآب يسوع، رغم أنه جُعِل خطية من أجلنا.
- يبني يسوع للآب بيتًا عظيمًا (عبرانيين ٣: ٣-٦) بمعنى أننا هيكل الله (١ بطرس ٢: ٥) وان الكنيسة هي البيت الجديد لله.
ثالثًا. صلاة شكر من داود.
أ ) الآيات (١٨-٢٤): داود يمجد الله على صلاحه باتضاع.
١٨ فَدَخَلَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَقَالَ: «مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ؟ وَمَا هُوَ بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هَهُنَا؟ ١٩وَقَلَّ هَذَا أَيْضًا فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ، فَتَكَلَّمْتَ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَهَذِهِ عَادَةُ ٱلْإِنْسَانِ يَاسَيِّدِي ٱلرَّبَّ. ٢٠وَبِمَاذَا يَعُودُ دَاوُدُ يُكَلِّمُكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ؟ ٢١فَمِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذِهِ ٱلْعَظَائِمَ كُلَّهَا لِتُعَرِّفَ عَبْدَكَ. ٢٢لِذَلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلَهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا. ٢٣وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي سَارَ ٱللهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْبًا، وَيَجْعَلَ لَهُ ٱسْمًا، وَيَعْمَلَ لَكُمُ ٱلْعَظَائِمَ وَٱلتَّخَاوِيفَ لِأَرْضِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ ٱلَّذِي ٱفْتَدَيْتَهُ لِنَفْسِكَ مِنْ مِصْرَ، مِنَ ٱلشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ. ٢٤وَثَبَّتَّ لِنَفْسِكَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ، شَعْبًا لِنَفْسِكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَأَنْتَ يَارَبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلَهًا.
١. مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ… لِذَلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ: عندما تلقّى داود هذه الهبة الرائعة، لم يعتقد أن هذا جعله أعظم بأية طريقة. ففي نظرة داود، جعل هذا الله أعظم.
· لم تكن نظرة داود هكذا: “أنا عظيم جدًّا لدرجة أن الله يعطيني عطايا”، بل كانت: “الله عظيم جدًّا لدرجة أنه يعطيني عطايا.” ويتوجب علينا أن نتلقى الخلاص وكل بركة بنفس النظرة. فعطية الله تعكس عظمة معطيها، لا متلقّيها.
٢. عَبْدِكَ: يظهر داود تلقّيه هذه الهبة من الله بتواضع في تكراره لتعبير ’عبدك‘ التي يستخدمها عشر مرات في صلاته هذه.
· يبيّن هذا أن داود تلقّى بتواضع رفض الله عندما أراد أن يبني له هيكلًا. هنالك بعض الأساتذة الذين يمكن أن يفعلوا شيئًا عظيمًا إذا أُتيحت لهم الفرصة. لكن إذا لم يُسمح لهم بلعب دور برّاق، فسيعبسون ويغضبون من الله. وعندما وضع داود اقتراحه جانبًا، وجد في نفسه أن يصلّي، لا أن يتذمّر.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٢٥-٢٩): يطلب داود بجسارة أن يتحقق الوعد المنطوق به.
٢٥ وَٱلْآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ أَقِمْ إِلَى ٱلْأَبَدِ ٱلْكَلَامَ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَٱفْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. ٢٦وَلْيَتَعَظَّمِ ٱسْمُكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَلْيَكُنْ بَيْتُ عَبْدِكَ دَاوُدَ ثَابِتًا أَمَامَكَ. ٢٧لِأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ قَائِلًا: إِنِّي أَبْنِي لَكَ بَيْتًا، لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هَذِهِ ٱلصَّلَاةَ. ٢٨وَٱلْآنَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ أَنْتَ هُوَ ٱللهُ وَكَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ، وَقَدْ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ بِهَذَا ٱلْخَيْرِ. ٢٩فَٱلْآنَ ٱرْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى ٱلْأَبَدِ أَمَامَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمْتَ. فَلْيُبَارَكْ بَيْتُ عَبْدِكَ بِبَرَكَتِكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ.
١. أَقِمْ إِلَى ٱلْأَبَدِ ٱلْكَلَامَ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ: طلب داود بجسارة من الله في صلاته أن يفعل ما وعد به. فلم تكن هذه صلاة سلبية تقول: “حسنًا، يا رب، افعل كما تشاء، ولا يهمني حقًّا ما ستفعله وكيف ستفعله.” ولم تكن صلاة متغطرسة تقول: “حسنًا، يا رب، دعني أخبرك ما ينبغي أن تفعله.” كانت صلاة جَسورًا تقول: “يا رب، هذا هو وعدك. وأنا أثق بأنك ستفي به بشكل رائع، وستكون وفيًّا لكلمتك.”
· تؤكد عبارة “لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هَذِهِ ٱلصَّلَاةَ” هذا الأمر. قال داود ما مفاده: “انا لا أصلي إلا لأنك وعدتني وأخبرتني أن هذا هو ما تريد أن تفعله.”
· “أرسل الله وعوده لكي تُستخدم. فإذا رأيت ورقة مالية من البنك المركزي، فإنها تَعِد بمبلغ معيّن من المال، فآخذها وأستخدمها. لكن ليتك، يا صديقي، تأخذ وعود الله وتستخدمها. ولا شيء يرضي الله أكثر من أن وعوده قيد التناول. وهو يحب أن يرى أبناءه يُحضرونها إليه ويقولون له: ’يا رب، افعل كما قلتَ.‘ ودعني أخبرك أن استخدام وعود الرب أمر يمجّده.” سبيرجن (Spurgeon)
· هذا النوع من الصلاة هو الذي يخصص وعود الله لنا، فتصبح مُلكًا لنا. ولا يعني مجرد إعطاء الله وعودًا أننا نمتلكها. فمن خلال صلاة مؤمنة كهذه، يعد الله، ونحن نخصص الوعد لنا. فإذا لم نقبض على الوعد بإيمان، يظل وعد الله بلا مطالبة.
- يمكن أن نخصص وعد الله بالغفران لنا: “إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ” (١ يوحنا ١: ٩).
- يمكن أن نخصص وعد الله بالسلام لنا: “سَلَامًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلَامِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي ٱلْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لَا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلَا تَرْهَبْ” (يوحنا ١٤: ٢٧).
- يمكن أن نخصص وعد الله بالإرشاد لنا: “أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ ٱلطَّرِيقَ ٱلَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ” (مزمور ٣٢: ٨).
- يمكن أن نخصص وعد الله بالنمو لنا: “وَاثِقًا بِهَذَا عَيْنِهِ أَنَّ ٱلَّذِي ٱبْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلًا صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ” (فيلبي ١: ٦).
- يمكن أن نخصص وعد الله بالعون لنا: “فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ ٱلنِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ” (عبرانيين ٤: ١٦).
٢. لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هَذِهِ ٱلصَّلَاةَ: لاحظ أن داود صلى من القلب. يصلي بعضهم من كتاب. ويصلي آخرون من رؤوسهم. والمكان الصحيح هو الصلاة من القلب.
· يقول النص أيضًا إن داود جاء ليصلي أمام الرب هذه الصلاة. وبعض الصلوات لا تصلَّى. ربما تقال أو تُقرأ أو يقكَّر فيها، لكنها لا تصلَّى. “لا تقلْ هذه الصلاة، بل صلِّها. هنالك قوة عظيمة في التعبير. فبعض الصلوات لا تصلَّى. فهي مثل سهام لا تُطلَق من القوس. ونادرًا ما أسمّيها صلوات. قد تكون كذلك من حيث الشكل والمادة وحشو الكلام، لكنها تقال ولا تصلّى. فالمسألة الأساسية هي أن نصلي الصلاة.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. أَنْتَ هُوَ ٱللهُ وَكَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ: كان هذا أساس إيمان داود. إذ عرف أن الله هو الله، وأن كل كلمة من كلامه حق. وعرف أنه يمكن الوثوق به.
· “غالبًا ما يتم التحدث عن الخطية العظيمة المتمثلة في عدم الإيمان بيسوع المسيح باستخفاف وتتفيه كبيرين، كما لو أنها ليست خطية على الإطلاق. لكن حسب هذا النص، وحسب مضمون الكتاب المقدس بأكمله، فإن عدم الإيمان يعني تكذيب الله. وماذا يمكن أن يكون أسوأ من هذا؟” سبيرجن (Spurgeon)