٢ صموئيل ١٥
تمرد أبشالوم
أولًا. استيلاء على الحكم بالخداع.
أ ) الآيات (١-٦): أبشالوم يسرق قلوب رجال إسرائيل.
١وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أَبْشَالُومَ ٱتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ قُدَّامَهُ. ٢وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ وَيَقِفُ بِجَانِبِ طَرِيقِ ٱلْبَابِ، وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ لِأَجْلِ ٱلْحُكْمِ، كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ؟». فَيَقُولُ: «مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ». ٣فَيَقُولُ أَبْشَالُومُ لَهُ: «ٱنْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ». ٤ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: «مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي ٱلْأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟». ٥وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ، يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ. ٦وَكَانَ أَبْشَالُومُ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا ٱلْأَمْرِ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ لِأَجْلِ ٱلْحُكْمِ إِلَى ٱلْمَلِكِ، فَٱسْتَرَقَّ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ.
١. أَنَّ أَبْشَالُومَ ٱتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ قُدَّامَهُ: يعني هذا أن أبشالوم لم يُرِد العربة لأجل السرعة، بل ليصنع موكبًا مثيرًا للإعجاب. فكان هذا هو الجانب السياسي لأبشالوم، مستشعرًا ما يريده الشعب، وعرف كيف يعطيهم تلك الصورة.
· لم يتجول صموئيل – الذي مسح أبا أبشالوم – بعربات وخيول وحاشية. إذ كان يتجول على قدميه. ولم يكن أبشالوم، كرجل، جديرًا بأن يُذكر إلى جانب صموئيل.
٢. وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ لِأَجْلِ ٱلْحُكْمِ: كان الملوك قديمًا أكثر من رؤساء لحكوماتهم. إذ كانوا أيضًا ’المحكمة العليا‘ في مملكتهم. فإذا اعتقد أحدهم أن محكمته المحلية لم تنصفه، كان يستأنف قضيته لدى الملك، حيث كان الملك أو ممثل له يسمع قضيّته.
٣. ٱنْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ: أثار أبشالوم عدم الرضا على حكومة داود، وشنّ حملة سياسية بوعد توفير العدالة التي يفترض أن حكومة داود حرمت الشعب منها.
٤. مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي ٱلْأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ: كان لدى أبشالوم سبب ليصاب بخيبة أمل من إجراء داود للعدالة. فعندما اغتصب أمنون ثامار، لم يفعل داود شيئًا. وعندما فعل أبشالوم شيئًا حيال الأمر، نفاه داود وأبقاه بعيدًا عنه حتى عندما عاد.
٥. وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ، يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ: كان أبشالوم ماهرًا في إبراز صورة ’رجل الشعب.‘ ففي عرض لاستمالة الناس إليه، لم يكن يسمح لأحد بأن ينحني له. بل كان يرفعه ويصافحه ويعانقه.
· مما نعرف عن أبشالوم، يمكننا أن نخمّن أنه في الواقع لم يَعُد نفسه ’رجل الشعب‘ على الإطلاق. بل كان يتظاهر كما لو أنه فوق الآخرين، وأن القوانين التي تنطبق على الآخرين لا تنطبق عليه. وكان يعرف أنه أكثر وسامة، وأفضل اتّصالًا وحالًا ماديًّا من معظم الناس. وكان لديه إحساس سياسي غريزي قوي جعله يدرك أن عليه أن يخلق صورة ’رجل الشعب.‘
· كان الناس في إسرائيل القديمة يتأثرون بالصورة من دون أن يدركوا سريعًا الواقع وراء هذه الصورة. ومنذ أيام إسرائيل القديمة، صرنا أكثر تأثُّرًا بالصورة من الواقع.
· “بدا أن أبشالوم هو الوريث الحقيقي للعرش بلا منازع. ولن يستطيع داود، في مجرى الطبيعة، أن يعيش طويلًا جدًّا. فمعظم الناس ميّالون إلى الاحتفاء بأشعة الشمس المشرقة أكثر من أشعة الشمس الغاربة.” كلارك (Clarke)
٦. فَٱسْتَرَقَّ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ: نجحت حملة أبشالوم الماكرة. إذ صار أكثر شعبية من داود الموثوق به.
· عرف أبشالوم كيف يعمل هذا.
- طوّر بعناية صورة جذابة مثيرة (ٱتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ قُدَّامَهُ).
- كان يعمل بجد (وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ).
- كان يعرف أين يضع نفسه (بِجَانِبِ طَرِيقِ ٱلْبَابِ).
- كان يبحث عن الأشخاص المتضايقين (وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى).
- كان يبادر إلى الوصول إلى الأشخاص المتضايقين (كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ).
- كان يُظهر اهتمامًا شخصيًّا بالشخص المتضايق (مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ).
- كان يُظهر تعاطفًا مع الشخص (أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ).
- لم يهاجم داود مباشرة (لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ).
- كان يترك المتضايقين أكثر انزعاجًا (لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ).
- من دون أن يهاجم أبشالوم داود، وعد بأن يفعل أفضل (مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي ٱلْأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ).
· مكّن نهجه الذكي من تدمير مملكة داود وتقسيمها من دون أن يقول شيئًا محددًا يمكن أن يدينه. فلو احتج أحدهم، لقال أبشالوم: “أخبرْني شيئًا واحدًا خطأ قلتُه أو فعلتُه.” بل إنه كان بإمكانه أن يفعل هذا كله ويدّعي: “أنا أساعد الملك في التعامل مع هذا السخط”، بينما كان في الواقع يعزز روح السخط.
· كان داود أعظم ملك لإسرائيل، وصارت إسرائيل غير راضية عنه، وسمحت لرجل شرير غير أخلاقي بسرقة قلوبها. وتوجد أسباب كثيرة وراء ذلك.
- كان داود يتقدم في العمر.
- قلّلت خطاياه من مكانته.
- يحب الناس التغيير، وكان أبشالوم شريرًا.
- كان أبشالوم ماهرًا وماكرًا.
- كان على داود أن يدخل في “شركة آلامه” ويُرفَض كما سيحدث لاحقًا مع ابنه الأعظم.
· “هوذا ملك، أعظم ملك على الأرض، سياسي عميق، وقائد عسكري مقتدِر، وجندي شجاع وشاعر عبقري من أرقى طراز، وبمعدن أخلاقي رفيع، ونبي لله العلي، ومنقذ لبلده – وهو الآن يُطرَد من قِبَل ابنه، ويُهجَر من شعبه المتقلب.” كلارك (Clarke)
· يمكننا القول إن أعظم خطايا أبشالوم هي نفاد الصبر. “بدا أن أبشالوم هو الأقرب إلى العرش. لكن خطيته تمثلت في أنه سعى إلى هذا في حياة أبيه، وحاول أن يطيحه عن العرش ليجلس هو عليه. كلارك (Clarke)
ب) الآيات (٧-١٠): أبشالوم يخطط إطاحة داود عن عرش إسرائيل.
٧وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَبْشَالُومُ لِلْمَلِكِ: «دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي ٱلَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ فِي حَبْرُونَ، ٨لِأَنَّ عَبْدَكَ نَذَرَ نَذْرًا عِنْدَ سُكْنَايَ فِي جَشُورَ فِي أَرَامَ قَائِلًا: إِنْ أَرْجَعَنِي ٱلرَّبُّ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَإِنِّي أَعْبُدُ ٱلرَّبَّ». ٩فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: «ٱذْهَبْ بِسَلَامٍ». فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى حَبْرُونَ. ١٠وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ جَوَاسِيسَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «إِذَا سَمِعْتُمْ صَوْتَ ٱلْبُوقِ، فَقُولُوا: قَدْ مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ.
١. وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً: ربما يشير هذا إلى عمر أبشالوم في ذلك الوقت. لكن يرى بعضهم أن هنالك تشويهًا بسيطًا في هذا النص وأنه ينبغي أن يكون ’أربع سنوات‘ بناء على ترجمات سريانية، وعربية، وبعض المخطوطات العبرية، ويوسيفوس.
٢. دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي ٱلَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ: ارتكب أبشالوم الخيانة تحت قناع العبادة. إذ عرف أن مظهر الروحانية يمكن أن يكون لصالحه.
· من المحتمل أن أبشالوم فعل هذا كله وهو يحس بأنه روحي وأنه في إرادة الله. فغالبًا ما يخدع رجال في مكان أبشالوم أنفسهم بكلمات بهذا المنطق: “يا رب، أنت تعلم أننا نحتاج إلى قيادة جديدة. أشكرك لأنك أقمتني لمثل هذا الوقت. أرشِدْني وباركني بينما أحاول أن أفعل ما هو أفضل لشعبك.”
· لا يرى الأشخاص الداعون إلى الانقسام أنفسهم أبدًا تقريبًا على أنهم كذلك. بل ينظرون إلى أنفسهم كجنود لله في قضيته البارّة. وغالبًا ما يعتقدون أن يد الله معهم. وهذه مشكلة كبيرة عندما لا يعتقد كثيرون أن هذا الشخص داعٍ إلى الانقسام إلا إذا اعترفوا بأنهم داعون إلى الانقسام كذلك.
٣. ٱذْهَبْ بِسَلَامٍ: من المفارقات أن هذه هي آخر كلمات داود لأبشالوم. وعندما سمعها أبشالوم، مضى لينفّذ مؤامرته في إطاحة أبيه عن العرش.
٤. مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ: كان يأمل أبشالوم أن ترى معظم إسرائيل هذا على أنه خلافة، لا خيانة.
ج) الآيات (١١-١٢): مشروعية لحكم أبشالوم.
١١وَٱنْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا. ١٢وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ مِنْ مَدِينَتِهِ جِيلُوهَ إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ. وَكَانَتِ ٱلْفِتْنَةُ شَدِيدَةً وَكَانَ ٱلشَّعْبُ لَا يَزَالُ يَتَزَايَدُ مَعَ أَبْشَالُومَ.
١. وَٱنْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا: عرف أبشالوم أنه محتاج إلى آخرين لتأييد حكومته، أو على الأقل أشخاص وكأنهم يُظهرون ولاء له. فاعتمد على التزام المئتي رجل (الذين لم يكونوا ضد داود) الصمت، وبهذا يعطون الانطباع أنهم يؤيدون أبشالوم.
· عندما يكون الأبرياء وغير العارفين في وسط الانقسام، فإن صمتهم يُفهم دائمًا على أنه موافقة.
٢. وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ: اكتسبت حكومة أبشالوم هيبة جديدة عندما انضم إليها أحد كبار مساعدي داود بعد أن انشق عنه، وهو أخيتوفل. وقد آلَمَ هذا داود كثيرًا بعمق. وهو يصف مشاعره في مزمور ٤١: ٩: “أَيْضًا رَجُلُ سَلَامَتِي، ٱلَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.”
· كان أخيتوفل بحكمته ونصائحه السديدة (٢ صموئيل ١٦: ٢٣). فحتى الحكماء يمكن أن ينضموا إلى جانب المنشقّين والداعين إلى التدمير. وفي حالة أخيتوفل، ربما كان دافعه الإحساس بالأذى الشخصي والمرارة بسبب ما فعله داود بحفيدته، بثشبع (٢ صموئيل ١١: ٣ و٢٣: ٣٤).
٣. إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ: حرص أبشالوم على الحفاظ على الممارسات الدينية من أجل صورته، أو لأنه كان مخدوعًا بما يكفي للاعتقاد أن الرب يريد أن يباركه.
٤. وَكَانَتِ ٱلْفِتْنَةُ شَدِيدَةً: بمجرد انضمام بعضهم إلى جانب أبشالوم، تحمَّس المزيد والمزيد من الأشخاص للانضمام إليه أيضًا، فتنامى زخم الانقسام بذلك.
ثانيًا. داود يهرب بمعونة أصدقاءه المخْلصين
أ ) الآيات (١٣-١٨): داود يهرب من أورشليم.
١٣فَأَتَى مُخَبِّرٌ إِلَى دَاوُدَ قَائِلًا: «إِنَّ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ صَارَتْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ». ١٤فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: «قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلَّا يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا ٱلشَّرَّ وَيَضْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ». ١٥فَقَالَ عَبِيدُ ٱلْمَلِكِ لِلْمَلِكِ: «حَسَبَ كُلِّ مَا يَخْتَارُهُ سَيِّدُنَا ٱلْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُهُ». ١٦فَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ وَرَاءَهُ. وَتَرَكَ ٱلْمَلِكُ عَشَرَ نِسَاءٍ سَرَارِيَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ. ١٧وَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ فِي أَثَرِهِ وَوَقَفُوا عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلْأَبْعَدِ. ١٨وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ كَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ جَمِيعِ ٱلْجَلَّادِينَ وَٱلسُّعَاةِ وَجَمِيعُ ٱلْجَتِّيِّينَ، سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ أَتَوْا وَرَاءَهُ مِنْ جَتَّ، وَكَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ.
١. قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ: عرف داود أن أبشالوم رجل قاسٍ لا يرحم يثمّن القوة على المبدأ. ولم يُرِد داود أن تكون أورشليم ساحة معركة (يَضْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ)، ولهذا فضّل الهروب من المدينة.
٢. ٱلْمَلِكُ… ٱلْمَلِكُ … ٱلْمَلِكُ: أراد الكاتب هنا أن يؤكد أن داود هو الملك رغم خيانة أبشالوم.
٣. وَتَرَكَ ٱلْمَلِكُ عَشَرَ نِسَاءٍ سَرَارِيَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ: اعتقد داود – ولا بد أنه كانت لديه أسباب وراء هذا الاعتقاد – أن هؤلاء النسوة يمكن أن يُترَكن في سلامة هناك. وأحس بأنه محتاج إلى من يعتني بالبيت.
· من المؤسف أن هذا النص يخبرنا أنه كانت لدى داود على الأقل عشر محظيات. وكانت المحظية في الأساس عشيقة شرعية. وتبيّن إضافة محظيات كثيرات إلى زوجاته الكثيرات أنه كان منساقًا أحيانًا وراء الشهوات القوية بدلًا من أن يكبحها كرجل تقي.
٤. ٱلْجَلَّادِينَ وَٱلسُّعَاةِ: كان هؤلاء حرس داود الشخصي. وقد تبعه أيضًا الجتّيون بأمانة من وقت إقامته قبل أن يصبح ناجحًا، وتمسكوا به عندما بدأ نجاحه يتلاشى.
· من اللافت للنظر في هذه اللحظة الحاسمة من أواخر حكمه أنه احتشد الغرباء حوله. وإنه لأكثر لفتًا للنظر ومأساويةً أن مواطنيه وعائلته غير موجودين حوله.
٥. وَكَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ: عندما راقب داود الموكب وهو يمر مغادرًا أورشليم إلى الأمان، شعر بألم شديد. وقد انعكس هذا على ما كتبه في تلك الفترة.
· كان خائفًأ: “يَمْخَضُ قَلْبِي فِي دَاخِلِي، وَأَهْوَالُ ٱلْمَوْتِ سَقَطَتْ عَلَيَّ. خَوْفٌ وَرَعْدَةٌ أَتَيَا عَلَيَّ، وَغَشِيَنِي رُعْبٌ. فَقُلْتُ: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَٱلْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ! هَأَنَذَا كُنْتُ أَبْعُدُ هَارِبًا، وَأَبِيتُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. سِلَاهْ. كُنْتُ أُسْرِعُ فِي نَجَاتِي مِنَ ٱلرِّيحِ ٱلْعَاصِفَةِ، وَمِنَ ٱلنَّوْءِ” (مزمور ٥٥: ٤-٨).
· وضع داود ثقته في الرب: يَا رَبُّ، مَا أَكْثَرَ مُضَايِقِيَّ! كَثِيرُونَ قَائِمُونَ عَلَيَّ. كَثِيرُونَ يَقُولُونَ لِنَفْسِي: «لَيْسَ لَهُ خَلَاصٌ بِإِلَهِهِ». سِلَاهْ. أَمَّا أَنْتَ يَارَبُّ فَتُرْسٌ لِي. مَجْدِي وَرَافِعُ رَأْسِي. بِصَوْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ أَصْرُخُ، فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ. سِلَاهْ. أَنَا ٱضْطَجَعْتُ وَنِمْتُ. ٱسْتَيْقَظْتُ لِأَنَّ ٱلرَّبَّ يَعْضُدُنِي. لَا أَخَافُ مِنْ رِبْوَاتِ ٱلشُّعُوبِ ٱلْمُصْطَفِّينَ عَلَيَّ مِنْ حَوْلِي. (مزمور ٣: ١-٦).
· وكُتبت المزامير ٤١ و ٦١ و٦٢ و٦٣ أثناء تلك الفترة.
ب) الآيات (١٩-٢٣): أصدقاء داود الأوفياء.
١٩فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِإِتَّايَ ٱلْجَتِّيِّ: «لِمَاذَا تَذْهَبُ أَنْتَ أَيْضًا مَعَنَا؟ اِرْجِعْ وَأَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ لِأَنَّكَ غَرِيبٌ وَمَنْفِيٌّ أَيْضًا مِنْ وَطَنِكَ. ٢٠أَمْسًا جِئْتَ وَٱلْيَوْمَ أُتِيهُكَ بِٱلذَّهَابِ مَعَنَا وَأَنَا أَنْطَلِقُ إِلَى حَيْثُ أَنْطَلِقُ؟ اِرْجِعْ وَرَجِّعْ إِخْوَتَكَ. ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ مَعَكَ». ٢١فَأَجَابَ إِتَّايُ ٱلْمَلِكَ وَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا». ٢٢فَقَالَ دَاوُدُ لِإِتَّايَ: «ٱذْهَبْ وَٱعْبُرْ». فَعَبَرَ إِتَّايُ ٱلْجَتِّيُّ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ وَجَمِيعُ ٱلْأَطْفَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. ٢٣وَكَانَتْ جَمِيعُ ٱلْأَرْضِ تَبْكِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَعْبُرُونَ. وَعَبَرَ ٱلْمَلِكُ فِي وَادِي قَدْرُونَ، وَعَبَرَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ نَحْوَ طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ.
١. لِمَاذَا تَذْهَبُ أَنْتَ أَيْضًا مَعَنَا: عندما راقب داود موكب داعميه الأوفياء، وقعت عيناه على إتّاي الجتّي. ولم يفهم داود ما الذي يدفع هذا الأجنبي الواصل حديثًا إلى أخذ مثل هذه المخاطرة بسبب ولائه لداود.
٢. اِرْجِعْ وَأَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ: عندما أشار داود إلى أبشالوم بصفته ’الملك،‘ بيّن أنه لن يتمسّك بالعرش. وفي تلك اللحظة، بدا أن أبشالوم سينجح، ولهذ أطلق عليه داود لقب ’الملك،‘ تاركًا الأمر للرب.
٣. وَحَيٌّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ: أشار إيتّاي إلى داود، لا إلى أبشالوم، على أنه الملك قائلًا ما مفاده: “هذا هو بالضبط ما أعنيه – أنت الملك.”
٤. إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا: كان إيتّاي مخلصًا لداود حتى عندما بدا أنه سيكلفه الكثير. ولا يظهر الولاء الحقيقي إلى أن يكلف الإخلاص شيئًا.
· “تذكّر أمه كلما زاد عدد المتمردين، زاد احتياجنا إلى أن نكون موالين بشكل واضح لملكنا.” ماكلارين (Maclaren)
· نحن نتعلم الكثير من إظهار إيتّاي للولاء لداود.
- فعلَ هذا عندما كان داود في الحضيض.
- فعل هذا بشكل حاسم.
- فعل هذا طوعًا.
- فعل هذا بعد أن جاء إلى داود حديثًا.
- فعل هذا علانية.
- فعل هذا عالمًا أن مصير داود هو مصيره.
· “إذا أحس إيتّاي – ذاك المفتون بشخص داود ومعدنه الأخلاقي، رغم أنه كان أجنبيًّا وغريبًا – بأنه مدفوع إلى أن ينضوي تحت راية داود مدى الحياة، وأنه مستعد لهذا فورًا في ذلك الظرف الصعب، فكم بالأكثر ينبغي أن نفعل هذا لأجل المسيح، إذا علِمنا ما فعله من أجلنا، وأدركنا هويته وما يستحقه منا في هذه الساعة السعيدة، فننذر له: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا.” سبيرجن (Spurgeon)
· ينبغي أن نقرر أن نكون حيث يسوع. فهو يحيا في السماويات، ولهذا ينبغي أن نكون هناك. وهو مع كنيسته، ولهذا ينبغي أن نكون هناك. وهو منشغل في عمله، ولهذا ينبغي أن ننشغل معه في عمله. وهو مع أبنائه، ولهذا ينبغي أن نكون هناك.
٥. نَحْوَ طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ: قبل سنوات كثيرة، ترك داود قصر شاول ليحيا حياة الطريد. وقد أعدّته تلك السنوات ليكون الملك. وها هو الله يرسله ثانية إلى البرية ليواصل نفس العمل في حياته.
· “أه! لا نحب أن نعبر في وادي قدرون. فعندما يتعلق الأمر بالضيق، فإننا نناضل كثيرًا ضد الألم والمعاناة، ولا سيما العار والافتراء. كان يمكن لكثيرين أن يذهبوا إلى هذا الحج، لكن العار منعهم. إذ لم يستطيعوا أن يتحمّلوا عبور وادي قدرون الأسود وأن يُجعلوا لا شيء من أجل رب المجد، فرجعوا.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٢٤-٢٦): خضوع داود لتأديب الله.
٢٤وَإِذَا بِصَادُوقَ أَيْضًا وَجَمِيعُ ٱللَّاوِيِّينَ مَعَهُ يَحْمِلُونَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱللهِ. فَوَضَعُوا تَابُوتَ ٱللهِ، وَصَعِدَ أَبِيَاثَارُ حَتَّى ٱنْتَهَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلْعُبُورِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ٢٥فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ: «أَرْجِعْ تَابُوتَ ٱللهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي وَيُرِينِي إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ. ٢٦وَإِنْ قَالَ هَكَذَا: إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ. فَهَأَنَذَا، فَلْيَفْعَلْ بِي حَسَبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ.
١. وَإِذَا بِصَادُوقَ أَيْضًا وَجَمِيعُ ٱللَّاوِيِّينَ مَعَهُ يَحْمِلُونَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱللهِ: كان الكهنة موالين لداود رغم أن هذا عنى الموت بالنسبة لهم إذا نجح أبشالوم. وكان جيدًا أن الرجال الذين كان ينبغي أن يكونوا حساسين لشر أبشالوم وصلاح داود كانوا حساسين لهذا بالفعل.
٢. أَرْجِعْ تَابُوتَ ٱللهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ: اتّكل داود على الرب، لا على تابوت العهد. فكان مستعدًا أن يرجع التابوت إلى أورشليم ويضع مصيره بين يدي الرب.
٣. فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي وَيُرِينِي إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ. وَإِنْ قَالَ هَكَذَا: إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ. فَهَأَنَذَا، فَلْيَفْعَلْ بِي حَسَبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ: أثبتت روح داود المتواضعة التي قبلت تأديب الرب أن الله تعامل معه ببر. فكان خضوع داود لله خضوعًا نشطًا، لا سلبيًّا.
د ) الآيات (٢٧-٢٩): داود يرسل الكهنة ليجمعوا معلومات.
٢٧ثُمَّ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ ٱلْكَاهِنِ: «أَأَنْتَ رَاءٍ؟ فَٱرْجِعْ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ بِسَلَامٍ أَنْتَ وَأَخِيمَعَصُ ٱبْنُكَ وَيُونَاثَانُ بْنُ أَبِيَاثَارَ. ٱبْنَاكُمَا كِلَاهُمَا مَعَكُمَا. ٢٨ٱنْظُرُوا. أَنِّي أَتَوَانَى فِي سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى تَأْتِيَ كَلِمَةٌ مِنْكُمْ لِتَخْبِيرِي». ٢٩فَأَرْجَعَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ تَابُوتَ ٱللهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَا هُنَاكَ.
١. أَأَنْتَ رَاءٍ: أدرك داود أن صادوق كان نبيًّا. ويمكن لرجل ذي بصيرة خارقة أن يكون مصدرًا ثمينًا للمعلومات.
هـ) الآية (٣٠): داود على جبل الزيتون.
٣٠وَأَمَّا دَاوُدُ فَصَعِدَ فِي مِصْعَدِ جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ. كَانَ يَصْعَدُ بَاكِيًا وَرَأْسُهُ مُغَطَّى وَيَمْشِي حَافِيًا، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ غَطَّوْا كُلُّ وَاحِدٍ رَأْسَهُ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ وَهُمْ يَبْكُونَ.
١. وَأَمَّا دَاوُدُ فَصَعِدَ فِي مِصْعَدِ جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ: عندما انتقل يسوع من العشاء الأخير إلى بستان الجسيمانية، تتبّع بشكل أساسي خطوات داود. لقد تألّم كلاهما من أجل الخطية. لكن تألم يسوع من أجل خطايانا، بينما تألم داود من أجل خطيته.
٢. كَانَ يَصْعَدُ بَاكِيًا وَرَأْسُهُ مُغَطَّى وَيَمْشِي حَافِيًا: كانت هذه علامات على الحداد. لقد صُعق داود بعظمة هذه المأساة في ما يتعلق بالأمة، وعائلته، ونفسه.
· لم تكن هذه حفلة شفقة على الذات، أو مجرد وجع بسبب عواقب خطيته فحسب. لقد سُحق بوعيه أن عقابه كان مستحَقًّا – كان الثمرة المُرّة للخطية التي ملأت حياته اللاحقة بالظلمة. وقد فارقته شجاعته وفرحه.” ماكلارين (Maclaren)
· “في ضوء كل الحقائق، من المؤكد تقريبًا أن الدموع التي سفحها داود وهو يتسلق جبل الزيتون كانت دموع إذلال وتوبة، لا ندمًا متمحورًا على الذات. لم يكن هنالك عذر لأبشالوم، لكن داود كان يحمل في قلبه على الدوام الإحساس بالخطية السابفة.” مورجان (Morgan)
· يبيّن هذا أن داود كان إنسانًا مفديًّا. قد يقول بعضهم إن الله أطلقه بسهولة، حيث كان يستحق عقوبة الموت على الزنا والقتل. فإن كان الله قد غفر له وعفاه من تلك العقوبة، فمن المؤكد أنه سيفعلها ثانية. ولا يفهم من يقول هذا كيف تعمل النعمة والمغفرة في قلب المفديين. كانت خطيته دائمًا – وفي مزيج غريب من الامتنان والعمق والرعب من خطيته المغفورة، لم يفعلها ثانية.
و ) الآيات (٣١-٣٧): داود يسمع بانشقاق أخيتوفل عنه وانضمامه إلى أبشالوم.
٣١وَأُخْبِرَ دَاوُدُ وَقِيلَ لَهُ: «إِنَّ أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ ٱلْفَاتِنِينَ مَعَ أَبْشَالُومَ» فَقَالَ دَاوُدُ: «حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ». ٣٢وَلَمَّا وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلهِ، إِذَا بِحُوشَايَ ٱلْأَرْكِيِّ قَدْ لَقِيَهُ مُمَزَّقَ ٱلثَّوْبِ وَٱلتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ. ٣٣فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلًا. ٣٤وَلَكِنْ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَقُلْتَ لِأَبْشَالُومَ: أَنَا أَكُونُ عَبْدَكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ. أَنَا عَبْدُ أَبِيكَ مُنْذُ زَمَانٍ وَٱلْآنَ أَنَا عَبْدُكَ. فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. ٣٥أَلَيْسَ مَعَكَ هُنَاكَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ ٱلْكَاهِنَانِ. فَكُلُّ مَا تَسْمَعُهُ مِنْ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، فَأَخْبِرْ بِهِ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنَيْنِ. ٣٦هُوَذَا هُنَاكَ مَعَهُمَا ٱبْنَاهُمَا أَخِيمَعَصُ لِصَادُوقَ وَيُونَاثَانُ لِأَبِيَاثَارَ. فَتُرْسِلُونَ عَلَى أَيْدِيهِمَا إِلَيَّ كُلَّ كَلِمَةٍ تَسْمَعُونَهَا». ٣٧فَأَتَى حُوشَايُ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، وَأَبْشَالُومُ يَدْخُلُ أُورُشَلِيمَ.
١. حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ: عرف داود أن أخيتوفل كان في العادة مستشارًا جيدًا. ولهذا صلّى أن تبدو مشورته حماقة لأبشالوم لئلا يتبعها.
· “تمّت الأمور وفق هذه الصلاة. إن قوة صلاة الإنسان الأمين عظيمة. قيل أن ملكة اسكتلندا الأم قالت إنها كانت تخشى صلوات جون نوكس أكثر من جيش من المقاتلين.” تراب (Trapp)